شبه جزيرة القرم

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (Flash90/Marc Sellem)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (Flash90/Marc Sellem)

الخط الساخن بين بوتين ونتنياهو

خطّ هاتفي أحمر مباشر سيمتدّ بين نتنياهو وبوتين. بالإضافة إلى ذلك، تعزّز إسرائيل علاقاتها أيضًا مع الصين والهند، على خلفية البعد عن الإدارة الأمريكية.

في الوقت الذي تشعر فيه إسرائيل أنها تُعامَل ببرود من قبل الدول الغربية، والتي ينظّم بعضها حركات احتجاجيّة تدعو إلى مقاطعة إسرائيل، تبذل إسرائيل جهودها في تعميق وتعزيز علاقتها مع دول صاحبة أسرع نمو اقتصادي بالعالم “برهصج” (روسيا، الصين، الهند والبرازيل).

كجزء من تعزيز العلاقات بين إسرائيل وروسيا، أعلنت الحكومة الروسية قبل عدّة أيام بواسطة وسائل إعلامية خاصة بها، على أنّه سيتم في القريب مدّ خطّ هاتفي مشفّر (خط أحمر) ومباشر بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وقد حدث دفء العلاقات مع روسيا ودول “برهصج” مقابل البرود في العلاقات مع الولايات المتحدة. من المعروف منذ زمن طويل أنّه ليس هناك الكثير من الحبّ بين نتنياهو وبين الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في أفضل الأحوال، وقد أعرب نتنياهو في انتخابات 2012 عن دعمه لخصم أوباما الجمهوري، ميت رومني. وكذلك، فإنّ حقيقة أنّ أوباما لم يذكر المحادثات الإسرائيلية – الفلسطينية في خطاب سياسته الخارجية قبل عدّة أيام، هذه الحقيقة قد تلمّح إلى برود العلاقات بين إسرائيل والإدارة الأمريكية.

أوباما ونتنياهو خلال لقائهما في البيت الأبيض (AFP)
أوباما ونتنياهو خلال لقائهما في البيت الأبيض (AFP)

يعتبر الخط الأحمر بين نتنياهو وبوتين خطوة أخرى نحو دفء العلاقات بين إسرائيل وروسيا. تتلقّى روسيا في هذه الأيام انتقادات من غالبية دول العالم بسبب أعمالها في أوكرانيا، وقد تمّ نبذها من قمّة الدول الصناعية، التي سمّيتْ مجموعة الدول الصناعية الثمانية الكبرى “G8″، وبعد نبذ روسيا تمّ تغيير اسمها إلى مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى “G7”.

الخط الأحمر الأكثر شهرة والذي تستخدمه روسيا هو الخطّ الذي يصل مباشرة بين الرئيس الروسي والرئيس الأمريكي، وقد تمّ مدّه عام 1963 بعد أزمة الصواريخ في كوبا، والتي كانت ستؤدّي إلى تدمير الإنسانية. بعد ذلك، تمّ مدّ خط أحمر بين الكرملين وفرنسا، بريطانيا، ألمانيا، إسبانيا، إيطاليا، كوريا الجنوبية ودول أخرى.

ولا عجب أن تبحث روسيا عن حلفاء جدد، وعلى هذه الخلفية تجدر الإشارة إلى أنّ إحدى الدول الوحيدة في العالم التي لم تُدِن غزوَها لشبه جزيرة القرم هي دولة إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، فتسود بين بوتين وبين وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، الذي وُلد في الاتّحاد السوفياتي، علاقات جيّدة، وقد كان ليبرمان أحد الدبلوماسيين القليلين في العالم الذين أعلنوا عن أنّ الانتخابات الروسية عام 2011 كانت “نزيهة”.

وكجزء من تدفئة العلاقات، تجري في هذه الأيام محادثات بين ممثّلين إسرائيليين وروس حول إقامة اتفاق تجاري بين كلا الدولتين، والذي من المرتقب أن ينمّي العلاقات التجارية بين الدولتين إلى نطاق 6 مليار دولار حتى عام 2024.

زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى موسكو ومفابلته بفلاديمير بوتين الرئيس الروسي (AFP)
زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى موسكو ومفابلته بفلاديمير بوتين الرئيس الروسي (AFP)

وسوى المصالح الاقتصادية لإسرائيل في تعزيز علاقاتها مع روسيا، فإنّ إسرائيل قلقة أيضًا من بيع الصواريخ الروسية لسوريا وإيران. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ إسرائيل ليست راضية عن الدعم الذي تقدّمه روسيا للبرنامج النووي الإيراني، وستحاول التأثير على السياسة الروسية في هذا المجال.

تعزيز العلاقات مع الهند والصين أيضًا

وكما ذكرنا، فهناك دولتان أخريان من دول “برهصج” القوية اللتان تقوم إسرائيل بتعزيز العلاقات معهما وهما الهند والصين. قبل نحو شهر، فاز نرندرا مودي في انتخابات رئاسة الحكومة، وكان نتنياهو أحد الزعماء الأوائل الذين تواصلوا للمباركة له نتنياهو، على أمل تعزيز العلاقات بين الدولتين.

في السابق، زار مودي إسرائيل  وأيضًا عمل فيها، وتشير التقديرات الأخيرة بأنّه سيعمل على تطوير اتفاقيات تجارية بين إسرائيل والهند بقيمة تصل إلى نحو 15 مليار دولار في السنة، وبالإضافة إلى ذلك ستتمّ صفقات أخرى ذات خلفية عسكرية بين الدولتين. في العام المنصرم فقط، أعلِنَ أنّ شركة إسرائيلية، إلى جانب شركة سويسرية، أنشأتا مصانع لوسائل النقل (‏Semiconductor fabrication plant‏) في الهند بقيمة تصل إلى نحو 10 مليار دولار.

تعزز إسرائيل علاقاتها مع الصين أيضًا، التي يعتبر اقتصادها اقتصاد المستقبل العالمي، مقابل الاقتصاد الأمريكي الذي يزداد عجزًا. لقد زار نتنياهو وأيضًا رئيس الدولة شمعون بيريس الصين مؤخرًا،  وفي الوقت ذاته، زار أيضًا مسؤولين في النظام الصيني إسرائيل في السنوات الأخيرة.

نتنياهو في زيارته الى الصين (Avi Ohayon /GPO)
نتنياهو في زيارته الى الصين (Avi Ohayon /GPO)

تلقّتْ العلاقات التجارية بين الدولتين، التي تُقدّر بـ 10 مليارات دولار في العام، تعزيزًا هائلا قبل أيام حين اشترت شركة حكومية صينية شركة “تنوفا”، والتي تعتبر الشركة الإسرائيلية الرائدة في مجال صناعة الألبان، وذلك في صفقة بلغت قيمتها 2.5 مليار دولار.

بالإضافة إلى ذلك، كانت ستخرج إلى حيّز التنفيذ صفقة صينية ضخمة أخرى، حيث بيعت مجموعة التأمين والتقاعد الأكبر في إسرائيل، “التأمين العام”، إلى الصينيين بقيمة 1.4 مليار دولار، ولكن قررت مؤسسة  “التأمين العام” في اللحظة الأخيرة الانسحاب من عملية البيع.

البرازيل هي الدولة الوحيدة من بين دول “برهصج” التي لم تعزّز إسرائيل علاقاتها معها، ولكن نظرًا إلى التطوّرات الأخيرة فلن يكون مفاجئا إذا تم تفعيل مثل هذه العلاقات. ومع ذلك، فإنّ الخط الأحمر بين بوتين ونتنياهو يشير أكثر ما يشير إلى الاتجاهات والتغييرات في سياسة إسرائيل الخارجية.

اقرأوا المزيد: 684 كلمة
عرض أقل
مقاتلو Blackwater في العراق (AFP)
مقاتلو Blackwater في العراق (AFP)

“مقاتِلو المال”: مَن يُريد جيوشًا خاصّة؟

إنهم محترِفون، حسنو التدريب، أجورهم من بين الأعلى في العالم، وهم ينافسون في السنوات الأخيرة مستوى حرفيّة جيوش نظامية. مرتزَقة العصر الحديث يُمسون جزءًا لا يتجزأ من أية ساحة معركة

في السنوات الماضية، تتواجد جيوش العالم في مراحل مختلفة من خطط التقليصات؛ ففي المنظومة الأمنية الإسرائيلية يدور صراع على كلّ شاقل، أمّا في الولايات المتحدة الأمريكية فيجري التخطيط لتقليص عدد الجنود إلى 450 ألفًا، فيما تركّز دول أوروبا على جيش ذكيّ، صغير، واقتصاديّ.

ربّما نعتقد أنّ العالم يخطو نحو حدَث يوتوبي، لكنّ كلّ عاقل يُدرك أنّ العالم لا يزال مكانًا خطرًا. فالحرب العالميّة على الإرهاب في أوجها، وإلى جانبها عدد من الصراعات الإقليمية: جنوب السودان متصدّع، الحرب الأهلية دائرة في سوريا والعراق، ومؤخرًا انضمّ تهديد أوروبي جديد حول مكانة أوكرانيا ومكانة شبه جزيرة القِرم. إلى كلّ هذه الأمور، من الواجب إضافة حرب ليست أقل صخبًا على التنظيمات الإجرامية واتّحادات المخدّرات في أمريكا الجنوبية، التي كثيرًا ما تنضمّ إليها تنظيمات إرهابية عالمية.

مقاتلو المال في ساحة المعركة الليبية (AFP)
مقاتلو المال في ساحة المعركة الليبية (AFP)

ومَن يدخل بزخم كبير إلى قلب هذه الصراعات هم “مقاتِلو المال”، جيوش خاصّة أضحت لاعبًا هامًّا ومصيريًّا لديه معدّات متطوّرة، وكذلك موازنات ضخمة تصل إلى مليارات الدولارات. لا شكّ أنّ هذا حلّ مريح لبعض دول العالم.

لكنّ المشكلة أنّه كثيرًا ما يكون الحديث عن عصابات غير منضبطة، لا تلتزم بمسلَّمات مثل “معاهدة جنيف” أو بحقوق الإنسان. حتّى المرتزَقة أنفسهم يواجهون مشكلة، فعملهم غير شرعيّ، وفي دول كثيرة يكون الموت عقاب جريمتهم. وحتّى معاهدة جنيف لا تحمي حقوقهم.

شهادات على القتال من الميدان – الحالة السورية

أعلن تنظيم القاعدة في سوريا، الذي اتّحد العام الماضي مع تنظيم “جبهة النصرة”، في تشرين الأول 2013 أنّه ضرب عنق محارِب روسيّ أجير. وفق بيان التنظيم، الذي نُشر في تويتر إلى جانب صورة عن جواز سفر باسم “Alexay Malluta”، فإنّ الأخير مقاتل أجير عمل في إطار شركة تُدعى “Moran Security”، بدأت عملها وفق ادّعائهم عام 2012، وتعمل في الواقع كغطاء للاستخبارات الروسيّة.

وفق تقرير المتمردين السوريّين، قُتل أليكسي إلى جانب مئة مقاتل من جيش الأسد، عناصر حزب الله، ومرتزَقة آخَرين في إطار المعارك على مدينة حمص. وفق أقوالهم، ثمّة تورّط كبير للاستخبارات الروسية، وكدليل على ذلك نشروا أيضًا مقطع فيديو وجدوه حول القتلى وبعض الوثائق. “يدعم بوتين نظام مجرم الحرب الأسد، ويتستّر على جرائمه”، ذكر التنظيم.

وفق عناصر أمنية في إسرائيل، “يدّعي الثوار في السنة الماضية أنّ روسيا أنشأت عدة شركات حماية مقاوِلة، تساعد عبرها النظام في دمشق. ثمة أدلة غير قليلة على تدخُّل روس، معظمهم خرّيجو وحدات خاصّة، في الحرب السورية، لكنهم لم ينجحوا في إثبات تدخّل النظام أو الاستخبارات الروسية بشكلٍ لا يرقى إليه الشكّ”. لكن، تضيف المصادر أنّه “حتمًا، يمكن أن تكون هذه طريقة عمل ينتهجها الكرملين. مَن يعرف التاريخ يُدرك أنّ هذا ملائم جدًّا لطبيعة الروس، أي تشغيل قوات غير رسمية، من الصعب ربطها بالهيئات الرسمية”.

كيف بدأت الظاهرة؟

ينتشر المرتزَقة والجيوش الخاصّة كواحدة من أقدم المهَن في العالم. ولفهم مرتزَقة العصر الحديث، يجب العودة إلى إفريقيا في السبعينات والثمانينات، حيث ساعَدوا الحكومات على محاربة المتمرّدين. أحد أبرز الأشخاص في هذا المضمار هو مايك هوار، المعروف أكثر بلقبه “مايك المجنون”. لقد كان هذا الرجل ضابطًا بريطانيًّا إبّان الحرب العالمية الثانية، أصبح مع انتهائها محاسبًا. لم تلائمه المهنة المكتبيّة، فأنشأ جيشًا خاصًّا مكوَّنًا من مُرتزَقة.

جندي فرنسي (مرتزق) في زيمبابوي (AFP)
جندي فرنسي (مرتزق) في زيمبابوي (AFP)

كان مايك المجنون متورّطًا في جميع النزاعات التي دارت رحاها على أراضي القارّة السوداء تقريبًا، لكنه تصدّر العناوين عام 1978، حين حاربت حكومة سيشل قوّات الثوار. أدركت السلطات أنّ الجيش الرسمي عاجز عن التغلّب على المتمردين، فاستأجرت خدمات مايك هوار. قام هوار بتجنيد 53 مقاتلًا أجيرًا من خريجي حرب فيتنام والحروب الأهلية المختلفة في إفريقيا، ونجح معهم من حسم المعركة ضدّ المتمردين وإحباط الانقلاب. رغم النجاح، اضطُرّ إلى تسديد ثمن مرتفع بسبب الحُكم عليه بالسجن عشر سنوات لاختطاف طائرة ركّاب استخدمها ورجاله للوصول إلى الدولة. حتّى اليوم، يُعتبَر مايك المجنون الأب المؤسس للجيوش الخاصّة.

صحيح أنّ القانون يحظر استخدام محاربين مرتزقة، لكنّ هذا لا يعني أنهم اضمحلّوا. فعبر كلمات مموّهة بسيطة، مثل “عمّال مقاول” أو “رجال أمن”، عادت الجيوش الخاصّة إلى إفريقيا، هذه المرّة لمحاربة القراصنة الذين يُلحقون أذًى كبيرًا بالاقتصاد العالميّ. أرسل العديد من الجيوش إلى منطقة القرن الإفريقي سفنًا حربية وقوّات، لكنّ معظم العمل يقوم به “رجال الأمن” التابعون للشركات الخاصّة.

محاربة ظاهرة القرصنة في الصومال (AFP)
محاربة ظاهرة القرصنة في الصومال (AFP)

بدأت ضربة القراصنة، الذين يأتي معظمهم من الصومال، بإلحاق الأذى بطرق الإبحار في المنطقة في بداية التسعينات. مذّاك، تفاقمت الظاهرة، وأصبحت مصلحة القراصنة واضحة. فهم يُطلقون سراح السفن مقابل فدية تبلغ قيمتها عشرات ملايين الدولارات، يذهب معظمها إلى الزعماء. رغم ذلك، حتّى القرصان العاديّ حظي بحصة كبيرة قد تبلغ 150 ألف دولار، وهو مبلغ لا يمكن للصومالي العاديّ أن يجنيه طيلة حياته. أرسلت جيوش عديدة، كما ذُكر آنفًا، قوّات إلى المنطقة في إطار “فرقة العمل المشتركة في القرن الإفريقي” التي أقامتها الولايات المتحدة الأمريكية، لكنّ مَن تواجد على السفن نفسها كانوا رجال أمن حظَوا بأجر سنويّ وصل إلى 200 ألف دولار، وأكثر أحيانًا.

الجيش الخاصّ للولايات المتّحدة

في حزيران 2010، قرّر إريك برينس مفارقة مشروع حياته، وبيع Blackwater. قبل 18 عامًا، أنشأ ما نما ليصبح “الشركة الأمنية الخاصّة للولايات المتحدة”، إمبراطورية تتمتع بمداخيل عملاقة وموازنات حكومية هائلة. لكن في السنوات الماضية، اضطُرّ الأمير اليمينيّ المتطرّف إلى المعاناة من الرياح الليبرالية التي تهبّ في أمريكا، فقد رأى رئيسًا أسود يدخل البيت الأبيض، تلقّى لوائح اتهام ضدّ عماله حول قتل مواطنين، ففهم أنّ ثمة أمرًا يتغيّر. تواصل Blackwater العمل، لكنّ برينس، الرجل الذي جمع مئات ملايين الدولارات من المرتزقة والحروب، تقاعد.

وزارة الامن الداخلي الامريكية (AFP)
وزارة الامن الداخلي الامريكية (AFP)

كانت Blackwater مجرّد شركة لديها خسائر ماليّة، تدرّب مجرّد مئات من المقاتلين في منشأة على أراضي كارولينا الشماليّة. لكن حينذاك قُتل جنود أمريكيون قبالة ساحل اليمن، سقط برجا مركز التجارة، وانطلق الرئيس جورج بوش في حروب في الجانب الآخر من العالم. كان بوش يحتاج إلى جانبه إريك برينس – وريث إمبراطورية صناعية، اختصاصيًّا سابقًا في البيت الأبيض في عهد جورج بوش الأب، مقرَّبًا من الواعظين الإنجيليين المتطرفين، ومالك جيش خاصّ مستعدّ للانطلاق إلى أية نقطة في العالم، وتنفيذ أية مهمّة قذرة.

لكن حتّى إدارة أوباما لا يسهل عليها حلّ رُبط العلاقة التي نُسجت بين Blackwater والإدارة الأمريكية. فالشركة تستمرّ في نيل دعم بمئات ملايين الدولارات كلّ عام، تدريب 30 ألف شخص في السنة، تشغيل 1700 مقاتل كلّ لحظة، والاحتفاظ باحتياطيّ من 40 ألفًا آخرين يودّون الانضمام إلى آلة الحرب هذه. أنهت الشركة عام 2009 بدخل يُقدَّر بـ 660 مليون دولار، وفق تقديرات “Fortune Magazine‏”، أمّا عام 2010 فقُدّر الدخل بمليار دولار.

من المدهش الاكتشاف أنّ بيل كلينتون أيضًا مسؤول عن زيادة عدد الشركات الأمنية الخاصّة. ففي التسعينات، إبّان عهد بوش الأب، وخاصّةً في عهد كلينتون، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تطمح إلى الاقتصاد في نفقات الأمن. كانت الاستعانة بمصادر خارجية الحلّ المنطقيّ، فبدأت إدارة كلينتون تستخدم جيوشًا خاصّة من أجل القيام بمهامّ متنوّعة. شُغّلت شركات الحماية الخاصّة ضدّ ميليشيات تجّار المخدّرات في كولومبيا، درّبت الجيش الكرواتي، و DFI International تقاتل في عدّة دول في إفريقيا.

في إسرائيل أيضًا

لا ريبَ أنّ الولايات المتحدة تتصدّر في هذا الشأن، لكنها ليست الدولة الوحيدة التي تعمل فيها جيوش خاصّة أو “شركات تعهّد”. فيمكن العثور على هذه في جميع أرجاء العالم، إذ حتّى الدول الأوروبية تستخدم الجيوش الخاصّة من أجل أهدافٍ شتّى. في قائمة الشركات البارزة، يمكن العثور على “‏Armor group‏” البريطانيّة التي تحمي بين أمورٍ أخرى منشآت للأمم المتّحدة، “‏Blackwater Securtiy‏” التي تعمل في إفريقيا والدول العربية، بما فيها العراق، وحتى على مندوب لكندا يُدعى “‏Black Bear Security‏”، وكذلك على – ‏International Port Services‏ الأستراليّة.

في دولة إسرائيل أيضًا، جرت خصخصة عددٍ غير قليل من المهامّ التي كانت تقوم بها في الماضي القوى الأمنية. فثمة عدد غير قليل من الشركات الإسرائيلية التي تجني كمية هائلة من المال، تشابه إلى حدّ كبير ما ندعوه جيشًا خاصًّا. يبدأ ذلك بشركات الأمن الخاصّة، التي تشمل مسؤوليتها حماية طرق النقل الجويّ، البحري، وحتى البري. تقوم شركات خاصّة بحماية عدد غير قليل من المنشآت الحسّاسة، حتّى إنّ الأمن العام (الشاباك) يرشد “شركات متعهّدة” تقوم بحماية أشخاص سياسيين أو ذوي أعمال هامّة خارج البلاد. يمكن أن تُضاف إلى جميع هؤلاء الشركات ورجال الأمن الإسرائيليون الذين يزوّدون الحماية والاستشارة في دول مختلفة، لا سيّما في إفريقيا وأمريكا الجنوبية، ولكن أيضًا في آسيا ودول الاتّحاد السوفياتي السابق.

وحدة تابعة للجيش الإسرائيلي تقوم بتمارين عسكرية (Flash90)
وحدة تابعة للجيش الإسرائيلي تقوم بتمارين عسكرية (Flash90)

يمكن العثور على شركات الأمن الخاصّة أيضًا في منشآت الجيش الإسرائيلي، أو مثلًا في الحواجز والمعابر الحدودية الأراضي الفلسطينية، مهمّة كان يقوم بها الجيش حتّى قبل سنواتٍ قليلة.

كما يبدو، ليست الجيوش الخاصّة أمرًا عابرًا. فهي قوّة، فيها مقاتلون نالوا تأهيلهم في خيرة وحدات النخبة في جيوش العالم. ولديهم قدرات إدارة احترافيّة ومذهلة، لكن يجب القول إنّ هذه ذبابة في الحساء، فهم موجودون من أجل المال، والمال فقط. فليس لديهم أيّ التزام أخلاقيّ بالهدف، كما يجب القول في نهاية المطاف إنّ المديرين أيضًا هم ضبّاط سابقون مرتبطون بالأشخاص المُناسبين.

اقرأوا المزيد: 1308 كلمة
عرض أقل
رئيس الحكومة ووزير الدفاع في السابق، إيهود باراك (Miriam Alster/FLASH90)
رئيس الحكومة ووزير الدفاع في السابق، إيهود باراك (Miriam Alster/FLASH90)

باراك يشيد بوتين وينتقد أوباما

هل تقف إسرائيل إلى جانب الولايات المتحدة في الصراع مع روسيا؟ رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير الدفاع السابق يثني على بوتين بالذات، وينتقد التخلّي عن مبارك من قبل الأمريكيين

إشارة أخرى للعلاقات المضطربة بين إسرائيل والولايات المتحدة؟ قال أمس رئيس الحكومة ووزير الدفاع السابق لإسرائيل، إيهود باراك، في مقابلة مع قناة RT الروسية بخصوص الصراع حول شبه جزيرة القرم إنّ الولايات المتحدة تغامر حين تتحوّل سياستها الخارجية إلى مجرّد شعارات فارغة. قال باراك: “الخطر على الأمريكيين هو السقوط في شعارات فارغة بدلا من اتّخاذ سياسات حقيقيّة”.

حتّى الآن كان باراك يعتبر أحد أكبر المؤيّدين لإدارة أوباما في إسرائيل. عام 2012، وعلى خلفية الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة والوقوف الضمني لرئيس الحكومة نتنياهو إلى جانب خصم أوباما ميت رومني، قال باراك لشبكة CNN إنّ “إدارة أوباما هي أكبر داعم لأمن إسرائيل في تاريخ الولايات المتحدة”.

بينما انتقد باراك في مقابلة مع شبكة روسية ليس فقط السياسة الحالية للولايات المتحدة تجاه روسيا، بل أيضًا تعاملها السابق في كلّ ما يتعلّق بمصر على خلفية الربيع العربيّ. قال باراك: “كان مبارك حليفًا لمدّة 30 عامًا، ولكن في اللحظة التي تمرّد فيها شعبه ضدّه؛ انتقلت مشاعر الأمريكيين للشعب، وهذا جعلهم أكثر غموضًا”.

وحظي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالذات، بإشادة باراك. أشاد باراك الطريقة التي عالج فيها بوتين قضية إيران وسوريا وقال إنّ “بوتين هو الأكثر انفتاحًا وطبيعية من بين جميع الزعماء الروسيّين في الخمسمائة سنة الأخيرة. وبخصوص الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، يقدّر باراك إنّه لا يمكن في هذا الوقت تحقيق اتفاق من خلال الوساطة الأمريكية في القضية.

في السنة الماضية، منذ الانتخابات الأخيرة في إسرائيل والتي لم يترشّح إيهود باراك لها، اختار التركيز على أعماله المزدهرة. وقد أفادت الأنباء في الأسبوع الماضي إنّ باراك الذي يزور أذربيجان، سيعيّن عضوًا في المركز الوطني على اسم نظامي الكنجوي.

اقرأوا المزيد: 248 كلمة
عرض أقل
فلاديمير بوتين وباراك أوباما (AFP)
فلاديمير بوتين وباراك أوباما (AFP)

بوتين: الثقة بين روسيا وأمريكا مفقودة من قبل أزمة أوكرانيا

أوباما يهدد روسيا بمزيد من العقوبات اذا واصلت زعزعة استقرار أوكرانيا، ويقول "قرارات السيد بوتين ليست فقط سيئة لاوكرانيا بل على المدى ستكون سيئة لروسيا"

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الخميس إن الثقة بين روسيا وأمريكا مفقودة من قبل الأزمة الأوكرانية لكنه يريد عودة التعاون.

وأضاف في لقاء تلفزيوني أجاب خلاله على اسئلة عبر الهاتف من المشاهدين “فقدت الثقة إلى حد ما لكننا لا نعتقد أن اللوم يقع علينا.”

وقال إن النفاق الأمريكي دفع العلاقات لأسوأ مستوى منذ الحرب الباردة. وأضاف “الولايات المتحدة يمكنها أن تتحرك في يوغوسلافيا والعراق وأفغانستان وليبيا لكن لا يسمح لروسيا بالدفاع عن مصالحها.”

وتختلف الدولتان بشأن عدد من القضايا منها خطط الدفاع الصاروخي الأمريكي وتوسعة حلف شمال الأطلسي والحرب الأهلية في سوريا.

وأوضح بوتين إن تحسين العلاقات يتطلب من الولايات المتحدة احترام مصالح الآخرين والقانون الدولي.

وأضاف “اريد التأكيد مجددا على أن روسيا مهتمة بتنمية العلاقات مع الولايات المتحدة وستفعل كل ما يمكن لضمان استعادة هذه الثقة.”

كانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على بعض الروس لمعاقبة موسكو على ضمها شبه جزيرة القرم الأوكرانية وتقول إنها مستعدة لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة إذا قامت روسيا بمزيد من التدخل لزعزعة استقرار أوكرانيا.

واتهم بوتين أيضا أندرس فو راسموسن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي بتسجيل محادثة خاصة بينهما وتسريبها لوسائل الإعلام عندما كان رئيسا لوزراء الدنمرك.

وقال “لم أصدق عيني وأذني … أي نوع من الثقة سيكون موجودا بعد هذه الوقائع؟” لكنه أضاف أن موسكو لا ترغب في توتر العلاقات مع أوروبا وأنه يأمل أن يكون هذا الشعور متبادلا.

وتابع بوتين قائلا “لا ننوي افساد العلاقات بين روسيا وأوروبا ونأمل ألا يكون ذلك جزءا من خطط شركائنا الأوروبيين.”

وفي تصعيد آخر بين الدولتين، قال الرئيس الامريكي باراك اوباما إن روسيا بدأت تشعر بالفعل بأثر العقوبات التي فرضها الغرب عليها فيما يتصل بضم منطقة القرم الاوكرانية وانها يمكنها ان تتوقع المزيد من العقوبات إذا صعدت دعمها للانفصاليين في شرق اوكرانيا.

واضاف اوباما قائلا في مقابلة مع محطة تلفزيون (سي بي اس) أمس الاربعاء “ما اقوله دوما انه في كل مرة تتخذ فيها روسيا مثل هذه الخطوات التي تستهدف زعزعة استقرار اوكرانيا وتنتهك سيادتها فانه ستكون هناك عواقب.”

وقال اوباما “قرارات السيد بوتين ليست فقط سيئة لاوكرانيا بل على المدى ستكون سيئة لروسيا.”

واضاف انه يعتقد ان روسيا لا تسعي الي مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة التي تتفوق عليها في القوات العسكرية. وقال الرئيس الامريكي “لسنا في حاجة إلي حرب.”

وقد سيطر انفصاليون مؤيدون لروسيا على مبان في 10 مدن على الاقل في شرق اوكرانيا وهي هجمات قالت الحكومة الاوكرانية انها من تدبير عملاء روس. ويسيطر الانفصاليون بالفعل على ادارة مدينة ماريبول.

وتقول روسيا ان الهجمات هي احتجاجات عفوية للسكان المتحدثين بالروسية الغاضبين من الحكومة الجديدة في اوكرانيا التي تحظي بشعبية أكبر في غرب البلاد الناطق بالاوكرانية.

اقرأوا المزيد: 398 كلمة
عرض أقل
وزير الخارجية  الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (ALEXEY DRUZHININ / RIA-NOVOSTI / AFP)
وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (ALEXEY DRUZHININ / RIA-NOVOSTI / AFP)

توتر بين إسرائيل والولايات المتحدة، في المعضلة الروسية

صحيفة "هآرتس": الأمريكيون غاضبون من "الموقف المحايد" لإسرائيل في أزمة القرم؛ لذلك يلغي نتنياهو زيارته لروسيا كي لا يزداد التوتر مع الولايات المتحدة. مسؤول إسرائيلي رفيع: مصالحنا ليست كمصالح الولايات المتحدة

الولايات المتحدة غاضبة من إسرائيل بسبب موقفها من أزمة القرم. هكذا كتب اليوم المراسل السياسي لصحيفة ” هآرتس” الإسرائيلية، براك رافيد. حسب ما يقول رافيد، ازداد في البيت الأبيض وفي وزارة الخارجية في واشنطن الغضب الشديد على “الحيادية” التي تُظهرها إسرائيل في كل ما يتعلق بالزحف الروسي على شبه الجزيرة.

حسب ما ورد في التقرير، ما استشاط غضب الأمريكيين هو غياب الإسرائيليين عن تصويت استنكار الزحف الروسي على القرم، والذي تمّ في الأمم المتحدة قبل أسبوعين. وقد اقتُبس عن مسؤول أمريكي قولُه: “لقد فوجئنا من أننا لم نر إسرائيل منضمة لأغلب دول العالم التي صوتت في الجلسة العامة للأمم المتحدة تأييدًا للحفاظ على سلامة أوكرانيا الإقليمية”. في إسرائيل علّلوا الخطوة بإضراب موظفي وزارة الخارجية، الذي شوش النشاطات الإسرائيلية.

حسب التقرير، بعض التصريحات التي قارنت بين علاقات إسرائيل والولايات المتحدة، وبين إسرائيل وروسيا هي التي استشاطت الغضب الأمريكي. قبل أيام قليلة، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، في مقابلة للقناة التاسعة الإسرائيلية التي تخاطب الجمهور الإسرائيلي المتحدث بالروسية: “لدينا علاقات ثقة مع الأمريكيين والروس، وتجربتنا مع الجهتين كانت إيجابية جدًا”.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (Flash90/Marc Sellem)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (Flash90/Marc Sellem)

 ويبلغ رافيد أن رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، ألغى زيارة لروسيا بناء على الضغط الأمريكي. حسب أقواله، ذكر موظف إسرائيلي رفيع أن نتنياهو قد جمّد رحلة مقرّرة إلى سانت بطرسبورغ كان من المفروض أن يقابل فيها رئيس روسيا فلاديمير بوتين في إطار مناسبة للعلاقات الثقافية بين إسرائيل وروسيا.

تطرق اليوم رئيس الفرع السياسي- الأمني في وزارة الأمن الإسرائيلية، عاموس جلعاد، للتقرير في مقابلة مع إذاعة الجيش، وقال إن إسرائيل غير ملزمة للموافقة تلقائيًّا على المصلحة الأمريكية. حسب أقواله، “إسرائيل تتابع ما يحدث” في أوكرانيا، بينما “تتدخل أمريكا وفقًا لمصالحها، لكن لا يمكن جعل مصلحتنا مطابقة لمصلحة جهة أخرى، حتى لو كانت الولايات المتحدة”.

كما يُذكر، زاد الزحف الروسي للقرم مخاوف الكثيرين في إسرائيل على ضوء السياسة الأمريكية المتبّعة في الأزمة. إنّ عدم اتخاذ أمريكا رد فعل عسكري للحفاظ على سيادة أوكرانيا قد جعل بعض الجهات في إسرائيل تتساءل إن كان يمكن للأمريكيين أن يضمنوا في المستقبل سيادة إسرائيل، إن هوجمت الأخيرة.

اقرأوا المزيد: 314 كلمة
عرض أقل
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (ALEXEI NIKOLSKY / RIA-NOVOSTI / AFP)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (ALEXEI NIKOLSKY / RIA-NOVOSTI / AFP)

الجمعية العامة للأمم المتحدة: استفتاء انفصال القرم باطل

رغم أن القرار غير ملزم إلا أن دبلوماسيين غربيين قالوا انه يبعث برسالة سياسية قوية عن افتقار روسيا لتأييد واسع في موضوع القرم

أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم الخميس قرارا غير ملزم يعلن بطلان الاستفتاء الذي أجري هذا الشهر على انفصال القرم عن أوكرانيا والانضمام الى روسيا.

وحصل القرار على تأييد مئة صوت واعتراض 11 صوتا في حين امتنعت 58 دولة عن التصويت في الجمعية العامة المؤلفة من 193 دولة. وقال دبلوماسيون بالأمم المتحدة إن أكثر من 20 دولة لم تشارك في التصويت إما لتغيبها أو لأنها لم تدفع متأخرات مستحقة عليها.

وقال دبلوماسيون غربيون إن عدد الدول التي أيدت القرار كان أكبر من المتوقع رغم ما وصفوه بجهود موسكو الحثيثة للحشد من أجل التصويت ضد القرار.

وقبل التصويت قال دبلوماسي غربي كبير إن حصول مشروع القرار على تأييد ما بين 80 و 90 صوتا سيكون نجاحا لأوكرانيا. واتفق معه دبلوماسيون غربيون آخرون قائلين إن النتيجة أظهرت قلة عدد مؤيدي موسكو في أنحاء العالم.

ويشبه قرار الجمعية العامة نصا في مجلس الأمن استخدمت ضده موسكو حق النقض (الفيتو) في وقت سابق هذا الشهر. ويرفض القرار استفتاء القرم ويقول انه “لا شرعية له ولا يمكن أن يشكل اساسا لأي تغيير في وضع جمهورية القرم ذات الحكم الذاتي أو لمدينة سيفاستوبول.”

ويقول القرار الذي لم يذكر روسيا بالاسم إن الجمعية العامة “تدعو كل الدول والمنظمات الدولية والوكالات المتخصصة الى عدم الاعتراف بأي تغيير في وضع” القرم وسيفاستوبول.

ورغم أن القرار غير ملزم إلا أن دبلوماسيين غربيين قالوا انه يبعث برسالة سياسية قوية عن افتقار روسيا لتأييد واسع في موضوع القرم. وأضافوا أن حشد روسيا بقوة لإقناع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بعدم تأييد القرار دليل على اهتمام موسكو بالأمر.

وبعد التصويت قال وزير خارجية أوكرانيا أندريه ديشيتسيا الذي طرح مشروع القرار على الجمعية العامة إن “غالبية ساحقة من دول العالم أيدت هذا القرار.”

أما مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين فقد حث الدول على تأييد ما وصفه بحق القرم في تقرير المصير واحترام اختيار مواطني القرم في الانضواء تحت راية موسكو.

وقالت مبعوثة الولايات المتحدة سامنثا باور إن كل الدول تؤيد فكرة تقرير المصير لكن روسيا استخدمت جيشها لضم القرم بالقوة.

ووقفت عشر دول فقط مع روسيا بالتصويت ضد القرار. ومن بين هذه الدول التي وصفها الدبلوماسي الغربي الكبير “بالدول العشر القذرة” سوريا والسودان وروسيا البيضاء وبوليفيا وكوبا وكوريا الشمالية ونيكاراجوا وفنزويلا وزيمبابوي. وكانت الصين ضمن الدول التي امتنعت عن التصويت

اقرأوا المزيد: 348 كلمة
عرض أقل
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (ALEXEI NIKOLSKY / RIA-NOVOSTI / AFP)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (ALEXEI NIKOLSKY / RIA-NOVOSTI / AFP)

لوحة شطرنج فلاديمير بوتين

بوتين يضم شبه جزيرة القرم ولا يكترث بردود فعل الدول الغربية، والدول الغربية بدورها تعلق عضوية روسيا في مجموعة الثماني "G8"، كيف سيؤثر هذا على سياسته في الشرق الأوسط؟

الأزمة في شبه جزيرة القرم تعيد تكريس فلاديمير بوتين أقوى رجل في العالم حاليًّا؛ فكيف سيؤثّر الشأن الأوكراني في تدخُّله في الشرق الأوسط؟

منذ أواخر شهر تشرين الأول الماضي، توّجت مجلة “فوربس” فلاديمير بوتين، لا باراك أوباما، “أقوى رجل في العالم”. ففيما وقف الرئيس الأمريكي في العام الماضي عاجزًا أمام تعطيل الإدارة الأمريكية، أزمة تسريبات وكالة الأمن القومي (NSA)، والحرب الأهلية السورية، كان الرئيس الروسي يزيد من قوّته.

مثّلت المعركة على سورية، التي انتهت دون طلقة أمريكية واحدة، أكثر من أيّ شيء آخر، قوّة بوتين في السنة الماضية. فقد بدا بوتين هو الرجل الذي كبح بيده جماح الهجوم الأمريكي، ونجح في إنقاذ نظام الأسد مقابل التضحية بالسلاح الكيميائي. وحدث ذلك رغم أنّ روسيا أنكرت طوال الوقت أنّ نظام الأسد استخدم هذا السلاح، وقالت إنّ مَن فعل ذلك كان المعارضة السورية.

فلاديمير بوتين وباراك أوباما (AFP)
فلاديمير بوتين وباراك أوباما (AFP)

الآن، بعد نصف عام على وقف الهجوم على الأسد، بدأ بوتين بعرض عضلاته الخاصّة في شبه جزيرة القرم. ويعتقد محلِّلون عديدون أنّ خطوات بوتين مع أوكرانيا لم تكن ممكنة لولا انحلال الإدارة الأمريكية برئاسة أوباما ونعومتها.

في إسرائيل مثلًا، نظروا بعين القلق إلى الضمانات الأمنية التي منحتها الولايات المتحدة لأوكرانيا عام 1994، حين التزمت الولايات المتحدة بضمان سلامة أراضي أوكرانيا أمنيًّا. تساءل الإسرائيليون: ماذا سيجري إذا اضطُرّت الولايات المتحدة الأمريكية إلى الإيفاء بالتزاماتها الأمنية لإسرائيل على الأرض؟ هل تكون نهاية الضمانات الأمريكية لإسرائيل مثل الضمانات التي أُعطيت لأوكرانيا؟ سارع اليمين الإسرائيلي إلى استخلاص العبَر: كما وقفت الولايات المتحدة عاجزة أمام عدوانية بوتين في أوكرانيا، هكذا يُتوقَّع أن تتخلى عن إسرائيل.

كيف إذًا سيؤثّر ازدياد قوّة بوتين في المسألة الإيرانية؟ يخشى الغرب من أن تكون المصلحة الروسية تعزيز قوة إيران، لا المشاركة في مساعي منعها من تطوير سلاح نووي. وثمة مَن يعتقد أنّ المهادَنة الأمريكية المقابِلة لتصلُّب بوتين هي ما أدّى إلى الاتّفاق النووي في جنيف، اتّفاق ترى فيه إسرائيل الرسمية “اتّفاقًا سيّئًا” و”خطأً تاريخيًّا”.

بوتين وخمنائي في إيران (STR / AFP)
بوتين وخمنائي في إيران (STR / AFP)

بالتباين، ثمة مَن يعتقد أنّ المصالح الأمريكية والروسية في الواقع متطابقة فيما يتعلّق بتجريد إيران من السلاح النووي. وفق هذا الادّعاء، ليست المفاوضات مع سورية التي انتهت بتفكيك السلاح الكيميائي هزيمةً أمريكية وانتصارًا روسيًّا، بل اتفاق يمكن أن يكون جميع الأطراف راضين عنه. فإذا جرى استنساخ نموذج التسوية السورية في الميدان الإيراني وأدّى ذلك إلى تفكيك المنشآت النووية، سيكون في وسع الأمريكيين تسجيل إنجاز عظيم لهم. لكنّ ثمة شكًّا كبيرًا في إمكانية الموافقة على تفكير كهذا في أعقاب اتّفاق جنيف والتصريحات الإيرانية أنّ المنشآت النووية لن تُفكَّك على الإطلاق.

يُكثر الإسرائيليّون من التذمّر من النظام الأمريكي وتساهله مع روسيا، لكنهم يحاذرون من توجيه إصبع الاتّهام إلى بوتين. فقد نجمت الاحتكاكات القليلة بين إسرائيل وروسيا بشكل أساسيّ من حوادث نُقل فيها سلاح روسيّ إلى أعداء إسرائيل، وسلاح إسرائيلي إلى أعداء روسيا. عام 2006، عُلم أنّ حزب الله استخدم سلاحًا من صناعة روسيّة، ما أدّى إلى إحراجٍ ما في الكرملين. أمّا عام 2008، فقد أُحرج الإسرائيليّون نتيجة ادّعاءات روسية بوجود سلاح إسرائيليّ استخدمه المقاتِلون في جورجيا. لكن يبدو مذّاك أنّ الروس هدؤوا، واستجابوا لمناشَدات إسرائيل بعدم تزويد إيران بصواريخ “أس – 300” متقدّمة.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (Flash90/Marc Sellem)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (Flash90/Marc Sellem)

في هذه الأثناء، لا يزال بوتين يطمح إلى زيادة تأثيره في الشرق الأوسط قدر الإمكان. فرغم انعدام الاستقرار في سوريا، الذي يمسّ بالمصالح الروسية، بدأ موظفون روس يزورون بشكل مكثّف عددًا من الدول العربية، بهدف تعزيز التأثير الروسي. في المقام الأوّل، تأتي مصر، إذ يُقدَّر أنه كلما توتّرت العلاقات المصرية – الأمريكية، سيزداد الدور الروسي في مصر. وثمة مَن يقدِّر أنّ صفقة سلاح روسية – مصرية قابلة للتحقيق للمرة الأولى منذ أربعة عقود.

مقابلة السيسي وبوتين (AFP)
مقابلة السيسي وبوتين (AFP)

ويُقدَّر أيضًا أنّ دُولًا مثل الأردن، العراق، أو حتّى السعودية يمكن أن تكون مهتمّة بصفقات عسكريّة مع روسيا. فحين تتفكّك منظومة العلاقات القديمة التي تسود في الشرق الأوسط منذ سنواتٍ طويلة، يمكن أن يدخل لاعب جديد مهيمِن ويجرف الغلّة بجُملتها.

اقرأوا المزيد: 579 كلمة
عرض أقل