تحيي دولة إسرائيل اليوم الذكرى السادسة والستّين لاستقلالها. منذ 1948 حتّى اليوم، مرّت هذه الدولة الصغيرة في قلب الشرق الأوسط بالكثير من اللحظات التي لا ينساها أحد. بينها لحظات تاريخيّة مثّلت تغييرات هائلة، لحظات انكسار، ولحظات تحوّل، فضلًا عن لحظاتٍ صغيرة تكاد لا تُحَسّ من الألم والفرح. إليكم عشر لحظاتٍ لا تُنسى في السنوات الستّ والستّين من تاريخ دولة إسرائيل.
1. “نُعلن”
التاريخ هو 14 أيار 1948، يوم الجمعة ظُهرًا، في مدينة تل أبيب. دافيد بن غوريون، رئيس النقابة الصهيونية، يقف على المنبر، ويقرأ من وثيقة الاستقلال، الإعلان الذي غيّر تاريخ الشعب اليهودي والعالم كلّه: “وعليه فقد اجتمعنا نحن أعضاء مجلس الشعب، ممثلي المجتمع اليهودي في البلاد والحركة الصهيونية، في يوم انتهاء الانتداب البريطاني على أرض إسرائيل، وبحُكم حقنا الطبيعي والتاريخي بموجب قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة، نعلن عن إقامة دولة يهودية في أرض إسرائيل هي (دولة إسرائيل)”.
إعلان الاستقلال الإسرائيلي، 14.5.1948
2. دُموع مُقاتِلين
عام 1948، اضطُرّ الإسرائيليون إلى التنازل عن قسمٍ من المدينة الأهمّ بالنسبة للشعب اليهوديّ، القُدس. بعد ذلك بتسع عشرة سنة فقط، في حرب 1967 التي فرضها جمال عبد الناصر على دولة إسرائيل باسم جميع الدول العربية، وصل جنود الجيش الإسرائيلي إلى حائط المبكى في القدس، الأثر الوحيد المتبقي من منطقة الهيكل اليهوديّ. تأثرت الأمّة كلّها بمشهد المظليّين الإسرائيليين في حائط المبكى. التُقطت الصورة بتاريخ 6 تموز 1967.
دُموع المُقاتِلين في حائط المبكى في القدس (AFP)
3. إرهاب في الألعاب الأولمبية
كان يُفترَض أن تكون الألعاب الأولمبيّة في ميونيخ 1972 احتفالًا رياضيًّا. فمنذ فجر التاريخ، كانت الألعاب الأولمبية وقتًا تتوقف فيه جميع الأطراف المقاتِلة من أجل المنافسة، وبدل الحرب وسفك الدماء، كانت تبذل جهودها للتنافس على الملاعب الرياضية. لكنّ الأمورَ جرت بطريقة أخرى. فقد خطف التنظيم الفلسطيني “أيلول الأسود” أحد عشر مِن أعضاء الوفد الإسرائيلي، وتحصّن معهم في القرية الأولمبية. طالب الخاطِفون بتحرير أسراهم مقابل تحرير الرياضيين. فشلت محاولة إنقاذ القوّات الألمانية، فيما عادت إسرائيل من ميونيخ مع أحد عشر تابوتًا وحزنٍ كبيرٍ مستمرّ حتّى اليوم.
حفل تأبين قتلى عملية ميونخ (AFP)
4. ما أجمل عودتكم!
في 4 تموز 1976، وقف العالم كلّه مذهولًا حين حرّرت وحدة نخبة من الجيش الإسرائيلي 105 ركّاب إسرائيليين ويهود اختُطفوا من رحلة “إير فرانس” إلى إنتيبي من قِبل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. جسّدت العملية التي جرت على بُعد نحو 3800 كيلومتر عن إسرائيل لكثيرين في العالم أنّ إسرائيل ستفعل كلّ ما في وسعها من أجل مواطنيها ولن تخضعَ للإرهاب. قُتل أربعة من الرهائن في عمليّة الإنقاذ، إضافةً إلى قائد قوّة الإنقاذ يوناتان نتنياهو – شقيق رئيس الحكومة الحاليّ.
عودة المخطوفين من إنتيبي، 1976 (AFP)
5. “لا حربَ بعد، لا سفكَ دماء بعد”
كُتب الكثير عن تلك اللحظة التاريخية، التي اعترفت فيها دولة عربية أولى بإسرائيل، وقرّرت إنجاز سلام كامل معها. لولا الشجاعة الاستثنائيّة لأنور السادات، مناحيم بيجن، وجيمي كارتر، ما كانت لتحدث تلك اللحظة التاريخية في 26 آذار 1978.
حفل توقيع اتفاقية السلام الإسرائيلة المصرية (AFP)
6. حميميّة زعيمَين
لا يمكن تلفيق هذه الصورة، التي التُقطت عام 1994، أو إخراجها سينمائيًّا. فهي تعكس القُرب المتبادل بين القائدَين الشجاعَين الراحلَين، الملك الحسين وإسحاق رابين. إنها لحظة راحة وصداقة تلقائية بين القبطانَين الشجاعَين اللذَين غيّرا وجه المنطقة كلّها.
الملك حسين ملك الأردن الراحل ورئيس الوزراء الراحل اسحاق رابين (ويكيبيديا)
7. إغتيال الزعيم
كانت طريق إسحاق رابين في سنواته الأخيرة مثار جدَل. فقد اختلف كثيرون حول خطوات المصالحة التي قام بها مع الفلسطينيين، ولا سيّما حول الاتّفاقات التي وقّعها مع رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عرفات. لم ينحرف رابين، الذي تميّز بالتصميم، عن مساره، ودفع ثمنًا باهظًا في المقابل. ففي نهاية تظاهرة الدعم له ولحكومته بعنوان “نعم للسلام – لا للعُنف” التي جرت في 4 تشرين الثاني 1995، أطلق إرهابي ثلاث رصاصات على رئيس الحكومة، وأرداه قتيلًا. لبست الدولة كلها لباس الحُزن، ولا يمكننا اليوم سوى تخمين ما كان سيحدث لو لم تودِ رصاصات القتل برئيس الحكومة.
إغتيال إسحاق رابين في تل أبيب، 4.11.1995
8. الألم والشجاعة
“بتصميم وتأثّر” – هذا هو الشعار الذي أُعطي لخطّة الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، التي أُخلي خلالها 8600 شخص من بيوتهم. كان رئيس الحكومة حينذاك، أريئيل شارون، معروفًا بصفته الداعم والمؤسس الأكبر للاستيطان في الضفة الغربية وقطاع غزة. أثارت الخطّة التي قادها لإخلاء يهود كثيرين آمالًا كبيرة في إسرائيل والعالَم، لكنها تسبّبت بألمٍ كبير.
فتاة من مستوطنة كفار داروم قبل إخلاء المستوطنة (AFP PHOTO/Menahem Kahana)
9. الشعب يُريد عدالة اجتماعيّة
في إسرائيل، التي عرفت الكثير من الحروب والتفجيرات، طالما كان الشأن الأمني والسياسي على رأس جدول الأعمال. لكن في صيف 2011، بدا أنّ جدول الأعمال الإسرائيلي تغيّر كلّيًّا، ولوقتٍ طويل. أخرجت أسعار الشقق المتصاعدة، غياب فرص العمل الجيّدة للشبّان، أسعار الطعام، وغلاء المعيشة العامّ، الجماهيرَ إلى الشوارع. فقد تظاهر عشرات آلاف الأشخاص أسبوعيًّا صارخين صرخةً بسيطة: “الشعب يُريد عدالة اجتماعيّة”. امتلأ وسط تل أبيب بمئات خيام الشبّان الذين افترشوا الشوارع، داعين إلى التغيير.
مظاهرة ضخمة ضد غلاء المعيشة وحكومة نتنياهو في تل أبيب عام 2011 (Dimai Vazinovich / Flash90)
10. ابن الجميع يعود
لا أحد في الشرق الأوسط لم يسمع باسم جلعاد شاليط. فسرعان ما تحوّل الجندي الذي خُطف في قطاع غزة عام 2006 “ابنًا للجميع”. وأصبح تحرير شاليط، الجنديّ في سلاح المدرَّعات الإسرائيلي، الأمنية المعلَنة لإسرائيليين كثيرين كانوا مستعدّين لدفع ثمن باهظ مقابل ذلك. فبعد سنواتٍ من الانتظار المُرهق للأعصاب، في 18 تشرين الأول 2011، عاد شاليط إلى ذراعَي أبيه وأمه، اللذَين انتظراه طويلًا جدًّا، وإلى ذراعَي دولة إسرائيل بأسرها. أدّى الثمن الباهظ، تحرير 1027 أسيرًا فلسطينيًّا، بكثيرين آخرين إلى معارضة الصفقة، لكنّ الدولة كلّها تأثّرت بمشهد “الطفل” الذي عاد إلى موطنه.
بنيامين نتنياهو يستقبل جلعاد شاليط بعد اطلاق صراحه (IDF)
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني