عوفاديا يوسف

منظر لآثار مدينة بابل التاريخية (AFP)
منظر لآثار مدينة بابل التاريخية (AFP)

على أنهار بابل.. قصّة يهود العراق

يعيش اليوم في بغداد 8 يهود فقط، بقية لجالية عريقة تعود جذورها إلى أكثر من 2500 عام. اقرأوا قصة هذه الجالية وتعرفوا إلى 5 إسرائيليين معروفين انحدروا منها

01 يونيو 2017 | 11:16

“يهود بابل” – هذا هو اللقب الذي يستخدمه حتّى اليوم كثير من اليهود ذوي الأصل العراقيّ الذين يقطنون في إسرائيل للإشارة إلى أنفسهم. يهود بابل، لا يهود العراق. ليس بلا سبب تفضيلُ عديدين اللقب القديم على اسم الدولة العصرية التي أتَوا منها – فالجالية اليهودية في العراق ذات جذور تاريخية ضاربة في العمق، تصل إلى دمار الهيكل الأول في أورشليم عام 607 قبل الميلاد.

فقد سبا ملك الإمبراطورية البابلية، نبوخذنصر الثاني، اليهود من موطنهم التاريخي إلى بابل البعيدة، حيث نشأت جالية يهودية جديدة ومزدهرة. لم يتوقف يومًا الحنين إلى الموطن، ويتجلى ذلك في المزمور 137، العدد 1: “عَلَى أَنْهَ‍ارِ بَ‍ابِ‍لَ،‏ هُنَ‍اكَ جَلَسْنَ‍ا.‏  بَ‍كَيْنَ‍ا أَيْضً‍ا عِنْ‍دَمَ‍ا تَ‍ذَكَّرْنَ‍ا صِهْيَ‍وْنَ”. لكن في فترةٍ متأخرة أكثر تاريخيًّا، مثل فترة كورش، التي أُجيز فيها لليهود بأن يعودوا إلى أورشليم، بقيت جالية يهود بابل قائمة وكبيرة.

النموّ والازدهار

كانت جالية يهود بابل الأكبر والأكثر ازدهارًا بين الجاليات اليهودية، حتّى حين تشتّت اليهود في كلّ أرجاء المعمورة. فقد كانت الجالية مركزًا تجاريًّا وحضاريًّا مزدهرًا، فضلًا عن كونها مركزًا روحيًّا ودينيَّا ذا أهمية كبرى. تجمّع جميع حكماء الديانة اليهودية بين نهرَي دجلة والفرات، وأقاموا هناك قرونًا. تعاملت الإمبراطورية البارثية التي سيطرت على المنطقة جيّدًا مع اليهود، ومنحتهم حقوقًا بإدارة مستقلّة وحريّة ثقافيّة. في هذه الفترة، بلغ الفِكر اليهودي إحدى ذُراه، في تأليف “التلمود البابلي”. كذلك في السنوات اللاحقة، تحت حُكم الساسانيّين، كان اليهود محميّين من أيّ أذى.

قبر حزقيال (ذو الكفل) في مدينة الكفل العراقيه (AFP)
قبر حزقيال (ذو الكفل) في مدينة الكفل العراقيه (AFP)

مع انتشار الإسلام وسيطرة الخلفاء، بدءًا من القرن السابع الميلادي، تحسّن كثيرًا وضع يهود بابل، إذ أصبح للمرة الأولى معظم يهود العالم تحت السيادة نفسها – سيادة الإسلام. لكنّ هذا التعامُل لم يكُن ثابتًا، إذ كان وضع اليهود يعتمد على نظرة الحاكم. ورغم أنّهم نعموا غالبًا بالأمان، لكنهم كانوا تحت تهديد أحكامٍ – مثل حظر الخليفة عُمر بن عبد العزيز في مطلع القرن الثامن أن يلبسوا كالعرب أو أن يعيشوا حياة رفاهية، أو حُكم الخليفة المتوكّل في القرن التاسع، الذي ألزمهم بلبس ثياب خاصّة تكون علامة عار. في فترة الخليفة المأمون، دُعي اليهود “أخبث الأمم”، ودُمّرت مجامع يهودية كثيرة في عهده. في القرون الوسطى، هجر يهود كثيرون بغداد ومحيطها للسكن في الأندلُس، التي أصبحت مركزًا إسلاميًّا مزدهرًا في العالم.

كانت الفترة العثمانية أيضًا فترةً مفعمة بالتقلّبات بالنسبة للجالية في العراق. لكن كلّما ازدادت موجات الدمقرطة، تحسّن وضع اليهود، الذين شكّلوا جزءًا هامًّا من الحياة العامّة والتجاريّة في العراق. عام 1908، حصل جميع يهود العراق على مساواة في الحقوق وحرية دينية كفلها القانون، حتّى إنّ بعضهم أُرسل لتمثيل العراق في البرلمان العُثمانيّ.

كنيس مهجور في مدينة الفلوجة (ِAFP)
كنيس مهجور في مدينة الفلوجة (ِAFP)

بعد الحرب العالمية الأولى وتتويج فيصل ملكًا على البلاد، تحسّن وضع اليهود أكثر فأكثر. كان وزير المالية الأول للعراق في العصر الحديث يهوديًّا، اسمه حسقيل ساسون‎ ‎‏. اتّخذ ساسون عددًا من القرارات التي أسهمت في استقرار الاقتصاد العراقي في القرن العشرين، بما فيها تنظيم تصدير النفط إلى بريطانيا. وبشكل عامّ، أضحت أسرة ساسون البغداديّة إمبراطوريّة اقتصاديّة امتدّت من الهند شرقًا حتّى أوروبا غربًا.

أمّا ما زاد شهرة يهود العراق أكثر من أيّ شيء آخر في العصر الحديث فهو موسيقاهم. ‏‎ ‎فقد اشتُهر الكثير من اليهود بفضل مواهبهم الموسيقيّة، وفي مسابقة الموسيقى في العالم العربي التي أُقيمت في القاهرة في الأربعينات، فاز الوفد العراقي، الذي تألّف من موسيقيين يهود ومُطرب مسلم واحد. ويُذكَر بشكل خاصّ صالح وداود الكويتي، اللذان أنشآ فرقة الإذاعة الموسيقية الوطنية في العراق، حتّى إنهما غنّيا في حفل تنصيب الملك فيصل الثاني.

التدهوُر والمغادَرة

حدث التدهوُر الأكبر في وضع يهود العراق مع صعود النازيين في ألمانيا في ثلاثينات القرن العشرين. فقد عملت السفارة الألمانية في بغداد بوقًا لرسائل لاساميّة أدّت تدريجًا إلى تغيّر نظرة العراقيين المسلمين إلى إخوتهم اليهود. فعام 1934، فُصل عشرات الموظَّفين اليهود من وزارة الاقتصاد، عام 1935 فُرضت قيود على عدد اليهود في المدارس، وعام 1938 أُقفلت صحيفة “الحصاد”، لسان حال يهود العراق.

مجموعة حاخامات يهود في بغداد عام 1910 (Wikipedia)
مجموعة حاخامات يهود في بغداد عام 1910 (Wikipedia)

وكانت الذروة عام 1941، بعد فشل الانقلاب الذي قاده رشيد عالي الكيلاني، الذي سعى إلى طرد البريطانيّين وإنشاء سُلطة ذات رعاية ألمانية – نازيّة. في تلك السنة، حدث ما يُعرف بالفرهود – المجزرة الأكبر بحقّ يهود العراق. في إطار الاضطرابات، قُتل 179 يهوديًّا، أصيب 2118، تيتّم 242 طفلًا، وسُلب الكثير من الممتلكات. وصل عدد الأشخاص الذين نُهبت ممتلكاتُهم إلى 50 ألفًا، ودُفن الضحايا في مقبرة جماعيّة في بغداد.

كانت النتيجة المباشرة للمجزرة تعزيز قوة الصهيونية، والإدراك أنّ فلسطين (أرض إسرائيل) وحدها تشكّل ملاذًا آمنًا ليهود العراق. فاقم إنشاء دولة إسرائيل ونتائج حرب العام 1948 أكثر وأكثر التوتر بين اليهود والمسلمين في العراق. فاليهود الذين اشتُبه في ممارستهم نشاطاتٍ صهيونية قُبض عليهم، احتُجزوا، وعُذِّبوا.

عام 1950، سنّت الحكومة العراقية قانونًا يسري مفعوله لعامٍ واحد، أتاح لليهود الخروج من البلاد شرطَ تنازُلهم عن جنسيّتهم العراقية. أُتيح لكلّ يهودي يبلغ عشر سنوات وما فوق أن يأخذ معه مبلغًا محدَّدًا من المال وبضعة أغراض. أمّا الممتلكات التي خلّفوها وراءهم فكان يمكنهم بيعها بمبالغ ضئيلة.

نتيجة ذلك، أطلقت دولة إسرائيل عملية باسم “عزرا ونحميا” تهدف إلى إحضار أكبر عددٍ ممكن من يهود العراق إلى البلاد. وكلّما زاد تدفّق اليهود الذين غادروا العراق، ازدادت مضايقات اليهود، حتّى إنّ البعض منهم فقد حياته.

عائلة يهودية عراقية
عائلة يهودية عراقية

منذ 1949 حتّى 1951، فرّ 104 آلاف يهودي من العراق ضمن عمليات “عزرا ونحميا”، و20 ألفًا آخرون هُرِّبوا عبر إيران. وهكذا، تقلّصت الجالية التي بلغت ذروة من 150 ألف شخص عام 1947، إلى مجرّد 6 آلاف بعد عام 1951. أمّا الموجة الثانية من الهجرة فحدثت إثر ارتقاء حزب البعث السلطة عام 1968، إذ هاجر نحو ألف يهودي آخرين إلى إسرائيل. اليوم، يعيش في بغداد عددٌ ضئيل من اليهود، كما يبدو مجرّد ثمانية.

جمّدت السلطات العراقية الممتلكات الكثيرة لليهود الذين هجروا البلاد. ويُقدَّر أنّ قيمة الممتلكات كانت تبلغ نحو 30 مليون دولار في الخمسينات. أمّا بقيمة اليوم، فيمكن القول إنّ يهود العراق تركوا وراءهم ممتلكاتٍ تُقدَّر قيمتها بـ 290 مليون دولار.

خمسة إسرائيليّين – عراقيين عليكم أن تتعرفوا إليهم

عائلة يهودية عراقية تصل الى مطار اللد عام 1950 (WIKIPEDIA)
عائلة يهودية عراقية تصل الى مطار اللد عام 1950 (WIKIPEDIA)

بدءًا من الخمسينات، ازدهرت جماعة يهود بابل في دولة إسرائيل. لم تكُن صعوبات الاستيعاب في الدولة الفتيّة بسيطة، وكان عليهم أن يناضلوا للحفاظ على هويّتهم الفريدة مقابل يهود أوروبا الشرقية، الذين رأوا فيهم ممثّلين أقل قيمة للحضارة العربية. لم تقدِّر السلطات الإسرائيلية الممتلكات الكثيرة والغنى الحضاري الذي تركوه وراءهم في بغداد والبصرة، ولم يتمكّن يهود العراق من إيجاد مكانة لهم بين سائر المهاجرين: المهاجرين من أوروبا الشرقية من جهة، والمهاجرين من شمال إفريقية من جهة أُخرى.

لكن كلّما مّرت السنون، تعرّف الشعب الإسرائيلي إلى أهمية وإسهامات المهاجرين من العراق، ووصل بعضٌ منهم إلى مواقع مركزيّة في السياسة، الثقافة، والمجال المهنيّ في إسرائيل. إليكم خمسة عراقيين يهود إسرائيليين، عليكم أن تتعرّفوا إليهم:

  • الحاخام عوفاديا يوسف – وُلد عام 1920 في بغداد باسم “عوفاديا عوفاديا”، وأصبح مع الوقت الزعيم الديني دون منازع لجميع يهود الشرق في إسرائيل. وضع الحاخام، الذي اعتُبر معجزة دينيّة منذ طفولته، أولى مؤلفاته الدينية في التاسعة من عُمره. يتذكّره كثيرون في إسرائيل بسبب إجازته الفقهيّة لعمليّة السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، ولكن أيضًا بسبب زلّات لسانه العديدة. فقد قال مثلًا عن أريئيل شارون: “ليُنزل عليه الله – تبارك وتعالى – ضربةً لا يقومُ منها”، ووصف رئيس الحكومة نتنياهو بأنه “عنزة عمياء”.
  • بنيامين “فؤاد” بن إليعيزر – الطفل الصغير من البَصرة الذي أمسى قائدًا عسكريًّا بارزًا في إسرائيل، وبعد ذلك سياسيًّا شغل عددًا كبيرًا من المناصب الوزارية، وكان صديقًا مقرَّبًا من الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك. فبعد أن كان وزير الإسكان في حكومة رابين، وزير الدفاع في حكومة شارون، ووزير الصناعة في حكومتَي أولمرت ونتنياهو، تتجه أنظار “فؤاد” الآن إلى المقام الأرفع، إذ يسعى إلى أن يكون أوّل رئيس عراقي لدولة إسرائيل.
  • دودو طاسا – حفيد داود الكويتي الذي أضحى هو نفسه موسيقيًّا كبيرا ورياديًّا في إسرائيل. يدمج تاسا بين الأسلوب الغربي وبين الموسيقى العراقية التقليدية، ويُذكَر بشكل خاصّ أداؤه لأغنية فوق النخل‏‎ ‎‏، التي اشتُهرت بأداء جدّه.‎ قادت الأغنية إلى ألبوم يعزف فيه تاسا أغاني الكويتيَّين (داود وصالح).
  • إيلي عمير الأديب الذي جسّد أفضل من أيّ شخص آخر مشاعر القادِمين من العراق. عبّر كتابه “ديك الفِداء”، الذي كتبه على مدى 13 عامًا، بشكل دقيقٍ عن مصاعب شابّ ذي أصل عراقي يستصعب الوصل بين عالم والدَيه الماضي وبين عالَم رجال الكيبوتز ذوي الأصول الأوروبية، الذي أراد الاندماج فيه. بقيت لغته الأم عربية، وهو حزين للإكراه الثقافي الإسرائيلي، الذي ألزمه بمحو ماضيه. مع السنوات، أضحى عمير ناشطًا في حزب العمل الإسرائيلي.
  • إيلي يتسفان – كبير الكوميديين الإسرائيليين هو في الواقع من أصل عراقيّ. فرغم أنه وُلد في إسرائيل، والداه كلاهما عراقيّان. سمع يتسفان، أصغر خمسة أبناء، العربية العراقية تصدح في بيته، وأصبح مقلّدًا موهوبًا قادرًا على تمثيل شخصية أيّ إنسان، ولا سيّما شخصيات من العالم العربي. كاد تقليده للرئيس المصري محمد حسني مبارك (الذي أعطى مبارك لهجة مختلطة – مصريّة وعراقيّة) يقود إلى أزمة في العلاقات الإسرائيلية – المصريّة.

شاهدوا إيلي يتسفان العراقي يقلّد حسني مبارك:

اقرأوا المزيد: 1338 كلمة
عرض أقل
قادة ثمانية الأحزاب قبل المناظرة الانتخابية (Channel 2 News\Flash90)
قادة ثمانية الأحزاب قبل المناظرة الانتخابية (Channel 2 News\Flash90)

المناظرات الانتخابية الإسرائيلية لا تُخيب

أقام قادة ثمانية أحزاب مناظرة انتخابية عاصفة. كان وزير الخارجية ليبرمان هو الأكثر هجومية من بينهم، وقد وصف ممثّل القائمة العربية بصفته "الخائن" وقارن بينه وبين الحكم في كوريا الشمالية

وقع أمس حدث بارز في الانتخابات الإسرائيلية لعام 2015، وذلك عندما بثّت القناة الثانية الإسرائيلية مناظرة متعدّدة المشاركين، شارك فيها معظم رؤساء الأحزاب المرشّحة للكنيست. لم يشارك بنيامين نتنياهو ويتسحاق (بوجي) هرتسوغ، المرشّحان الرائدان لمنصب رئيس الحكومة، في المناظرة، وتركا الساحة لسائر الأحزاب.

المرشّحون الذين ظهروا في البثّ هم:

موشيه كحلون، رئيس حزب كلّنا – حزب وسط جديد يريد تخفيض غلاء المعيشة في إسرائيل.

وزير الاقتصاد، نفتالي بينيت، رئيس حزب البيت اليهودي – حزب يميني يمثّل المستوطِنين الإسرائيليين.

كانت إحدى أكثر اللحظات إثارة للاهتمام والتي حدثت قبيل انتهاء المواجهة هي عندما توجّه عودة إلى درعي مباشرة وعرض عليه تشكيل تحالف مشترك، باسم القائمتين اللتين تحرصان على الفقراء في إسرائيل

أريه درعي، رئيس حزب شاس – حزب وسط يمثّل الجمهور الحاريدي ويتوجّه أيضًا للفقراء في إسرائيل.

زهافا غلؤون، رئيسة حزب ميرتس – حزب اليسار في إسرائيل.

أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة – وحدة الأحزاب العربية.

إيلي يشاي، رئيس حزب معًا – وحدة بين يشاي، الذي انسحب من شاس، وبين اليمين الإسرائيلي المتطرّف.

يائير لبيد، رئيس حزب هناك مستقبل – حزب وسط يريد تخفيض غلاء المعيشة في إسرائيل.

وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب إسرائيل بيتنا – حزب يميني.

قادة ثمانية الأحزاب خلال المناظرة الانتخابية (Channel 2 News\Flash90)
قادة ثمانية الأحزاب خلال المناظرة الانتخابية (Channel 2 News\Flash90)
إيلي يشاي (اليمين) وأريه درعي. النزاع الحادّ بين الرجلين بعد وفاة مؤسس شاس في العام الماضي، الحاخام عوفاديا يوسف (Yonatan Sindel/Flash90)
إيلي يشاي (اليمين) وأريه درعي. النزاع الحادّ بين الرجلين بعد وفاة مؤسس شاس في العام الماضي، الحاخام عوفاديا يوسف (Yonatan Sindel/Flash90)

وقد انشغل معظم البرنامج بالمناظرات المباشرة بين اثنين من المرشّحين. فعلى سبيل المثال كان من المثير للاهتمام مشاهدة المناظرة بين درعي ويشاي، الذي ترك شاس وأسس حزبا جديدا. انفجر النزاع الحادّ بين الرجلين بعد وفاة مؤسس شاس في العام الماضي، الحاخام عوفاديا يوسف، وهذا ما حدث أيضًا في مناظرة أمس، فقد تمحور الحديث بين الرجلين حول يوسف. هاجم درعي يشاي لأنّه تجرأ على تقسيم شاس فقط لأنّ يوسف توفي، ولكن يشاي ردّ عليه بأنّه يرى نفسه خليفة يوسف.

ورغم المواجهة الشرسة بين درعي ويشاي، فلا شك بأنّ المواجهة الأكثر صعوبة في البثّ كانت بين عودة وليبرمان، الذي لم يكفّ عن مهاجمته ومهاجمة حزبه بشكل حادّ طوال فترة البثّ. عرض ليبرمان في البداية عقيدته السياسية: صرّح بأنّه سيعمل من أجل عقوبة الإعدام للإرهابيين، ومن أجل القضاء على حكومة حماس في غزة ونقل مواطني دولة إسرائيل العرب إلى أراضي السلطة الفلسطينية.

بعد ذلك، ادعى ليبرمان أنّ الذي يوحّد القائمة المشتركة، التي يمثّلها عودة (والذي رفض ليبرمان أن يناديه باسمه) هو كراهية دولة إسرائيل والرغبة بتدميرها من الداخل، وقد اتّهم عودة بأنّه ممثّل للتنظيمات الإرهابية في الكنيست وطابور خامس. ردّ عودة بأنّه يرغب بالحديث عن الديمقراطية والحياة المشتركة، حيث إنّه يمثّل شريحة سكانية تشكّل 20% من دولة إسرائيل – وقد ردّ ليبرمان على هذا الادعاء قائلا: في الوقت الراهن. وفي حديثه لاحقا قارن ليبرمان بين القائمة الموحّدة وبين الحزب الشيوعي في كوريا الشمالية.

شاهِدوا المناظرة بين ليبرمان وعودة:
https://www.youtube.com/watch?v=qXdsT7S-isg

اتّهمت غلؤون ليبرمان بأنّه جزء من حملة التحريض ضدّ اليسار الإسرائيلي، وأجاب ليبرمان: “اليسار يتحوّل إلى محمية طبيعية يمكن إدراجها في الهاتف”

لاحقا، وبعد كلام ليبرمان، وصفته غلؤون بأنّه: “عنصري ويدعم الترانسفير” واندلعت مواجهة بين الاثنين، تعهّدا خلالها بأنّهما لن يكونا سويّة في حكومة واحدة. ادعى ليبرمان أن منطقة الشرق الأوسط تدوس على الضعفاء، ويمكن إجراء الترتيبات السياسية مع الشعوب القوية فحسب والتي تُظهر قوّتها. اتّهمت غلؤون ليبرمان بأنّه جزء من حملة التحريض ضدّ اليسار الإسرائيلي، وأجاب ليبرمان: “اليسار يتحوّل إلى محمية طبيعية يمكن إدراجها في الهاتف”.

كانت إحدى أكثر اللحظات إثارة للاهتمام والتي حدثت قبيل انتهاء المواجهة هي عندما توجّه عودة إلى درعي مباشرة وعرض عليه تشكيل تحالف مشترك، باسم القائمتين اللتين تحرصان على الفقراء في إسرائيل؛ حيث إنّ شاس تتوجّه في برنامجها الانتخابي إلى الفقراء، ويمثّل عودة المجتمع العربي، الذي يقول إنّ ثلثي أطفاله هم من الفقراء.

أجاب درعي بأنّه سيسعد بالتعاون مع هذا الاتجاه، ولكن الأحزاب العربية وضعت الشأن الفلسطيني فوق مواطنيها. وأجاب درعي كذلك بأنّه يتجوّل كثيرا في أرجاء البلاد وأنّه يهتمّ كثيرا بالجمهور العربي. من الجدير بالذكر أنّ شاس تحظى فعلا بالكثير من الأصوات من الوسط العربي: فعلى سبيل المثال يمكن الإشارة إلى كفر مندا، التي يشكّل العرب المسلمون 100% من سكانها، وقد منحت في انتخابات عام 2013 ما معدله 816 صوتًا لشاس من بين 6907،وهي ليست البلدة العربية الوحيدة التي سُجّل فيها تصويت مرتفع لشاس.

وزير الاقتصاد الإسرائيلي نفتالي بينيت. حرص بنفسه طوال فترة البثّ على التوضيح بأنّه الوحيد من بين المرشّحين الذي يعارض الدولة الفلسطينية (Flash90)
وزير الاقتصاد الإسرائيلي نفتالي بينيت. حرص بنفسه طوال فترة البثّ على التوضيح بأنّه الوحيد من بين المرشّحين الذي يعارض الدولة الفلسطينية (Flash90)

بشكل عامّ، تحدّث لبيد وكحلون بشكل غامض حول كلّ ما يتعلّق بالساحة السياسية، وفضّلا التركيز على غلاء المعيشة في إسرائيل. ومع ذلك، كانت هناك لاحقا مناظرة حادّة بين لبيد وبينيت، اللذين جمعهما في الماضي تحالف سياسي قوي. اتّهم لبيد الدولة بأنّها تبذّر الأموال على المستوطنات المعزولة، وردّ بينيت عليه بأنّه من خلال هذه الاتهامات يُحدث انقسامًا في الشعب. وقد حرص بينيت بنفسه طوال فترة البثّ على التوضيح بأنّه الوحيد من بين المرشّحين الذي يعارض الدولة الفلسطينية.

وقبيل انتهاء البثّ ليبرمان ذمّ عودة قائلا إنّ مكانه في غزة أو في رام الله. أضاف ليبرمان بأنّه إذا ما عرّف عودة نفسه كفلسطيني، فعليه الذهاب لأبي مازن والحصول على الراتب منه. أجاب عودة بأنّه يعيش في وطنه ويفضّله.

وقبيل انتهاء البثّ، جرت مواجهة أخرى بين ليبرمان وعودة. تساءل ليبرمان لماذا يعمل عودة ضدّ انضمام الشباب العرب للخدمة المدنية في إسرائيل، وذمّ عودة قائلا إنّ مكانه في غزة أو في رام الله. أضاف ليبرمان بأنّه إذا ما عرّف عودة نفسه كفلسطيني، فعليه الذهاب لأبي مازن (محمود عباس) والحصول على الراتب منه. أجاب عودة بأنّه يعيش في وطنه ويفضّله.

باختصار، فإنّ معظم المرشّحين قد ربحوا من هذه المناظرة، حيث حصلوا على وقت ثمين على الشاشات، ولم يظهر كلا المرشّحين الرائدين، نتنياهو وهرتسوغ، في هذه المناظرة. كان مثيرا للاهتمام أن نرى بأنّ كلا الموضوعين اللذين يشغلان الإعلام الإسرائيلي جدّا في هذه الفترة، والمتعلّقين برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لم يُذكرا إطلاقا خلال المناظرة: فضائح منزل نتنياهو وزوجته سارة نتنياهو، وتهديد النووي الإيراني وخطاب نتنياهو في الكونغرس الأمريكي في الأسبوع القادم.

اقرأوا المزيد: 854 كلمة
عرض أقل
أفراد قوات الشرطة الإسرائيلية (Uri Lenz/FLASH90)
أفراد قوات الشرطة الإسرائيلية (Uri Lenz/FLASH90)

النقاش حول النشيد الوطني في إسرائيل

حاخام كبير في إسرائيل يقول: "النشيد الوطني الإسرائيلي هو أنشودة غبية"، وعضو الكنيست السابق يضيف: "كاتب النشيد الوطني كان سكّيرا". المعلّقون غاضبون من هذه التصريحات: "تصريحات مهينة"

النشيد الوطني الإسرائيلي، “هاتيكفاه”، الذي يعني الأمل، يقف مرة أخرى في مركز الجدل حول طابع دولة إسرائيل. صرّح الحاخام شالوم كوهين، الزعيم الروحي لحزب شاس الديني وخليفة الحاخام عوفاديا يوسف، في مؤتمر سياسي عُقد في الأسبوع الماضي، بتصريح حادّ حين قال إنّ النشيد الوطني الإسرائيلي هو “أنشودة غبيّة”.

كُتب “هاتيكفاه” من قبل نفتالي هيرتس إيمبر، وهو يهودي من شرق أوروبا ولم يكن متديّنا، ولكنه أعرب عن توق الشعب اليهودي الشديد لأرض القدس، وذلك بعد زيارة لأرض إسرائيل (فلسطين) في أواخر القرن التاسع عشر. تُوفّي في سنّ 53، بمرض نتج عن الاستهلاك المفرط للكحول.

شاهدوا أنشودة “هاتيكفاه” مترجمة إلى العربية:

https://www.youtube.com/watch?v=y5ThOfhrLhk

يرى الكثير من المتديّنين من الجناح المتطرّف في إسرائيل بالنشيد الوطني أنشودة علمانية، ليست مقدّسة، ولذا فلا يجب احترامها. هذا ما ظهر أيضًا في تصريحات الحاخام كوهين، الذي تحدّث عن تفضيل الصلاة على النشيد الوطني.

تحدّث الحاخام كوهين عن حادثة كان حاضرا فيها مع الحاخام الراحل عوفاديا يوسف، في مراسم تتويج حاخام آخر. قال كوهين إنّه مع انتهاء المراسم، قام جميع المشاركين وبدأوا بإنشاد النشيد الوطني الإسرائيلي، وأضاف بأنّه عبّر عن دهشته من إنشاد النشيد الوطني في المراسم: “هل هؤلاء مجانين؟ لم أقف معهم”.

الحاخام  كوهين: “لقد كان الحاخام عوفاديا يوسف رجلا حقيقيّا، ولم يرغب بأنّ تؤثّر هذه الأنشودة الغبية عليه”

أما الحاخام عوفاديا فقد وقف في المراسم، ولذلك سأله الحاخام كوهين لماذا شارك في الأنشودة العلمانية؟ بحسب كلامه، أجابه عوفاديا بأنّه في الوقت الذي غنّى الجميع النشيد الوطني، غنّى هو بقلبه صلاة. لخّص كوهين قائلا: “لقد كان رجلا حقيقيّا، ولم يرغب بأنّ تؤثّر هذه الأنشودة الغبية عليه”.

أثارت تصريحات الحاخام كوهين غضبا في الأوساط الصهيونية الرئيسية في إسرائيل. قال وزير التربية الأسبق شاي بيرون إنّها “تصريحات مهينة”.

شلومو بنيزري “النشيد الوطني ليس نشيدا دينيّا، وهو يمثّل دولة لا تخشى الله”

وهُرع رئيس حزب شاس، أرييه درعي، للدفاع عن حاخامه وشرح قائلا: “في تلك المراسم، في مدارسنا لم ينشدوا النشيد الوطني. لم يقصد أي أحد الاستخفاف بأحد رموز دولة إسرائيل”.أضاف زميله في الحزب، عضو الكنيست السابق شلومو بنيزري، إلى كلام درعي بأنّ “النشيد الوطني ليس نشيدا دينيّا، وهو يمثّل دولة لا تخشى الله”، واشتكى من أنّ الأطفال اليهود في إسرائيل يعرفون كلمات النشيد ولكنّهم لا يعرفون كيف يصلّون.

وسوى ذلك، فقد هاجم درعي وبنيزري هوية كاتب النشيد الوطني، الذي لم يحرص على اتباع الدين اليهودي. وصف درعي إيمبر بأنّه “فاقد لهويّته الثقافية”، وأضاف أنّ إيمبر كان سكّيرا.

وتعيش في إسرائيل اليوم مجموعتان كبيرتان من السكان تجدان صعوبة في التماهي مع النشيد الوطني الصهيوني في البلاد. اليهود المتطرّفون هم المجموعة الأولى من بينهما فقط، ويُضاف إليهم نحو مليون ونصف مواطن عربي يعيشون في البلاد. وقد تمّ التأكيد على نظرة المواطنين الإسرائيليين تجاه النشيد الوطني بشكل أكبر عندما شوهد قاضي المحكمة العُليا، سليم جبران، قبل ثلاث سنوات في حفل رسمي وهو لا ينشد كلمات النشيد الوطني.

قاضي محكمة العدل العليا، سليم جبران (Isaac Harari/FLASH90)
قاضي محكمة العدل العليا، سليم جبران (Isaac Harari/FLASH90)

غضبت بعض الجهات في اليمين الإسرائيلي لفعلة جبران وطالبوا وزير العدل بإقالته من كرسي القضاء وسنّ قانون لا يسمح للعرب بتولّي منصبا في المحكمة العُليا. وقد دافع وزير الدفاع حينذاك، موشيه يعلون، الذي هو أيضًا شخصية يمينية، عن جبران قائلا: “إنّ الهجوم على سليم جبران يثير الدهشة وهو لا داعي له وتخرج منه رائحة سيئة من اضطهاده لمجرّد أصوله”.
وقد ذكّر يعلون أنّه في الجيش الإسرائيلي أيضًا يخدم جنود عرب من أبناء العرب، والبدو وأبناء الطائفة الدرزية والشركس، ويرفضون غناء “روح يهودية ما زالت تتحرّك شوقًا”
فضلًا عن ذلك، فإنّ أعداء إسرائيل أيضًا استطاعوا استغلال النشيد الوطني الإسرائيلي من أجل السخرية من اليهود والصهيونية:

https://www.youtube.com/watch?v=z1D7G-rs3YE

في هذه الأثناء، هناك من يدعو دولة إسرائيل إلى اعتماد نشيد آخر كنشيد وطني. اقترحت عضو الكنيست ميراف ميخائيلي، حتى قبل انتخابها في الكنيست، تغيير النشيد الوطني اليهودي بنشيد يعكس طموحات كل فرد باعتباره إنسانا، نشيد يعبّر عن قيم عالمية.

من الصعب رؤية اقتراح ميخائيلي وهو مطبّق في أيامنا في دولة إسرائيل. لا يزال المجتمع الصهيوني يراه نصف مقدّس، بينما يستمرّ المتديّنون والعرب بالتخبط حول نظرتهم إلى هذا النشيد.

اقرأوا المزيد: 599 كلمة
عرض أقل
التسجيلات السرية تُكشَف: وصية الحاخام السريّة (Flash90)
التسجيلات السرية تُكشَف: وصية الحاخام السريّة (Flash90)

التسجيلات تُكشَف: وصية الحاخام السرية

بعد ما يزيد عن سنة من وفاة الحاخام عوفاديا يوسف، كبير حاخامي يهود الدول العربية، تُكشف التسجيلات السرية التي توقد المعركة على إرثه السياسي، وتحتوي على السياسة، الدين والسحر

في الأمر وجبة مسحورة، تسجيلات محفوظة سرًّا في الخزنة، ومعركة إرث مصيرية بين سياسيَّيْن ذوَيْ تجربة. والمعركة هي على إرث الحاخام عوفاديا يوسف السياسي، كبير حاخامي يهود الشرق ومنشئ حزب شاس، الممثل السياسي القوي ليهود الدول العربية.

بعد سنة وشهرين من وفاة الحاخام عوفاديا، تشتعل المعركة حول قيادة حزبه أكثر من أي وقت مضى. كشفت أمس تسجيلات سرية للحاخام، كانت محفوظة حتى الآن في خزنة حديدة، عن صراع حول هوية رئيس الحزب. منذ سنوات، تقوم صراعات شديدة حول قيادة الحزب بين أرييه درعي، زعيم الحزب منذ سنوات التسعينيات، وبين إيلي يشاي، الذي قاد الحزب في سنوات الـ 2000، بينما كان يقضي درعي عقوبته في السجن.

http://youtu.be/4gFAu7pPCTs

حين بدأ زعيم شاس، أرييه درعي، بقضاء فترة عقوبته، بعد إدانته بتلقي الرشاوي، قرر الحاخام عوفاديا أن يتزعم إيلي يشاي قيادة الحزب. لكن مع خروج درعي من السجن، رفض الحاخام إعادته إلى منصبه، وأبقى يشاي في منصبه. فقط في 2012، بعد سنوات من خروج درعي من السجن، قرر الحاخام أن يُقيل يشاي من منصب رئيس الحزب ويعيد درعي إلى منصبه.

في الشهر الماضي، قرر يشاي أن يستقيل من حزب شاس وينشئ له حزبا مستقلا. الآن، بما أن الحاخام عوفاديا يوسف ليس حيًّا، يحاول أن يثبت كل من درعي ويشاي،  أنه لو كان الحاخام  حيًّا لاختاره.

يُوضح الحاخام عوفاديا في التسجيل أنه سلم يشاي قيادة الحزب لأن درعي دخل السجن. كما ويدعي أنه إن أعاد درعي لقيادة الحزب، فسيبتعد 30 أو 40 بالمئة من مؤيدي الحزب

على أساس ذلك، نُشر أمس، على ما يبدو، من قبل أعوان يشاي، التسجيل السري من سنة 2008. حينئذ طلب درعي، الذي تم إطلاق سراحه من السجن، أن يتولى قيادة الحزب ثانية. حسبما أقوال الحاخام عوفاديا في التسجيل، يتبين أنه متمسك بقراره لدعم يشاي وليس درعي، بل وأبدى غضبه من الأخير.

يُوضح الحاخام عوفاديا في التسجيل أنه سلم يشاي قيادة الحزب لأن درعي دخل السجن. كما ويدعي أنه إن أعاد درعي لقيادة الحزب، فسيبتعد 30 أو 40 بالمئة من مؤيدي الحزب، لأنهم يعتقدون أن درعي “لص”. خلافا لدرعي، قال الحاخام إن يشاي غير متهم بشيء.

في جزء آخر مثير للاهتمام، يُذكر دعم شاس للاتفاقيات بين إسرائيل والفلسطينيين. سُمع الحاخام في التسجيل وهو يقول  إن درعي هو الذي قاد شاس لتأييد الاتفاق، بينما لم يرغب الحاخام نفسُه بالتدخل في الموضوع.

يظهر من التسجيل أن إحدى أسباب التوتر ما بين درعي والحاخام هي الخشية أن تصنع زوجة الحاخام له لعنة بواسطة أكل مسحور. ظهر في التسجيل مساعد الحاخام وهو يقرأ له مقطعا من الصحيفة يُدَّعى فيه أن مقربي درعي حذروه ألا يأكل من بيت الحاخام، لأن زوجته هي ابنة عائلة تصنع السحر. سخر الحاخام من هذا الادعاء، وبدا أنه يسأل زوجته مازحا: “ماذا فعلتِ”؟ سحرتِه؟ اسحريه كي يكفّ عنا”.

اقرأوا المزيد: 418 كلمة
عرض أقل
الحاخام شالوم كوهين (Yonatan Sindel/Flash90)
الحاخام شالوم كوهين (Yonatan Sindel/Flash90)

وريث الحاخام عوفاديا

قائد روحي جديد لحزب شاس: الحاخام شالوم كوهين. إن بعض المحللين يعتقد أن هذا بناء على تعيين أرييه درعي

بعد نصف سنة من وفاة الحاخام عوفاديا يوسف، الحاخام الأكثر تأثيرًا على الجمهور الإسرائيلي وقائد حزب شاس الروحي، عُيّنَ قائد جديد للحزب وهو الحاخام شالوم كوهين. يعتبر حزب شاس حزبًا يمثل جمهور القادمين من الدول الإسلامية والمحافظين على الأعراف الدينية في إسرائيل. إن الحاخام عوفاديا يوسف يعتبر القائد الذي لا تُجادل أحكامه والقاضي الأعلى لهؤلاء اليهود، وقد اشترك في جنازته حسب التقديرات 800000 شخص.

يعتقد بعض المحللين في إسرائيل أن أرييه درعي، قائد شاس السياسي، هو من يقف وراء التعيين. على النقيض من الحاخام يوسف، فإن الحاخام شالوم لا يشتهر في أوساط الجمهور الواسع. أقيم حزب شاس عندما كان يوسف قد تولى منصب الحاخام الإسرائيلي الرئيسي وكان معروفًا بين الكثير من اليهود، بينما كوهين ليس معروفًا خارج نطاق متعلمي التوراة. مع ذلك، يأمل درعي أن يكون الحاخام كوهين الآن “صاحب البيت الروحي” للحزب.

يعتبر الحاخام كوهين مقربًا لدرعي حتى في السنوات التي كان درعي فيها مسجونًا بعد إدانته بأعمال فساد. حين كان إيلي يشاي قائد شاس، ضغط كوهين على الحاخام يوسف لإعادة درعي إلى قيادة الحزب.

الحاخام عوفاديا يوسف (Abir Sultan, flash90)
الحاخام عوفاديا يوسف (Abir Sultan, flash90)

حسب ما يقول المحللون، من الآنَ فصاعدًا سيكون شاس حزبًا أكثر “تديّنا”، وأقل “إسرائيليًّا”. على مدى سنوات كثيرة حاول الحزب أن يتوجه لجمهور الناخبين الذي لا يواظب بصرامة على أداء كل التعليمات الدينية، بينما يمثل التعيين الآن تحوّل شاس إلى حزب يحافظ بحرص على التعليمات.

في الأشهر الأخيرة تفوه الحاخام كوهين بحدة ضدّ مبادرة تجنيد جمهور متعلمي التوراة للجيش الإسرائيلي. حتى أنه ادعى أن من سيصوّت في الانتخابات لصالح حزب “البيت اليهودي”، الذي كان من حاملي الدعوة إلى تغيير قانون التجنيد، سيصل بعد موته إلى جهنم.

اقرأوا المزيد: 248 كلمة
عرض أقل
نهر دجلة في مدينة بغداد (AFP/Stan HONDA)
نهر دجلة في مدينة بغداد (AFP/Stan HONDA)

على أنهار بابل – قصّة يهود العراق

لا يعيش أكثر من ثمانية يهود اليوم في بغداد، لكنهم بقيّة جاليةٍ مجيدة تعود جذورها إلى أكثر من ألفَين وخمسمائة عام؛ وأيضًا: خمسة عراقيين إسرائيليين يجب أن تتعرفوا إليهم

“يهود بابل” – هذا هو اللقب الذي يستخدمه حتّى اليوم كثير من اليهود ذوي الأصل العراقيّ الذين يقطنون في إسرائيل للإشارة إلى أنفسهم. يهود بابل، لا يهود العراق. ليس بلا سبب تفضيلُ عديدين اللقب القديم على اسم الدولة العصرية التي أتَوا منها – فالجالية اليهودية في العراق ذات جذور تاريخية ضاربة في العمق، تصل إلى دمار الهيكل الأول في أورشليم عام 607 قبل الميلاد.

فقد سبا ملك الإمبراطورية البابلية، نبوخذنصر الثاني، اليهود من موطنهم التاريخي إلى بابل البعيدة، حيث نشأت جالية يهودية جديدة ومزدهرة. لم يتوقف يومًا الحنين إلى الموطن، ويتجلى ذلك في المزمور 137، العدد 1: “عَلَى أَنْهَ‍ارِ بَ‍ابِ‍لَ،‏ هُنَ‍اكَ جَلَسْنَ‍ا.‏  بَ‍كَيْنَ‍ا أَيْضً‍ا عِنْ‍دَمَ‍ا تَ‍ذَكَّرْنَ‍ا صِهْيَ‍وْنَ”. لكن في فترةٍ متأخرة أكثر تاريخيًّا، مثل فترة كورش، التي أُجيز فيها لليهود بأن يعودوا إلى أورشليم، بقيت جالية يهود بابل قائمة وكبيرة.

شاهدوا حفل زفاف عراقيًّا يهوديًّا تقليديًّا:

http://youtu.be/Uu5skKgA_PM

النموّ والازدهار

كانت جالية يهود بابل الأكبر والأكثر ازدهارًا بين الجاليات اليهودية، حتّى حين تشتّت اليهود في كلّ أرجاء المعمورة. فقد كانت الجالية مركزًا تجاريًّا وحضاريًّا مزدهرًا، فضلًا عن كونها مركزًا روحيًّا ودينيَّا ذا أهمية كبرى. تجمّع جميع حكماء الديانة اليهودية بين نهرَي دجلة والفرات، وأقاموا هناك قرونًا. تعاملت الإمبراطورية البارثية التي سيطرت على المنطقة جيّدًا مع اليهود، ومنحتهم حقوقًا بإدارة مستقلّة وحريّة ثقافيّة. في هذه الفترة، بلغ الفِكر اليهودي إحدى ذُراه، في تأليف “التلمود البابلي”. كذلك في السنوات اللاحقة، تحت حُكم الساسانيّين، كان اليهود محميّين من أيّ أذى.

قبر حزقيال (ذو الكفل) في مدينة الكفل العراقيه  (AFP)
قبر حزقيال (ذو الكفل) في مدينة الكفل العراقيه (AFP)

مع انتشار الإسلام وسيطرة الخلفاء، بدءًا من القرن السابع الميلادي، تحسّن كثيرًا وضع يهود بابل، إذ أصبح للمرة الأولى معظم يهود العالم تحت السيادة نفسها – سيادة الإسلام. لكنّ هذا التعامُل لم يكُن ثابتًا، إذ كان وضع اليهود يعتمد على نظرة الحاكم. ورغم أنّهم نعموا غالبًا بالأمان، لكنهم كانوا تحت تهديد أحكامٍ – مثل حظر الخليفة عُمر بن عبد العزيز في مطلع القرن الثامن أن يلبسوا كالعرب أو أن يعيشوا حياة رفاهية، أو حُكم الخليفة المتوكّل في القرن التاسع، الذي ألزمهم بلبس ثياب خاصّة تكون علامة عار. في فترة الخليفة المأمون، دُعي اليهود “أخبث الأمم”، ودُمّرت مجامع يهودية كثيرة في عهده. في القرون الوسطى، هجر يهود كثيرون بغداد ومحيطها للسكن في الأندلُس، التي أصبحت مركزًا إسلاميًّا مزدهرًا في العالم.

كانت الفترة العثمانية أيضًا فترةً مفعمة بالتقلّبات بالنسبة للجالية في العراق. لكن كلّما ازدادت موجات الدمقرطة، تحسّن وضع اليهود، الذين شكّلوا جزءًا هامًّا من الحياة العامّة والتجاريّة في العراق. عام 1908، حصل جميع يهود العراق على مساواة في الحقوق وحرية دينية كفلها القانون، حتّى إنّ بعضهم أُرسل لتمثيل العراق في البرلمان العُثمانيّ.

كنيس مهجور في مدينة الفلوجة (ِAFP)
كنيس مهجور في مدينة الفلوجة (ِAFP)

بعد الحرب العالمية الأولى وتتويج فيصل ملكًا على البلاد، تحسّن وضع اليهود أكثر فأكثر. كان وزير المالية الأول للعراق في العصر الحديث يهوديًّا، اسمه حسقيل ساسون‎ ‎‏. اتّخذ ساسون عددًا من القرارات التي أسهمت في استقرار الاقتصاد العراقي في القرن العشرين، بما فيها تنظيم تصدير النفط إلى بريطانيا. وبشكل عامّ، أضحت أسرة ساسون البغداديّة إمبراطوريّة اقتصاديّة امتدّت من الهند شرقًا حتّى أوروبا غربًا.

أمّا ما زاد شهرة يهود العراق أكثر من أيّ شيء آخر في العصر الحديث فهو موسيقاهم. ‏‎ ‎فقد اشتُهر الكثير من اليهود بفضل مواهبهم الموسيقيّة، وفي مسابقة الموسيقى في العالم العربي التي أُقيمت في القاهرة في الأربعينات، فاز الوفد العراقي، الذي تألّف من موسيقيين يهود ومُطرب مسلم واحد. ويُذكَر بشكل خاصّ صالح وداود الكويتي، اللذان أنشآ فرقة الإذاعة الموسيقية الوطنية في العراق، حتّى إنهما غنّيا في حفل تنصيب الملك فيصل الثاني.

التدهوُر والمغادَرة

حدث التدهوُر الأكبر في وضع يهود العراق مع صعود النازيين في ألمانيا في ثلاثينات القرن العشرين. فقد عملت السفارة الألمانية في بغداد بوقًا لرسائل لاساميّة أدّت تدريجًا إلى تغيّر نظرة العراقيين المسلمين إلى إخوتهم اليهود. فعام 1934، فُصل عشرات الموظَّفين اليهود من وزارة الاقتصاد، عام 1935 فُرضت قيود على عدد اليهود في المدارس، وعام 1938 أُقفلت صحيفة “الحصاد”، لسان حال يهود العراق.

مجموعة حاخامات يهود في بغداد عام 1910 (Wikipedia)
مجموعة حاخامات يهود في بغداد عام 1910 (Wikipedia)

وكانت الذروة عام 1941، بعد فشل الانقلاب الذي قاده رشيد عالي الكيلاني، الذي سعى إلى طرد البريطانيّين وإنشاء سُلطة ذات رعاية ألمانية – نازيّة. في تلك السنة، حدث ما يُعرف بالفرهود – المجزرة الأكبر بحقّ يهود العراق. في إطار الاضطرابات، قُتل 179 يهوديًّا، أصيب 2118، تيتّم 242 طفلًا، وسُلب الكثير من الممتلكات. وصل عدد الأشخاص الذين نُهبت ممتلكاتُهم إلى 50 ألفًا، ودُفن الضحايا في مقبرة جماعيّة في بغداد.

كانت النتيجة المباشرة للمجزرة تعزيز قوة الصهيونية، والإدراك أنّ فلسطين (أرض إسرائيل) وحدها تشكّل ملاذًا آمنًا ليهود العراق. فاقم إنشاء دولة إسرائيل ونتائج حرب العام 1948 أكثر وأكثر التوتر بين اليهود والمسلمين في العراق. فاليهود الذين اشتُبه في ممارستهم نشاطاتٍ صهيونية قُبض عليهم، احتُجزوا، وعُذِّبوا.

عام 1950، سنّت الحكومة العراقية قانونًا يسري مفعوله لعامٍ واحد، أتاح لليهود الخروج من البلاد شرطَ تنازُلهم عن جنسيّتهم العراقية. أُتيح لكلّ يهودي يبلغ عشر سنوات وما فوق أن يأخذ معه مبلغًا محدَّدًا من المال وبضعة أغراض. أمّا الممتلكات التي خلّفوها وراءهم فكان يمكنهم بيعها بمبالغ ضئيلة.

نتيجة ذلك، أطلقت دولة إسرائيل عملية باسم “عزرا ونحميا” تهدف إلى إحضار أكبر عددٍ ممكن من يهود العراق إلى البلاد. وكلّما زاد تدفّق اليهود الذين غادروا العراق، ازدادت مضايقات اليهود، حتّى إنّ البعض منهم فقد حياته.

عائلة يهودية عراقية
عائلة يهودية عراقية

منذ 1949 حتّى 1951، فرّ 104 آلاف يهودي من العراق ضمن عمليات “عزرا ونحميا”، و20 ألفًا آخرون هُرِّبوا عبر إيران. وهكذا، تقلّصت الجالية التي بلغت ذروة من 150 ألف شخص عام 1947، إلى مجرّد 6 آلاف بعد عام 1951. أمّا الموجة الثانية من الهجرة فحدثت إثر ارتقاء حزب البعث السلطة عام 1968، إذ هاجر نحو ألف يهودي آخرين إلى إسرائيل. اليوم، يعيش في بغداد عددٌ ضئيل من اليهود، كما يبدو مجرّد ثمانية.

جمّدت السلطات العراقية الممتلكات الكثيرة لليهود الذين هجروا البلاد. ويُقدَّر أنّ قيمة الممتلكات كانت تبلغ نحو 30 مليون دولار في الخمسينات. أمّا بقيمة اليوم، فيمكن القول إنّ يهود العراق تركوا وراءهم ممتلكاتٍ تُقدَّر قيمتها بـ 290 مليون دولار.

خمسة إسرائيليّين – عراقيين عليكم أن تتعرفوا إليهم

عائلة يهودية عراقية تصل الى مطار اللد عام 1950 (WIKIPEDIA)
عائلة يهودية عراقية تصل الى مطار اللد عام 1950 (WIKIPEDIA)

بدءًا من الخمسينات، ازدهرت جماعة يهود بابل في دولة إسرائيل. لم تكُن صعوبات الاستيعاب في الدولة الفتيّة بسيطة، وكان عليهم أن يناضلوا للحفاظ على هويّتهم الفريدة مقابل يهود أوروبا الشرقية، الذين رأوا فيهم ممثّلين أقل قيمة للحضارة العربية. لم تقدِّر السلطات الإسرائيلية الممتلكات الكثيرة والغنى الحضاري الذي تركوه وراءهم في بغداد والبصرة، ولم يتمكّن يهود العراق من إيجاد مكانة لهم بين سائر المهاجرين: المهاجرين من أوروبا الشرقية من جهة، والمهاجرين من شمال إفريقية من جهة أُخرى.

لكن كلّما مّرت السنون، تعرّف الشعب الإسرائيلي إلى أهمية وإسهامات المهاجرين من العراق، ووصل بعضٌ منهم إلى مواقع مركزيّة في السياسة، الثقافة، والمجال المهنيّ في إسرائيل. إليكم خمسة عراقيين يهود إسرائيليين، عليكم أن تتعرّفوا إليهم:

  • الحاخام عوفاديا يوسف – وُلد عام 1920 في بغداد باسم “عوفاديا عوفاديا”، وأصبح مع الوقت الزعيم الديني دون منازع لجميع يهود الشرق في إسرائيل. وضع الحاخام، الذي اعتُبر معجزة دينيّة منذ طفولته، أولى مؤلفاته الدينية في التاسعة من عُمره. يتذكّره كثيرون في إسرائيل بسبب إجازته الفقهيّة لعمليّة السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، ولكن أيضًا بسبب زلّات لسانه العديدة. فقد قال مثلًا عن أريئيل شارون: “ليُنزل عليه الله – تبارك وتعالى – ضربةً لا يقومُ منها”، ووصف رئيس الحكومة نتنياهو بأنه “عنزة عمياء”.
  • بنيامين “فؤاد” بن إليعيزر – الطفل الصغير من البَصرة الذي أمسى قائدًا عسكريًّا بارزًا في إسرائيل، وبعد ذلك سياسيًّا شغل عددًا كبيرًا من المناصب الوزارية، وكان صديقًا مقرَّبًا من الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك. فبعد أن كان وزير الإسكان في حكومة رابين، وزير الدفاع في حكومة شارون، ووزير الصناعة في حكومتَي أولمرت ونتنياهو، تتجه أنظار “فؤاد” الآن إلى المقام الأرفع، إذ يسعى إلى أن يكون أوّل رئيس عراقي لدولة إسرائيل.
  • دودو طاسا – حفيد داود الكويتي الذي أضحى هو نفسه موسيقيًّا كبيرا ورياديًّا في إسرائيل. يدمج تاسا بين الأسلوب الغربي وبين الموسيقى العراقية التقليدية، ويُذكَر بشكل خاصّ أداؤه لأغنية فوق النخل‏‎ ‎‏، التي اشتُهرت بأداء جدّه.‎ قادت الأغنية إلى ألبوم يعزف فيه تاسا أغاني الكويتيَّين (داود وصالح).
  • إيلي عمير الأديب الذي جسّد أفضل من أيّ شخص آخر مشاعر القادِمين من العراق. عبّر كتابه “ديك الفِداء”، الذي كتبه على مدى 13 عامًا، بشكل دقيقٍ عن مصاعب شابّ ذي أصل عراقي يستصعب الوصل بين عالم والدَيه الماضي وبين عالَم رجال الكيبوتز ذوي الأصول الأوروبية، الذي أراد الاندماج فيه. بقيت لغته الأم عربية، وهو حزين للإكراه الثقافي الإسرائيلي، الذي ألزمه بمحو ماضيه. مع السنوات، أضحى عمير ناشطًا في حزب العمل الإسرائيلي.
  • إيلي يتسفان – كبير الكوميديين الإسرائيليين هو في الواقع من أصل عراقيّ. فرغم أنه وُلد في إسرائيل، والداه كلاهما عراقيّان. سمع يتسفان، أصغر خمسة أبناء، العربية العراقية تصدح في بيته، وأصبح مقلّدًا موهوبًا قادرًا على تمثيل شخصية أيّ إنسان، ولا سيّما شخصيات من العالم العربي. كاد تقليده للرئيس المصري محمد حسني مبارك (الذي أعطى مبارك لهجة مختلطة – مصريّة وعراقيّة) يقود إلى أزمة في العلاقات الإسرائيلية – المصريّة.

شاهدوا إيلي يتسفان العراقي يقلّد حسني مبارك:

اقرأوا المزيد: 1338 كلمة
عرض أقل
شولاميت ألوني (Uri Lenz/FLASH90)
شولاميت ألوني (Uri Lenz/FLASH90)

شولميت ألوني، إحدى أهم زعماء اليسار الإسرائيلي، تفارق الحياة

قادت حزب ميرتس إلى أعلى إنجاز له، بـإحراز 12 مقعدًا في انتخابات عام 1992، وكانت معروفة بلسانها اللاذع

توفيت شولميت ألوني، إحدى قياديات اليسار الإسرائيلي، ومؤسسة حزب ميرتس، هذه الليلة عن عمر يناهز 85 عامًا. وكانت ألوني عُرفت كمناضلة من أجل حقوق الإنسان، ومناهضة للإكراه الديني في إسرائيل، مما جعلها تحظى لأعوام باللقب غير الرسمي “قائدة المعسكر الليبرالي في إسرائيل”. إضافة إلى ذلك، عُرفت ألوني بلسانها اللاذع، وأثارت تصريحاتها عدة مرات ضجات إعلامية.

وُلدت ألوني في تل أبيب عام 1928، وقاتلت في صفوف البلماح (سرايا الصاعقة) في حرب عام 1948. تم انتخابها للكنيست عام 1965 من قبل حزب مباي (حزب عمّال أرض إسرائيل)، لكنها عُرفت كعضو كنيست متمردة، انتقدت عدة مرات حُكم الحزب بسبب ما رأته انتهاكا لحقوق الإنسان. “لقد رفعت راية الثورة في حكم مباي، وعزّزت حقوق الإنسان والمواطن في إسرائيل، وقد كانت أول من قام بذلك”، رثاها صباح هذا اليوم الوزير السابق أمنون روبينشتاين، زميلها في حزب ميرتس.

استقالت ألوني من مباي عام 1973، وأنشأت حركة راتس، التي رفعت راية النضال من أجل الحفاظ على حقوق الإنسان والمواطن. كان حزب راتس يمثّل اليسار في السياسة الإسرائيلية، وضمته ألوني فيما بعد إلى سائر الأحزاب اليسارية في إسرائيل، وأنشأت حزب ميرتس، الذي وصل في ذروته إلى 12 مقعداً في الكنيست التي تم انتخابها عام 1992.   انضمت ألوني إلى حكومة إسحاق رابين كوزيرة للتربية.

كوزيرة للتربية، أثارت ألوني الكثير من الضجيج بسبب تصريحاتها ضدّ الجهاز التربوي المتدين في إسرائيل، وأساساً بسبب دعمها لتدريس نظريّة التطور في الجهاز التربوي ومعارضة الحاريديم لذلك. لهذا السبب، أعفيت ألوني من مهامها، وعُيّنت وزيرة للاتصالات. بسبب حربها ضد الإلزام الديني، أعلن الحاخام عوفاديا يوسف أنه في اليوم الذي تموت فيه ألوني، يجب إقامة وليمة (على الرغم من أنه في نهاية الأمر، توفي الحاخام نفسه قبلها بأشهر معدودة).

كان أحد الأمور الراسخة في الذاكرة التي قامت بها ألوني، هو مبادرة تشريع ألغت تعريف المثلية الجنسية كمخالفة للقانون. أطلق عليها في المجتمع المتدين لقب “عدوة اليهودية ومحبة المثليين والمثليات”، “لكن ألوني لم تتراجع، ونجحت في عام 1988 بجعل الكنيست تصادق على قانون ألغى قانونا سابقا يقر بأن مضاجعة أفراد الجنس ذاته تعتبر مخالفة.

عام 2000، تم منحها جائزة إسرائيل لقاء عطائها للمجتمع، مما أثار احتجاجات المؤسسة الدينية وكتب القضاة أنه تم منح ألوني الجائزة بفضل “نضالها من أجل كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية والطبيعية، كونها لسان حال المواطن، نضالها من أجل محو الظلم، ورفعها راية المساواة بين الشعوب، المعتقدات المختلفة في إسرائيل، والاحترام المتبادل”.

سيتم تذكر ألوني كمناضلة من أجل حقوق الإنسان والمواطن، مكانة المرأة في إسرائيل، النزاع ضد الإكراه الديني، والدعم المطلق لاتفاقيات السلام مع الفلسطينيين والعالم العربي. ربما سيتم تذكرها أيضًا بسبب تصريحاتها اللاذعة، كقولها إن “الحاريديم يرضعون الغرائز المظلمة ذاتها التي رضعتها الفظائع النازية الفاشية”، أو إنّ بنيامين نتنياهو يذكرها ببينيتو موسوليني.

اقرأوا المزيد: 412 كلمة
عرض أقل
  • يئير لبيد (FLASH 90)
    يئير لبيد (FLASH 90)
  • حراس الحد
    حراس الحد
  • بنيامين نتنياهو وباراك أوباما (Avi Ohayon/GPO)
    بنيامين نتنياهو وباراك أوباما (Avi Ohayon/GPO)
  • احتجاجات ضد الرئيس محمود عباس  في شوارع رام الله (Flash90/Ahmad Khatib)
    احتجاجات ضد الرئيس محمود عباس في شوارع رام الله (Flash90/Ahmad Khatib)
  • صائب عريقات وتسيبي ليفني مع جون كيري بعد لقائهم في واشنطن (AFP)
    صائب عريقات وتسيبي ليفني مع جون كيري بعد لقائهم في واشنطن (AFP)
  • حسن روحاني يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى الإيراني (AFP)
    حسن روحاني يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى الإيراني (AFP)
  • مصريون يحتفلون في ميدان التحرير مع صورة عبد الفتاح السيسي (AFP)
    مصريون يحتفلون في ميدان التحرير مع صورة عبد الفتاح السيسي (AFP)
  • صلاة الجمعة في ساحة الأقصى في شهر رمضان (Sliman Khader/Flash90)
    صلاة الجمعة في ساحة الأقصى في شهر رمضان (Sliman Khader/Flash90)
  • حاملة الطائرات الأمريكية نيميتز (AFP PHOTO / US NAVY - ANDREA DECANIN)
    حاملة الطائرات الأمريكية نيميتز (AFP PHOTO / US NAVY - ANDREA DECANIN)
  • جنازة الحاخام عوفاديا يوسف (Nati Shohat, Flash90)
    جنازة الحاخام عوفاديا يوسف (Nati Shohat, Flash90)
  • قُبَيل نهاية السنة الميلادية، جمعنا لكم صور اللحظات الأكثر إثارةً للاهتمام، أهميةً، وجمالًا في السنة
  • كنيسة "مريم المجدلية" الروسية في القدس (Nati ShohatFLASH90)
    كنيسة "مريم المجدلية" الروسية في القدس (Nati ShohatFLASH90)

12 لحظة لا تُنسى من عام 2013 – بالصُّوَر

قُبَيل نهاية السنة الميلادية، جمعنا لكم صور اللحظات الأكثر إثارةً للاهتمام، أهميةً، وجمالًا في السنة

كانون الثاني – في 22 كانون الثاني جرت انتخابات الكنيست في إسرائيل. كانت المفاجأة الكبرى في الانتخابات فوز حزب “هناك مستقبل” الجديد، الذي أسّسه الإعلامي السابق، يائير لبيد، قبل بضعة أشهر من الانتخابات، بـ 19 مقعدًا (من أصل 120، أكثر من 15% من الأصوات)، ما جعله ثاني أكبر حزب في إسرائيل. تفاجأ لبيد نفسُه بالنتيجة، وتحوّل مقرّ الحزب بعد نشر النتائج إلى حفلة كبيرة.

يئير لبيد (FLASH 90)
يئير لبيد (FLASH 90)

شباط – في 9 شباط، فاز الفيلم الإسرائيلي “البوّابون” بأهم جائزة توثيقية لعام 2012 في مهرجان الأفلام الدولي في برلين. يعرض فيلم المخرج الإسرائيلي درور موريه، الذي كان مرشّحًا للأوسكار عن فئة الفيلم الأجنبي، مقابلات مع 6 رؤساء سابقين للشاباك، يكشفون مواقفهم من الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني وكذلك الهوّة الإسرائيلية بين اليمين واليسار. كتب أحد أهمّ نقّاد السينما في إسرائيل: “بشكل مؤثر ويفتح العينَين، ينكشف أمام كاميرا موريه ستّة أشخاص أذكياء، ذوي أهميّة مركّبة وفطنة عميقة. أكثر من ذلك، تنكشف مجموعة مُفاجِئة من يساريين، تتراوح تصريحاتهم بين توق لدولة فلسطينية، تبني نبوات غاضبة … عن فظائع الاحتلال، والحسرة الشديدة على وفاة عملية السلام”.

حراس الحد
حراس الحد

آذار زيارة تاريخية أولى لباراك أوباما كرئيسٍ للولايات المتحدة إلى إسرائيل. إحدى اللحظات التي لا تُنسى في الزيارة هي حين خلع الرئيس الأمريكي، الذي تجوّل في شمس الشرق الأوسط الحارقة، سترته بكلّ أناقة، وبعدم اكتراث ماهر رفعه فوق كتفه كأنه عارض أزياء، لا أقلّ. قلّد رئيس الحكومة الإسرائيلية، نتنياهو، الذي أراد الانضمام إلى الجو غير الرسمي، ما فعله أوباما، ولكنه افتقر إلى الأناقة، الجاذبية، وكذلك لون البشرة المناسب. أثار عمل نتنياهو ابتسامةً، وحتى سخرية لدى الإسرائيليين، وأتاحت وقفة كوميدية طفيفة خلال الزيارة الرسميّة.

بنيامين نتنياهو وباراك أوباما (Avi Ohayon/GPO)
بنيامين نتنياهو وباراك أوباما (Avi Ohayon/GPO)

نيسان – السياسة الفلسطينية في أزمة. رئيس الحكومة الفلسطينية، سلام فياض، يستقيل من منصبه. رغم الضغوط من الدول الأوروبية والولايات المتحدة لمنع الاستقالة، قبل الرئيس الفلسطيني طلب فيّاض، وبعد أيّام طويلة من الانتظار، عيّن بدلًا منه رامي الحمد الله، الذي استقال بعد أسبوعَين من تعيينه. بالتبايُن، انتخُب خالد مشعل مجدّدًا لرئاسة المكتب السياسي لحركة حماس، رغم أنه أعلن قبل سنة أنه لا ينوي الترشّح للمنصب من جديد، كما يبدو في أعقاب توتّر مع قيادة غزة حول مسألة المصالحة مع فتح. فيما طرفا السياسة الفلسطينية في أزمة، وقوة اجتماعية جديدة هي حركة “تمرُّد” الجديدة” بدأت تحشد دعمًا في فلسطين، تبدو المصالحة الفلسطينية أبعد من أيّ وقت مضى.

احتجاجات ضد الرئيس محمود عباس  في شوارع رام الله (Flash90/Ahmad Khatib)
احتجاجات ضد الرئيس محمود عباس في شوارع رام الله (Flash90/Ahmad Khatib)

أيّار – في إحدى المراحل التمهيدية لتحريك المسار السياسي، التقى في روما وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ووزيرة العدل الإسرائيلية المكلفة بملف المفاوضات، تسيبي ليفني. أعلن كيري أنه سيزور إسرائيل وفلسطين مجدّدًا بعد أسبوع، لمواصلة العمل بنشاط لاستئناف المفاوضات. كان الجميع مرتابًا في الجانبَين، ولم يصدّقوا أنّ كيري سينجح في فعل المستحيل وسدّ الفجوات الأولية بين الجانبَين. لكن في نهاية المطاف، أثمرت جهوده، وفي نهاية تموز استُأنفت المحادثات بين الإسرائيليين والفلسطينيين بعد جمود دام ثلاث سنوات. يستمرّ المشكّكون في التشاؤم ولا يصدّقون أنّ الجانبَين سيتوصّلان إلى اتّفاق، لكنّ كيري أظهر الشرق الأوسط والعالم أنه حين يصمِّم يحقِّق ما يُريد. 

صائب عريقات وتسيبي ليفني مع جون كيري بعد لقائهم في واشنطن (AFP)
صائب عريقات وتسيبي ليفني مع جون كيري بعد لقائهم في واشنطن (AFP)

حزيران – انقلاب في إيران: في 14 حزيران، انتُخب حسن روحاني رئيسًا لإيران بحصوله على أكثرية الأصوات. سارع الغرب إلى اعتباره رئيسًا معتدلًا انتخابه “جيّد للغرب”، وقد اقتُبس عنه قولُه قبل انتخابه: “سنهجر التطرّف، نُعيد للشعب الإيراني كبرياءه، ونعزّز السلام والتسوية مع العالم”. مع ذلك، واصلت إسرائيل التحذير من الانخداع بالمظاهر، وذكّرت أنه اشترى الوقت في الماضي لمُواصلة تطوير البرنامج النووي الإيراني في الوقت الذي كان يُفاوِض فيه مع الغرب.

حسن روحاني يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى الإيراني (AFP)
حسن روحاني يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى الإيراني (AFP)

تموز – انقلاب آخر في مصر: الجيش المصري بقيادة الفريق أوّل عبد الفتّاح السيسي يُطيح بالرئيس محمد مرسي. على خلفيّة الاحتجاجات ضدّ الرئيس الإسلاميّ من جماعة الإخوان المسلمين، أعلن السيسي في التلفزيون الحكومي المصري عن الإطاحة بالرئيس مرسي وعن التوجّه إلى انتخابات جديدة. وأعلن السيسي أيضًا أنه خلال الفترة الانتقاليّة، حتّى إجراء الانتخابات، سيكون رئيس المحكمة الدستورية، المستشار عدلي منصور رئيسًا انتقاليًّا لمصر، لكنّ الانتخابات لم تُجرَ حتّى الآن، وبقيت مصر فعليًّا تحت حُكم العسكر، إذ يُحكم السيسي قبضته على الوضع، وتتواصل الاشتباكات العنيفة بين أنصار الإخوان المسلمين وأنصار النظام بشكل متكرّر، مهدّدةً استقرار البلاد ووضعها الاقتصادي الآخذ في التدهوُر.

مصريون يحتفلون في ميدان التحرير مع صورة الفريق أول عبد الفتاح السيسي (AFP)
مصريون يحتفلون في ميدان التحرير مع صورة الفريق أول عبد الفتاح السيسي (AFP)

آب – العالم الإسلامي يُحيي شهر رمضان. مئات آلاف الفلسطينيين ينالون إذنًا بالعبور إلى إسرائيل ويقضون العطلة على شواطئ البحر، في مراكز التسّوق، والمتنزهات، مستغلّين الطقس والشمس الحارّة. كلّ يوم جمعة في شهر رمضان، امتلأت ساحة الأقصى بآلاف المصلّين المسلمين الذين وصلوا إلى الصلاة الاحتفالية، ووقفوا صفوفًا، داخل المسجد وخارجه، متّجهين نحو مكّة.

صلاة الجمعة في ساحة الأقصى في شهر رمضان (Sliman Khader/Flash90)
صلاة الجمعة في ساحة الأقصى في شهر رمضان (Sliman Khader/Flash90)

أيلول – بعد الكشف عن أدلّة واضحة على هجوم بالسلاح الكيميائي لجيش الأسد في سوريا، حيث قُتل ما يزيد على 1400 شخص في ضواحي دمشق، أوضح الرئيس الأمريكي باراك أوباما: لا يمكننا مواصلة الصمت. وفيما كان أوباما ينتظر قرار الكونغرس الأمريكي بشأن هجومٍ محتمل على سوريّا، وصل التوتّر الإقليميّ إلى أعلى مستوياته، وتصدّرت صور المدمّرات وحاملات الطائرات الفرنسيّة والبريطانية المقترِبة من سواحل إسرائيل وسوريا قُبَيل هجوم محتمَل عناوين الصُّحُف. في قبرص وتركيا، جُهّزت المطارات استعدادًا لحرب إقليمية، لكنّ الغرب نجح في التوصّل إلى تسوية مع سوريّا في نهاية المطاف، بحيث يجري تفكيك السلاح الكيميائي السوري كلّيًّا، ويُسمَح لمراقبي الأمم المتحدة بتفتيش وزيارة جميع مواقع السلاح الكيميائي في سوريّا.

حاملة الطائرات الأمريكية نيميتز (AFP PHOTO / US NAVY - ANDREA DECANIN)
حاملة الطائرات الأمريكية نيميتز (AFP PHOTO / US NAVY – ANDREA DECANIN)

تشرين الأول – دخل تشييع الحاخام عوفاديا يوسف، الذي توفي عن عمر 93 عامًا، التاريخ إذ كان أكبر تشييع في تاريخ دولة إسرائيل، وشارك فيه، وفق التقديرات، بين نصف مليون و850 ألف شخص. امتلأت شوارع القدس بأنصار وأتباع الحاخام يوسف، ودخلت المشاهد السريالية لمئات آلاف الحاريديين بقبعاتهم السوداء الذي ملأوا الشوارع ذاكرة الجماهير.

جنازة الحاخام عوفاديا يوسف (Nati Shohat, Flash90)
جنازة الحاخام عوفاديا يوسف (Nati Shohat, Flash90)

تشرين الثاني – كبير مطربي إسرائيل والبطل الحضاريّ إريك آينشتاين يرحل فجأةً. وصل عشرات آلاف الإسرائيليين، من الأطفال حتّى المسنّين، إلى ميدان رابين في تل أبيب لإلقاء نظرة أخيرة على جثمان مَن ساهم في صياغة حياتهم. حتّى رئيس الحكومة نتنياهو حضر التشييع ورثى آينشتاين، في خطاب أوّل منذ سنوات لا تُذكَر فيه كلمة “إيران”.

بنيامين نتنياهو ونعش اريك آينشتاين في ميدان رابين في تل أبيب (Yonatan Sindel/FLASH90)
بنيامين نتنياهو ونعش اريك آينشتاين في ميدان رابين في تل أبيب (Yonatan Sindel/FLASH90)

كانون الأول – عاصفة ثلجيّة غير مسبوقة في القدس منذ 140 عامًا تغطّي المدينة بالبياض. لأيام طويلة، بقي كثيرون من سكّان المدينة دون كهرباء، تموين، ووسائل إعلام.  لكن رغم المصاعب، لم يكن ممكنًا تجاهُل الهدوء والجمال الأخّاذ اللذَين ميّزا المدينة المقدّسة الموجودة في لُبّ الصراع، والتي أصبحت للحظات أهدأ من أيّ وقت مضى.

كنيسة "مريم المجدلية" الروسية في القدس (Nati ShohatFLASH90)
كنيسة “مريم المجدلية” الروسية في القدس (Nati ShohatFLASH90)
اقرأوا المزيد: 936 كلمة
عرض أقل
رحلوا عنا في عام 2013: نيلسون مانديلا، مارغريت تاتشر والحاخام عوفاديا يوسف (تصوير: South Africa The Good News, Chris Collins of the Margaret Thatcher Foundation, Flash90)
رحلوا عنا في عام 2013: نيلسون مانديلا، مارغريت تاتشر والحاخام عوفاديا يوسف (تصوير: South Africa The Good News, Chris Collins of the Margaret Thatcher Foundation, Flash90)

فارقوا الحياة: الطيبون الذين رحلوا عنا في عام ٢٠١٣

خسر العالم في هذا العام بعض الأشخاص الذين احتلوا مكانة مرموقة خلال العقود الأخيرة وحصلوا على ملايين المعجبين. بدءًا بوديع الصافي وانتهاء بنيلسون مانديلا. نقدم تحية أخيرة للشخصيات المؤثرة التي فارقتنا

كان هذا العام صعبًا للثقافة والسياسة العالمية: فارقنا أشخاص عالميون ومحليون وقررنا أن نقدم لهم تحية أخيرة.

نيلسون مانديلا (٩٤)

نيلسون مانديلا (TREVOR SAMSON / AFP)
نيلسون مانديلا (TREVOR SAMSON / AFP)

ترك الرئيس السابق لجنوب أفريقيا الذي نبذ السلاح وأصبح من أعظم القادة في العالم ورمزًا لمقاومة حكم الأبارتهايد، خلفه أمة تتطلع إلى قائد روحي جديد يتمكن من احتلال مكانته ومد الجسور بين المواطنين.

مارغريت تاتشر (٨٧)

مارغريت تاتشر (Wikipedia)
مارغريت تاتشر (Wikipedia)

رحلت عنا هذا العام أول امرأة تشغل منصب رئيس وزراء بريطانيا حيث شغلت هذا المنصب لأكثر من عشرة أعوام. حتى بعد موتها عبّر من أحبها (المرأة الحديدية) ومن لم يحبها بسبب سياستها الاقتصادية اليمينية عن موقفه. تجمع الآلاف من مؤيديها في شوارع مدينة لندن أثناء نقل جثمانها خلال مراسم دفنها. أشارت بعض الإحصاءات إلى أن عددا كبيرًا من المواطنين وجه انتقادًا حول التكاليف الباهظة لمراسم الدفن ( ١٥ مليون دولار تم صرفها من أموال دافعي الضرائب) ومنهم من خرج للتظاهر ضد تاتشر حتى بعد موتها.

هوغو تشافيز (٥٨)

هوغو تشافيز (Wikipedia)
هوغو تشافيز (Wikipedia)

رحل رئيس فنزويلا المثير للجدل بعد صراع طويل مع مرض السرطان في شهر آذار. يعتقد معارضوه بأنه كان شعبويًا همجيًا بينما يعتقد مناصروه بأنه الرجل الوحيد الذي وقف أمام مواجهة الأغنياء وأمريكا. نجح تشافيز طوال ١٤ عامًا من الحكم بإغضاب وإزعاج عدد ليس قليلا من القادة حول العالم وأظهر تقلبًا في مواقفه الدولية.

أريك أينشتاين (٧٤)

المطرب إريك آينشتاين (1939-2013) تصوير (Flash90/Moshe Shai)
المطرب إريك آينشتاين (1939-2013) تصوير (Flash90/Moshe Shai)

أريك أينشتاين المغني والفنان وخصوصًا الإنسان. نجح بموته بتوحيد المجتمع الإسرائيلي كما لم يفعل أي فنان من قبل وأثار مشاعرًا بالحنين إلى الماضي وإلى أيام التواضع والبساطة التي ميزت الموسيقى الإسرائيلية خلال الستينات والسبعينات والثمانينات في إسرائيل.

وديع الصافي (٩٢)

المطرب الراحل وديع الصافي
المطرب الراحل وديع الصافي

ودع العالم العربي المغني والملحن الأسطوري وديع الصافي. ولد الصافي عام ١٩٢١ في جبال الشوف في لبنان. كان ظهوره الأول كمغني وعازف في مسابقة في الإذاعة اللبنانية عندما كان في الثامنة عشر من عمره . ظهر للمرة الأولى في مهرجان بعلبك مع فيروز عام ١٩٥٧ حيث قام بغناء أعمال الأخوين رحباني وأعمال خاصة به أيضًا. كان هذا الظهور مهمًا ومؤثرًا في تطور مسيرته الفنية كمبدع وكمؤدي. فاز بلقب “صوت لبنان” وبالعديد من الجوائز منها جائزة لإنجازاته. الصافي هو مسيحي ماروني وقد لحن وسجل خلال مسيرته أكثر من ٣٠٠٠ أغنية.

عوفاديا يوسف (٩٣)

الحاخام عوفاديا يوسف (Abir Sultan, flash90)
الحاخام عوفاديا يوسف (Abir Sultan, flash90)

الحاخام الأول لإسرائيل سابقا والقائد الروحي لحركة شاس والذي كان يعتبر رمزًا لمئات الآلاف من اليهود. لعب يوسف دورًا مركزيًا في الصراع على مكانة الطائفة الشرقية والتأثير على شخصيات سياسية رفيعة المستوى. وكان معروفً أيضًا بإطلاقه تصريحات محافظة حول حديث الساعة. كانت مراسم جنازته هي الأكبر منذ قيام الدولة، إذ حضر أكثر من نصف مليون شخص لتقديم التحية الأخيرة له.

مواطنون سوريون (١٢٠٠٠٠ شخص)

طفلة سورية ترفرف بالعلم السوري (AFP)
طفلة سورية ترفرف بالعلم السوري (AFP)

مأساة إنسانية ما زالت مستمرة. تدخل الحرب الأهلية في سوريا عامها الثالث ويقدر عدد القتلى وفقًا لإحصائيات عام ٢٠١٣ بأكثر من ١٢٠٠٠٠ شخص. تحوًلت المظاهرات السلمية التي بدأت في آذار ٢٠١١ ضد نظام بشار الأسد الدكتاتوري إلى مواجهات عنيفة بين المدنيين وقوات الجيش. بدأ التدخل الخارجي في الحرب في سوريا عام ٢٠١٢: الأسد يستعين بقوات شيعية مكوّنة من مقاتلين من حزب الله وإيران وجيش المتمردين يستعين بمقاتلين من جنسيات مختلفة معظمهم من الطائفة السنية، جهاديين مثل جبهة النصرة ونشطاء من القاعدة. لا يظهر حل في الأفق حاليًا، ١٢٠ ألف قتيل، مئات آلاف الجرحى وأكثر من مليوني شخص (معظمهم أطفال) لاجئين يعيشون في تركيا والأردن والعراق ولبنان.

اقرأوا المزيد: 488 كلمة
عرض أقل
الـفتاة الدرزية سماح غضبان التي حصلت على تبرع القلب من اسماعيل الخطيب (MENAHEM KAHANA / AFP)
الـفتاة الدرزية سماح غضبان التي حصلت على تبرع القلب من اسماعيل الخطيب (MENAHEM KAHANA / AFP)

التبرع بالأعضاء: تحويل المأساة إلى معجزة

على مر السنوات يتنازع العلمانيون والمتديّنون في إسرائيل حول التبرع بالأعضاء. ولكن من شأنه أن ينقذ حياة إنسان آخر حتى وإن كان يُنظر إلى ذلك نظرة خطيئة

في نهاية كانون الأول عام 2010، انتهت بطريقة قاسية ومفاجئة حياة أحد الأشخاص الأكثر إثارة وإعجابًا وحبًا في إسرائيل. دخل لاعب الكرة آفي كوهين إلى تاريخ الرياضة الإسرائيلية حين أصبح عام 1979 الإسرائيلي الأول الذي يتم اختياره للعب في فرقة كرة قدم إنجليزية، وانضم إلى صفوف نادي ليفربول الأسطوري. بل وفي عام 1981 احتفل كوهين مع فريقه بالفوز في بطولة أوروبا، وفيما بعد انتقل ليلعب في نادي جلاسكو رينجرز الاسكتلندي.

في ذلك اليوم الشتائي في تل أبيب، بعد سنوات من اعتزال كوهين لكرة القدم، أصيب بجروح قاتلة في حادثة شاحنة، ومكث فاقدا للوعي في المستشفى لمدة تسعة أيام. وقد أثار موت كوهين في إسرائيل نقاشًا مختلفًا كليًا عن المجالات التي انشغل بها في حياته، وتناول ضرورة التبرع بالأعضاء في إسرائيل.

خلال حياته، وقع كوهين على “بطاقة إيدي”، وهي بطاقة تشير إلى أن  كلّ من يحملها يرغب بالتبرع بأعضائه من أجل إنقاذ حياة الآخرين، في حالة موته موتًا فجائيًا. لذلك يمكننا أن نخمن، أن  كوهين كان يرغب  أن يتم استخدام أعضائه لهذا الهدف الهام. ولكن مجموعة من رجال الدين الذين حضروا إلى المستشفى في الساعات التي كان كوهين فيها مصابًا بالموت الدماغي، أقنعت عائلة لاعب كرة القدم سابقًا، بعدم الموافقة على التبرع بأعضائه، مدعية أن هذا الأمر سوف يفقد الأمل في عودته إلى الحياة في حال حصول أعجوبة. قررت عائلة كوهين أخيرًا بأنها لا تريد التبرع بأعضائه.

جنازة اللاعب افي كوهين (MARKOWICZ GIDEON /FLASH90)
جنازة اللاعب افي كوهين (MARKOWICZ GIDEON /FLASH90)

ثار الجدل في إسرائيل: “أقنعت مجموعة من الأحبار المشعوذين عائلة كوهين بانتظار أعجوبة لم تكن لتتحقق، وأن ثلاثة أشخاص على الأقل سيموتون إثر هذا القرار”، هكذا كُتب في أحد أقسام الرياضة في إسرائيل. ومن ناحية أخرى، صرحت أرملة كوهين بأنها لم تكن ترغب بالتبرع بأعضائه، وليس بالضرورة لأسباب دينية، قالت: “كان واضحًا لي بأنه لم يكن هناك أمل. ونقلت رسالة واضحة جدًا بأنني لست مستعدة. ينبغي أن يبقى آفي كاملا، جميلا كما كان في حياته كلها”، هذا ما شرحته لصحيفة “يديعوت أحرونوت”.

رجل واحد يموت، ويحظى سبعة أشخاص بحياة جديدة

ينتظر حاليًا أكثر من ألف شخص اجتياز عملية زرع الأعضاء في إسرائيل، ويتوفى الكثير منهم خلال فترة انتظار الحصول على الأعضاء. معظم المرضى ينتظرون اجتياز زرع كلية. يحظى 20% فقط  بزراعة كلية جديدة، ويموت نصفهم خلال السنة الأولى من الانتظار. فيما لو كانت توافق  زوجة كوهين على التبرع  بأعضاء زوجها بدلا من أن يكون “كاملا، جميلا كما كان في حياته كلها”، كان من المحتمل إنقاذ حياة الأشخاص الآخرين. وفقا لجمعية “إيدي”، التي تصدر بطاقة إيدي وتشجع على التبرع بالأعضاء في إسرائيل، فإنّ متبرعًا واحدًا يمكنه أن ينقذ حياة سبعة مرضى ويحسن النظر لدى شخصين  آخرَين.

في عام 2012 وافق 50% فقط من العائلات التي طُلب منها التبرع بأعضاء ذويها. إنّ معدّل الرفض في إسرائيل هو من بين المعدلات الأعلى في الغرب، مقارنة بفرنسا (32%)، إيطاليا (31%)، الولايات المتحدة (22%)، إسبانيا (16.8%)، إيرلندا (8.2%) وهنغاريا (4.3%). ويبدو أن سبب ذلك هو ديني تحديدًا.

جدل ديني وأخلاقي

يتفق الجميع على أنه أخلاقيًا، تقع على الإنسان مسؤولية تجاه أعضائه حتى بعد وفاته. ومما يصعّب أمر التبرع بالأعضاء  هو الحقيقة الطبية، التي لا تتيح التبرع بالأعضاء مثل القلب، الرئتين، الكبد وقرنية العين إلا في حالة تعرض المتبرع لموت دماغي، وشريطة أن قلبه لا زال ينبض. وتتساءل الشريعة اليهودية: هل حكم الموت الدماغي شبيه بحكم الموت الاعتيادي؟ إن كانت الإجابة لا، فإنّ التبرع بالأعضاء يعتبر خطيئة. وإن كانت الإجابة بالإيجاب، فالتبرع بالأعضاء فضيلة كبيرة.

يعتقد معظم الأحبار اليهود أنه ما دام قلب الإنسان ينبض، حتى وإن كان بواسطة العلاج الاصطناعي، يُمنع استخدام أحد أعضائه من أجل إنقاذ حياة إنسان آخر. ولكن المصادر التي اعتمد عليها الأحبار حين قرروا أن توقف القلب فقط، وليس توقف عمل الدماغ، هو المهيّمن؛ تستند إلى معلومات طبية كانت صحيحة في العصور الوسطى، ويرفضون الأخذ بعين الاعتبار المعلومات التي يقدمها الطبّ الحديث.

وقد أفتى الحاخام عوفاديا يوسف، الذي توفي قبل أسابيع قليلة، في هذه القضية بأحكام جاء فيها أن حياة اليهودي تختلف قيمتها عن حياة غير اليهود؛ وقد نشر على موقع الإنترنت الخاص به،  أنه حتى وإنْ كان يجري الحديث عن ميّت يهودي قد وافق على التبرع بأعضائه، فيُفضل أخذ القرنية من شخص غير يهودي “من أجل ألا نهتك قدسية المتوفي”. وقد أفتى حاخامات آخرون بعدم جواز الموافقة على التبرع بالأعضاء خشية أن يتم التبرع بالأعضاء لشخص غير يهودي.

وهناك حجة أخرى يطرحها بعض رجال الدين وهي الخوف من يوم القيامة. وهو يوم الافتداء والخلاص، ويعود جميع الموتى فيه إلى الحياة، كيف سيقومون بعملهم دون أعضائهم التي تبرعوا بها للآخرين؟ هكذا سُئلت وزيرة الصحة، ياعيل جيرمن، حول كيفية مواجهة وضع نبوي كهذا، ونقلت على لسان البروفيسور آفي ربينوبيتش: “إذا أعاد الله الروح للموتى وأقيم الجميع؛ فمن المؤكد أن تعود كذلك الأعضاء الناقصة”.

من جهة أخرى، فإن الحاخامات اليهوديات المتديّنات ينظرون إلى التبرع بالأعضاء فضيلة كبيرة. فبحسب ادعائهم، مقابل الحاجة الدينية في الحفاظ على قدسية جثة الميت، فإن هناك واجًبا دينًيا في إنقاذ الحياة ولذلك يُسمح به بل هو واجب. ويؤيد حاخامات منتمون إلى منظمة “تساهار” – معروفة في كونها أكثر لبرالية – التبرع بالأعضاء حتى وإن كان من جسد يهودي إلى جسد شخص غير يهودي.

نهَبُ الحياة للتعايش

بخلاف موقف رجال الدين الذين يولون اهتمامًا أولا لدين الإنسان، فإن الطب لا يعمل بموجب هذا التوجه. جرى حدث فريد من نوعه في هذا العام في مستشفى رامبام: عائلتان، عربية ويهودية، تبادلتا التبرع بالكلى. تبرعت رشا، زوجة مريض عربي يدعى محمد أقرط،  يعاني من الإصابة بالكلى،  بكليتها لدافيد بن يئير اليهودي، وبالمقابل؛ تبرع ابن بن يئير بكليته لمحمد.

وبحسب أقوال الدكتور راوي رمضان، مدير وحدة متابعة المرضى الذين اجتازوا زرع الكلى، فإنه حين تم طرح اقتراح الزرع المتبادل، لم يتردد الأشخاص الأربعة للحظة. وشرح قائلا: “يريد الناس دائمًا أن يشعروا بشكل أفضل وأن يتعالجوا، فكم بالحري  عندما يجري الحديث عن البقاء على قيد الحياة”. وقال: “بالنسبة لهم ليس مهمًا من يحصل على العضو الذي يتبرعون به. فهم يعتبرون أنهم قد تبرعوا لفرد من أفراد عائلتهم، وبفضل هذا التبرع أنقذوا حياته”.

حدث آخر أكثر مثيرًا للاهتمام هو قصة أحمد خطيب، الطفل ابن الثالثة عشرة  من قرية قباطيا، والذي قتل برصاص الجيش الإسرائيلي في جنين عام 2005. شاهد الجنود أحمد وهو يحمل مسدس لعبة، وظنوا خطأ أنه رجل مسلح. وقد اعترفت إسرائيل بأنه كان خطأ جسيمًا، وتم البلاغ أن رئيس الوزراء الأسبق أريئيل شارون قد دعا والد أحمد  إلى مكتبه من أجل أن يقدم له الاعتذار.

اسماعيل الخطيب (AFP)
اسماعيل الخطيب (AFP)

رغم المأساة، فإن عائلة أحمد لم تتردد حين دعيت للتبرع بأعضائه، وأنقذت بذلك حياة سماح رياض غضبان، وهي طفلة درزية من قرية البقيعة. “كلتانا الآن أمهات سماح”، هكذا قالت يسرى أم الطفلة التي تم إنقاذ حياتها إلى أم أحمد. بالإضافة إلى ذلك، تم زرع فصّ كبد من جسم أحمد في جسم طفلة عمرها نصف سنة في نفس المستشفى وفص آخر في جسم امرأة عمرها 66 عامًا في مستشفى “بلينسون”. وتم زرع رئتيه في جسم فتاة عمرها 14 عامًا، وزرعت كليتاه، مساء، في جسد طفل عمره خمس سنوات وطفلة عمرها أربع سنوات.

ما الذي أدى بوالديه، اللذين كانا يكابدان حزنا عميقا، أن يقوما بهذه الخطوة المثيرة للجدل؟ قال عم أحمد، مصطفى محاميد: “نحن عائلة تقف ضد سفك الدماء وتعمل كل الوقت من أجل السلام، لذلك، ورغم المأساة الصعبة قررنا التبرع بأعضائه من أجل التقريب بين الشعوب على أمل أن يساعد ذلك في عملية السلام”. كانت هذه هي الطريقة لتتغلب العائلة على المأساة التي تعيشها، ولتحويل المصيبة التي حلت بها إلى أعجوبة لدى أشخاص آخرين.

مواطنو إسرائيل المعنيّون بالتوقيع على بطاقة “إيدي” مدعوون لإجراء ذلك عن طريق هذا الرابط باللغة العربية:

http://www.itc.gov.il/arb/index.html

 

اقرأوا المزيد: 1147 كلمة
عرض أقل