وحدة هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي (Flickr IDF)
هكذا يتدرب الكوماندوز الإسرائيلي من أجل الصمود في الأسر
الجيش الإسرائيلي يعد المقاتلين من الوحدات المختارة من خلال ورشة للتدرّب عند الوقوع في الأسر. يتعرض المقاتلون للضربات، الإهانات، والتهديدات التي تجعل هذه الورشة تبدو حقيقية
تعتبر “ورشة الأسر” إحدى المواضيع الأكثر غموضا في الجيش الإسرائيلي وتُجرى قُبَيل كل مسار تأهيل في عدة وحدات مختارة في الجيش الإسرائيلي. وتُقام ورشة العمل، التي تهدف إلى إعداد المقاتلين للأسر، في عدة وحدات مختارة مثل وحدة الكوماندوز البحرية، وحدة هيئة الأركان، وفي دورة الطيران وقد كشف مراسل الجيش الإسرائيلي للقناة الإخبارية الثانية الإسرائيلية، نير دفوري، عن هذه المعلومات.
يتعرض المقاتلون الذين يتم اختيارهم بعناية كبيرة للتعذيب، الضرب، والإذلال خلال ورشة العمل، وهناك شعور أحيانا بأن من “يحتجزهم” يفقد السيطرة.
وتهدف ورشة العمل إلى تدريب المقاتلين والطيارين في اللحظة التي يسقطون فيها في الأسر ويتعين عليهم التعامل مع التحقيقات، التهديدات، والتعذيبات. وقال أحد الجنود “إنهم يأخذون متدربا بارزا من بين الجنود، ويجلسونه مع مُحقق ويبدأون بطرح الأسئلة عليه”. “يضرب المحقق الجندي على وجهه فجأة، مما يشعره بالإهانة”.
وأوضح دفوري بعد الحديث مع بعض المقاتلين الذين شاركوا في ورشة العمل الصعبة، أنه قبل بدء الورشة، يشاهد المقاتلون الأفلام ويتلقون تفسيرات ويلتقون مع أشخاص تعرضوا للأسر الحقيقي. ويوضح لهم المسؤولون أن الورشة، المؤلفة من أسبوعين، ستكون صعبة جدا.
تبدأ ورشة العمل باختطاف الجنود، عادة في الليل، بهدف دب الرعب في قلوبهم. على الرغم من الإعداد الدقيق لورشة العمل، عندما يبدأها الجنود يجدون أنفسهم يتعاملون مع واقع صعب جدا – جسديا وعاطفيا – وينشأ شعور لدى “الأسير” أن الباحثين قد فقدوا السيطرة. قال أحد الجنود الذين شاركوا في ورشة العمل: “بدأت أبكي ولكن هذا لم يساعدني. عندما أغضبتهم، طلبوا مني الوقوف إلى جانب الحائط وكانت يدي مرفوعتين وبدأوا بجلدي على ظهري. إذا كان الجندي يصرخ من شدة الألم، بسبب الضربات القاسية – فمع مرور الوقت يفهم أن عليه السكوت”.
شغّل المحققون الموسيقى العربية وأجبروا الجنود على الرقص. “كانت هناك لحظات قلت فيها كفى أنا لست قادرا”، قال أحد المقاتلين. “لست قادرا على الوقوف بعد والرقص. أعتقد أن هذه التدريبات كانت أصعب ما مررت به في حياتي”.
يجتاز الجنود ورشة العمل ويخضعون لمراقبة نفسية مكثفة ويمرون خلالها بتدريبات قاسية. فهي تحاكي حالة حقيقة للحصول على معلومات سرية من الجنود.
في نهاية الورشة الصعبة، يلتقي الجنود مع الأشخاص الذين “احتجزوهم” ويتحدثون معا، وأعرب جزء من الجنود أنه عندما انتهت الورشة بدأوا بالبكاء. قال المقاتلون إنه يجب التعامل مع الموضوع بدقة متناهية: فمن جهة يهتم الجيش بتحضيرهم وبصحتهم، وتعزيز قدراتهم، ومن جهة أخرى، هناك شعور أن الورشة تتعارض مع هذه الحقيقة. فكما ذُكر آنفًا، تهدف الورشة إلى تعزيز قدرات المقاتلين قدر الإمكان وتحضيرهم للحالات السيئة.
تنازل بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية، للحظة عن صورته الرسمية سامحا لنفسه بأن يتصرف تصرفا غريبا ويستهزأ في مقطع فيديو رفعه أمس في الفيس بوك، من خصمه رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إيهود باراك.
وتطرق نتنياهو في مقطع فيديو إلى مكانة إسرائيل الدبلوماسية مدعيا أنها أفضل من أي وقت مضى. وتساءل أيضا بعد أن وصف الاستقبال الحار الذي يحظى فيه في لقائه مع زعماء العالم “أين هي عزلة إسرائيل؟. وأين التسونامي؟”. عندما ذكر كلمة “التسونامي” قلد أسلوب حديث باراك المميّز.
أصبح إيهود باراك هو من الشخصيات البارزة مؤخرا التي تعارض نتنياهو. فهو يهاجم في كل فرصة إدارة نتنياهو وتورطاته في التحقيقات الجنائية. اعتاد باراك في الماضي على التحذير من حدوث “تسونامي سياسي” أي من عزلة سياسية قد تتعرض لها إسرائيل وفق ادعائه في ظل سياسة نتنياهو.
ولم يقف باراك مكتوف الأيدي عند رؤية نتنياهو يقلده، فرفع مقطع فيديو وتوجه فيه إلى نتنياهو قائلا: “وصل تسونامي الفساد أسرع من التسونامي السياسي”. وادعى أيضا أن “نتنياهو يشكل مغنطيسا للفاسدين. يبدو للوهلة الأولى أن كل الدائرة المقرّبة منه مليئة بالفساد”. تطرق باراك إلى ادعاء نتنياهو في التحقيق معه عندما أوضح أنه لا يعرف عما حدث لدى مقربيه المتهمين جنائيا ونعته بـ “عنزة عمياء”.
وبدأت العلاقة بين باراك ونتنياهو في فترة شبابهما، عندما كان باراك ضابط نتنياهو في سرية هيئة الأركان العامة واعتنى به بصفته جنديا واعدا. ولكن أصبحت هذه الصداقة لاحقا خصومة خطيرة عندما دخل كلا الزعيمين معترك السياسة.
قبل 40 عامًا تمامًا، اختُطفت طائرة "إير فرانس" من تل أبيب من قبل عصابة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. لم يفكّر الخاطفون الذين هبطوا بالطائرة في قلب إفريقيا بالتأكيد أنّه لا مناص لإسرائيل إلا بإطلاق سراح الأسرى. لقد أخطأوا
40 عامًا مرّت منذ العملية الجريئة لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في إنتيبي، ولا يزال هناك اسمان يُلزمان كل إسرائيلي على التوقف فورًا عما يعمله، وأن يتذكر: إنتيبي، يوناتان ونتنياهو. العملية التي أديرت بخلاف قوانين المنطق البشري، والتي تضمّنت رحلة جوّية سرية لأكثر من 3,800 كيلومترًا من إسرائيل إلى أوغندا، وبعد ذلك معركة على الحياة أو الموت ضدّ الإرهابيين، أذهلت العالم.
ذكّرت العملية كل إنسان أراد الإضرار بدولة إسرائيل أو بمواطنيها، أنّه في اللحظة التي يمسّ فيها الأمر بأمن دولة إسرائيل؛ فليس هناك ما يُسمّى “مستحيل”، وليس ما يُسمّى أنّ إسرائيل لن توافق على عمل ذلك للحفاظ على أمنها.
الدكتاتور المجنون والإرهابي الخطير
كان وديع حداد، قائد الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، هو العقل المدبّر الذي يقف وراء سلسلة من عمليات اختطاف الطائرات التي سافر فيها إسرائيليون. أمر عام 1968 باختطاف طائرة “إل عال” التي كانت في طريقها من روما إلى إسرائيل، وهبطت في الجزائر. تم احتجاز 32 رهينة على مدى أكثر من شهر، واضطرّت الحكومة الإسرائيلية إلى الموافقة على طلبات الخاطفين بهدف إطلاق سراح الإسرائيليين.
وديع حداد (UPI/AFP)
بعد ذلك أمر حداد بمهاجمة طائرة إسرائيلية أخرى في أثينا عام 1968، واختطاف أربع طائرات إسرائيلية، وجعلها تهبط في القاهرة والأردن وتفجيرها في تشرين الثاني عام 1970. شكّلت المطارات ميدان العمل الأفضل لرجال حداد. متشجّعًا من نجاحاته، بادر حداد إلى عملية اختطاف أخرى لطائرة “إير فرانس” التي أقلعت من تل أبيب إلى فرنسا عن طريق أثينا، وعليها 248 راكبًا. بالإضافة إلى رجال الجبهة، تلقّى الخاطفون المساعدة من رجل وامرأة ألمانيين، أعضاء في تنظيم أناركي.
علم خاطفو الطائرة أن دكتاتورًا مجنونًا كعيدي أمين دادا سيستقبل الطائرة المختطفة بأذرع مفتوحة
طارت الطائرة إلى ليبيا، وأقلعت من هناك باتجاه أوغندا. وتلقّوا الخاطفين دعم حاكم أوغندا المستبدّ والسفاح، عيدي أمين دادا. ولقد سيطر أمين، وهو ضابط في الجيش الأوغندي على الحكم في البلاد لسنوات قليلة قبل ذلك، وكان في البداية صديقًا لإسرائيل، ولكن مع مرور عدّة سنوات قرّر تغيير موقفه ونمّى علاقاته مع معمّر القذّافي، ومع الاتّحاد السوفياتي ومع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
معمر القذافي مع عيدي أمين دادا (AFP)
سمّى نفسه “فخامة الرئيس لمدى الحياة، الفيلد مارشال الحاج الدكتور عيدي أمين، سيّد جميع الحيوانات البرية وأسماك البحر، قاهر الإمبراطورية البريطانيّة في إفريقيا عمومًا وفي أوغندا خصوصًا”. علم خاطفو الطائرة أن دكتاتورًا مجنونًا كهذا سيستقبل الطائرة المختطفة بأذرع مفتوحة، وهكذا اختيرت أوغندا كوجهة لاحتجاز الرهائن. ولذلك هبطت الطائرة في مطار إنتيبي.
هدّد الخاطفون بانتهاء المهلة، وأنّهم سيعدمون الرهائن. وفي هذه الأثناء أمرت وحدات النخبة الإسرائيلية بالتجهّز لعملية لن نرى لها مثيلا
قرّر الخاطفون التفريق بين المختطفين اليهود وبين سائر المسافرين، الذين قاموا بإطلاق سراحهم. تمّ إطلاق سراح القبطان الفرنسي وأفراد طاقم الطائرة، ولكنهم رفضوا الرحيل وقرّروا البقاء مع المختطفين اليهود. وقد منحهم رئيس الحكومة الإسرائيلية وسام الشرف مقابل هذا العمل النبيل.
طلب الخاطفون إطلاق سراح 53 من رجالهم، معظمهم من الإرهابيين المسجونين في إسرائيل، وأيضًا فدية مالية. بتاريخ 4.7 هدّد الخاطفون بانتهاء المهلة، وأنّهم سيعدمون الرهائن. قرّرت إسرائيل التفاوض مع الخاطفين لكسب الوقت، وفي هذه الأثناء أمرت وحدات النخبة بالتجهّز لعملية لن نرى لها مثيلا.
الهجوم ليلا
اختيرت وحدات النخبة في الجيش الإسرائيلي، ومن بينها سرية هيئة الأركان العامة، سرية المظلّيّين وسرية جولاني، للمشاركة في العملية. أقلعت أربع طائرات هيركوليس جوًا من أجل نقل المقاتلين، والمختطفين الذين سيُطلق سراحهم. كان على رأس القوة المقاتلة لسرية هيئة الأركان قائدها، يوناتان (يوني) نتنياهو. كان نتنياهو من جنود السرية الشجعان، وقال ضبّاط آخرون إنّ طريقه لمنصب رئيس الأركان معبّد. خدم أخواه الصغيران، بنيامين وعيدو نتنياهو أيضًا في وحدة النخبة.
أرسِل أفضل المقاتلين الإسرائيليين إلى ساحة المعركة الخطيرة والبعيدة
أقلعت الطائرات الأربع قبل تلقّي الموافقة على العملية. بعد نقاشات كثيرة وعميقة، وافق رئيس الحكومة حينذاك إسحاق رابين ووزير الدفاع حينذاك شمعون بيريس على الهبوط في إنتيبي. أُرسِل أفضل المقاتلين الإسرائيليين إلى ساحة المعركة الخطيرة والبعيدة. وكان بينهم ما لا يقلّ عن أربعة رؤساء أركان مستقبليّين: دان شومرون، إيهود باراك، شاؤول موفاز وجابي أشكنازي.
هبطت الطائرة الأولى في ساعات المساء في 4 تموز، وأمّنت هبوط الطائرات الأخرى. ولإزالة اشتباه الحراس الأوغنديين، اقتحم المقاتلون على متن سيارة مرسيدس سوداء من نفس طراز سيارة عيدي أمين. ألغيَ تأثير المفاجأة للقوة المقتحمة حين أثار وابل من الطلقات من المقاتلين الإسرائيليين انتباه الحراس.
لو كان يدرك الإرهابيون أنّ القوات الإسرائيلية قد وصلت إلى المطار، كانوا سيعدمون الرهائن
عند هذه النقطة، كانت سرعة العمل أمرًا حاسمًا. لو كان يدرك الإرهابيون أنّ القوات الإسرائيلية قد وصلت إلى المطار، كانوا سيعدمون الرهائن. هاجم نتنياهو، الذي كان على رأس القوة، باتجاه المحطة، وأمر جنوده بتسريع وتيرة ركضهم. بعد مرور ثوانٍ، أصيب نتنياهو بطلق ناري من جندي أوغندي، وقُتل قبل بدء عملية الإنقاذ.
حدّد المقاتلون مكان قاعة المسافرين التي يُحتجز فيها المختطفون، ونجحوا في القضاء فورًا على الإرهابيين الذين حرسوها. أحد المختطفين ممّن وقف على رجليه في لحظة اقتحام القوات، اشتُبه به كإرهابي وقُتل رميًا بالرصاص. وقُتلت مسافرة أخرى رميًا بالرصاص من قبل الإرهابيين في لحظة الاقتحام. فيما عدا ستّة مسافرين آخرين أصيبوا خلال الاقتحام، تمّ إنقاذ جميع المسافرين الآخرين وهم على قيد الحياة وبصحّة جيّدة ونُقلوا جوّا إلى إسرائيل.
ابتهاج المفرج عنهم وصراخ العائلة الثكلى
نجحت العملية أكثر من أي تخطيط. أوقف العالم أنفاسه، حين أردك أية عملية معقّدة، جريئة وذات خطورة قامت دولة إسرائيل بتنفيذها. تمّ استقبال الرهائن المحرّرين من قبل الحشود المبتهجة في المطار الإسرائيلي. احتفلت عشرات الأسر بإطلاق سراح ذويهم، بينما قامت أسرة نتنياهو بالحداد.
“حين رنّ الهاتف عندي في بوسطون في ساعات المساء، علمت قبل أن أرفع السماعة أن يوني لم يعد معنا”
كان بنيامين نتنياهو حينذاك طالبًا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة. تواجد والده بن تسيون، الذي كان بروفيسورًا في التاريخ، هو أيضًا في الولايات المتحدة ودرّس في نيويورك. تحدّث بنيامين نتنياهو – الذي أصبح مع السنين رئيسًا للحكومة – في جنازة بن تسيون، عن اللحظة التي أخبر فيها والده عن وفاة الأخ والابن يوناتان.
بنيامين نتنياهو مع أخيه يوني نتنياهو (YEDIOTH AHARONOTH/AFP)
“حين رنّ الهاتف عندي في بوسطون في ساعات المساء، علمت قبل أن أرفع السماعة أن يوني لم يعد معنا. فكّرت حينها أنّه عليّ القدوم إليكما، يا أبي وأمي، سريعًا قدر الإمكان، إلى مكان تواجدكم في ولاية نيويورك، قبل أن يصلكم الخبر عن طريق آخر. وحينها سافرنا، سبع ساعات في جهنّم، ووصلنا إلى الطريق المؤدي للمنزل الذي عشتم فيه حينذاك.
رأيتك تمشي من خلال النافذة الزجاجية الكبيرة. رأيتك تمشي وتفكّر مشبّك اليدين وراء ظهرك. وفجأة أدرتَ وجهك ورأيتني، نظرة من الدهشة امتدّت على وجهك وقلت “بيبي، ماذا تفعل هنا”؟ وحين تحوّلت نظرتك إلى فهم رهيب، صرختَ صرخة مريرة وبعد ذلك صرخت أمي كذلك، ولن أنسى تلك الصرخات حتى يوم وفاتي”.
علّمت التضحية الهائلة لعائلة نتنياهو دولة إسرائيل كلّها درسًا لا يُنسى عن الثمن الذي تستعدّ دولة إسرائيل دفعه من أجل حماية مواطنيها. حين طُلّب من رئيس الحكومة نتنياهو أن يقرّر كيف يردّ على طلبات التنظيمات الفلسطينية بإطلاق سراح عناصرها مقابل الرهائن الإسرائيليين، فإنّ صورة شقيقه الراحل كانت معلّقة على حائط مكتبه. بعد 40 عامًا على العملية الجريئة، يعتبر يوناتان نتنياهو رمزًا لدولة إسرائيل كلّها، وليس لشقيقه فحسب.
منح وسام شرف لوحدة المقاتلين الإسرائيلية لسرية هيئة الأركان العامة (IDF)
منح وسام شرف لوحدة المقاتلين الإسرائيلية السرية
رئيس الأركان الإسرائيلي يمنح مقاتلي سرية هيئة الأركان العامة وسام الامتياز على "العمليات العسكرية، السرية، والجريئة" التي نفذتها الوحدة في السنتَين الماضيتَين، ويبارك تعيين قائد جديد للسرية
منح رئيس هيئة الأركان اللإسرائيلي غادي أيزنكوت وسام الشرف لسرية هيئة الأركان العامة وشهادة تقدير للوحدة التكنولوجية التابعة لشعبة الاستخبارات وتبادل قيادة سرية هيئة الأركان العامة.
مُنح وسام الشرف لمقاتلي السرية في أعقاب العمليات العسكرية، السرية التي نفذتها الوحدة في السنتَين الماضيتَين.وقال أيزنكوت: “أريد أن أعبر لكم جميعا عن تقديري العميق جدا على العمل، التفكير، التخطيط، التنفيذ، والمساهمة لكل واحد في دوره”. وأضاف: “أنتم تساعدون الجيش الإسرائيلي في الانتصار بالطريقة الأذكى، الأسرع، الأكثر تدبيرا وفعالية. كل الاحترام”.
وبعد مراسم منح أوسمة الشرف وشهادات التقدير، أجريت مراسم لتبادل قيادة سرية هيئة الأركان العامة برئاسة رئيس شعبة الاستخبارات، وبمشاركة اللواء هرتسي هليفي، قادة السرية ومقاتليها، أفراد العائلات ومدعوّين آخرين. تم تعيين العقيد “ح” قائدا للسرية وحلّ مكان العقيد “ش” الذي تولّى المنصب خلال عامين وعشرة أشهر.
عضو الكنيست ينون مغال، "البيت اليهودي" (Flash90/Moshe Shai)
نجم اليمين الإسرائيلي يعترف: تعاطيتُ المخدرات كعضو كنيست
ينون مغال، عضو الكنيست من "البيت اليهودي"، الذي كان مسؤولا عن اختطاف الشيخ عبد الكريم عبيد، يعترف في مقابلة تلفزيونية أنّه دخّن الماريجوانا عندما كان في منصب عضو كنيست
عضو الكنيست ينون مغال (البيت اليهودي) يعترف أنّه تعاطى المخدّرات الخفيفة حتى لدى ولايته في الكنيست. في مقابلة مع القناة الثانية قال مغال “دخنت كعضو كنيست، ولكني لم ألقِ خطابات أو أتلقى قرارات تحت تأثير المخدرات”.
“لم أصرح أنني لن أتعاطى المخدرات مجددا”، أوضح مغال. “كعضو كنيست صرحت أنّني توقفت عن التدخين”.
وقد اعترف مغال بتعاطي المخدّرات الخفيفة في الماضي، وبنشاطه في الكنيست بالترويج لاقتراح قانون عدم تجريم متعاطي القنّب، وهو الاقتراح الذي وقع عليه حتى الآن 22 عضو كنيست من بين 120.
وبتصريحه هذا ينضم مغال إلى عضو كنيست أخرى اعترفت أنها تعاطت القنّب حتى في فترة ولايتها، وهي رئيس لجنة مكافحة المخدرات والكحول تامار زاندبرغ (ميرتس). وتعمل زاندربرغ أيضًا على تعزيز إجراءات من عدم تجريم الماريجوانا ولتقنينها.
عضو الكنيست تمار زنمبرغ (Flash90/Miriam Alster)
ويُعرف مغال جيدا في الرأي العام الإسرائيلي بسبب خدمته العسكرية في وحدة الكوماندوز العليا، سرية هيئة الأركان العامة. بل وقد شارك خلال خدمته العسكرية في الوحدة في عملية عسكرية لاختطاف الشيخ عبد الكريم عبيد (رجل دين شيعي، كان مسؤولا عن النشاط العسكري لحزب الله في جنوب لبنان حتى اختطافه عام 1989) كي يتم استخدامه كورقة مساومة في اتفاقيات تبادل الأسرى المستقبلية.
نتنياهو وباراك في قاعة الفيلم (Flash90/Hadas Parush)
فيلم إسرائيليّ جديد، من بطولة نتنياهو، لعملية خطف الطائرة “سابينا”
أقيمَ في إسرائيل هذا الأسبوع عرض احتفاليّ لفيلم "سابينا" الذي يُسلّط الضوء على حادثة اختطاف الطائرة عام 1972 على يد منظمة أيلول الأسود. أبطال الفيلم هم مسؤولون إسرائيليّون كِبار
أُقيم يوم الثلاثاء المُنصرم أوّل عرض لفيلم “سابينا” في إسرائيل، الذي أخرجه المُخرج الإسرائيليّ راني ساعر. احتشد نجوم الفيلم الإسرائيليّ في قاعة سينمائيّة في القدس؛ وهم: رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، رئيس إسرائيل السابق شمعون بيريس، ورئيس الحكومة السابق إيهود باراك.
يعرض الفيلم قصة خطف الطائرة التابعة لشركة الطيران البلجيكيّة “سابينا”. اختُطفت طائرة الركّاب في الثامن من أيّار عام 1972 على يد منظمة أيلول الأسود وهي في طريقها من بروكسل إلى مطار اللدّ في إسرائيل. إذ صعدَ للطائرة أربعة إرهابيّين، رجليْن وامرأتيْن، حاملين جوازات سفر مزيّفة. إذ دخلَ المخرّبون، بعد إقلاع الطائرة، إلى مرحاض الطائرة، وأخرجوا مُسدّسَيْن، قنبلتيْن يدويّتيْن وحزاميْن ناسفيْن. ومن ثم اقتحمَ قائد العمليّة، علي طه أبو سنيّنة، حجرةَ الطيّار مُسلّحا بمُسدّس، وأبلغَ حينها ربان الطائرة باختطافها.
طائرة “السابينا” التي تم اختطافها (Wikipedia)
هبطت الطائرة التي تم اختطافها في مطار اللد. ومن ثم طالبَ الخاطفونَ إطلاق سراح 300 أسير فلسطينيّ سُجنوا في إسرائيل آنذاك، وهدّدوا بتفجير الطائرة بركّابها لو لم تُلبَ طلباتهم. حاول وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، موشيه ديّان، التفاوضَ مع الخاطفين. في نهاية الأمر، اقتحمت وحدة “استطلاع هيئة الأركان العامّة” التابعة لقوّات الدفاع الإسرائيليّة الطائرةَ وسيطرت على المُخرّبين. كان إيهود باراك حينها قائدَ الوحدة وقائدَ عمليّة الإنقاذ، أمّا بنيامين نتنياهو فقد كان قائدَ طاقم تابع للوحدة التي اقتحمت الطائرة. وكان، في نفس الوقت، شمعون بيريس وزيرَ الاتصالات الإسرائيليّ والمسؤولَ عن المطارات. استرجع ثلاثتهم في العرض الأوّل للفيلم، ذكرياتٍ أليمة من أيّام الحادثة.
دُمجت في الفيلم الجديد عدّة مُقابلات وثائقيّة مع نتنياهو، بيريس، وباراك، وتمّ إجراء مقابلة أُرفِقت في الفيلم أيضا، مع المُخرّبة تيريزا هلسة التي قبعت تحت الأسر في إسرائيل لمدّة 13 عامًا.
لعبَ مُمثّلونَ أدوارَ نتنياهو، بيريس، وباراك في الفيلم. وتبعا لذلك، سُئِلت سارة نتنياهو، زوجة رئيس الحكومة الإسرائيلي، عن الشخص الذي يبدو أفضلَ؛ زوجها أم الممثّل الذي لعب دوره في الفيلم، فأجابت: “هذه مُعضِلة، لكنّ زوجي يبدو مُميّزا”. كشفت أيضا بأنّ دور نتنياهو قد عُرضَ على ابنهما الأصغر، أفنير، ولكنّه رفض ذلك.
نجحَ مُؤخّرا المُمثّل جورج إسكندر، الذي لعبَ دورَ أبي سنيّنة، خاطف الطائرة، بإثارة غضب الإسرائيليّين عندما ذكرَ في أحد اللقاءات بأنّ خاطف الطائرة ليسَ مُخرّبا أو إرهابيّا، إنّما هو محارب. إذ أردف قائلا إنّ خاطف الطائرة الحقيقيّ هو شخصٌ سُلِبَ منه شيء ما، وحاربَ لاسترداده.
النجاة من الموت غرقا في قناة السويس، الشقيق الذي قُتل، الاتهامات المتكررة بالميل للهلع والهستيريا، الزيجتان اللتان تم فضّهما، والزواج الثالث الذي كاد أن ينفجر على الهواء مباشرة - تلك هي القصة الكاملة لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو
عام 2012، عندما ترأس الحكومة الإسرائيلية، وقف بنيامين نتنياهو أمام قبر والده المفتوح، المؤرخ بن تسيون نتنياهو، والذي توفي في سنّ 102، وتحدّث عن اليوم الأصعب في حياة والده، وفي حياته، 4 تموز عام 1976، يوم وفاة شقيقه الأكبر يوناتان.
“انقسمت حياتنا إلى نصفين: قبل وبعد ذلك اليوم الفظيع الذي سقط فيه يوني”، قال نتنياهو. كان حينذاك طالبا لإدارة الأعمال في معهد ماساتشوستس للتقنية في بوسطون، الولايات المتحدة.
“انقسمت حياتنا إلى نصفين: قبل وبعد ذلك اليوم الفظيع الذي سقط فيه يوني. لن أنسى هذه الصرخات حتى أموت”
كان شقيقه الأكبر يوناتان قائدا لوحدة النخبة في الجيش الإسرائيلي، وحدة استطلاع هيئة الأركان العامة. حين تمّ اختطاف طائرة إير فرانس إلى إنتيبي من قبل عناصر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كان يوناتان أول من قفز من على متن طائرة هرقل وهاجم الخاطفين في مطار إنتيبي. قُتل من نيران أطلِقتْ باتجاهه من برج المراقبة.
تابع بنيامين نتنياهو قضية الاختطاف حينذاك قلقًا بواسطة وسائل الإعلام الأمريكية. لقد علم أنّ شقيقه يوني سيشارك بالتأكيد في عملية الإنقاذ، وفهم المخاطر التي تنطوي على ذلك. حين اتصل شقيق نتنياهو ويوناتان الأصغر، عيدو، إليه في ساعات الليل، علم بنيامين نتنياهو بأنّ شقيقه الأكبر قد قُتل.
“علمتُ حتى قبل أن أمسك بالسماعة بأنّ يوني لم يعد بيننا”، هذا ما قاله نتنياهو في جنازة والده. وأضاف: “ظننت حينذاك بأنّه ينبغي الوصول إليك، أبي، وإلى أمي، بأسرع وقت ممكن، إلى مكان إقامتكما في نيويورك، قبل أن يصل الخبر إليكما عن طريق آخر. وحينها سافرنا، سبع ساعات في جهنّم، ووصلنا إلى الجادة التي تؤدي إلى المنزل الذي أقمتما فيه حينذاك”.
رأيتك، أبي، تمشي من خلال النافذة الزجاجية الكبيرة. رأيتك تمشي وتفكر، ويداك كعادتك متشابكتان خلف ظهرك. وفجأة حوّلْتَ رأسك ورأيتَني، فامتدت على وجهك نظرة دهشة وقلت لي: “بيبي، ماذا تفعل هنا”؟ وفي لحظة تغيّرتْ نظرتك بفهم رهيب، صرخت صرخةً مريرة وصرختْ أمي بعدك كذلك، ولن أنسى هذه الصرخات حتى أموت”.
بنيامين نتنياهو مع أخيه يوني نتنياهو (YEDIOTH AHARONOTH/AFP)
ابن المؤرّخ
أحسن رئيس دولة إسرائيل، شمعون بيريس عندما صاغ الأمر كالتالي: “بيبي، والدك كتب التاريخ، وأنت تصنعه”. وفعلا، من يريد أن يفهم من هو بنيامين نتنياهو عليه أن يفهم من كان والده.
أحسن رئيس دولة إسرائيل، شمعون بيريس عندما صاغ الأمر كالتالي: “بيبي، والدك كتب التاريخ، وأنت تصنعه”
كانت دراسة وبحث التاريخ مركز حياة البروفيسور بن تسيون، وأسرة نتنياهو بأسرها. كرّست زوجة بن تسيون ووالده بنيامين نتنياهو، تسيلا، كلّ حياتها لدعم عمل زوجها الأكاديمي. ولهذه الغاية انتقلت أسرة نتنياهو بين القدس والولايات المتحدة، ذهابا وإيابا، طوال فترة طفولة بنيامين نتنياهو. قضت الأسرة معظم سنوات الستينيات من القرن العشرين في مدينة فيلادلفيا.
طوال فترة مراهقته – وربما حتى اليوم – رأى بنيامين نتنياهو نفسه مرتبطا بشكل وثيق بأسلوب الحياة الأمريكي. الإنجليزية الجميلة التي يطقنها حتى يومنا هذا هي نتيجة تلك السنوات الدراسية التي قضاها في المدارس الأمريكية.
طوال فترة مراهقته – وربما حتى اليوم – رأى بنيامين نتنياهو نفسه مرتبطا بشكل وثيق بأسلوب الحياة الأمريكي.
حين تجنّد الابنان يوناتان وبنيامين نتنياهو للجيش الإسرائيلي، بقي الوالدان في الولايات المتحدة، وفي الواقع قرّرا الهجرة بشكل نهائي إلى نيويورك في أعقاب تعيين بن تسيون بروفيسورًا في جامعة كورنيل. وقد اتُّخذ قرار العودة للبلاد بعد ذلك بعدة سنوات فقط، عندما قُتل يوناتان.
كان بن تسيون، كاسمه تماما، وفيّا طوال حياته للصهيونية. كان والده، جدّ نتنياهو، حاخامًا صهيونيا شهيرا بحدّ ذاته. ولدى قراءتنا لمقابلة قدّمها لصحيفة “هآرتس” بعد وقت قصير من انتخاب ابنه لرئاسة الحكومة، يمكننا أن نرى نهجه المتطرّف في الصهيونية، ومعارضته الهائلة للتسوية مع الفلسطينيين:
“علينا أن نفهم بأنّ بيننا وبين العرب تعارض ثقافي عميق”، هذا ما قاله البروفيسور نتنياهو وأضاف: “الصهيونية منذ تأسيسها هي حركة غربية. إنها حركة عاشت على حدود الشرق ولكن وجهها كان دائما للغرب. كانت الصهيونية دائما قاعدة أمامية للغرب في الشرق، وهكذا هي حتى اليوم. لهذا السبب، يعتبرنا العرب كائنا غريبًا. حتى لو لم نشعر بذلك، حتى لو كنّا نخدع أنفسنا بأنّ السلام سيسود هنا، فإنّنا نعتبر هدفا لهجومهم والذي هو ليس هجوما نشطا ولكنه هجوم يتشكّل”.
بنيامين نتنياهو ووالده بينتسيون (Facebook)
هذه الرؤية التاريخية، التي استوعبها بنيامين نتنياهو من والده، هي إلى حدّ كبير برنامج عمله الاستراتيجي.
المقاتل الذي شاهد الموت بعينيه
في تشرين الأول عام 1967، بعد أشهر قليلة من الانتصار الإسرائيلي الهائل على الدول العربيّة، تجنّد نتنياهو للجيش الإسرائيلي. ومثل شقيقه الأكبر يوني وشقيقه الأصغر عيدو، تجنّد لوحدة النخبة، وحدة استطلاع هيئة الأركان العامة.
برز كأحد المقاتلين الموهوبين والشجعان، وتقدّم بسرعة في سلّم الرتب، بعد أن شارك في سلسلة من العمليات السرية. وقد شارك نتنياهو من بين أمور أخرى في عملية تدمير 14 طائرة في مطار بيروت، وفي عملية “الكرامة” الشهيرة.
نتنياهو وباراك أصدقاء (Flash90/Avi Ohayon)
وتعرّف هناك في وحدة النخبة على خصمه وشريكه لاحقا في قيادة دولة إسرائيل، إيهود باراك. قاتل نتنياهو وباراك في سنوات الستينيات والسبعينيات كتفًا إلى كتف بزيّ الجيش الإسرائيلي. عام 1999، تنافس الاثنان وجها لوجه على رئاسة الحكومة الإسرائيلية، وهزم باراك نتنياهو بفارق كبير. بينما في عام 2011، عندما كان باراك يتولى منصب وزير الدفاع في ظلّ رئيس الحكومة نتنياهو، قاد الاثنان سويّة العملية الاستراتيجية التي كادت أن تنتهي بقصف المنشآت النووية الإيرانية.
وفجأة فُتحت نيران مصرية على المقاتلين الإسرائيليين. سقط نتنياهو في مياه القناة وهو يرتدي معدّات عسكرية ثقيلة، وبدأ بالغرق والاختناق
كاد نتنياهو أن يخسر حياته في سنوات وجوده في الوحدة، أكثر من مرة. في شهر أيار عام 1969، شارك نتنياهو بعبور سرّي لقناة السويس على متن قوارب مطاطية. وفجأة فُتحت نيران مصرية على المقاتلين الإسرائيليين، وقُتل على الفور رفيقه في السلاح، حاييم بن يونا. سقط نتنياهو في مياه القناة وهو يرتدي معدّات عسكرية ثقيلة، وبدأ بالغرق والاختناق. وفي اللحظة الأخيرة امتدّت إليه يدّ لتنقذه، وتمّ إنقاذ نتنياهو بسلام.
حادثة أخرى جرت عندما أصبح قائدا لفرقة في الوحدة. واجه نتنياهو وجنوده عاصفة ثلجية قوية عبر الحدود السورية، في مهمّة بقيتْ تفاصيلها سرّية، وكاد الاتصال معهم أن يُقطع. انضمّ المقاتل الدرزي الشجاع سليم شوفي إلى قوة نتنياهو من أجل إنقاذه بسلام ونقله إلى داخل الحدود الإسرائيلية. ذكر نتنياهو كيف أرشده شوفي للاستمرار في المسير، وعدم التوقف في الثلج المتجمّد رغم الإرهاق الكبير، لأنّ توقّفا كهذا سيجمّدهم حتى الموت.
قبل وقت قصير من تسريحه من الجيش، في صيف عام 1972، كان نتنياهو أحد القادة الميدانيين في عملية إنقاذ الرهائن من طائرة شركة “سابينا” التي اختطفها الفلسطينيين. في الوقت الذي تصارع نتنياهو مع إحدى الخاطفات، وهي فلسطينية اسمها تيريز هلسة، جاء مقاتل آخر وضرب رأس هلسة بمسدّسه. ونتيجة لذلك خرجت رصاصة من مسدّسه كادت أن تقتل نتنياهو، ولكنها أصابت كوعه.
نتنياهو يلتقي الرئيس زلمان شازار بعد عملية إنقاذ الرهائن من طائرة شركة “سابينا” (Flah90)
تم تسريح نتنياهو بعد هذه الحادثة من الجيش كجندي ممتاز، وعاد إلى الولايات المتحدة من أجل إكمال اللقب الأول في الهندسة المعمارية واللقب الثاني في إدارة الأعمال من معهد ماساتشوستس للتقنية، وبالإضافة إلى التخصّص في العلوم السياسية من جامعة هارفرد. وفي هذه الأثناء، عندما اندلعت حرب تشرين عام 1973 عاد وشارك في المعارك ضدّ سوريا، وعاد إلى استكمال دراسته.
أمِل أبناء أسرة نتنياهو طوال تلك الفترة بأنّ يتم تعيين الأخ الأكبر يوناتان، الذي بقي في الخدمة الدائمة في الجيش وتم تعيينه برتبة مقدّم، أن يتم تعيينه في نهاية المطاف رئيسا لأركان الجيش الإسرائيلي. وضعت وفاة يوني في عملية إنقاذ الرهائن في إنتيبي في صيف عام 1976 كلّ التوقعات على أكتاف الأخ بنيامين.
صوت إسرائيل بالإنجليزية
بعد وفاة يوني كرّس بنيامين نتنياهو نفسه للعمل العام، وبشكل أساسي لإقناع شعوب العالم بخطر الإرهاب الفلسطيني. حين كان خريجا شابا في دراسات إدارة الأعمال في الولايات المتحدة أجرى نتنياهو مقابلة مع محطّة تلفزيون أمريكية محلية، وتحدث عن الموقف الإسرائيلي.
قام بذلك أولا عندما عُيّن من قبل سفير إسرائيل في الولايات المتحدة موشيه أرنس مبعوثا للسفارة، وبعد ذلك عندما عُيّن سفيرا لإسرائيل في الأمم المتحدة بين السنوات 1984 – 1988.
مرة تلوَ الأخرى، صعد نتنياهو إلى المنصّة وأدان بكل قوة السياسة العربية، ودافع عن حقّ إسرائيل في الوجود. وفي وقت لاحق، كرئيس للحكومة، يعود نتنياهو كلّ عام إلى ذات المنصّة في نفس القاعة من أجل إلقاء خطاباته الهجومية.
في تلك الفترة تم الكشف عن ماضي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، كورت فالدهايم، كضابط في جيش ألمانيا النازي، من قبل المؤتمر اليهودي العالمي بعد الكشف الأول طالب نتنياهو من الأمم المتحدة، بنجاح، فتح الأرشيف والكشف عن وثائق متعلّقة بماضي فالدهايم ومجرمي الحرب النازيين الآخرين. وهكذا أصبح نتنياهو اسما معروفا في النظام السياسي الإسرائيلي والعالمي، نجمًا حقيقيّا. حين عاد إلى البلاد وترشّح عام 1988 للانتخابات الداخلية لحزب الليكود، فاز بسهولة بغالبية الأصوات، وتمّ تعيينه في مكان عال في قائمة الليكود.
إن خبرته الدبلوماسية ومهاراته الممتازة في الاتصال باللغة الإنجليزية، كل ذلك قاده إلى أن يُعيّن عضو الكنيست الشاب نائبا لوزير الخارجية فورا بعد الانتخابات عام 1988. تصادم في هذه الوظيفة كثيرا مع وزير الخارجية، دافيد ليفي، الذي لم يكن يعرف التحدّث بالإنجليزية وكان يفتقد إلى الخبرة الدبلوماسية.
عندما اندلعت حرب الخليج عام 1991، حضر نتنياهو في جميع إستوديوهات التلفزيون العالمية وشرح الموقف الإسرائيلي. وعندما عُقد مؤتمر السلام في مدريد في نفس العام، فضّل رئيس الحكومة شمير اصطحاب نتنياهو مع الوفد الإسرائيلي، وتنازل عن سفر ليفي. عادت تلك الخصومة مع دافيد ليفي وأزعجته لاحقا.
نتنياهو مع رئيس الحكومة شمير في مؤتمر مدريد (AFP)
النساء والخيانة
الجانب الأكثر خفاء من حياة نتنياهو هو علاقاته مع النساء، وخصوصا مع زوجته الحالية سارة. انتهى زواجه الأول لميكي وايزمان، التي وُلدت له منها ابنته الكبرى نوعا، بعد سنوات قليلة بالطلاق. والزواج الثاني، من امرأة مسيحية اسمها فلايير كيتس، والتي حوّلت دينها خصّيصا من أجل الزواج منه، انتهى هو أيضًا بالطلاق. أما الزواج الثالث من سارة، والدة يائير وأفنير، فكاد أن ينفجر هو الآخر.
هناك عدة روايات، من نمط القيل والقال إلى حدّ كبير، عن الحياة الزوجية للزوجين نتنياهو. هناك من يقول إنّه لم يكن حبّا من النظرة الأولى، وإنّ نتنياهو الذي كان عضوا في الكنيست، وافق على الزواج من سارة فقط عندما أخبرته بأنّها حامل.
الزوجان نتنياهو (MENAHEM KAHANA / AFP)
ولكن عام 1993، وقف نتنياهو أمام الكاميرات واعترف بأنّه أقام علاقة غرامية خارج الزواج مع سارة. انفجرت القضية بشكل غريب. ترشّح نتنياهو في تلك الأيام ضدّ خصمه دافيد ليفي على رئاسة حزب الليكود، الذي كان في المعارضة. في تلك السنوات أقام علاقة حميمية مع روت بار، مستشارته الاستراتيجية، التي كانت متزوجة. لم تعلم سارة شيئا عن ذلك.
في أحد الأيام، عندما كانت سارة وحدها في المنزل، رنّ جرس الهاتف، وأعلمها رجل مجهول الهوية بأنّه سيتمّ نشر شريط يظهر فيه زوجها وهو يقيم علاقة جنسية مع امرأة غريبة. كانت سارة مصدومة، وطلبت من نتنياهو الطلاق
في أحد الأيام، عندما كانت سارة وحدها في المنزل، رنّ جرس الهاتف، وأعلمها رجل مجهول الهوية بأنّه فيما لو لم ينسحب زوجها من الترشح على رئاسة الليكود، فسيتمّ نشر شريط يظهر فيه زوجها وهو يقيم علاقة جنسية مع امرأة غريبة. كانت سارة مصدومة، وطلبت من نتنياهو الطلاق.
وبجهد هائل فقط نجح في مصالحتها، واعترف في مقابلة تلفزيونية بأنّه أقام علاقة غرامية خارج الزواج. وقد ألمح إلى أنّ دافيد ليفي هو من يقف وراء محاولة الابتزاز. ولكن رغم الإحراج، فاز نتنياهو بسهولة برئاسة الحزب.
وخلال سنوات طويلة بعد ذلك ظلّت تظهر شائعات حول سلوك السيدة نتنياهو تجاه زوجها. في إحدى المرات، عندما أجرى مقابلة في برنامج استضافة مع المطربة عوفرا حازا، وقفت حازا بجانبه وداعبته. ذُكر حينها أنّ سارة غضبت كثيرا وصاحت في وجهه: “لماذا تسمح لها بلمسك”؟
شائعة أخرى تقول إنّه عندما جاءت ابنه نتنياهو الكبرى من زواجه الأول، نوعا، لزيارة أسرة نتنياهو في منزلهم وقالت “مرحبا أبي”، انقضّت سارة عليها وأخبرتها بألا تناديه هكذا أمام الأطفال الصغار، يائير وأفنير، الذين لا يعرفون بأنّ لديهم أخت غير شقيقة.
أسرة نتنياهو في الطائرة في طريقها إلى زيارة رسمية للولايات المتحدة (Moshe Milner, GPO)
ومع مرور السنين، وخصوصا عندما تولّى نتنياهو منصب رئيس الحكومة، ظهرت تقارير عن إهانة الموظفين في بيت رئيس الحكومة من قبل السيدة نتنياهو. بل إنّ بعضها وصل إلى التوضيحات القانونية.
زعم في إحدى الحالات مدبّر المنزل في بيت رئيس الحكومة، ماني نفتالي، أنّ سارة اتصلت به في الساعة الثالثة ليلا لتوبّخه لأنه اشترى الحليب بالكيس وليس بالكرتون، اغتاظت منه حتى اضطرّ رئيس الحكومة بنفسه إلى التدخّل وأمره بـ “أن يفعل كلّ ما تطلبه”. في حادثة أخرى وبّخته لأنّ الأزهار في المزهرية لم تكن جديدة، وقالت له: “في قصر الإليزيه لم يكن ذلك ليحدث”.
من رئيس الحكومة الأصغر سنّا، إلى السياسي الأقدم
عندما انتُخب نتنياهو لرئاسة الحكومة للمرة الأولى عام 1996 وفاز على شمعون بيريس المخضرَم، كان الأصغر من بين رؤساء الحكومة في التاريخ الإسرائيلي – بلغ من العمر حينذاك 47 عاما فقط.
كانت فترة توليه الأولى فاشلة جدّا، واتّسمت بفقدان الاستقرار وانعدام الثقة مع سائر الجهات السياسية والأمنية.
كانت المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، عام 1997 نقطة متدنية في رئاسة حكومة نتنياهو. أفاد لاحقا أريئيل شارون، الذي كان وزيرا في حكومته، بأنّ نتنياهو أصيب بالذعر والافتقار الحادّ إلى رباطة الجأش في تلك القضية، ممّا أجبر الحكومة الإسرائيلية على إرسال الترياق إلى مشعل والذي أنقذ حياته، وإلى إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين من سجنه.
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو (GPO / AFP)
أثارت القضية غضب الحسين ملك الأردن، وأيضا غضب رئيس الولايات المتحدة حينذاك بيل كلينتون، الذي قال لحسين: “هذا الرجل (نتنياهو) مستحيل”.
سخر منه أريئيل شارون علنًا قائلا: “سأسعد بمساعدتك، ولكنني لا أعلم هل أساعد يدك اليمنى أم اليسرى”
غضب معارضو نتنياهو اليساريّون منه على كونه لم يتقدّم في عملية السلام الذي بدأها سابقاه، إسحاق رابين وشمعون بيريس. بينما غضب معارضوه من اليمين منه لأنّه اضطرّ إلى استمرار تلك العملية مع ذلك، بل وصافح رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات. وغضب الجميع بسبب فقدان الاتساق في قيادته. سخر منه أريئيل شارون علنًا قائلا: “سأسعد بمساعدتك، ولكنني لا أعلم هل أساعد يدك اليمنى أم اليسرى”. هُزم نتنياهو عام 1999 في الانتخابات من قبل إيهود باراك، وأعلن نتنياهو للمرة الأولى عن استراحة من الحياة السياسية.
نتنياهو يصافح عرفات (AFP)
ولكن سرعان ما دُعي نتنياهو للقيادة مرة أخرى. عيّنه أريئيل شارون، الذي هزَم باراك، عام 2002 وزيرا للخارجية، وعيّنه بعد ذلك فورًا وزيرا للمالية. وهكذا حظي نتنياهو بسمعة “سيّد الاقتصاد”، الذي أجرى سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية. وبحسب أقوال مؤيديه، في تلك الفترة “أنقذ نتنياهو الاقتصاد الإسرائيلي” عندما خفّض فوائد الفقر والعجز وأدى إلى خصخصة صناديق التقاعد في إسرائيل.
وبحسب أقوال معارضيه، فقد ساهم نتنياهو بذلك في تدمير دولة الرفاه الإسرائيلية. وفي الانتخابات التي أجريت بعد ذلك عام 2006، غضب كثيرون من الليكود بقيادة نتنياهو بسبب تلك السياسات الاقتصادية، وأورثوه هزيمة أخرى في الانتخابات. ولكن بعد 3 سنوات، في عام 2009، عاد نتنياهو وانتُخب رئيسا للحكومة.
كانت فترة ولاية نتنياهو الثانية مختلفة عن الفترة الأولى. أفرغ الشك وعدم الاستقرار في فترة الولاية الأولى مكانه للتعاون المتناغم مع سائر الوزراء، وعلى رأسهم صديقه وخصمه القديم، إيهود باراك. والموضوع الأكثر بروزا في فترة الولاية تلك كان: النووي الإيراني. مرّة تلوَ أخرى، حين حاول خصوم نتنياهو السياسيون مهاجمته، أجاب بأنّ المهمة الوحيدة على جدول الأعمال هي إيقاف البرنامج النووي الإيراني.
نتنياهو يخاطب الجمعية العامة للامم المتحدة (Flash90)
كانت فترة نتنياهو في الساحة الفلسطينية راكدة. على الرغم من رضوخه لضغوط رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما وموافقته عام 2009 على تجميد البناء في المستوطنات، فلم يثق أبدا برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ولم يقصد أبدا التوصّل معه إلى تسوية.
بدلا من ذلك، حاول نتنياهو مرّة تلوَ الأخرى إيجاد نماذج بديلة لتحقيق التقدّم السياسي – فقد حاول في بداية فترة ولايته طرح “السلام الاقتصادي” بين إسرائيل والفلسطينيين، والذي سيستند إلى الشراكات التجارية. وقد حاول مؤخرا اعتماد فكرة جديدة بتعزيز العلاقات مع الدول المعارضة لإيران في العالم العربي، وعلى رأسها السعودية، فيقفز بذلك فوق رؤوس الفلسطينيين.
قال الرئيس الفرنسي حينذاك نيكولا ساركوزي في مكالمة تمّ تسريبها في الصحافة لأوباما: “نتنياهو كاذب”. “لا بدّ لي من التعامل معه يوميّا”، أجاب أوباما
ولكن خبرته السياسية الكبيرة لم تسعفه. مرة تلو أخرى، اتضح بأنّه خلال ستّة أعوام في فترة ولايته كرئيس للحكومة كانت العلاقات الخاصّة جدّا مع الولايات المتحدة تقع في مسار تصادمي. كان انعدام الثقة البارز بين نتنياهو وأوباما هو خلفية ما لا يحصى من الحوادث المحرجة، التي ضربت مكانة إسرائيل الدولية. قال الرئيس الفرنسي حينذاك نيكولا ساركوزي في مكالمة تمّ تسريبها في الصحافة لأوباما: “نتنياهو كاذب”. “لا بدّ لي من التعامل معه يوميّا”، أجاب أوباما.
بنيامين نتنياهو وباراك أوباما (Avi Ohayon/GPO)
وحلّق فوق كلّ ذلك اتهام بارز واحد تجاه نتنياهو: بأنّ هدفه الوحيد هو البقاء سياسيّا. سوى السياسة وسوى الاقتصاد وسوى الأيديولوجية، فإنّ نتنياهو مهتمّ بشيء واحد فقط – الحفاظ على منصبه كرئيس لحكومة إسرائيل.
ولكن في المقابل، يروج في السنوات الأخيرة في صفوف الشعب الإسرائيلي بأنّه لن يكون هناك شخص آخر بمثل مكانة بنيامين نتنياهو، القادر على قيادة دولة إسرائيل وتوجيهها.
عندما انتُخب للمرة الثالثة رئيسا للحكومة عام 2013، تحوّل نتنياهو من رئيس الحكومة الأصغر سنّا إلى رئيس الحكومة الأقدم فيما عدا رئيس الحكومة الأول، دافيد بن غوريون. ولكن رغم الخبرة والتجربة، لم يكن الائتلاف الأخيرة لنتنياهو مستقرّا مثل سابقه، وذكّرنا أكثر بفترة ولايته الأولى كرئيس للحكومة.
خلال كل أسبوع فرض شركاءه السياسيين الجدد – يائير لبيد، تسيبي ليفني، نفتالي بينيت وأفيغدور ليبرمان شروطا جديدة عليه. ووصل الأمر إلى الذروة عندما توحد جميع هؤلاء ضدّه من أجل تشريع قانون لإغلاق صحيفة “إسرائيل اليوم” – وهي الصحيفة الوحيدة التي تقف على يمين نتنياهو، وتتبع لصديقه، الداعم الأكبر له، الملياردير الأمريكي شيلدون أدلسون.
إنّ سجلّ نتنياهو ليس واضح المعالم. لقد فاز بشكل كبير في المعارك الانتخابية الثلاث التي قادها، عام 1996، 2009 و 2013، ونجح في تشكيل حكومة وفي القيادة. ولكن في معركتين انتخابيتين أخريين، عام 1999 و 2006، ضُرب مرة أخرى من قبل الناخبين. وقبيل الانتخابات المقبلة، يبقى السؤال مفتوحا: هل سيثبت نتنياهو بأنّه قادر على البقاء مرّة أخرى، أم سيُهزم؟
يودع ابن عائلة نتنياهو الأصغر اليوم والده، والدته وشقيقه البكر في طريقه إلى شعبة التجنيد في الجيش الإسرائيلي. التحق أفنير نتنياهو هذا الصباح في الوحدات القتالية التابعة لسلاح المخابرات الميدانية. قال رئيس الحكومة نتنياهو مع التحاق ابنه بالخدمة العسكرية: “كلنا فخر ويعترينا قلق طبيعي. يعرف كل بيت في إسرائيل هذا الأمر ونحن لسنا مختلفين في ذلك”. قال رئيس الحكومة إنه في حفلة الوداع، التي أُقيمت البارحة، قال لابنه: “دافع عن الدولة وانتبه لنفسك”.
وأضاف نتنياهو: “أتمنى لكل جنود الجيش الإسرائيلي، الذين يلتحقون اليوم بالخدمة العسكرية، التوفيق ولكل الأهل الذين يعتريهم القلق أن يهدأوا – كل شيء سيكون على ما يرام”. وقالت زوجة رئيس الحكومة، سارة نتنياهو: “وأتمنى أن يعودوا إلى البيت بسلام”. تنتظر أفنير نتنياهو الآن ثلاث سنوات من الخدمة العسكرية في صفوف الجيش الإسرائيلي.
التحق أفنير نتنياهو، بخلاف شقيقه البكر يائير نتنياهو الذي أدى خدمته العسكرية في الوحدة للإعلام الدولي للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، بوحدة المخابرات الميدانية والتي سيؤدي فيها خدمة قتالية قد تُعرض حياته للخطر أيضًا.
كان الأخ يائير خلال فترة خدمته العسكرية أكثر مجند يحظى بحراسة أمنية: كونه ابن رئيس الحكومة، كان يرافقه حارس أو اثنين طوال الوقت. قبل عامين فُرض على يائير نتنياهو التزام الثكنة وعدم الخروج منها طوال 21 يومًا وذلك لأنه ترك مناوبته في ليلة من ليالي السبت ليقضي وقته في مطعم.
وكما هو معروف فقد خدم والد الاثنين، بنيامين نتنياهو، في السرية المتميزة التابعة لقيادة الأركان، وكذلك شقيقه يونتان. قُتل شقيق رئيس الحكومة نتنياهو خلال عملية تحرير الرهائن الإسرائيليين في “عملية إنتيبي” ، الذين تم اختطافهم من قبل مسلحي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
تعتبر إسرائيل الدولة الوحيدة التي تلزم الإناث، وفقًا للقانون، بالانضمام إلى صفوف الجيش تمامًا كما يتم إلزام الرجال، ولا تخجل الإناث من القتال والانضمام إلى صفوف المقاتلين
تلتحق اليوم بصفوف الجيش الإسرائيلي شابات ليؤدين خدمة عسكرية مدتها سنتين كمقاتلات. وسيلتحق القسم الأكبر من الشابات بكتيبة مختلطة، أي يخدم في صفوفها شبان وشابات معا، وتلقب هذه الكتيبة ب “أسود الأردن”، وأخريات سيلتحقن للمرة الأولى بوحدات خاصة في سلاح المدفعية. يذكر أن الجيش الإسرائيلي فتح أبوابه لخدمة البنات في معظم الوظائف، ففي عام 2013، 92% من الوظائف في الجيش الإسرائيلي فُتحت أمام الجنس اللطيف. وكانت نسبة النساء في المنظومة القتالية 4.3%، وهي زيادة بنسبة 1.1% مقارنة مع 2012. إضافة إلى ذلك، 56% من الضباط في الخدمة الإجبارية في الجيش الإسرائيلي هي من النساء.
واستمرارا للمقالين السابقين اللذين كتبنهما حول وحدات النخبة في الجيش الإسرائيلي، وحدة “شايطيت 13 “ ووحدة استطلاع هيئة الأركان العامة، يُسعدنا أن نستعرض أمامكم هذه المرة جانبًا أكثر أنوثة وجرأة من حيث الأدوار القتالية، فيها، ويا للغرابة، يبرز فعليًا جيل جديد من المقاتلات.
إناث في خدمة جيش الشعب
تأسس الجيش الإسرائيلي، الذي أقيم في أيار 1948، على روح “جيش الشعب” النابعة من الإيديولوجية العالمية للدولة القومية الحديثة. في آب 1949، أصدر الكنيست “قانون خدمة الأمن”، والذي نظم كل ما يتعلق بتجنيد المجموعات المختلفة وخدماتها العسكرية. وفي المناقشات حول تجنيد المرأة، انقسم الكنيست إلى معسكرين مختلفين: ممثلو الأحزاب العلمانية وقد أوجبوا تجنيد النساء، بينما تصدى ممثلو الأحزاب الدينية لتجنيد النساء تمامًا، ولم يكتفوا بإعفاء النساء المتدينات فقط.
كان التزام القيادة العلمانية بالمساواة بين الجنسين يرجع إلى التصوّر الاشتراكي، والذي رأى في المجتمع الإسرائيلي نموذجًا لمجتمع العدالة والمساواة أيضًا على المستوى الجنساني. ومع ذلك، فإن معظم الدعم لتجنيد الإناث لم يكن مستمدًا من مقولة المساواة في الحقوق، وإنما تأسس على التصوّر الجمهوري للمواطنة. أثبتت “الإناث”، كما قد قيل، بأنهن يستحققن أن يكنّ جنديات. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ القرار بتجنيد الإناث نشأ لاعتبارات ذرائعية، مثل الاحتياج إلى قوى عاملة، وتم تعزيزه بواسطة الزعم بأن وجود المرأة سيحسّن الروح المعنوية للجنود ومستواهم الأخلاقي.
جيش نسائي؟
إن قرار تجنيد الإناث الإلزامي في إسرائيل لم يغيّر من الطبيعة الذكورية للجيش. فقد ظل الجيش تنظيمًا ذكوريًا، يجسّد الجنس مبدأ رسميًا ومعلنًا فيه. وقد خدمت جميع الإناث (حتى عام 2000)، وخصص لهن فترة مختلفة من الخدمة، ومسارات خدمة منفصلة، والأدوار، وفرص الترقية، والخبرات العسكرية عن الرجال، وذلك اعتمادًا على نموذج الجيش البريطاني.
تعتبر إسرائيل الدولة الوحيدة التي تلزم الإناث، وفقًا للقانون، بالانضمام إلى صفوف الجيش (IDF Flickr)
وتُظهر الدراسة العميقة لتاريخ الخدمة العسكرية للمقاتلات الإسرائيليات، اكتشافات مدهشة حول التغيير الذي حلّ في تجنيد الإناث للجيش وحول الأدوار المتعددة التي شغلنها. القصص عن المقاتلات، الإناث الضباط، الإناث الضباط وهنّ حوامل إذ قاموا بحملة البيريه (وهي حملة شاقة قامت بها الجنديات المقاتلات في الجيش الإسرائيلي، والتي في نهايتها أعطي لهنّ بيريه بلون فريد للفوج أو اللواء)، والإناث برتبة لواء، كل هذه القصص استمرت بالظهور بشكل مدهش.
فعلى سبيل المثال، في “جيش الشعب” الذي أقيم خلال حرب 1948 خدمت نساء ممن أخذن جزءًا من نشاط العمليات بشكل كامل، في ذلك الجيش كانت هناك أدوار قتالية جُعلت للإناث فقط، كالاستخبارات بل والمدفعية.
وقد وُجدت في مجموعات الصور في أرشيف جيش الدفاع الإسرائيلي مواد تشير إلى أن سلاح المدفعية الإسرائيلي في بداية عهده كان مقتصرًا على الإناث في معظمه. وتظهر في الصور النادرة فرق المدفعية الكاملة مكوًنة فقط من الإناث، اللواتي يدرن الموقف دون وجود الذكور وفي حركات بسيطة في الأرجل أطلقن نيران المدفعية صوب قوات العدو. وكانت المدفعية، التي اعتبرت في تلك الأيام جهدًا كبيرًا لإطلاق النار من قبل الجيش الشاب، الصغير وقليل الحيلة، مملكة الإناث. ولا عجب أن سلاح المدفعية هو إحدى المجموعات التي استقبلت الإناث في صفوفها بأذرع مفتوحة مع بداية دمج المرأة في الوحدات الميدانية في السنوات الأخيرة.
سلاح المدفعية الإسرائيلي في بداية عهده كان مقتصرًا على الإناث في معظمه (IDF Flickr)
وفي العقدين الأخيرين، وجنبًا إلى جنب مع التغييرات الاجتماعية التي حلت بإسرائيل والتغيير في هيئة الجيش، حدث تغيير في الموقف تجاه النساء في الجيش؛ إذ فتحت أمامهنّ الأدوار القتالية، وتم توسيع خيارات التقدم والعمل على إدخال تعديلات من أجل تمكين بيئة خدمة تتيح النجاح. في عام 2000، تم حلّ سلاح المرأة التقليدي وأقيم مكانه في دائرة الأركان العامة جناح تقف على رأسه مستشارة رئيس الأركان لشؤون المرأة.
الجندية التي أحدثت تغييرًا في الجيش
عادة ما يعرف أن الجيوش هي مملكة الرجال وأن هناك أبعاد من التمييز. وقد أدى نضال شجاع قادته إحدى الجنديات إلى تغيير انقلابي في أحد أسلحة الجيش الأكثر أهمية في دولة إسرائيل وهو “سلاح الجو”.
مقاتلات الكراكال يخدمن في كتيبة المشاة الوحيدة في الجيش الإسرائيلي التي تقيم خدمة مشتركة ومساوية (IDF Flickr)
في عام 1994 رغبت جندية احتياط غير معروفة في هندسة الطيران واسمها أليس ميلر أن تكون طيارًا في سلاح الجو، ولكن كانت الدورة في ذلك الوقت مفتوحة أمام الذكور فقط. ناضلت ميلر، وتم قبول توجهها للمحكمة العليا، وحكمت مجموعة موسعة من القضاة أن على الجيش أن يساوي بين حقوق النساء والرجال. على الرغم من ذلك، لم تنجح ميلر في اجتياز تصنيفات دورة الطيران، ولكن منذ ذلك الوقت، حدث تغيير كبير وفي كل عام يتم الإعلان عن المزيد والمزيد من سائقات الطيارات اللواتي يصلن إلى رتب قائد سرب وإلى تجربة طيران من الأرقى في العالم.
وبفضل معركة ميلر فإن عدد النساء سائقات الطيارات اليوم أكثر، المقاتلات، جنديات بحرية، ضباط كبار وتقريبا لا يوجد أي مجموعة عسكرية لا تظهر فيها النساء.
قطط الصحراء
حين نراهنّ في الشارع مع الزي الرسمي، الحذاء العالي، السلاح ودبوس المحارب، ننظر إليهن بإعجاب. مقاتلات كتيبة الكاراكال، اللواتي يمثّلن نحو ثلثي مقاتلي الكتيبة، هن جنديات استثنائيات. يخدمن في كتيبة المشاة الوحيدة في الجيش الإسرائيلي التي تقيم خدمة مشتركة ومساوية بين المقاتلين والمقاتلات. في التدريبات، في الكمائن والمعارك ليس ثمة فرق بين الجنسين. فهنا لا يتحدثون عن “الجنس اللطيف” أو عن “الجنس القوي”.
كتيبة الكاراكال هي كتيبة مشاة مختلطة يخدم فيها مقاتلون ومقاتلات (IDF Flickr)
كتيبة الكاراكال هي كتيبة مشاة مختلطة يخدم فيها مقاتلون ومقاتلات، وقد أخذت اسمها من القط الصحراوي الكاراكال؛ المشهور في منطقة وادي عربة، وقد كانت حقل النشاط الأول الذي عملت فيه الكتيبة. وقد تمت معظم عمليات الكاراكال في منطقة جنوبي إسرائيل مع التركيز على الحدود المصرية، خط التماس، منطقة وادي عربة ومنطقة غور الأردن، وتشمل العمليات الكمائن، الدوريات، الملاحقات، المراقبة، تأمين المناطق السكنية وأنشطة أمنية قائمة لمنع تسلل النشاطات الإرهابية والإرهابيين، ومنع التهريب (المخدرات، السلاح). وقد أمسكت كتيبة الكاراكال بعدد غير قليل من الإرهابيين والتهريبات على الحدود المصرية، وساعدت في نشاطاتها جهاز الشاباك.
في عامي 2007 و2008 حققت الكتيبة نجاحات كثيرة في العمليات، يشمل ذلك منع التسلل في الوقت المناسب، القبض على المتسللين الذين دخلوا إلى الجانب الإسرائيلي، اعتقال التجار واكتشاف مخابئ البضاعة المهربة، القبض على الفلسطينيين والإرهابيين الذين حاولوا التسلل عبر الحدود المصرية وكذلك القبض على اللاجئين والمقيمين غير القانونيين. في عامي 2009 و2010 أمسك مقاتلو ومقاتلات الكتيبة بكميات كبيرة من المخدرات، وكذلك بعملاء مطلوبين للشاباك.
السلاح الأساسي لمقاتلات كتيبة الكاراكال هو البندقية الهجومية، وهي من تطوير إسرائيلي، ومن بين أمور أخرى أيضًا، تستخدم قاذفات القنابل والصواريخ المضادة للدبابات ومدافع “ماج”. وتستخدم سيارات فورد، وسيارات جيب من نوع صوفا وأجهزة الاتصالات والمراقبة المتقدمة، بما في ذلك نظارات الرؤية الليلية.
http://www.youtube.com/watch?v=7VgEy7E-QoQ
إنّ رغبة المرأة الإسرائيلية في أن تكون مقبولة في المسارات القتالية، تكلف ثمنًا طبيًا كبيرًا. ففي كتيبة الكاراكال على سبيل المثال يقدر الخبراء أن معظم الإناث المقاتلات يعانين من مشاكل طبية وبشكل عام الإجهاد وفتوق الديسك. معظم الفتيات لديهن طموحات عالية على وجه الخصوص، ويواجهن الفروق الفسيولوجية الكبيرة بين الرجال والنساء، ولا يتلقين دائما أذنا صاغية وفهما من قبل قادتهن. وغالبًا ما ينظر إليهن على أنهن يبالغن في أحسن الأحوال أو يتظاهرن في أسوأ الأحوال. وتزداد حدة المشاكل عندما تحاول الفتيات كبت المشاكل الجسدية ومواصلة القيام بمهمتهن كمقاتلات، أو حين تتأخر الاستجابة الطبية. حتى بعد إطلاق سراحهن من الخدمة العسكرية، ويواصل الكثير من الفتيات المعاناة من الإصابات التي يتعرضن إليها خلال فترة الخدمة.
وفي الحالتين، فإن النساء المقاتلات يواصلن تحدي النظم التقليدية والمعروفة في الجيش الإسرائيلي، ويرسمن الحقائق على الأرض حيث إنه من الصعب على قادة الجيش أن يتجاهلونهن في المستقبل القريب. وقد ازداد النقاش العام في السنوات الأخيرة حول تحويل جيش الشعب إلى جيش أكثر احترافية وذي أبعاد أصغر، وهنا تصر النساء المقاتلات على أن يكنّ جزءًا لا يتجزّأ من ذلك الجيش الاحترافي وذي الجودة الذي سيحدد المستقبل الأمني لإسرائيل.