صحيفة فلسطين

مقاتلو "الجيش الشعبي" لحركة حماس (AFP / MOHAMMED ABED)
مقاتلو "الجيش الشعبي" لحركة حماس (AFP / MOHAMMED ABED)

التهديد الخرافي لداعش ويد حماس الخفية

حماس على لسان سامي ابو زهري: الغاء مهرجان إحياء ذكرى وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات في غزة "شأن فتحاوي داخلي ولا علاقة لحماس به"

09 نوفمبر 2014 | 15:27

في تطرق إلى التفجيرات الأخيرة في الضفة الغربية قبل الذكرى ال10 على موت الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، دعت حركة حماس على لسان المتحدث باسمها، سامي ابو زهري، في مؤتمر صحفي عقدته اليوم الأحد، حركة فتح إلى عدم تصدير أزماتها الداخلية للغير والكف عن “المهاترات”، والزج بحماس في قضاياها الداخلية.

واستنكر أبو زهري قرار فتح إلغاء المهرجان وما ورد في بيانها الذي حمّل حماس مسئولية التفجيرات الأخيرة في غزة، وإلغاء مهرجان ذكرى وفاة عرفات. وجدّد ابو زهري إدانة حماس لحوادث التفجير ودعوتها لملاحقة المجرمين المسئولين عنها وتقديمهم للعدالة.

وما زالت قضية التفجيرات الأخيرة التي وقعت على منازل مسؤولي فتح، ومنصة الذكرى لعرفات تثير أسئلة كثيرة لدى الفلسطينيين. وقد أظهرت الدلائل الأولى أن الأمر متعمد من جانب السلفية الجهادية أو تنظيم داعش بشحمه ولحمه، لكن الواقع أكثر تعقيدا.

لقد شمل البيان الذي ظهر في يوم التفجيرات في الشبكات الاجتماعية، وكما يبدو باسم داعش، إعلان مسؤولية الدولة الإسلامية على التفجيرات، وكذلك تهديدَ من يريد الاشتراك في مراسم ذكرى عرفات، وعلى رأسهم مسؤول فتح في القطاع.

بيان تنظيم داعش المزيف
بيان تنظيم داعش المزيف

لكن في نفس اليوم تبين للجميع أن إعلان المسؤولية وهمي. أنكر المسؤول في السلفية الجهادية أبو المعتصم المقدسي إنكارا جارفا أن يكون للتنظيم السلفي أي يد في التفجيرات، مما يعيد إلى المركز المتهمة الرئيسية في التفجيرات، حماس.

الاستراتيجية الإعلامية لحماس هي من ناحيةٍ إنكار مسؤوليتها عن التفجيرات، ومن ناحية أخرى اتهام رجال فتح بالتجاوزات ضد رجالها في الضفة الغربية. لقد اهتمت العناوين الرئيسية في صحيفة “فلسطين” التابعة لحماس في قطاع غزة بحدث إطلاق النار في كفر كنا، والعنوان الثانوي كان: “خريشة يطالب بوقف الاعتداء على مسيرات الأقصى”، مع ذكر بسيط في آخر الصفحة عن التحقيق في التفجيرات.

الخوف الأكبر لحماس هو أن يقصيَ موضوع التفجيرات موضوع الأقصى والتوتر مع إسرائيل عن جدول الأعمال.

شرطة حماس في غزة (SAID KHATIB / AFP)
شرطة حماس في غزة (SAID KHATIB / AFP)

في موقع “فلسطين” عرض صحفيو حماس مقابلة مع “خبير” من جهتهم، بغاية التأكيد أنه ليست لحماس أي يد في التفجير. اقتُبست أقوال “الخبير”، أستاذ الجامعة الإسلامية د. وليد المدلل، قائلا: ‏‎”‎هذه التفجيرات مدانة من كافة أبناء الشعب الفلسطيني، لأنها خارجة عن تقاليدنا وعاداتنا، وتأتي في الوقت الذي يشهد فيه القطاع أمنًا جيدًا. حماس لا يمكن أن تقوم بهذا العمل في الوقت الذي تروّج فيه إسرائيل أمام المجتمع الدولي أنها منظمة إرهابية”.

لكن د. عيدو زلكوفيتش، من جامعة حيفا متأكد أن حماس هي من يقف وراء التفجيرات، ومن وراء محاولة عرض الأمر وكأن داعش فعلته. كتب زلكوفيتش في صفحته على الفيس بوك أن “سلسلة التفجيرات التي وجهت إلى بيوت وممتلكات رجال فتح الخاصة في قطاع غزة، ونُسبت  بإعلانِ مسؤولية مزيفٍ إلى داعش، تشير إلى أن رجال حماس أيضا يستخدمون استخداما مستهترا وجود داعش لتحقيق أجندة سياسية”.

لقد شرح زلكوفيتش: “حماس غير معنية بإقامة ذكرى وفاة عرفات في 11 تشرين الثاني. ستزيل الاحتجاجات الشعبية ضد حماس في قطاع غزة، الأضواء من الانتفاضة الثالثة الآخذة في التطور في الضفة الغربية”.

حسب تعبيره، تتمنى حماس قيام انتفاضة ثالثة حول قضية الأقصى التي تصدرت العناوين مؤخرا، آملة أن يكون للحركة وظيفة مركزية في انتفاضة كهذه. بقي فقط أن نرى إن كان تفجير بيوت مسؤولي فتح خطوة أثقل من اللازم في الحرب على قلوب السكان.

اقرأوا المزيد: 474 كلمة
عرض أقل
أنقاض البيوت المدمرة في غزة (Abed Rahim Khatib/Flash90)
أنقاض البيوت المدمرة في غزة (Abed Rahim Khatib/Flash90)

حماس تبحث عن تشتيت الانتباه

بعد أسبوعين من وقف إطلاق النار، حماس لا تنجح في تحسين وضع معيشة سكان غزة، وتحاول اختلاق قصص تشتت انتباههم عن وضعهم السيء، من خلال التحريض على القيادة في رام الله

كلما مر الوقت، منذ أن بدأ وقف إطلاق النار بين إسرائيل والمنظمات الفلسطينية في قطاع غزة، تأخذ صورة مقلقة في التشكل بعيني سكان قطاع غزة: لم يُرفع الحصار، بقي عمل المعابر كما كان قبل الحرب، وأما طلب تحرير كل الأسرى وإنشاء ميناء بحري فيبدوان أحلامًا بعيدة.

حاليًّا، يبدو أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يريد أن يختبر من جديد دعمه لاتفاق المصالحة الذي عُقد قبل الحرب، وتحاول قيادة حماس أن تبحث عن أي إنجاز تعرضه للناس، لكن دون فائدة.

يبدو أن رجال حماس يخافون من أن ينسى سكان غزة قصص الحرب البطولية ويسألوا أنفسهم متى سيبدأ إصلاح الدمار التي طال البيوت والبنى التحتية

يدرك قواد حماس أن موجة دعمها البارزة في الاستطلاعات ستنقضي سريعًا، كما انقضَت أمواج الدعم القصيرة بعد جولات المواجهات السابقة مع إسرائيل. حاليًّا تحاول حماس أن تبحث عن تشتيت للانتباه لتشغل بال الجمهور الغزي، كي يستمر في إحساسه بالفخر بـ “المقاومة” وألا يوجه اصبع الاتهام إلى أي أحد.

هكذا تظهر مثلا قصص تحت عنوان: “القسام تكشف تفاصيل كمين خزاعة من ‘مسافة صفر'”، التي نشرت أمس. يبدو أن رجال حماس يخافون من أن ينسى سكان غزة قصص الحرب البطولية ويسألوا أنفسهم متى سيبدأ إصلاح الدمار التي طال البيوت والبنى التحتية.

إلى جانب ذلك، يهلل المحللون من طرف حماس ويثنون على قدرات حماس في  إطلاق الصواريخ، من غير أن يذكروا أن 4 إسرائيليين فقط قُتلوا من إطلاق ما يزيد عن4,500 قذيفة. أي، من كل 1,130 قذيفة أطلقتها حماس، قُتل إسرائيلي واحد فقط.

كي لا يأخذ أي أحد في غزة هذه المعطيات بعين الاعتبار، يستمر محللو حماس في التهليل وامتداح منظومة الصواريخ. مثلا، هذا ما كتبه إياد القرا في صحيفة فلسطين: “التنظيم السابق بنى لحماس قوة تضم العديد من التشكيلات وهي ‘الوحدات الصاروخية’ وهي ذات التنظيم المؤهل المدرب المجهّز المنضبط والمنتشر ليتمكن من توجيه الضربة الأقوى للاحتلال في توسيع دائرة النار باستهداف حيفا، بل بالطريقة والتوقيت المناسبين وتعطيل المطارات والموانئ”‏‎.‎

المحلل فايز أبو شمالة المعني بإخفاء فشل حماس في قضية تحرير الأسرى، يسارع للإلقاء التهمة في التعاون بين السلطة الفلسطينية وإسرائيلوحاليًّا، وخاصة على خلفية كلمات عباس ضدّ حماس وقيادتها، تتفرغ وسائل إعلام حماس للحديث عما أكثروا من فعله في السنوات السابقة، وهو مهاجمة حكومة رام الله. تبث أعمدة الصحف مرة تلو الأخرى عن اعتقالات سياسية في أرجاء الضفة الغربية (من غير ذكر أن حماس قد أعدمت معارضيها في غزة)، وتمتلئ أعمدة التحليلات نقدًا على التعاون الأمني مع إسرائيل.

مثلا، يبدو أن المحلل فايز أبو شمالة المعني بإخفاء فشل حماس في قضية تحرير الأسرى، يسارع للإلقاء التهمة في التعاون بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، ويوجه كلامه إلى قادة السلطة: “لو كان قراركم مستقلاً كما تدعون، فلماذا خضعتم للأوامر الإسرائيلية، وألغيتم وزارة شؤون الأسرى، وأقمتم بدلاً منها هيئة شؤون الأسرى”؟

كلما مر الوقت أصبح من الصعب على حماس العودة إلى التهليل بإنجازاتها في مواجهة إسرائيل. وإذا كان الأمر كذلك، يتوقع أن تزداد التهجمات على حكومة رام الله- وإذا أخذنا في الحسبان رد فعل محمود عباس، فلن يتفاجأ أي أحد إذا ما ألغي اتفاق المصالحة وكأنّه لم يكن.

اقرأوا المزيد: 464 كلمة
عرض أقل