قبل افتتاح السنة الدراسية بوقت قصير، تحذر وزارة الصحة الإسرائيلية من أن مرض الحصبة ما زال آخذا بالانتشار: أصيب 262 إسرائيليا، معظمهم أطفال بالمرض في هذا العام. للمقارنة، في العام الماضي، أصيب 42 إسرائيليا فقط بهذا المرض. تشير وزارة الصحة إلى أن الوالدين الذين يرفضون تطعيم أطفالهم هم المذنبون، ويعرضون أطفالهم، وكل الأطفال الذين يقتربون منهم للخطر أيضا.
يشكل تطعيم الحصبة، مثالا واحدا على التطعيمات التي يرفض الكثير من الوالدين الإسرائيليين إعطائها لأطفالهم، وهو يشكل جزءا من النقاش الجماهيري الشامل والهام الذي يُجرى في إسرائيل في الأشهر الأخيرة. نشأ جدال كبير حول التطعيمات، بين مؤيدي الطب التقليدي الذين يدعمون تطعيم الأطفال، وبين مناصري الطب المكمّل، الطبيعي، والهوميوباثي، الذين يدعون أنه يجب إلغاء التطعيمات في إسرائيل أو إجراء تغييرات عليها. رغم أن معظم الوالدين الإسرائيليين يهتمون بتطعيم أطفالهم، إلا أنه في السنوات الماضية، أصبحت ظاهرة معارضة تطعيم الأطفال شائعة أكثر.
يعتبر الطب التقليدي التطعيمات أحد الإنجازات الكبيرة التي توصل إليها الطب في القرن الماضي. وفق مناصري التطعيمات، فقد خفضت التطعيمات الإصابة بالأمراض التي تم التطعيم ضدها. إضافة إلى ذلك، التطعيمات هامة لاجتثاث الإصابة بالأمراض في الطفولة، والوقاية من التلوثات ومضاعفاتها. رغم أنه قد تحدث أضرار نتيجة التطعيم، إلا أن هذه الحالات نادرة، لهذا فإن الفائدة أكبر من الضرر.
بالمقابل، يؤمن الطب المكمّل أن الأمراض تشكل جزءا من تطوّر مناعة الجسم، لهذا في كل مرة يتعرض فيها الطفل لمرض أطفال بشكل طبيعي وصحيح، ويطور أجساما مضادة للمرض، يكون جهاز المناعة لديه “أقوى”. لهذا، فإن الوالدين الذين يرفضون تطعيم أطفالهم، يدعون أن تطعيم الأطفال يمنع تطوّر جهاز المناعة بشكل طبيعي، لأن التطعيم الطبيعي هو التطعيم الوحيد. كما أنه، أثناء التطعيم يتلقى الطفل بروتينا غريبا بشكل استثنائي، ويحدث هذا بينما لا يكون جهاز المناعة لديه متطور إلى حد كاف، ما قد يؤدي إلى أضرار مختلفة.
تطعيم الأطفال هو خيار لدى الوالدين في إسرائيل، ولا تستطيع وزارة الصحة إلزام الوالدين بتطعيم أطفالهم. ولكن الوالدين الذين لا يطعمون أطفالهم، عليهم أن يدركوا أن هذه الخطوة قد تشكل خطرا على أطفالهم وعلى المجتمع كله أيضا. هذا هو السبب الأساسي للضجة التي تشهدها إسرائيل الآن بشأن التطعيمات.
في الأيام الماضية، أصبح يناشد اتحاد طب الأطفال الإسرائيلي، اشتراط دخول الأطفال إلى الروضات بعرض بطاقة تطعيم حديثة للأطفال. “قد تقلل مبادَرة ‘روضة الأطفال الحاصلين على تطعيمات’، التي من المتوقع أن تصبح سارية المفعول في الروضات في البلاد، إصابة الأطفال الإسرائيليين بالأمراض، والوفاة أيضا”، كتب رؤساء الاتحاد. نوصي بأن ينضم الوالدون إلى المبادرة، وأن تكون صحة أولادهم في المرتبة الأولى”.
أثارت مناشدات الأطباء ردود فعل سلبية لدى الأقلية التي تعارض التطعيم. في مجموعة الفيس بوك التي تهتم بالموضوع، كتبت إحدى الأمهات: “نجحنا في التخلص من كل الأمراض في العالم. تغلب المجتمع على السرطان الآخذ بالانخفاض، التوحد الذي اختفى تقريبا، البدانة، حالات الحساسية التي أصبحت قريبة إلى الصفر، والآن علينا التغلب على حالة واحدة وهي اجتثاث الأمراض في العالم إلى الأبد، وإعطاء تطعيم للأطفال”.
هناك قلق في الجهاز الصحي، من ظاهرة معارضة التطعيم المتزايدة. ففي السنوات الماضية، أصبحت تدعي جهات تابعة لهذا الجهاز أن هذه الحال نشأت بسبب انخفاض ثقة الجمهور بأهمية التطعيمات، إذ إن عدم الثقة يزداد عندما لا يكون الخطر فعليا، وعند وجود رغبة في ممارسة استقلالية الفرد.