علي عبد الله صالح

الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح (AFP)
الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح (AFP)

مقاتلات التحالف العربي تقصف منزل الرئيس اليمني السابق صالح

أعلنت السعودية في وقت سابق عن هدنة إنسانية في اليمن تبدأ الثلاثاء وتستمر خمسة أيام، إلا أنها تواصل القصف المكثف على مناطق الحوثيين

قصفت طائرات التحالف العربي الذي تقوده السعودية الأحد منزل الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، في صنعاء بعد ليلة من الضربات المكثفة على مواقع المتمردين الحوثيين كما قال شهود.

وأفاد شهود أن غارتين استهدفتا منزل صالح في وسط صنعاء. ويعتقد أن الرئيس اليمني السابق موجود خارج العاصمة.

وبالرغم من تخليه عن السلطة في شباط/فبراير 2012 إثر سنة من التظاهرات الدامية ضد حكمه، يتمتع صالح بتأثير كبير على القوات المسلحة وهو متهم بتسهيل سيطرة الحوثيين على صنعاء وأنحاء أخرى من اليمن خلال 2014 و2015.

وقد شكلت الرياض تحالفا عربيا لدعم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وبدأت حملة ضربات جوية في آذار/مارس ضد المتمردين إثر اقترابهم من معقله في عدن جنوب البلاد.

وشنّت مقاتلات التحالف العسكري ليل السبت غارات على مواقع للحوثيين فيما أعلنت السعودية عن هدنة إنسانية في اليمن تبدأ الثلاثاء وتستمر خمسة أيام.

اقرأوا المزيد: 131 كلمة
عرض أقل
عبد الملك الحوثي
عبد الملك الحوثي

هذا هو الرجل الذي يُشعل اليمن: 5 حقائق عن عبد الملك الحوثي

يدور العديد من الشائعات، في الأيام الأخيرة، في الشبكات الاجتماعية حول موت زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، الرجل الذي نجح في قيادة حالة الغليان في اليمن، مُجددا. من هو عبد الملك الحوثي؟

أعلن تنظيم القاعدة في اليمن، الخميس الماضي (09.04)، عن رسالة غريبة في الشبكات الاجتماعية وفيها يمنح 20 كيلوغرامًا من الذهب الخالص لمن يغتال أو يعتقل الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، والذي حسب التقديرات يدير من مسكنه خارج حدود الدولة الانقلاب الحاصل فيها.

بالإضافة إلى ذلك، أعلن أعضاء التنظيم الإرهابي عن جائزة مماثلة لمن ينجح في إلقاء القبض على زعيم المتمردين الحوثيين، عبد الملك الحوثي. جاء في إعلان التنظيم والذي نشر في اليوتيوب، أن الحديث يدور حول “دعم” و”تحفيز” المسلمين في اليمن للخروج للجهاد ضد القوى التي تحاول الإطاحة بالحكومة الحالية.

https://www.youtube.com/watch?v=1qpljknEPPY

ظهر عبد الملك الحوثي على الساحة وعرف اسمه في كل اليمن في عام 2006 حينما تولى قيادة الحوثيين وعلى رأسهم تنظيم أنصار الله.
أمامكم بعض الحقائق المثيرة حول الرجل الذي يقف وراء حالة الغليان في اليمن.

ولد عبد الملك الحوثي (1979) في محافظة صعدة الريفية وسط عائلة متدينة. كان والده أحد كبار المرجعيات الدينية الزيدية الذي تتلمذ على يدها العشرات من رجال الدين. فكان عبدالملك يتنقل منذ صغره مع أهله ووالده الذي كان يتنقل في وسط أرياف وقرى محافظة صعدة لتدريس العلوم الفقهية ولحل قضايا النزاعات بين الناس.

مظاهرة مؤيدة للقائد الحوثي في اليمن، عبد الملك (AFP)
مظاهرة مؤيدة للقائد الحوثي في اليمن، عبد الملك (AFP)

في منتصف التسعينات ترك عبدالملك الحوثي حياة الريف وانتقل من محافظة صعدة إلى العاصمة اليمنية صنعاء للعيش مع أخيه الأكبر حسين مؤسس جماعة “الشباب المؤمن” (التي عُرِفت فيما بعد بجماعة انصار الله) وهناك اقترب منه كثيراً فتأثر به كثيراً حتى صار فيما بعد بمثابة الأب الروحي له وقدوته التي يقتدي بها وعمل كحارس شخصي لأخيه حسين الذي كان آنذاك عضواً في البرلمان اليمني.

https://www.youtube.com/watch?v=P5TUsOnHxBw

في أواخر العام 2004وقبل أيام قليلة من مقتل حسين بدر الدين الحوثي تلقى عبد الملك منه رسالة مكتوبة تحتوي على توجيهات الخطة العسكرية للمواجهة وما يشبه الوصية بتحمل المسئولية والاستعداد لحمل الراية من بعده. كانت آخر معركة خاضها عبد الملك في تلك المرحلة هيّ عندما كان يحاول مع مجموعة من المقاتلين في قرية تسمى “الجمعة” في محافظة صعدة فك الحصار عن أخيه الذي كان متحصناً هو ومجموعة من مناصريه في داخل كهف. لكن محاولتهم في فك الحصار عنهم بآت بالفشل وقتل حسين بدر الدين الحوثي في العاشر من سبتمبر 2004 وانسحب عبد الملك من موقعه هو ومن معه من المقاتلين.

منذ أن تولى عبدالملك الحوثي قيادة جماعة انصار الله حدث تطور نوعي في أداء الحركة عسكريًا وتنظيميًا وسياسيًا وإعلامياً بل وقادها من نقطة اللاشيء إلى كل شيء فبعد ان كانوا شبه محصورين في محافظة صعدة حتى عام 2011 أصبحوا اليوم يسيطرون على أجزاء كبيرة من محافظات اليمن.

الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح (AFP)
الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح (AFP)

منذ أن اندلعت الثورة الشعبية في اليمن في الحادي عشر من فبراير 2011 والتي أطاحت بنظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح سارع عبد الملك الحوثي القائد الجديد لحركة أنصار الله بالإيعاز إلى جماعته للالتحاق بالثورة واعلنوا انضمامهم لثورة ومشاركتهم فيها. لم يتجه عبدالملك الحوثي نحو إقامة أي تحالفات داخلية معلنة وواضحة ورسمية مع أي مكون سياسي أو ديني في اليمن منذ بداية توليه قيادة جماعة انصار الله في العام 2006 إلى اليوم، غير أن هناك بعض التقارير والأخبار تقول أنه ومنذ اندلاع “الحرب الأهلية” في اليمن نشأ تحالف غير معلن بين الرئيس السابق على عبد الله صالح وعبد الملك الحوثي وأن ذلك التحالف مستمر إلى اليوم وأن ذلك التحالف هو من سهل ووفر لعبد الملك الحوثي وجماعته الكثير من الجهد والوقت من أجل السيطرة على العاصمة صنعاء والعديد من المحافظات الأُخرى.

اقرأوا المزيد: 513 كلمة
عرض أقل
ميليشيات موالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (AFP)
ميليشيات موالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (AFP)

لماذا تدخلت السعودية في اليمن؟

ما الذي تغير ودفع المملكة العربية السعودية إلى تشكيل تحالف عسكري لشن حرباً مفتوحة على كل الاحتمالات في بلد فقير مثل اليمن؟

لم يكن متوقعاً أن تتدخل المملكة العربية السعودية عسكرياً في اليمن بهذه السرعة. فاستطاعت أن تحشد تحالفا يتكون من عشر دول (قطر٬ الإمارات٬ البحرين، الكويت٬ الاردن٬ مصر٬ المغرب٬ السودان٬ وباكستان) وكان التدخل العسكري مفاجئاً؛ حيث لم يسبق وأن شنّت المملكة السعودية حرباً في تاريخها الحديث. إذن، ما الذي تغير ودفع المملكة العربية السعودية إلى تشكيل تحالف عسكري لشن حرباً مفتوحة على كل الاحتمالات في بلد فقير مثل اليمن؟

أعلنت قيادة قوات التحالف العسكري بقيادة المملكة العربية السعودية أن أهداف الضربات الجوية تتمثل في الحفاظ على شرعية الرئيس المنتخب، عبدربه منصور هادي، وحماية الشعب اليمني من المليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس السابق، علي عبدالله صالح٬ وأن الضربات لا تستهدف البنية التحتية اليمنية أو الشعب اليمني، وإنما ستكون ضربات مركزة تستهدف القدرات العسكرية للمليشيات الحوثية وقوات صالح. وصرح مسؤولون سياسيون في السعودية والخليج أن الضربات الجوية أتت بعد استنفاذ كل النداءات والدعوات التي وجهت إلى الحوثيين من أجل التفاوض مع حكومة هادي والابتعاد عن فرض سياسة الأمر الواقع باستخدام القوة العسكرية.

اجتمع وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي مرتين خلال شهر فبراير لتدارس الموقف بعد أن تيقّنوا بأن الحوثيين وحليفهم، الرئيس المخلوع صالح، يعدّون العدة لاقتحام الجنوب حيث كان يتواجد هادي. وفي 21 مارس 2015 بعث هادي برسالة إلى قادة دول مجلس التعاون الخليجي يطلب فيها التدخل العسكري المباشر ضد مليشيات الحوثي، وذلك بموجب معاهدة الدفاع المشترك المنصوص عليها في ميثاق جامعة الدول العربية.

ميلشيات موالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (AFP)
ميلشيات موالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (AFP)

كان الحوثيون وحليفهم الجديد صالح قد سيطروا على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014، وأطاحوا بحكومة الوفاق الوطني، وبعد ذلك أطاحوا بحكومة الكفاءات الوطنية التي شكلت بعد دخولهم صنعاء بناء على اتفاق السلم والشركة الذين كانا طرفاً فيه وهم من صاغ بنوده. ومن ثم قاموا بوضع هادي وأعضاء حكومته تحت الإقامة الجبرية وإجبارهم على الاستقالة في 22 يناير 2015. واستمر الحوثيون في السيطرة على مقدرات الدولة العسكرية والمدنية، وواصلوا زحفهم المسلح للسيطرة وإخضاع باقي المناطق. استطاع هادي أن يفلت من قبضة الحوثيين وذلك بالهروب متخفياً إلى عدن في 21 فبراير 2015، وأعلن من هناك تراجعه عن الاستقالة واعتبر أن ما قام به الحوثيون يعد انقلابا مكتمل الأركان وأن كل القرارات، التي اتخذت بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء، باطلة.

من جانبهم، أعلن الحوثيون أن هادي فاقداً للشرعية ومطلوباً للعدالة٬ وقاموا بصياغة ما أسموه بالإعلان الدستوري الذي بموجبه سيتم تشكيل مجلس وطني لإدارة البلاد، ومجلس أعلى للجان الشعبية، من أجل حفظ الأمن، يترأسه محمد علي الحوثي.

تسارع الأحداث والسباق على الزمن الذي أنتهجه الحوثيون وصالح لفرض الأمر الواقع بالقوة العسكرية، نتج عنه تعطل الحوار السياسي الذي كان يسيّره مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، السيد جمال بن عمر. وكان بن عمر قد أعلن في تقاريره، التي قدمت في شهر مارس، عن تعنّت الحوثيون وعدم اكتراثهم بقرارات مجلس الأمن الدولي السابقة التي دعتهم إلى نبذ العنف والعودة إلى طاولت الحوار.

التحالف العربي يقصف مواقع حوثية قرب مدينة عدن اليمنية (AFP)
التحالف العربي يقصف مواقع حوثية قرب مدينة عدن اليمنية (AFP)

يخطئ من يعتقد أن الهدف الوحيد للحملة العسكرية لقوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية هو فقط حماية الشعب اليمني والحفاظ على الشرعية الدستورية للرئيس هادي. فلم يعد خافيا على أحد تحالف الإيرانيين مع الحركة الحوثية، والذي يرى فيه البعض أكثر من مجرد تحالف، حيث يجزم الكثيرون أن إيران هي من أوجدت الحوثيين ودربتهم منذ تسعينيات القرن المنصرم. الحوثيون لم يخفوا عدائهم للملكة العربية السعودية وكذا لم ينكروا الدعم الإيراني لهم، بل أنهم يتفاخرون بأنهم حلفاء لإيران — التي يصفونها بقائدة الممانعة في وجه الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. في اليوم التالي لخروج الرئيس هادي إلى عدن، توجه وفد من الحوثيين إلى طهران وأعلنوا عن عقد اتفاقيات في مجالات تعاون عديدة٬ وكنتيجة بدأ الطيران الإيراني بتسيير رحلتين إلى صنعاء في الأسبوع الواحد. كما استقبل الحوثيون سفينة أسلحة من إيران عبر ميناء الحديدة٬ بالإضافة إلى المناورات العسكرية التي قام بها الحوثيون من على الحدود السعودية والتي اعتبرت استفزازاً غير مبرر٬ في الوقت الذي رفع فيه الإعلام التابع للحوثيين من حدة الهجوم على المملكة العربية السعودية.

يتهم الحوثيون المملكة العربية السعودية بأنها تتدخل في شؤون اليمن بشكل هدام وبما لا يخدم مصالح الشعب، حيث رفضوا المبادرة الخليجية التي تبنتها السعودية في العام ٢٠١١ لإخراج الرئيس السابق من السلطة، بحجة أنها منحت الحصانة لصالح. ومن المفارقات أن الحوثيين اليوم يتحالفون مع صالح ضد هادي ودول مجلس التعاون الخليجي. وكذا تُتّهم السعودية بأنها تمول القبائل والقاعدة ومراكز القوى، التي يصفها الحوثيون بالفاسدة، وبأنها أيضاً موّلت الحروب التي قادها صالح ضدهم منذ العام ٢٠٠٤ وحتى العام ٢٠١٠.

الحفاظ على شرعية الرئيس هادي والدفاع عن الشعب اليمني كانت من العوامل التي دفعت إلى التدخل في اليمن، لكن التهديد الذي يشكله الحوثيون للأمن القومي للمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، والمنطقة العربية بشكل عام، كان ذات أهمية قصوى. ففي ظل نفودها الغير مسبوق في العراق، لا يمكن السماح لإيران بالسيطرة على شبه الجزيرة العربية وإعاقة التقدم الذي شهده اليمن في السنوات الأخيرة. وهذا هو بالضبط ما يمكن أن يفعله الحوثيون، الذين يمثلون أقلية في اليمن، لو كان الأمر بيدهم.

نشر هذا المقال لأول مرة على موقع منتدى فكرة

اقرأوا المزيد: 761 كلمة
عرض أقل
الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح (AFP)
الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح (AFP)

الرجل الذي سلّم مفاتيح اليمن للإيرانيين

كيف نجح نحو 20,000 شخص فقط في السيطرة خلال مدة قصيرة على الدولة الثانية في حجمها في شبه الجزيرة العربية؟ لفهم من يقف وراء سقوط اليمن، علينا أن نتعرف على الرئيس السابق علي عبد الله صالح، "طائر الفينيق" الذي اجتاز الخطوط

في 26 مارس (2015) انطلقت عملية “عاصفة الحزم”. هاجم السعوديون وحلفاؤهم في الخليج جوّا أهدافا للمتمرّدين الحوثيين في اليمن، وفجأة سطع نجمها وسط جدول الأعمال العالمي والشرق أوسطي.

وينشر الكثير من وسائل الإعلام، التي لم تنشغل منذ وقت طويل على الإطلاق بهذا البلد الضخم والمهم، في هذه الأيام ، الأخبار بانتظام خارطة السيطرة لعناصر القوة المختلفة في اليمن: الحوثيون، موالو الرئيس وتنظيم القاعدة. ولكن من المرجّح أن تتغيّر هذه الخارطة خلال أيام عدّة مرات. على أية حال، من أجل محاولة فهم ما يحدث في اليمن علينا أن نفهم بأنّها ليست فقط قضية “شيعة ضدّ سنّة” أو “موالي إيران ضدّ موالي السعودية”، وإنما صورة أكثر تعقيدا، تشمل العديد من اللاعبين.

اتحاد مصطنع

جندي موالي لعالي عبدالله صالح (AFP)
جندي موالي لعالي عبدالله صالح (AFP)

اليمن اليوم هي دولة تم إنشاؤها من توحّد دولتين. تم الإعلان عام 1990 عن الوحدة بين شمال اليمن، التي كان يقودها ائتلاف عسكري – قبلي – ديني برئاسة علي عبد الله صالح حينذاك. حيث اجتمع حول طاولة حزب “المؤتمر الشعبي العام”، زعماء اتحادات القبائل الكبرى من حاشد وبكيل ونخبة من ضباط الجيش، مع جنوب اليمن، الذي كان جمهورية ماركسية، تحت حماية الاتحاد السوفياتي. ورغم أنه قد تم الإعلان في اتفاقات الوحدة بأنّ اليمن سيتوحّد بشكل كامل، ولكن في حقيقة الواقع كان ذلك اتحادا مصطنعًا لا أكثر، لأنّه اشتمل بشكل حصري على تقسيم المناصب بين النخب الشمالية والجنوبية دون أن يقوم بأية محاولة في تكوين شعب يمني واحد.

وقد حوّل الواقع الذي نشأ، والذي عملت فيه النخب الجنوبية والشمالية على تحييد بعضهم البعض، الدولة من دولة موحّدة إلى دولة مشلولة. ناهيك عن الفقر المدقع الذي ساد فيها وعزلتها عن العالم العربي، بسبب دعمها لغزو صدام حسين للكويت. عام 1994، وعلى خلفية إعلان النخب الجنوبية عن انسحابها من الاتحاد وعن إقامة دولة جنوب يمن جديدة، اندلعت حرب أهلية انتصرت فيها قوات الرئيس صالح. استطاع الرئيس الذي أظهر قبل الاتحاد قدرة مثيرة للإعجاب على المناورة بين عناصر القوة المختلفة في البلاد، أن يجنّد الأوساط الإسلامية لصالحه وخصوصا أنصار حركة “الإصلاح”؛ وهي حزب إسلامي، لديه قاعدة قبلية واسعة، وقد كان لديه قاعدة دعم سواء في أوساط السنة أو الزيدية.

عمل الرئيس صالح في السنوات التي تلت الحرب الأهلية على ترسيخ حكمه وحكم حزبه؛ المؤتمر الشعبي العام، مع دفع جميع عناصر القوة التي وقفت في طريقه إلى الهامش، بما في ذلك أعضاء “الإصلاح”. عيّن عبد ربّه منصور نائبًا له، وهو رجل عسكري سنّي، كان جنرالا في جيش الجنوب حتى انشقاقه ولجوئه إلى الشمال عام 1986. حتى نهاية التسعينيات عمل صالح وهادي سويّة، وفي نهاية ذلك العقد كان يبدو أنّ اليمن يرسم طريقه نحو تقليص الفقر والفوضى، من بين أمور أخرى، بفضل تسوية النزاعات بين جيرانه ومع الولايات المتحدة، وبفضل عائدات النفط التي بدأت بالتدفّق أكثر فأكثر إلى خزينة الدولة. في تلك السنوات، حدث أيضًا انخفاض معيّن في مستوى العنف بالبلاد.

https://www.youtube.com/watch?v=uDBXFRE9HyE

صعود الحوثيين

منذ نهاية عام 2000، بدأ اليمن بالانحدار إلى فوضى جديدة تشكّلت في البلاد. عزّز تنظيم القاعدة من حضوره، مع استغلاله لمزاياه بشكل تامّ: التضاريس التي تصعّب على السلطات الوصول إلى أراض واسعة في البلاد، حقيقة أن أصول عائلة بن لادن تعود لليمن، الفقر المدقع الذي يعاني منه معظم سكان البلاد، حقيقة أنّه في اليمن هناك لدى كلّ شخص تقريبا سلاح أيا كان، تيّار اللاجئين الكبير الذي وصل إلى اليمن من دول القرن الأفريقي واتجاهات التطرّف التي ظهرت في أوساط الأحزاب الإسلامية، وخصوصا حزب “الإصلاح”. أضعفت التفجيرات الكثيرة التي تم تنفيذها في أراضي اليمن ومن أراضي اليمن من قبل القاعدة، سواء ضدّ أهداف يمنية أو ضدّ أهداف أجنبية، شرعية حكومة صالح وجلبت معها تدخّلا عسكريا أجنبيا في اليمن.

في المقابل، بدأت – دون أن يلاحظ أحد تقريبا – تعمل في منطقة صعدة، المجاورة للحدود مع السعودية، حركة الحوثيين. قامت تلك الحركة في الواقع في بداية التسعينيات تحت مسمى “الشباب المؤمن” وكحركة اجتماعية – ثقافية تهدف إلى مواجهة تعزّز الحركات السلفية والتيارات الموالية للوهابية في منطقة صعدة والمنطقة المحيطة بها. وقد سعت إلى العمل من أجل تحسين أوضاع السكان اليزيديين الاقتصادية في تلك المنطقة. كان قائد الحركة حسين بدر الدين الحوثي، رجل دين كاريزماتي، والذي رغم كونه زيديا وليسا من التيار الشيعي الإثني عشري، مقبولا جدّا على إيران بل وأقام فيها لمدة طويلة، مع ربطه للعلاقات الوثيقة مع مسؤولي الحكومة الإيرانية، وعلى رأسهم المرشد الأعلى علي خامنئي.

أنصار الحوثيين يتظاهرون (Abdel Rahman Abdallah / AFP)
أنصار الحوثيين يتظاهرون (Abdel Rahman Abdallah / AFP)

في بداية العقد الماضي، كان الحوثيون لا يزالون حركة صغيرة، لم تزعج راحة السلطات اليمنية، ناهيك عن بقية الجهات الخارجية. بل وقد سعى الرئيس صالح، الذي أدرك بعد تفجيرات 11 أيلول 2001 بأنّ تنظيم القاعدة والتيارات الأصولية السنّية تشكّل خطرا على نظامه، إلى التقرّب من “الشباب المؤمن” وحسين بدر الدين الحوثي. في البداية، كان حسين وأنصاره راضين، ولكن بعد غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003 بدّلوا جلودهم وزعموا أن صلاح ونظامه من المتعاونين مع الأمريكيين. ومنذ ذلك الحين، بدأت الأمور بالتدهور. بين عامي 2004-2009، اندلعت ما لا يقلّ عن ستّ جولات من المواجهات المسلّحة بين القوات الموالية لعائلة الحوثيين وبين وجيش صالح. وقد قُتل حسين بدر الدين الحوثي في إحدى المعارك عام 2004 وحلّ مكانه كقائد للحركة أخوه، عبد الملك الحوثي.

“الربيع العربيّ” وطائر الفينيق: صالح يعود من جديد

تفكّك اليمن خلال العقد الماضي بسرعة وأصبحت سلطات البلاد غير فعالة إطلاقًا، ليس فقط ضدّ الحوثيين، وإنما أيضًا ضدّ تنظيم القاعدة، وبالطبع ضدّ القبائل الكبرى، التي قامت كلّ منها بما تراه مناسبا. وقد تسبّبت أحداث “الربيع العربيّ” التي بدأت عام 2010 في تونس واشتعلت كالنار في الهشيم في جميع أنحاء العالم العربي، في تدهور الوضع في اليمن بشكل أكبر. أصيب الرئيس صالح في 3 حزيران 2011 إصابة بالغة بنيران مدفعية استهدفت القصر الرئاسي. تمّ نقله لتلقي لعلاج في السعودية وبشكل مفاجئ جدّا عاد إلى بلاده بعد عدّة أشهر، وإنْ كان قد استقال من منصبه بسبب وضعه الصحّي والضغوط الكبيرة التي مورستْ عليه في 25 شباط عام 2012. حلّ مكانه الرئيس الحاليّ، عبد ربّه منصور هادي.

الرئيس اليمني المعترف به دوياً السيد عبد ربه منصور هادي (AFP)
الرئيس اليمني المعترف به دوياً السيد عبد ربه منصور هادي (AFP)

وخلافا لطرق تغيير النُظم الأخرى في العالم العربي، والتي يموت الحاكم السابق فيها، أو يرسل إلى السجن، أو يفرّ خارج البلاد أو يُطرد منها؛ فلم يحدث شيء من هذا مع صالح. رغم استقالته، ورغم إقامته لعدّة أشهر في السعودية والولايات المتحدة، عاد في النهاية إلى اليمن. فضلا عن ذلك، استمر في العمل السياسي، مع مواصلته لتولّي منصب رئيس حزب “المؤتمر الشعبي العام”، واستمرّ في التأثير والسيطرة على وحدات جيش عديدة، بواسطة أقاربه من الدرجة الأولى والثانية. في هذه الفترة، تحالف صالح، الذي اعتُبر لما يقارب الأربعين عاما وكأنه “طائر الفينيق” الذي يعرف كيف يقف على قدميه دائما، تحالف مع الحوثيين، رغم أحداث العقد الماضي، وأدار ظهره لحلفائه القدماء وعلى رأسهم حزب “الإصلاح” ورعاته السعوديين.

ميليشيات موالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (AFP)
ميليشيات موالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (AFP)

ويبدو أنّ تحالف صالح مع الحوثيين هو السبب الحقيقي لانتصاراتهم وتوسّعهم الإقليمي. قيل كثيرا عن الدعم بالمال والسلاح والذي يحصل عليه الحوثيون من إيران، ولكن على الرغم من أن الحديث هو فعلا عن مساعدة كبيرة تتدفّق على مدى أكثر من عشرة سنوات، فلم يكن باستطاعتهم الوصول إلى إنجازاتهم الحالية دون التحالف مع صالح، وقد منحهم هذا الحلف دعم وحدات النخبة في الجيش اليمني، التي كانت خاضعة لأقارب صالح بالإضافة إلى الحصول على الأسلحة الثقيلة، بما في ذلك الدبابات، الطائرات المقاتلة، الصواريخ والقذائف.

يوضّح الحلف الغريب – إنْ جاز التعبير – بين الحوثيين وصالح وأنصاره أكثر من أي شيء الواقع اليمني؛ وهو واقع تقوم فيه التحالفات أو تسقط انطلاقا من المصالح الضيّقة للقبيلة، الطائفة أو المجتمع، وليس انطلاقا من المصلحة الوطنية. علينا هنا أن نتذكر بأنّ صالح جاء من عشيرة زيدية، تنتمي إلى قبيلة سنحان؛ وهي إحدى القبائل الرئيسية في اتحاد قبائل حاشد، وعلى ضوء هذه المعطيات ربما يكون من الأسهل أن نفهم “المنعطف” الذي قام به صالح من الحرب ضدّ الحوثيين إلى دعمهم. استطاع صالح أن يدرك بأنّ لغة الحديث المسيطرة في اليمن اليوم هي دينية – طائفية، ولذلك كان من السهل عليه أن يضع نفسه في المعسكر الزيدي.

نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في موقع ميدا

اقرأوا المزيد: 1203 كلمة
عرض أقل
  • كيري سيبقى في لوزان حتى صباح الخميس على اقل تقدير ( AFP PHOTO / FABRICE COFFRINI)
    كيري سيبقى في لوزان حتى صباح الخميس على اقل تقدير ( AFP PHOTO / FABRICE COFFRINI)
  • أنصار الحوثيين يتظاهرون (Abdel Rahman Abdallah / AFP)
    أنصار الحوثيين يتظاهرون (Abdel Rahman Abdallah / AFP)
  • صورة لأعضاء الكنيست بعد اداء يمين الولاء (Flash90/Miriam Alster)
    صورة لأعضاء الكنيست بعد اداء يمين الولاء (Flash90/Miriam Alster)
  • لصورة الطفلة عدي هودايا مقطعة القلب (عثمان ساغرلي)
    لصورة الطفلة عدي هودايا مقطعة القلب (عثمان ساغرلي)
  • حسن نصر الله ونجله جواد نصر الله (Twitter)
    حسن نصر الله ونجله جواد نصر الله (Twitter)

الأسبوع في 5 صور

محادثات النووي في لوزان تتواصل، صورة لطفلة سورية تجعل العالم يتأثر وابن نصر الله يتألق في تويتر

03 أبريل 2015 | 10:20

كما في كل أسبوع، نلخص لكم الأحداث الأبرز التي وقعت هذا الأسبوع: اندلاع الحرب ضد الحوثيين في اليمن، محادثات النووي بين إيران والدول العظمى في لوزان، أداء يمين الولاء من قبل أعضاء الكنيست الجدد وطفلة سورية صغيرة، نجحت في جعل كثير من الناس حول العالم يتأثرون. إليكم عددا من قصص الأسبوع بالصور.

محادثات النووي تتواصل في لوزان

تترقب عيون العالم ماراثون المفاوضات بين إيران والدول العظمى في لوزان بهدف التوصل إلى اتفاق بخصوص النووي الإيراني. أبلغت الوزارة الأمريكية أن وزير الخارجية جون كيري سيبقى في لوزان كي يحاول التوصل إلى اتفاق مع طهران. وزير الخارجية الفرنسي: “نحن على بُعد أمتار من خط النهاية”.

عاصفة الحزم

هي حملة عسكرية بتحالف دول عربية ومسلمة، بدأت في 26 آذار 2015، بهدف ردع المتمردين الحوثيين الذين احتلوا أجزاء واسعة من اليمن، ومساعدة الرئيس المقال، عبد ربه منصور هادي على السيطرة من جديد على البلاد.

تقف المملكة العربية السعودية على رأس الحملة، وانضمت إليها الإمارات العربية المتحدة، الكويت، البحرين، قطر، الأردن، مصر، المغرب والسودان.

لقد خشيت جارات اليمن ودول الإقليم أن ينجح المتمردون الشيعيون، المدعومون من إيران، في احتلال اليمن بكامله على ضوء تقدمهم نحو المدينة الجنوبية عدن، حيث أقام الرئيس المخلوع حكومة معارضة. لقد حظيت الحملة بدعم الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، فرنسا وتركيا وجامعة الدول العربية. بالمقابل، طالبت الصين، روسيا، إيران، سوريا وحزب الله بوقف الحملة.

الطفلة السورية

لأول وهلة، هذه صورة أخرى، تمس القلب، لطفلة سورية بريئة ذات عينتين حزينتين. لكن من وراء الصورة المحطمة للقلب، يقف تحولها غير الغريب إلى إحدى الصور الأكثر مشاركة في الأيام الأخيرة.

إنها صورة التقاطه الصحفي التركي، عثمان ساغرلي، في مخيّم اللاجئين على الحدود السورية- التركية. صاحبة الصورة هي عدي هودايا ذات الأربع سنوات، التي تعيش مع أمها وأخيها في مخيّم اللاجئين بعد أن قُتل أبوها في تفجيرات حماة عام 2012.

عندما توجه المصور بكاميرته المعدّة نحو الطفلة لتصويرها، اعتقدت الطفل أنها سلاح لذلك رفعت يديها فورًا، مستسلمة.

أداء يمين الولاء في الكنيست من قبل الأعضاء الجدد

يومَ الثلاثاء الأخير، بعد أسبوعين بالضبط من المعركة الانتخابية حامية الوطيس التي مرت على إسرائيل، أقسم 120 نائبا جديدا يمين الولاء في الكنيست والذين استلموا منصبهم بعد ذلك القسم.

من بين الأحزاب الكبرى في الكنيست الحالي (الكنيست الـ 20): حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو (30)، المعسكر الصهيوني بزعامة يتسحاق هرتسوغ وتسيبي ليفني (24)، ومفاجأة الانتخابات القائمة العربية المشتركة مع 13 مقعدا في الكنيست الإسرائيلي.

في هذه الأيام، اجتهد نتنياهو في تشكيل حكومة إسرائيل القادمة التي سيعلن عنها أخر شهر نيسان أو بداية شهر أيار على الأكثر.

ابن نصر الله

تنقسم الساحة اللبنانية في الشأن اليمني بين مؤيد للتحالف العربي ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، ولا سيما السعودية التي تقود هذا التحالف، وبين مناصر للحوثيين وامتداداتهم في المنطقة، وعلى رأسها إيران وحزب الله. وتجلى طيف من هذا الانقسام قبل أيام عبر قناة “الجديد” اللبنانية، حين هاجمت القناة خطاب الأمين العام لحزب الله حول اليمن، مما أثار غيظ نجله، جواد نصر الله، الذي لا يظهر عادة على “الشاشة”، مدافعا عن والده ومهاجما قناة “الجديد” بانفعالية شديدة‎.‎

وبدأ الشجار بين الطرفين بعدما وصفت القناة خطاب الأمين العام لحزب لله، حسن نصر الله، بأنه يتسم بالانفعالية أكثر منها المنطق، وإن كان هنالك منطق في خطابه فلا سيما أنه المنطق الإيراني، هذا بعدما هاجم نصر الله وقوف سعد الحريري مع السعودية ووصف موقفه بأنه موقف مفروغ منه. وفي أعقاب هذه المقدمة، شن نجل الأمين العام، جواد، حربا على “الجديد” عبر هاشتاغ‏‎ #‎‏دكانة_الجديد، متطاولا على أصحاب القناة وأبزر شخصياتها‎.‎

اقرأوا المزيد: 526 كلمة
عرض أقل
الحرب الأهلية في اليمن (AFP)
الحرب الأهلية في اليمن (AFP)

هادي، الحوثيون، القاعدة: مَن ضد مَن في اليمن؟

قررت المملكة العربية السعودية، ردًا على السيطرة على القصر الرئاسي في عدن، بالتعاون مع جاراتها، شن عملية واسعة النطاق، أطلقت عليها اسم "عاصفة الحزم". من هم الحوثيون؟

تعود الأزمة في اليمن إلى الخلافات السياسية، القبلية، الإقليمية والطائفية في الدولة، الأمر الذي يخلق صراعًا مُعقدًا يجذب إليه عملاقة النفط، المملكة العربية السعودية، ودولتها العدوة في المنطقة – إيران. هنالك أوجه كثيرة للصراع الدموي الذي يحصد في هذه الأثناء أرواح الكثيرين.

الرئيس اليمني المعترف به دوياً السيد عبد ربه منصور هادي (AFP)
الرئيس اليمني المعترف به دوياً السيد عبد ربه منصور هادي (AFP)

من أجل فهم خارطة المصالح في تلك الدولة المتشرذمة ولماذا بدأت المملكة العربية بعملية “عاصفة الحزم”، إليكم 5 حقائق عن الحوثيين والحرب الدامية في اليمن:

1. يُقاتل المتمردون الحوثيون، الذين يتركزون في شمال – غرب اليمن، ضد الحكم المركزي في صنعاء منذ عام 2004، حين كان لا يزال رئيس البلاد هو علي عبد الله صالح، حليف الولايات المتحدة، الذي حكم البلاد حكمًا استبداديًا طوال أكثر من ثلاثة عقود. حاليًا، بعد مرور أكثر من عقد على بداية الثورة، يبدو الحوثيون على بُعد خطوة من تنفيذ انقلاب في اليمن.

2. ينتمي الحوثيون، بخلاف معظم الشعب اليمني، الذي ينتمي للتيار الإسلامي السني، لطائفة الزيديين الشيعية. يعود اسم هذا التيار إلى الإمام زيد بن علي، الذي قُتل بعد أن تمرد على حكم الأمويين عام 740 للميلاد.

ميليشيات موالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (AFP)
ميليشيات موالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (AFP)

3. استغل قائد هذا التيار، في حينه، حسين الحوثي، الغضب الشعبي الذي جاء نتيجة اجتياح الولايات المُتحدة للعراق ليحقق مكاسب سياسية وأعلن تمردًا ضد صالح. قُتل الحوثي عام 2004، بينما تابع مؤيدوه صراعهم المسلح في منطقة صعدة في شمال البلاد. تدخلت السعودية، الداعمة للنظام المركزي السني، فيما يحدث في شمال اليمن؛ عام 2009، وبدأت بشن عمليات عسكرية، من جانب واحد، ضد الحوثيين في المناطق الحدودية. تم التوصل، بعد عام من ذلك، إلى وقف لإطلاق النار وصمد ذلك الاتفاق، بشكل متزعزع، حتى عام 2011.

صورة من تلفزيون المنار التابع لحزب الله بتاريخ 20 كانون الثاني/يناير 2014 لعبد الملك الحوثي يدلي ببيان من موقع لم يكشف عنه في محافظة صعدة شمال غرب اليمن  (تلفزيون المنار/اف ب)
صورة من تلفزيون المنار التابع لحزب الله بتاريخ 20 كانون الثاني/يناير 2014 لعبد الملك الحوثي يدلي ببيان من موقع لم يكشف عنه في محافظة صعدة شمال غرب اليمن (تلفزيون المنار/اف ب)

4. تم عزل صالح عن الحكم في عام 2012 في أوج موجة التمرد التي اجتاحت العالم العربي. تم استبداله بنائبه، عبد ربه منصور هادي، باتفاق تضمن نقل الصلاحيات بهدوء والذي تمت رعايته من قبل دول الخليج والغرب. يحتل الحوثيون، مذاك، مكانة هامة وتحولوا إلى حركة سياسية قومية تُقاتل الذراع العسكري لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. سيطر الحوثيون في عام 2014 على صنعاء، قاموا بنصب حواجز على الطرقات وقاموا بتنصيب رجالهم في الكثير من مؤسسات الحكم، مع قطعهم وعود لإدخال تغييرات سياسية في الدولة. إلا أنهم يتعرضون، منذ ذلك الحين، إلى عمليات يومية، تقريبًا، من القاعدة.

حوثيون (Yemen Fox)
حوثيون (Yemen Fox)

5. يتلقى الحوثيون، الذين يقودهم حاليًا عبد المالك الحوثي؛ البالغ من العمر 33 عامًا، من إيران دعمًا ماديًا، عسكريًا ولوجستياً. ينفي الحوثيون هذا الادعاء، ولكن السلطات اليمنية كانت اعترضت سفنًا تحمل أسلحة إيرانية كانت مُعدّة للنقل إليهم. أدى تعاظم قوة الحوثيين إلى ضعف كبير للحكومة اليمنية. يطالب الحوثيون بصلاحيات أكبر في وزارات الحكومة للتيار الزيدي، الذي يُشكل 33% من الشعب اليمني، ويطالبون بأن تتضمن مسودة الدستور الجديد تقسيم اليمن إلى منطقتين بدل ست مناطق، الأمر الذي سيعزز مكانتهم.

يأتي تدخل دول الخليج، بوجود خطاب القاعدة المعادي للشيعة وللحوثيين، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، بدعم من الولايات المتحدة والخلافات الإثنية في اليمن، ليزيد من خطر حدوث المزيد من سفك الدماء بين القبائل والجماعات الإثنية التي من شأنها أن تُقسم اليمن، المُقسمة أصلاً والدولة الأفقر في الشرق الأوسط.

اقرأوا المزيد: 462 كلمة
عرض أقل
محاكمة أعضاء ينتمون لتنظيم القاعدة في اليمن (AFP)
محاكمة أعضاء ينتمون لتنظيم القاعدة في اليمن (AFP)

ذراع القاعدة الطويل في اليمن

يثبت الهجوم الأخير في باريس أن التنظيم ما زال يمتلك القدرة التي ميّزته في السنوات السابقة: الوصول إلى أهداف بعيدة بواسطة أذرعه

لمن يتابع مسار الإرهاب في الشرق الأوسط، والتقارير التي تُشير إلى أن سعيد الكواشي، أحد من قاموا بالعملية الهجومية على مؤسسة شارلي ايبدو في باريس، قد اجتاز سلسلة من التدريبات في معسكرات القاعدة في اليمن، فلن يجد الأمر مفاجئا.

حسب التقارير من عدة جهات إعلامية، اجتاز الكواشي سلسلة تأهيل في استعمال وتحضير القنابل في اليمن تحت رعاية القاعدة. فرع القاعدة اليمني، المكوّن عمليا من لاجئي التنظيم السعودي، قد أثبت في السابق قدراته، المبهرة والمقلقة على حدٍّ سواء، في الوصول إلى الأهداف البعيدة بعدا كبيرا عن حدود الدولة اليمنية وإصابتها. يُعرف التنظيم في أوساط المخابرات بقدراته ومهاراته العالية وقد صنفت مؤسسات المخابرات الأمريكية التنظيم كأخطر التنظيمات على أمنها القومي منذ 2008، قبل مدة طويلة من موجة الانقلابات في 2011.

لكن مُذّاك، تحت غطاء الفوضى التي اجتاحت اليمن منذ الثورة على الرئيس السابق علي عبد الله صالح، متّنت القاعدة قاعدتها ووسعت سيطرتها على مناطق كثيرة في الدولة. لقد تلقى التنظيم ضربات قاصمة في السنوات الأخيرة من الجيش اليميني بتغطية طائرات أمريكية، وعلى يد المتمردين الحوثيين الشيعيين، الذين خرجوا في السنة الأخيرة من معقلهم في محافظة صعدة الشمالية واستولوا على مناطق واسعة في اليمن.

أنور العوالقي (Wikipedia)
أنور العوالقي (Wikipedia)

بسبب الأعمال الواسعة والمركّزة للجيش اليميني، اضطرت القاعدة إلى الانسحاب من المناطق التي احتلها جنوب اليمن بعد 2011. لكن مع ذلك، يحافظ التنظيم على معاقله في مركز اليمن وينجح دائما في تنفيذ عمليات فتاكة ضد القوات الأمنية اليمنية وضد المتمردين الحوثيين.

عدا عن الصراعات التي تديرها القاعدة في شبه الجزيرة العربية في اليمن، أثبت التنظيم عدة مرات سابقا قدرته في استهداف أهداف غربية وعربية حتى خارج حدود الدولة. في كانون الثاني 2009، أعلِن عن التوحيد ما بين الذراع السعودية للقاعدة، التي تلقت ضربة قاصمة من قوات الأمن السعودية، وبين الذراع اليمينة تحت اسم “قاعدة شبه الجزيرة العربية”. لقد أسس التنظيم نفسه في اليمن وبدأ بتنفيذ عمليات ضد أهداف عالمية متنوعة. في نفس السنة، كاد انتحاري بعثت به القاعدة اليمنية أن ينجح في قتل ابن وزير الداخلية السعودي حينئذٍ، محمد بن نايف، حين استضاف الأخير أناسا في بيته في جدة. الانتحاري، الذي يُعرَف عنه أنه ناشط إرهابي لكنه اجتاز عملية “العودة للأفضل” قام بتفجير عبوة حملها حول جسمه. أصيب ابن نايف، الذي لم يكن مستهدفا صدفة، بل كان على رأس الصراع الذي أدارته السعودية ضد الجهات الإرهابية في الدولة، إصابات طفيفة فقط.

أدى توحيد القواعد السعودية واليمنية للقاعدة سنة 2009 إلى ازدياد التعاون بين القوى الأمنية اليمنية والأمريكية، التي زادت من هجماتها من طائرة بلا طيار على معاقل ونشطاء التنظيم. لقد أدى هذا التعاون إلى جعل القاعدة تستحث جهودها المكثفة من أجل استهداف أهداف أمريكية.

https://www.youtube.com/watch?v=ix9YKHJqLyI

في عيد الميلاد 2009، حاول التنظيم، بمساعدة عضو نيجيري متدربٍ في اليمن، تفجير طائرة أمريكية وإسقاطها أرضا. وصل الناشط، عمر فاروق عبد المطلب، إلى اليمن من أجل التدرب على العملية ضد الولايات المتحدة. لقد استقل الطائرة عائدا إلى إفريقيا والقنبلة مخبأة في سرواله. ثم من إفريقيا استقل طائرة أخرى إلى هولندا ومن هناك إلى دترويت. حين كانت الطائرة في أجواء الولايات المتحدة، حاول عبد المطلب تفجير القنبلة لكن بعد عطل فيها بدأت تشتعل ولم تنفجر. نجح طاقم الطائرة والأمن في السيطرة على الاشتعال والمخرب، والذي حُكم عليه بالمؤبد في الولايات المتحدة.

أنور العولقي، مسؤول التنظيم الرفيع الذي اغتيل في 2011

في محاولة أخرى، أرسل نشطاء القاعدة قنابل متفجرة مخبأة في عبوات حبر للطابعات من اليمن للولايات المتحدة. كان يُفترض على ما يبدو أن تنفجر القنابل والطائرة محلقة في الجو لكن التفجير مُنع بفضل معلومات استخبارية وصلت من الاستخبارات السعودية. لقد ضُبطت إحدى القنابل في مطار دبي بعد أن أرسِلت من اليمن للدوحة، عاصمة قطر، ومن هناك للإمارات. اتخذت القنبلة الأخرى طريقها لدبي، وأرسِلت لألمانيا، حتى ضُبطت في المحطة الثالثة فقط في مطار بريطانيا وتم تفكيكها.

https://www.youtube.com/watch?v=3J2-g1BzO5w

حين فشلت هذه العملية، وجدت القاعدة في شبه الجزيرة العربية طرقا أخرى للتفجير في قلب الولايات المتحدة، بواسطة الدعاية في الإنترنت وتجنيد مفجرين عن بعد. قُتل 13 جنديا أمريكيا حين قام جندي أمريكي مسلم يدعى نضال حسن، والذي تواصل مع الواعظ اليمني الأمريكي للقاعدة، أنور العولقي، عبر البريد الإلكتروني، بإطلاق النار في قاعدة أمريكية في بورت هود في تكساس. قُتل العولقي نفسُه بعد ذلك في هجوم طائرة بلا طيار سنة 2011.

نجحت الذراع اليمنية للقاعدة في استهداف المواصلات البحرية في منطقة اليمن والخليج الفارسي. حتى في تشرين الأول 2000، نجح التنظيم في إطلاق قارب بحري محمل بـحوالي 270 كيلوغراما من المواد المتفجرة كي تنفجر بقرب حاملة الطائرات الأمريكية التي توقفت توقفا عاديا للتزود بالوقود في ميناء عدن. لقد أدى التفجير إلى موت 17 جنديا بحريا أمريكيا وأوقع أضرارا تفوق 250 مليون دولار لحاملة الطائرات. سنة 2010، نجحت القاعدة في إصابة ناقلة نفط يابانية مرت من مضيق هرمز، على مشارف الخليج العربي.

في السنة الفائتة وجهت القاعدة في شبه الجزيرة العربية مجهودها في مجابهة انتشار المتمردين الحوثيين واستفرغت وسعها في تنفيذ عمليات كبرى في اليمن. بعد أيّام معدودة فقط من دخول المليشيات الشيعية إلى العاصمة صنعاء، نشر التنظيم بيانا أعلن فيه أن الشيعة كفرة ودعا السنيين إلى حمل السلاح وقتالها. عمليا، لقد خدم التمرد الحوثي تنظيم القاعدة اليمني حيث اضطر الجيش اليمني إلى نقل قواته من الجنوب، التي تقاتل ضد القاعدة، إلى المحافظات الشمالية بغية كبح جماح اجتياح المتمردين الحوثيين. منذ أيلول، تولى التنظيم المسؤولية عن 150 عملية إرهابية في أرجاء الدولة، منها أهداف عسكرية يمنية وأهداف أجنبيه في اليمن.

مظاهرة في اليمن ضد العنف والإرهاب (AFP)
مظاهرة في اليمن ضد العنف والإرهاب (AFP)

لقد قامت القاعدة بهجومين ضد سفارة الولايات المتحدة في اليمن، أصيب فيها رجال الأمن هنالك، ومحاولة اغتيال فاشلة للسفير الأمريكي في اليمن. في عملية أخرى في شهر كانون الأول الأخير، قام نشطاء التنظيم بهجوم ضد قاعدة تابعة لجنود أمريكيين في اليمن. ادعى التنظيم أن الحديث عن عملية انتقام على عملية فاشلة قام بها الجيش الأمريكي في محاولة لإطلاق سراح صحفي اتُخذ رهينة لدى القاعدة، قُتل في العملية عدة نشطاء من القاعدة. يضافُ أن التنظيم قد نفذ هجوما بواسطة سيارة مفخخة ضد السفارة الإيرانية في صنعاء، مدعيا أن إيران تُسلح وتدعم المتمردين الحوثيين.

يثبت آخر هجوم في باريس أن القاعدة في شبه الجزيرة العربية رغم وجودها في ذروة معركة عسيرة ونازفة في أرضها، ما زالت تمتلك قدرات ميّزتها في السنوات الماضية: استهداف أهداف بعيدة بواسطة مبعوثين، استعمال وسائل دعائية ووسائل متنوعة. إصرار القاعدة على إصابة أهداف أمريكية شديد للغاية بسبب الضرر الكبير الذي سببته عمليات القصف من الطائرات الأمريكية بلا طيار في اليمن، التي أودت بنشطاء عديدين ومنهم مسؤولو تنظيم رفيعو المستوى. مع ذلك، سيكون الهجوم التالي المرتقب على ما يبدو مفاجئا وغير متوقع كسابقه.

نشر هذا المقال لأول مرة على موقع الشرق الأدنى

اقرأوا المزيد: 998 كلمة
عرض أقل
سواتر اسمنتية وآلية مدرعة امام السفارة الاميركية في العاصمة اليمنية، في 27 كانون الثاني/يناير 2015 (اف ب)
سواتر اسمنتية وآلية مدرعة امام السفارة الاميركية في العاصمة اليمنية، في 27 كانون الثاني/يناير 2015 (اف ب)

الولايات المتحدة تغلق سفارتها في اليمن وتجلي موظفيها

اكد البيان ان "وزارة الخارجية تحض المواطنين الاميركيين على تاجيل السفر الى اليمن، والمواطنين الاميركيين المقيمين حاليا في اليمن على المغادرة"

اغلقت الولايات المتحدة سفارتها في اليمن الى اجل غير مسمى واجلت موظفيها وعائلاتهم بسبب تدهور الاوضاع الامنية في البلاد، على ما اعلنت وزارة الخارجية الثلاثاء.

وجاء في بيان انه “في 11 شباط/فبراير 2015 وبسبب الوضع الامني المتدهور في صنعاء، علقت وزارة الخارجية انشطة سفارتها وتم نقل طاقم سفارة الولايات المتحدة الاميركية خارج البلاد”.

وتابع البيان ان “جميع الخدمات القنصلية والمعاملات الروتينية و/او الطارئة علقت حتى اشعار اخر”.

كما حض البيان الرعايا الاميركيين على مغادرة اليمن.

واكد البيان ان “وزارة الخارجية تحض المواطنين الاميركيين على تاجيل السفر الى اليمن، والمواطنين الاميركيين المقيمين حاليا في اليمن على المغادرة” مشيرا الى “المستوى المرتفع من المخاطر الامنية في اليمن نتيجة انشطة ارهابية واضطرابات اهلية”.

وحذر عبد الملك الحوثي زعيم ميليشيا انصار الله الشيعية خصومه الثلاثاء من محاولة اثارة المشاكل في اليمن بعد سيطرة جماعته على السلطة في صنعاء، في وقت واصلت القوى السياسية اليمنية لليوم الثاني الحوار برعاية الامم المتحدة من اجل الخروج من الازمة، وذلك بالرغم من اتخاذ الحوثيين الشيعة تدابير احادية لاعادة ترتيب السلطة.

كما سعى الحوثي الى طمأنة البعثات الدبلوماسية في البلد المضطرب مؤكدا ان “الوضع الامني مستقر”.

وتعتبر واشنطن اليمن بلدا رئيسيا في استراتيجيتها لمكافحة الارهاب، ويخشى من ان يؤدي الفراغ في السلطة والانفلات الامني الى تعزيز قوة تنظيم القاعدة في هذا البلد.

وسيطر الحوثيون في 21 ايلول/سبتمبر على صنعاء ووقعوا في اليوم ذاته على اتفاق للسلام وتقاسم السلطة مع باقي الاحزاب، الا ان تنفيذ الاتفاق قد فشل.

وفي 20 كانون الثاني/يناير سيطروا على دار الرئاسة، ثم ابرموا اتفاقا جديدا مع الرئيس عبد ربه منصور هادي، لكنه فشل مجددا ما دفع بالرئيس الى الاستقالة مع الحكومة.

وفشلت مشاورات سياسية سابقة اجراها المبعوث الاممي جمال بنعمر بين مختلف الاحزاب اليمنية في التوصل الى حل للازمة الناجمة عن استقالة الرئيس وحكومة خالد بحاح.

اقرأوا المزيد: 271 كلمة
عرض أقل
رجل يمني يخزن القات (Ferdinand Reus)
رجل يمني يخزن القات (Ferdinand Reus)

توطيد العلاقات بين الإسرائيليين والقات

إسرائيل تغرم بالقات اليمني - أسرار القات تُكشف- تعرفوا على النبات الذي يزيد القوة الجنسية، يسكّن الأوجاع ويهدئ النفس

يعيش اليوم حوالي 150,000 يهودي من أصل يمني في إسرائيل، وهم منخرطون في هذه الأيام في كل مجالات الحياة الإسرائيلية، ويتقدمون في مجالات التعليم، الموسيقى والفنون الإسرائيلية. لكن هذه المرة أردنا  أن نذكر لكم  مساهمة أخرى لليهود اليمينيين في إسرائيل- وستجدون من يقول إنها المساهمة الأهم- نبتة القات.

تؤخذ نبتة القات مضغًا، أو ما يدعى بالتخزين، مثل أوراق التبغ والكوكا في دول أخرى. حسب ما يذكر مستهلكو القات، فإنه يبعث إحساسًا بالسرور، النشوة، الانفعال، التيقظ الزائد، القدرة على التركيز، الثقة بالنفس، التودد والإبداع. ويدعي مغنون إسرائيليون كثيرون أن أكثر أغانيهم جودة قد خطرت في بالهم بعد جلسة مطوّلة مُضغت فيها أوراق القات مرة بعد الأخرى.

تنتج كل ورقة تدخل الفم تدريجيًّا نتوءا في جانب الفم الذي مُضغ فيه القات، ويكبر هذا النتوء وينتفخ حسب طول الجلسة. وتخرج عصارته المُرة تدريجيًّا خلال المضغ، الذي يمكن أن يستمر لساعات.

إن إحدى الإشاعات التي جعلت القات مشهورًا جدًا في إسرائيل هو تأثيره على القوة الجنسية لدى الرجال

إن عدد الماضغين للقات في اليمن هو الأكبر عالميًّا ولكن يستهلكه أشخاص آخرون. وفي استطلاع أجري في العالم العربي تبين أن 96% من هؤلاء الذين ذكروا أنهم يمضغون القات بشكل ثابت هم من سكان اليمن. يستورد اليمنيون قاتهم من إثيوبيا، رغم أن أصلها التاريخي من اليمن. ويصل مبلغ تصدير القات من قبل  إثيوبيا إلى اليمن إلى 5.7 مليون دولار كل سنة، ويعتبر القات الإثيوبي الأفضل عالميًا.

زراعة القات في اليمن (Antti Salonen)
زراعة القات في اليمن (Antti Salonen)

قال رئيس اليمن المخلوع، علي عبد الله صالح، سابقا في مقابلة صحفية أنه يواجه الأوضاع الاقتصادية الصعبة ومصاعبه الشخصية بمضغ القات

قال رئيس اليمن المخلوع، علي عبد الله صالح، سابقا في مقابلة صحفية أنه يواجه الأوضاع الاقتصادية الصعبة ومصاعبه الشخصية بمضغ القات. مع ذلك، فقد وعد بالإقلاع عن هذه العادة، لأن مضغ هذه الأوراق، حسب كلامه، يشجع على التكاسل والأوهام ويؤدي لإضاعة الوقت والمال.

إن إحدى الإشاعات التي جعلت القات مشهورًا جدًا في إسرائيل هو تأثيره على القوة الجنسية لدى الرجال. يقول معالجو مشاكل الجنس في إسرائيل الذين يعالجون مشاكل العنّة الجنسية  إن الكثير من الزبائن يستخدمون القات للتغلب على الظاهرة. على أية حال، ما هذه إلا إشاعات لا أساس لها. والعكس هو الصحيح، فوُجد أن منِيَّ  الرجال الذين يمضغون القات أقل كمية من أولئك الذين لا يمضغونه.

كذلك، هناك شائعات أخرى عن أن النساء يستطعن الاستفادة من مضغ القات، وأنهن يلِنَّ بعد المضغ، وتزداد شهوتهن الجنسية. ولكن، في إسرائيل، تُقبل النساء على القات لسبب آخر، وذلك لأنه يسد شهيتهن ويسهل عليهن الحفاظ على حميتهن.

لحسن الحظ الإسرائيلي، ما زال القات في إسرائيل قانونيًّا. لكن في مدن أوروبية كثيرة مثل السويد، وفرنسا وحتى هولندا فإنه يعد مخدرًا ممنوعًا

لحسن الحظ الإسرائيلي، ما زال القات في إسرائيل قانونيًّا. لكن في مدن أوروبية كثيرة مثل السويد، وفرنسا وحتى هولندا فإنه يعد مخدرًا ممنوعًا. فقد ظهرت في إسرائيل، في السنوات الأخيرة، عدة مخدِّرات ترتكز في تركيبها الكيميائي على القات، والتي تكون مسحوقا للاستنشاق، عبر فتحة الأنف. حين ظهر القات في إسرائيل للمرة الأولى  كان قانونيًّا، رغم ذلك، أظهر الفحص المخبري أن استخدامه يشكل خطرًا كبيرًا، ويحتمل أن تسبب وجبة مفرطة منه  مرض جنون العظمة، الجزع، نوبات غضب وحتى فصام الشخصية ومرض الرعاش (باركنسون).

تشكل عصارة القات إحدى صور الشغف الإسرائيلية الجديدة، وخاصة  في الأعراس الإسرائيلية. فبالإضافة إلى الشرب المفرط للمشروبات المسكّرة، يرفع القات من حدة الاحتفال ويحوّله إلى  فرحة خاصة.

عصارة القات (Yoav Dudkevitch / FLASH90)
عصارة القات (Yoav Dudkevitch / FLASH90)

لكن، في نهاية الأمر،  تظهر الأبحاث الطبية أن الهوس بالقات ليس صحيًّا بالمرة. حتى وإن كان قانونيًّا، فإن مضغ القات يرفع ضغط الدم، يزيد من خطر الجلطة القلبية، ويمكن أن يشكل خطرًا فوريًا على الأشخاص الذين يشربون من عصارته ولديهم أمراض أوعية دموية بسبب المضاعفات الجانبية. سواء أكان هذا أم ذاك، لا يبدو أن الإسرائيليين سيتنازلون بسهولة عن القات.

اقرأوا المزيد: 564 كلمة
عرض أقل