قام مدير مدرسة في مرحلة الابتدائية، قبل أيام، في إحدى القرى العربية في إسرائيل، بتصوير عضوه الذكري، مرسلا، عن طريق الخطأ، عبر تطبيق “واتس أب”، الصورة، إلى معلمات في المدرسة. وسرعان ما انتشرت الصورة وتحوّلت إلى الفضيحة الأكبر التي عرفتها القرية الصغيرة، حتى أن الصورة وصلت إلى طلاب المدرسة. وتذكر هذه الحادثة بالمخاطر التي تنتج عن سوء الاستعمال للتطبيق الذي أصبح جزءا لا يتجزأ من تواصل البشر في العصر الحديث.
النميمة ونشر الفضائح بين البشر ليست جديدة، إنها عادة لازمت الناس منذ أن أصبحوا يعيشون في مجتمعات، لكن الجديد هو السرعة الهائلة في نشرها، والمدى الأوسع الذي يمكن تحقيقه، عبر تطبيق “واتس أب”.
طبعا لا ننسى الجوانب الإيجابية ل “واتس أب”، ومن ضمنها إمكانيّة التراسُل في مجموعات، إمكانية رؤية إن كان الشخص متّصِلًا (أو متى كان أحد أصدقائك مُتَّصلًا في المرّة الأخيرة)، وطبعًا، معرفة ما إذا كان الطرف الآخَر قد قرأ الرسالة التي أرسلتَها له. لكنّ هذه الميزات يمكن أن تصبح عيوبًا بكلّ سهولة.
ما هي هذه العيوب؟ قد أُعذِر مَن أنذَر!
موادّ إباحيّة مجّانية، للجميع
بما أن لا إمكانيّة للإشراف على المحتويات المنقولة بين المشترِكين في واتس آب، فإنّ عددًا لا يُحصى من الصور ومقاطع الفيديو الإباحية ينتقل عبره، وسرعانَ ما تجد طريقها إلى مجموعات شبّان، وحتّى أولاد صغار.
أصبح الأمر شعبيَّا جدَّا، بحيث نتج ما يشبه “المنافسة” بين الشبّان، حول مَن يُرسِل أفلامًا أجرأ. هكذا، تنشأ أوضاع بدأ فيها شبّان يصوّرون هم أنفسهم صُورًا ومقاطع فيديو لبنات جيلهم، بعِلمهم أو دون عِلمهم، وينشرونها بحرّية عبر واتس آب.
إحدى الحالات الشهيرة هي حالة فتاة صغيرة وجميلة، “ارتكبت الشقاوات” مع صديقها، وأتاحت له أن يصوّرها، وهي تمارس الجنس الفمويّ معه في المصعد. بعد ذلك ببضعة أيّام، ذهلت حين علِمت أنّ “الصديق” قامَ بمشاركة الفيلم، الذي يبدو وجهها فيه واضحًا، مع أصدقائه، الذين قاموا بنشره، حتّى انتشر مقطع الفيديو مِن بطولتها انتشار الوباء، وشاهده الكثيرون من معارِفها، وكذلك عددٌ لا يُحصى من الغرباء.
نجمة النت الإسرائيلية الإباحية حين تال (صورة من إنستجرام)
روت الفتاة نفسُها لاحقًا أنّ حياتها دُمّرت، أصبح الناس يعرفونها في الشارع، يشيرون إليها، ويتآمَرون عليها. إثر هذا الحادث، طُرح اقتراح قانون في الكنيست يمنع نشر ومشاركة موادّ ذات فحوى جنسيّ في شبكات التواصل الاجتماعيّ، ويفرض عقوبة السجن على مَن ينشُر موادّ كهذه.
ولا يقتصر الأمر على الأشخاص العاديّين، فقد سقط مشاهير إسرائيليون في الفخّ أيضًا. ففي شهر كانون الثاني الماضي، نُشر فيلم فيديو يظهر فيه نجم برامج واقع معروف، يمارس معه متحوّلان جنسيًّا (رجُلان غيّرا جنسَهما إلى امرأتَين) الجنس الفمويّ معه. صوّرت “الفتاتان” العمل، ونشرتا الفيلم كـ”إعلان” لهما. طبعًا، سرعان ما انتشر الفيلم انتشار النار في الهشيم، وبما أنّه شخصية معروفة، وصل أيضًا إلى وسائل الإعلام، التي اضطُرّت إلى تشويش هوية النجم.
لكن رغم وجود القانون، فإنّ العجز عن ضبط نشر المحتويات، والصعوبة الشديدة في تتبُّع أصلها، يجعلان فرض القانون صعبًا جدًّا، إلى درجة التعذّر.
عُنف، دم، وأشلاء جُثَث
ليست الموادّ الإباحيّة وحدها هي التي تجري مشاركتُها، بل أيضًا مقاطع فيديو عنيفة وصور فظيعة وتصعب مشاهدتها، تُرسَل مرارًا إلى جُموع دونَ رقابة، وتصل إلى الأولاد فقط.
تحذير: واتس آب!
بينَ مقاطع الفيديو اللطيفة والمُضحِكة المنتشرة عبر التطبيق، يمكن العثور على بعض المقاطع العنيفة جدًّا. بدءًا من ضحايا إطلاق نار صُوِّروا بكاميرات خلويّة، مرورًا بِمسابقات كلاب غير قانونيّة، تعضّ فيها الكلاب واحدها الآخر حتّى الموت، مع شلّالات من الدماء، حتّى الأفلام اللاساميّة والعنصريّة لشبّان أوروبيين بيض يضربون بعنف ووحشية حتّى سيلان الدم أفارقة، مسلمين، أو يهودًا، حتّى إنهم يتفاخَرون بذلك أحيانًا، ويدعون الآخَرين إلى التمثُّل بهم.
وأحد أكثر الحالات شهرةً وإثارةً للاشمئزاز في إسرائيل صورةُ الجثّة المقطَّعة داخل حقيبة. حين وجدت شرطة إسرائيل الحقيبة مع الجثّة المقطَّعة، تجمَّع الناس من كلّ حدب وصوب، ونجح أحدهم في تصوير ما يجري. سرعانَ ما أمست الصورة المروّعة لأشلاء الجثة منتشرة، وتنقّلت بين المشتركين والمجموعات في واتس آب، دون أن تتمكن الشرطة من إيقاف المشارَكات.
الشائعة تصنع لها أجنحة إلكترونيّة
وإذا كانت الصور الحقيقية تنتقل بهذه السُّرعة، فلن يكون صعبًا عليكم أن تخمِّنوا ماذا يحدث مع الشائعات المنتشرة عبر واتس آب. مؤخرا فقط، حين انتشرت فضيحة إيال جولان، الذي اتُّهم بإقامة علاقات جنسيّة مع قاصرات، انتشرت في اليوم نفسه صورةٌ له مع فتاة على ادّعاء انها إحدى القاصرات اللاتي أقام معهنّ علاقات جنسيّة مع الوقت. فقط بعد أن وصلت الصورة إلى آلاف المشترِكين، وكما يبدو إلى معارف الفتاة أيضًا، تبيّن أنها فتاة ساذجة، طلبت أن تتصوّر مع جولان بعد إحدى حفلاته. لكن بعد أن انتشرت الشائعة، كان صعبًا جدًّا إيقافُها.
المطرب الإسرائيلي إيال جولان (Gideon Markowicz/Flash90)
ورغم أنّ الفتاة نفسَها أضحت ضحيّة شائعة خبيثة عبر واتس آب، انتشر الواقع بعد ذلك على الأقل. في حالات عديدة، لا يحصل ذلك. فيمكن أن تدمّر شائعات منتشرة حياة أشخاص بشكل كامل، لا سيّما إذا كانوا أطفالًا أو شبّانًا.
إذا كانت تُنشر في الماضي شائعة خبيثة حول أحد الأولاد في الصفّ، كان الأمر يبقى بين الأصدقاء. أمّا اليوم، فالشائعة تصبح ملكيّة عامّة، إذ يحصل جميع أولاد المدرسة، الحيّ، وحتى المدينة على المعلومات المنتشرة من أصدقائهم عبر واتس آب، ويصبح الفتى أو الفتاة اللذان انتشرت حولهما الإشاعة منبوذَين، ولا يتمكّنان كما يبدو من محو اللطخة سنواتٍ عديدة. في الماضي، نُشرت حالاتٌ كثيرة انتحر فيها شبّان بسبب حظرهم في الفيس بوك. يبدو أنّه ليس بعيدًا أن تكون نتيجة الحظر في واتس آب مماثلة اليوم.
واتس آب
لكن يبدو أنّه لا يمكن الهروب من التطبيق الذي يسيطِر على حياة الشبيبة. إذا دخلتم اليوم إلى الصف في ساعة الاستراحة، يُرجَّح أن تجدوا 5 أولاد على أقلّ تقدير جالِسين يتراسلون عبر الأجهزة الخلويّة، ربّما واحدهم مع الآخر، رغم أنهم لا يبعدون واحدهم عن الآخَر أكثر من مرمى حجَر. بدل الاستماع إلى الدروس، يحاول الأولاد “استراق” النظر إلى الأجهزة الخلويّة دون أن تُلاحِظ المدرِّسة، وحتّى بعد عودتهم إلى البيت، يتذمّر والِدون كثيرون من أنهم لا يتمكّنون من التواصُل مع أبنائهم، المنشغلين بالمراسَلات بدل الإصغاء لهم.
“أحضِروا الباذنجان“
لكن كما ذُكر آنفًا، ما يُقلِق أكثر من مجرّد استخدام التطبيق، رغم مخاطر الإدمان، هو المحتويات والاستخدامات. في بداية الأسبوع، اعتقلت شرطة إسرائيل ثلاثة شبّان من ثانويّة قرب القدس، يُشتبَه في أنهم تاجروا بالمخدِّرات عبر واتس آب.
وفق شكوك الشرطة، أدار الثلاثة تجارة المخدّرات عبر مجموعة واتس آب افتتحوها. كان أعضاء المجموعة عشرات التلاميذ من مدارس عدّة. تشتبه الشرطة في أنّ البيع في المجموعة تمّ عبر استخدام كلمات سرّية مُتَّفَق عليها. على سبيل المثال، استُخدم في المجموع التعبيران “أحضِر الباذنجان” و”أحضِروا الأفلام”، للحديث عن الحشيش.
تدخين المخدرات (مصدر الصوره: ويكيبيديا Chmee2)
في هذه الحالة، نجحت الشرطة في ملاحقة المشتبَه فيهم، لكنها مجرد مجموعة واحدة. لا يُعلَم كم مجموعة كهذه هناك، أو كم مجموعة فظيعة تُفتتَح كلّ لحظة. هل سينجح مارك زوكربيرغ في إدخال رقابة وتحويل التطبيق الجديد الذي اشتراه إلى أقلّ خطَرًا؟ وحدها الأيام كفيلة بالإجابة. في الوقت الراهن، سارِعوا إلى التأكُّد من مجموعات الواتس آب التي أولادكم أعضاء فيها.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني