• طفل فلسطيني في احدى أحياء القدس الشرقيية (Flash90/Miriam Alster)
    طفل فلسطيني في احدى أحياء القدس الشرقيية (Flash90/Miriam Alster)
  • مواطنات من حي جبل المكبر في القدس الشرقية (Flash90/Sliman Khader)
    مواطنات من حي جبل المكبر في القدس الشرقية (Flash90/Sliman Khader)
  • مواطنات من حي جبل المكبر في القدس الشرقية (Flash90/Yonatan Sindel)
    مواطنات من حي جبل المكبر في القدس الشرقية (Flash90/Yonatan Sindel)
  • مظاهرة فلسطينية في باب العمود، القدس الشرقية (Flash90/Yonatan Sindel)
    مظاهرة فلسطينية في باب العمود، القدس الشرقية (Flash90/Yonatan Sindel)
  • يصل إلى القدس الشرقية مئات الآلاف من السيّاح الذين يساهمون في سبل العيش المحلية القائمة على تقديم الخدمات لكثير من السياح (Flash90/Nati Shohat)
    يصل إلى القدس الشرقية مئات الآلاف من السيّاح الذين يساهمون في سبل العيش المحلية القائمة على تقديم الخدمات لكثير من السياح (Flash90/Nati Shohat)

المدينة المقسّمة: 5 أمور لا تعرفونها عن القدس الشرقية

أحداث العنف التي لا تتوقف في القدس بالأشهر الأخيرة، والتي أوصلت مستوى التوتر بين اليهود والعرب إلى ذروة جديدة، تثير مجددًا الجدل الأبدي: إلى أين تتّجه المدينة المقدّسة؟

قبل 47 عاما، في ذروة نشوة إسرائيل وانتصارها في حرب 1967، هبط قرار هناك شكوك أن يتمّ قبوله اليوم بهدوء: ضمّ أراضي المدينة التي كانت تحت السيادة الأردنية، وعدد من القرى في المنطقة معها. وهكذا، بين عشية وضحاها، ولدت خريطة القدس الموحّدة. تحوّلت من 6 كيلومتر مربّع إلى مدينة مساحتها 70 كيلومترا مربّعا، تقريبًا 11 ضعفًا. أثارت أحداث العنف المستمرّة في العاصمة مجدّدا السؤال حول مستقبل القدس ووحدتها.

انتشرت في الوعي الإسرائيلي قداسة جبل الهيكل وحائط المبكى، ولكن في الواقع، فمنذ عام 1967 يعيش آلاف الفلسطينيين تحت السيادة الإسرائيلية في وضع خاصّ لسكان دون مواطنة كاملة.

الصدامات العنيفة في القدس (Sliman Khader/FLASH90)
الصدامات العنيفة في القدس (Sliman Khader/FLASH90)

في واقع معقّد من تعدّد القوميات ومشبع بالعلاقات الدينية، من الصعب جدا أن نرسم سيناريو مدينة موحّدة، يشعر فيها كلّ مواطن – عربيّا أو يهوديّا أو غير ذلك – بأنّه ينتمي لنفس المدينة. في الوعي الإسرائيلي والفلسطيني فإنّ القدس هي حقّا مدينة واحدة. في الواقع هناك في المدينة مدينتان فرعيتان: من جهة القدس الغربية (وفيها غالبية يهودية واضحة) ومن الجهة الأخرى القدس الشرقية (وفيها غالبية فلسطينية واضحة).

ومن أجل فهم التعقيدات في القدس الشرقية، جمعنا عددا من الأمور المثيرة للاهتمام حول الجزء الشرقي من المدينة المقدّسة.

مواطنات من حي جبل المكبر في القدس الشرقية (Flash90/Yonatan Sindel)
مواطنات من حي جبل المكبر في القدس الشرقية (Flash90/Yonatan Sindel)

1. يبلغ تعداد سكان القدس الشرقية أكثر بقليل من ثلث سكان المدينة، وفقا لدائرة الإحصاء المركزية، من بين 815300 مواطن، فإنّ 301100 هم من الفلسطينيين (37%). 75.3% من سكان القدس الشرقية، وأكثر من 82% من الأطفال هناك يعيشون وفق التعريف تحت خطّ الفقر. 53% فقط من التلاميذ الفلسطينيين يدرسون في المدارس البلدية (بيانات رسمية لدائرة الإحصاء المركزية) الرسمية. هناك نقص كبير في الصفوف الدراسية ويزدحم الكثير من الأطفال في شقق صغيرة تمّ تحويلها إلى صفوف دراسية. 36% من التلاميذ لا ينهون 12 سنة تعليمية.

طفل فلسطيني في احدى أحياء القدس الشرقيية (Flash90/Miriam Alster)
طفل فلسطيني في احدى أحياء القدس الشرقيية (Flash90/Miriam Alster)

2. وترسم بلدية القدس، المسؤولة عن رفاهية وأمن المواطنين الفلسطينيين في القدس الشرقية، صورة مختلفة. مؤخرا فقط ادعى رئيس بلدية القدس الحالي، نير بركات، أنّه تمّ اتخاذ قرار (في نهاية حزيران 2014) باستثمار 3 مليون شاقل (نحو 850 ألف دولار) في أحياء القدس الشرقية في إطار برنامج تنمية اقتصادية – اجتماعية، وذلك في أعقاب ارتفاع حوادث العنف الأخيرة في القدس الشرقية. خُصّص البرنامج الاقتصادي لتقليص الفجوات في مجالات البنية التحتية المتهالكة، العمل، التعليم والرعاية الاجتماعية.

يصل إلى القدس الشرقية مئات الآلاف من السيّاح الذين يساهمون في سبل العيش المحلية القائمة على تقديم الخدمات لكثير من السياح (Flash90/Nati Shohat)
يصل إلى القدس الشرقية مئات الآلاف من السيّاح الذين يساهمون في سبل العيش المحلية القائمة على تقديم الخدمات لكثير من السياح (Flash90/Nati Shohat)

3. والمشكلة الرئيسية التي تُثار مؤخرا وتؤجّج شرارة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هي موضوع شراء الشقق السكنية وقطع الأراضي من قبل الإسرائيليين أو الجمعيات اليهودية في الأحياء العربية الفلسطينية مثل حيّ سلوان، راس العمود أو جبل المكبر. وفقا للمعطيات التي تنشرها جهات يسارية إسرائيلية مثل: “حركة السلام الآن”، فإنّ نحو 2000 مستوطن يقيمون في منازل متفرّقة في أحياء فلسطينية. وكشف تحقيق قامت به الحركة بأنّ حكومة إسرائيل تقوم بدفع ثمن الحراسة الخاصة لجميع أسر المستوطنين في القدس الشرقية بتكلفة تبلغ أكثر من 70 مليون شاقل في العام لجميع الأسر. وتتفاقم المشكلة لأنّ جزءًا من العقارات التي سيطر عليها المستوطنون هي تطبيق لقانون العودة (وهو قانون يمنح كلّ يهودي يعبّر عن رغبته بالإقامة في إسرائيل الحقّ في الهجرة إلى إسرائيل والحصول على مواطنة، وقد صدر هذا القانون عام 1950) على منازل كانت مملوكة ليهود قبل عام 1948. وقد تلقّى أصحاب العقار الأصليون تعويضات من الدولة مع قيام الدولة فورا. وبحسب تصريحات منظّمات اليسار، فإنّ هؤلاء المستوطنين يعرّضون إسرائيل للخطر ويفتحون بابا قانونيّا لتطبيق حقّ العودة الفلسطيني، والذي لا ترغب إسرائيل رسميّا بالاعتراف به.

عضو الكنيست بن آري (اليمين) ووزير الإسكان اوري ارييل في زيارة للمسجد الأقصى (Flash90/Oren Nahshon)
عضو الكنيست بن آري (اليمين) ووزير الإسكان اوري ارييل في زيارة للمسجد الأقصى (Flash90/Oren Nahshon)

4. ولأنّ معظم المواقع التاريخية ذات الطابع الديني مركّزة في القدس الشرقية مثل: جبل الهيكل والمسجد الأقصى، حائط المبكى وكنيسة القيامة؛ تحظى الأحياء الفلسطينية حول الأماكن المقدّسة بتطوير مشاريع اقتصادية سياحية كبيرة. خلال العام كلّه يصل إلى القدس الشرقية وإلى الأحياء المسيحية واليهودية والإسلامية مئات الآلاف من السيّاح الذين يساهمون في سبل العيش المحلية القائمة على تقديم الخدمات لكثير من السياح الذين يزدحمون في الأحياء الفلسطينية: المطاعم، محلات بيع التذكارات، الأقمشة، المقاهي، الفنادق وبيوت الضيافة والمرشدين السياحيين. تُلاحظ حركة ضئيلة من السياح في أزقة البلدة القديمة في القدس في كلّ مرة يتطوّر نزاع عنيف بين سكان المكان والأحياء الفلسطينية التي تحيط بالمدينة، وبين قوى الأمن الإسرائيلية. تؤدي هذه الأوضاع إلى انخفاض حادّ في عائدات السياحة وضربة قاسية لأماكن العمل والاقتصاد في القدس الشرقية.

مظاهرة فلسطينية في باب العمود، القدس الشرقية (Flash90/Yonatan Sindel)
مظاهرة فلسطينية في باب العمود، القدس الشرقية (Flash90/Yonatan Sindel)

5. التطرّف والتشدّد: العنف المتصاعد في القدس لم ينشأ في فراغ. تفهم المنظومة السياسية والاجتماعية في إسرائيل جيّدا أنّ الفلسطينيين من سكان القدس الشرقية يعانون عقود من الإهمال والدليل على ذلك هو البيانات الديموغرافية – الاجتماعية الصعبة. في الوقت نفسه، فإنّ تجاوز التحدّي من قبل دوائر إسلامية متطرّفة، تحرّكها جمعيات خيرية وشيوخ يقودون الرأي العام نحو الكراهية والازدراء الذي يجب الشعور به تجاه كلّ ما هو آخر، ليس إسلاميّا ويهودي بشكل رئيسي.. هذا يكثّف من نار العنف والكراهية بين شباب المدينة ويخرج بعضهم للتظاهر ولتعكير صفو السلام والأمن في تلك الأحياء. أيضا التحدّي المتزايد لدى أعضاء كنيست يهود ودوائر يهودية متطرّفة تجاه المسجد الأقصى وسيطرة المستوطنين على المنازل الفلسطينية في أحياء مثل سلوان، فهذا أيضا يشكّل أثرا ملموسًا على حياة الفلسطينيين في المدينة. وقد تحدّث مؤخرا العديد من قادة الرأي العام الفلسطينيين في الإعلام الفلسطيني حول العنف المتصاعد في القدس، وقالوا إنّ شعارات مثل “الأقصى في خطر”، والتي تُطلق في المساجد في كثير من الأحيان؛ ليست فارغة من مضمونها وخصوصا على ضوء الشعور أنّ العالم العربي منشغل بقضاياه ولا يعزو أهمية كبيرة للدفاع عن المساجد أو سائر الأماكن المقدّسة لدى الفلسطينيين في القدس.

اقرأوا المزيد: 810 كلمة
عرض أقل
أمون سليم، امرأة غجرية مقدسية، (تصوير نوعام موسكوفيتش)
أمون سليم، امرأة غجرية مقدسية، (تصوير نوعام موسكوفيتش)

امرأة مقدسية، غجرية

أمون سليم، غجرية ومقدسية، قررت أن تُخرج أبناء الطائفة من دوائر الفقر وأن تمنحهم الأمل

16 أغسطس 2013 | 17:02

يوجد نحو 2000 غجري يعيشون اليوم في إسرائيل ويسكنون في أحياء القدس الشرقية. إنهم يضطرون إلى مواجهة ظروف حياتية قاسية وعزل من قبل المؤسسة الإسرائيلية وجيرانهم العرب. أمون سليم، وهي امرأة غجرية تثير الإعجاب، قررت أن تُخرج أبناء الطائفة من دوائر الفقر وأن تمنحهم الأمل. على الرغم من الثمن الاجتماعي والعائلي الباهظ الذي تدفعه، إلا أنها مصرة على عدم الاستسلام.

وقت الظهيرة الحار في شوارع حي شعفاط في القدس الشرقية. توقفنا أنا والمصوّر الذي يرافقني في كل دكان نصادفه في الشارع الرئيسي لنسأل أين يقع مقر “جمعية دوماري لدفع المجتمع الغجري قدمًا”. ولسبب ما لم نحصل على إجابات واضحة. حتى أن كثيرين كانوا ينظرون إلينا باستغراب. بين الحين والآخر، أقوم أنا بالاتصال بأمون سليم، وهي المرأة الغجرية التي أنوي لقاءها والتي تترأس الجمعية. آخذتُ أبحر في خيالي إلى الأفلام التي لعب فيها ممثلون كثيرون أدوار الغجر. قمصان مليئة بالخرز بشكل مبالغ به، تنانير ملونة، حلي من الفضة تزين أيدي النساء، خواتم كبيرة وفيها أحجار كريمة كبيرة وجميلة بتشكيلة من الألوان. بعد نحو ساعة من البحث في الشارع الرئيسي في شعفاط (لا توجد عناوين لمعظم شوارع الحي)، نجحت في الوصول إلى المركز المرتب الذي أقامته أمون قبل 14 سنة بهدف دفع مكانة الغجر قدمًا في المدينة المقدسة.

غجرية غير عادية

بطبيعة الحال، أمون سليم لا تشبه أبدا الشخصية الغجرية النموذجية التي كنت أفكر بها. وقفت أمامي امرأة جميلة وأنيقة تلبس قميصا أسود وتنورة طويلة، سمة وجهها الجدية لا تبقي مكانًا للشك. يجري الحديث عن امرأة ذات قوى نفسية هائلة، أخذت على عاتقها مهمة كبيرة وهي تعزيز مكانة المجتمع المحلي الغجري الصغير الذي يسكن اليوم بالأساس في أحياء القدس الشرقية، في العيزرية، عنتا وراس العمود، بظروف فقر مخجل وانعدام التعليم.

تروي أمون لي بجديتها التي تميّزها أن “بداية المجتمع الغجري في القدس كانت في أيام البطل الإسلامي صلاح الدين الأيوبي الذي وصل إلى القدس في القرن الثاني عشر الميلادي لاحتلال المدينة من أيدي الصليبيين”. حسب تقاليد أبناء الطائفة، صلاح الدين هو الذي منحهم الاسم الرائج باللغة العربية “النوّار” – وأصلها من كلمة نور. وتروي التقاليد أنه مع مرور السنوات تم تحريف القصد الأصلي من الاسم وتحول إلى كلمة مخزية وهي “النوار” – وأصلها الأوساخ.

سليم: صلاح الدين هو الذي منحهم الاسم "النوّار"، (تصوير نوعام موسكوفيتش)
سليم: صلاح الدين هو الذي منحهم الاسم “النوّار”، (تصوير نوعام موسكوفيتش)

يعتقد معظم الباحثين أن الغجر كانوا في الأصل مجموعة من الرُحّل، كانوا قد انتقلوا في العصور الوسطى من الهند وتوزّعوا: جزء منهم وصل إلى أوروبا وجزء إلى الشرق الأوسط. تقطن المجموعة المقدسية في المدينة منذ مئات السنين. عملوا هنا في الأعمال التي يتميز بها الغجر عامةً – التنجيم، الترفيه، الرقص، وترويض الدببة، إضافة إلى أعمال أقل ارتباطا بهم كتربية الغنم والزراعة. خلال الحكم البريطاني، بدأ الغجر باعتزال حياة التنقل، واستقروا في البلدة القديمة وتركوا أعمالهم التقليدية تدريجيا.

يعدّ المجتمع الغجري في القدس الشرقية اليوم نحو 150 عائلة، أي قرابة 2000 شخص يسكن معظمهم في البلدة القديمة. فقدت المجموعة كثيرا من مميزاتها الحضارية، ومن الصعب اليوم التمييز بين الغجر وجيرانهم الفلسطينيين. حسب تقدير سليم: “نحو 200 بالغ فقط يتحدثون بلغة الغجر، لغة الدوم، فيما بينهم. أفهم اللغة قليلا، لكن الجيل الجديد لا يفهمها. كما أنّ معرفة الناس للموسيقى واللباس التقليديين أقل من ذلك”.

بخلاف ما هو متعارف عليه في هذا المجتمع المغلق على نفسه، قررت سليم أن تتحكم في حياتها، حيث رفضت في سن مبكرة جمع التبرعات كما فعلت الكثيرات من بنات جيلها، وبدأت ببيع المشروبات في شرق المدينة للسياح الذين تراكموا في الأماكن المقدسة. بعد ذلك، تروي: “ذهبتُ لدراسة مهنة، وتعلمتُ إدارة الأعمال في كلية الإبراهيمية شرق المدينة، ودرستُ عددا من المساقات في مجال السياحة. لم يكن ذلك مقبولا ألبتة في المجتمع. رفضتُ الخضوع للإملاءات التقليدية، حيث ربّاني أبي كأميرة، رغم الفقر”. لا تزال سليم، شأنها شأن شقيقتَيها، غير متزوجة، وترفض بشدة الخضوع للإملاءات والزواج برجل من مجتمعها لا يستطيع إعالتها. من المتعارف عليه في المجتمع الغجري المقدسي، الذي يُسمى أيضا بالمجتمع الدومري، الزواج ضمن المجتمع المحلي، ما يؤدي أحيانا إلى عيوب وراثية في الجيل الصاعد. ليس هناك الكثير من الزواج المختلط مع المجتمع العربي الفلسطيني، جيرانهم الذين ينظرون إليهم نظرة أصحاب مكانة أدنى منهم.

المركز الذي أقامته سليم، دون أي دعم خارجي أو تمويل حكومي، وهي لا تزال في السابعة عشرة من العمر، هو الأول في الشرق الأوسط الذي يهدف إلى مساعدة الأقلية من المجموعة السكانية . تساعد الجمعية الأولاد على دخول أطر تعليمية، وكذلك في تحضير الدروس البيتية، حيث إن عددا كبيرا من والديهم لا يجيدون القراءة والكتابة. يتيح المركز للنساء أيضا استغلال مهاراتهنّ في الخياطة، الحياكة، وصنع المجوهرات، ويمكنهنّ من إنتاج العديد من القطع الفنية، التي تُعرض للبيع في المركز: أقمشة، ثياب أطفال، مجوهرات، مخدات، وصور ذات إطار أنيق وفقا للتقليد الغجري على مختلف ألوانه.

أعمال وأشغال يدوية للحفاظ على التراث الغجري، (تصوير نوعام موسكوفيتش)
أعمال وأشغال يدوية للحفاظ على التراث الغجري، (تصوير نوعام موسكوفيتش)

مكانة المجتمع المحلي- سيف حاد

تدرك سليم أن المميزات الحضارية الغجرية آخذة في الاختفاء، وتدرك أيضا أنّ جماعتها الضعيفة والمستضعفة هي في صراع صعب لهوية منقسمة. “نحن جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، ومعظمنا مسلمون. لكن الجماعة ممزقة بين الرغبة في الاندماج ضمن البيئة الحضارية الفلسطينية وبين الرغبة في الحفاظ على تميّزها الإثني والحضاري”.
في بحث مثير للاهتمام نشرته مؤخرا الباحثة نوغه بوبر بن- دافيد، من قسم علم الاجتماع في الجامعة العبرية في القدس، تبين أنّ الغجر في القدس لديهم مكانة منخفضة جدا، ويعانون من نظرة عنصرية ومرتابة من قبل جيرانهم الفلسطينيين. يظهر الفقر وصعوبات الحياة في الدراسة أيضا. تروي سليم أنها وُلدت في الحي الإسلامي شرق المدينة، وأنها عاشت في بيت واحد مع شقيقتَيها وأشقائها الخمسة في بيت مكوّن من غرفتَين: “يعاني الجميع تقريبا من وضع اقتصادي صعب. يعتاش معظم الغجر اليوم على مخصصات التأمين الوطني، جمع الصدقات، وفي أحسن الأحوال من أعمال التنظيف”.

من جهة أخرى، تتنكر دولة إسرائيل أيضا لهم، ولا تنظر إليهم نظرة مجتمع منفرد لديه احتياجات خاصة يجدر الاعتناء بها، ومنحه رعاية مكثفة. رغم أنهم يتقاضون المال من مؤسسة التأمين الوطني، فإنهم لا يعتبرون مواطنين، شأنهم شأن معظم سكان القدس الشرقية. تخبر بوبر بن- دافيد أن عددا من المشاريع أقيم مؤخرا بتشجيع من قيادات المجتمع المحلي، من بينهم المختار الذي لا يحبّذ عمل سليم التخريبي حسب رأيه، وبالاشتراك مع مؤسسات بلدية وحكومية لتشجيع التربية بين الشبان، ولإعادتهم إلى الأطر التعليمية.

طفل غجري يلعب في مركز الدوم، (تصوير نوعام موسكوفيتتش)
طفل غجري يلعب في مركز الدوم، (تصوير نوعام موسكوفيتتش)

تفضّل سليم معالجة مشاكل الغجر عبر جمعية، وليس عبر التعاون مع السلطات، وهي تعاني من نقد لاذع من مختار المجتمع المحلي. في السنتَين الأخيرتَين، تحاول بلدية القدس معالجة مشاكل جماعة الغجر، حيث تدّعي البلدية أنها تعالج المشاكل عبر نسج علاقات بين سلطات الرفاه والعائلات الغجرية. وقد عُيّنت عاملة اجتماعية خاصة للاعتناء بالمجتمع المحلي الغجري. تدعي سليم أن التغييرات ليست ملموسة فعلا على أرض الواقع: “ثمة حاجة إلى مساعدة ذات معنى أكثر لحل مشاكل الجماعة”، لكنها تأمل أن تستمر مبادرتها في العمل والنمو لغرس الوعي لدى أفراد المجتمع المحلي، ولا سيما لدى النساء والأولاد بينهم، لأنّ الاستناد على المساعدة الخارجية فقط لن يؤدي إلى أي تغيير منشود، ولأن المجتمع المحلي لن يتمكن من الصمود دون تربية”.

اقرأوا المزيد: 1047 كلمة
عرض أقل