فاجأ الكاتب الكويتي، عبدالله الهدلق، قارئي صحيفة “الوطن” الكويتية، بعد أن نشر مقالا للدكتور الإسرائيلي، ايدي كوهين، من قسم الدراسات الشرق أوسطية في جامعة بار إيلان، بعنوان “من قلبٍ يهوديٍّ عربيٍّ إلى الشَّعبِ الكويتي الكريم”. ويتحدث كوهين في المقال الذي نشر قبل أيام على الصحيفة، عن قصة يهود لبنان، وعن تجربته الشخصية كيهودي طُرد هو وعائلته من لبنان بعد دخول حزب الله.
وكتب الهدلق أنه ينشر المقال “تعميماً للفائدة”. إليكم المقال كما ورد في الموقع الإلكتروني لصحيفة “الوطن”:
“مما لا شك فيه، أن كثيرين من الشعب الكويتي يجهل حقيقةً تاريخيةً مفادها أن ما يقارب المليون يهودي كانوا، لعقود من القرن الماضي، مواطنين لدول عربية امتدت من المحيط الى الخليج. حيث عاشت القبائل اليهودية في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، ووجدت فيها ملجأ ومأمنًا، هربًا من الاضطهاد الروماني الذي احتل ارض إسرائيل.
أنا شخصيًا، أبصرت النور على أرض لبنان، كبرت وترعرعت في حي وادي ابو جميل، في سبعينيات القرن الماضي، حيث تشاركت طفولتي مع أبناء وطن لوّنهم الدين، فكنا نلعب في الأزقة مسيحيين مسلمين ويهود، وتجمعنا مقاعد دراسية لم تميِّز بيننا لاختلاف الانتماء الديني… مرحلة لا يمكنني نسيانها، طبعت في ذاكرتي، ولا زلت أعيش انعكاساتها حتى اليوم.
رغم أن الكثير من اليهود هجروا لبنان إبان الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، صمدت عائلتي ولم ترحل. عاملت الحكومات اللبنانية اليهود معاملة متساوية، وكنا نشعر بالامان حتى في اكثر المراحل صعوبة من تاريخ هذه الدولة التي عانت من حرب دموية قائمة بمعظمها على الطائفية.
أخلص يهود لبنان أسوة بيهود الدول العربية للوطن الذي حضنهم، لكن للاسف عصابة حزب الله مدعومة من ايران دخلت الميدان اللبناني لتعيث به خرابًا ودمارًا، ولتفجر حقدها على الشعب اليهودي، فخطفت واعدمت عشرة من اليهود اللبنانيين وهكذا دمرت الطائفة اليهودية، واضطررنا جميعنا للرحيل، والتوجه الى إسرائيل، تاركين ذكريات الطفولة والشباب وشوق الى ارض تربينا فيها وشربنا من مياهها، دافنين في ترابها جنى عمر بنيناه بالكد والجهد .
وصلت الى إسرائيل عام 1995، تاركًا وراءي 23 عاًما منسنين حياتي اينعت في لبنان، حاملًا ثقافة مغايرة عن ثقافة أبناء أمتي، فشعرت بالغربة في أحضان عائلتي، ووجدت صعوبة في التأقلم في البداية، فلغتي الأم هي العربية ( لغة الضاد)، ورؤيتي الحياتية قائمة على قيم وعادات تختلف عن تلك المتبعة في كيان الأباء.
وصلت الى إسرائيل وأنا الآتي من أرض لا تبعد عنها بضع الكيلومترات محملًا بقناعات عززتها تجربة حياة الا وهي السَّلام بين شعب إسرائيل والعرب حقيقة وجدت في التاريخ، ولا بد من اعادة إحيائها.
لقد عاش اليهود مع العرب آلاف السنين، سواء في الدول العربية أو في أرض إسرائيل، تحاوروا، تجاوروا، تصاهروا تصاحبوا، ودافعوا عن بعضهم البعض وما الصراعات الحالية الا افتعال أججت نيرانها مشاريع حاقدة، كتلك التي سجلت في التاريخ من قبل النازيين معززين الخلافات بين اليهود والعرب حيال (( فلسطين !))”.