تم هذا الأسبوع افتتاح الدوري الفرنسي في نهاية الأسبوع، وكذلك موسم كرة القدم لثلاثة إسرائيليين: المهاجمان إليران عطار من فريق ريمس وعيدن بن بسات من طولوز، ولاعب الوسط الأمامي مئور مليكسون من فلنساين. في الوقت الذي دخل فيه عطار كلاعب تبديل فقط في الدقيقة الـ 70، ولم ينجح في منع الخسارة أمام ران بنتيجة 1:0، فتح مليكسون وبن بسات اللعب بتشكيلة فريقيهما في “الديربي” الإسرائيلي الأول في هذا الموسم، حيث استضيف طولوز لدى فلنساين.
بدأت المباراة بمحاولات من قبل الطرفين للهجوم بكرات طويلة، غير أن الفريقين لم يبديا أداءً حسنًا بشكل خاص. في الدقيقة 36، حدث تحول هام في المباراة، إذ اخترقت كرة طويلة دفاع طولوز واضطر فاوروس سبايتش، لاعب الدفاع الصربي إلى ارتكاب مخالفة في صندوق الجزاء لمنع هدف محقق من قبل فلنساين. وقد شاهد حكم المباراة الحدث، أخرج بطاقة حمراء لسبايتش وأشار إلى نقطة الجزاء.
بالنسبة لبن بسات، كانت هذه الخطوة إشارة إلى نهاية المواجهة، لأن مدربه اضطر إلى التبديل وتعزيز الدفاع بظهير إضافي؛ أما بالنسبة لمليكسون فقد كانت هذه هدية من السماء – فرصة لإحراز هدف “جزاء” وتسجيل باكورة من الأحلام في اللعبة. مليكسون هو لاعب وسط متفوق، بدأ اللعب في الدوري الفرنسي في منتصف الموسم الماضي – بعد سنتين ناجحتين في فيسله كراكوف من قمة الدوري البولندي – وهو معروف بإبداعه الكبير الذي يبديه في اللعب. غير أن من يعرفه عن قرب أيضا، ورأوه يحرز أهدافا ويمرر لإحراز أهداف رائعة في بولندا، لم يتوقع خطواته القادمة.
شاهدوا مليكسون يهزم حارس مرمى طولوز ويحتفل بافتتاح الموسم بالكثير من الستايل (0:48 دقيقة في الفيلم):
http://www.youtube.com/watch?v=AzCTc7hOT2Y
توجه مليكسون إلى الكرة بلياقة، داعبها بنعومة وركلها لتقفز بحركة دائرية إلى مركز المرمى، على يمين حارس المرمى المنذهل. لقد شاهد الكرة وهي تجتاز خط المرمى، استدار وركض نحو الجمهور المتحمس للاحتفال معه. وقد أخذ لاعب الوسط الموهوب والمتفوق مخاطرة كبيرة على عاتقه: لو شعر حارس المرمى بالخطوة الذكية، لكان سيحوّل اللاعب الإسرائيلي إلى نكتة في الدوري، منذ أسبوعه الأول. ولكن خلال عفوية المباراة من الصعب – بل ومن المستحيل – تخيل إمكانية ركلة “بننكا”.
ولكن من أين جاءت فكرة استغلال ركلة الجزاء من 11 مترًا لمصلحة قفزة ضعيفة للكرة إلى مركز المرمى؟ صحيح أنه من الناحية الجمالية يجري الحديث عن هدف رائع بشكل خاص. وبالفعل، فإن حراس المرمى يميلون إلى اختيار زاوية، يُمنى أو يُسرى، والقفز باتجاهها بكل قوتهم. غير أنه ما زالت هناك وجبة من الثقة ورباطة الجأش بهدف إخراج هذه الخطوة إلى حيز التنفيذ. كان أول من فعل ذلك، وأطلق اسمه على الركلة، هو أنطونين بننكا، لاعب منتخب تشيكوسلوفاكيا. في نهائي بطولة أوروبا للعام 1976، التقى منتخبه مع منتخب ألمانيا الغربية. بعد انتهاء 120 دقيقة، كانت نتيجة اللقاء 2:2، وتوجه الفريقان لإنجاز الركلات الترجيحية. حين كانت النتيجة 4:3 لصالح التشيكوسلوفاكيين، توجه بننكا إلى الكرة، ركلها إلى الوسط ورأى سف ماير، حارس المرمى الألماني الأسطوري، يقفز إلى الزاوية اليسرى من مرماه. دخلت الكرة بسهولة وتم تسجيل بننكا في كتب التاريخ كـ “نابغة” وكـ “مجنون”.
شاهدوا الـ “بننكا” الأصلية، التي منحت لقبا تاريخيا لتشكوسلوفاكيا:
مليكسون لم يكن الأول. منذ تلك الركلة التي أنجزها بننكا، حاول كثيرون تقليد الأسلوب وإحراز أهداف بلياقة. وقد استغل زين الدين زيدان، أسطورة كرة القدم الفرنسية، ركلة الجزاء التي تم إعطاؤها لمنتخبه في نهائية كأس العالم
في العام 2006، أمام المنتخب الإيطالي، وأرسل كرة مقوّسة بسلاسة باتجاه وسط المرمى. لم يتوقع جيانلوايجي بوفون، أحد أفضل حراس المرمة وأكثرهم دقة في العالم، أن “زيزو” سوف يجرؤ على استغلال الحدث لمثل هذه الألعوبة. لقد مد جسده على العشب، باتجاه الزاوية اليمنى، ورأى الكرة تمر من فوقه وتنغرس في العارضة، في طريقها إلى الشبكة الداخلية.
شاهدوا زين الدين زيدان يرسل كرة قوسية فوق بوفون في نهائيات كأس العالم في ألمانيا:
http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=CVTisZ9nLPI#at=34
عمليًا، منذ أن قلد زيدان النابعة التشيكوسلوفاكي، كان يبدو أنه في كل دوري هناك من يحاول التألق وترك بصمته على عالم كرة القدم عن طريق الانضمام إلى النادي الراقي لمن يركلون ركلة “بننكا”. وكان هذا سبستيان أبراو، في كأس العالم الذي أجري في جنوب أفريقيا في العام 2010، المهاجم البديل في الأرغواي، الذي تغلب على غانا في ربع النهائي، بركلة قفزة مصممة؛ في ربع نهائي اليورو 2012، خاطر أندريه بيرلو البالغ من العمر 33 عامًا، وحين تأخر فريقه بنتيجة 2:1 أمام إنجلترا، في خضم معركة ركلات ترجيحية هامة لم يسبق لها مثيل – انضم إلى النادي المحترم. أثارت ركلته ثقة الإنجليز، الذين بدءوا يفوّتون الركلات وتم إبعادهم عن مواصلة الدوري.
شاهدوا الكلاسيكا لبيرلو:
كان هناك أيضًا، بالطبع، من أخطأ في حالات مشابهة. لحسن حظهم، التاريخ يحب أن يتذكر النجاحات وليس الفشل. مئور مليكسون شريك في هذا الحظ. سوف يسطع نجمه في المواقع الرياضية التي تغطي أحداث الدوري الفرنسي وقد ربح نقاطا لصالحه في معركة مشجعي كرة القدم الجميلة عامة، ومشجعي فلنساين بشكل خاص. السؤال المثير للاهتمام هو ما الذي سيحدث في المرة القادمة التي سيتوجه فيها لركلة جزاء: هل سيركل بقوة إلى إحدى زاويتي المرمى، برفعة أو على الأرض، أم أنه سيجرب حظه مرة أخرى ويخاطر بتلقي انتقادات لاذعة. لأن “بننكا” هي رائعة وذكية، إن نجحت. حين تفشل، فإن كل المشاهدين في الملعب سيشعرون بالارتباك وسيشفقون على اللاعب. فيما يلي مثالين لمحاولات فاشلة للاعبين من الدرجة الأولى في العالم.
نيمار يفوّت هدفًا في مباراة ودية لسنتوس، فريقه السابق. لحسن حظه، فاز فريقه في المباراة في نهاية الأمر.
فرنشسكو توتي، أسطورة روما، حاول أيضا إحراز “بننكا” وفشل: