ما زالت دولة إسرائيل عاجزة عن استيعاب صدمة قرار الحكم غير المسبوق على رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت، الذي تم الحكم عليه صباح اليوم بالسجن لستّ سنوات من قبل المحكمة المركزية في إسرائيل. لم يتفاجأ أحد من قرار حكم العقوبة بالسجن على أولمرت، لأنّه قد تمّ قبل نحو شهر ونصف إدانة أولمرت بتلقّي الرشاوى ومن ذلك الحين وهو ينتظر قرار المحكمة، والذي صدَر اليوم.
هذه هي المرة الأولى في تاريخ دولة إسرائيل والتي يتمّ فيها الحكم بالسجن الفعلي على رئيس حكومة، ولكنّها ليست المرة الأولى التي تصدر فيها عقوبة كهذه على سياسي كبير. يقضي رئيس الدولة الأسبق موشيه كتساف هذه الأيام فترة سجنه لسبع سنوات بسبب جرائم اغتصاب، وقضى وزير المالية الأسبق، أبراهام هيرشزون، ثلاث سنوات وخمسة أشهر في السجن بسبب جرائم سرقة، وما زالت قائمة السياسيّين طويلة.
بعد إصدار الحكم على أولمرت يتم طرح السؤال الطبيعي: متى سيدخل رئيس الحكومة السابق- ولأول مرة – إلى السجن؟ تعلّمنا الحالات السابقة وتعقيد محاكمة أولمرت أنّه ربّما يمرّ المزيد من الوقت قبل أن يدخل أولمرت إلى السجن.
لدى أولمرت 45 يومًا لتقديم الاستئناف إلى المحكمة العُليا على إصدار الحكم، وقد أعلن عدّة مرّات بأنّه سيقوم بذلك. ومن المرجّح أن يستند استئناف أولمرت على حجّتين أساسيّتين: أولا، الحكم عليه هو سابقة في القانون الجنائي في إسرائيل، حيث لم يتمّ الإثبات بوسائل ملموسة في المحكمة بأنّ أولمرت قد تلقّى الرشاوى فعلا (استند الحكم على شهادة يوسي أولمرت، أخيه، بأنّه تلقّى رشاوى، وشهادة صموئيل دخنر بأنّه نقل الرشوة). هناك أهمية بالغة في القانون الإسرائيلي لإثبات الجريمة بما لا يدع مجالا للشكّ، ويعتبر الحكم افتراضًا معقولا بأنّه قد تمّ فعلا إعطاء الرشوة.
ثانيًا، توفي دخنر، الذي كان الشاهد الرئيسي في المحكمة، خلال الاستجواب المضادّ ضدّه، بعد ساعات معدودة من الإدلاء بشهادته في المحكمة. تمكّن الادعاء في المحكمة من استجواب دخنر، ولكن الدفاع لم ينه الاستجواب المضادّ ضدّه، والذي يمثّل مبدأ قانونيّا أساسيّا. في الالتماس الذي قدّمه للمحكمة العليا، من المتوقّع أن يدّعي أولمرت بأنّ وفاة دخنر منعت محاميّي أولمرت من إنهاء الاستجواب المضادّ ضدّه وربّما أيضًا أن ينتزعوا منه دليلا بأنّ الأمر خيالي.
ومع ذلك، فقد تحدّدت بداية السجن بتاريخ 1.9. حتى ذلك التاريخ سيتمّ تقديم استئناف أولمرت، الذي سيُرفق بطلب تأجيل دخوله للسجن حتّى قرار المحكمة العُليا. هناك طلب مماثل قدّمه موشيه كتساف، الذي اتُهم – كما ذكرنا – وأدين بالاغتصاب، ولذلك فهناك احتمال معقول بأن تقبل المحكمة هذا الطلب. بالإضافة إلى ذلك من المتوقّع أن تأخذ المحكمة بالحسبان سنّ أولمرت المتقدّم (69 عامًا) وتفضّل التريّث في إدخاله للسجن.
ومن المتوقّع أن تبدأ المناقشات في قضية أولمرت في المحكمة العُليا بعد أقلّ من نصف عام، وينبغي أن يُضاف إليها بضعة أشهر أخرى حتى إصدار قرار المحكمة العُليا. إذا ما حكمت المحكمة العُليا على أولمرت بعقوبة السجن، فمن المتوقّع أن يبدأ أولمرت بقضاء عقوبته بعد شهر من ذلك.
ليس من المتوقّع أن تنتهي العملية برمّتها عام 2014، وتشير التقديرات المحتلنة إلى أنّه فيما لو أدين أولمرت من قبل المحكمة العُليا أيضًا، فسيبدأ بقضاء عقوبته خلال الأشهر الأولى من عام 2015.