رفيف دروكير

كشف مكالمات نتنياهو مع "إسرائيل اليوم".. إنجاز إعلامي أم انزلاق خطير؟ (Flash90)
كشف مكالمات نتنياهو مع "إسرائيل اليوم".. إنجاز إعلامي أم انزلاق خطير؟ (Flash90)

كشف مكالمات نتنياهو مع “إسرائيل اليوم”.. إنجاز إعلامي أم انزلاق خطير؟

الإنجاز الإعلامي الذي سجله الصحفي الإسرائيلي أفيف دروكر، بإرغام نتنياهو كشف محادثاته مع محرر صحيفة "إسرائيل اليوم" في الماضي، قد يتحول إلى إخفاق في حال توسعت المطالبة بكشف المحادثات بين السياسيين والإعلاميين

نقل بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية، أمس (الأحد) إلى الصحفي في القناة العاشرة، رافيف دروكر، تفاصيل حول موعد المحادثات التي أجراها مع ناشر صحيفة “إسرائيل اليوم”، الملياردير اليهودي، شيلدون أديلسون، ومحرر الصحيفة سابقا، عاموس ريغيف، هذا وفق قرار المحكمة العُليا في الشهر الماضي. تُعد صحيفة “إسرائيل اليوم” الناطقة باسم نتنياهو، وباسم الحكومة اليمينية برئاسته.

الصحفي الإسرائيلي، رافيف دروكر (Flash90/Yonatan Sindel)
الصحفي الإسرائيلي، رافيف دروكر (Flash90/Yonatan Sindel)

ويتضح من توثيق المحادثات أن خلال الحملة الانتخابية عام 2013 تحدث نتنياهو مع عاموس ريغيف، محرر صحيفة “إسرائيل اليوم”، التي تُوزع بملايين النسخ مجانا في أنحاء إسرائيل، 15 مرة خلال 19 يوما، أي كل يوم تقريبا.

وفق أقوال دروكر، الذي يُعد ناقدا لاذعا لحكومة نتنياهو، فإن جزءا من هذه المحادثات جرى في منتصف الليل، في الساعات الحاسمة قبل كتابة العناوين الرئيسية في الصحيفة التي ستُنشر في اليوم التالي. في يوم الانتخابات، تحدث نتنياهو، ريغيف، وأدلسون، عدة مرات للتوصل إلى عناوين وفق ما يراه نتنياهو مناسبا.

وتطرق جزء من العناوين التي نُشرت أثناء الحملة الانتخابية، من بين أمور أخرى، إلى حزب “البيت اليهودي” الذي يعد العدو اللدود لحزب الليكود، حزب نتنياهو. تطرق أحد العناوين الذي ورد في الصحيفة باستخفاف إلى حزب “البيت اليهودي” ومعاملته مع النساء وهكذا كان عنوان المقال الذي كتبه “حزب البيت اليهودي ضد النساء”. وفقًا للاشتباه، حاول نتنياهو مهاجمة رئيس الدولة، رؤوفين ريفلين، أيضًا. كانت هناك شكوك أن ريفلين يسعى إلى دفع حكومة اليسار دون تدخل نتنياهو ولهذا ورد في الصحيفة مقال تحت عنوان: “سيعمل رئيس الدولة كل ما في وسعه ليشكل اليسار الحكومة”. كما وعملت الصحيفة ضد رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما وعلى ما يبدو بإشراف نتنياهو، لأنه ماذا يمكننا أن نستنج من العنوان: “يحاول أوباما التدخل في الانتخابات في إسرائيل”.

وعندما طلب نتنياهو إلقاء خطاب في الكونغرس ضد الاتّفاق النوويّ الذي ترأسه الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، ورد في اليوم التالي مقال في الصحيفة تحت عنوان: “نتنياهو يرد على أوباما: “مواطنو إسرائيل هم الذين يقررون”.

شيلدون أديلسون (AFP)
شيلدون أديلسون (AFP)

ونُشرت معطيات حول المحادثات بعد صراع قضائي دام عامين بادر إليه دروكر والقناة العاشرة ضد نتنياهو. في الأسبوع الماضي، رفع نتنياهو منشورا حول الموضوع وادعى أنه على علاقة طيبة مع أديلسون، وأن المكالمات مع ريغيف كانت مكالمات روتينية كما يجري كل سياسي مكالمته مع محرري الصحف والمسؤولين عن نشرها.

والخطر الكامن في الإجراء القضائي برئاسة القناة الإخبارية العاشرة والصحفي دروكر هو أن رئيس الائتلاف، دافيد بيتان، يطالب الآن الكشف عن تفاصيل المكالمات منذ فترة ولاية رؤوساء الحكومة السابقين مثل إيهود أولمرت، أريئيل شارون، وإيهود باراك مع محرري الصحف ودور نشر صحيفة “يديعوت أحرونوت”، “هآرتس”، و “معاريف”.

بعض الجرائد الإسرائيلية: "ماكور ريشون"، "يسرائيل هايوم"، "يديعوت أحرونوت" و"هآرتس"
بعض الجرائد الإسرائيلية: “ماكور ريشون”، “يسرائيل هايوم”، “يديعوت أحرونوت” و”هآرتس”

وهناك خطر كامن إضافي وفق أقوال ناحوم برنيع، المحلل في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، وهو أنه في المرحلة التالية هناك من سيطالب بالكشف عن مصادر صحفية ولن يكتفي بالكشف عن وتيرة المحادثات بين رؤساء الحكومة ودور النشر ومحرري الصحف. هناك أهمية كبيرة في الديمقراطية من أجل ضمانها فيما يتعلق بحرية المعلومات والحفاظ على سرية المصادر الصحفية في وسائل الإعلام.

اقرأوا المزيد: 439 كلمة
عرض أقل
عمير بيرتس، إيهود أولمرت ودان حالوتس (DAVID FURST / AFP)
عمير بيرتس، إيهود أولمرت ودان حالوتس (DAVID FURST / AFP)

“أربعون قتيلا مدنيّا أفضل من جنود مقتولين”؟ جروح حرب 2006 تُفتح من جديد في إسرائيل

حالوتس يتّهم جنرالاته، بيرتس يتّهم الجيش وأولمرت يفضّل تذكّر الإنجازات وليس الفشل. تحقيق صحفي للقناة العاشرة الإسرائيلية ومقابلات عميقة مع القادة الإسرائيليين الثلاثة في حرب لبنان، يكشف عن عمق الأزمة في القيادة الإسرائيلية

“الإخفاق كبير وخطير”، هكذا عرّفت لجنة التحقيق برئاسة القاضي إلياهو فينوغراد حرب لبنان الثانية، التي هزت إسرائيل ولبنان في صيف عام 2006. والآن، بعد تسع سنوات من ذلك الصيف القاسي الذي قُتل فيه نحو 1,000 لبناني، من بينهم نحو 700 مقاتل من حزب الله، و 165 إسرائيليًّا، من بينهم 121 جنديًّا في الجيش.

اطلاق صواريخ الكاتيوشا صوب المدن الإسرائيلية خلال حرب لبنان الثانية (AFP)
اطلاق صواريخ الكاتيوشا صوب المدن الإسرائيلية خلال حرب لبنان الثانية (AFP)

في الذاكرة التاريخية لإسرائيل، كانت هناك ثلاث شخصيات هي الأهم، وهي التي قادت إسرائيل إلى لما اعتُبر حربًا فاشلة: رئيس الحكومة حينذاك إيهود أولمرت، وزير الدفاع عمير بيرتس ورئيس أركان الجيش دان حالوتس.

الصحفي رفيف دروكر (Moshe Shai/Flash90)
الصحفي رفيف دروكر (Moshe Shai/Flash90)

بعد مرور تسع سنوات نقل الثلاثة للصحفي رفيف دروكر من القناة العاشرة الإسرائيلية شهاداتهم حول تلك الحرب، في إطار برنامج التحقيقات “المصدر” (لا علاقة بين البرنامج وبين موقع المصدر).

الأمر الأكثر بروزا هو ما مرّ به هؤلاء الثلاثة منذ الحرب: تم الحكم على أولمرت، الذي كان رئيسا للحكومة، بعقوبة السجن بعد إدانته بقضايا فساد. استمرّ بيرتس في طريقه السياسي وهو يتولّى الآن منصب عضو كنيست معارض، ويطوّر حالوتس حياته المهنية في عالم الأعمال.

اعتُبر كل واحد من هؤلاء الثلاثة في ذلك الوقت غير مناسب للمنصب الذي استلمه

اعتُبر كل واحد من هؤلاء الثلاثة في ذلك الوقت غير مناسب للمنصب الذي استلمه. اعتُبر أولمرت سياسيا ماكرا، والذي لم يكن ليصل إلى منصب رئيس الحكومة لولا مرض رئيس الحكومة أريئيل شارون الذي كان أولمرت نائبا له. اعتُبر عمير بيرتس زعيم عمّال لا يفهم شيئا في الشؤون العسكرية والأمنية، وقد وصل إلى منصبه بسبب مكر أولمرت السياسي. في حين أن حالوتس، الذي كان قائدا لسلاح الجو الإسرائيلي، اعتُبر طيّارا متعجرفا لا يفهم شيئا في الشؤون العسكرية “الحقيقية”.

اعتُبر أولمرت سياسيا ماكرا، والذي لم يكن ليصل إلى منصب رئيس الحكومة لولا مرض رئيس الحكومة أريئيل شارون (Olivier Fitoussi/Flash90)
اعتُبر أولمرت سياسيا ماكرا، والذي لم يكن ليصل إلى منصب رئيس الحكومة لولا مرض رئيس الحكومة أريئيل شارون (Olivier Fitoussi/Flash90)

يجلس الصحفي دروكر على مدى ساعات أمام كل واحد من هؤلاء الثلاثة، وحصل منهم في المرة الأولى على روايتهم الكاملة عن الحرب المؤلمة، والتي جُرّت إليها إسرائيلي في أعقاب اختطاف جنديّي احتياط على الحدود الإسرائيلية اللبنانية. كشف أولمرت للمرة الأولى أنّه كان يعلم بأنّ أحد المختطفَيْن قد قُتل، وبأنّه كان واضحا بالنسبة له منذ اللحظة الأولى بأنّه لا يمكن لعملية عسكرية أن تُعيد كلا المختطفَين إلى إسرائيل.

اعتُبر عمير بيرتس زعيم عمّال لا يفهم شيئا في الشؤون العسكرية والأمنية (Olivier Fitoussi/Flash90)
اعتُبر عمير بيرتس زعيم عمّال لا يفهم شيئا في الشؤون العسكرية والأمنية (Olivier Fitoussi/Flash90)

حاول كل واحد من الثلاثة، إلى حدّ كبير، بأنّ يشرح لماذا هو ليس مسؤولا عن الفشل في الحرب.

اتّهم بيرتس حالوتس بأنّه لم يرغب بتجنيد قوات الاحتياط في الجيش منذ اليوم الأول وأضاف بأنّ الجيش قد أرسل رسالة كاذبة بأنّ مدينة بنت جبيل قد احتُلّت، في حين أنّ الأمر لم يتمّ إطلاقا.

ومن جهته، اتّهم حالوتس الجيش الإسرائيلي الذي كان تحت قيادته بأنّه لم ينفّذ أوامره الصريحة. ومن بين أمور أخرى، اتّهم حالوتس ضبّاطا آخرين، بأنّهم أصيبوا بخيبة أمل عندما تمّ تعيينه رئيسًا للأركان مكانهم، ولذلك كانوا معادين له. بل وألمح حالوتس إلى أنّه رغم قيادته للعملية، لم تكن لديه القدرة للتستّر على أخطاء القادة الميدانيين.

بينما قال أولمرت بأنّه صُدم بأن يكتشف أنّ القادة، الذين كان يُفترض بهم أن يكونوا في الجبهة، قد بقوا في الجبهة الداخلية وقادوا العملية من الخلف.

اعتُبر حالوتس، الذي كان قائدا لسلاح الجو الإسرائيلي طيّارا متعجرفا لا يفهم شيئا في الشؤون العسكرية "الحقيقية" (Olivier Fitoussi/Flash90)
اعتُبر حالوتس، الذي كان قائدا لسلاح الجو الإسرائيلي طيّارا متعجرفا لا يفهم شيئا في الشؤون العسكرية “الحقيقية” (Olivier Fitoussi/Flash90)

سعى كلّ من أولمرت، بيرتس وحالوتس إلى التأكيد على أنّ الإنجاز الأكبر – وربما الوحيد لإسرائيل – في هذه الحرب، هو تدمير صواريخ الفجر بعيدة المدى والتي كانت بحوزة حزب الله في 68 موقعًا

سعى كلّ من أولمرت، بيرتس وحالوتس إلى التأكيد على أنّ الإنجاز الأكبر – وربما الوحيد لإسرائيل – في هذه الحرب، هو تدمير صواريخ الفجر بعيدة المدى والتي كانت بحوزة حزب الله في 68 موقعًا. أشاد أولمرت بسلاح الجوّ وقال: “لا أعتقد أنّ أي سلاح جوّ في العالم كان قادرا على القيام بذلك”، بينما اعترف حالوتس قائلا: “منحتنا العملية الأولى ثقة بأنّه يمكن التعامل مع الصواريخ بعيدة المدى، ولكن كان واضحا لنا بأنّنا لا نزال متورّطين مع صواريخ الكاتيوشا قصيرة المدى”. وأضاف حالوتس: “ظنّنا بأنّنا أقل تورّطا ممّا اتضّح بالفعل”.

إذا كان الأمر كذلك، فقد تحدّث حالوتس بصراحة بأنّ إطلاق صواريخ الكاتيوشا قد فاجأ إسرائيل بشكل سلبي، وكان أكبر ممّا كان يُتوقّع منه. فضلًا عن ذلك، قال حالوتس إنّه ربّما تكون القيادة قد أخطأت حين لم تغتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله منذ 12 تموز عام 2006، فيما اعتُبر ظهوره العلني الأخير.

تحدّث حالوتس عن مكالمة مع قائد لواء الشمال في الجيش الإسرائيلي، اللواء أودي آدم، فهم من خلالها بأنّ القادة “مستعدون لتلقّي أربعين مدنيّا مقتولا وألا يتلقّوا جنودا مقتولين”

ولكن الأمر الأهم، والأكثر بروزا ممّا ظهر في الإجابات على أسئلة دروكر، سواء على لسان بيرتس أو على لسان حالوتس، هو أنّ الخشية لدى القيادة الإسرائيلية من وقوع ضحايا إسرائيليين أضرّت باستعداد الجيش للتصرّف بشكل حازم. تحدّث حالوتس عن مكالمة مع قائد لواء الشمال في الجيش الإسرائيلي، اللواء أودي آدم، فهم من خلالها بأنّ القادة “مستعدون لتلقّي أربعين مدنيّا مقتولا وألا يتلقّوا جنودا مقتولين”.

 

منذ نهاية الحرب في لبنان، شنّت إسرائيل ثلاثة حروب مشابهة ضدّ قطاع غزة. قُتل في الحرب الأخيرة في صيف عام 2014 ما معدله 67 جنديّا إسرائيليًّا. أحد الأسئلة الكبرى ذات الصدى في إسرائيل منذ الصيف الأخير، والتي تعيد الشعب الإسرائيلي والجيش الإسرائيلي إلى صيف عام 2006، هو سؤال الضحايا.

هل حياة جندي إسرائيلي أقل قيمة من حياة المواطن المدني؟ في الواقع فهناك أيضًا أسرة، أصدقاء ومكان عمل للجندي. أثبتت المقابلات مع القادة الثلاثة بأنّه ليست هناك معضلة أكثر صعوبة من تلك بالنسبة لقادة إسرائيل.

اقرأوا المزيد: 785 كلمة
عرض أقل