حارس المرمى الدولي دودو أوات (JACK GUEZ / AFP)
حارس المرمى الدولي دودو أوات (JACK GUEZ / AFP)

اللعب أم عدم اللعب؟

يوم الغفران على الأبواب، ولاعبا مضرب إسرائيليان وعدا بعدم اللعب عند بدء الصوم. رياضيون أولمبيون أوقفوا عن اللعب، ولاعبو كرة قدم جرى توبيخهم. ولماذا هذا مهم إلى هذا الحدّ للإسرائيلي العادي؟

سيصعد لاعبا كرة المضرب الإسرائيليان، أندي رام ويوني أرليخ، اليوم (الجمعة) الساعة الثالثة بعد الظهر على أرضية ملعب التنس في أنتورب، ليلعبا مباراة الزوجي في إطالة بطولة المنتخبات الدولية، كأس ديفيس، أمام منتخب بلجيكا. من الجهة الثانية، سينتظرهما أوليفييه روكوس وستيف دارسيس، اللذان سيحاولان التقدم 2 مقابل 1 في مباراة البقاء في المجموعة العليا.

لكن مدرب المنتخب، إيال ران، انشغل عشية المباراة في قضية تهم معظم الإسرائيليين – هل سيضطر الثنائي إلى اللعب خلال يوم الكفارة، الذي يبدأ عند السادسة مساءً بتوقيت إسرائيل.

“لن نكون على الملعب في يوم الغفران”، أوضح للصحفيين الذين تجمّعوا وقال إنّ ثمة اتفاقًا مع الاتحاد العالمي للتنس، يجري بموجبه إيقاف المباراة، إذا دعت الحاجة، واستئنافها صباح الأحد.

شاهدوا “اأنديوني” يتغلبان على ثنائي روسي في طريقهما لنصف نهائي كأس ديفيس قبل 4 سنوات:

ولكن، لمَ كل هذا الصخب؟ إنه اليوم الأقدس في السنة حسب الديانة اليهودية: يومٌ لا يُمنع فيه العمل واستخدام الكهرباء فقط، مثل أيام السبت. فمعظم الناس يفرضون على أنفسهم صومًا عن الطعام والشراب لمدة 25 ساعة. هذه السنة، يأتي يوم الكفارة يوم سبت، ولذلك فإنه مقدس بشكل خاص. يتحمل الجمهور الإسرائيلي، الذي لا يحفظ بمعظمه العادات الدينية في الأيام العادية، مسؤولية الصوم، ويتوقع من جميع اليهود أن يسلكوا بشكل لائق – بما في ذلك الامتناع عن النشاطات الرياضية.

ليست هذه أول مرة يحظى فيها لاعبا التنس – الملقبان “أنديوني” – باهتمام إعلامي في يوم الكفارة. ففي أيلول 2007، استضاف المنتخبُ الإسرائيلي منتخبَ تشيلي، الذي لعب في صفوفه لاعبو تنس من الصف الأول في العالم. كان الثنائي التشيلي في مباراة الزوجي بين الأفضل في العالم، وفاز قبل ثلاث سنوات من ذلك الوقت بالميدالية الذهبية في الألعاب الأولمبية في أثينا عام 2004. جرت المباراة في رمات هشارون، وبدأت في ساعة مماثلة، بحيث برز شك من انتهاك الدين. قدم الجانبان مباراة جميلة، في ما اعتُبر أفضل مباراة تنس زوجي جرت على أرض إسرائيل. إثر التعادل 2:2 في المجموعات، و4:4، بدأ مشاهدون عديدون بمغادرة الملعب، كي يتمكنوا من الوصول إلى بيوتهم، لتناول الوجبة الأخيرة قبل بدء الصيام. مقابل جمهور لم يتجاوز مئاتٍ معدودة، واصل الثنائي “أنديوني” الصراع، وقبل لحظة من اضطرارهما لإيقاف المباراة لاستئنافها بعد الصيام، نجحا في الفوز 10 مقابل 8 في الجولة الأخيرة.

شاهدوا المشجعين الإسرائيليين يناصرون “أنديوني” قبل المغادرة للصيام:

ليس لاعبو كرة المضرب الرياضيين الوحيدين الذين امتحنهم الجمهور في شأن علاقتهم بيوم الكفارة. فحتى هذا العام، هناك ثلاثة مجذّفين، يخوضون غمار البحر عبر مزالج من نماذج مختلفة، اضطروا إلى التنازل عن اليوم الأخير من المنافسة وخسارة نقاط ممكنة في إطار منافسة تحضيرية لبطولة العالم. لكن في الماضي، حدثت حالات أكثر إثارة للاهتمام وأكثر محدودية. فمجذفان إسرائيليان، الأخوان دان وران تورتان، شاركا في الألعاب الأولمبية في سيول عام 1988.

وقد نالا توجيهات من اللجنة الأولمبية الإسرائيلية بعدم المشاركة، لكنّ مدربين أخبروا أنهم شاهدوهما يلعبان. ادّعى الأخوان أنهما خرجا للتدرّب فقط، لكنّ الرأي العام في إسرائيل كان عاصفًا، ولم يقبل الذريعة. أعيد الاثنان إلى بيتهما من كوريا الجنوبية، وجرى تجميدهما 5 سنوات (!) من المشاركة في الرياضة الأولمبية، عقوبة جرى تخفيفها لاحقًا.

بطبيعة الحال، عندما ينافس رياضي في إطار فردي، لا باسم علم بلاده، تصبح الأمور أكثر تعقيدًا. فلنأخذ مثلًا لاعبي كرة القدم الإسرائيليين الذين يلعبون في أوروبا. فمن جهة، يجري التعامل معهم كممثلين للرياضة الإسرائيلية ومصدر فخر للشعب الإسرائيلي، ولذلك يُتوقّع منهم عدم الاشتراك في مباريات تجري في يوم الغفران.

لكن، من جهة أخرى، يجب التذكر أنّ هذا مكان عملهم، الذي يتقاضَون منه أجورًا مرتفعة، ويمكن أن يحدث تعارض بين الولاء للنادي وعدم ارتياح الجمهور والمشجّعين في إسرائيل. واجه حاييم رفيفو وإيال بركوفيتش هذه الإشكالية حين لعبا في إسبانيا وإنجلترا في أواسط التسعينات. بالنسبة لرفيفو، جرى تغيير ساعة المباراة حين كان أحد نجم سلتا فيغو، وهكذا تمكّن من بدء الصوم والذهاب للكنيس. أمّا بركوفيتش فأُعفي من المشاركة في مباراة هامة أمام ليفربول ، حين لعب في وستهام.

أمّا اللاعب الإسرائيلي الذي آثر الخروج على الإجماع فهو حارس المرمى الشهير، دودو أوات. فحين لعب في ديبورتيفو لا كورونيا، في موسم 2006/2007، استضاف فريقه ناديَ ريال سوسيداد. قال أوات إنه لن يدع الصوم يمنعه من اللعب. وما هو الحلّ الخلاق؟ إن امتدت المباراة لبداية الصوم، يمكن أن يبدأ بالصيام بعد ذلك، ويصوم لمدة 25 ساعة.

وادّعى أعضاء كنيست أنه من غير اللائق أن يلعب مَن يدافع عن مرمى المنتخب في يوم الغفران. “مَن يلعب في يوم الكفارة يدوس بقدمه بفظاظة على قيَم الشعب اليهودي، وليس جديرًا بتمثيل الدولة”، قال حينذاك يعقوب بن مرجي، من حزب شاس. أجاب أوات على الانتقاد، وتكوّن جدل شعبي حول المسألة. وفّر الاتحاد الإسباني الارتباك على أوات، فجرى تقديم ساعة المباراة، ليتمكن من التركيز على كرة القدم. فازت ديبورتيفو بهدفَين نظيفَين، وتألق الحارس الإسرائيلي، ليتابع طريقه نحو الكنيس لأداء الصلاة الأهم في التقويم اليهودي.

شاهدوا أوات وديبورتيفو يفوزان قبيل بدء الصيام:

اقرأوا المزيد: 735 كلمة
عرض أقل
منتخب إسرائيل  (Yonatan Sindel/Flash90)
منتخب إسرائيل (Yonatan Sindel/Flash90)

الأيّام العسيرة

تلقت الرياضة الإسرائيلية هذا الأسبوع عددًا من الهزائم المخيّبة والمؤلمة. أداء مُخزٍ في كرة السلة أمام بريطانيا وأوكرانيا، عرضٌ فاشل لمنتخب كرة القدم مقابل أذربيجان. إنه وقت حساب الذات!

تام الأسبوع الماضي في إسرائيل الاحتفاء ببدء السنة الجديدة، وفقًا للتقويم العبري. ويلائم الأيامَ التي مرّت مذّاك على منتخبَي إسرائيل في كرة السلة وكرة القدم الوصفُ الديني “الأيام العسيرة” – الأيام التي تفصل بين رأس السنة ويوم الكفّارة، وهي أيام مخصصة للتكفير عن المعاصي وطلب المغفرة، كل من رفيقه، حسب الإيمان اليهودي.

افتتح منتخب إسرائيل في كرة السلة مبارياته في بطولة أوروبا (يورو باسكت) في سلوفينيا بشكل مخيّب جدًّا للآمال. فقد وضعته القرعة في مواجهة منتخب بريطانيا، الذي اعتُبر قبل البطولة الأضعفَ في مجموعته إذ يغيب عنه عدد من أهمّ لاعبيه، مثل لول دينج، الذي يلعب في فريق شيكاغو بولز، من فرق دوري كرة السلة الأمريكي للمحترفين (NBA). رغم ذلك، استصعب اللاعبون الإسرائيليون تنفيذ خطة اللعب، ليجدوا السلات تنهمر عليهم، وليحاولوا ملاحقة البريطانيين طيلة النصف الأول. في النصف الثاني، حسّن الإسرائيليون لعبهم، وتقدّموا بفارق تسع نقاط قبل ثلاث دقائق من انتهاء المباراة. لكنّ عددًا من فقدان الكرات، إهدار رميات الجزاء، والتمريرات العشوائية أدّى بالمنتخب إلى التمديد، الذي فازت بريطانيا في نهايته بنتيجة 75 مقابل 71.

شاهدوا بريطانيا تُدهش إسرائيل:

منذ هذه اللحظة، ثمة من نصح اللاعبين بأن يطلبوا الصفح على أدائهم على أرضية الملعب. تعاظمت هذه المشاعر بعد أن واجهت إسرائيل في المباراة التالية منتخب أوكرانيا، الذي يدربّه المدرب القدير مايك بارتلو. استهانت إسرائيل بالخصم الذي يبدو الكثير من لاعبيه غير رشيقين، رغم وفرة المواهب الشابة والمتجنّس الجيّد، لاعب الارتكاز الأمريكي، بو جيتر. لم تجرِ رياح المباراة، كما يمكنكم التوقع، كما اشتهت السفن الإسرائيلية. تقدّم الأوكرانيون منذ مرحلة مبكرة غيرَ ناظرين إلى الخلف. وأبدى عمري كسبي، نجم المنتخب الإسرائيلي الذي يلعب في صفوف يوستن روكتس في الـ NBA، ويوجيف أوحايون، لاعب ارتكاز مكابي تل أبيب، قدرات متواضعة، لتنتهي المباراة بفوز أوكرانيا بنتيجة 74 مقابل 67.

شاهدوا خطف الكرة والتسجيل الحاسم لمكسيم كورنيينكو:

لا شكّ أنّ المباراة أمام فرنسا، أحد أقوى المنتخبات في البطولة، لم تكن ما تتمناه إسرائيل. فطوني باركر، أحد أفضل لاعبي الارتكاز في العالم في العقد الأخير، يقود المنتخب الفرنسي ويملي وتيرة لعبٍ مرتفعة. وفيما كان يُتوَقَع من إسرائيل تحقيق النصر في مباراتَيها الأوليَين، ففي هذه المباراة كانت موازين القوى واضحة من البداية، وأصبحت أكثر جلاءً خلال المباراة. فدون أيّ جهد خاص، قاد باركر باثنتَي عشرة نقطة وألكسيس أجينسا بثلاث عشرة نقطة، مجهودًا جماعيًّا رائعًا أسفر عن فوز منتخبهما على إسرائيل بنتيجة 82 مقابل 63.

شاهدوا ناندو دي كولو يرسل كرةً سريعة إلى نيكولاس باتوم الذي يسدّد من الجوّ:

وإذا لم تكن هذه الهزائم الثلاث المتتالية كافية لتعكير جوّ عيد رأس السنة، فقد تكفّل بذلك منتخب إسرائيل لكرة القدم، الذي استضاف يوم السبت منتخبَ أذربيجان. ورغم أنّ إسرائيل لم تنجح في الانتصار في مباراة الذهاب، التي جرت العام الماضي في العاصمة الأذرية باكو واكتفت بالتعادل بهدف لهدف، فإنّ معظم مشجّعي كرة القدم كانوا واثقين من أنّ أبناء المدرّب إيلي غوتمان سيفوزون على الأذريين بسهولة ليحافظوا على احتمالات التأهل إلى مونديال البرازيل الصيف القادم. فنصف لاعبي إسرائيل يلعبون في الدوريات الأوروبية، وأمام الجمهور البيتي في الملعب الوطني في رمات جان، يُفترَض بلاعبين أمثال مؤور مليكسون، بيبرس ناتخو، وليئور رفائيلوف أن يصنعوا الفارق.

دودو أوات (JACK GUEZ / AFP)
دودو أوات (JACK GUEZ / AFP)

أثبت الواقع، بالطبع، أن لا قيمة للأسماء، إن لم ترافقها لياقة في اللعب وحافز قوي. قد لا يمتلك لاعبو وسط أذربيجان – التي يدربّها أسطورة كرة القدم الألماني، بيرتي فورجس – المهارات التقنية كلاعبي الوسط الإسرائيليين، لكنهم كانوا أكثر اندفاعًا وقاتلوا على كل كرة. لم يُكثِروا من الهجوم، لكنهم أظهروا عيوب أسلوب اللعب الإسرائيلي. وأرعب رهيد أميرغولييف منتخب غوتمان بتسجيله هدفًا رائعًا من مسافة 30 مترًا في الدقيقة الحادية والستين. أكثرت إسرائيل من إرسال الكرات بعد تأخرّها، وعادلت النتيجة في الدقيقة الثالثة والسبعين (بقدمَي إيتي شختر)، لكنّ هذا كان قليلَا جدا، ومتأخرًا جدًّا. أحبط التعادل آمال إسرائيل في بلوغ كأس العالم، لتستمر سلسلة الأيام العسيرة لمشجعي الرياضة الإسرائيلية، الذين سيفضّلون، فيما يختص بكرة القدم على الأقل، تجاهل وجود مباراة أخرى (يوم الثلاثاء، أمام روسيا القوية في سانت بطرسبرغ).

شاهدوا أميرغولييف يسدّد كرة رائعة إلى شباك دودو أوات:

http://youtu.be/ToISWl68y7M

بعد أن سار الزملاء في منتخب كرة القدم على نفس الدرب، وخيبوا الآمال هم أيضًا، عاد منتخب كرة السلة إلى سكّة الانتصارات. أفيك نسيم، المدافع العريق الذي لم يحظَ أبدًا بتقدير هواة كرة السلة في إسرائيل، أخذ المباراة على عاتقه، سجّل 23 نقطة، وقاد المنتخب للفوز على بلجيكا بنتيجة 87 مقابل 69. لكن رغم الفوز والقدرة المحسّنة، فإنّ إسرائيل لا تحتاج أفيك نسيم فقط، بل عدّة عجائب للتأهل إلى الدور القادم، بما فيها فوز على ألمانيا وخسارة بلجيكا أمام فرنسا. رغم كل خيبات الأمل التي جلبوها لنا هذا الأسبوع، نقدّم لهم تحية.

شاهدوا العرض المذهل لنسيم:

اقرأوا المزيد: 705 كلمة
عرض أقل