تسيبي ليفني وسلام قياض (MENAHEM KAHANA / AFP)
تسيبي ليفني وسلام قياض (MENAHEM KAHANA / AFP)

صفقة الأمم المتحدة: تسيبي ليفني مقابل سلام فياض؟

عرض الأمين العام للأمم المتحدة على ليفني منصب نائب الأمين العام للمنظمة، من أجل إزالة معارضة إسرائيل وأمريكا على تعيين فلسطيني في منصب كبير

حدثت في نهاية الأسبوع الماضي أزمة دبلوماسيّة، بعد أن أحبطت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة تعيين رئيس الحكومة الفلسطيني الأسبق، سلام فياض، في منصب مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا. في ظلّ هذه العاصفة الدبلوماسية، تلقّت السياسية الإسرائيلية ووزيرة الخارجية سابقًا، تسيبي ليفني، اقتراحا مغريا جدا من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس. اتصل غوتيريس بتسيبي وعرض تعيينها في منصب نائب الأمين العام للأمم المتحدة.

في حال قبول ليفني عرض غوتيريس، ستكون الممثّلة الإسرائيلية الأولى التي تتولّى هذا المنصب في الأمم المتحدة. ويشار إلى أن هناك عددا كبيرا من نواب الأمين العام للأمم المتحدة، ويصل أجرهم إلى نحو 200,000 دولار في السنة.

وفي ورد نيابة عن تسيبي ليفني لوسائل الإعلام يتضح أنه لم تتلقّ تسيبي اقتراحا رسميا، ولكن أكّد مقربون منها أنّه قد جرت فعلا محادثة بينها وبين الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريس.

أعلم غوتيريس في الأسبوع الماضي جميع أعضاء مجلس الأمن في الأمم المتحدة عن نيّته تعيين فيّاض في منصب كبير وهو مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، مشيرا إلى جانب اسمه اسم “فلسطين” بين مزدوجين.

وفقا للوائح الأمم المتحدة، فإنّ هذا التعيين مشروط بموافقة أعضاء مجلس الأمن بالإجماع، ولكن التعيين لم يستوفِ ذلك. أعلنت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، نيكي هيلي، عن معارضة بلادها كاتبة في رسالة جاء فيها “على مدى وقت طويل دعمت الأمم المتحدة بشكل غير عادل السلطة الفلسطينية، مما ألحق ضررا بحليفتنا إسرائيل”.

وتقدّر مصادر في الأمم المتحدة أنّه ربّما يكون هدف العرض الذي تلقّته ليفني من الأمين العام للأمم المتحدة هو أيضًا تراجع أمريكا وإسرائيل عن معارضتهما لتعيين الممثل الفلسطيني في منصب مبعوث الأمم المتحدة. وقد أكّدت صحيفة “هآرتس “أنّه قبل نحو أسبوعَين سافرت ليفني إلى نيويورك ليوم واحد، للقاء خاص بالأمين العام للأمم المتحدة، والذي نوقشت فيه إمكانية تعيين ليفني في المنصب المذكور.

اقرأوا المزيد: 275 كلمة
عرض أقل
رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس برفقة رئيس حكومته السابق، سلام فياض (AFP)
رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس برفقة رئيس حكومته السابق، سلام فياض (AFP)

مصادر: سلام فياض يعود إلى الواجهة

مصادر فلسطينية تؤكد أنه في اتصالات ولقاءات مع جهات عربية، دولية، أمريكية وأوروبية تم تناول احتمال عودة فياض الى مقدمة الساحة السياسية الفلسطينية وتحديدا الى رئاسة السلطة

اتهمت مصادر فلسطينية رفيعة، تحدثت لـ “المصدر”، الحكومة الاسرائيلية أنها هي من تقف خلف إثارة الشائعات في الساعات الأخيرة حول الوضع الصحي للرئيس الفلسطيني، محمود عباس. وتقول المصادر إن هذه الشائعات دفعت بالفريق المحيط بالرئيس لأن يتخذ قرار اليوم بضرورة ظهور الرئيس في بيت لحم والحديث عن مجمل الأوضاع الفلسطينية.

وذلك مع ما يعتبره مقربو عباس حملة داخلية فلسطينية من بعض الرموز في فتح بالإضافة إلى حملة خارجية تشارك فيها أوساط في حماس والحكومة الإسرائيلية لإعادة اظهار الرئيس وكأنه لم يعد ذي صلة بالوضع الفلسطيني وتطوراته وكثرة الحديث عن مخاوف من فراغ سياسي في حال غياب الرئيس، اما بسبب اسقالته أو بسبب وضعه الصحي.

واعتبرت المصادر أن زيادة الانتقادات الداخلية الموجهة للرئيس الفلسطيني هي جزء من حملة مبرمجة فلسطينياً وعربياً للضغط على الرئيس اما لإجراء تغييرات جوهرية في اليات عمل السلطة وفي سياساتها، وكذلك في القيادة سواء فيما يتعلق بالمؤتمر السابع لحركة فتح أو على مستوى السلطة ومنظمة التحرير.

وقالت مصادر إسرائيلية لموقع “المصدر” إن ادعاءات الفلسطينيين بعيدة عن الواقع وناتجة عن دوافع داخلية وإن إسرائيل ليست لديها مصلحة في إضعاف أبو مازن، ولا سيما، على خلفية الوضع الأمني المتوتر.

وفي حديثه بعد ظهر اليوم سيحاول الرئيس الإجابة على هذه المخاوف التي يتم طرحها ومن المتوقع أن يمنح رؤيته للمستقبل وسط ترجيحات بأن يقوم الرئيس بالإعلان ربما عن نائب رئيس وهو أمر طُلب منه في السابق لكن دستوريته لا زالت موضع خلاف ونقاش. بطبيعة الحال هوية النائب، اذا صحت هذه التكهنات ستثير هي الأخرى موجة من الردود.

ويستدل من حديث مع دبلوماسيين عرب وغربيين تحدث معهم “المصدر” أن اسم رئيس الوزراء السابق، سلام فياض، عاد وبقوة الى بورصة الأسماء المرجحة لخلافة السلطة الفلسطينية في حال شغور منصب الرئاسة مستقبلا للأسباب التي ذكرت اعلاه. وأكدت مصادر فلسطينية أنه وفي اتصالات ولقاءات مع جهات عربية ودولية أمريكية وأوروبية تم تناول احتمال عودة فياض الى مقدمة الساحة السياسية الفلسطينية وتحديدا الى رئاسة السلطة وما التوقعات بالنسبة لردود الفعل الفلسطينية وتحديدا عند حركتي حماس وفتح.

ورجحت المصادر أن فتح قد تتعايش مع فياض كرئيس للسلطة اذا ما تم احترام مصالحها وكوادرها العاملة في السلطة واذا ما رُفق الأمر بإعادة تفعيل منظمة التحرير بقيادة فتح.

وأشارت المصادر أن حماس رغم خلافها الماضي مع فياض ستجد الطرق للتعايش معه سياسيا، مشيرة الى أن حماس سمحت مؤخرا لفياض بزيارة القطاع ومتابعة مشاريع تقوم بها الجمعية التي يرأسها، وأنه في حال اصطفاف فلسطيني وعربي ودولي خلفه، وهو الأمر الذي لا يتمتع به حاليا الرئيس عباس، لن يكون أمام حماس خيار سوى التعاطي الإيجابي مع الموضوع.

في هذا السياق تترقب حماس التطورات المتعلقة بالرئيس عباس لتحديد موقفها من قضية اعادة مفاتيح السيطرة على معابر القطاع الى السلطة الفلسطينية وسط رغبة الحركة بالحفاظ على امكانيتها في تسليح جناحها العسكري.

اقرأوا المزيد: 421 كلمة
عرض أقل
سلام فياض (FLASH90)
سلام فياض (FLASH90)

سلام فياض عدو حماس اللدود يزور غزة

وصل سلام فياض، من كان يوما في خانة أعداء حماس، إلى القطاع، بناء على دعوة من القيادي الحمساوي، أحمد يوسف، وسبب الدعوة عقد لقاء مفتوح بخصوص إنهاء الانقسام، وليس مبادرة إلى إنهائه

وصل اليوم الأربعاء إلى قطاع غزة، رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق، سلام فياض، في أول زيارة له للقطاع منذ أن استولت حركة حماس على مقاليد الحكم هناك. وحسب مصادر فلسطينية فإن فياض تلقى دعوةً من القيادي في حماس، ومستشار هنية السابق، أحمد يوسف، لعقد لقاء مفتوح مع نخبة من المثقفين والكتاب والمحللين والإعلاميين الفلسطينيين، لتوضيح رؤيته لإنهاء الانقسام التي كانت تعتبره حماس أنه جزء منه، وأنه أحد مؤسسيه بحملته الأمنية ضد عناصرها وكوادرها بالضفة.

ونفت مصادر من حماس أن يكون فياض ينوي تقديم مبادرة سياسية لإنهاء الانقسام أو أي مبادرة تخص معبر رفح البري، وأن زيارته مجرد عامة ليس لها علاقة مباشرة بالحركة بل خاصة بالمفكرين، مبينين أن أبواب غزة مفتوحة لكل الفلسطينيين وليست حكرا على أحد.

وكثيرا ما واجهت حماس “سلام فياض” واعتبرته أنه من أتى بالجنرال الأميركي “دايتون” لتجهيز أجهزة أمنية فلسطينية بعيدة عن “خدمة الوطن” وتعمل لما قالت عنه “التنسيق الأمني لصالح إسرائيل وخيانة الوطن”. كما قالت في بيانات سابقة لها إبّان حكم فياض.

وقالت حماس حينها أنه في عهد فياض الأمني والحكومي، كان كوادرها وعناصرها يواجهون عمليات اعتقال كبيرة وملاحقات علنية لصالح التنسيق الأمني مع إسرائيل. واصفة إياه بأنه “سياسي واقتصادي فاسد”.

ويواجه فياض الذي يدير مؤسسة “فلسطين الغد”، مؤخرا، خلافات مع السلطة الفلسطينية، استدعت إغلاق مؤسسته مؤقتا قبل إعادة فتحها، والتحقيق معه تحت بند “شبهة الاستخدام السياسي لأموال المؤسسة” وشبهة “تبييض أموال لصالح محمد دحلان”.

وعلّق الإعلامي الفتحاوي الشهير في قطاع غزة، هشام ساق الله، على هذه الزيارة، عبر مدونته كاتبا “لا اهلا ولا سهلا بزيارة سلام فياض.. فهو اكثر من عمل ضد قطاع غزة وجهز ملفات كثيرة تم استخدامها ضد الموظفين في عهده وبعد أن تولى الحمد الله مهامه كل ملفات التآمر كانت من عند سلام فياض هو من قام بتحضيرها وهو اكثر من أبعد قطاع غزة عن السلطة المركزية وركز السلطة في يد حركة حماس واليوم يأتي من اجل نسج تحالفات جديدة مستقبليه مع محمد دحلان وياسر عبد ربه”.

وأضاف ساق الله “أكثر ما يذكرني بسلام فياض انه كان ضمن المجموعة التي تآمرت على الشهيد الرئيس ياسر عرفات، وكوفئ بأنه أصبح رئيس للوزراء وأكثر من تآمر على الخط العرفاتي وأقصى رجاله من خلال مجموعة من القرارات كإحالتهم إلى التقاعد المبكر وإبعاد رجال ياسر عرفات نهائيا عن مراكز القرار والسلطة”.

اقرأوا المزيد: 349 كلمة
عرض أقل
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (AFP)
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (AFP)

بين الطموح السياسي والانقلاب على الرئيس

يقول مسؤول فلسطيني، يسخر من الأنباء عن محاولة انقلاب في السلطة، إن هناك شخصا (محمد دحلان) لديه طموحات مشروعة بأن يكون رئيسا، وإنه نجح بأن يجمع حوله شخصيات تعتبر أن "ابو مازن" فشل في إدارة ملفات السلطة الداخلية والخارجية

تعيش الأوساط السياسية في السلطة الفلسطينية حالة من الترقب في ظل التغييرات التي طرأت على اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والإطاحة بياسر عبد ربه من منصبه كأمين سر اللجنة. فلا اختلاف بين هذه الأوساط أن الإطاحة بعبد ربه جاءت نتيجة خلافات حادة داخل القيادة الفلسطينية، لكن ثمة نقاش واختلاف في وجهات النظر والمعلومات حول ماهية هذا الخلاف.

المعارضون للرئيس الفلسطيني يسخرون من الأنباء التي يُسربها للإعلام مقربو عباس عن محاولة انقلاب. فحسب رأي مسؤول فلسطيني هناك شخص (محمد دحلان) لديه طموحات مشروعة بأن يكون رئيسا، وأنه نجح بأن يجمع حوله شخصيات تعتبر أن “ابو مازن” فشل في إدارة كافة الملفات: المفاوضات مع إسرائيل، المصالحة مع حماس وملف إدارة السلطة فيما يتعلق بالحياة اليومية للفلسطينيين.

ويرى مسؤول فلسطيني قريب من محمد دحلان أن “كون بعض الشخصيات مثل رئيس الوزراء السابق سلام فياض، وأمين سر اللجنة التنفيذية السابق ياسر عبد ربه، يفكرون أو لا يفكرون، بالتعاون مع دحلان، وبتشكيل تكتل لطرح رؤية وقيادة بديلة فهذا لا يعني أنهم يُخططون لانقلاب. ليس كل من لديه طموح سياسي، وليس كل من يختلف مع الرئيس حتى وإن تجمّعوا، يخططون لانقلاب. هناك ثمة فرق بين طرح رؤية وقيادة بديلة وبين الانقلاب. حالة الهستيريا التي يحاول بثها أنصار الرئيس، والحديث عن مؤامرات تشارك فيها إسرائيل وحتى حماس بالتعاون مع قيادات داخل فتح، وداخل المنظمة، هو حديث لم يعد يُقنع الشارع الفلسطيني. لا يُمكن في كل مرة تقودنا القيادة إلى فشل جديد الحديث عن مؤامرة وعن محاولة انقلاب”.

أنصار الرئيس الفلسطيني أبو مازن يتحدثون عن معلومات مؤكدة عن نية هذه “المجموعة” المطالبة باستحقاق رئاسي وجدولة الاستعدادات لهذا الاستحقاق بهدف تغيير الرئيس. أحد القيادات الفتحاوية يقول “هناك جهاز مخابرات عربي أوصل إلينا قائمة بأسماء الشخصيات التي تخطط للإطاحة بالرئيس بانتخابات أو عبر خلق حالة من الحراك الجماهيري يهدف إلى تصوير الرئيس على أنه فشل في كل الملفات المهمة بالنسبة للشارع الفلسطيني وأنه كرس حالة الانقسام ليس فقط مع حماس والقطاع، وإنما داخل فتح وحتى داخل المنظمة، وأن الرئيس فشل في معركته السياسية مع إسرائيل وأنه المسؤول الأول والأخير عن تردي حالة الفلسطينيين اليومية والحياتية. الانتخابات شيء، وحشد الشارع بواسطة مال عربي وبمساعدة وسائل إعلام وبالتناغم مع حملات التحريض التي تقودها حماس وإسرائيل على الرئيس شيء آخر، فهذا انقلاب حتى وإن لم يحتو على عنف”.

بحسب هذا المسؤول الحديث بين معارضي الرئيس عن حالة من الهستيريا غير المبررة هو حديث سخيف “فحينما ترى تقارب حماس مع إسرائيل، وحينما ترى حالة من التقارب بين حماس ودحلان، وبينما علاقات دحلان الطيبة مع القيادة الإسرائيلية أمر تاريخي ومعروف للجميع، وفي ظل استمرار محاولة كافة هذه الأطراف إضعاف الرئيس، لا يمكن الاستخفاف بمخاوف الشارع والقاعدة الفتحاوية من أن هناك محاولة لإضعاف الرئيس في إطار السعي إلى تنصيب دحلان على السلطة، وإبقاء حماس في غزة وإبقاء الاحتلال على ما هو عليه أو الشروع في حلول مؤقتة بين الثلاثي دحلان – فياض – عبد ربه، بحجة التركيز على إعادة البناء الداخلي للمؤسسات الفلسطينية وللاقتصاد الفلسطيني”.

ويرى المراقبون أن التحدي الذي يواجهه أبو مازن هذه المرة هو الأكبر. فهناك حالة تتصاعد داخل فتح، ترى أن محمد دحلان، وبالرغم من محاولات طرده من الحركة ورغم محاولات مقاضاته وإبعاده عن مراكز اتخاذ القرار، هو المخلص الوحيد للحركة من حالة الشلل التي أصابت فتح وأنه يملك الوسائل السياسية، والغطاء العربي والدولي، لمخاطبة ومحاورة أو لمواجهة كل من حماس وإسرائيل”.

في هذا السياق يرى البعض أن الفريق الذي يحيط بالرئيس الفلسطيني يُعزز فكرة خصومه أنه أصبح غير ذي صلة بالنسبة للشارع الفلسطيني ولاحتياجات هذا الشارع سواء على المستوى السياسي أو على المستوى اليومي، وأن الرصيد الذي منحه الشارع الفلسطيني له في حملته الدولية ضد إسرائيل بدأ يتلاشى وأن أعضاء هذا الفريق غير قادرين على تعزيز وضع الرئيس في ظل الهجمة التي يتعرض لها، وخاصة في ظل عدم الحماس والتراجع الذي تبديه فرنسا والقوى العظمى فيما يتعلق بطرح مبادرة سياسية في مجلس الأمن، تقضي بجدولة انسحاب إسرائيلي من الضفة الغربية وإقامة دولة فلسطينية”.

وبطبيعة الحال، معارضو الرئيس يستفيدون من سنه المتقدم ويُذكرون المرة تلو الأخرى أنه مهندس أوسلو من الطرف الفلسطيني، أوسلو الذي أصبح بالنسبة لرموز في فتح والمنظمة، خير دليل على فشل الرئيس، وضرورة أن ينسحب من الحياة السياسية الفلسطينية.

اقرأوا المزيد: 641 كلمة
عرض أقل
معطيات السفر التي نشرها برغير (غال برغير)
معطيات السفر التي نشرها برغير (غال برغير)

المسؤولون في السلطة الفلسطينية يُفضّلون خارج البلاد على فلسطين؟

على خلفية الصعوبات الاقتصادية الكثيرة في السلطة، يكشف صحفي إسرائيلي: أبو مازن يقضي نصف وقته تقريبًا خارج البلاد، وعريقات والرجوب يقضيان نحو 150 يوما في كل سنة خارج

28 يونيو 2015 | 10:57

كشف، اليوم صباحا، الصحفي الإسرائيلي، غال برغير من إذاعة صوت إسرائيل معطيات حول سفر مسؤولين في السلطة الفلسطينية إلى خارج البلاد، على حساب تواجدهم في أراضي السلطة الفلسطينية. وفقا لأقوال برغير، هناك مسؤولون فلسطينيون يمكثون خارج البلاد  نصف السنة تقريبًا.

وفقًا للمعطيات التي نشرها برغير، ففي عام 2012 بقي رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، 188 يوما خارج البلاد، وفي عام 2013 قضى 166 يوما خارج فلسطين. في السنة الماضية، بقي محمود عباس نحو 150 يوما خارج فلسطين، ومنذ بداية عام 2015 بقي خارج البلاد نحو ثلاثة أشهر.

نشر برغير أقوال مسؤول فلسطيني والذي تحدث شريطة ألا يتم الكشف عن اسمه، وقال إنه لا يمكن أن يتم تعريف محمود عباس بصفته “السفير الفلسطيني في رام الله”. وفقا لأقواله: “تقول مصادر فلسطينية إن سفريات المسؤولين في السلطة الفلسطينية وحاشياتهم، القضاء في الفنادق الفخمة، وفي حالات كثيرة مع حراس أو دونهم، تُكلّف دافعو الضرائب الفلسطينيون كثيرا”.

وهذه المعطيات مثيرة للاهتمام أكثر فأكثر عند الأخذ بعين الاعتبار أن السلطة الفلسطينية تواجه صعوبات اقتصادية، ووفقا لجزء من الشهادات فهي على شفا انهيار اقتصادي فعلي.

إضافة إلى عباس، فإن المسؤول عن ملف المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، ورئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، جبريل الرجوب، يقضيان نحو 150 يوما في كل سنة خارج مناطق السلطة الفلسطينية. هناك في النخبة الرسمية التي تتصدر قمة الرحلات الجوية، ياسر عبد ربه، نبيل شعث، ورئيس الحكومة سابقا، سلام فياض.

وفق التقارير، في الشهرين الأخيرين، تلقى أبو مازن تقريرين داخليين يتطرقان إلى النفقات المالية للسلطة، أحدهما من السلطة المراقبة، وتلقى التقرير الثاني،  من السلطة لمكافحة الفساد. وفق لأقوال برجير “هناك شك، إذا حظيت سفريات النخبة في السلطة الفلسطينية إلى الخارج باهتمام أيًّا كان.

اقرأوا المزيد: 258 كلمة
عرض أقل
عمال فلسطينيون في مصنع "ليفسكي" داخل المستوطنات (Noam Moskovitch)
عمال فلسطينيون في مصنع "ليفسكي" داخل المستوطنات (Noam Moskovitch)

رزق أم سياسة: يوم في المنطقة الصناعية بركان

يتمتع العمال الفلسطينيون في المنطقة الصناعية بركان بحقوق كاملة وأجور عالية جدا بالنسبة للسوق، المشكلة الوحيدة: أنهم يعملون في المستوطنات. نظرة إلى داخل أحد المصانع، والذي فيه نصف العمال هم من اليهود والنصف الآخر من الفلسطينيين

في ساعات الصباح الباكر من منتصف الأسبوع، تجري الأعمال في المنطقة الصناعية بركان، التي تقع جنوب الضفة الغربية، كما في كلّ يوم. يأتي آلاف العمال في عشرات المصانع التي تقع في المنطقة الصناعية، نصفهم إسرائيليين ونصفهم فلسطينيين، إلى العمل: بعضهم بسيارة خاصة وبعضهم بالسفريات المنظمة من قبل المصانع، وبعضهم من داخل الخطّ الأخضر أو من المستوطنات القريبة وبعضهم من القرى والمدن المحيطة بالمنطقة، مثل الخليل أو سلفيت.

في الساعة 11:30 اليوم في ذروته، والماكينات في المصانع تعمل بجدّ. ظاهريا، إنه مجرد يوم آخر. الأعمال تجري بشكل عادي. ولكن تحوم فوق المنطقة الصناعية توجيهات متجدّدة من الاتحاد الأوروبي والتي تقيّد التعاون مع المستوطنات، في الوقت الذي تتعزّز في أوروبا الأصوات المنادية بمقاطعة البضائع الإسرائيلية المنتجة خارج الخطّ الأخضر.

المنطقة الصناعية بركان (Noam Moskovitch)
المنطقة الصناعية بركان (Noam Moskovitch)

تعيش المنطقة الصناعية، التي أقيمت عام 1982 وتمتدّ على وجه 1,300 دونم، في ذروة اتساعها. “هناك تأثير ما للقرارات الأخيرة من قبل الاتحاد الأوروبي على نشاط مصنعنا”، كما يقول لنا يهودا كوهين، المدير العامّ لـ “مصانع ليفسكي” لصناعة المنتجات البلاستيكية للمطابخ والحمامات. “الحمد لله، في مصنعنا نشغّل 90 عاملا، 40 إسرائيليًّا و 50 فلسطينيا. هنا يسود السلام اليومي الذي يريد السياسيون تدميره”.

إنّ المنطقة الصناعية بركان التي يقع فيها مصنع البلاستيك “ليفسكي”، بالإضافة إلى مصانع أخرى، هي منطقة مثيرة للجدل، خارج الخط الأخضر، في الأراضي المحتلة التي ستكون كما يُفترض تابعة في المستقبل للدولة الفلسطينية حين تقوم. وفي هذه الأيام، تشغّل المصانع المائة وسبعون التي تعمل في المنطقة، نحو 7000 عامل، نصفهم فلسطينيين من القرى المجاورة والنصف الآخر من الإسرائيليين.

يهودا كوهين، المدير العامّ لـ "مصانع ليفسكي" لصناعة المنتجات البلاستيكية (Noam Moskovitch)
يهودا كوهين، المدير العامّ لـ “مصانع ليفسكي” لصناعة المنتجات البلاستيكية (Noam Moskovitch)

يوضح كوهين أنّ الواقع يملي الحياة بشكل يومي: “إن المصانع هنا وتشغيل العمال الفلسطينيين رغم التوترات الأمنية ورغم تهديدات المقاطعة من أوروبا، هي مزيج واضح من المصالح. هناك نقص للأيدي العاملة في إسرائيل، وفي السلطة الفلسطينية، التي تقاطع منتجاتنا وتصنع المتاعب لكل المورّدين أو المستوردين الفلسطينيين الذين يجرؤون على شراء منتجات المستوطنات؛ البطالة مرتفعة”.

ويضيف كوهين خلال جولتنا في المصنع: “يتلقى العامل البسيط هنا الحدّ الأدنى للأجور وفقا للقانون في إسرائيل، بما في ذلك التأمين ومخصصات الضرائب وفقا للقانون الفلسطيني. في نهاية يوم عمل يكسب العمل العادي في خطّ الإنتاج هنا أكثر من معلمّ يعمل من قبل السلطة الفلسطينية نفسها ويمكنه إعالة أسرته الصغيرة بالإضافة إلى أسرتين إضافيتين بالمعدّل بسبب أجره المرتفع. يصل العامل البسيط هنا إلى أجر يبلغ 6000 شاقل (1666 دولار). في السلطة الفلسطينية يكسب المعلم نحو 1200 أو 1400 شيكل (333 – 385 دولار). العمال الفلسطينيون يعملون بجدّ، ونحن لا يمكن أن نتنازل عنهم”.

قلق كبير من إغلاق المصانع وزيادة دوائر البطالة

 

عمال فلسطينيون في مصنع "ليفسكي" (Noam Moskovitch)
عمال فلسطينيون في مصنع “ليفسكي” (Noam Moskovitch)

رغم الانطباع الذي تتركه العناوين في الفترة الأخيرة عن “المقاطعة الأوروبية للمستوطنات”، فليس هناك للتوجيهات الأوروبية الجديدة تأثير كبير على جريان الأعمال الإسرائيلية في المنطقة الصناعية بركان القائمة في الضفة الغربية. رغم ذلك، فإنّ الكثير من مديري المصانع قلقون من قدوم اليوم الذي لا يكون فيه زبائن يشترون منتجاتهم.

يحكي لنا كوهين أنّه منذ العام 2011 لم يوافق رئيس الحكومة السابق في السلطة، سلام فياض، على دخول العمال الفلسطينيين للمنطقة الصناعية وأدى إلى ضرر اقتصادي كبير سواء للسلطة التي تتلقى من إسرائيل العوائد الضريبية السنوية من عمل الفلسطينيين في المنطقة، أو للتصدير وأصحاب المصانع، أو لمئات الأسر الفلسطينية التي تكسب رزقها من العمل هناك. ولكن التصريحات الأكثر إزعاجا للمصنّعين هي وسم المنتجات المصنّعة في المستوطنات. هل سيشتري الفرنسي أو البريطاني سلّة قمامة بلاستيكية عليها ملصق “يحذّر” الزبون من أنّ المنتج الذي بحوزته صُنع في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية؟

عامل فلسطيني يتناول وجبة الغذاء عند الاستراحة من العمل (Noam Moskovitch)
عامل فلسطيني يتناول وجبة الغذاء عند الاستراحة من العمل (Noam Moskovitch)

“إنّ مسألة المقاطعات رغم أنّها لا تضرّ بأي نشاط للمصنع ولكنها تضيّق جدّا على خطواتنا. أقول للحكومات الأوروبية وللسلطة الفلسطينية لا تقاطعوا المصنّعين والعمال الفلسطينيين الذين يعملون هنا. نفّذوا المقاطعة بينكم أنتم أيها السياسيون. إنّ وسم منتجات المستوطنات يضع أمامنا مشكلة جديدة تقيّد دائرة الزبائن المحتملين لدينا، وبدلا من النموّ فنحن نواجه قوى اقتصادية كبيرة في السوق ونحاول البقاء على قيد الحياة”، كما يقول لنا كوهين وهو يجري لنا جولة في مصنع البلاستيك ويُطلعنا على النشاط الواسع للعمال الفلسطينيين في المصنع.

“ليس لديّ مشكلة مع وسم منتجاتنا. ولكن يجب عليهم أن يأتوا ليروا الواقع بأعينهم. سأفرح فيما لو وسَم المشرّعون الكبار في أوروبا والعالم منتجاتنا بالوسم: “‏Peace Product produced by Palestinians and Israelis at the West Bank‏”. هذا هو التعريف الحقيقي، على الأوروبيين والأمريكيين تشجيع السلام الذي يأتي من الأسفل”.

تكثيف المقاطعة الفلسطينية لمنتجات المستوطنات

رئيس الحكومة الفلسطينية السابق، سلام فياض، يشن حملة لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية (AFP)
رئيس الحكومة الفلسطينية السابق، سلام فياض، يشن حملة لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية (AFP)

منذ عدة سنوات (بداية من نهاية عام 2009) تقود الحكومة الفلسطينية معركة مغطاة إعلاميا بشكل جيّد لمقاطعة المنتجات التي يكون مصدرها المناطق الصناعية في المستوطنات. “في عام 2010 سنزيل من الضفة الغربية منتجات المستوطنين”، هكذا صرّح وزير الاقتصاد الفلسطيني حسن أبو لبدة. كانت ذروة هذه الظاهرة في شهر شباط عام 2010، عندما شارك رئيس الحكومة آنذاك، فيّاض، في مظاهرة لتدمير منتجات المستوطنات وتم تصويره وهو يلقي المنتجات إلى النيران.

تمّ تشريع قانون فلسطيني يحظر شراء المنتجات من المستوطنات قبل نحو 9 سنوات، ولكن حتى وقت قريب لم تكن هناك محاول لتطبيقه. “ظننّا في البداية أنّ السلطة الفلسطينية لن تطبّق القانون، ولكن جاء حينذاك رجل أعمال فلسطيني قام باستيراد منتجات من المصانع المجاورة وقامت السلطة بتغريمه مبلغا بقيمة 14000 دولار والسجن لمدة 5 سنوات”.

وظهر في التقارير الفلسطينية أنّ الفلسطينيين يستهلكون كل عام من منتجات المستوطنات بنطاق 500 مليون دولار. منذ العام 2009، مع بداية تطبيق قوانين المقاطعة سُجّل هبوط بنسبة 14% مقارنة بالعام 2008 في التصدير والخدمات من إسرائيل للسلطة الفلسطينية. بالنسبة للفلسطينيين لم تكن تلك مقاطعة ولكن محاولة لتعزيز الاقتصاد الفلسطيني.

عامل فلسطيني في مصنع "ليفسكي" (Noam Moskovitch)
عامل فلسطيني في مصنع “ليفسكي” (Noam Moskovitch)

رغم محاولة عرض الخطوة كتعزيز للاقتصاد الفلسطيني، ظهر أنّه من الصعب العثور على كلمة أخرى باستثناء المقاطعة، على خلفية بعض الأعمال الفلسطينية التي نُفّذت في هذا السياق. إنّ إلقاء البضائع في النيران يذكّرنا بالأنظمة الظلامية. كان أفراد الشرطة الفلسطينية نشطين جدا وجمعوا من المتاجر منتجات صنعتْ في المستوطنات: في أريحا تم جمع مستحضرات تجميل أنتجها مصنع “Ahava”. في مدن أخرى في الضفة تم جمع معجّنات وحلويات من إنتاج مصانع في بركان، حليب من هضبة الجولان، منتجات بلاستيكية ومنتجات لشركة المواد الغذائية “‏Bagel Bagel‏” من المصنع في بركان، والذي قام مؤخرا بنقل موقعه إلى صفد من أجل تقليص خسائره وزيادة تخفيضات التصدير لأوروبا.

انتقادات من الداخل للمناطق الصناعية

على ضوء جميع هذه الصعوبات، تقف المصانع في بركان أيضًا أمام انتقادات متواصلة من الداخل، من داخل إسرائيل وخصوصا من الأجنحة اليسارية.

نشرت منظمة “السلام الآن” (اليسار الإسرائيلي) مؤخرا تقارير ذُكر فيها أن الحكومة الإسرائيلية تمنح مزايا للبلدات التي تعرّف بأنّها “مناطق أولوية وطنية”. تعتبر جميع المستوطنات تقريبا مناطق أولوية وطنية وتتمتع بمزايا متنوعة، بغضّ النظر عن المبررات الاجتماعية والاقتصادية.

يعملون معا بشكل سلميّ، ولكن هل هذا هو الحال في كلّ مكان؟

عامل فلسطيني يصلي في المصنع (Noam Moskovitch)
عامل فلسطيني يصلي في المصنع (Noam Moskovitch)

وأيضا بخصوص الادعاء بأنّ العمال الفلسطينيين يحظون بتعامل أكثر إنصافا بصفتهم عمالا منتظمين في المصانع الإسرائيلية، هناك من يدعي بأنّ الوضع “أكثر تعقيدًا”.

لدى زيارة مصنع ليفسكي، كان بالإمكان مشاهدة الإسرائيليين والفلسطينيين وهم يعملون معًا على خطوط الإنتاج، بهدوء، بسلام، وبوحدة هي تقريبا “رؤية نهاية العالم” في الواقع الإسرائيلي.‎ ‎مدير المخزن والخدمات اللوجستية، وهي إحدى الوظائف العليا في المصنع ولا شكّ أنها وظيفة تقوم على الثقة، تتمثّل بفلسطيني. “لن أستطيع إدارة المصنع دونه”، كما قال لنا يهودا كوهين.

عامل فلسطيني في مصنع "ليفسكي" (Noam Moskovitch)
عامل فلسطيني في مصنع “ليفسكي” (Noam Moskovitch)

ولكن ليس كل شيء ورديّا في بركان. في العام الماضي (2013) نُشر تقرير لمراقب الدولة عن أوضاع إنفاذ القانون في الضفة الغربية. كان الاستنتاج الرئيسي فيه هو أنّ دولة إسرائيل تخلّت عن القانون في تلك المناطق. موضوع إنفاذ قوانين العمل لم يكن غير مألوف، وهذه الأحكام لا يتم تطبيقها بشكل عادي في المنطقة الصناعية بركان.

لا شكّ أنه يمكننا العثور على قصص نجاح من “التعايش” في بركان وأيضا قصص أقل نجاحا. يبدو أن صورة المنطقة الصناعية معقّدة، وموقف الهيئات مثل الاتحاد الأوروبي والتي بحسبها فإنّ مجرد وجود المصانع الإسرائيلية على أرض غير معرّفة كإسرائيلية يناقض القانون الدولي؛ قد تضرّ بخطوات التطبيع القائمة بين الشعبين.

اقرأوا المزيد: 1176 كلمة
عرض أقل
رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ورئيس الحكومة في السابق، سلام فياض (AFP)
رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ورئيس الحكومة في السابق، سلام فياض (AFP)

عباس يتصدى إلى “انقلاب محتمل” على السلطة

الأمن الوقائي الفلسطيني يحقق مع جمعية "فلسطين الغد" التابعة لرئيس الحكومة الفلسطيني السابق، سلام فياض، ومتابعون يصفون الإجراءات "ملاحقة سياسية"

26 أغسطس 2014 | 13:30

أوردت مواقع إسرائيلية وعربية أخبارا تتعلق بإجراءات أمنية غير عادية قامت بها السلطة الفلسطينية، بعلم من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في خضم الحرب في غزة، تهدف إلى تعطيل “خطة لقلب نظام الحكم” في الضفة وأبرزها التحقيق مع جمعية “فلسطين الغد” التابعة لرئيس الحكومة الفلسطيني السابق، سلام فياض.

وورد في هذا الشأن على موقع “جفرا نيوز” أن “تقارير فلسطينية محلية نقلت عن مصدر في القيادة الفلسطينية القول بأن إسرائيل كشفت للسلطة عن مخطط لمؤامرة جديدة على الرئيس، بقيادة أعضاء من اللجنة المركزية والرئيس فياض من خارج حركة فتح”.

ويذكر أن إسرائيل كانت قد كشفت في منتصف شهر أغسطس (آب) النقاب عن أن قيادة حماس في تركيا قد خطّطت لتنفيذ انقلاب في السلطة الفلسطينية من قبل شبكة عسكرية واسعة للتنظيم عملت في القدس والضفة الغربية.

وجاء في موقع “هآرتس” الإسرائيلي، أن ضباطا من الأمن الوقائي الفلسطيني، وصلوا إلى مكاتب جمعية “فلسطين الغد”، التي يرأسها فياض، واستدعوا اثنين من عامليها إلى التحقيق. ونقلت “هآرتس”، عن ديبلوماسيين أجانب، أن هذا الإجراء جاء بأمر من الرئيس الفلسطيني.

وحسب الموقع الإسرائيلي، وصل شخصان بلباس مدني، بداية الأسبوع الماضي، إلى مكاتب جمعية ” فلسطين الغد”، وعرّفا عن انفسهما كضباط في الأمن الوقائي.

ورغم أن التحقيق كان في إطار البحث في عمل منظمات المجتمع المدني والجمعيات غير الحكومية، أشار ديبلوماسيون أجانب إلى أن التحقيق شمل أسئلة ذات طابع سياسي، مثل: هل توجد للجمعية طموح سياسية أو أهداف سياسة؟

واقترح متابعون أن الخطوة تبدو كمحاولة لملاحقة سياسية لفياض. وأشار هؤلاء إلى أن الجهة التي قامت بالتحقيق هي الأمن الوقائي وليست الشرطة الفلسطينية المكلفة بفحص قضايا تتعلق بفساد مالي.

وأفاد موقع “جفرا نيوز” أن الإجراءات من المرجح أن تشمل “مدير المخابرات الأسبق توفيق الطيراوي، وعضو التنفيذية ياسر عبد ربه”.

وتقول السلطة الفلسطينية، ردا على الأخبار بقيام إجراءات أمنية غير عادية، أن هذه الإجراءات عادية وتأتي في إطار لجنة قانونية لبحث ودراسة كافة القوانين واللوائح الخاصة بعمل منظمات المجتمع المدني والجمعيات غير الحكومية. وتسعى اللجنة إلى تصويب الأخطاء الناتجة عن تداخل الصلاحيات والمؤسسات المتابعة لعمل هذه الجمعيات.

اقرأوا المزيد: 308 كلمة
عرض أقل
تهريب مواد غذائية عبر الأنفاق بين رفح المصرية وقطاع غزة (AFP)
تهريب مواد غذائية عبر الأنفاق بين رفح المصرية وقطاع غزة (AFP)

الجانب الاقتصادي في عملية “الجرف الصامد”: حاسم لفهم الصراع، وحاسِم لحلّه

المدماك الاقتصادي حاسم في أيّ حل قابل للحياة.‎ ‎نشاط رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فيّاض، في الضفة الغربية بين عامَي 2007 و2013، دليل على أنّ التقدّم الاقتصاديّ الملحوظ ممكن حين تُدير عناصر مهنيّة الإجراءات

اندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة في أعقاب عددٍ من الأحداث، شملت اختطاف الشبّان وقتلهم، عمل الجيش الإسرائيلي في “إعادة الإخوة” (شوفو أحيم) بما في ذلك اعتقال عدد من المُطلَق سراحهم في صفقة شاليط، القتل الانتقاميّ للشابّ العربيّ، والهيجان جرّاء هذه الأحداث.

تُظهر حركة حماس تصميمًا في قتالها ضدّ إسرائيل، في ظروفٍ إقليمية متغيّرة. تهدف هذه المقالة إلى الإشارة إلى أنّ ثمة مدماكًا اقتصاديًّا هامًّا في عملية “الجرف الصامد” – تموز 2014، هو الوضع الاقتصادي في القطاع. لهذا السبب، المدماك الاقتصادي حاسم أيضًا في أيّ حل قابل للحياة.‎ ‎

الوضع الاقتصادي في غزة عشيّة الحرب

طفل فلسطيني أمام مقر الأونروا في قطاع غزة (Flash90/Abed Rahim Khatib)
طفل فلسطيني أمام مقر الأونروا في قطاع غزة (Flash90/Abed Rahim Khatib)

يقطن في غزة 1.76 مليون نسمة في كثافة سكّانية هي الثالثة في العالم – نحو 4800 إنسان في الكيلومتر المربَّع. البنى التحتيّة في غزة وضعُها مُتردٍّ، ولذلك حتّى في الأوقات العاديّة ثمة توقّف وتشويشات في أنظمة حيوية كالكهرباء، الماء، والصّرف الصحيّ. في سوق العمل بطالة مرتفعة، إذ كانت نسبة البطالة نحو 41% في الربع الأوّل من عام 2014 لأبناء 15 عامًا فما فوق، مقابل 26% في الضفة. بين الشبّان الذين يبلغ عمرهم 15 – 29 عامًا، يُشارك 39% فقط في القوّة العاملة، بينهم 32% يعملون، 10% في بطالة مُقنَّعة، و58% عاطلون عن العمل. أمّا المعطيات الموازية في الضفة الغربية فهي: 42% مشاركة، بينهم 63% يعملون، 9% في بطالة مُقنَّعة، و29% عاطلون عن العمل.

يقطن في غزة 1.76 مليون نسمة في كثافة سكّانية هي الثالثة في العالم

في ظروفٍ كهذه، لا إمكانية للإنتاج على نطاق ذي مغزى. وفق معطيات البنك الدولي، الناتج للشخص في غزة هو نحو 1500 – 1600 دولار سنويًّا، مقابل نحو 3100 – 3200 دولار في الضفة. في التصنيف العالميّ، غزة موجودة في المرتبة 174 بين 223 دولة. بالمقارنة، في إسرائيل، الموجودة في المرتبة 32 في هذا التصنيف، الناتج هو نحو 36000 دولار للشخص في السنة.

بالتالي، معطيات الفقر هي: 39% دون خطّ الفقر (مقارنة بـ 18% في الضفة)، علمًا أنّ خطّ الفقر يبلغ 2293 شاقلًا جديدًا شهريًّا لأسرة من خمسة أنفار. أمّا الذين يرزحون تحت فقر مدقع فيبلغون 21% (مقارنةً بـ 8% في الضفة)، إذ يبلغ خطّ الفقر المدقع 1832 شاقلًا جديدًا شهريًّا. ليس صعبًا فهم مستوى الحياة الممكن حين يبلغ دخل كلّ نسمة 400 شاقل جديد شهريًّا (نحو 4 دولارات في اليوم).

الوضع الاقتصادي كمُحرِّك للحرب

أطفال غزيون يعملون لكسب لقمة العيش (Flash90/Ahmad Kateib)
أطفال غزيون يعملون لكسب لقمة العيش (Flash90/Ahmad Kateib)

بادئ ذي بدء، كثيرًا ما تدفع الضائقة الاقتصادية الأمم إلى مواجهة عسكرية أو عدوانيّة أخرى. ثانيًا، تَدَهْوَرَ الوضعُ الاقتصادي، السيء أصلًا، في الفترة الأخيرة، مع انتقال السلطة في مصر وعمل النظام الجديد ضدّ الأنفاق والمعابر، وتشديد إسرائيل الخناق على غزة. في الواقع، تُعاني غزة من عقوبات اقتصادية قاسية من مصر وإسرائيل. وثالثًا، فضلًا عن القيود على الاقتصاد عامّةً، طرأ هبوط على الدعم الماليّ لحماس من جانب إيران وسوريا، ما أدّى إلى صعوبة في تسديد الرواتب في القطاع العامّ في غزة.

وفق معطيات البنك الدولي، الناتج للشخص في غزة هو نحو 1500 – 1600 دولار سنويًّا، مقابل نحو 3100 – 3200 دولار في الضفة. في التصنيف العالميّ، غزة موجودة في المرتبة 174 بين 223 دولة

ليس صُدفةً أنّ مطالب حماس في المفاوضات حول وقف إطلاق النار، كما في المفاوضات مع فتح حول تأليف حكومة مصالحة، تطرّقت إلى “الحصار” على غزة وفكّه. الأنفاق إلى سيناء هي ردّ الفعل “الطبيعيّ” على حالة العزل الاقتصادي. ويُحتمَل جدًّا أن تكون الأعمال التي آلت إلى تفاقُم هذا الوضع وغياب حلول له، عائدةً إلى أخطاء في سياسة إسرائيل.

دور الديمغرافية

نسبة اليطالة في قطاع غزة يصل ال- 40% (Flash90/Wissam Nasser)
نسبة اليطالة في قطاع غزة يصل ال- 40% (Flash90/Wissam Nasser)

السكّان في غزة شبّان إلى حدّ كبير: فالجيل المتوسّط هو 17 عامًا؛ وثلاثة أرباع السكّان هم دون التاسعة والعشرين. معظم السكّان لا يعرفون بلادهم سوى كمكان تراجُع اقتصادي وصراع مع إسرائيل.

عشيّة الانتفاضة الأولى (كانون الأول 1987)، عمل أكثر من 50% من رجال غزة في إسرائيل، التي شكّلت مصدر دخل هامًّا للاقتصاد الغزيّ. مذّاك، حدث عدد من المواجهات الدمويّة (الانتفاضة الثانية، حرب لبنان الثانية (حرب تموز)، وعمليّتا “الرصاص المصبوب” و”عمود السحاب”). احتمالات انخفاض شدّة المواجهة، ناهيك عن احتمالات السلام، تنخفض مع تراكُم هذه الأحداث في ذاكرة السكّان الشبّان.

اقتراحات لحلّ قابل للحياة

أحد المقاييس الأهمّ للحلّ هو التحسّن الملحوظ في الوضع الاقتصادي. إذا كان للغزيّين ما يخسرونه، ينخفض كثيرًا استعدادُهم للمواجهة. على الحلّ البعيد المدى أن يشمل تغييرًا أساسيًّا في الظروف الاقتصادية السائدة في غزة. ويمكن أن يؤدي الازدهار الاقتصاديّ إلى انخفاض في قوّة حركة حماس والحركات الإسلاميّة الأخرى. ‏

عشيّة الانتفاضة الأولى (كانون الأول 1987)، عمل أكثر من 50% من رجال غزة في إسرائيل، التي شكّلت مصدر دخل هامًّا للاقتصاد الغزيّ

لدى غزة إمكانيّات اقتصادية: تطوير السياحة على طول الساحل، تطوير الخدمات (بما فيها الدخول إلى مجالات التقنيّة المرتفعة كما حدث بين عرب إسرائيل في الشمال)، واستخراج الغاز (إثر اكتشاف حقل غاز بحريّ كبير عام 1999). على المديَين القصير والمتوسّط، يمكن توجيه استثمارات كبيرة وتشغيل عمّال في مجال تطوير البنى التحتيّة الماديّة والخدمات العامّة.‎ ‎

من الحيويّ التشديد: يُقصَد بـ “التغيير الأساسيّ” التقدُّم حقًّا، وليس فقط “تخفيف الحصار” وفتح بعض المعابر إلى حدٍّ ما. يُطلَب إنشاء تقنيات دولية جديدة لتطبيق التغيير، تستلزِم توافُق دول وهيئات دوليّة للتقدُّم للمهمّة. القصد هو إنشاء هيئات هادفة ذات قوى بشريّة ومعرفة مهنيّة. إذا لم تنَل الأمور تجسيدًا تفصيليًّا مُحدَّدًا ومَحسوسًا، فستتلاشى ولن يحدث التحوُّل المطلوب.

مِن أجل تحقيق ذلك، تُطلَب المكوّنات الخمسة التالية: التدخُّل الدولي؛ الترميم وبناء البُنى التحتيّة؛ التمويل، الإشراف على الإنفاق، والأمن.

التدخُّل الدولي

لن تتقدّم الأمور إذا كانت العناصر الفاعلة في المنطقة حتّى الآن في الإقليم صاحبة الكلمة الفصل. فوحدها التغطية الدولية التي تُؤمِّن الهدوء وتمنح المهارات اللازمة تُتيح التغيير الكبير المطلوب.

الترميم وبناء البُنى التحتيّة

يحصل أغلب سكان القطاع على كهرباء فقط لنصف ساعات اليوم (AFP)
يحصل أغلب سكان القطاع على كهرباء فقط لنصف ساعات اليوم (AFP)

في موازاة ترميم ما هُدم في تموز 2014، يجب بدء ترميم البنى التحتيّة وإنشاء البنى التحتيّة الناقصة. يمكن أن تُنشئ هيئة دوليّة، مثل البنك الدولي، قوّة مهمّة تستطلع الوضع وتُحدِّد سلّم أولويّات وفق الزمن. يمكن التوقّع أنه خلال 3 سنوات (من بدء العمل)، يمكن جعل غزة مكانًا معقولًا من جهة البنى التحتيّة الاقتصاديّة، وخلال 6 – 8 سنوات مكانًا جيّدًا. على سبيل المثال، يمكن أن يحدث ذلك بتشغيل العُمّال المحليّين العاطلين عن العمل. من الهامّ جدًّا أن تكون الآليّة تحت سيطرة دوليّة، تستخدم خبراء خارجيين، وتنشر عملها بشكلٍ واضح وشفّاف. سيعزِّز النشر التغيير الحيويّ في الوعي للتقدّم الاقتصادي في القطاع.

فضلًا عن كلفة ترميم المنازل والمباني التي هُدمت، ثمة حاجة إلى استثمار في البنى التحتيّة بمقدار نحو 800 مليون حتّى مليار دولار سنويًّا في كلٍّ من السنوات الثلاث القادمة، واستثمار نحو نصف مليار دولار سنويًّا في السنوات الثلاث – الخمس التي تليها. سيكون بناء المنازل والمباني التي هُدمت بمستوى أعلى بكثير ممّا كانت عليه قبل هدمها خُطوة إيجابية؛ فيمكن أن يغيّر هذا العمل إيجابًا دعم السكّان للنموّ الاقتصادي.

التمويل

على الحلّ البعيد المدى أن يشمل تغييرًا أساسيًّا في الظروف الاقتصادية السائدة في غزة. ويمكن أن يؤدي الازدهار الاقتصاديّ إلى انخفاض في قوّة حركة حماس والحركات الإسلاميّة الأخرى

يأتي تمويل تطوير اقتصاد غزة من الدول العربية والدول الغربية الغنيّة. من الحيويّ وجود تنوُّع من الدول المانِحة، لتبديد المخاطر. في البداية، يمكن فعل ذلك عبر صندوق طوارئ بإدارة البنك الدولي. على المديَين المتوسّط والطويل، يمكن إنشاء مصرف يهدف إلى تطوير غزة، وفق معيار المؤسسات الموازية في العالم، على سبيل المثال مثل المؤسسات التي أُنشئت في أوروبا الشرقية في التسعينات بُعيد انهيار الكتلة السوفياتيّة.‎

الإشراف على الإنفاق

إنّ إحدى القضايا المركزيّة هي خشية إسرائيل من أن يجري استغلال الأموال المنقولة إلى غزة لأهدافٍ عسكريّة. تجسّدت هذه الخشية، بشكلٍ بارز، في استخدام موادّ البناء لإنتاج أنفاق الإرهاب (تحت الحصار الإسرائيلي). جرى حلّ هذه المسألة في حالات مشابهة. فحين اكتشف البنك الدولي وهيئات مؤسّسية أخرى أنّ المساعَدة لم تصل إلى غايتها، أنشأوا تقنيّات لنقل المساعَدة بشكلٍ مباشرٍ إلى هدفها، عبر اشتراط الحصول عليها بمراحل تقدُّم المشاريع. يمكن تطبيق هذه المنهجيّات في حالة غزة أيضًا، عبر عناصِر عربيّة مُعتدِلة وعناصِر دوليّة.

الأمن

لا يُمكِن تطبيق الخطوات المذكورة آنفًا إذا نشبت جولات عُنف. ويمكن أن تشكّل قوّة الشرطة الدوليّة مساعَدةً كبيرة في السنوات الأولى، لا سيّما إذا تعاونت مع الآليّات التي جرت مناقشتها أعلاه، مثل قوّة المهمّة التابعة للبنك الدوليّ.‎ ‎

في الخِتام، يجدر ذِكرُ أنّ نشاط رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فيّاض، في الضفة الغربية بين عامَي 2007 و2013، دليل على أنّ التقدّم الاقتصاديّ الملحوظ ممكن حين تُدير عناصر مهنيّة الإجراءات.

إنّ فكرة كون التقدّم الاقتصاديّ يمنع حربًا راسخةٌ في أوروبا، وجرى تطبيقُها بنجاحٍ في النصف الثاني من القرن العشرين. جرى ذلك بعد أن شهد النصف الأوّل من القرن حربَين عالميّتَين. والعكس صحيح أيضًا: تؤول الضائقة الاقتصاديّة إلى النزاع وسفك الدماء.

نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في موقع INSS‏‏

اقرأوا المزيد: 1283 كلمة
عرض أقل
سلام فياض رئيس الحكومة الفلسطينية في السابق (flash90)
سلام فياض رئيس الحكومة الفلسطينية في السابق (flash90)

شخصية فلسطينية تفتتح مؤتمر المنظمة اليهودية “جي ستريت”

منظمة "جي ستريت" اليهودية - الأمريكية تفاجئ في اختيارها رئيس الحكومة الفلسطيني السابق، سلام فياض، الشخصية التي ستفتتح مؤتمرها السنوي في سان فرنسيسكو

05 يونيو 2014 | 19:50

قرّرت المنظمة اليهودية الأمريكية “جي ستريت”، التي طالما تواجه اتهامات وانتقادات تخص نشاطاتها، وعلى وجه التحديد من قبل منظمات يهودية منافسة في الولايات المتحدة، بأنها تضر بمصالح إسرائيل، على الرغم أنها من أنها تُعدّ جماعة ضغط (لوبي) “داعمة لإسرائيل”- قررت أن تفتح مؤتمرها السنوي في نهاية الأسبوع في سان فرنسيسكو بخطاب من قبل رئيس الحكومة الفلسطيني السابق سلام فياض.

ووصف متابعون لنشاطات الجماعة اليهودي اختيارها لفياض بأنه مفاجئ وغير عادي، علما أن العادة جرت أن يفتتح المؤتمر الخاص بيهود الولايات المتحدة شخصية يهودية أو إسرائيلية.

جيريمي بن عامي المدير التنفيذي للمنطمة جي ستريت (Flicker J Street)
جيريمي بن عامي المدير التنفيذي للمنطمة جي ستريت (Flicker J Street)

وسينضم إلى فياض في الجلسة التي ستفتح المؤتمر الثاني الأكبر ليهود أمريكا بعد مؤتمر “أيباك” (لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية)، السفير الأمريكي لدى مصر في عهد كلينتون ومن ثم لدى إسرائيل في عهد جورج بوش، دانيال كيرتزر، وكذلك سفيرة إسرائيل في الأمم المتحدة في السابق، المحامية غابرييلا شاليف.

وأشار محللون إلى أن قمة “جي ستريت” تأتي في فترة حاسمة بالنسبة للمنظمة بعد فشل مساعي وزير الخارجية الأمريكية جون كيري السلمية. ويقول هؤلاء إن فشل كيري يستدعي “جي ستريت” ومنظمات يهودية أخرى في شمال أمريكا، معنية بإسرائيل والشرق الأوسط، إلى إعادة التفكير في استراتيجيتها المستقبلية فيما يتعلق بعلاقات إسرائيل والفلسطينيين.

وتصدرت منظمة “جي ستريت”، والتي تعد نفسها بديلا “لأيباك” وممثلة للشق الليبرالي واليسار في أوساط يهود الولايات المتحدة، العناوين في الولايات المتحدة بعد أن رفض مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية ضم “جي ستريت” إلى صفوفه، الأمر الذي زاد من التعاطف مع الجماعة.

وتشمل قائمة المتحدثين في المؤتمر الذي سيعقد ما بين 6 و7 من الشهر الجاري، النائبة الإسرائيلية عن حزب العمل، ميراف ميخائيلي، والمدير التنفيذي لفريق العمل الأمريكي من أجل فلسطين، غيث العمري.

اقرأوا المزيد: 252 كلمة
عرض أقل
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (Flash90/Issam Rimawi)
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (Flash90/Issam Rimawi)

الظل

"ربما كان أبو مازن لا يعتمر الكوفية ولا يصيح كثيرًا في خطبه، لكنه يدرك تمامًا ما كان عرفات يدركه – ماذا يجب أن يكون من أجل ضمان قيام دولة فلسطينية مستقلة"

بعد أحداث عملية الدرع الواقي 2002 مباشرة، اكتسبت فكرة تغيير عرفات أو على الأقل إضعافه زخمًا لدى الجهات الدولية – وتحديدًا لدى المسؤولين في الدولة ولدى مبعوثي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ظلت هذه الفكرة قيد التفكير طوال أشهر قبل ذلك بين جهات إسرائيلية وفلسطينية – كل واحد لدوافعه الخاصة.

أول اسم طُرح للبحث على طاولة تلك الجهات كمرشح لاستبدال عرفات أو على الأقل كمرشح لتقاسم صلاحيات رئيس السلطة، كان اسم محمود عباس – أبو مازن، الشخصية رقم 2 في منظمة التحرير الفلسطينية ومهندس اتفاقيات أوسلو من الجانب الفلسطيني. “أبو مازن معتدل، متزن، وأساسًا مناهض للعنف”، قال المؤيدون للفكرة بما فيهم مسؤولون إسرائيليون. بعد بضعة أشهر من الضغط وجولة عمليات إقناع، اضطر عرفات أن يتقاسم صلاحياته مع نائبه الذي تم اختياره من قبل المجلس التشريعي الفلسطيني في العام 2003 ليكون أول رئيس حكومة في السلطة الفلسطينية.

اضطر أبو مازن للاستقالة من رئاسة الحكومة بعد نصف عام فقط من تسلمه منصبه وذلك بعد حملة مدروسة جيدًا لنزع الشرعية عنه قادها لأشهر رجال عرفات الذين اتهموه بأنه تعاون مع إسرائيل، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجهات عربية مثل مبارك، لاستبعاد “الختيار”، أي عرفات. أعداء أبي مازن لا يتوانون بتذكيره بهذه الحقيقة في كل فرصة، وتدل على هذا محاولة أبي مازن دائمًا التمويه على ذلك، بأشكال عديدة ومنها مواقفه السياسية، التي أدت في السنوات الأخيرة إلى رفض عرض رئيس الوزراء السابق أولمرت، ورفض خطة كيري حاليًا.

اجتماعات الحكومة الفلسطينية عام 2003، لقاء بين الرئيس الفلسطيني الراحل عرفات ورئيس حكومتة محمود عباس (AFP)
اجتماعات الحكومة الفلسطينية عام 2003، لقاء بين الرئيس الفلسطيني الراحل عرفات ورئيس حكومتة محمود عباس (AFP)

اليوم، بعد 10 سنوات من اعتباره، من قبل الكثيرين في إسرائيل والغرب، الفارس على الحصان الأبيض الذي سينقذ العملية السياسية من تصلب عرفات، يتضح بأن الكلمات بقيت الكلمات ذاتها إلا أن أبي مازن أصبح مكان عرفات. هو، “متشدد، ليس مستعدًا للتنازلات ويحبط أي إمكانية للتسوية” يتهمه الكثيرون اليوم في إسرائيل، وتحديدًا في الحكومة.

هل حقًا تغيّر ذلك الرجل خلال 10 سنوات بشكل تام؟ الإجابة بالطبع هي سلبية. عارض أبو مازن نهج ياسر عرفات الذي كان يعتقد أن بإمكانه مجابهة إسرائيل دون دعم المجتمع الدولي، الرجل ولا يزال يرفض العنف، وسيفعل أي شيء لمنع عزل السلطة الفلسطينية.

شيء واحد فقط لا يختلف فيه عن عرفات، أو تقريبًا لا يختلف عنه – وهو تمسكه بالخطوط الحمر المتعلقة بالحدود، القدس، المستوطنات وقضايا الحل النهائي الأخرى. هنا يتضح بأن القادة تبدلوا، لكن الخطوط بقيت حمراء، أيضًا في عصر أبي مازن، ومن هنا الشعور في إسرائيل بأن الحديث هو عن الموقف ذاته رغم تغيَر الوجوه وتغيَر القادة.

في هذا السياق يقول عضو في اللجنة المركزية لحركة فتح إنه فقط من أوهم نفسه وفكر بأن يبدل عرفات بأي ثمن، صدق بالفعل وبسذاجة أن أبي مازن، والسلطة الفلسطينية “سيخفضان السعر أو ستبدأ عملية اغتيال بالجملة للثوابت الفلسطينية وهي إقامة دولة داخل حدود الـ 67 عاصمتها القدس الشرقية، التصميم على حدود معتمدة على ان توفَر هذه الحدود سيادة وأيضًا أن تكون متصلة وغير مجزأة وكذلك إيجاد حل عادل لمسألة اللاجئين”. وأضاف المسؤول “ربما كان أبو مازن لا يعتمر الكوفية ولا يصيح كثيرًا في خطبه، لكنه يدرك تمامًا ما كان عرفات يدركه – ماذا يجب أن يكون من أجل ضمان قيام دولة فلسطينية مستقلة”. وهناك من بين المقربين من أبي مازن من يقول إنه في مسائل معينة أظهر أبو مازن تعنتًا أكثر من ما أبداه عرفات قبله.

"أبو مازن أضعف من عرفات بكل ما يتعلق بالشارع الفلسطيني ولكنه نجح حيث فشل عرفات: مأسسة السلطة الفلسطينية (AFP)
“أبو مازن أضعف من عرفات بكل ما يتعلق بالشارع الفلسطيني ولكنه نجح حيث فشل عرفات: مأسسة السلطة الفلسطينية (AFP)

وهنا نصل إلى مسألة الظل. ليس الظل الذي أمام الشمس، بل ظل عرفات الكبير. أولئك الذين بحثوا في شخصية أبي مازن لم يتفاجأوا من المواقف التي أبداها في أشهر المفاوضات الأخيرة. حيث لم يكن لديهم أدنى شك – ما لم يقبله عرفات ويوافق عليه، أبو مازن أيضًا لن يقبله. ظل عرفات من جهة، ورغبة أبي مازن من جهة أخرى في إثبات أن الخلاف بينه وبين عرفات كان يتعلق بالنهج والأسلوب والأدوات وليس في الفحوى والأهداف، ورغبته الدائمة بإرساء فكرة أنه يكمل طريق عرفات ولا يستبدله، ستجعل أبي مازن يصَر على رأيه في المسائل التي أصَر عليها عرفات، لأن الشخصين، كما ذكرنا، يختلفان بالنهج والأدوات ولكن ليس بماهية الأمور والأهداف. وليس صحيح الحديث هنا عن حمامة مقابل صقر كما أراد كثيرون في إسرائيل والعالم أن يعتقدوا.

لكن حتى وان صحَ أن أبي مازن هو شخصية صلبة سياسيًا بشكل لا يقل عن عرفات، فان هنالك فروقات كثيرة بين الشخصين. رئيس السلطة الحالي لا يتمتع بهالة المحارب الثوري التي تمتع بها عرفات. هو لم يعش حصار لبنان ولا حصار المقاطعة ولم يفلت من عدد لا نهائي من محاولات الاغتيال التي بنت أسطورة عرفات. كما وان ابي مازن لا يتمتع بذات الإجماع داخل منظمة التحرير الفلسطينية، وداخل حركة فتح، وبالطبع ولا في الشارع الفلسطيني كما كان ياسر عرفات يتمتع بهم. ابو مازن لا يعتمر كوفية ليلوّح بها ولا يملك فيالق يستعرضها في الشارع، ولا يوجد لديه الدافع ليحضن ويعانق الناس. حتى الخطابات الملهبة للمشاعر، التي يضطر لإلقائها أحيانًا أقل بكثير مما كان يفعل سابقه، فهو يفضل اللقاءات العملية المفيدة أو استبدال ذلك بـ ‘الستاتوسات’ التي ينشرها أفراد طاقمه على صفحته الخاصة على الفيس بوك. هو يُفضّل المؤسسات على الفيالق، وهنا يكمن الاختلاف الكبير بين القائدين.

ليس هناك من شك – أبو مازن أضعف من عرفات بكل ما يتعلق بالشارع الفلسطيني وجمهور حركة فتح والتنظيمات الأخرى، ولكنه نجح حيث فشل عرفات: مأسسة السلطة الفلسطينية. يدرك الكثيرون في السلطة أن أبي مازن قد لا يكون محبوبًا مثل عرفات، وليس ودودًا مثل سابقه، ولا يطلق الشعارات الرنانة التي تلهب الجمهور – لكنه هو الذي نجح – وتحديدًا بعد مرحلة سيطرة حماس على القطاع، باستغلال قدرات وخبرات رئيس الحكومة السابق سلام فياض وبناء بنية تحتية إدارية وآليات حكم واضحة، تساعد السلطة الفلسطينية عند تغيير وضعها من سلطة إلى دولة، كان ذلك بموافقة إسرائيل أو بالتوجه بشكل احادي الجانب إلى المؤسسات الدولية. إن دعم أبي مازن لفياض أمام الانتقادات الحادة له من قبل قيادات فتح الذين ادعوا بأن فياض يُقصي أفراد الحركة من مؤسسات السلطة، لم يكن دعمًا مفهومًا ضمنًا، حتى وإن صحَ الاعتقاد بأن فياض جاء اختياره من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ولم يكن أمام أبي مازن أي خيار آخر.

باستغلال قدرات رئيس الحكومة السابق سلام فياض نجح عباس في بناء بنية تحتية إدارية وآليات حكم، تساعد السلطة الفلسطينية عند تغيير وضعها من سلطة إلى دولة مستقلة (AFP)
باستغلال قدرات رئيس الحكومة السابق سلام فياض نجح عباس في بناء بنية تحتية إدارية وآليات حكم، تساعد السلطة الفلسطينية عند تغيير وضعها من سلطة إلى دولة مستقلة (AFP)

وتلك المؤسسات ذاتها هي اليوم مصدر قوة أبي مازن. لا يملك أبو مازن الفيالق في مخيّمات اللاجئين كتلك التي كان يملكها سابقه ولكنه عرف تمامًا كيف يسيطر من خلال الموالين له على الوسائل الإعلامية التابعة للسلطة، هو لا يملك تابعين ميدانيين ومقاولي أصوات ولكن لديه قادة أجهزة مدنية وأمنية جاهزون لتنفيذ أوامره. يدرك أبو مازن تمامًا أنه لن يحظى بهالة الثوري، لكنه يؤسس لأن يكون أول رجل دولة فلسطيني في العصر الحالي. وجهة أبي مازن ليست نحو قادة الفصائل المنضوية داخل منظمة التحرير الفلسطينية ولا حتى قادة دول عدم الانحياز وقادة العالم الثالث الذين كان عرفات يتمتع بصحبتهم كرئيس لمنظمة التحرير ولاحقًا كرئيس للسلطة الفلسطينية. يتطلع أبو مازن إلى الغرب وإلى قادته، إلى العالم الحر وإنجازاته. مجرد التفكير فقط بعدد اجتماعات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أو اجتماعات اللجنة المركزية لحركة فتح التي عقدها أبو مازن أو بالأصح التي لم يعقدها في السنوات الأخيرة مقارنة بعدد اجتماعات الهيئات ذاتها التي قد اعتاد عرفات على عقدها في الشهر الواحد أو حتى أقل من ذلك.

يركّز أبو مازن على أصحاب رؤوس المال الفلسطينيين، باعتبارهم محرك للاقتصاد الفلسطيني ويستثمر فيهم كثيرًا. وهناك في السلطة من يقول أنه يستثمر فيهم أكثر من اللازم. يطلب بواسطتهم وبواسطة قادة أجهزة ومؤسسات فتح والسلطة زيادة قبضته على الشارع الفلسطيني، القبضة التي لم تأت بشكل تلقائي وطبيعي كما كانت حال سابقه. لا يحب المحيطون بأبي مازن تلك المقارنة الدائمة بينه وبين عرفات. يدعون، وهو ادعاء مبرر جدًا، أن الشخص هو حالة بحد ذاتها، وليس فقط مصدرًا للمقارنة مع عرفات. من سوء حظ أبي مازن، أنه أينما يتوجه، فإن الظروف التي قادته إلى الحكم، ستؤدي إلى، أن تكون تحركاته دائمًا مصدرًا للمقارنة مع عرفات. الظل، قلنا، يرفض أن يترك أبو مازن، ويبدو حتى أنه يفرض عليه بعض مواقفه.

رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (Flash90)
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (Flash90)

قوي أم ضعيف، يشبه عرفات أو لا يشبهه، ربما يكون أبو مازن آخر قائد من جيل المؤسسين الذين بإمكانهم قيادة الشعب الفلسطيني إلى تسوية تاريخية مع إسرائيل. أبو مازن بإمكانه تمرير الاتفاقية كونه يسيطر على مؤسسات السلطة وحركة فتح. يؤمن أبو مازن بوجوب التوصل الى تسوية تاريخية، إيمانه هذا هو ما يجعله يتعرض لكل ذلك النقد داخل حركة فتح وخارجها، إنما الحقيقة هي أنه رغم كل ذلك النقد- ليس هناك من يمكنه التشكيك بمكانته الرائدة والقائدة أفضليته، ولا حتى أولئك الذين يعترضون على نهجه، لكن كونه القائد الأول المؤهل للتوصل لتسوية سياسية مع إسرائيل، فحول هذا الأمر هنالك توافق على هذا حتى لدى كثيرين داخل حركة حماس.

اقرأوا المزيد: 1296 كلمة
عرض أقل