خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين

ناجون من قبيلة "توتسي" (AFP PHOTO / ABDELHAK SENNA)
ناجون من قبيلة "توتسي" (AFP PHOTO / ABDELHAK SENNA)

مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هو هيئة فاشلة

فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في تنفيذ مهامه الأكثر مركزية والاهتمام بالمصالح الضيقة لأعضائه، يجبي حياة ملايين الضحايا في أنحاء العالم

القرار الأخير لمجلس الأمن في الأمم المتحدة بخصوص عدم مشروعية المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، فعليا هو القرار التاسع في هذا الموضوع منذ عام 1967. أشار مجلس الأمن إلى المستوطنات كهدف، ومع ذلك، كما هو معلوم للجميع، فلا تزال المستوطنات في الضفة قائمة وآخذة في الازدهار منذ نحو 50 عاما. من المرجح أن القرار الأخير أيضا ليس أكثر من حبر على ورق.

ولكن هذا القرار هو ليس الفشل الوحيد للأمم المتحدة في تحقيق أهدافها، بل وليس من أخطر حالات فشلها. في الواقع، فإنّ المنظمة المسؤولة عن أمن العالم، قد راكمت حالات فشل أكثر من النجاح في مجال إرساء السلام والأمن. وعندما تفشل منظمة ذات مسؤولية كبيرة إلى هذا الحدّ، فإنّ موت ملايين الأبرياء يصبح محتما. للتوضيح، إليكم بعض حالات الفشل الأكثر رعبا لمجلس الأمن:

المحكمة الدولية السخيفة ضدّ رئيس السودان الحالي، عمر البشير

جندي من قوات الأمم المتحدة في مخيم نازحين دارفورين (ASHRAF SHAZLY / AFP)
جندي من قوات الأمم المتحدة في مخيم نازحين دارفورين (ASHRAF SHAZLY / AFP)

منذ عام 2003 وحتى اليوم، تجري إبادة جماعية في إقليم دارفور في السودان من قبل الجيش السوداني وميليشيات الجنجويد، ضدّ القبائل الإفريقية في إقليم دارفور الواقع غرب السودان. حتى اليوم أكثر من 400,000 شخص من هذا الإقليم قد قُتلوا، وأصبح نحو 3 ملايين لاجئين ونازحين.

في آذار 2005 توجه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى المحكمة الجنائية الدولية من أجل التحقيق في جرائم الحرب التي تُرتكَب في دارفور. بعد أربع سنوات من ذلك، صدر ضدّ الرئيس السوداني عمر البشير أمر اعتقال دولي وقُدِمت لائحة اتهام ضدّه وفيها سبعة بنود حول ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية وجرائم حرب.

عام 2010 صدر ضدّ البشير أمر اعتقال دولي مرة ثانية، وأضيفت إليه ثلاث تهم لارتكاب إبادة جماعية – وهي الجريمة الأكثر خطورة في كتب القانون. رغم ذلك تابع البشير أعماله كالعادة، ولم يحرّك ولو جنديا واحدا من دارفور، واستمر في تولي منصب الرئيس في بلاده الممزّقة.

عام 2013 أقيمت محكمة البشير في المحكمة الدولية في لاهاي، ولكن لم يبذل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أي جهد لإحضار المتهم للمحكمة.

جنود الأمم المتحدة الذين رفعوا الكؤوس مع مجرمي الحرب في البوسنة

لاجؤون مسلمون في بوسنا (AFP)
لاجؤون مسلمون في بوسنا (AFP)

في أعقاب الحرب الدموية بين البوسنيين والصرب والكروات في البوسنة، قرر مجلس الأمن عام 1993 فرض منطقة آمنة من أجل المدنيين البوسنيين النازحين، “والتي يجب أن تكون حرة من أية هجمات مسلحة أو أي عمل عدائي آخر”. منذ البداية، انتهك كلا طرفي الصراع اتفاق “المنطقة الآمنة”. لقد منعا وصول بعثات المساعدات الدولية إلى المنطقة الأمنة، ولكن حدث الأسوأ من كل ذلك لاحقا.

في صيف 1995، اجتاح الصرب المنطقة الآمنة وبدأ الإرهاب. وقفت قوات الأمم المتحدة جانبا ولم تفعل شيئا لإيقاف المجزرة التي حدثت أمام أعينها. بل لم ترُسل الأمم المتحدة إلى الصرب أي تعزيز رغم طلبهم العاجل.

فرّ بين 20 إلى 25 ألف لاجئ بوسني إلى المنطقة الآمنة التابعة للأمم المتحدة، ولكن القوات الصربية اجتاحت تلك المنطقة، فصلت الرجال عن النساء والأطفال، والذين أُرسِلوا خارجا في الحافلات، ونفذت إعدامات جماعية للاجئين الرجال.

تعجز الكلمات عن وصف تصرف قوات الأمم المتحدة في هذا الحدث، بتعابير أخرى تتعدى الـ “جُبن”. لم تحاول قوات الأمم المتحدة التي كانت في المكان من أجل حماية اللاجئين، كما ذكرنا مقاومة المجزرة، بل تعاونت مع القوات الصربية. والتُقِطت صور لقائد هذه القوات وهو يرفع الكأس مع جنرال صربي مشتبه به بتنفيذ جرائم حرب.

100 يوم من المجازر في رواندا

ناجون من قبيلة "توتسي" (AFP PHOTO / ABDELHAK SENNA)
ناجون من قبيلة “توتسي” (AFP PHOTO / ABDELHAK SENNA)

كانت الإبادة الجماعية في رواندا ذات أبعاد كبيرة، وحشية وتمت في مدة زمنية قصيرة جدا. خلال ثلاثة أشهر ونصف في عام 1994 قُتل في رواندا بين 800 ألف إلى مليون إنسان، على خلفية إثنية. قتل أبناء قبيلة “الهوتو” الذين وصلوا إلى السلطة كل من كان من قبيلة “التوتسي”، بل وأبناء قبيلتهم المعتدلين الذين رفضوا المشاركة في حملة القتل.

عند اندلاع العنف في رواندا، امتنع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من تعريفه كإبادة جماعية. على مدى فترة طويلة أمرت الأمم المتحدة قائد قواتها في رواندا التركيز على المساعدة في إخلاء المواطنين الأجانب من البلاد، وليس على مساعدة المحليين. ففي الواقع، مارست الولايات المتحدة ضغوطا كبيرة على مجلس الأمن لعدم تعريف الأعمال في رواندا كإبادة جماعية. وسبب ذلك هو أنه لوْ تم تعريفها كإبادة جماعية، كان على أمريكا إرسال قوة عسكرية إلى رواندا.

بل أوقفت بلجيكا مشاركتها في قوة الأمم المتحدة في رواندا، بعد أن قُتل عشرة من جنودها كانوا يحمون رئيس الحكومة الرواندي. في أعقاب انسحاب القوات البلجيكية التي كانت تحرس مدرسة كانت تأوي لاجئين من أبناء قبيلة التوتسي، ذُبح 2000 لاجئ.

حتى لحظة اعتراف الأمم المتحدة أخيرا بأنّه “ربما نُفِذت أعمال إبادة جماعية”، كان قد قُتل نحو 500 ألف رواندي، وفقا لتقديرات الصليب الأحمر.

ستّ سنوات من الحرب الأهلية في سوريا صفر إدانات من مجلس الأمن

كارثة حلب (AFP PHOTO / KARAM AL-MASRI)
كارثة حلب (AFP PHOTO / KARAM AL-MASRI)

نحو 500,000 قتيل، مليوني جريح، ونحو 6 ملايين لاجئ، هذا ما كلّفه حتى الآن أعنف صراع في العالم اليوم، وفقا لتقديرات المنظمة السورية لحقوق الإنسان. رغم أنّه استُخدمت أسلحة غير تقليدية ضدّ المدنيين.

رغم كل ذلك، ورغم توجه الجامعة العربية إلى مجلس الأمن بطلب إرسال قوة عسكرية من قبلها، فإنّ كل محاولة للاتفاق على قرار إدانة ضدّ نظام الأسد في سوريا قد فشلت. في كل مرة طُرِح فيها اقتراح كهذا، فرضت عليه روسيا والصين الفيتو. اتضح أيضا أن التدخل العسكري الأمريكي الذي لوّح به أوباما في البداية مهدّدا، لم يكن حقيقيا.

باتت الحرب في سوريا وشيكة من انتهاء عامها السادس قريبًا، ولكن نهايتها لا تظهر في الأفق. قوات الأمم المتحدة ليست موجودة فيها. لقد انسحبت منها منذ العام 2012 بعد أن فشلت في منع استمرار القتال وخشيت على حياتها.

هذا هو أكبر فشل فعلي حالي لمجلس الأمن، ولكن مع شديد الأسف، لا يمكن تعليق الأمل على أنّه سيتم التعلم من الدروس. كما يبدو فإنّه يُرتقب أن تطول قائمة الفشل أكثر، ومعها أيضا قائمة الضحايا.

اقرأوا المزيد: 851 كلمة
عرض أقل
دافيد بن غوريون (GPO)
دافيد بن غوريون (GPO)

بن غوريون: 5 أمور عن الرجل الذي لولاه لما قامت دولة إسرائيل

في ذكرى مرور 43 عاما على وفاة رئيس الوزراء الأول لدى إسرائيل، دافيد بن غوريون، نقدم لكم بعض الحقائق غير المألوفة عن حياته. أولها أنه آمن أن العالم العربي سيتقبل إسرائيل كدولة

تحيي إسرائيل اليوم ذكرى مرور 43 عاما على وفاة رئيس الحكومة الأول، المُعتَبر من نواحٍ عديدة مؤسس دولة إسرائيل، وهو دافيد بن غوريون.

بن غوريون يخاطب الكنيست (Wikipedia)
بن غوريون يخاطب في الكنيست (Wikipedia)

وُلد بن غوريون في بولندا عام 1886، وهو الزعيم الذي أعلن استقلال دولة إسرائيل عام 1948، وترأس الدولة خلال سنواتها الأولى. وفي يوم ذكراه، نقدّم لكم 5 حقائق حول الرجل الذي أقام دولة إسرائيل.

طوال فترة زعامته اعتقد دافيد بن غوريون أنّ العالم العربي سيقبل إسرائيل في نهاية المطاف. في محادثة مع اللجنة البريطانيّة التي أرسِلت لتقسيم فلسطين إلى دولة يهودية ودولة عربية عام 1937 قال بن غوريون إنّه يعتقد أنّ سوريا، العراق، ومصر ستعترف في يوم من الأيام بشراكة المصالح مع الدولة اليهودية. وفي مقابلة أجراها عام 1970 أوضح بن غوريون أنّه لا يزال يعتقد ذلك. وقال: “لا يمكنني أن أقول متى سيحصل ذلك، إذ لا يمكن معرفة المستقبل. ولكن الأمر الذي يُقلق العرب، هو الصهيونية”.

دافيد بن غوريون إلى جانب حفيده وحوض من الماء
دافيد بن غوريون إلى جانب حفيده وحوض من الماء

كُشف مؤخرا أنّه رغم سنوات زواج بن غوريون الطويلة من زوجته بولا بن غوريون، فقد كان بن غوريون على مدى سنوات طويلة على علاقة رومانسية مع امرأة أخرى، وهي رجينا كلفهولتز. في إحدى الرسائل التي كتبها بن غوريون لمحبوبته في ثلاثينيات القرن العشرين قال: “حُبِك في قلبي الآن لا نهاية له. كم كنتُ أرغب في معانقتك وتقبيلك الآن”.

كان بن غوريون مشغولا بتطوير القادة الذين سيرثون مكانه بعد وفاته. ومن بين أمور أخرى، عزّز مكانة موشيه ديان الذي كان وزير الدفاع الإسرائيلي، وشمعون بيريس الذي أصبح لاحقا رئيس حكومة ورئيسا لإسرائيل. كان الضابط الشاب أريئيل شارون، إحدى الشخصيات التي التقى بها بن غوريون، والذي أصبح رئيس الحكومة الإسرائيلية بعد وفاة الأخير بسنوات. ولكن بن غوريون أعرب عن قلقه من صفة واحدة تميز بها شارون: ميله إلى الكذب وعدم قول الحقيقة. كتب بن غوريون: “لو تخلص من عادة عدم قول الحقيقة والابتعاد عن القيل والقال، أصبح قائدا عسكريا مثاليا”.

شمعون بيريس مع رئيس حكومة إسرائيل الأول، دافيد بن غوريون عام 1955
شمعون بيريس مع رئيس حكومة إسرائيل الأول، دافيد بن غوريون عام 1955

بعد احتلال المدينة القديمة في القدس عام 1967، كان بن غوريون متأثرا جدا إلى درجة أنه اقترح أن تهدم إسرائيل أسوار المدينة. “حينذاك فقط عرف العالم أنّ هناك قدس واحدة، ويمكن أن تكون فيها أقلية عربية”. لقد استُقبل اقتراح بن غوريون الثوري في إسرائيل بصدمة وباشمئزاز. وقد ردّ كبير الكتّاب الإسرائيليين، شموئيل يوسف عجنون على ذلك قائلا: “لقد تفوّه بن غوريون بالكثير من الهراء في حياته. واقتراحه تدمير السور هو الأكبر”. لقد تم تجميد الاقتراح.

وهناك شائعات كثيرة حول تعامل بن غوريون السلبي، المولود في بولندا، تجاه اليهود ذوي الأصول المغربية. بعد أعمال شغب في مدينة حيفا ارتكبها يهود مغاربة احتجوا على إطلاق النار على صديقهم من قبل شرطي، قال بن غوريون: “لن ينجح أي بلطجي، سارق، قوّاد أو قاتل من أصول أوروبية في إثارة تعاطف الطائفة الشكنازيّة، وكذلك لن يخطر بباله أمرا كهذا. ولكن هذا الأمر قابل للحدوث لدى طائفة بدائية”.

اقرأوا المزيد: 424 كلمة
عرض أقل
رئيس الوزراء الأول لدى إسرائيل ومؤسسها، دافيد بن غوريون
رئيس الوزراء الأول لدى إسرائيل ومؤسسها، دافيد بن غوريون

بن غوريون.. 5 أمور عن الرجل الذي لولاه لما قامت دولة إسرائيل

في ذكرى مرور 42 عاما على وفاة رئيس الوزراء الأول لدى إسرائيل، دافيد بن غوريون، نقدم لكم بعض الحقائق غير المألوفة عن حياته. أولها أنه آمن أن العالم العربي سيتقبل إسرائيل كدولة

تحيي إسرائيل اليوم ذكرى مرور 42 عاما على وفاة رئيس الحكومة الأول، المُعتَبر من نواحٍ عديدة مؤسس دولة إسرائيل، وهو دافيد بن غوريون.

دافيد بن غوريون (GPO)
دافيد بن غوريون (GPO)

وُلد بن غوريون في بولندا عام 1886، وهو الزعيم الذي أعلن استقلال دولة إسرائيل عام 1948، وترأس الدولة خلال سنواتها الأولى. وفي يوم ذكراه، نقدّم لكم 5 حقائق حول الرجل الذي أقام دولة إسرائيل.

طوال فترة زعامته اعتقد دافيد بن غوريون أنّ العالم العربي سيقبل إسرائيل في نهاية المطاف. في محادثة مع اللجنة البريطانيّة التي أرسِلت لتقسيم فلسطين إلى دولة يهودية ودولة عربية عام 1937 قال بن غوريون إنّه يعتقد أنّ سوريا، العراق، ومصر ستعترف في يوم من الأيام بشراكة المصالح مع الدولة اليهودية. وفي مقابلة أجراها عام 1970 أوضح بن غوريون أنّه لا يزال يعتقد ذلك. وقال: “لا يمكنني أن أقول متى سيحصل ذلك، إذ لا يمكن معرفة المستقبل. ولكن الأمر الذي يُقلق العرب، هو الصهيونية”.

بن غوريون يخاطب الكنيست (Wikipedia)
بن غوريون يخاطب الكنيست (Wikipedia)

كُشف مؤخرا أنّه رغم سنوات زواج بن غوريون الطويلة من زوجته بولا بن غوريون، فقد كان بن غوريون على مدى سنوات طويلة على علاقة رومانسية مع امرأة أخرى، وهي رجينا كلفهولتز. في إحدى الرسائل التي كتبها بن غوريون لمحبوبته في ثلاثينيات القرن العشرين قال: “حُبِك في قلبي الآن لا نهاية له. كم كنتُ أرغب في معانقتك وتقبيلك الآن”.

كان بن غوريون مشغولا بتطوير القادة الذين سيرثون مكانه بعد وفاته. ومن بين أمور أخرى، عزّز مكانة موشيه ديان الذي كان وزير الدفاع الإسرائيلي، وشمعون بيريس الذي أصبح لاحقا رئيس حكومة ورئيسا لإسرائيل. كان الضابط الشاب أريئيل شارون، إحدى الشخصيات التي التقى بها بن غوريون، والذي أصبح رئيس الحكومة الإسرائيلية بعد وفاة الأخير بسنوات. ولكن بن غوريون أعرب عن قلقه من صفة واحدة تميز بها شارون: ميله إلى الكذب وعدم قول الحقيقة. كتب بن غوريون: “لو تخلص من عادة عدم قول الحقيقة والابتعاد عن القيل والقال، أصبح قائدا عسكريا مثاليا”.

أريئيل شارون ورئيس الحكومة الأول، دافيد بن غوريون (Flash90)
أريئيل شارون ورئيس الحكومة الأول، دافيد بن غوريون (Flash90)

بعد احتلال المدينة القديمة في القدس عام 1967، كان بن غوريون متأثرا جدا إلى درجة أنه اقترح أن تهدم إسرائيل أسوار المدينة. “حينذاك فقط عرف العالم أنّ هناك قدس واحدة، ويمكن أن تكون فيها أقلية عربية”. لقد استُقبل اقتراح بن غوريون الثوري في إسرائيل بصدمة وباشمئزاز. وقد ردّ كبير الكتّاب الإسرائيليين، شموئيل يوسف عجنون على ذلك قائلا: “لقد تفوّه بن غوريون بالكثير من الهراء في حياته. واقتراحه تدمير السور هو الأكبر”. لقد تم تجميد الاقتراح.

وهناك شائعات كثيرة حول تعامل بن غوريون السلبي، المولود في بولندا، تجاه اليهود ذوي الأصول المغربية. بعد أعمال شغب في مدينة حيفا ارتكبها يهود مغاربة احتجوا على إطلاق النار على صديقهم من قبل شرطي، قال بن غوريون: “لن ينجح أي بلطجي، سارق، قوّاد أو قاتل من أصول أوروبية في إثارة تعاطف الطائفة الشكنازيّة، وكذلك لن يخطر بباله أمرا كهذا. ولكن هذا الأمر قابل للحدوث لدى طائفة بدائية”.

اقرأوا المزيد: 424 كلمة
عرض أقل
عجوز فلسطيني من مخيم الفوار في الخليل يحمل لافتة لذكرى النكبة ال67 (AFP)
عجوز فلسطيني من مخيم الفوار في الخليل يحمل لافتة لذكرى النكبة ال67 (AFP)

إسرائيل والنكبة الفلسطينية

تكمن الصعوبة الأكبر لدى إسرائيل في الاعتراف بالنكبة الفلسطينية في اعتبارين رئيسيين: الأول يتعلق برواية النكبة كما يعرضها الفلسطينيون، أما الثاني فيتعلق بالعلاقة بين النكبة والصراع الإسرائيلي - الفلسطيني

15 مايو 2015 | 12:45

اليوم الأحد، 15 أيار، يُحيي الفلسطينيون ذكرى يوم النكبة ال67 ، والتي تُمثّل مأساة الفلسطينيين الذين فقدوا أراضيهم في فترة حرب العام 1948 بين إسرائيل والدول العربية، وأصبحوا لاجئين في الدول العربيّة. يُحيي الفلسطينيون داخل إسرائيل، في الضفة الغربية وغزة هذا اليوم بالمسيرات والمظاهرات. لا تزال إسرائيل، التي تأسست عام 1948، تجد صعوبة في الاعتراف بالنكبة والحديث عنها بانفتاح، لماذا؟ وأين يوجد في إسرائيل، فعلا، خطاب يعترف بالنكبة؟

من المتفق عليه إسرائيليا أن إسرائيل الرسمية تجد صعوبة في الاعتراف بالنكبة الفلسطينية لاعتبارين رئيسيين: الأول يتعلق بالرواية الفلسطينية حول النكبة والتي لا تُعتبر متوازنة في نظر إسرائيل. تتحدث هذه الرواية عن نزع ملكية الأراضي، الطرد والتدمير، وإسرائيل تجادل في ذلك. في الواقع، لا تقبل إسرائيل أن تقرّ بشكل واضح وجليّ بأنّ العرب قد طُردوا أو سُلبت منهم أراضيهم. إذ يظهر في صفحات تاريخها أنّ جزءًا من الأراضي تم شراؤه من قبل اليهود بموافقة مالكيها العرب، بالإضافة إلى أنّ جزءًا كبيرًا من العرب قد اختار الهرب في فترة حرب عام 1948، سواء من الخوف على مصيرهم أو بسبب دعوات الدول العربيّة التي طلبت منهم ذلك.

وبالنسبة لها فالصراع على الأراضي بين اليهود والعرب لم يبدأ عام 1948. فهو يعود إلى ما لا يقلّ عن 100 عام قبل ذلك، عندما بدأ اليهود من أوروبا بالهجرة إلى فلسطين وأسسوا مستعمراتهم في أجزاء البلاد وبشكل خاص بواسطة شراء الأراضي.

من الجدير بالذكر أن العديد من الباحثين الإسرائيليين، وتحديدا المؤرخين، قد كتبوا فعلا عن طرد العرب من قراهم في أماكن عديدة، والنقاش الأكاديمي حول السؤال “هل هربوا أم طُردوا؟” مستمرّ ليكون مادة للوظائف والكتب التي تُكتب في الأكاديميا الإسرائيلية. بل وصف مؤرخون إسرائيليون “ما بعد المعاصرين” مثل إيلان بابيه ما حلّ بالفلسطينيين بأنه “تطهير عرقي”، ولكن هؤلاء المؤرخين خارج الإجماع الإسرائيلي ويُعتبرون منبوذين في إسرائيل.

الموضوع الآخر المتعلّق بالرواية الفلسطينية والذي تُضعفه إسرائيل هو مسؤولية العرب التاريخية عن مصيرهم. ففي حين أن المؤرخ السوري قسطنطين زريق قد صاغ اسم “النكبة”، وألمح بذلك بأنّها كارثة سقطت على العرب المولودين في فلسطين مثل البرق في يوم صاف، تطرح إسرائيل، مرارا وتكرارا، سلسلة الأحداث التي تسبّبت بالنكبة ومسؤولية العرب عن مصيرهم. وتتعلق تلك المسؤولية بالاختيار التاريخي للقادة العرب في رفض خطة التقسيم التي طرحتها الأمم المتحدة، واختيار الحرب ضدّ اليهود في إسرائيل.

إحياء ذكرى النكبة ال67 في رام الله 2015 (AFP)
إحياء ذكرى النكبة ال67 في رام الله 2015 (AFP)

بالنسبة للعديد من المفكرين الإسرائيليين فإنّ المعاناة الفلسطينية التي ولّدتها الحرب التي كانت حربا اختيارية من قبل العرب، هي معاناة يجب الاعتراف بها واحترامها، كما عبّر عن ذلك المؤرخ المعروف في إسرائيل، شلومو أفنيري، ولكن الأمر لا يُلغي الحساب النفسي العربي حول مصير الفلسطينيين.

بالإضافة إلى ذلك، يطالب العديد من المفكرين في إسرائيل بالاعتراف بالمعاناة الفلسطينية، بشكل خاصّ، بين الأقلية العربية في إسرائيل، بل وإحيائها.

وهناك صعوبة أخرى تظهر من قبل إسرائيل في الاعتراف بالنكبة الفلسطينية، وهي استمرار الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني وعدم قدرة الطرفين على التوصل إلى تسوية تاريخية. إنّ استمرار الصراع يجعل إسرائيل تواصل التمسّك بخطّ دفاعي ومنغلق بخصوص النكبة الفلسطينية. أحد المواضيع البارزة التي تشرح هذه النقطة هو اللاجئون الفلسطينيون، وهم يشكلون نقطة رئيسية في قصة النكبة، وبالنسبة لإسرائيل فهي موضوع حساس بالنسبة ليهودية دولة إسرائيل.

تخشى إسرائيل بأنّها لو اعترفت بالنكبة فسيُعتبر الأمر تنازلا من جهتها في موضوع اللاجئين. حتى اليوم لم يكن هناك زعيم إسرائيلي قد وافق على الحديث عن عودة اللاجئين الفلسطينيين من الدول العربيّة إلى إسرائيل، وبالتأكيد ليس بالأرقام التي يتحدث عنها الفلسطينيون.

وطبعًا، الموقف الإسرائيلي من النكبة ليس “ثابتا”، ففي السنوات الأخيرة ازدادت قوة سياسة اليمين التي تُحاول حظر إحياء النكبة وخصوصا في يوم استقلال إسرائيل. وقد أوضح بعض الوزراء في إسرائيل قائلين “إنّ يوم استقلال إسرائيل لا يمكن أن يكون كارثة”. بالإضافة إلى ذلك، حاول برلمانيون إسرائيليون يمينيون تقييد إحياء ذكرى “يوم النكبة” في إسرائيل زاعمين بأنّه يقوّض وجود دولة إسرائيل.

ورغم هذه التوجهات من قبل اليمين، فالتطبيق الشهير، iNakba، الذي يهدف إلى تذكر القرى الفلسطينية المهدّمة، تم تطويره من قبل جمعية إسرائيلية تُدعى “ذاكرات”. تعرّف الجمعية نفسها على أنها جمعية تُعزّز مسؤولية الشعب اليهودي في إسرائيل عن النكبة الفلسطينية، وتدعم تنفيذ حقّ العودة للاجئين الفلسطينيين.

وهكذا يمكننا أن نخلّص بأنّه في حين أنّ إسرائيل الرسمية لا تأبه بالخطاب حول النكبة، ولا تعترف بجوانب معيّنة تتكوّن منها رواية النكبة الفلسطينية، فعلى المستوى المدني الأمر ممكن فعلا، إذ لا تتوقف المطالبات من قبل باحثين ومفكرين إسرائيليين للاعتراف بالنكبة. والسؤال المثير للاهتمام هو هل يستطيع العرب أيضًا تحمُّل مسؤوليّتهم عن المعاناة الفلسطينية فيما إذا تحمّلت إسرائيل مسؤوليّتها؟

اقرأوا المزيد: 675 كلمة
عرض أقل
كان يمكن أن يكون هذا يوم الاستقلال السادس والستين لفلسطين! (AFP)
كان يمكن أن يكون هذا يوم الاستقلال السادس والستين لفلسطين! (AFP)

كان يمكن أن يكون هذا يوم الاستقلال السادس والستين لفلسطين!

تحيي إسرائيل اليوم الذكرى السادسة والستين لاستقلالها، فيما يُحيي الفلسطينيون قريبًا الذكرى السادسة والستين لنكبتهم. في الواقع، كان يُفترَض أن تسير الأمور بطريقةٍ أخرى

تمتزج احتفالات عيد الاستقلال في إسرائيل، التي تتميّز دائمًا بالفرح الكبير، بشعورٍ بالإحباط في نظر كثيرين. فقد مرّ عام آخر، والصراع مع الفلسطينيين لا يزال يبدو بعيدًا عن نهايته، كقدَر فُرض علينا جميعًا أن نعيش معه أبدًا.

حاوِلوا تخيّل الفرح في بيتكم فيما جاركم غارقٌ في أحزانه. لا يمكن للفرح أن يكون مكتملًا أبدًا.

بعد نحو أسبوع من يوم الاستقلال الإسرائيلي، يحيي الفلسطينيون يوم النكبة. يُبدي عددٌ أكبر فأكبر من الإسرائيليين في السنوات الأخيرة انفتاحًا وتعاطفًا مع الألم الفلسطيني منذ 1948، لكنّ تأملًا سريعًا في الوقائع التاريخية يجب أن يقلق الفلسطينيين أنفسهم بشكل أساسيّ.

حتّى لو كان هناك مَن يفضّل نسيان أو تناسي ذلك، لم يكُن يُفترَض تأسيس دولة واحدة فقط عام 1948. فوفق قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني 1947، كان يُفترَض أن تقوم في فلسطين (أرض إسرائيل) دولتان – يهودية وعربيّة.

دعم معظم اليهود الخطّة، ولا سيّما الوكالة اليهودية، التي كانت أشبه بحكومة أمر واقع للسكّان اليهود. مع المصادقة على البرنامج، خرج اليهود إلى شوارع المدن والبلدات اليهوديّة في فلسطين (أرض إسرائيل) معبّرين عن فرحهم بالأناشيد والرقص. وحتّى اليوم، تحيي دولة إسرائيل يوم اتّخاذ القرار في الأمم المتحدة كيوم فرحٍ، وكأحد التواريخ الأكثر أهمية في تاريخ الشعب اليهودي. ورغم أنّ قسمًا من الشعب اليهوديّ، لا سيّما من اليمين، رفض خطّة التقسيم، لكنّ الشعب ككلّ أدرك أنها فرصة تاريخية لا يجب تفويتُها. فإذا أعطَوك دولة، اقبل الهدية.

بالتباين، رفضت قيادة الشعب العربي، بتشجيعٍ من قادة الدول العربية، التقسيم بشكلٍ مطلق وحازِم (عدا أعضاء الحزب الشيوعيّ). فقد أعلن جمال الحُسيني، رئيس الوفد الفلسطيني إلى الأمم المتحدة أنّ “خطّ التقسيم لن يكون إلّا خطّ نار ودم”. وهكذا، في اليوم التالي للتصويت في الأمم المتحدة، بدأت أحداث عنيفة في كلّ أنحاء البِلاد، يدعوها اليهود “حرب الاستقلال”، فيما يدعوها العرب ببساطة “حرب 48”. رأى كثيرون أنّ دولة إسرائيل الفتيّة لن تصمُد في الحرب. بلغت الخسائر بين السكّان اليهود مبلغًا هائلًا، فقد عمّ الحزن كلّ بيت تقريبًا.

ليس الهدف ممّا سبق إنكار المعاناة الفلسطينية أو التقليل من أهميتها، فضلًا عن الاختبار القاسي للطّرد واللجوء، بل القول إنه كان يمكن منع ذلك لو قبل الفلسطينيون ورُعاتهم العرب (الذين استخدموا الفلسطينيين لعقودٍ كأدواتٍ في اللعبة السياسيّة) قيام دولة يهودية في الإقليم.

يمنع رفضهم العنيد فعل ذلك اليوم أيضًا، بعد عقودٍ من الأحداث المُشار إليها أعلاه، الحلّ الممكن والمفهوم ضمنًا لدولتَين – يهودية وعربية – تعيشان الواحدة إلى جانب الأخرى، إن ليس بمحبة كبيرة، فعلى الأقل بعيشٍ مشترك وعلاقات جوار مقبولة.

بعد ستةٍ وستّين عامًا، لا يزال إسرائيليون كثيرون يطمحون إلى إغلاق الحلقة التي فُتحت حينذاك، باعتراف جيرانهم بحقّهم في الوجود، وبإقامة دولة فلسطينية تمثّل نهاية الصراع.

اقرأوا المزيد: 406 كلمة
عرض أقل