إن البحث عن الفتيان الثلاثة المخطوفين في الخليل، يستمر في طرح شكوك حول هويّة الخاطفين ومكان وجودهم. فتحتار الأنظمة الأمنية الإسرائيلية حول كيف نجح الخاطفون، سواء كانوا، في تعقب الفتيان، إقناعهم بأن نقلهم بالسيارة آمن، وإخفاء الآثار في المنطقة خلال عملية الخطف.
من المعروف عن الخليل أنها معقِل رجال حماس بفضل العلاقات العائلية المتشابكة التي نجحت المنظمة في تأصيرها على مدى سنوات.
إحدى العائلات المعروفة والكبيرة في الخليل هي عائلة القواسمة التي نفذ الكثير من أبنائها عمليات الخطف والإرهاب الكبرى التي عرفها الجمهور الإسرائيلي.
“إن كانت حماس حقًا هي من نفّذ الخطف، ستكون هذه هي مرة أخرى يقرر فيها رجال الجناح العسكري للمنظمة طريق الحركة، ويجبرون زعماءها السياسيّين على المضي على نفس الخط. وهذا، بعد أسبوعين فقط منذ إقامة حكومة الوحدة الوطنية “فتح وحماس” في غزة ورام الله، هذا ما كتبه هذا الصباحَ صحفي الشؤون الفلسطينية، شلومي إلدار، في موقع الأخبار Al Monitor.
وينبغي معرفة، أن حركة حماس تحاول أن تثبت للعالم أنها حركة سياسية مشروعة. لكنها ليست مثل كل الحركات السياسيّة التي يقرر رؤساؤها وقوادها منهجها، فحماسُ حركةٌ يُجبر مسلحوها قائديها على الانحراف عن الطريق في كلّ مرة.
وحدثت مثل هذه التورّطات، حيث كانت عائلة القواسمة متورطة فيها، في منتصف شهر تموز 2013، في قمة الانتفاضة الثانية. وبينما كان ياسر عرفات ما زال محاصرًا في المقاطعة في رام الله، أعلِنت للمرة الأولى “هدنة” بين كل الفصائل الفلسطينية وبين إسرائيل، بما في ذلك حركة حماس. وأعطى الشيخ أحمد ياسين، مؤسس وقائد حركة حماس، إذّاك موافقته على وقف إطلاق النار ووقف الهجمات الانتحارية مقابل الالتزام الإسرائيلي بإيقاف الهجمات على غزة والضفة الغربية.
أرسِل مبعوثو رئيس الحكومة وقتَها، محمود عباس، إلى دمشق للتباحث مع خالد مشعل، رئيس الجناح السياسي لحماس، ومع رمضان عبد الله شلّح، الأمين العام للجهاد الإسلامي. إذ، دخلت الهدنة حيز التنفيذ وبدا للجميع أن الانتفاضة انتهت ويمكن تنفس الصعداء.
بعد شهر ونصف من سريان الهدنة، في 19 آب 2003، فجر ناشطُ حماس من الخليل نفسه في باص رقم 2 في القدس مما أسفر عن قتل 23 إسرائيليًّا. لقد خططت عائلة القواسمة من الخليل، والتي تشكل البنية الأساسية لحماس في المدينة، التفجير الذي قُتل فيه أولاد وفتيان وهم عائدون من الاحتفال في حائط المبكى، كانتقام على اغتيال ابن العائلة عبد الله القواسمة، الذي كان في منصب رئيس الجناح العسكري لعز الدين القسام في المدينة.
بعد أشهر من ذلك الحدث، وبعد أن اتبعت إسرائيل تنفيذ سياسية اغتيال قادة حماس التي شملت فيما شملت رئيس الحركة أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، طالبت حماس بإعادة الهدوء إلى مساره بوساطة مصرية. لذلك، أُرسِل رئيس الاستخبارات المصرية وقتَها، عمر سليمان إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية وحاول تلخيص شروط الهدنة. لكنْ، كانت لنشطاء عائلة القواسمة، الناشطين في فصائل عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، برامج أخرى.
في 31 من آب 2004، أرسَل عماد القواسمة مفجرين انتحاريين من الخليل، أحدهما كان ابن عمه، أحمد، لتنفيذ تفجير انتحاري في بئر السبع، الذي قُتل فيه 16 إسرائيليًّا، أغلبهم شباب قضوا يومهم الأخير في العطلة الكبيرة في المدينة الجنوبية. فاضطر مشعل أن يشرح لوزير الاستخبارات المصري أن هذه كانت عمليات محليًة منفردة، وأنه لم يكن للقيادة أي ضلع في الحدث الذي قامت به الخلية المحليّة.
رغم أن رئيس الحكومة نتنياهو، قد أشار وأبلغ أن حماس ورجالها في الخليل هم المسؤولون عن عملية الخطف، إلا أنه ليس هناك دليل في الواقع على أنهم نفذوا العملية، التي نجحت في إرباك رئيس السلطة الفلسطينية أبي مازن، وفتح.
من المحتمل أن نتنياهو يعرف معلومات استخبارية موثوق بها، تشير إلى وجود علاقة بين حماس وعائلة القواسمة وعملية الخطف (يبدو أن هذا هو السبب الذي أوقف الجيش من أجله نشطاء حماس من عائلة القواسمة في الأيام الأخيرة). وحاليًّا يبدو أن البحث والجهود المبذولة لشل البنية الإرهابية لحماس في الخليل في ذروتها ويتوقع أن تمتد لفترة أخرى طويلة.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني