أعلن مسؤول يمني محلي ان عددا محدودا من جنود التحالف العربي الذي تقوده السعودية انتشر اليوم الاحد على الارض في مدينة عدن في جنوب اليمن لدعم القوات التي تقاتل الحوثيين.
وقال المسؤول لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن اسمه “دخلت قوة محدودة من التحالف الى عدن وهناك قوة اخرى قادمة” وذلك بعدما كان التحالف العسكري العربي يكتفي حتى الآن بشن غارات جوية ضد مواقع الحوثيين وحلفائهم في اليمن.
طفل يمني يعبر وسط الركام في بني مطر في 4 نيسان/ابريل 2015 (AFP)
المتمردون يتقدمون في عدن والسكان ينتظرون عمليات الإغاثة
طلبت طهران مساعدة سلطنة عمان في التوصل إلى وقف "فوري" لضربات التحالف العربي الذي يشن منذ 26 آذار/مارس الماضي حملة بقيادة السعودية ضد المتمردين في اليمن
أحرز المتمردون تقدما في عدن ثاني مدن اليمن حيث ينتظر آلاف السكان عمليات الإغاثة، في حين لم يصدر أي رد سعودي على طلب موسكو وقف الضربات الجوية ضد الحوثيين الشيعة الذين تدعمهم إيران.
وبحسب وسائل إعلام إيرانية، طلبت طهران مساعدة سلطنة عمان في التوصل إلى وقف “فوري” لضربات التحالف العربي الذي يشن منذ 26 آذار/مارس الماضي حملة بقيادة السعودية ضد المتمردين في اليمن.
وعمان التي تقيم علاقات جيدة جدا مع إيران، هي الدولة الخليجية الوحيدة التي لا تشارك في التحالف.
وأفاد المصدر ان وكيل وزارة الخارجية الإيراني، حسين عبد اللهيان، سلم مسؤولين عمانيين الجمعة رسالة تؤكد “ضرورة المساعدة في وقف الهجمات على اليمن فورا ومنع امتداد الحرب إلى المنطقة”.
ميدانيا، ورغم الضربات الجوية، حقق الحوثيون والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، تقدما خلال الليل في المعلا، في وسط عدن، وسيطروا في الساعة الثالثة (منتصف الليل تغ) على مقر الإدارة المحلية وضمنها مكتب المحافظ.
وأفاد شهود أن المتمردين قصفوا مناطق سكنية خلال تقدمهم وأضرموا النيران في عدد من المباني والحقوا أضرارا بأخرى. وأضافوا أن بعض السكان وجهوا نداء إغاثة مطالبين بوقف القصف الذي دفع بعشرات العائلات إلى الفرار من منازلها.
إلى ذلك، توقف بث “تلفزيون عدن” الموالي للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عن البث بعد ظهر الأحد إثر قصف بقذائف الهاون نسب إلى المتمردين الحوثيين وحلفاءهم.
وقال مسؤول في القناة ل “فرانس برس” إن المبنى حيث مقر التلفزيون، في وسط عدن، أصيب “بأضرار لكن ليس هناك إصابات”.
والقناة إقليمية تابعة للتلفزيون الرسمي اليمني.
من جهة أخرى، قتل خمسة أشخاص وأصيب 14 آخرون في اشتباكات بين المتمردين واللجان الشعبية الرديفة للجيش الموالي للرئيس اليمني اللاجئ في السعودية.
ويحاول المتمردون السيطرة على عدن حيث استولوا الخميس الماضي على القصر الرئاسي قبل أن ينسحبوا منه فجر الجمعة تحت وطأة الغارات التي شنها التحالف.
وأثّر ضغوط تمارسها المنظمات الدولية غير الحكومية القلقة من الأوضاع الإنسانية بسبب الغارات والمعارك التي أوقعت مئات القتلى، أعلن التحالف العربي أمس أن طائرتين للصليب الأحمر ستصلان اعتبارا من الأحد.
وقد طلبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إقرار هدنة إنسانية لمدة 24 ساعة لإيصال المساعدات.
لكن المتحدث باسم التحالف العميد أحمد عسيري قال في إيجازه اليومي مساء الأحد “تم تحديد رحلة للصليب الأحمر عند التاسعة صباح اليوم لكن لم يحضر أحد (…) وطلبوا تأجيل الرحلة”.
وأضاف أن “مصر كانت على جدول اليوم لإجلاء رعاياها لكنها اعتذرت لأن عددهم أكثر مما تستوعبه الطائرة”.
واتهم عسيري “الحوثيين بمنع هبوط طائرة لإجلاء رعايا السودان من صنعاء”.
وبالنسبة لعدن، قال المتحدث إن “الحوثيين يقصفون المساكن عشوائيا بهدف ترويع المدنيين” مؤكدا الاستمرار في “دعم المقاومة وتم إسقاط مواد لوجستية للجان التي تعيد تنظيم صفوفها”.
وختم عسيري مشيرا إلى أن الحوثيين “يحفرون خنادق على الحدود مع السعودية (…) وتم استهداف معسكر تنطلق منه هجمات على الحدود” مع المملكة.
على الصعيد الدبلوماسي، لم تتخذ السعودية موقفا رسميا حيال طلب روسيا التوصل إلى هدنة إنسانية من خلال مشروع قرار قدمته إلى مجلس الأمن الدولي.
وأعلنت رئيسة مجلس الأمن للشهر الحالي الأردنية، دينا قعوار، أن دول المجلس بحاجة إلى “وقت للتفكير” في مشروع القرار. ويشارك الأردن في التحالف العربي الذي يضم تسع دول للدفاع عن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
في مجال آخر، أعلنت اللجان الشعبية استعادة السيطرة الأحد على مدينة لودر التي كانت خاضعة لسيطرة المتمردين في محافظة ابين الجنوبية.
وأكد القيادي في اللجان علي عيده استعادة السيطرة على المدينة بمساعدة القبائل بعد هجمات على مواقع المتمردين في وسط المدينة مشيرا إلى انسحابهم إلى موقع عسكري جنوب لودر.
وكانت اللجان الشعبية أعلنت في وقت سابق اليوم سقوط 24 قتيلا بينهم 21 من المتمردين في المعارك العنيفة في المدينة.
وتركزت المعارك في جنوب لودر على الطريق التي تربط بين محافظتي ابين والبيضاء.
وفي المكلا، كبرى مدن محافظة حضرموت، تشهد الأوضاع مزيدا من التدهور منذ سيطرة تنظيم القاعدة الجمعة الماضي على المدينة البالغ عدد سكانها نحو 200 ألف نسمة.
وقالت مصادر قبلية إن اشتباكات دارت اليوم بين الجنود ومسلحي حلف قبائل حضرموت الذين دخلوا المكلا في محاولة لصد مقاتلي القاعدة.
وأكدت المصادر مقتل جنديين وأحد مسلحي القبائل.
إلى ذلك، تعمل السلطات السعودية المختصة على إزالة 96 قرية مهجورة على الحدود مع اليمن خشية تحولها إلى أوكار للمتسللين.
وأكدت صحيفة “الحياة” أن هذ القرى خالية من سكانها البالغ عددهم 15 ألف
نسمة إثر نقلهم إلى إسكان الملك عبد الله بن عبد العزيز بعد المعارك مع الحوثيين العام 2009.
وأشار إلى أن عناصر حرس الحدود “يقومون يوميا بمهمات تفتيش وتمشيط أمنية واسعة للمنازل على الشريط الحدودي”.
يذكر أن ثلاثة من عناصر حرس الحدود السعوديين قتلوا في إطلاق نار مصدره الأراضي اليمنية الأربعاء والجمعة اثناء تواجدهم في مركز الحصن في منطقة عسير جنوب غرب المملكة.
ضيق الحوثيون الخناق الاربعاء بشكل كبير على مدينة عدن اذ سيطروا على قاعدة العند الجوية الاستراتيجية في شمال المدينة ويستمرون بالتقدم نحوها، فيما تم نقل الرئيس المعترف به دوليا الى “مكان آمن” قبيل استهداف القصر الرئاسي بغارة جوية بحسب مصادر امنية.
واكد مصدر قريب من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ان الاخير نقل الى “مكان آمن في عدن” في ظل تقدم المسلحين الحوثيين نحو المدينة الجنوبية، فيما اغلق مطار المدينة بسبب الاوضاع الامنية.
وقال المصدر لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن اسمه ان هادي “انتقل الى مكان آمن في عدن ولم يغادر البلاد” بعد انتشار معلومات عن مغادرته اليمن.
وفي وقت لاحق، نفذت طائرة حربية غارة على مجمع القصر الرئاسي مطلقة ثلاثة صواريخ باتجاهه.
وقال المصدر ان “طائرة اطلقت ثلاثة صواريخ على مجمع القصر ثم صدتها المضادات الارضية”، فيما شوهدت اعمدة الدخان تتصاعد من المكان دون ان يتبين سقوط ضحايا.
والقصر الرئاسي في عدن التي اعلنها هادي عاصمة مؤقتة للبلاد بعد انتقاله اليها من صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، تعرض يوم الخميس الماضي لغارة ايضا.
من جهتهم، اكد الحوثيون انهم “اعتقلوا” وزير الدفاع الموالي لهادي محمود الصبيحي في محافظة لحج الجنوبية.
وقال المتحدث باسم الحوثيين محمد عبدالسلام في تصريحات عبر قناة المسيرة التابعة للحركة الشيعية ان محمود “الصبيحي تم اعتقاله في مدينة الحوطة” عاصمة لحج، مؤكدا انه “تم نقله الى صنعاء وهو بيد القوات المسلحة”.
وكان الصبيحي انشق عن الحوثيين بعد ان عينوه رئيسا للجنة الامنية التي يفترض انها تدير شؤون البلاد بموجب الاعلان الدستوري الذي فرضون مطلع شباط/فبراير، والتحق بهادي في عدن.
وفي شرم الشيخ، طالب وزير الخارجية اليمني الموالي لهادي رياض ياسين بتدخل عسكري عربي عاجل لمنع الحوثيين من السيطرة على عدن.
وقال الوزير اليمني للصحافيين في منتجع شرم الشيخ حيث تعقد القمة السبت على البحر الاحمر “سنطلب من القمة القادمة ان يكون هناك تدخل عاجل”. وعندما سئل ان كان التدخل عسكريا اجاب “تدخل عسكري”.
وكان مصدر عسكري لوكالة فرانس برس اكد الاربعاء ان المسلحين الحوثيين سيطروا على قاعدة العند الجوية الاستراتيجية الواقعة شمال مدينة عدن التي يتحصن فيها الرئيس اليمني المعترف به دوليا.
واجلت الولايات المتحدة قبل ايام العشرات من عناصر القوات الخاصة الذين كانت تنشرهم في هذه القاعدة.
وقال المصدر العسكري لوكالة فرانس برس ان “الحوثيين (المتحالفين مع القوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح) سيطروا على قاعدة العند الجوية” الواقعة في محافظة لحج الجنوبية.
واضاف المصدر ان المسلحين الحوثيين “تمكنوا من السيطرة على القاعدة بعد اشتباكات محدودة”.
كما ذكر ان الحوثيين باتوا على مشارف على مدينة الحوطة عاصمة لحج، اي انهم باتوا على بعد حوالى 30 كيلومترا فقط من مدينة عدن.
واصبح الحوثيون يضيقون الخناق بشكل كبير على مدينة عدن وهم يسيطرون على مناطق في تعز، المدينة الكبيرة شمال عدن، وعلى مناطق في الضالع ولحج المحيطتين بعدن.
كما “بدات افواج من الحوثيين تتوافد الى ميناء المخاء” المطل على باب المندب غرب عدن.
وحض الرئيس اليمني مرة جديدة الثلاثاء مجلس الامن الدولي على تبني “قرار ملزم” من اجل وقف تقدم ميليشيات الحوثيين الى مدينة عدن.
وفي رسالة الى رئيس مجلس الامن السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر، رسم الرئيس هادي صورة قاتمة للوضع. وقال خصوصا انه يخشى ان “تستغل القاعدة عدم الاستقرار الحالي من اجل زيادة الفوضى وجر البلاد نحو مزيد من العنف والتفكك”.
وبعد ان تحدث عن “مبدأ الدفاع عن النفس المنصوص عليه في شرعة” الامم المتحدة، طلب الرئيس هادي من مجلس الامن “اتخاذ تدابير تحت الفصل السابع لردع الميليشيات الحوثية”.
ودعا “جميع الدول التي ترغب الى تقديم مساندة فورية الى السلطة الشرعية بكافة الوسائل والتدابير اللازمة لحماية اليمن وردع عدوان الميليشيات الحوثية المتوقع في اي ساعة على مدينة عدن” التي لجأ اليها.
وقال دبلوماسيون في مجلس الامن ان اي اجتماع جديد حول اليمن ليس مقررا في هذه المرحلة.
واشار هادي ايضا في رسالته الى انه تشاور مع دول مجلس التعاون الخليجي من اجل “تدخل عسكري” ضد الميليشيات الحوثية.
وردا على سؤال لمعرفة ما اذا كانت السعودية مستعدة لمساعدة هادي عسكريا، قال وزير خارجيتها سعود الفيصل الاثنين انه اذا لم يتم التوصل الى حل سياسي، فان دول المنطقة ستتخذ “الاجراءات” الضرورية من اجل “حماية” مصالحها بوجه “العدوان”.
يهود من اليمن مع رئيس دولة إسرائيل شمعون بيريس (Yossi Zeliger/Flash90)
التحيّات من صنعاء وذمار
نجت الجالية القديمة ليهود اليمن من الانقلابات التاريخية، ولكن حتى بعد استقرارها في إسرائيل لم تتوقّف معاناتها. وأيضًا: خمسة مطربين يهود يمنيّين يجب أن تعرفوهم
لا يُعرف الكثير عن الأيام الأولى للجالية اليهودية في اليمن، ولكن من المعلوم للجميع أنّ اليهود الأوائل قدِموا إلى اليمن منذ فترة طويلة جدّا. تعود الأدلة الأثرية الأقدم إلى القرون التي سبقت عام صفر ميلادي، وهناك من يدّعي أنّه قد قامت في اليمن جالية يهودية قبل أكثر من 2,500 عام. في قرية بيت الخضر القريبة من العاصمة صنعاء عثر على أدلة على قيام كنيس قديم من تلك الفترة.
وتظهر أدلة أخرى أن اليهود قد عاشوا في مملكة حِمْيَر، والتي قامت في جنوب شبه الجزيرة العربية، قبل ظهور النبي محمد. تقرّب ملك هذه المملكة، يوسف ذو نواس (الذي اسمّي بهذا الاسم بسبب الضفائر التي زيّنت رأسه) من اليهودية والحاخامات اليهود الذين أقاموا في تلك الفترة في فلسطين (أرض إسرائيل)، وهناك من يقول إنّه قد تهوّد. في أعقاب ذلك، قام بذبح الكثير من النصارى الذين وصلوا من إفريقيا، معظمهم حبشيّ، وذلك في محرقة نجران. في نهاية المطاف، أثار الملك غضب الإمبراطورية البيزنطية المسيحية، والتي هزمته وجعلته ينتحر.
أحكام قاسية إلى جانب الازدهار في العهد الإسلامي
تمتّع يهود اليمن في الفترة القصيرة التي سيطر فيها الفرس على المنطقة بعلاقات مع جالية بابل الكبيرة، والذي تشعّب من الجزيرة العربية حتى العراق. ولكن مع صعود الإسلام أصبح وضعهم غير مستقرّ، على الرغم من تمتّعهم بمكانة أهل الذمّة. من الصعب أن نعرف كيف كان وضع يهود اليمن بالضبط في تلك الفترة، حيث إنّ الأدلة قليلة جدّا.
أطفال يهود يتعلمون التوراة في اليمن (AFP PHOTO/KHALED FAZAA)
ما نعرفه أنّه أثناء تواجد الجاليات اليهودية في العالم العربي، في العصور الوسطى، كانت أوضاع يهود اليمن صعبة للغاية. فرض ملك في تلك الفترة يسمّى عبد النبي أحكام قاسية على اليهود. ولكن ازدهر الفكر والفلسفة اليهودية في تلك الفترة باليمن أكثر من أي وقت مضى.
يهودي يمني في القدس في اواخر القرن التاسع عشر (Wikipeida)
هناك شخص مذكور أكثر من الجميع وهو ناتانئيل الفيومي، رئيس حاخامات اليمن الذي ألّف الكتاب الفلسفي “حديقة العقول”، وهو نصّ يجمع بين الاعتقاد بإله واحد، أهمية التوبة والإيمان بالخلاص واليوم الآخر. أثّرت الكثير من المصادر على الكتاب، من اليهود والمسلمين، وهناك من يعتبره نسخة يهودية من المذهب الشيعي الإسماعيلي. ويعرف الحاخام نتانئيل بجداله مع المسلمين، واقتبس من القرآن لإثبات ادعائه بأنّ عقيدة اليهود أبدية، من سورة المائدة: “وكيف يحكّمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله”.
بعد سنوات طويلة من الحرب نجح اليمنيّون في طرد العثمانيين من بلادهم وبدأ حكم الزيديين في اليمن (1635). في البداية، كان هذا الحكم متسامحًا تجاه اليهود، ولكن في عام 1678 أقرّ الملك أحمد بن حسن المهدي قرارات بالنفي لتطهير اليمن من يهودها. ألغيت القرارات بعد عامين وعاد يهود اليمن إلى منازلهم، وحاولوا تأسيس مجتمعهم من جديد. بعد ذلك عاد العثمانيّون واحتلّوا اليمن.
الهجرة إلى إسرائيل
كلّما تطوّرت الصهيونية، تزايدت في اليمن الرغبة بالوصول إلى فلسطين (أرض إسرائيل). وقد ازدادت هذه الرغبة بشكل خاصّ في نهاية القرن التاسع عشر لدى يهود اليمن، والذين كانوا الأوائل من بين الدول العربيّة الذين وصلوا بأعداد كبيرة إلى فلسطين (أرض إسرائيل). هاجر نحو 2,500 يهودي يمني إلى إسرائيل في سنوات الثمانينات من القرن التاسع عشر.
قدوم يهود اليمن إلى إسرائيل في الخمسينات (Wikipedia)
تزايدت في بداية القرن العشرين القوانين المعادية لليهود في اليمن. حُظر على اليهود أن يركبوا الخيول أو السير في الشوارع المعبّدة. رفضت المحاكم اليمنية سماع شهادات اليهود ضدّ المسلمين. وفي ذروة الموجة المعادية لليهود دخل إلى حيّز التنفيذ قانون قديم يقضي بأنّ كلّ يهودي لم يبلغ 12 عامًا بعد سيُجبرعلى اعتناق الإسلام. في أعقاب هذه القرارات، هاجر نحو 17,000 يهودي يمني إلى إسرائيل في الأعوام بين 1922-1945. حتى تأسيس دولة إسرائيل عام 1948، تمكّن نحو نصف يهود اليمن من الهجرة إلى إسرائيل.
وكما في جميع الدول العربيّة، فقد زاد قيام دولة إسرائيل من التعرّض لليهود المحلّيين وفرضت عليهم أوضاعًا صعبة. توصّل عشرات الآلاف من اليهود إلى طريق، من خلال عدن، لفلسطين (أرض إسرائيل)، وتبقّى العديد من اللاجئين في عدن في حالة صعبة. هاجر إلى إسرائيل في هذه السنوات 50,000 من يهود اليمن، وأصبحت الجالية اليمنية في إسرائيل هي الأكبر. بقي في اليمن اليوم أقل من 200 يهودي، بحيث إنّ معظمهم قد تجاوز الستّين من عمره.
عائلة حباني اليمنية تحتفل بعيد الفصح للمرة الأولى في إسرائيل (GPO)
المحنة وحوادث الاختطاف
لم تنته معاناة يهود اليمن مع وصولهم إلى إسرائيل. لم تحرص المؤسسة الإسرائيلية، التي تألفت حكومتها بالأساس من مهاجري أوروبا، على معاملتهم بالمساواة. تمّ إيواؤهم في ظروف من الفقر. أدّت السنوات الطويلة التي مرّت على يهود اليمن باعتبارهم مجتمع مقطوع الصلة عن بقية العالم العربي، إلى تعامل يهود الدول العربيّة باشتباه تجاه يهود اليمن، ولقد استمروا في إسرائيل أيضًا على العيش كمجتمع منعزل.
خيّمت قضية رئيسية على علاقة المجتمع اليمني في إسرائيل مع المؤسسة
أب يمنى يهودي وابنه (Wikipedia)
والمجتمع وهي قضية الأطفال المختطفين. كان من المعتاد في مخيّمات استيعاب المهاجرين ألا ينام الأطفال مع والديهم، ففي الوقت الذي عاش فيه الوالدان في الخيام، تمّ نقل الأطفال إلى أكواخ. أُخبر العديد من الآباء الذين جاؤوا لزيارة أبنائهم في الأكواخ بأنّ أطفالهم قد توفّوا ودُفنوا، رغم أنّهم أُخذوا منهم وهم بصحّة وعافية. لم يتمّ عرض شهادة الوفاة في أيّ من الحالات، وفي الكثير من الحالات أيضًا لم يكن هناك قبر.
وجد بعض الآباء صعوبة في تقبّل هذا الخبر القاسي، وبعد أن بكوا، صرخوا واشتكوا لكون الطفل الذي أُخذ منهم كان معافى، تمّت إعادة الطفل إليهم وهو في حالة جيّدة، رغم إخبارهم بأنّه قد توفّي. تقبّل بقية الآباء الأخبار القاسية ولم يجادِلوا. أثارت حقيقة أنّ بعض الأطفال أعيدوا إلى آبائهم الاشتباه في أن يكون الأطفال قد خُطِفوا وأُخذوا لعائلات أخرى.
ووفقًا للاشتباه، فإنّ المؤسسة الإسرائيلية لم تثق بالآباء اليمنيّين بأنّ يربّوا أطفالهم في ظروف مناسبة، ولذلك قامت باختطافهم وتسليمهم إلى أسر أخرى. أقيمت ثلاثة لجان تحقيق في إسرائيل على مدى سنوات من أجل معالجة هذه المزاعم، ونوقش أكثر من 800 حادثة اختطاف.
وقد استُمع في اللجان إلى شهادات لمسؤولين كبار كانوا مسؤولين عن عملية استيعاب المهاجرين، حيث قالوا إنّ بعض الأطفال قد نُقلوا لتبنّيهم في الولايات المتحدة. قرّرت لجان التحقيق بأنّه ورغم هذه المزاعم، فإنّ معظم الأطفال الذين اختفوا توفوا فعلا، ولكن لا يزال هناك شعور لدى الكثيرين بأنّ العدالة لم تظهر حتّى الآن.
أصوات العنادل
الشيء الذي يربط المجتمع اليمني في إسرائيل بشكل كبير مع كل الشعب الإسرائيلي، هم أولئك المطربون الرائعون الذين خرجوا من أبناء وبنات هذا المجتمع. ليس الحديث فقط عن المطربين الذين يؤدّون الأغاني بالأسلوب اليمني التقليدي، وإنّما عن مجموعة واسعة من الأساليب التي تمزج بين القديم والجديد.
هل تعلمون، على سبيل المثال، بأنّه في كلّ المرات الثلاث التي فازت فيها إسرائيل بالأوروفيزيون، كان الممثّلون الإسرائيليون من أصول يمنية؟ المطرب يزهر كوهين الذي مثّل إسرائيل عام 1978، المطربة جالي عطري التي مثّلتها عام 1979 والمطربة دانا إنترناشيونال التي مثّلتها عام 1998؛ جميعهم كان من أصول يمنية.
القائمة طويلة وفيها أسماء كثيرة، ولكننا اخترنا للقرّاء خمسة ممثّلين بارزين من أفضل مطربي إسرائيل، والذي قدِم آباؤهم من اليمن:
هل تم تتويجه بلقب “الملك” عبثًا. أوصلت أغاني زوهر أرجوف، الذي غيّر اسم عائلته حيث كان في الأصل يدعى “عورقبي”، الموسيقى الشرقية لكل بيت في إسرائيل، وأصبح نجمًا بلا منازع. ولكن توهّج نجاح زوهر في حياته، وأصبح مدمنًا على المخدّرات واضطرّ في نهاية المطاف للانتحار في الزنزانة في الشرطة الإسرائيلية.
عوفرا حازا
بكت البلاد جميعها حين توفيت عوفرا حازا عام 2000، فقد كانت تعاني المطربة المحبوبة جدّا في سنّ صغير من مرض الإيدز الذي أصيبت به. ليس هناك شخص لا يعرف صوت الطفلة الصغيرة التي ولدت في حيّ فقير بتل أبيب لأسرة مكوّنة من تسعة أطفال، وأصبحت المطربة الأكثر شهرة في إسرائيل. استمعوا إلى أغنية عوفرا حازا باللغة العربية:
بوعاز شرعبي
المطرب صاحب الاسم اليمني المثالي والذي ولد لأسرة مكوّنة من عشرة أطفال، يمزج بين أسلوب الروك الكلاسيكي والجاز وبين الجذور العميقة في اليمن. وهو يزعم أنّ أخته قد اختطفت خلال قضية عمليات الخطف التي ذكرناها في السابق. تزوّج شرعبي ثلاث مرّات، كان من بينها زواج من امرأة اسمها هالين وكانت مدمنة على المخدّرات وانتحرت في السجن. ولكن لم يؤثّر شيئًا من هذه المآسي الشخصية على الموسيقى الرائعة التي ينتجها.
http://youtu.be/P9byhmQ0-bQ
مرجليت صنعاني
ولدت مرجليت صنعاني والتي تعرف أساسًا باسم “مرجول” في اليمن عام 1948، وهاجرت إلى إسرائيل وهي في جيل سنة. تمزج في أغنياتها بين الروك، البلوز والموسيقى اللاتينية، ويُلاحظ في أغنياتها تأثير الروح الأمريكية من أصول إفريقية. وهي تعرف في إسرائيل ليس فقط كمطربة وإنّما كمقدّمة لبرامج تلفزيونية كثيرة. اخترنا أن نعرض لكم إحدى أغانيها اليمنية التقليدية:
شوشانة ذماري
كانت شوشانة ذماري، التي ولدت في اليمن عام 1923 المطربة الأولى التي لم تكن من أصول أوروبية وأصبحت أسطورة إسرائيلية، وكانت مقبولة ومحبوبة بين جميع شرائح الشعب. بل هناك من وصفها بـ “المطربة الوطنية”، في أعقاب 70 عامًا لنشاطها في إسرائيل. رافقت الأغنية العبرية منذ السنوات التي سبقت قيام دولة إسرائيل، ولا يوجد من لا يعرف صوتها العميق والرنّان في إسرائيل. في هذه الأغنية التي تدعى “في كروم اليمن” تعبّر عن شوقها للمكان الذي ولدت فيه.