عبد العزيز الرنتيسي

فلسطينيات يتظاهرن ضد سياسة الإغتيالات الإسرائيلية (AFP)
فلسطينيات يتظاهرن ضد سياسة الإغتيالات الإسرائيلية (AFP)

هكذا اغتالت إسرائيل قادة حماس على مر السنين

المهندس الذي اغتيل بهاتف نقال والزعيم الروحي الذي اغتيل بعد إطلاق سراحه من السجون الإسرائيلية. قائمة الاغتيالات الطويلة لدى إسرائيل

طيلة سنوات اغتالت إسرائيل نشطاء حمساويين كثر وتحمّلت المسؤولية في جزء من العمليات فقط.

استطلعنا بعض الاغتيالات الأكثر شهرة في تاريخ صراع إسرائيل ضدّ قيادات حماس:

محمد الضيف - حي
محمد الضيف – حي

سعت إسرائيل خلال الصيف الأخير (2014) في حربها مع حماس إلى اغتيال رأس الحربة، محمد الضيف، الذي يقف على رأس كتائب عز الدين القسام منذ سنة 2002 واعتُبر لسنوات طويلة المطلوب الأول لدى إسرائيل. نجا الضيف في الماضي من أكثر من أربع محاولات اغتيال من قبل إسرائيل. في محاولة الاغتيال الأخيرة قُتلت زوجته وابنته. ليس واضحا حتى اليوم، كيف نجا الضيف من الاغتيال، كيف يعيش، وماذا كانت قوة الضربة التي أصابته.

المهندس يحيى عيّاش

يحيى عياش
يحيى عياش

منذ سنّ 26 عاما، كان عيّاش من أبرز المخطّطين للعمليات الانتحارية في دولة إسرائيل. سريعا جدا أصبح أيضا خبير حماس في تصنيع العبوات المتفجرة التي استخدمها الانتحاريون الذين أرسِلوا إلى إسرائيل بين عامي 1994 و 1995. وقد قررت إسرائيل اغتياله. فبمساعدة متعاون نجح الشاباك في تمرير جهاز هاتف كانت بطاريته مليئة بمواد متفجّرة متطوّرة إلى عيّاش. تم تشغيل العبوّة المتطوّرة فقط بعد التأكد من أنّ عياش يتحدث فقُتل. بعد اغتيال عيّاش شنت حماس عملية انتقامية تضمنت العمليات ضدّ الحافلة التي تعمل على خطّ 18 في القدس، حيث قُتل 45 إسرائيليا، وقتيل آخر في أشكلون، و 19 قتيلا في خطّ 18 في شارع يافا في القدس، وغيرها. قُتل نحو 59 إسرائيليا في موجة العمليات الانتقامية تلك وأصيب عشرات آخرون.

“أبو صاروخ القسام”، عدنان الغول

عدنان الغول (AFP)
عدنان الغول (AFP)

بدأ عدنان الغول نشاطه الإرهابي في إطار حماس منذ التسعينيات بعد أن تدرّب في دول مثل سوريا ولبنان. خلال انتفاضة الأقصى أصبح خبيرا بالعبوّات المتفجّرة. وقد اعتُبر أيضا خبيرا بتشغيل الأسلحة المضادّة للدبابات ولكنه معروف في إسرائيل باعتباره “كبير مهندسي القسام”.

عدنان هو الذي شجّع تصنيع واستخدام القذائف بل وجنّد الخبراء وأشرف على التصنيع. حاولت إسرائيل اغتياله عدة مرات، في إحدى الحوادث نجا عدنان من إطلاق صواريخ من طائرة مروحيّة أباتشي تجاه قافلة كان مسافرا بها.

في حادثة أخرى نجا بعد أن نجح في الهروب من المبنى الذي أقام فيه، عندما داهم مقاتلو “شايطيت 13” المكان. في إحدى محاولات الاغتيال قُتل ابنه. في 21 تشرين الأول 2004 انتهت سلسلة الحظوظ لدى عدنان واغتيل بإطلاق صواريخ من طائرة مروحيّة تجاه سيارة كان مسافرا بها مع عماد عباس، قيادي آخر في حماس. بعد اغتياله أطلقت حماس قذائف هاون وقسّام تجاه المدينة الإسرائيلية، سديروت.

صلاح شحادة، اغتيال مثير للجدل

صلاح شحادة (AFP)
صلاح شحادة (AFP)

لم يكن في إسرائيل اغتيال مستهدف مثير للجدل أكثر من اغتيال صلاح شحادة. في تلك الأيام كان شحادة رئيس الجناح العسكري لحركة حماس.

مكث شحادة في السجون الإسرائيلية وعندما أطلِق سراحه انضمّ إلى الشيخ ياسين. وشارك في عملية اختطاف وقتل جنديين إسرائيليين وفي وقت لاحق شارك في إرسال إرهابيين انتحاريين. كان أول مَن اغتيل بواسطة طائرة حربية عندما ألقت طائرة F-16 من سلاح الجو على المكان الذي أقام فيه قنبلة وزنها طنّ. قُتل معه 14 مدنيا وثار في إسرائيل جدل كبير حول إذا ما كانت هناك حاجة إلى اغتياله من خلال قتل عدد كبير من المدنيين. لاحقا تم أيضًا تقديم التماس إلى المحكمة العليا بل وتشكلت لجنة فحص رسمية.

أحمد ياسين، الزعيم الروحي لحماس

أحمد ياسين، الزعيم الروحي لحماس (AFP)
أحمد ياسين، الزعيم الروحي لحماس (AFP)

مكث ياسين في السجون الإسرائيلية لسنوات طويلة وأصبح رمزا لحماس. بعد ذلك تحوّل بصفته مؤسس الحركة والمشرف بعد ذلك على اختطاف وقتل جنديين إسرائيليين سريعا جدا إلى زعيم روحي ومخطط طريق حماس. تم إطلاق سراح ياسين من السجون الإسرائيلية بعد فشل اغتيال خالد مشعل وسرعان ما عاد إلى العمل وقيادة الإرهاب من غزة.

في 22 آذار 2004، ألقيَتْ من طائرات حربية تابعة لسلاح الجوّ عدة صواريخ ولذلك قُتل ياسين إضافة إلى خمسة من حراسه. في تلك الأيام كان الحديث يدور عن تصعيد حقيقي وقد فوجئت حماس أيضًا من حجم عملية الاغتيال. حظي اغتيال ياسين بإدانة عالمية بما في ذلك دول مثل أستراليا، الولايات المتحدة، ودول أوروبية.

عبد العزيز الرنتيسي، الطبيب

عبد العزيز الرنتيسي (AFP)
عبد العزيز الرنتيسي (AFP)

حلّ محل الشيخ أحمد ياسين في منصب “القيادة‎ ‎الداخلية” (كانت القيادة الخارجية، التي يقف على رأسها حتى اليوم خالد مشعل، في دمشق)، وتولى المنصب لمدة 25 يومًا فقط، حتى انتهى به المطاف واغتاله الجيش في 17 نيسان 2004. كان الرنتيسي، وهو طبيب أطفال بمهنته، الناطق بلسان الحركة، وكان كذلك من بين الـ 415 أسيرًا الذين طردوا إلى لبنان في 1992. حلّ محلّه رئيس حركة حماس الحالي، إسماعيل هنية‎.

أحمد الجعبري

أحمد الجعبري (AFP)
أحمد الجعبري (AFP)

اعتُبر الجعبري القائد العام لحماس، ومنذ إصابة الضيف في 2006 تولى فعليًّا قيادة القوات. عرف عن الجعبري في إسرائيل بأنه من وقف وراء خطف الجندي جلعاد شاليط، وكان هو من نقله إلى مصر، يدًا بيد، بعد توقيع اتفاقية إطلاق سراحه.

طالما كان شاليط في الأسر، امتنعت إسرائيل من الاغتيالات المركّزة، خوفًا من أن يؤدي الأمر إلى الإضرار بالجندي المخطوف، لكن في تشرين الثاني 2012، بعد أن كان شاليط آمنا في بيته، اغتيل الجعبري بصاروخ موجه، أطلق نحو سيارته إذ كان يقودها. قُتل الجعبري في مكانه، لكن رائد العطار، قائد الكتيبة الجنوبية للذراع العسكرية، الذي جلس بجانبه لم يُصب. أدى اغتيال الجعبري إلى اندلاع الحرب على غزة عام 2014.

اقرأوا المزيد: 752 كلمة
عرض أقل
غزي يتظاهر ضد سياسة الإغتيالات الإسرائيلية (AFP)
غزي يتظاهر ضد سياسة الإغتيالات الإسرائيلية (AFP)

هكذا اغتالت إسرائيل قادة حماس على مر السنين

المهندس الذي اغتيل بهاتف نقال والزعيم الروحي الذي اغتيل بعد إطلاق سراحه من السجون الإسرائيلية. قائمة الاغتيالات الطويلة لدى إسرائيل

أعلن الجناح العسكري لحركة حماس، كتائب عز الدين القسام، أنّ مهندس الطيران التونسي، محمد الزواري، الذي أطلِقت النار عليه أمس وقُتل كان ناشطا في الحركة، ويعدّ من روّاد مشروع الطائرات دون طيّار.

ورد في البيان أنّ اغتيال الزواري يمثّل ضربة لكتائب القسام ولم يُسفك دمه عبثا. وورد أيضا أنّ الزواري، الذي كان طيّارا بنفسه، قد انضمّ إلى قوات المقاومة الفلسطينية قبل نحو عشر سنوات وأنّ إسرائيل اغتالته في مدينة صفاقس في تونس.

وفقا للتقارير فقد أصيب الزواري البالغ من العمر 49 عاما من مسافة قصيرة بستّ رصاصات، من بينها ثلاث أصابت رأسه. وقيل أيضا إنّ من اغتاله كان شخصا ذا مهارات ومدرّبا جدّا، وفرّ من المكان. وفقا لما نُشر في العالم فإنّ إسرائيل هي المسؤولة عن الاغتيال.

محمد الضيف - حي
محمد الضيف – حي

سواء كانت إسرائيل مسؤولة عن اغتيال الزواري أم لا، فلا يدور الحديث عن سياسة وحيدة للقوى الأمنية الإسرائيلية. فطيلة سنوات اغتالت إسرائيل نشطاء حمساويين كثر وتحمّلت المسؤولية في جزء من العمليات فقط.

استطلعنا بعض الاغتيالات الأكثر شهرة في تاريخ صراع إسرائيل ضدّ قيادات حماس:

سعت إسرائيل خلال الصيف الأخير (2014) في حربها مع حماس إلى اغتيال رأس الحربة، محمد الضيف، الذي يقف على رأس كتائب عز الدين القسام منذ سنة 2002 واعتُبر لسنوات طويلة المطلوب الأول لدى إسرائيل. نجا الضيف في الماضي من أكثر من أربع محاولات اغتيال من قبل إسرائيل. في محاولة الاغتيال الأخيرة قُتلت زوجته وابنته. ليس واضحا حتى اليوم، كيف نجا الضيف من الاغتيال، كيف يعيش، وماذا كانت قوة الضربة التي أصابته.

المهندس يحيى عيّاش

يحيى عياش
يحيى عياش

منذ سنّ 26 عاما، كان عيّاش من أبرز المخطّطين للعمليات الانتحارية في دولة إسرائيل. سريعا جدا أصبح أيضا خبير حماس في تصنيع العبوات المتفجرة التي استخدمها الانتحاريون الذين أرسِلوا إلى إسرائيل بين عامي 1994 و 1995. وقد قررت إسرائيل اغتياله. فبمساعدة متعاون نجح الشاباك في تمرير جهاز هاتف كانت بطاريته مليئة بمواد متفجّرة متطوّرة إلى عيّاش. تم تشغيل العبوّة المتطوّرة فقط بعد التأكد من أنّ عياش يتحدث فقُتل. بعد اغتيال عيّاش شنت حماس عملية انتقامية تضمنت العمليات ضدّ الحافلة التي تعمل على خطّ 18 في القدس، حيث قُتل 45 إسرائيليا، وقتيل آخر في أشكلون، و 19 قتيلا في خطّ 18 في شارع يافا في القدس، وغيرها. قُتل نحو 59 إسرائيليا في موجة العمليات الانتقامية تلك وأصيب عشرات آخرون.

“أبو صاروخ القسام”، عدنان الغول

عدنان الغول (AFP)
عدنان الغول (AFP)

بدأ عدنان الغول نشاطه الإرهابي في إطار حماس منذ التسعينيات بعد أن تدرّب في دول مثل سوريا ولبنان. خلال انتفاضة الأقصى أصبح خبيرا بالعبوّات المتفجّرة. وقد اعتُبر أيضا خبيرا بتشغيل الأسلحة المضادّة للدبابات ولكنه معروف في إسرائيل باعتباره “كبير مهندسي القسام”.

عدنان هو الذي شجّع تصنيع واستخدام القذائف بل وجنّد الخبراء وأشرف على التصنيع. حاولت إسرائيل اغتياله عدة مرات، في إحدى الحوادث نجا عدنان من إطلاق صواريخ من طائرة مروحيّة أباتشي تجاه قافلة كان مسافرا بها.

في حادثة أخرى نجا بعد أن نجح في الهروب من المبنى الذي أقام فيه، عندما داهم مقاتلو “شايطيت 13” المكان. في إحدى محاولات الاغتيال قُتل ابنه. في 21 تشرين الأول 2004 انتهت سلسلة الحظوظ لدى عدنان واغتيل بإطلاق صواريخ من طائرة مروحيّة تجاه سيارة كان مسافرا بها مع عماد عباس، قيادي آخر في حماس. بعد اغتياله أطلقت حماس قذائف هاون وقسّام تجاه المدينة الإسرائيلية، سديروت.

صلاح شحادة، اغتيال مثير للجدل

صلاح شحادة (AFP)
صلاح شحادة (AFP)

لم يكن في إسرائيل اغتيال مستهدف مثير للجدل أكثر من اغتيال صلاح شحادة. في تلك الأيام كان شحادة رئيس الجناح العسكري لحركة حماس.

مكث شحادة في السجون الإسرائيلية وعندما أطلِق سراحه انضمّ إلى الشيخ ياسين. وشارك في عملية اختطاف وقتل جنديين إسرائيليين وفي وقت لاحق شارك في إرسال إرهابيين انتحاريين. كان أول مَن اغتيل بواسطة طائرة حربية عندما ألقت طائرة F-16 من سلاح الجو على المكان الذي أقام فيه قنبلة وزنها طنّ. قُتل معه 14 مدنيا وثار في إسرائيل جدل كبير حول إذا ما كانت هناك حاجة إلى اغتياله من خلال قتل عدد كبير من المدنيين. لاحقا تم أيضًا تقديم التماس إلى المحكمة العليا بل وتشكلت لجنة فحص رسمية.

أحمد ياسين، الزعيم الروحي لحماس

أحمد ياسين، الزعيم الروحي لحماس (AFP)
أحمد ياسين، الزعيم الروحي لحماس (AFP)

مكث ياسين في السجون الإسرائيلية لسنوات طويلة وأصبح رمزا لحماس. بعد ذلك تحوّل بصفته مؤسس الحركة والمشرف بعد ذلك على اختطاف وقتل جنديين إسرائيليين سريعا جدا إلى زعيم روحي ومخطط طريق حماس. تم إطلاق سراح ياسين من السجون الإسرائيلية بعد فشل اغتيال خالد مشعل وسرعان ما عاد إلى العمل وقيادة الإرهاب من غزة.

في 22 آذار 2004، ألقيَتْ من طائرات حربية تابعة لسلاح الجوّ عدة صواريخ ولذلك قُتل ياسين إضافة إلى خمسة من حراسه. في تلك الأيام كان الحديث يدور عن تصعيد حقيقي وقد فوجئت حماس أيضًا من حجم عملية الاغتيال. حظي اغتيال ياسين بإدانة عالمية بما في ذلك دول مثل أستراليا، الولايات المتحدة، ودول أوروبية.

عبد العزيز الرنتيسي، الطبيب

عبد العزيز الرنتيسي (AFP)
عبد العزيز الرنتيسي (AFP)

حلّ محل الشيخ أحمد ياسين في منصب “القيادة‎ ‎الداخلية” (كانت القيادة الخارجية، التي يقف على رأسها حتى اليوم خالد مشعل، في دمشق)، وتولى المنصب لمدة 25 يومًا فقط، حتى انتهى به المطاف واغتاله الجيش في 17 نيسان 2004. كان الرنتيسي، وهو طبيب أطفال بمهنته، الناطق بلسان الحركة، وكان كذلك من بين الـ 415 أسيرًا الذين طردوا إلى لبنان في 1992. حلّ محلّه رئيس حركة حماس الحالي، إسماعيل هنية‎.

أحمد الجعبري

أحمد الجعبري (AFP)
أحمد الجعبري (AFP)

اعتُبر الجعبري القائد العام لحماس، ومنذ إصابة الضيف في 2006 تولى فعليًّا قيادة القوات. عرف عن الجعبري في إسرائيل بأنه من وقف وراء خطف الجندي جلعاد شاليط، وكان هو من نقله إلى مصر، يدًا بيد، بعد توقيع اتفاقية إطلاق سراحه.

طالما كان شاليط في الأسر، امتنعت إسرائيل من الاغتيالات المركّزة، خوفًا من أن يؤدي الأمر إلى الإضرار بالجندي المخطوف، لكن في تشرين الثاني 2012، بعد أن كان شاليط آمنا في بيته، اغتيل الجعبري بصاروخ موجه، أطلق نحو سيارته إذ كان يقودها. قُتل الجعبري في مكانه، لكن رائد العطار، قائد الكتيبة الجنوبية للذراع العسكرية، الذي جلس بجانبه لم يُصب. أدى اغتيال الجعبري إلى اندلاع الحرب على غزة عام 2014.

اقرأوا المزيد: 884 كلمة
عرض أقل
الصحفي الإسرائيلي هنريك تسيمرمان
الصحفي الإسرائيلي هنريك تسيمرمان

رجل المهام الخاصة للإعلام الإسرائيلي

تعرّفوا إلى الصحفي الإسرائيلي الذي أجرى مقابلة مع نجل أسامة بن لادن، وكشف عن العلاقات اليهودية لزوجته، ونجح عبر ربع قرن في تغطية عشرات الصراعات الدامية حول العالم

لو عرفتُ أنّ السؤال الأول الذي وجهته للصحفي الإسرائيلي المحنّك، هنريك تسيمرمان، هو السؤال ذاته تماما الذي طرحه تركي الفيصل، الذي كان على مدى سنوات رئيسا لوكالة الاستخبارات السعودية وسفير السعودية في الولايات المتحدة، لن أصدّق أبدا.

كيف وصل شخص ذي إطلالة أوروبية مثلك إلى إسرائيل؟ وما الذي تبحث عنه هنا في الشرق الأوسط؟

وُلد تسيمرمان في البرتغال، وقدِم إلى إسرائيل في سنّ صغيرة جدا، وهو صحفي محنّك ونشط يعمل مع شبكات بثّ مختلفة وراء البحار. أجرى خلال السنين مقابلات مع الشيخ أحمد ياسين، ياسر عرفات، محمود عباس، عبد العزيز الرنتيسي، ومسؤولين آخرين في السياسة الإسرائيلية والدولية.

تسيمرمان مع صديقه البابا فرنسيس
تسيمرمان مع صديقه البابا فرنسيس

“أنا سليل عائلة يهودية. قدِم والدي إلى البرتغال من بولندا وكان جدي من الناجين من الهولوكوست، وقد رفض على مدى سنوات أن يحكي لي الأحداث التاريخية القاسية التي أدّت إلى إبادة أسرته. تنحدر أمي من أسرة أكثر سعادة وهي سليلة يهود مغاربة من مدينة تطوان. كما هو معلوم، فإنّ يهود تطوان هم من المهاجرين من إسبانيا والبرتغال، إضافة إلى المسلمين المطرودين أيضًا من شبه الجزيرة الأيبيرية. في الواقع فقد قضيتُ معظم العطل الصيفية في المغرب وتأثرت من كلا الثقافتين، الشرقية والغربية على حد سواء. وفي الحقيقة، أشعر أنني أنجذب أكثر إلى ثقافة والدتي الشرقية ومؤخرا فقط أضفت اسم عائلتها إلى اسمي، ولذلك أصبح اسمي هنريك بن هاروش تسيمرمان”.

من جهة فإنّ تسيمرمان هو صحفي حائز على العديد من الجوائز العالمية، يتنقل بين دول الخليج، أوروبا، وأمريكا اللاتينية، ومقرّب من البابا فرانسيس، يتحدث خمس لغات ودائم الحضور في عدة قنوات إخبارية رائدة في العالم. يمكن أن يُلاحظ فورا من ينظر إليه إطلالة أوروبية هادئة ولكن في اللحظة التي يبدأ فيها بوصف أحداث مرّ بها أو شخصيات التقاها، تظهر فورا شخصية متنوعة مليئة بالمزاج الشرقي الواضح، الذي يعرف كيف يقصّ القصة بأفضل شكل. لقد تحدثنا، تقريبًا، عن كل العالم: تحدّثنا عن البابا، مستقبل العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين، سحر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الفُضول حول محمد بن سلمان آل سعود، الجهاد العالمي، القاعدة وداعش، وحول المغرب وجمال الشرق أيضا.

في كل موضوع تحدّثنا فيه، ظهر تواضع إلى جانب حجم التفاصيل الكبير للأحداث التي نقلها على مدى نحو ربع قرن. رغم الحذر الشديد الذي يُظهره في تغطياته الإخبارية، اتضح أنه يتمتع أيضًا بإصرار متطوّر، ساعده على الوصول إلى المقابلة المشوّقة مع نجل أسامة بن لادن.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (AFP)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (AFP)

أي زعيم عربي كنت ستُوصي الإسرائيلي العادي بالتعرّف إليه؟

“أعتقد اليوم أنّ على الإسرائيليين التعرّف إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. يشكّل المصريون اليوم نحو ربع العالم العربي وهم صنّاع القرار النهائي. يُستحسن أن تُفكّر إسرائيل وقادتها في ما يدور في الدولة المجاورة. كانت أحداث الربيع العربي ذروة التقلّبات الاجتماعية. لقد أدركت الثورات بشكل أساسيّ أنّه لا يمكن الإعلان عن الديمقراطية، بل يجب بناؤها. أعتقد أنّه لا يمكن السماح للحركات غير الديمقراطية بإدارة الديمقراطية. فعندما تُسيّطر هذه الحركات على السلطة، فأول خطوة تخطوها هي إلغاء جميع المؤسَّسات الديمقراطية. أتمنى للعرب أن يستمتعوا بالديمقراطية. لقد نشأتُ في ظل الدكتاتورية. وأدرك شعور العيش في ظل تلك الأجواء، ولذلك أعلم أيضا ما واجهه الشعب المصري. أعتقد أن عبد الفتاح السيسي شخصية رائعة لأنّه شخص حكيم ويفهم جيدا الشرق الأوسط وبشكل شاملا”.

وفقا للصحفي تسيمرمان، فقد أدّت التحوّلات العميقة التي تجري اليوم في الشرق الأوسط إلى اختفاء 5 دول من المشكوك به جدا إذا ما كانت ستعود بشكلها المعروف “لقد اختفت 5 دول وهي: اليمن، ليبيا، سوريا، العراق، والصومال. إذا كيف سيُبنى الشرق الأوسط الجديد؟ في نظري، سيرتكز على 6 دول ستكون رائدة في الـ 20-30 سنة القادمة. دولتان غير عربيّتين، وهما إيران وتركيا سواء كان جيّدا أو سيئا، ودولتان عربيّتان سنيّتان، السعودية ومصر، ومن هنا تنبع أيضًا أهمية السيسي. يشكّل المغرب، رغم بعده الجغرافي، لاعبا مهما بسبب علاقته الخاصة مع أكثر من مليون يهودي هاجروا منه إلى إسرائيل. يشكّل اليهود المغاربة دورا رئيسيا في بناء الجسور المستقبلية بين إسرائيل والدول العربية، لأنّهم ما زالوا يحبّون الملك والمناظر الطبيعية في وطنهم. يترعرع الجيل الثاني والثالث من أولئك المهاجرين، وفق ذات الثقافة والعلاقة بالمغرب. وبطبيعة الحال الدولة الأخرى هي إسرائيل. إنها قائمة وأصبحت حقيقة واقعية. في محادثة أجريتها مع مسؤول سعودي قال لي هو أيضًا إن “السعودية ومصر أدركتا أنّه لا يمكن هزيمة إسرائيل في الميدان العسكري لذلك يجب الحرص على التعاون لتحقيق المصالح المشتركة. تخيّل ما يمكننا أن نقوم به معا: يمكن بناء إمبراطورية من خلال العرب الأغنياء، الكثير من الشباب، وبمساعدة إسرائيل ذات قدرات تكنولوجية وعصرية”.

“الجهاد الآن” – القاعدة وداعش

تسيمرمان يجري مقابلة مع رئيس أركان البيشمركة في أربيل، القائد سيرفان برزاني
تسيمرمان يجري مقابلة مع رئيس أركان البيشمركة في أربيل، القائد سيرفان برزاني

“من جهة يسود شر كبير في تنظيم داعش، ومن جهة أخرى، إذا أردنا مواجهة الظاهرة ومنع ولادة أحفاد هذا التنظيم وأبنائه، علينا التعرّف عليه”، كما يقول تسيمرمان، مؤلف سلسلة “الجهاد الآن”. “ولذلك يجب مواجهته. أعتقد أنّ خطاب الكراهية لا يساعد أبدا، بل العكس. إنه يُزيد حدة الظاهرة. الواقع أكثر تركيبا بكثير مما يعرضونه لنا ونحن نميل إلى ارتكاب الخطأ عبر الصور النمطية”.

ولذلك، فإنّ “الجهاد الآن” هو برنامج تم تصويره على مدى نحو ثلاث سنوات في أكثر من 15 دولة مع مجموعة متنوعة من الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات بدءًا من رئيس أركان البشمركة في أربيل، مسؤولين في السي آي إي الأمريكي، ممثّلين من الـ MI5 و الـ MI6 البريطانية، دبلوماسيين سعوديين وأمريكيين وصولا إلى خبراء في الإرهاب في الولايات المتحدة وإسرائيل.

وبخلاف التقارير التي ظهرت مؤخرا في التلفزيون الإسرائيلي والتي غطّت ظاهرة الإسلام المتنامي في أوروبا، استذكر تسيمرمان أكثر من 30 عاما، عائدا إلى اللحظة التي غزت فيها الجيوش السوفييتية أفغانستان. ردّا على ذلك الغزو وكجزء من الحرب الباردة سلّحت الولايات المتحدة القوات المحلية في أفغانستان بأسلحة قوية تم توجيهها بعد مرور سنوات قليلة ضدّها، أثناء سيطرة المجاهدين على المنطقة. يستمر ذلك التوجه من خلال تعزّز قوة أسامة بن لادن.

ذروة السيرة المهنية: مقابلة مع عُمر، نجل أسامة بن لادن

عُمر، نجل أسامة بن لادن في مقابلة مع مراسل AFP (AFP)
عُمر، نجل أسامة بن لادن في مقابلة مع مراسل AFP (AFP)

لقد ساعد إصرار تسيمرمان على نجاحه في إجراء المقابلة المشوّقة مع نجل بن لادن. قدِم تسيمرمان إلى قطر بعد لقائين تم إلغاؤهما في اللحظة الأخيرة، كان المتوقع أن يُجريا في باريس وكوبا . “في التاسعة مساء وصلتُ إلى الفندق الذي حدّدنا فيه الموعد، ولكن عُمر لم يصل. بدلا منه، كان هناك من نظر إليًّ نظرات فاحصة من رأسي إلى أخمص قدميّ. تنقلتُ عبر ثلاثة فنادق حتى وصلت إلى عُمر. وعندما وصلتُ رأيت عُمر وهو يرتدي جلبابا أبيض نقي ووقفتِ إلى جانبه زوجته ذات عينين زرقاوتين، تتحركان كثيرا، وكانت ترتدي ملابس سوداء تغطي جسمها. تحدثنا لمدة ساعتين. في البداية، لم يتم تصوير اللقاء، ولكن أقنعته لاحقا بإجراء مقابلة مدتها نصف ساعة. رأيت شخصا حزينا تماما. لقد ترك والده قبل فترة قليلة جدا من أحداث الحادي عشر من أيلول ولم يكن يعلم بها كما يقول. سافر إلى جدّته، والدة أسامة بن لادن في السعودية وكان في منزلها أثناء تلك الأحداث.‎ وصف لي عمر بن لادن كيف أيقظه أعمامه وهم يصرخون وقالوا له إنّ “أباك قد دمّرنا” بينما كان يرى البرجين التوأم وهما يشتعلان بالنيران عبر التلفزيون. حينها جلس ذلك الرجل أمامي وقال إنّه، من جهة، ليس شريكا لتلك الأيديولوجية المتطرفة، ومن جهة أخرى، يدور الحديث عن والده وقد أعرب عن محبته”. وأكثر ما فاجأ تسيمرمان هو الشبه بين عمر ووالده “كانا يشبها بعضهما كثيرا رغم أنّ عُمر يبدو ذا جسد أضخم، ربما كان يمارس تمارين رياضة بدنية”.

من خلال محادثة تسيمرمان مع بن لادن الشاب، أدرك أنّ أسرة بن لادن تسعى لتحسين سمعتها. تتنقل هذه الأسرة التي استمرت في بناء المشاريع المرموقة في الدوحة، طوال الوقت، على طول المحور بين جدة والدوحة في قطر.

كشْف مثير: الجذور اليهودية لزوجة نجل بن لادن

عُمر وزوجته زينة في منزلهما في القاهرة، عام 2008 (AFP)
عُمر وزوجته زينة في منزلهما في القاهرة، عام 2008 (AFP)

بعد اللقاء مع عُمر بن لادن، اكتشف تسيمرمان أن زينة بن لادن، زوجة عمر ابن أسامة بن لادن، قد أرسلت إليه رسالة نصية كشفت فيها أنّ والدتها من أصول يهودية.

على مدى شهور حاول تسيمرمان إقناع زينة بالحديث عن علاقة أسرتها باليهودية، ولكنها رفضت بشدّة. في شباط 2012 في مانشستر، بعيدا عن منزلها في قطر، وافقت على الكشف عن السر.

“ينحدر والد أمي من عائلة يهودية أصلها من روسيا البيضاء”، كما قالت لتسيمرمان. “لم تخفِ أمي تلك الحقيقة أبدا. فهي تعرّف نفسها باعتبارها تنحدر من أسرة يهودية. أتذكر عندما كنت أشعل الشموع يوم السبت”.

وُلدت زينة بن لادن، أو باسمها القديم، جين فيليكس براون، وعاشت في حيّ نصف سكانه يهود، قرب مانشستر. أخبرَت زينة تسيمرمان أنها اعتادت على الذهاب إلى حفلات زفاف يهودية، وعلى زيارة الكنيس في أحيان كثيرة. عام 2000 قررت جين فيليكس براون، أو زينة، مغادرة بريطانيا والاستقرار في الشرق الأوسط. التقت بأسرة بن لادن وبعمر، الابن المُفّضل لدى أسامة، قرب أهرامات الجيزة. أحبا بعضهما، وبعد أسبوعين من ذلك تزوّجا. واليوم، بعد 5 أعوام من اغتيال بن لادن – وهي بعيدة عن مناطق الحرب في أفغانستان، لم تعُد لديها مشكلة في الحديث عن جذورها اليهودية.

تسيمرمان يلتقط صورة مع رئيس كردستان العراق، مسعود برزاني
تسيمرمان يلتقط صورة مع رئيس كردستان العراق، مسعود برزاني

ما رأيكِ بجمود العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين؟

“أعتقدُ أن الإسرائيليين والفلسطينيين يعانون من صدمة وخيبة أمل عميقة. هناك انعدام ثقة شبه كامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين. في رأي أيضًا أنّه ليس هناك استعداد حقيقي للسلام لا في المجتمَع الفلسطيني ولا في المجتمع الإسرائيلي. هناك جهات تحاول طوال الوقت أن تُعكّر الأجواء. ورغم كل ذلك فلو نظرت إلى بعض الاستطلاعات وتحليلات الرأي العام، كنتَ ستكتشف أنّه سواء كان في أوساط الفلسطينيين أو الإسرائيليين فإنّ ثلثي الشعب (على الأقل) يؤمنون بالسلام ويدعمون حلّ الدولتين. المشكلة بطبيعة الحال الثقة المتبادلة وعلى هذا يجب على الزعماء العمل جيّدا”.

السؤال الأخير: أي زعيم عربي كنتَ ترغب في إجراء مقابلة معه؟ وماذا كان السؤال الأول الذي كنت ستطرحه عليه؟

“الشخصية الرائعة في نظري هي شخصية وزير الدفاع السعودي، محمد بن سلمان. تسود في السعودية في هذه الأيام ثورة نفسية تقريبا. إذا انتقلت خيوط السلطة إليه فعلا فستحدث قفزة على مدى جيلين من الزعامة. سينجح محمد بن سلمان في تعزيز مكانة بلاده أكثر مما عرفناه حتى الآن. وقد عرض هذا العام برنامجا اقتصاديا لعام 2030، وأهمه هو محاولة السعودية الانفصال عن التعلق التام بالذهب الأسود. السؤال الأول الذي كنتُ سأوجهه إليه هو كيف يرى الشرق الأوسط في الثلاثين عاما القادمة؟”.

اقرأوا المزيد: 1513 كلمة
عرض أقل
مظاهرات في غزة بعد اغتيال عبد العزيز الرنتيسي (AFP)
مظاهرات في غزة بعد اغتيال عبد العزيز الرنتيسي (AFP)

وقائع الاغتيالات لقادة حماس

هل تعود إسرائيل "لسلاح يوم الحساب" ؟ هذه هي الاغتيالات الأبرز لرجال حماس على طول السنوات

هل تعود إسرائيل مجدداً لتنفيذ سياسة الاغتيالات ضد قادة حماس ؟

توافق اليوم الأحد، الذكرى السنوية الحادية عشر لاغتيال مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين الذي اغتالته طائرات إسرائيلية بعد خروجه من مسجد المجمع الإسلامي القريب من منزله في حي الصبرة جنوب مدينة غزة اثر تأديته صلاة الفجر.

أمامكم لمحة عن سياسة الاغتيالات الإسرائيلية وما الذي وقف وراء صنع قرارها:

سعت إسرائيل خلال الصيف الأخير (2014) في حربها مع حماس إلى اغتيال رأس الحربة، محمد ضيف، الذي يقف على رأس كتائب عز الدين القسام منذ سنة 2002 واعتبر لسنوات طويلة المطلوب الأول لإسرائيل. نجا ضيف في الماضي من أكثر من أربع محاولات اغتيال من قبل إسرائيل. في محاولة الاغتيال الأخيرة قتلت زوجته وابنته، لكن لم يتضح بعد إن أصيبَ، وإن حدث ذلك، فما هو وضعُه.

الاغتيال الأهم الأول: يحيى عياش
الاغتيال الأهم الأول: يحيى عياش

طبعًا، قبل عقد من الزمن، كانت طريقة الاغتيالات استراتيجية ناجحة للغاية للجيش الإسرائيلية ، وأدت إلى ردع وخسائر كبيرة في صفوف حماس. هذه هي الاغتيالات الأبرز:

أحمد الجعبري: اعتُبر الجعبري القائد العام لحماس، ومنذ إصابة ضيف في 2006 تولى فعليًّا قيادة القوات. عرف عن الجعبري في إسرائيل بأنه من وقف وراء خطف الجندي جلعاد شاليط، وكان هو من نقله إلى مصر، يدًا بيد، بعد توقيع اتفاقية إطلاق سراحه. طالما كان شاليط في الأسر، امتنعت إسرائيل من الاغتيالات المركّزة، خوفًا من أن يؤدي الأمر إلى الإضرار بالجندي المخطوف، لكن في تشرين الثاني 2012، بعد أن كان شاليط آمنا في بيته، اغتيل الجعبري بصاروخ موجه أطلق نحو سيارته إذ كان يقودها. قُتل الجعبري في مكانه، لكن رائد العطار، قائد الكتيبة الجنوبية للذراع العسكرية، الذي جلس بجانبه لم يُصب. أدى اغتيال الجعبري إلى اندلاع حملة “عمود السحاب”.

أحمد الجعبري
أحمد الجعبري

سعيد صيام: اغتيل صيام، الذي تولى وزارة الداخلية والأمن القومي في حكومة حماس في غزة، في أواخر حملة “الرصاص المصبوب”، في 15 من شهر كانون الثاني 2009. عُرف عنه بأنه أحد المتمسكين بالنهج الأيديولوجي والسياسي الأكثر تطرفًا من بين قواد حماس ويعد مؤسس القوة التنفيذية للحركة. طُرد صيام إلى لبنان سنة 1992 بعد أن سجن على إثر تورطه في نشاطه في الدرجة المتوسطة في حماس. نجا صيام، الذي طاردته فتح أيضًا، من محاولات اغتيال عديدة قبل أن تنجح طائرات سلاح الجوّ باغتياله مع أخيه إياد.

عبد العزيز الرنتيسي: حلّ محل الشيخ أحمد ياسين في منصب “القيادة الداخلية” (كانت القيادة الخارجية، التي يقف على رأسها حتى اليوم خالد مشعل، في دمشق)، وتولى المنصب لمدة 25 يومًا فقط، حتى انتهى به المطاف واغتاله الجيش في 17 نيسان 2004. كان الرنتيسي، وهو طبيب أطفال بمهنته، الناطق بلسان الحركة، وكان كذلك من بين الـ 415 أسيرًا الذين طردوا إلى لبنان في 1992. حلّ محلّه رئيس حركة حماس الحالي، إسماعيل هنية.

أحمد ياسين: وهو الشخصية الأرفع في حماس التي اغتالتها إسرائيل، وكان مؤسس وقائد الحركة. عُرف بإعاقته التي جعلته يجلس على كرسي متحرك، وادعي أنه في الماضي في عمر 16 وقف على رأسه على شاطئ غزة، وقع وأصيب بعموده الفقري. حكم على ياسين بالسجن المؤبد سنة 1991 إثْرَ تورطه بقتل جنديَين إسرائيليين أواخر الثمانينات، لكن ياسين أطلق سراحه من السجن في إطار صفقة مع الأردن بعد محاولة اغتيال خالد مشعل الفاشلة في عمان. بعد إطلاق سراحه من السجن استمر ياسين في نشاطاته، وفي سنة 2003 جرت محاولة فاشلة لاغتياله. في آذار 2004 نجحت طائرات سلاح الجو في تصفيته، وقُتل معه خمسة من حراسه الشخصيين.

مظاهرات في غزة بعد اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي (AFP)
مظاهرات في غزة بعد اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي (AFP)

صلاح شحادة: رئيس الذراع العسكرية لحماس في قطاع غزة، اغتيل في 22 تموز سنة 2002، في ذروة الانتفاضة الثانية. أثار اغتياله السؤال حول أخلاقية طريقة الاغتيال الموجّه بعد أن قُتل معه 14 إنسانًا بريئًا، منهم امرأته وإحدى بناته، قتلتا في القصف الذي استُخدمت فيه قنبلة وزنها طنّ ألقيت على البيت الذي مكث فيه. نسبت إسرائيل لشحادة تخطيطات لعمليات تخريبية عديدة، منها قتل خمسة تلاميذ حلقات دينية في عتسمونا وقتل أربعة جنود من الجيش في ثكنة أفريقيا في جنوب القطاع.

يحيى عياش: الاغتيال الأهم الأول الذي نفذه الجيش ضدّ مسؤول من حماس. عُرف عياش بلقب “المهندس” واغتاله الشاباك سنة 1996 بواسطة هاتف نقال مفخخ. لقد كان من منشئي الذراع العسكرية لحماس، كتائب عز الدين القسام، وكان رئيسًا لها. عُرف عياش بأنه أحد المسؤولين عن إدخال طريقة التفجيرات الانتحارية في التسعينات، كجزء من صراع الفلسطينيين في إسرائيل. نُسبت لعياش سلسلة طويلة من العمليات التخريبية التي نفذت في هذه الفترة في إسرائيل وحصدت حياة ما يفوق مئة إسرائيلي، منها التفجير في خط 5 في تل أبيب سنة 1994، قُتل فيه 22 شخصًا.

اقرأوا المزيد: 677 كلمة
عرض أقل
القائد العام لكتائب عز الدين القسام محمد الضيف
القائد العام لكتائب عز الدين القسام محمد الضيف

بروفايل: من أنت يا محمد ضيف؟

لقد نجا من خمس محاولات اغتيال، جُرح مرتين ونجا، وفي آخر محاولة في تاريخ 20 أغسطس (آب) 2014، فقد زوجته ونجله، ويُعد من أرفع المطلوبين منذ ما يُقارب عقدين من الزمن. من هو رئيس الذراع العسكرية لحماس؟

من بين كل مطلوبي الذراع العسكرية لحماس على مر الوقت، يُعتبر أحدهم في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية الأكثر مراوغة، مهارة، وخطرًا. لقد نجا من خمس محاولات اغتيال، جُرح مرتين ونجا، وفي آخر محاولة في تاريخ 20 أغسطس (آب) 2014، فقد زوجته ونجله، ويُعد من أرفع المطلوبين منذ ما يقارب عقدين من الزمن- رئيس الذراع العسكرية لحماس، محمد الضيف. على الأرجح، يُفترض أنه الرجل الذي يدير القتال في غزة هذه الأيام، وهو جالس في حفر إصدار التعليمات لحماس، وإلى جانبه نائبه مروان عيسى.

وُلد محمد الضيف (ابن 49 عامًا) لعائلة من اللاجئين الفلسطينيين جنوب قطاع غزة. تربى منذ ولادته على أصول التطرف الإسلامي.

بدأ نشاطه العسكري في أيام الانتفاضة الأولى، إذ انضم لصفوف حماس. سنة 1989، اعتقلته إسرائيل وقضى في سجنها سنة ونصف. كان الضيف في بداية طريقه في حماس من تلاميذ “المهندس” يحيى عياش، وبعد اغتيال عياش سنة 1996، أصبح التلميذ- الذي قد كان رئيس الذراع العسكرية لحماس- على رأس المطلوبين حتى اليوم.

اغتيال قائد الذراع العسكري لحركة حماس احمد جعبري (FLASH 90)
اغتيال قائد الذراع العسكري لحركة حماس احمد جعبري (FLASH 90)

سنة 2001، حاولت إسرائيل اغتيال الضيف للمرة الأولى، لكنه فرّ ونجا. بعد سنة تمت المحاولة الثانية: أطلقت مروحية أباتشي صاروخَين نحو مركبة الضيف. أصاب أحدهما الضيف فجُرح، وأصيب في رأسه. خشي الذراع العسكري لحماس أن تحاول إسرائيل إصابة الضيف مرة أخرى ولذلك لم ينقلوه للمستشفى في غزة وإنما لمكان مستتر، واستُدعي حينئذ مسؤول حماس، طبيب الأطفال د. عبد العزيز الرنتيسي (الذي اغتيل سنة 2004) لتقديم العلاج.

بقي الضيف، الذي جُرح بشدة في محاولة الاغتيال على قيد الحياة، واجتاز عملية تأهيل في حركة حماس. سنة 2003، بعد أشهر معدودة من عودته لنشاطاته، أجري لقاء سري لقيادة حماس في بيت مروان أبي راس في مدينة غزة. حضر اللقاء ممّن حضر، الضيف، إسماعيل هنية وأحمد ياسين. بعد معلومات وصلت لإسرائيل، انطلقت طائرة حربية لسلاح الجو لقطاع غزة وأطلقت صاروخًا نحو البيت، لكن الصاروخ أصاب الطابق الخطأ للمبنى ونجا كل قوّاد الحركة ومن بينهم الضيف.

مظاهرات في غزة بعد اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي (AFP)
مظاهرات في غزة بعد اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي (AFP)

جرت محاولة إضافية لاغتيال الضيف سنة 2006. في منتصف الليل في 12 تموز، اجتمع رؤساء الذراع العسكرية لحماس في بيت في القطاع. لقد أجري الاجتماع في الطابق الأرضي للبيت للظنّ أن هذا الطابق أكثر أمانًا في حال هجوم جوي. بعد أن وصلت معلومات في المؤسسة الأمنية عن إجراء اللقاء، أرسِلت طائرة حربية مرة أخرى وألقت بقنبلة على البيت. قُتل عشرة ممن مكث في البيت خلال الهجوم، لكن نجا رؤساء الذراع العسكرية. جُرح الضيف مرة أخرى، وكما يعرف، انبترت أجزاء من أطرافه العليا والسفلى.

وآخر محاولة لاغتياله كانت خلال الحرب بين إسرائيل وحماس، حيث استهدفت إسرائيل في تاريخ 20 أغسطس (آب) 2014، منزلا لعائلة آل الدلو، في حي الشيخ رضوان، مخلّفة مقتل زوجة الضيف ونجله.

لم يظهر الضيف على الملأ لسنوات عديدة. يبدو أن حفاظه على أسلوب حياة سريّ أبقاه على قيد الحياة.

اقرأوا المزيد: 418 كلمة
عرض أقل
أعلام حماس خلال مخيّم تدريبات (Flash90/Abed Rahim Khatib)
أعلام حماس خلال مخيّم تدريبات (Flash90/Abed Rahim Khatib)

عائلة إرهابيّة: عائلة القواسمة من الخليل تورّط حماس مرّة أخرى

عائلة القواسمة هي محور القوة المركزية لحماس في مدينة الخليل: هذه هي ملامح العائلة الأكثر إجرامًا والتي لا تنصاع لأوامر قُوّادها السياسيّين والعسكريين

إن البحث عن الفتيان الثلاثة المخطوفين في الخليل، يستمر في طرح شكوك حول هويّة الخاطفين ومكان وجودهم. فتحتار الأنظمة الأمنية الإسرائيلية حول كيف نجح الخاطفون، سواء كانوا، في تعقب الفتيان، إقناعهم بأن نقلهم بالسيارة آمن، وإخفاء الآثار في المنطقة خلال عملية الخطف.

من المعروف عن الخليل أنها معقِل رجال حماس بفضل العلاقات العائلية المتشابكة التي نجحت المنظمة في تأصيرها على مدى سنوات.

إحدى العائلات المعروفة والكبيرة في الخليل هي عائلة القواسمة التي نفذ الكثير من أبنائها عمليات الخطف والإرهاب الكبرى التي عرفها الجمهور الإسرائيلي.

“إن كانت حماس حقًا هي من نفّذ الخطف، ستكون هذه هي مرة أخرى يقرر فيها رجال الجناح العسكري للمنظمة طريق الحركة، ويجبرون زعماءها السياسيّين على المضي على نفس الخط. وهذا، بعد أسبوعين فقط منذ إقامة حكومة الوحدة الوطنية “فتح وحماس” في غزة ورام الله، هذا ما كتبه هذا الصباحَ صحفي الشؤون الفلسطينية، شلومي إلدار، في موقع الأخبار Al Monitor.

وينبغي معرفة، أن حركة حماس تحاول أن تثبت للعالم أنها حركة سياسية مشروعة. لكنها ليست مثل كل الحركات السياسيّة التي يقرر رؤساؤها وقوادها منهجها، فحماسُ حركةٌ يُجبر مسلحوها قائديها على الانحراف عن الطريق في كلّ مرة.

وحدثت مثل هذه التورّطات، حيث كانت عائلة القواسمة متورطة فيها، في منتصف شهر تموز 2013، في قمة الانتفاضة الثانية. وبينما كان ياسر عرفات ما زال محاصرًا في المقاطعة في رام الله، أعلِنت للمرة الأولى “هدنة” بين كل الفصائل الفلسطينية وبين إسرائيل، بما في ذلك حركة حماس. وأعطى الشيخ أحمد ياسين، مؤسس وقائد حركة حماس، إذّاك موافقته على وقف إطلاق النار ووقف الهجمات الانتحارية مقابل الالتزام الإسرائيلي بإيقاف الهجمات على غزة والضفة الغربية.

أرسِل مبعوثو رئيس الحكومة وقتَها، محمود عباس، إلى دمشق للتباحث مع خالد مشعل، رئيس الجناح السياسي لحماس، ومع رمضان عبد الله شلّح، الأمين العام للجهاد الإسلامي. إذ، دخلت الهدنة حيز التنفيذ وبدا للجميع أن الانتفاضة انتهت ويمكن تنفس الصعداء.

بعد شهر ونصف من سريان الهدنة، في 19 آب 2003، فجر ناشطُ حماس من الخليل نفسه في باص رقم 2 في القدس مما أسفر عن قتل 23 إسرائيليًّا. لقد خططت عائلة القواسمة من الخليل، والتي تشكل البنية الأساسية لحماس في المدينة، التفجير الذي قُتل فيه أولاد وفتيان وهم عائدون من الاحتفال في حائط المبكى، كانتقام على اغتيال ابن العائلة عبد الله القواسمة، الذي كان في منصب رئيس الجناح العسكري لعز الدين القسام في المدينة.

بعد أشهر من ذلك الحدث، وبعد أن اتبعت إسرائيل تنفيذ سياسية اغتيال قادة حماس التي شملت فيما شملت رئيس الحركة أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، طالبت حماس بإعادة الهدوء إلى مساره بوساطة مصرية. لذلك، أُرسِل رئيس الاستخبارات المصرية وقتَها، عمر سليمان إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية وحاول تلخيص شروط الهدنة. لكنْ، كانت لنشطاء عائلة القواسمة، الناشطين في فصائل عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، برامج أخرى.

في 31 من آب 2004، أرسَل عماد القواسمة مفجرين انتحاريين من الخليل، أحدهما كان ابن عمه، أحمد، لتنفيذ تفجير انتحاري في بئر السبع، الذي قُتل فيه 16 إسرائيليًّا، أغلبهم شباب قضوا يومهم الأخير في العطلة الكبيرة في المدينة الجنوبية. فاضطر مشعل أن يشرح لوزير الاستخبارات المصري أن هذه كانت عمليات محليًة منفردة، وأنه لم يكن للقيادة أي ضلع في الحدث الذي قامت به الخلية المحليّة.

رغم أن رئيس الحكومة نتنياهو، قد أشار وأبلغ أن حماس ورجالها في الخليل هم المسؤولون عن عملية الخطف، إلا أنه ليس هناك دليل في الواقع على أنهم نفذوا العملية، التي نجحت في إرباك رئيس السلطة الفلسطينية أبي مازن، وفتح.

من المحتمل أن نتنياهو يعرف معلومات استخبارية موثوق بها، تشير إلى وجود علاقة بين حماس وعائلة القواسمة وعملية الخطف (يبدو أن هذا هو السبب الذي أوقف الجيش من أجله نشطاء حماس من عائلة القواسمة في الأيام الأخيرة). وحاليًّا يبدو أن البحث والجهود المبذولة لشل البنية الإرهابية لحماس في الخليل في ذروتها ويتوقع أن تمتد لفترة أخرى طويلة.

اقرأوا المزيد: 579 كلمة
عرض أقل
خالد مشعل في زيارة تاريخية لقطاع غزة في ديسمبر (كانون الأول) 2012. (Flash 90)
خالد مشعل في زيارة تاريخية لقطاع غزة في ديسمبر (كانون الأول) 2012. (Flash 90)

خالد مشعل: الناجي (الرحالة)

يعتبر خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، من أبرز الشخصيات القيادية في الحركة. ومن خلال متابعة مسيرة حياته، تصريحاته وخطاباته، نكتشف أنه شخصية متعددة الوجوه. فهو شخصية متصلبة أيديولوجيًا وفي نفس الوقت شخصية تبني مواقفها على أسس وحسابات دقيقيْن. من هو خالد مشعل؟

من يتابع تصريحات و “طلات” خالد مشعل في الأشهر الأخيرة، يمكن أن يلاحظ بشكل واضح حالة الضغط والأزمة التي يعاني منها رئيس المكتب السياسي لحماس. فحماس تواجه الوضع الأصعب في تاريخها. وواجه مشعل منذ توليه رئاسة المكتب السياسي للحركة العديد من الأزمات والتحديات: مواجهة التحديات السياسية الداخلية (استمرار السيطرة على قطاع غزة)، والعسكرية (حملة “الرصاص المصبوب” و”عمود السحاب” في مواجهة إسرائيل)، ومواجهة التحديات على مستوى سياسة حماس الخارجية (استمرار حالة الحصار والعزل اللتين تعاني منهما إيران، التي كانت حتى فترة قريبة، الجهة التي ترعى وتحتضن حركة حماس). جميع هذه التحديات تسببت في إضعاف الحركة.

إلا أن هذه التحديات والضغوطات تصاعدتا وازدادتا في السنتين الماضيتين وبشكل كبير، مما جعل مشعل مضطرًا على مواجهة المزيد من التحديات. الربيع العربي خلق حالة من الاحتكاك والتطورات التي تسببت بأضرار وخسائر كثيرة للحركة: الحرب الأهلية في سوريا دفعت مشعل إلى أن يختار دعم المحور العربي في مواجهة المحور الإيراني. فك الارتباط بين الحركة وسوريا منذ شهر شباط 2012، بعد سنوات طويلة احتضنت خلالها دمشق مشعل وقيادة الحركة في الخارج، هذا التطور دفع قيادات الحركة إلى البحث عن “مقر مؤقت” في قطر. إلا أن قرار مشعل بدعم المحور العربي، جعل حماس تدفع ثمنًا باهظًا لهذا الاختيار: هناك من يقول أن تحركات مشعل في قطر تخضع لرقابة ومتابعة دائمتين، وهناك من يقول أيضًا أن مشعل موجود تحت شكل من أشكال الإقامة الجبرية في الدوحة.

ويبدو أن المآسي والصعاب تأتي تباعا: التوتر في العلاقات بين حماس ومصر وصل إلى مستوى غير مسبوق. مصر بقيادة الفريق عبد الفتاح السيسي، ينظرون إلى حماس ومشعل على أنهما يتحملان مسؤولية التصعيد في العمليات الإرهابية في شبه جزيرة سيناء. وفور عزل الرئيس المصري، محمد مرسي على أيدي السيسي، بدأ رؤساء وقيادات الأجهزة الأمنية في مصر يطلقان تصريحات نارية ضد حماس ويتهمانها بالتورط في أعمال العنف ضد قوات الأمن المصري. بداية القطيعة في العلاقة بين الجيش المصري وحماس، كانت في شهر رمضان من العام 2012 بعد مقتل 23 ضابطًا مصريًا على الحدود مع رفح في هجوم مسلح اتهمت الأجهزة الأمنية المصرية حركة حماس بالمسؤولية عنه.

أيضًا على مستوى الساحة الفلسطينية الداخلية، هناك حالة من الجمود: مساعي إنهاء الانقسام الداخلي الفلسطيني عادت مجددًا إلى حالة الجمود والتعثر. وحماس هي الخاسر الأكبر من عدم تقدم قطار المصالحة، أكثر بكثير من خسارة رئيس السلطة الفلسطينية، أبي مازن، الذي ما زال يتمتع بدعم عربي وغربي واسعين، ويمتلك القدرة على إدارة اتصالات سياسية ودبلوماسية واسعة مع العديد من الجهات. ويبدو أن مشعل وحركة حماس يحاولان البحث عن طريق جديدة. وسنعمل هنا على تسليط الضوء على محطات في حياة هذا الرجل، في محاولة للبحث عن إجابات لتساؤلات صعبة ومحيرة.

من هو خالد مشعل؟

خالد مشعل خلال خطاب له في تركيا (AFP)
خالد مشعل خلال خطاب له في تركيا (AFP)

هو خالد عبد الرحيم مشعل (أبو الوليد)، من مواليد العام 1956. ولد مشعل في قرية سلواد القريبة من رام الله. بعد احتلال إسرائيل للقرية في أعقاب حرب الأيام الستة (حرب حزيران 1967)، هربت عائلته إلى الكويت. وهناك تعلم مشعل العلوم الدقيقة في جامعة الكويت ومنذ بداية سنوات السبعينات، كان مشعل ناشطًا في اتحاد طلبة فلسطين. وخلال دراسته الماجستير في الفيزياء حصل على تصريح عمل كمعلم فيزياء في إحدى مدارس الكويت، وتزوج بعد ذلك ولديه سبعة أولاد. وخلال وجوده في الكويت انضم إلى حركة الإخوان المسلمين واستكمل تعليمه وحصل على شهادة الدكتوراه في الفيزياء.

وفي العام 1987 كان مشعل من بين مؤسسي حركة حماس، وفي وقت متأخر من العام 1990 طُرد مشعل من الكويت، في إطار موجات الترحيل الواسعة لعشرات الآلاف من الفلسطينيين. المحطة الثانية في حياته كانت في العاصمة الأردنية، عمان، هناك انضم إلى قيادة حماس (عمل في قيادة الحركة بين الأعوام 1994 و 1999). يجب الإشارة هنا إلى أن حركة حماس تتكون من الناحية التنظيمية من جناحين: “حماس الداخل” وهي حماس الموجودة داخل أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة و “حماس الخارج” وهي تلك القيادة الموجودة خارج مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة ومنتشرة في الدول العربية. وهناك تنسيق كامل بين جناح الداخل والخارج، إلا أن حماس الخارج تعتبر أكثر تطرفًا اتجاه إسرائيل مقارنة بحماس الداخل.

صعود مشعل إلى الواجهة جاء بعد عملية توقيف وتسليم موسى أبي مرزوق في الولايات المتحدة في العام 1996. حيث تم تعيين مشعل قائم بأعمال أبي مرزوق، كرئيس للمكتب السياسي لحركة حماس. بالمقابل تم تعيين مشعل في مجلس الشوري التابع للحركة، وهو المجلس القيادي الأعلى لحماس. ومنذ ذلك الحين تحوّل مشعل إلى هدف للكثير من الأجهزة الاستخبارية ومن بينها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.

مشعل والنجاة من “سم” الموساد

في 30 تموز من العام 1997 حاول جهاز الموساد الإسرائيلي اغتيال مشعل على الأراضي الأردنية. وبدأت قصة الاغتيال بعد تنفيذ حركة حماس هجومًا في سوق “محانيه يهودا” في القدس، وقُتل في العملية 16 شخصًا وأصيب أكثر من 150 آخرين. رئيس الوزراء آنذاك، بنيامين نتنياهو، طلب من الأجهزة المعنية في إسرائيل الرد وبأقصى سرعة على الهجوم الحمساوي. ويتضح من التفاصيل التي كشف عنها المراسل الاستخباري لصحيفة “هآرتس”، يوسي ميلمان، في ذكرى مرور عشر سنوات على محاولة الاغتيال الفاشلة، حجم الفشل الذريع الذي ما زال محفورًا في ذاكرة الموساد.

وحسب تلك المعلومات والتفاصيل، فإن نتنياهو الذي تولى منصبه كرئيس للوزراء قبل عام فقط من الهجوم الذي قامت به حماس في “محانيه يهودا”، استدعى رئيس الموساد آنذاك، داني ياتوم، وطلب منه أن يقدم له قائمة بأهداف حمساوية مرشحة لاستهدافها ردًا على الهجوم الذي قامت به الحركة. وبعد جولات نقاش عديدة تم طرح اسم مشعل. المهمة كانت شبه مستحيلة، وقيادات حماس التي خططت وأصدرت الأوامر كانت موجودة خارج إسرائيل، وكان من الصعب الوصول إلى تلك القيادات دون إثارة شكوك وانتباه الأجهزة الأمنية المعنية في تلك الدول المستضيفة لقيادات حماس. لكن، وبعد نقاشات مستفيضة، تقرر في الموساد أن يتم استهداف مشعل في العاصمة الأردنية، عمان، على الرغم من المخاطر المحتملة في حال فشل العملية وإمكانية انزلاق العلاقات بين الأردن وإسرائيل إلى مستويات خطيرة في حال تم الكشف عن عملية الاغتيال.

وفي الرابع من أيلول من العام نفسه، وقع هجوم آخر في شارع “بن يهودا” بالقدس، حيث قُتل خمسة أشخاص وأصيب أكثر من 180 شخصًا. هذا الهجوم ساهم في دفع رؤساء الأجهزة الاستخبارية وعلى رأسها الموساد إلى العمل من أجل البدء بتنفيذ خطة اغتيال مشعل.

وفي الـ 25 من أيلول من العام 1997، وفي حوالي الساعة العاشرة صباحًا اقترب اثنان من المقاتلين من وحدة “كيدون” ـ وحدة الاغتيالات في جهاز الموساد ـ اللذان تخفيا كسائحيْن كنديْين من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، خلال توجهه إلى مكتبه يرافقه أحد مساعديه. وحسب تسلسل الأحداث، فإن أحد المقاتلين قام بفتح زجاجة مشروب غازي من أجل لفت الأنظار والآخر قام بحقن فتحة أذن مشعل بالسم. العملية لم تستغرق أكثر من ثانيتين ومشعل شعر بلسعة في أذنه قبل أن ينهار ويسقط أرضًا. إلا أن مساعد مشعل الذي لاحظ ما جرى، بدأ بملاحقة عنصري الموساد اللذين هربا من المكان بواسطة سيارة. المساعد تمكن من تسجيل رقم لوحة السيارة التي فرت من المكان وقام باستدعاء المساعدة.

وحسب الشهادات في الموساد، فإن المقاتليْن قاما بعد ذلك باستبدال سيارة الهروب، إلا أنه وبسبب خطأ في عملية التوجيه عادا مرة أخرى إلى المكان الذي قاما بالهروب منه. عندها نجحت عناصر من الأمن الأردني بمساعدة بعض مساعدي مشعل في إلقاء القبض عليهما. أربعة من المقاتلين الذين شاركوا في عملية الإسناد والدعم اضطروا إلى اللجوء إلى السفارة الإسرائيلية في عمان.

هذه العملية الفاشلة أغضبت الملك حسين، بعد أن تبيّن تورط الموساد في عملية الاغتيال على أراضي المملكة، وهدد الملك الأردني بقطع العلاقات مع إسرائيل وإصدار الأوامر لقوات خاصة من الجيش الأردني باقتحام مبنى السفارة.

رئيس الوزراء قرر استدعاء سفير إسرائيل في الاتحاد الأوروبي، إفرامي هليفي، الذي كان نائبًا لرئيس الموساد السابق، شفتاي شابيط، والذي كان على علاقة خاصة مع الملك حسين. هليفي سافر إلى عمان واقترح على الملك الأردني صفقة: طبيب من الموساد وصل إلى عمان وقام بتسليم الأطباء الأردنيين ترياق مضاد، يعمل على تعطيل تأثير السم الذي تم حقن فتحة أذن مشعل بواسطته.

عملية الموساد الفاشلة ساهمت في تقوية مكانة مشعل داخل حركة حماس. وتحوّل إلى شخصية مركزية في الحركة وإلى الرجل القوي فيها. هذه العملية الفاشلة تسببت أيضًا في دفع إسرائيل إلى الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين، الزعيم الروحي للحركة ومؤسسها. بالمقابل، قامت الأردن بالإفراج عن المقاتليْن اللذين قامت باعتقالهما وسمحت للمقاتلين الأربعة الذين لجأوا إلى السفارة بمغادرتها. هذه العملية أضرت بصورة كبيرة بالعلاقات الإسرائيلية ـ الكندية، بعد أن اتضح أن عملاء الموساد كانوا يحملون جوازات سفر كندية مزيفة.

وبعد أن شُفي مشعل من السم الذي حقن في أذنه، اضطر وبأوامر من السلطات الأردنية، إلى مغادرة المملكة والتوجه إلى قطر، قبل أن يغادر الدوحة متوجهًا إلى دمشق.

وفي شهر آذار من العام 2004 زادت حماس من هجماتها العنيفة ضد إسرائيل. وفي أعقاب سلسلة من العمليات أعلنت إسرائيل بأنها ستستهدف جميع قيادات الحركة. في 22 آذار نجحت إسرائيل في اغتيال زعيم الحركة، أحمد ياسين. وبعد شهر واحد من عملية اغتيال أحمد ياسين قامت إسرائيل باغتيال من أخذ مكانه في سلم القيادة وهو الدكتور عبد العزيز الرنتيسي. في شهر أيلول من العام 2004 قامت إسرائيل باغتيال القيادي بالحركة في دمشق، عز الدين الخليل. سلسلة الاغتيالات التي قامت بها إسرائيل ساهمت في زيادة قوة مشعل داخل حماس، ليس فقط في جناح “حماس الخارج” وإنما أيضًا بين أوساط قيادة الحركة في الداخل: الضفة الغربية وقطاع غزة.

وفي السنوات التي تلت عمليات استهداف قيادات الحركة، اعتمد مشعل سياسة متطرفة قائمة على مواصلة المواجهة العنيفة مع إسرائيل. هذه السياسة المتطرفة قابلها توجه نحو الاعتدال من جانب بعض قيادات الحركة في الضفة الغربية وقطاع غزة. وحسب الشكوك فإن مشعل كان متورطًا في إصدار التعليمات والمساهمة في تنفيذ العمليات الإرهابية ضد إسرائيل، بما فيها عملية اختطاف الجندي جلعاد شاليط، في شهر حزيران من العام 2006.

وخلال العام 2007 شارك مشعل في إدارة الحوار بين حماس وحركة فتح حول إقامة حكومة وحدة وطنية. المفاوضات وصلت إلى ذروتها خلال “لقاء مكة” والذي شارك فيه مشعل وانتهى بالتوصل إلى اتفاق بين فتح وحماس، إلا أن هذا الاتفاق سرعان ما تم خرقه بعد أسابيع قليلة من التوقيع عليه. كما يُعتبر مشعل من الشخصيات الرئيسية التي أدارت المفاوضات حول صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل من أجل الإفراج عن جلعاد شاليط.

رجل المقاومة: براغماتي أو رديكالي؟

خالد مشعل يعانق ناشط من عز الدين القسام (AFP)
خالد مشعل يعانق ناشط من عز الدين القسام (AFP)

جهود المصالحة بين حماس وفتح عادت في الفترة الأخيرة مرة أخرى إلى حالة الجمود، وذلك بعد أن غرقت مصر التي تقوم بمهمة رعاية المصالحة في مشاكلها وشؤونها الداخلية. مشعل فقد مؤيديه في مصر وعلى رأسهم الرئيس مرسي الذي تم عزله من قبل وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي. مكانة مشعل ضعفت والآن تبحث الحركة عن طريق للخروج من الأزمات والتحديات التي تواجهها.

في الساحة الداخلية، هناك تباين في المواقف بين أبي مازن وخالد مشعل، ومن بين المسائل التي لم يتم تجاوزها والاتفاق عليها: استئناف عمل لجنة الانتخابات المركزية في قطاع غزة من أجل تجديد سجل الناخبين استعدادًا للانتخابات الرئاسية، والانتخابات للمجلس التشريعي والمجلس الوطني، وأيضًا استئناف عمل لجنة الحريات وهي المسؤولة عن الاتفاق على حل للإفراج عن المعتقلين السياسيين في الجانبين، استئناف المشاورات من أجل إقامة حكومة انتقالية من المستقلين. إلا أن الجانبين يواجهان صعوبات كبيرة حتى في التوصل إلى اتفاق وتفاهم حول تشكيلة الحكومة المؤقتة حتى الانتخابات.

وفي ظل هذه التحديات والصعوبات فإن شخصية مشعل باتت تحت الاختبار، وهناك من يتحدث عن أن هناك شعارات أولية حول مرونة أيديولوجية، وبراغماتية غير معتادة للشخص الذي رفض لسنوات طويلة الاعتراف بحق إسرائيل بالوجود وادعى بأن فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر سيتم استعادتها بالقوة.

الدكتور أساف دافيد، الخبير في الشؤون الأردنية، كتب مؤخرًا (كانون أول من العام 2012) تحليلا ملفًتا حول مواقف وتوجهات القيادي الحمساوي اعتمادًا على تحليل لمقابلة طويلة أجرتها مجلة الإخوان المسلمين في الأردن مع مشعل في شهر تموز من العام 2010. هذه المقابلة، التي وصفتها حركة حماس بأنها “استراتيجية”، تم نشرها على أربع حلقات، حوار حر يتضمن أسئلة وأجوبة، وتطرق الحوار إلى العديد من نقاط الفلسفة السياسية لحركة حماس، بالإضافة إلى موقفها اتجاه إسرائيل، المفاوضات معها وأيضًا عملية السلام، بالإضافة إلى سياسة مشعل في الساحة الفلسطينية الداخلية، العربية والدولية.

وهذا ما جاء في تحليل الدكتور دافيد: “ما يميز هذه المقابلة ليس محتواها وشموليتها فقط، لكن أيضًا أن الشريحة المستهدفة من هذا الحوار وهذه المقابلة هم الإسلاميون في الأردن. وفي “منبر” كهذا ، لكل كلمة وتصريح واعتدال وبراغماتية، وامتناع عن إعطاء تصريحات “حربية” معتادة ضد إسرائيل وزنها وتأثيراتها. التصريحات التي تعطى لوسائل الإعلام الغربية من جانب شخصيات متطرفة أو معتدلة عربية ليست بالمهمة، فالأهم هي التصريحات التي يطلقها هؤلاء في وسائل الإعلام العربية، فهم يدركون أن كل عبارة وكل كلمة غير معتادة يمكن أن يرجمونها عليها. لهذا السبب يمكن وصف المقابلة بالمفاجئة، فإن أقوال مشعل في المقابلة في شهر آب من العام 2010 يمكن أن توفر “خارطة طريق” من أجل التعرًف على تصرفات حماس في العامين الأخيرين. بشكل عام، حاول مشعل في المقابلة أن يعرض صورة براغماتية، حيث حرص مشعل ومن قام بإجراء المقابلة معه على التطرق إلى جوانب معتدلة، مرنة، وتوجيه الرسائل إلى العالم الخارجي، حقوق المسيحيين والنساء، العلاقة مع اليهود، حدود استخدام القوة. وامتنع مشعل طوال المقابلة من استخدام مصطلح “من البحر إلى النهر”، ولم يحاول مشعل خلال المقابلة أن يتطرق إلى قضية تحرير فلسطين التاريخية. لكنه لم يتطرق أيضًا إلى إمكانية الاعتراف بشرعية إسرائيل، وهذا ما كان واضحًا خلال المقابلة. لكن الأهم من ذلك هو أن القيادي الحمساوي لم يستغل هذا المنبر الداعم لحماس في إعطاء محاضرات حول الأراضي المقدسة وطرد اليهود وتهجيرهم إلى المكان الذي جاءوا منه وإعادة كل اللاجئين الفلسطينيين إلى الأماكن التي طردوا منها، هذه الحقيقة لها أهمية كبيرة”.

لكن، هناك من يدعي أن مشعل يبحث عن طريق يسكله في المرحلة القادمة. فتصريحات رئيس المكتب السياسي خلال زيارته إلى غزة (كانون أول 2012، في حفل انطلاقة حماس)، والتي أعلن خلالها أن “فلسطين هي عربية إسلامية، فلسطين من البحر إلى النهر من الشمال إلى الجنوب ولن نعترف بالاحتلال الإسرائيلي”، هذه التصريحات والعبارات تساهم في جعل الصورة أكثر تشويشًا وضبابية. هل هنا نتحدث عن تصريحات للجمهور ومحاولة من أجل تهدئة الأصوات الراديكالية في الحركة (مثل محمود الزهار). وإذا لم يكن ذلك كافيًا، هناك التقرير الذي جاء في الصحيفة السعودية “الشرق الأوسط” في شهر كانون ثاني من العام 2013، الذي جاء فيه أن مشعل قام بتوكيل الملك الأردني عبد الله الثاني بأن يخبّر الرئيس أوباما أن حماس توافق على حل الدولتين، إسرائيل وفلسطين على حدود 67 (وهو ما تم نفيه من قبل قيادات حمساوية)؟

الرجل القوي على الأرض، هل يخطط مشعل لتمهيد الأرض لخلافة أبي مازن؟

أبو مازن وخالد مشعل في القاهرة يعلنان انطلاق مساعي المصالحة الفلسطينية عام 2012 ( Flash 90)
أبو مازن وخالد مشعل في القاهرة يعلنان انطلاق مساعي المصالحة الفلسطينية عام 2012 ( Flash 90)

مصادر مطلعة تقول أن مشعل يخطط للهدف القادم بعد أن تم اختياره للمرة الرابعة لرئاسة المكتب السياسي لحماس، حيث نجح مشعل في هزيمة إسماعيل هنية، رئيس حكومة حماس في قطاع غزة، وأيضًا هزيمة خصمه محمود الزهار. ويحاول خالد مشعل الخروج بمواقف براغماتية من أجل تسهيل مهمة وصوله إلى رئاسة منظمة التحرير.

التقارير التي نُشرت مؤخرًا في وسائل الإعلام العربية تشير إلى أن مشعل يحاول تحسين مكانته من قيادي في الحركة إلى قيادي فلسطيني يتمتع بشرعية ويكون مقبولا على العالم العربي وأيضًا على العالم الغربي. مشعل التقى في بداية شهر شباط مع الملك الأردني عبد الله الثاني، حيث تطرق الملك الأردني إلى محاولات المملكة استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين بدعم من جهات دولية مختلفة. مثل هذه الأقوال والتصريحات كان يمكن أن تكون طبيعية لو جاءت في نهاية لقاء بين عبد الله وأبي مازن وليس بين الملك الأردني وقائد حماس.

وإذا لم يكن ذلك كافيًا، فإن تقارير إعلامية أشارت بعد يوم من لقاء الملك الأردني ورئيس المكتب السياسي لحماس، أن مشعل أكد للملك عبدالله الثاني أنه معني بتولي رئاسة منظمة التحرير بدعم أردني قطري. الهدف الاستراتيجي لكل من الأردن وقطر هو أن تندمج حماس في المفاوضات مع إسرائيل حول التوصل إلى اتفاق لإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967. يوم واحد بعد هذا التقرير، نقلت وسائل إعلامية عن أن مشعل قام بتكليف الملك عبد الله الثاني بإعلام الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بأن حركته توافق على حل الدولتين لشعبين.

مسؤولون في حماس نفوا هذه التقارير الإعلامية، ومشعل أكد ذلك خلال وقوفه على المنصة في غزة وأمام الجماهير (في شهر كانون أول 2012) بأنه لن يعترف بإسرائيل وأن فلسطين هي من النهر وحتى البحر. لكن، كما هي عادة القيادات والزعماء، فإن الأقوال شيء والأفعال شيء آخر.

ويبدو أن مشعل يتحدث بلغتين مختلفتين ومن أجل تحقيق هدفين: عندما يتحدث بـ “لغة حربية” هو يحاول أن يستقطب لحماس المزيد من المؤيدين استعدادًا لانتخابات محتملة في السلطة الفلسطينية. وعندما يتحدث ببراغماتية فهو يمهد الطريق لإمكانية تولي رئاسة منظمة التحرير فور استقالة أبي مازن.

الإشارات القادمة من مناطق تواجد حماس تشير إلى أن الحالة الأمنية الحساسة تفرض على رئيس المكتب السياسي لحماس، أن يعيش تحت الحصار، وهو يبحث مع رفاقه في القيادة عن مكان جديد للجوء إليه. ومن الخيارات المطروحة: الانتقال إلى إيران أو السودان.

صحيفة “الأخبار” اللبنانية المحسوبة على حزب الله، قالت في شهر أيلول 2013 إن مشعل أعرب عن موافقته على فكرة انتقال قيادات الحركة من الدوحة القطرية إلى مكان آخر. ومن بين الأماكن المرشحة العاصمة الإيرانية بالإضافة إلى بيروت والخرطوم. وحسب الصحيفة، فإن لبنان والسودان الأوفر حظا لاستقبال قيادات حماس. كما أن هذا الموضوع مطروح للنقاش بين قيادة حماس وقيادة حزب الله رغم الاختلافات في الآراء بين الجانبين.

كما نقلت الصحيفة اللبنانية عن أن وفدًا من حماس قام مؤخرًا بزيارة إلى ايران من أجل تقديم التعازي بوفاة والدة قائد “قوة قدس” في الحرس الثوري، قاسم سليماني. وخلال لقاء سليماني مع وفد المنظمات والفصائل الفلسطينية وجهات أخرى جاءت لتقديم التعازي، قام بطرح إمكانية عودة حماس إلى سوريا في حال أعادت التفكير بقراراتها وموقفها الذي تبنتهما واعتمدتهما في الفترة الأخيرة اتجاه نظام الأسد، وأن هناك تحركات فعلية في هذا الاتجاه.

ويبقى مشعل يشغل العديد من الأجهزة الاستخبارية، والقادة والملوك والسياسيين في الساحة الشرق أوسطية. فماذا ستكون الخطوة القادمة لـ “الرحالة” من أجل إخراج حماس من المستنقع الذي وقعت فيه؟

اقرأوا المزيد: 2706 كلمة
عرض أقل