لا يمكن لأحد أن ينكر الخطر الكامن في المخدرات. يعتبر بعض المخدرات مثل الكوكايين، الهيروين، الحشيش والماريجوانا ليس قانونيًا وخطرًا، وفي معظم البلدان يتم تعرفيها على أنها ليست قانونية. ومع ذلك، هنالك في جميع أنحاء العالم، نوع آخر من المخدرات الذي يتم تقديمه واستهلاكه بشكل ليس محدودًا لكل من يطلبه وهو الكافيين. هذا هو المُخدّر المُنشّط الأكثر شيوعًا في العالم، والموجود في القهوة والشاي.
تعتبر أفريقيا، ودولة إثيوبيا تحديدًا، منشأ القهوة. في ما مضى، كان من المتبع تناول حبوب القهوة في إثيوبيا، وليس جعلها مشروبًا. مضغ الرُهبان الإثيوبيين حبوب القهوة ليبقون يَقظين. تَنقلت القهوة مع التجار اليمنيين، الذين أتوا بها إلى وطنهم، وبدأوا بزراعتها فيه. كان عبد القادر الجزائري أول من تطرق إلى تاريخ القهوة بتعمّق، في كتابه الشهير عمدة الصفوة في حل القهوة. حيث يصف كيف انتشرت القهوة من اليمن إلى مكة المكرمة والمدينة المنوّرة، ومنها إلى القاهرة ودمشق وبغداد وإسطنبول.
هل تعلم أنه في عام 1511 تم حظر شرب القهوة في مكة المكرمة، وحظر في عام 1532 استهلاكها في القاهرة أيضًا؟ ولكن لم يستطع الجمهور التعامل مع هذا المرسوم، وأراد المزيد والمزيد من القهوة. في عام 1554 حدثَ حدث تاريخي آخر – افتتح أول مقهى في العالم في إسطنبول. أعلن السلطان مراد الرابع أنه من يتم الإمساك به وهو يشرب القهوة سيتم إصدار قرار إعدام بحقه، ولكن تم إلغاء هذا المنع سريًعا.
نقطة يجدر التفكير بها – يفرض الكثير من الدول اليوم عقوبة الإعدام بتهمة ارتكاب “جرائم” معيّنة. هل سيتم في المستقبل أيضًا إلغاء عقوبة الإعدام هذه كما تم إلغاؤها على شرب القهوة؟
يمكنك اليوم أن تشرب الكافيين دون الخوف من أن تقوم السلطات بالتهديد بإعدامك. ثمة فوائد واستخدامات للكافيين : إنه يزيد من الأداء الرياضي ويستخدمه الكثير من الرياضيين، ويساعد في الأنشطة التفكيرية مثل حل التمارين الرياضية، يعزز الذاكرة، ويوسع الأوعية الدموية عند الحاجة إلى تخفيف الآلام.
وقد أظهرت العديد من الدراسات أن الكافيين بإمكانه حتى تقليل احتمال الإصابة بأمراض الكبد والسكري، ويمنع تطور مرض الزهايمر وحتى أنه يمنع أنواعًا معيّنة من السرطان!
هنالك جانب مظلم إلى جانب فوائد الكافيين القليلة وغير المثبتة. وقد أثبتت الدراسات بشكل قاطع، أن الكافيين يؤدي إلى الإدمان. في الواقع، يوجد له تأثير على الجهاز العصبي تمامًا مثل الكوكايين. يشعر الكثير منا بأنه ليس بإمكانهم أن يَعملوا دون تناول القهوة صباحًا، وأنهم يحتاجون إلى عدة أكواب على مدار اليوم ليعملوا بشكل طبيعي. على ما يبدو، فإن هؤلاء الناس هم من المدمنين على القهوة. تشير التقديرات إلى أنه في حال توقف استهلاك الكافيين على الفور وبشكل مفاجئ فإن 70٪ بالمئة من إنتاجية العمال في العالم ستنخفض فورًا! اعتمادنا على هذا النوع من المخدرات هو عالٍ جدًا.
قد يؤدي الإفراط في تناول الكافيين إلى بعض الأعراض غير المرغوبة مثل: مستوى عالٍ من التهيّج ونفاد الصبر، زيادة سرعة ضربات القلب وعدم انتظامها ، الغثيان، القيء، القلق، أفكار قهرية، التعرّق، والتبول المفرط. هذه الأعراض هي أعراض للاستهلاك المفرط. في حالات الاستهلاك المفرط، يمكن أن يسبب الكافيين ارتفاع ضغط الدم وحتى إلى حدوث نوبة قلبية. يحدث الضرر الأخطر في الغدة الكظرية (الفوق كلوية)، مما يؤدي لدى المدمنين إلى التعب والتجاعيد وانعدام الرغبة الجنسية. وهو يسبب الشيخوخة قبل الأوان.
ولكن تحدث المدمنون أيضًا الذين توقفوا عن استهلاك القهوة عن حالات مماثلة لحالة الإنفلونزا: التعب، الحمى، الرعشة، والصداع. صرح آخرون عن حالات مثل، الإمساك، آلام العضلات والعظام، والشعور بالاكتئاب. إن عملية التخلص من السموم هي عملية يصعب خَوضها، ولكن الصبر إضافة إلى زيادة استهلاك الفيتامينات من شأنهما أن يخففا من هذه العملية.
ما هو الحل؟ يبدو أنه في حين أن احتسائك للقهوة لا يتجاوز كوبين أو ثلاثة أكواب يوميًّا، فمن المرجح أنك في وضع مقبول. ننصحكم أن تتناولوا القهوة بمتعة وهدوء، ولكن لا تبالغوا أو تنمّوا حالة من التبعية. في نهاية المطاف، ثمة العديد من المزايا الإيجابية للقهوة، وفي حال لم يتم الإدمان، فمن الممكن أن تتغلب الفائدة على الضرر.