وتروي المجلة في احد اعدادها بالصور قصة عملية قام بها عنصر في الحزب عبر تفجير عبوة بدورية اسرائيلية في قريته المحتلة في جنوب لبنان. وحملت القصة عنوان “كن واعدا صادقا”، نسبة الى الاسم الذي اطلقه حزب الله على عملية اسر جنديين اسرائيليين في 2006 ردت عليها اسرائيل بحرب مدمرة.
عامر بطل قصة اخرى. يبلغ والدته انه ذاهب لتنفيذ “عملية استشهادية”، ويتفق معها على عدم اخبار والده. يقتل ويجرح عامر 25 ضابطا وجنديا اسرائيليا في عمليته، وتبقى هويته مجهولة حتى العام 2000 حين يكشفها الامين العام لحزب الله حسن نصر الله.
ويقول عباس شرارة المدير العام لمجلة “مهدي” لوكالة فرانس برس ان “جزءا من دورنا التربوي يقوم على ان نجعل الاولاد يعتادون على المقاومة (…) نحن نريد ان نربي اولادنا على هذه القيمة”.
ويضيف “نحن لا نشجع على حمل السلاح لكننا نعرفهم على المقاومة وقيمة المقاومة (…) ونحاول ان نريهم المقاومة وانجازاتها. نقول لهم انه مثلما هؤلاء الكبار قاوموا وانتصروا، فانتم ايضا يمكنكم ان تقاوموا وتنتصروا بدءا من اهتمامكم بتعليمكم”.
ويملك حزب الله ترسانة ضخمة من الاسلحة، وهو التنظيم السياسي الوحيد الذي احتفظ بسلاحه في لبنان اثر انتهاء الحرب الاهلية (1975-1990) بحجة مقاومة اسرائيل. لكنه ايضا حزب سياسي وقوة اجتماعية نافذة، يدير شبكة واسعة مؤسسات تربوية ومستشفيات ومراكز صحية وحتى مؤسسات مالية. ويتهمه خصومه بانه يشكل “دولة ضمن الدولة”.
وتحمل مجلة “مهدي” اسم الامام الثاني عشر لدى الشيعة وتصدرها جمعية “كشافة المهدي” التابعة لحزب الله منذ العام 2003 عندما كانت تطبع بشكل متقطع، قبل ان تتحول الى مجلة شهرية ثابتة في 2007.
تقني يتولى اعداد احدى صفحات مجلة مهدي في بيروت (AFP)
ومنذ بداية السنة الحالية، اصبحت هذه المجلة التي تبيع نحو 30 الف نسخة شهريا (ثمن النسخة نحو ثلاثة دولارات) معظمها عبر اشتراكات، تصدر في ثلاثة اجزاء متخصصة بفئات عمرية مختلفة: اربع الى سبع سنوات، و8 الى 12 سنة، و13 الى 17 سنة.
وتملأ القصص المصورة التي تدور حول “المقاومة” والعمليات ضد اسرائيل، صفحات المجلة. ويلفت ان هناك ابوابا ثابتة فيهما، هي “قائد الامة”، و”ذات يوم”، و”أجمل قائد” تتضمن احاديث ومقتطفات من حياة الامام الخميني ومرشد الجمهورية الاسلامية علي خامنئي.
ونشأ حزب الله في العام 1982 بدعم من طهران ويقيم معها روابط ثقافية ودينية وسياسية وعسكرية ومالية.
وتقول زهراء (ثمانية اعوام) التي ولدت خلال حرب العام 2006 بينما كان والدها يقاتل في صفوف حزب الله “احب قراءة مجلة مهدي لان فيها قصص عن المقاومة والعاب مسلية”.
وتضيف الفتاة المحجبة “احب قصص الائمة التي يتحدثون فيها عن النصر”.
والى جانب القصص المصورة، تتضمن “مهدي” لعب تركيب القطع التي يحمل بعضها صور مقاتلين بأسلحتهم تحت راية “يا حسين”، ثالث ائمة الشيعة، وقبة الصخرة في القدس، ومقام السيدة زينب في دمشق.
ويقول شرارة “نحن لا نستحي بالمقاومة ولا نعتبرها نقطة سوداء، بل هذا ادنى الواجب الذي يمكن ان نقدمه على المستوى التربوي لهذه المقاومة التي قدمت اكبر التضحيات”.
اعداد من مجلة مهدي في بيروت (AFP)
ويستدرك “لكن من الظلم ربط المجلة بهذا الموضوع فقط، فالمجلة لديها جهد تربوي جبار يتعلق بكل المواضيع التي تنمي المعرفة”، و”اهدافها بشكل عام ثلاثة: التسلية، وزيادة المعرفة، والاهتمام بالمطالعة”.
وبالفعل، تتضمن المجلة مواضيع عن مفكرين وادباء وعلماء، وعن الفصول ومناسبات اجتماعية مثل عيد الام، انما ايضا مواضيع دينية عن ولادة النبي محمد وعاشوراء وولادة الامام المهدي.
لكن، حتى في القسم الذي يتضمن العابا لتنمية حس الملاحظة وللتسلية، يتم استخدام ادوات خاصة ب-“المقاوم”.
هكذا، وفي خانة التسلية، يطلب احد الاعداد ال11 الخاصة بالفئة العمرية من اربع الى سبع سنوات، من الطفل ان يلوِّن “الاشياء التي يستعملها المقاوم” وبينها ذخيرة واسلحة رشاشة.
بينما تطلب لعبة اخرى منه ان يرسم “كيفية السير بين الالغام”.
وتقول فاطمة شرف الدين، كاتبة ادب الاطفال والناشئة، ان التركيز في المجلة “على الهوية الدينية دون ذكر واضح للهوية اللبنانية (…) يجعل انتماء الطفل الشيعي طاغيا على انتمائه الوطني”.
وتضيف ان المجلة “تذهب بعيدا في جعل السلاح والعنف جزءا من مخيلة الطفل ومن حياته اليومية، وهو امر علينا ان نعي خطورته”.
وليست “مهدي” الرابط الوحيد للتسلية والمعرفة، بالسياسة والمقاومة، لدى حزب الله.
فعلى موقع “العب وقاوم” التابع للحزب، هناك “مجموعة من الالعاب تجسد قصة المقاومة وعملياتها وردها على اجرام وارهاب العدو الصهيوني”، بحسب القيمين على هذا الموقع.
وبين هذه الالعاب “مقبرة الغزاة”، وهي لعبة تقوم على اصابة جندي اسرائيلي بالرصاص، ودفعه بذلك نحو بيت للعنكبوت.
وكتب على بيت العنكبوت “اسرائيل ستزول حتما”.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني