لو سألتم أي أب قبل ثلاثين حتى أربعين سنة، ماذا كان يفضّل أن يتعلم ابنه أو أي مهنة يختارها، لسمعتم الإجابة المؤكدة تمامًا: طبيبًا، محاميًّا، أو معلمًا.
وربما السؤال عن أي مهنة ينبغي اختيارها هو السؤال الأهم لمستقبل من يبلغ عشر سنوات وأكثر، أي هؤلئك الفتيان الذين في بداية حياتهم. فمن جهة، هم يبحثون عن الرضا والتحقيق الذاتي، ومن جهة أخرى، يبحثون عن أمان شامل، وإرضاء الوالدين إذا كان ممكنًا.
ويُضاف إلى تشابك هذه الدوافع، القلق من اختيار الاتجاه غير الصحيح: ما هي المهن التي تُعتبر اليوم مغامرة كبيرة، أي مهن ستنقرض في السنوات القادمة لأن العاملين فيها سيُستبدلون بآلات وأجهزة كمبيوتر؟ في المقالة التالية، سنحاول أن نستعرض أي مهن ستنقرض وأيها ستزدهر. تذكروا، إنها مقالة صحفية خالصة، ولا تستميت في التنبؤ بكل ما يخبئ المستقبل تحت جناحيه.
الرياضيات
يزداد الطلب على خبراء الرياضيات، ليس في شركات التقنيات فحسب. وسيتيح التفكير التحليلي الذي اكتُسب من التعامل مع الأرقام لمتعلمو الرياضيات، الحرية الكبيرة في اختيار مهنتهم المستقبلية. ويقدّر بعض الخبراء أنه في السنوات القادمة، ستصل توقعات النمو في المهن إلى نسبة 20% من الطلب على خبراء الرياضيات.
علماء الأحياء
علم الأحياء (Thinkstock)
نسمع بين الفينة والأخرى عن نجاح آخر لفكرة ناشئة بيوتكنولوجية جديدة في العالم، وعن إصدار جديد لشركة دوائية صغيرة في البورصة العالمية. لا يُتوقع أن تدخل طرق العمل من عالم التقنية العالية (الهايتك)، التي كثيرًا ما تتخلى عن تشغيل الإنسان، هذا المجال في السنوات القريبة. وكذلك، ليس متوقعًا، أن تصبح أجهزة الحواسيب والروبوت ذات فهم بمستوى يتيح لها أن تحلّ محل الأشخاص الذين يعملون في هذا المجال، مما يزيد من الانجذاب إلى الموضوع.
العلماء الروحانيين
يبدو هذا وكأننا نقول الشيء ونقيضه. فصحيح أن عالم التقنية العالية والحاسوب حقًا يتطلبان اليوم رياضيين أو مهندسين، لكن في حالات كثيرة، يبحثون في الشركات الكبرى تحديدًا عن هؤلاء ذوي التفكير المختلف عن التفكير التحليلي. والدليل على ذلك هو عاملو جوجل. فيعمل في الشركة عاملون من مجال علم الاجتماع والنفس جنبًا إلى جنب مع خبراء عمليين.
الجغرافيون
مهندس معماري (Thinkstock)
هذه المهنة أيضًا تبدو وكأنه لا أساس لها. وكل ما في الأمر أنه مع نمو الحضارة الإنسانية زادت رغبتهم في هندسة النطاق الجغرافي الذي يعيشون فيه. فصار تخطيط المدن والأحياء في السنوات الأخيرة مهنة مطلوبة جدًا. ويمكن للتأهيل المهني أن يفتح فرصًا متنوعة للعمل في مجالات الجغرافيا الإنسانية، مثلا في تخطيط المدن- وهو مجال قد نما إلى أحجام ضخمة مع تطور المدن في شرق آسيا- أو الجغرافيا المادية، التي تهتم ببحث الكرة الأرضية مثل التغييرات في حالة الطقس ورصد نقاط الهزات الأرضية.
الأطباء
صحيح أن اليوم هناك وسائل مساعدة تقنية وآلية تستطيع القيام بإجراءات طبية بسيطة، ولكن لا تبدو في المستقبل المنظور تقنية حساسة بما يكفي لتنفيذ التشخيص واتخاذ القرارات المصيرية. ويُتوقع أن تكون أهمية هذه المهنة مرتفعة نسبيًّا، خاصة حين يتعلق الأمر بعمليات معقّدة وطويلة.
الممرضون- خبراء الجيل الثالث
سيصبح ابني طبيبًا! حقًا؟ (Thinkstock)
ربما تتفاجأون، لكن ليست كل المهن متعلقة بتقدم التقنيات بل متعلقة أيضًا بارتفاع معدل الأعمار. فهناك حاجة متزايدة إلى مقدمي علاج للجيل الثالث، ولذلك أصبحت مهنة الممرضين أو الأطباء في مجال الشيخوخة، مطلوبة أكثر فأكثر. يعي المجتمع الذي نعيش وننشط فيه أن الشيخوخة فيها الكثير من الوحدة وأن بعض الأشخاص يريدون أن يختصوا ويقفوا إلى جانب المسنين”. يبدو أن طول العمر يؤدي إلى تغيير فكري: لا شك أن الحديث ليس عن أخصائيين في مجال الشيخوخة فحسب، بل عن مهنيين يمكنهم أن يُبدوا رأيهم في مواضيع العلاج الاجتماعي للمسنين، علاج الوحدة، وملاءَمة وتيرة الحياة والتقنيات لحاجات الجيل الثالث.
وماذا عن المهن التي يبدو أنها ستنقرض عن وجه الأرض؟
المصوّرون
تصوير مهني (Thinkstock)
لا يمكن التخلي عن مهنة التصوير بهذه السهولة، لكن من الواضح لنا جميعًا أنها قد غيّرت وجهتها من النقيض للنقيض. وأصبح كل فتى اليوم لديه جهاز ذكي مصورًا من الدرجة الأولى، إذ، يرفع صورًا على الإنستغرام ويحظى بآلاف الإعجابات. ويستطيع كل منا توثيق اللحظات التاريخية والفنية بفضل الجهاز المناسب معه في الوقت المناسب، وبالتأكيد فإن جودة التصوير، جيدة.
وتتيح التكنولوجيا التصوير بواسطة الهاتف الذكي، ولذلك أصبح التصوير متوفرًا لكل منا. وقد يبقى بعض المصوّرين القلائل، ولكننا نلاحظ أن حوانيت التصوير على أنواعها آخذة بالاضمحلال. ربما تسهّل التكنولوجيا على المصورين في المستقبل، ولكن ثمة أهمية لنظرة وخبرة المصوّر التي من الصعب أن يصل إليها كل شخص في توثيق الأحداث التاريخية أو الشخصية.
رجال الاتصالات والصحافة
إن عالم الصحف في أزمة كبيرة. فمع دخول الشبكات الاجتماعية والإنترنت إلى حياتنا، قد تغيّرت طريقة تعاملنا مع المعلومات والأخبار. كذلك، لا تنجح الصحافة في التعامل مع الوسائط الاجتماعية، التي تمكّن كل منا من التعبير عن رأيه أو الإبلاغ عن أحداث في بيئته. وتظهر أبحاث في الولايات المتحدة من معهد PEW مثلا أن 30% من الأمريكيين يتلقون الأخبار والمعلومات من الفيس بوك وأن 8% يفعلون ذلك في تويتر.
الطهاة والطباخون
طهاة (Thinkstock)
يبدو أن الطهاة المهنيين في المطابخ الفاخرة، سيضطرون إلى أن يكونوا قلقين أقل، وبالمقابل، يجدر بالطباخين في المطاعم الشعبية أو شبكات الطعام السريعة أن يكونوا قلقين أكثر. وذلك لأن أجهزة الروبوت تدخل مجال الصناعة أكثر وأكثر وتبدّل الأيدي العاملة. ويلبي العاملون في مطابخ الوجبات السريعة، تعليمات إعداد الوصفات بحذافيرها وتوزيع الطعام حسب مقادير محددة سلفًا. وبالمقابل، تعرف أجهزة الروبوت القيام بتلك الأعمال تمامًا.
موظفو البريد
ليس في إسرائيل فقط، تقلص شبكات بريدية كثيرة في العالم أيام توزيع الرسائل وتضطر إلى إقالة الموظفين. لا تستطيع الشركات البريدية الحكومية التعامل مع الانخفاض في طلب إرسال الرسائل العادية ومنافسة شركات الإرسال الخاصة. وهناك ميّل أكثر اليوم إلى إرسال رسائل إلكترونية، وتنجح أجهزة الحواسيب والروبوت برصد إرسال الرزمات جيدًا وذلك بمساعدة أيادِ إنسانية.
المصرفيّون
تعتبر الأعمال البنكية اليوم أعمالا واعدة. فصحيح أن الأجور عالية وشروط العمل جيّدة، لكن يظهر بحث أجري في جامعة أوكسفورد أن هذه المهنة أيضًا مهددة بالانقراض. ففي المستقبل القريب، يمكن للوغاريتمات المستجَدَّة أن تبدّل موظفي البنوك وأن تتخذ قرارات مصيرية، مثل منح القروض، وأيضًا حساب قدرة الإرجاع حسب معايير عقلية فقط.
المحامون
سوق المحامين في العالم مغرق إغراقًا: إسرائيل هي الدولة ذات نسبة المحامين الأعلى عالميًّا مقارنة بعدد السكان، مما يؤثر في قدرة المحامين على المساومة في البحث عن عمل ملائم. فبموجب تقرير صدر في إسرائيل سنة 2012، اضطر ثلث المحامين إلى ترك مهنتهم. يجب أن نذكر دائمًا أن تعلم الحقوق والمحاماة يشكل منصة لمجالات أخرى في سوق العمل.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني