حصل أحد العاملين في استخراج النفط، والذي كان يعمل لصالح الحكومة السورية خلال 20 عاما، في أحد الأيام، على عرض مغر: القيام بنفس العمل لصالح تنظيم الدولة الإسلامية بأجر أكبر بثلاثة أضعاف مما كان يتقاضاه من دمشق.
هذا ما قاله العامل في استخراج النفط السوري لصحيفة نيو يورك تايمز في مقابلة حصرية. وقال أيضا إنّه بعد أيام معدودة من موافقته على العرض، وجد نفسه يساعد على تحميل ناقلات النفط للتصدير. وازداد غضبه شيئا فشيئا، عندما أدرك أنّ موارد النفط السورية مستغلّة من قبل الجهاديين من أجل تمويل عملياتهم الإرهابية في الوقت الذي تُغلق فيه المزيد والمزيد من المدارس والمستشفيات.
تدّعي داعش أنّها أكثر من مجرّد تنظيم مسلّح، وتسوّق نفسها كحكومة تترأس خلافة إسلامية توفر مجموعة متنوعة من الخدمات. ولكن المقابلات التي أجريت لهذا التقرير تشير إلى أن الواقع هو أنّ المشروع الجهادي يقع في أزمة هي الأكبر منذ سيطرة داعش على أراض واسعة في سوريا والعراق في صيف 2014.
تعاني داعش من ضغوط كبيرة تتضمن القصف الجوي من قبل التحالف الغربي – العربي وروسيا، والهجمات البرية من الأكراد والميليشيات الشيعية، والإحباط والتوتّر الداخلي في صفوفها وفي أوساط رعاياها. اضطرّ بعض المقاتلين إلى مواجهة التخفيضات في الأجور وأما الآخرون فانسحبوا. ومستوى الخدمات وصيانة البنى التحتيّة بائس وأعمال تهريب النفط آخذة بالانخفاض. ونتيجة لذلك، اضطر التنظيم إلى رفع الضرائب والرسوم وزيادة الضغوط أكثر فأكثر على المواطنين الذين يعيشون في مناطق سيطرته.
وقد استنتج محلّلون أنّ هذه الضغوط لا تشير بالضرورة إلى انهيار قريب للتنظيم. لا تزال القوى البرية التي تقاوم داعش في سوريا والعراق ضعيفة واستطاعت داعش الحفاظ على صورتها الوحشية، من بين أمور أخرى، من خلال الهجمات الطنانة، كإسقاط الطائرة الروسية في سيناء والهجمة الإرهابية في باريس. ولا يزال التنظيم يرعى فروعه في دول فاشلة كليبيا واليمن.
ولكن بالنسبة للسكان الذين يعيشون تحت حكم داعش، فقد بات يُنظر إلى وعود التنظيم أكثر وأكثر باعتبارها جوفاء. يفرّ الكثيرون من هذه المناطق عقب النقص غير المحتمَل، القصف الذي لا يتوقف والحكم الذي وفقا لكلامهم هو أشبه بالعصابات الإجرامية من الحكومة التي تهدف إلى حماية وتوفير الخدمات لرعاياها.
تدرك داعش حاجتها الحيوية لتجنيد المهنيين من أجل بناء مؤسسات الخلافة الإسلامية، ولكن وحشية أعضائها تبعد السكان ولذلك فإنّ دعواتها تحظى باستجابة قليلة فقط. ونتيجة لذلك، يجد الجهاديون أنفسهم منشغلين أكثر وأكثر بصيانة آبار النفط، إصلاح منظومة الكهرباء وتقديم الخدمات الصحية. قال السكان الذين فرّوا من شرق سوريا إنّه مع غياب المهنيين، يعيّن الجهاديون من يثقون به في وظائف مهمة، ولكن دون أن يملك المعرفة المطلوبة.