لطالما ارتبط شعر الوجه عبر التاريخ بشكل مباشر بالوظيفة الاجتماعيّة أو الدينية. حدّدت قواعد واضحة كيف يجب التصرف في سياقات مختلفة. لكن اليوم، كما في مجالات كثيرة أخرى في حياته، يجد الرجل العصريّ نفسه ضائعًا. فبعد أن تبخرت القواعد والإرشادات وأزيلت التحريمات، على الرجل أن يجد طريقه بين مختلِف أشكال الشوارب واللِّحى، وأن يتجوّل بين فراشي الحلاقة، الرغوات، الكريمات، أمواس الحلاقة، وماكنات الحلاقة، ويخرج سليمًا.
الملك حسين ملك الأردن الراحل ورئيس الوزراء الراحل اسحاق رابين (Wikipedia)
لسنوات، كانت اللحية مؤشرًا إلى المكانة أو الحضارة، ولا سيّما في دول الشرق الأوسط والشرق الأقصى. فقد كانت اللحية تحدّد هوية عددٍ من الشخصيات التاريخية، بينها موسى نبيّ بني إسرائيل، وإبراهيم أبو الأديان التوحيدية، اللذان تزيّنا بلحية كثيفة كما يُروى. كذلك في الغرب، عُرف فريدريك الأوّل، إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة بلقبه “بربروسا” (أحمر اللِّحية). والقرصان إدوارد تيتش، هو مثال على رجُل تمحورت هويته حول لحيته، وهو معروف تاريخيًّا بلقب “اللحية السوداء”. وهذا مجرّد غيض من فَيض.
أسباب إطلاق الشارب كثيرة. في عددٍ من الحالات يكون الأمر جَماليَّا. في حالات أخرى، يكون أمرًا حضاريًّا. ويدّعي بعض علماء النفس أنّ تربية اللحية والشارب تنبع عن أسباب نفسيّة، مثل الرغبة في إخفاء قسمٍ من الوجه.
الممثل السوري ياسرالعظمة (Wikipedia)
بدأ الرجال بإطلاق شاربٍ دون لحية بدءًا من القرن التاسع عشر. بدأ الضباط الإنجليز بإطلاق شواربهم لأنهم لم يتمكنوا من إطلاق لحاهم وقت الحرب، وخدم الشاربُ بديلًا عن اللحية كرمزٍ للرجولة. ثمة بلدان وشعوب يكثر فيها ذوو الشارب، فيما يقلّ عددهم في بلدانٍ أخرى. مثلًا، في بلاد القوقاز، ثمة نسبة مرتفعة لديهم شارب. بالمقابل، الشارب غير شائع في الدول الإسكندنافية.
الشارب “المُهذَّب” هو شارب يكرّس له صاحبه الوقت والجهود. وتتجلى العناية أساسًا في التشذيب المنتظم والدقيق لأطراف الشارب. وثمة أيضًا دهون وكريمات يُثري دهنها على الشارب مظهرَه ويمنحه بريقًا.
اللحية الكاملة والكثيفة
سواء كانت موضة عابرة أم جماليّة أم لا، فإنّ اللحية الكثيفة هي غالبًا مسألة ذوق شخصي. الوسيلة المركزية للرجل لإظهار رجولته هي شعر وجهه. تبدأ اللحية الكاملة والمحترَمة عادةً تحت “تفاحة آدم” وتنتهي تحت عظام الخدّ. يوصى بتشذيب اللحية قرب خطّ الفكّ، بشكل يُبرز بُنية الوجه.
الفيلسوف الألماني الاشتراكي الثوري كارل ماركس (Wikipedia)
تزيّنت شخصيات تاريخية محترَمة بلحية كثيفة بدءًا بالفيلسوف الألماني والاشتراكي الثوري كارل ماركس حتّى الصحفي الأمريكي إرنست همنغواي.
لحية خفيفة على الموضة
الإمكانية الملطّفة والعصرية كما يبدو، إذا كنتم ترغبون في مظهرٍ خشن هي المظهر اللطيف مع لحية خفيفة، ما أصبح خيارًا رئيسيًّا للرجل في القرن الحادي والعشرين. إنه في الواقع قرار عدم اتّخاذ قرار. القضية هي أنه حتّى الشعر الخفيف القاسي يتطلب العناية. يوصى تشذيب اللحية كلّ بضعة أيام عبر ماكنة أو مقصّ، والحفاظ على خطّ شعر تحت تفاحة آدم قليلًا، كما يوصى بحلاقة الشعرات العنيدة فوق خطّ عظام الخدّ.
لكثير من الشخصيات العصرية المحترمة لحية خفيفة: الممثل الهوليوودي جورج كلوني، لاعب كرة القدم المصريّ محمد صلاح، وبالطبع الممثل الهوليوودي الذي لعب دور “باتمان”، كريستيان بيل.
الشارب
هل كان الشارب مرة مجرد شارب؟ يمكن اليوم القول بثقة إنه عاد. من كونه تسريحة تاريخية، عاد الشارب إلى الموضة من جديد.
الممثل الهوليوودي كريستيان بيل (AFP)
هل يعني هذا أنّ المرأة ستحبكم حتى لو كان لديكم شارب تحت الأنف؟ ليس أكيدًا. ليس كلّ شارب يوصلكم مباشرة إلى قلب المرأة، وثمة مَن لطّخ الشارب تاريخهم. من الشوارب الشهيرة في العالم: شارب هتلر، وهو شارب ذو سمعة سيئة في التاريخ البشري. كذلك الملك الأردني الراحل الحسين بن طلال كان له شارب أنيق، وقاد شعبه بسلام اقتصادي وأمني لعقود طويلة. والشارب الشرق الأوسطي المعروف الآخر هو شارب الدكتاتور الشهير في بغداد، صدّام حسين، الذي أُعدم عام 2006 خلال الحرب الأمريكية على العراق. أمّا الشارب المضحك بشكل خاصّ فهو شارب الممثّل الكوميدي بالأسود والأبيض، تشارلي تشابلن. وثمة سوري آخر عُرف بشاربه الأنيق وهو ياسر العظمة، الذي أنتج لسنوات مسلسلًا كوميديًّا ناجحًا كان شاربه النجم الأول فيه. الاستنتاج واضح: يمكن تربية شارب بطريقة محترَمة. يكمن سرّ الشارب الناجح غير المتزعزع في التشذيب المنتظم. لا تتيحوا للشعر أن يغطّي شفتكم العليا. لكي تفعلوا ذلك، ابتسموا ابتسامة عريضة تكشف الأسنان أمام المرآة وشذّبوا شاربكم بمقصّ وفق خطّ الشفة، لكن احرصوا على ألّا تقصّوا أكثر من اللازم.
5 نصائح للحيةٍ مثاليّة
الممثل الهوليوودي جوني ديب (Wikipedia)
احرصوا على الملاءَمة بين نوع الشعر واللحية: لا تحاولوا تربية لحية كاملة إذا كان شعركم خفيفًا جدًّا، وامتنعوا عن تربية شعيرات قاسية قصيرة في الذقن إذا كان شعركم داكنًا وكثيفًا جدًّا.
حافظوا على عادات صحية: يجمع شعر الوجه القاذورات. اغسلوه وافركوه في أوقاتٍ متقاربة.
لا تتيحوا له أن ينمو بشكل همجي: لا يُضرّ بعض التشذيب والتخطيط أحدًا.
انتبهوا لشكل وجهكم: لشعر الوجه قدرة سحريّة على إبراز وتلطيف خطوط معيّنة، فاستغلّوا هذا لصالحكم. ثمة مَن يلائمه ذلك، وثمة مَن لا يلائمه.
احلقوا في الحمّام: يوصى بالحلاقة بعد أو حتّى خلال الحمّام الحارّ وفي غرفة ملأى بالبخار. يلطّف الماء والبخار شعر وجهكم ويفتح مسامات الجلد. بشكل عامّ، تُفضَّل الحلاقة باتّجاه نموّ الشعر. إذا أردتم الحصول على نتيجة أنعم، احلقوا بنعومة مرّة أخرى.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني