إنّ نيّة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في أن يمرّر في الكنيست الإسرائيلي القانون الأساسي للدولة اليهودية، تهدّد سلامة حكومته في أعقاب اعتراضات على الاقتراح من داخل الائتلاف.

وقد أعلنت وزيرة العدل ورئيسة حزب “الحركة”، تسيبي ليفني، بأنّها ستعارض اقتراح القانون وأوضحت أنها لن توافق بأي شكل من الأشكال على “المسّ بالقيم الديمقراطية لدولة إسرائيل”. وتتلقّى ليفني هذه الأيام انتقادات كثيرة داخل إسرائيل لكونها مستمرة في منصبها كوزيرة للعدل داخل حكومة نتنياهو، رغم فشل المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية، ولذلك فهي تشعر بحاجة لحماية القيم الديمقراطية التي التزمت بها خلال حملتها الانتخابية.

أوضحت ليفني بأنّها ستعمل على تجميد اقتراح القانون في لجنة الوزراء لشؤون التشريع، وهي اللجنة التي يتناقش فيها ممثّلو الائتلاف ويقرّرون أي اقتراحات قوانين ستُطرح وستُمرّر في الكنيست وأيها لا. وبالإضافة إلى ليفني، فأعرب وزير المالية، يائير لبيد، أيضًا في محادثات مغلقة عن معارضته لاقتراح القانون الذي طرحه نتنياهو، ويبدو أنّه سيعمل هو كذلك ضدّه. إضافة إلى ليفني ولبيد، فقد أثار اقتراح القانون انتقادات حادّة لدى أحزاب المعارضة في الكنيست.

وكما ذكرنا فقد أعلن نتنياهو أمس عن نيّته بتقدّم قانون الأساس، والذي في إطاره ستعرّف دولة إسرائيل بأنّها دولة الشعب اليهودي. وإذا مرّ هذا القانون، فسيكون ذو أهمية ضخمة داخل إسرائيل وخارجها. بداية، فإنّ دولة إسرائيل تعرّف نفسها اليوم باعتبارها “دولة يهودية وديمقراطية”. وقد أجريتْ العديد من الدراسات الأكاديمية في مسألة تعريف الدولة ودلالة التعريف المضاعفة، لأنّه ظاهريًّا هناك صعوبة في الدمج بين كلا التعريفَين.

وزيرة العدل تسيبي ليفني (FLASH90)
وزيرة العدل تسيبي ليفني (FLASH90)

بالإضافة إلى ذلك، لوجود “المنطقة الرمادية”، وغياب التعريف الدقيق الذي يوضّح نهج الدولة في حالة تصادم كلا التعريفين، تنظر المحكمة العُليا في قضايا عديدة وفقًا لتقديرها واعتمادًا على التفكير المنطقي، من خلال اعتبار كلا التعريفَين. قبل بضعة شهور، تمّ تكليف البروفيسور روت جبيزون، والتي تعتبر إحدى الشخصيات الأكثر خبرة في القضاء الإسرائيلي، بدراسة عميقة حول موضوع الدولة اليهودية والديمقراطية، ودراسة كيفية وإمكانية صياغة اقتراح قانون واضح يحافظ على التوازن بين التعريفين.

إذا ما تمّ تمرير قانون الأساس للدولة اليهودية، سيضع بشكل ملحوظ القيم اليهودية للدولة في موضع أفضلية أعلى من سائر قيمها الديمقراطية. ستشكّل هذه الخطوة نوعًا من “الانقلاب” الذي سيتمّ فعلا دون علاقة بدراسة جبيزون، والتي تدرس التعريف بتفاصيله الدقيقة. بالإضافة إلى ذلك، أوضح نتنياهو أمس بأنّه من غير المرتقب أن يضرّ هذا القانون بالأقليّة العربية من سكّان إسرائيل.

وعلى الجانب الآخر، فسيكون لاقتراح القانون دلالة تصريحية مهمّة خارج إسرائيل: سيوضّح هذا القانون أنّ إسرائيل تعلن عن نفسها كدولة قومية للشعب اليهودي، الدولة التي هي وطن جميع اليهود في العالم، بطريقة ما تُجبر دول العالم على التصدّي للقانون. عند هذه النقطة، يجب أن نذكر بأنّ المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية، التي لم تنهر بعد، تعثّرت عند هذه النقطة، وذلك حين أصرّ نتنياهو على أن تعترف الدولة الفلسطينية بدولة إسرائيل باعتبارها دولة الشعب اليهودي، لكن رفض ذلك رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بشدّة.

إنّ فشل المفاوضات، إلى جانب اقتراب يوم الاستقلال الـ 66 لدولة إسرائيل؛ أجبرا نتنياهو على أخذ زمام المبادرة والتقدّم بخطوة ما في اتجاه المحادثات. هكذا، يستطيع نتنياهو أن يمنح مواطنيه “هدية الاستقلال” بصورة إعلان كهذا، حيث إنّه في الوقت نفسه لا يزال متحصّنًا بمواقفه قبيل استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، والذي من المتوقّع – وفقًا لمسؤولين أمريكيين – أن يحدث في غضون بضعة شهور أو بدلا من ذلك فقد بدأ فعلا في قنوات سرّية.

اقرأوا المزيد: 504 كلمة
عرض أقل