يُصنّف شيلدون أديلسون بشكل دائم في أعلى قوائم أغنياء العالم. تم تقدير ثروته عام 2008 بـ 26 مليار دولار، وتم تقدير المبلغ في شهر تشرين الأول، من العام الماضي بنحو 31.7 مليار دولار. وقد خسر نحو 25 مليار دولار، ولكنه تمكّن من التعافي. بعد كل شيء، فالخطر ليس غريبا على الملياردير الأمريكي الذي صنع ثروته الكبيرة بصفقات القمار.
وهو معروف في الولايات المتحدة باعتباره الداعم الاقتصادي الأكبر للحزب الجمهوري. لقد ساهم مساهمة فعالة في حملات جورج دبليو بوش الرئاسية. بين عاميّ 2001-2009، كان أديلسون ضيفا دائما في البيت الأبيض في عهد بوش، على سبيل المثال في وجبة عشاء مشتركة بين بوش والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.
في انتخابات عام 2012، قيل إنّ أديلسون قد أنفق 98 مليون دولار، أكثر من أي أمريكي آخر في أي وقت مضى، على مرشّحين مختلفين في انتخابات الرئاسة والكونغرس الأمريكي. خُصص مبلغ 30 مليون منها لحملة ميت رومني وحده، ولكن دون فائدة حيث هُزم رومني من قبل الرئيس الحالي باراك أوباما.
شيلدون أديلسون (AFP)
وُلد أديلسون عام 1933 في حيّ دورشيستر في بوسطن، وهو إحدى المناطق الأكثر فقرا في الولايات المتحدة. عمل والده لكسب الرزق كسائق سيارة أجرة، وكانت والدته خيّاطة. كان كلاهما يهوديّين فقيرين من أوروبا الشرقية: كانت والدته من أوكرانيا، وكان والده من ليتوانيا.
ولكن روح المبادرة المتطورة لديه جعلت أديلسون تجسيدا للحلم الأمريكي. اقترض 200$ دولار من عمّه في سنّ الثانية عشرة ليفتتح كشكا للصحف، وحتى بلوغه الثلاثينيات من عمره أصبح مليونيرا بواسطة مشاريع تجارية مختلفة، وإنْ كان قد فقد في عدة مرات جميع ثروته. وهكذا استمرّت حياته التجارية بين مدّ وجزر، ولكن استمرّ بشجاعة كبيرة في التجارة، وافتتاح وإغلاق المحلات التجارية، ولم يدع الفشل يردعه.
فندق “البندقي” في لاس فيغاس (AFP)
كانت مدينة لاس فيغاس هي التي حوّلت أديلسون إلى ما هو عليه اليوم
كانت مدينة لاس فيغاس هي التي حوّلت أديلسون إلى ما هو عليه اليوم، وهي مدينة القمار في الولايات المتحدة. اشترى أديلسون عام 1988 فندق “ساندس” في لاس فيغاس مقابل 128 مليون دولار. بعد مرور نحو ثماني سنوات، بعد استثمار مليار ونصف المليار دولار، بنى أديلسون الفندق “البندقي”، الأكثر تكلفة وربحية في تاريخ المدينة.
في السنوات التالية أصبح أديلسون إمبراطورية للكازينوهات والقمار تتبع لرجل واحد، وتمتدّ في العالم كله. وسوى لاس فيغاس يعمل أديلسون أيضًا في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ويقع أحد الكازينوهات الأكثر ربحية له في جزيرة ماكاو في الصين. كان أديلسون الملياردير العالمي الأول الذي استغلّ فرصة بناء الكازينو في ماكاو بعد إعادتها إلى الصين في عام، وأعاد استثمار أديلسون مبلغ 265 مليون دولار قيمته خلال عام. منذ ذلك الحين، تعمل كازينوهات أديلسون في ماكاو لصالحه كمنجم للذهب.
لقد ساعدت الثروة التي تدفقت إلى جيب أديلسون في العقد الأخير من صناعة القمار في زيادة حجم الإمبراطورية. فقد افتتح عام 2007 نسخة جديدة من الفندق “البندقي” في ماكاو، حيث بنى هناك الكازينو الأكبر في العالم.
الملياردير اليهودي – الأمريكي شيلدون أدلسون وقرينته مع الزوجان نتنياهو (FLASH90)
أديلسون متزوج الآن من زوجته الثانية، مريم، بعد أن طلّق زوجته الأولى ساندرا. كان اثنان من أبنائهما المتبَنّين، ميتشل وجيري، مدمنين على المخدّرات، واستثمر أديلسون مبالغ مالية كبيرة من أجل مساعدتهما على الفطام. بالنسبة لميتشل، لم ينجح الفطام وتوفي عام 2005. في الماضي قدّم الأخوان أديلسون دعوى ضدّ والدهما بادعاء أنّه اشترى منهما أسهما بسعر أدنى ثم باعها بمبلغ مضاعف، وخدعهما. لم تقبل المحكمة الأمريكية ادعاء الابنين، ولكنها قضت بأنّه “لا يوجد لدى أديلسون دفء الأب، ولا الدفء بشكل عام”.
في فترة ولاية نتنياهو الأولى كرئيس للحكومة نظّم لقاء بين أديلسون وبين الملك الأردني الحسين، بهدف إقامة كازينو آخر في الأردن
إن ثروة أديلسون قد جعلته، باعتباره أحد أثرياء الولايات المتحدة، صديقا مقرّبا لدى كبار السياسيين في كل العالم. عام 1996، كان أحد المساهمين الرئيسيين في حملة بنيامين نتنياهو، الذي انتُخب رئيسا للحكومة. نتنياهو وأديلسون هما صديقان مقرّبان، وفي فترة ولاية نتنياهو الأولى كرئيس للحكومة نظّم لقاء بين أديلسون وبين الملك الأردني الحسين، بهدف إقامة كازينو آخر في الأردن.
في إسرائيل أيضًا كل باب هو مفتوح أمام أديلسون، إلى درجة أن مقر الكنيست، البرلمان الإسرائيلي، قد استضاف زفاف أديلسون مع زوجته الثانية مريم عام 1991. أديلسون هو الوحيد الذي تحوّل البرلمان الإسرائيلي من أجله إلى قاعة أفراح.
أديلسون مع زوجته الثانية مريم (Olivier Fitoussi /FLASH90)
يتم استثمار أموال باهظة لأديلسون في إسرائيل، وليس من أجل المصالح السياسية لنتنياهو فقط. يموّل أديلسون بشكل ثابت الرحلات الجوية لأعضاء الكونغرس الجمهوريين إلى إسرائيل، حيث يلتقون هناك بكبار مسؤولي الحكومة الإسرائيلية ويُعجبون بالقضايا المشتركة لكلا البلدين. أديلسون هو المساهم الأكبر في مشروع “تجليت”، (Birthright Israel) الذي يهدف إلى إرسال شبان يهود من جميع أنحاء العالم في رحلات إلى إسرائيل، بهدف أن يهاجروا إليها في المستقبَل.
ولكن الأهم هو أن أديلسون معروف في إسرائيل باعتباره مالك صحيفة “إسرائيل اليوم”، التي أصبحت خلال سنوات قليلة منذ صدورها عام 2007 الصحيفة الأكثر قراءة في إسرائيل. هناك من يعتقد أن هدف الصحيفة الوحيد كان نشر الدعاية لصالح بنيامين نتنياهو، مما أدى إلى انتخابه من جديد عام 2009، وتعزيز حكمه منذ ذلك الحين. ادعى أديلسون نفسه في العديد من الفرص أنّه أسس “إسرائيل اليوم” كي يكسر احتكار صحيفة “يديعوت أحرونوت” التي كانت الأكثر قراءة في إسرائيل، وكانت معادية لنتنياهو. ووصف ناشر صحيفة “يديعوت أحرونوت”، المليونير نوني موزيس، أديلسون بـ “الدكتاتور”.
صحيفة “إسرائيل اليوم” التابعة لأديلسون (Flash90)
وصف أديلسون سلام فياض قائلا أنه “إرهابي”
لم يخفِ أديلسون أبدا مواقفه المحافظة المتطرفة بخصوص إسرائيل. فهو معارض شديد لإقامة دولة فلسطينية، وعبّر عن ذلك في العديد من المرات. عام 2008 هاجمت هيئات يموّلها أديلسون الحكومة الإسرائيلية في فترة المفاوضات التي قام بها رئيس الحكومة إيهود أولمرت ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني مع السلطة الفلسطينية، تحت عنوان “أولمرت يخون إسرائيل”. وبحسب صحيفة “نيو يوركر” الأمريكية، وصف أديلسون سلام فياض، رئيس حكومة السلطة الفلسطينية السابق، قائلا أنه “إرهابي”.
وتركّزت جهود أديلسون الأخيرة في محاولة إيقاف الموافقة على الاتفاق النووي مع إيران في الكونغرس الأمريكي. ولكن الآن، إذا فشل هذا الاتفاق، فإنّ عيني الملياردير الأمريكي متوجهة نحو العام المقبل. إنّ السؤال من سيكون الرئيس الأمريكي القادم، أو على الأقل مرشّح الجمهوريين، متعلّق بدرجة كبيرة بشيلدون أديلسون.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني