لا يوجد من يجهل الصوت المتموّج والأغاني المؤثرة، ولكن لا أحد أيضا يجهل الشائعات والشبهات: الأموال، النساء، والمقامرات. أينما ذهبت في إسرائيل، في التلفزيون، في الراديو والإنترنت، فسوف تجد إيال جولان. لا شك أننا نتحدث عن المطرب الأكثر نجاحًا، والأكثر شعبية وغنًى في إسرائيل، ولكن أيضًا الأكثر افتضاحًا في إسرائيل.

إن كنتم قد قابلتم في أواخر سنوات الثمانينات الشاب إيال بيطون من مدينة رحوفوت، لم تكونوا لتتوقعوا أنه بعد مرور ثلاثة عقود سوف تقفون أمام المطرب الأكثر نجاحًا، والأكثر غنًى وشعبية في دولة إسرائيل. حين كان في الرابعة من عمره، انفصل أبواه: داني بيطون ورونيت جميل. وقد نشأ الطفل عند جده وجدته، اللذَين قاما بتربيته كأي ولد في حيّ “مارمورك”، وهو حي ليهود اليمن وسط رحوفوت.

الطفل إيال بيطون (جولان) (Facebook)
الطفل إيال بيطون (جولان) (Facebook)

ويبدو أنّ أكبر أحلامه في تلك السنوات كان تطوير مسيرته الكروية في فريق الحيّ “هبوعيل مارمورك”، والذي لعب فيه إيال منذ أن كان في الثامنة من عمره. في الواقع، حتّى حين أصبح مطربا ناجحًا استمر جولان في اللعب مع الفريق، حتى عام 2002.

ولكن كشاب صغير، أمّن إيال بيطون معيشته في المقام الأول من أعمال التصليح والترميم. مع ذلك، عرفت عائلته أن للشاب إمكانيات جبارة، من المؤسف إهدارها. ففي الحفلات العائلية والنوادي الصغيرة في منطقة سكنه، عرف الجميع صوت العندليب المميّز، الذي يأسر قلب كلّ من يستمع إليه.

أحد عروضه التي لا تُنسى في تلك الفترة، والتي تم الكشف عنها مجددا فقط بعد أن أصبح مشهورًا، هو أداؤه لأغنية “له لا يزيد أكثر” والتي قام جولان بغنائها بالعربية.

الانطلاق إلى الشهرة

كل مطرب شرقي في إسرائيل تقريبًا يمر بهذه المحطة في حياته: تحوّل الاسم الأصلي والعربي إلى اسم يخاطب جميع الجمهور الإسرائيلي. هكذا تحوّل زوهار عُرقبي إلى زوهار أرجوف، وشمشون طويلي إلى شيمي تافوري، وكذا أيضا تحول إيال بيطون إلى إيال جولان. ولكن الطريق إلى النجاح كان صعبا وطويلا، فقد قضى إيال معظم وقته في العروض بالنوادي الصغيرة والمعزولة، وبشكل أساسي باعتباره مطربا تمهيديًّا للمطربَين الأكثر شهرة في تلك الفترة: يشاي ليفي وناتي ليفي.

المطرب إيال جولان (Gideon Markowicz/Flash90)
المطرب إيال جولان (Gideon Markowicz/Flash90)

اليوم من الصعب تذكر ذلك، ولكن في إسرائيل ما قبل 20 عامًا كان من الصعب جدّا على مطرب شرقي أن يصبح في قلب اهتمام وسائل الإعلام، التي كانت تحت سيطرة المهاجرين مِن أوروبا بشكل مُطلق، الذين سخروا من هذا النمط واستعلوا عليه. قد بذل إيال جولان الكثير من الجهد في ألبومه الأول “لحيشاه بليلاه” (همسة في الليل)، الذي صدر عام 1995 وتم تمويله تقريبا بشكل كامل من جيبه الخاص. في تلك الفترة دعمه نادي كرة القدم هبوعيل مارمورك ماديًّا. ولكن الألبوم مُني بالفشل، وتجاهلته وسائل الإعلام.

ورغم أن الاسم إيال جولان كان معروفًا لدى جميع عاشقي الموسيقى الشرقية في إسرائيل، لكنّ الجمهور الأوسع لم يعرفه. كان يحتاج إلى مساعدة، إلى مَن يقفز به للانطلاق. وجاءت المساعدة عبر فرقة “أتنيكس”، وهي إحدى الفرق الناجحة في إسرائيل في سنوات التسعينات، التي بحثت عن مطرب من النمط الشرقي تستطيع أن تدفعه قُدُمًا. وهكذا جاءت قفزة الانطلاق.

إحدى الأغاني الشهيرة الباقية في الذاكرة أكثر من أيّة أغنية أخرى من تلك الحقبة هي أغنية “تسئي إِل هحالون” (أطلّي من الشبّاك):

هذه الأغنية، مع أغانٍ شهيرة أخرى مثل “ليف شل جيفر” (قلب رجل) و”بلعادايِخ” (بدونك)، أوصلت صوت إيال جولان إلى كل بيت في إسرائيل. لم يكن بمقدور أحد أن يتجاهله أكثر، وفي عام 1997 كان إيال جولان المطرب الشرقي الأول الذي يفوز بلقب “مطرب العام” من الإذاعة الناجحة “الشبكة ج”. من ذلك الوقت فصاعدًا، أصبحت كل أغنية لجولان أغنية مشهورة، وبيعت من كل ألبوم عشرات الآلاف من النسخ.

بعد مرور عام، كرّر جولان ذات الإنجاز، وفاز مرة أخرى بلقب “مطرب العام”. ومنذ ذلك الوقت، فاز جولان بهذا اللقب لثماني سنوات أخرى. خلال العقد الماضي، وصلت سبع عشرة من أغاني جولان إلى قائمة أشهر الأغاني الإسرائيلية السنوية، أكثر من أي مطرب أو فرقة في إسرائيل. عام 2010، تم تتويج جولان باعتباره “مطرب العقد” في إسرائيل، ودعيَ كذلك ليمثُل أمام جمهور كبير في قاعة “أوليمبيا” بباريس.

ولكن رغم محبة الجمهور، كان هناك في الإعلام الإسرائيلي من رفض قبول نجاح إيال جولان أو نجاح المطرب الشرقي بشكلٍ عامّ.  ففي احتفال توزيع جوائز قناة الموسيقى الإسرائيلية لعام 2007، صعد إيال جولان إلى المنصة واحتج على أنه لا يوجد أي مطرب أو أغنية شرقية حصلا على مجرد ترشيح . قال: “إنّ عدم وجود أيّ ممثّل للطرب الشرقي ليس أمرًا جيّدًا”، هذا ما قاله جولان الذي ارتدى قميصا، عليه كتابة احتجاجيّة.

ملكات الجمال وباقي الأميرات

ميري بوهادنة (Moshe Shai/Flash90)
ميري بوهادنة (Moshe Shai/Flash90)

كُلَّما ازداد نجاح إيال جولان الموسيقيّ، ازدادت كذلك الشائعات حول علاقاته مع النساء.  في أواخر التسعينات، أشيع أن جولان على علاقة مع التي اعتبرت في ذلك الوقت المرأة الأكثر جاذبية في إسرائيل: ميري بوهدنا. ولكن العلاقة بينهما لم تطُل، وعام 2002 تزوج من صديقة ميري، إيلانيت ليفي، التي فازت قبل ذلك بوقت قصير بلقب ملكة جمال إسرائيل. وقد وُلد لهما طفلان: الطفل ليام، والطفلة ألين.

في الظاهر، كان يبدو أنه لا توجد هناك علاقة أكثر كمالا من ذلك: ملك الموسيقى وملكة الجمال. بل إن جولان قد أهدى لزوجته أغنية “ملكة جمالي”، التي نجحت بشكل كبير. ولكن عام 2008، بدأت تنتشر شائعات حول أزمة في علاقة إيال وإيلانيت. انتشرت الشائعات.

جولان مع إيلانيت ليفي واطفالهما (Facebook)
جولان مع إيلانيت ليفي واطفالهما (Facebook)

وما ساعد على نشر الشائعات مقابلة قال فيها جولان عن زوجته “أيضًا إن كنت تأكل كل يوم شريحة لحم أنتريكوت، فأحيانًا ترغب بشطيرة خبز مع شوكولا”. بدا أيضًا أنه حتى ملكة الجمال لم تكفِ لإشباع شره إيال جولان إزاء النساء. فبعد مرور عدة أشهر على المقابلة، انفصل جولان وليفي.

روسالنا رودينا (Instagram)
روسالنا رودينا (Instagram)

منذ ذلك الحين حتى اليوم، استبدل جولان عدة رفيقات، تحولن إلى نجمات في أعمدة القيل والقال. أسماء مثل: كماورلي دانيال، تاتوم ميرندا، روسالنا رودينا، كيم آدري، ميخال أمدورسكي، وباولينا ألبرشتاين هي جزء من القائمة الطويلة.

في السنوات الأخيرة، يقترب جولان أكثر فأكثر إلى نمط الغناء اليوناني. استمعوا إلى أغنيته الشهيرة التي أصدرها سوية مع المطرب تريفوناس:

أكثر من مجرد مطرب

يجلب النجاح معه المال، الشهرة، ومحبة الجمهور. بعد الطلاق، انتقل جولان إلى منزل في أحد الأبراج الفاخرة في تل أبيب. وإلى جانب مهنة الغناء، تحول جولان كذلك إلى مقدم برامج ناجح في البرنامج الغنائي “إيال جولان يناديك” وإلى حكمٍ في برنامج “النجم القادم”. حتّى إن العِطر على اسم إيال جولان أصبح منتجًا مطلوبا على رفوف المحالّ التجاريّة في إسرائيل.

ووفقا لمجلة “فوربس”، فإن إيال جولان هو المطرب الأكثر غنًى والأكثر ربحًا في إسرائيل، إذ ربح 17.2 مليون شاقل خلال عام 2012. يبعث نجاح جولان على التباهي، وفي حوزته العديد من السيارات الحديثة مثل أودي TT، فان كبير وبداخله حانة وأرائك يذهب فيه إلى العروض، ودراجة نارية فاخرة من طراز جويمكس 125 سم مكعب.

إيال جولان وصديقته بار رفائيلي (Facebook)
إيال جولان وصديقته بار رفائيلي (Facebook)

كعادة المشاهير، اعترضت شائعات كثيرة طريق جولان أيضًا. “قالوا عنّي إنّي مثليّ الجنس، مدمن على المخدرات، مقامر، ومدمن على الكحول”، هذا ما قاله إيال جولان بعد أن أوقفته الشرطة بسبب قيادته للسيارة في وضعية سُكر وسحبت منه رخصة القيادة. “الناس لا يعلمون ما يحدث لي، لذلك يخترعون التفاهات”.

“أنا لا أقول إنني لا أذهب إلى الكازينو”، قال جولان لصحيفة “يديعوت أحرونوت” حول مشكلة المقامرة التي نُسبت إليه. “أقدّم حفلاتٍ في الرحلات البحريّة، وأستمتع في المقامرة هناك. 500 دولار، ألف دولار، بل حتى ألفا دولار. إنّها نقودي”. وذُكر مؤخرا أنه بسبب التزامات بالمقامرة، أحيى إيال جولان حفلات مجّانية في رحلات بحريّة خرجت من إسرائيل إلى اليونان وتركيا.

استمعوا إلى “زيه أني” (هذا أنا)، أغنية العام في إسرائيل لعام 2009:

لكن إلى جانب أعمدة القيل والقال، فإن إيال جولان صاحب مكان ثابت إلى حدّ ما في الأعمدة الجنائية في الصحف. فعام 2011، اعتُقل جولان وأفرج عنه بكفالة وبشروط تقييدية، وذلك بعد أن اشتبه فيه بالتهرب من دفع الضرائب على ما يزيد عن مليون شاقل، وبعد ذلك الحين وُجّهت إليه لائحة اتّهام في هذا الموضوع.

ولكن شيئا لم يُعدّ إيال جولان للفضيحة التي انفجرت قبل نحو شهرَين، إذ اكتُشف أنّ جولان شارك في حفلات جنسية  قيل إنه قام خلالها بتعاطي المخدّرات وممارسة الجنس مع قواصِر.وقد انفجرت الفضيحة بعد أن أبلغت فتاة عمرها 15 عامًا شرطة تل أبيب أنها أقامت علاقة جنسية بالموافقة مع جولان في عدة فرص مختلفة.

المطرب إيال جولان مع الرئيس بيريس ورئيس الوزراء نتنياهو في احتفال عيد ميلاد بيريس (Kobi Gideon/GPO/FLASH90)
المطرب إيال جولان مع الرئيس بيريس ورئيس الوزراء نتنياهو في احتفال عيد ميلاد بيريس (Kobi Gideon/GPO/FLASH90)

ولكنّ الاشتباهات الأعنف وُجّهت إلى والد جولان، الذي اعتاد كما يبدو على إقناع الفتيات بممارسة الجنس معه باعتباره والد إيال جولان، وقدّم للفتيات هدايا باهظة مقابل ممارسة الجنس. وكشفت التسجيلات التي وصلت إلى الشرطة بأنّ والد جولان كان سمسارا للفتيات كما يبدو. “أحضرتُ معي عدة فتيات، من الجليّ أنّهنّ صغيرات. في جيل 17 عامًا. بنات جميلات، لا تقلق”، هذا ما تم تسجيله لوالد جولان وهو يتحدث مع مُشارِك آخر في الفضيحة.

حسب مزاعم جولان، لم يكن يعلم بأن الفتيات اللواتي شاركنَ في الحفلات كنّ قاصرات. كما لم يتطرق إلى لمزاعم التي تقول إنه تعاطى المخدّرات مع الفتيات. ولكن كما يبدو، فإن جولان لن يمثل أمام القانون، بل سيُحاكَم والده فقط على أفعاله. على أية حال، ما زال جمهوره يكنّ له الحبّ ويحضر حفلاته. لا يهم بماذا اشتُبه به، فما هو أكيد أنّ رواج إيال جولان ما زال في تصاعد مستمر، كما كان منذ 20 عامًا.

اقرأوا المزيد: 1357 كلمة
عرض أقل