في الأيام القليلة قبل بدء المسيرة الفلسطينية الأكبر في السنوات الماضية، المعروفة باسم “مسيرة العودة الكبرى”، ما زالت ملامحها غير واضحة لمعظم المراقبين. ففي حين تكرس إسرائيل جهودها استعدادا ليوم الجمعة القريب “يوم الأرض” الذي يصادف في عشية عيد الفصح اليهودي، يستعد الفلسطينيون لمسيرة قد تمتد لبضعة أسابيع على الأقل، حتى “يوم النكبة” الذي يصادف بتاريخ 15 أيار 2018 أو أكثر.
تأمل حماس والمنظمات الأخرى التي ترأس المسيرة أن يشارك فيها حشد كبير وأن يصل إلى جدار الفصل بين إسرائيل وغزة. في البداية، كانت هناك توقعات أن تتحول المسيرة إلى “مليونية” ولكن حتى الآن يبدو أنه ليس هناك استعداد كبير لدى الفلسطينيين للمشاركة، لهذا تراجعت حماس عن “مسيرة المليون” وباتت تتحدث عن مشاركة 100 ألف فلسطيني.
تجدر الإشارة إلى أنه حتى الآن رغم الجهود المبذولة في الحملة الخاصة بالمسيرة، شبكات التواصل الاجتماعي، والقنوات الإعلامية التقليدية، يبدو أن الحملة لا “تحقق” نجاحا كبيرا، ولكن قد يتغير الوضع قريبا من يوم الجمعة. ففي صفحة الفيس بوك المخصصة للمسيرة شارك حتى الآن بعض آلاف المتابعين فقط، ومن يراقب النشاطات في شبكات التواصل الاجتماعي يلاحظ إلى أن هناك إقدام محدود من جهة الشبان.
بالمُقابل، إسرائيل لا تخاطر وتستعد للحدث وربما أنها تحقق هدفا ليس مرغوبا فيه للمبالغة بحدة التهديدات. فقد تلقى جنود كثيرون تعليمات تحظر عليهم الخروج إلى عطلة عيد الفصح اليهودي وتفرض عليهم البقاء في الثكنات. كما سينشر الجيش قناصون على طول الحدود، وستكون الاستخبارات على أهبة الاستعداد.
لا تقتصر الاستعدادات للمسيرة من جانب الفلسطينيين على قطاع غزة فحسب، ومن المخطط إجراء مسيرة في الضفة الغربية باتجاه نقاط الاشتباكات والمعابر بعد صلاة يوم الجمعة، وطبعا داخل إسرائيل وفي القدس.
ونشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بالعربية، أفيحاي أدرعي، مقطع فيديو تحذيريا للفلسطينيين، ولكن هناك مبادرات أخرى، مثلا، اقترح عوفر مندلوفيتش، والد جندي إسرائيلي قُتِل في الحرب مع حماس في حي الشجاعية في غزة اقتراحا مناشدا فيه سكان غزة الذين يتجهون نحو الجدار أن ينضموا إلى نشطاء سلام إسرائيليين ويشاركوا معهم في مسيرات سلمية.
لم يسمح لامرأة يهودية سورية، كانت قد اعتنقت الإسلام عندما تزوجت من مسلم، بالانضمام إلى والدتها وأختها بعد أن هربت الأسرة من سوريا إلى إسرائيل. نجحت المرأة بالوصول حتى تركيا، وحينها قيل لها إنّه لا يمكنها الذهاب إلى إسرائيل ولذلك عادت إلى سوريا مع زوجها وأطفاله الثلاثة من زواجه السابق.
نشرت الوكالة اليهودية (وهي منظمة يهودية عالمية مركزها في إسرائيل، تعمل من خلال أموال التبرعات وبمشاركة مساهمين من جميع أنحاء العالم وإسرائيل) أمس (الإثنين) بيانا قالت فيه إنّ تصرّفها كانت وفقًا للوائح، وإنّه قد اقتُرح على المرأة خيارات هجرة أخرى، سوى إسرائيل، ولكنها رفضت. وقال الناطق باسم الوكالة إنه يُسمح للوكالة اليهودية إعطاء تأشيرات هجرة إلى إسرائيل للأشخاص الذين يستحقون ذلك وفقا لقانون العودة (وهو قانون من العام 1950 ويمنح لكل يهودي يعرب عن رغبته في الإقامة بإسرائيل الحقّ في القدوم إلى إسرائيل والحصول على مواطنة) فقط، ولكن المرأة رفضت “لأسباب تعرفها هي فقط”. بحسب تعبيره، يُسمح للوكالة اليهودية العمل فقط وفقًا لقانون العودة، الذي يسلب اليهود الذين بدّلوا دينهم الحقّ في الهجرة إلى إسرائيل.
وقد تم إخراج آخر اليهود من حلب في بداية هذا العام من قبل رجل الأعمال الإسرائيلي – الأمريكي، موطي كهانا، المعروف بعلاقاته الوثيقة مع الثوار ضدّ الأسد. كان في المجموعة مريم حلبي، 88 عاما، وابنتاها سارة وغيلدا، خالد زوج غيلدا وأبناؤه الثلاثة. أسلمت غيلدا عندما تزوجت من خالد قبل سنوات قليلة، ولم تتزوج سارة أبدا.
شقّ أفراد الأسرة طريقهم من سوريا إلى تركيا على مدى 36 ساعة، وتم تحويلهم، في آخرها، إلى موظفي الوكالة اليهودية الذين فحصوا إذا كانوا ملائمين للهجرة إلى إسرائيل. وقد ذكرت صحيفة Jewish chronicle التي نقلت الخبر أنّ كهانا قد غضب من موظفي الوكالة الذين منعوا غيلدا وأبناء أسرتها من الهجرة إلى إسرائيل. نظّم كهانا في الماضي عمليات إنقاذ ناجحة لليهود في بلدان إشكالية، بما في ذلك إيران وسوريا.
وتقيم مريم وسارة، اللتان قدمتا إلى إسرائيل قبل نحو ستة أشهر، منذ ذلك الحين في مركز استيعاب في أشكلون، حيث تتم هناك رعايتهما من قبل موظفي وزارة الرفاه الإسرائيلية.
ورغم أنهما لم تعتنقا الإسلام، فقد عاشت مريم وسارة أيضًا، مثل غيلدا، في السنوات الماضية كمسلمات. ونتيجة لذلك، كما قال مصدر مقرّب من الأسرة لصحيفة “هآرتس”، قطع أقرباؤهنّ في الولايات المتحدة العلاقة معهن.
في تموز عام 2000، قبل 15 عاما، عُقد في كامب ديفيد مؤتمر السلام الذي كان يفترض أن يؤدي إلى نهاية الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، وكان الحديث عن محادثات على اتفاق دائم. كانت هذه في الواقع هي المرة الأولى بعد 7 سنوات منذ توقيع اتفاقية أوسلو، التي التقى فيها الإسرائيليون والفلسطينيون للحديث عن موضوعات كبيرة: الأراضي، اللاجئين، الترتيبات الأمنية والأهم من كل شيء هو مستقبل القدس.
بعد 15 عاما، “الحكمة التي بعد فوات الأوان”، كما افتتح الصحفي الإسرائيلي، رافيف دروكر برنامج “أسرار محادثات السلام” في القناة العاشرة، للتحقيق في الأسرار الأكثر ظلمة في مفاوضات كامب ديفيد. محاولة صحفية للكشف عن أكبر قدر من الأسرار حول لغز الأسبوعين المفقودين في المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين في وقت ما عام 2000، والتي انتهت بخيبة أمل وفشل ذريع.
على مدى عام ونصف أجرى دروكر مقابلات مع مسؤولين من جميع الأطراف: فلسطينيين، إسرائيليين وأمريكيين مِمَن شاركوا في محادثات السلام في تلك السنوات.
كان الخطأ الأكبر لهذا المؤتمر، بحسب رأي دروكر، هو في الطريقة التي انتهى بها. واعترف دروكر أنه سأل مسؤولين أمريكيين، لماذا أعلن الرئيس الأمريكي حينذاك، بيل كلينتون، أنّ المفاوضات كانت فاشلة ولماذا ألقوا باللائمة على الفلسطينيين؟ إن إلقاء اللوم على أحد الأطراف كان مخالفا لوعد كلينتون لعرفات وباراك، وهو الوعد الذي أعطاه قبل القمّة. ولم يخدم أيضًا الحاجة إلى الاستمرار وتعزيز المفاوضات وقد دفع بالفلسطينيين إلى زاوية مستحيلة. واعترف دينيس روس، وهو أحد ممثّلي اللجنة الرباعية حتى وقت قريب، أنّ ذلك كان خطأ.
“هناك تفسير آخر إضافي مهم جدا للطريقة التي تصرف بها الأمريكيون: فقد أراد كلينتون الدفاع عن باراك واعتقد أنّ الطريقة الأمثل للدفاع عنه هي إلقاء كل شيء على عرفات. أخطأ كلينتون وباراك أيضًا”، هذا ما استنتجه دروكر.
كلينتون، باراك وعرفات في محادثات كامب ديفيد عام 2000 (AFP)
إذن فما الذي حدث من أخطاء في مؤتمر السلام الأول بين الفلسطينيين والإسرائيليين حول الاتفاق الدائم، في وقت ما من عام 2000؟
لم يكن الفريقان مستعدين: لم يكن هناك نضج في الجانب الفلسطيني
توصل الكثيرون ممّن حللوا فشل كامب ديفيد إلى نتائج واضحة جدا بخصوص استعدادية الفريقين عند الوصول إلى مؤتمر سلام قسري. تجاهل إيهود باراك تقريبا بشكل تام سلسلة طويلة من التحذيرات التي تلقاها في وقت مبكر من رجاله الذين عرفوا أفضل منه فريق المفاوضات الفلسطيني: لم يكن الفلسطينيون ناضجين، العالم العربي ليس مطلعا على الأمور، لا تدعم الجامعة العربية، ولا تدفع قدما مصر مبارك، صفقة مثل هذه كان ينبغي إعدادها بحرص وتخطيطها بحذر، بما في ذلك أسوأ السيناريوهات في حال انفجار المؤتمر، وهلمّ جرا.
ولكن باراك يتمسك بوجهة نظره، ويريد كامب ديفيد. كانت صورة افتتاح المؤتمر لا تُنسى: باراك وعرفات يتشاجران أمام بوابة الدخول، من سوف يضحّي ويدخل قبل الآخر، عرفات يشير إلى باراك بالدخول، في حين أن باراك يشير له أيضا بالدخول، فيبدأن بالشجار الجسدي، حتى دفع باراك ببساطة عرفات إلى الداخل واختفى الاثنان.
نزاع وثغرات كبيرة حول القضايا الجوهرية
كانت نقاط بدء المفاوضات بين الفريقين في مجموعة متنوعة من القضايا التي كانت في جدول الأعمال كبيرة جدا. فيما يلي مخطط الثغرات، الأولي، في أربع قضايا رئيسية.
الفجوات في مواقف الطرفين
بعد أيام طويلة من النقاشات المطولة والليلية وبعد التنقل بين الفريقين، كان باراك مستعدّا للتوصل إلى قرار والكشف عن جميع أوراقه والوصول إلى اتفاقات أكثر اتساعا مع فريق المفاوضات الفلسطيني. فيما يلي باختصار كبير وغير كامل أسس الاقتراح الذي قدّمه باراك لعرفات. كان الجانب الفلسطيني مستعدّا، كما ذكرنا، لدراسة هذا الاقتراح فقط بعد انتهاء المؤتمر وبعد جولة من الاستشارات مع قادة العالم العربي والإسلامي، وهو الأمر الذي لم يكن باراك مستعدا لقبوله.
الفجوات في مواقف الطرفين
ونشير إلى أنه بعد أن سمع كلينتون اقتراح باراك على الفلسطينيين أشار أمامه إلى أنه زعيم شجاع وأنّه “لو لم يقبله عرفات، فإنه بحاجة إلى طبيب نفسي”.
أجواء من عدم الاحترام والكراهية المتبادلة بين الزعماء
محادثات كامب ديفيد: باراك، أولبرايت وعرفات في طريقهم الى طاولة المفاوضات (AFP)
اعترف كل من كان حاضرا في المؤتمر، تقريبًا، بعد سنوات من ذلك أنّه قد سادت فعلا في المؤتمر الذي استمر لأسبوعين أجواء صعبة من عدم الثقة بين المسؤولين الذين كان يفترض بهم أن يتّخذوا القرار. كان أساس الكراهية والعداء، بين باراك وعرفات.
ويصف دروكر في المقال بعض الحوادث التي كان بالإمكان من خلالها الشعور بأنّ الجليد بين الزعيمين لن يُكسر أبدا، وهو أمر مهم جدا في مثل هذه الأطر من المفاوضات بين الطرفين على مستقبل الصراع الدموي بين الشعبين.
وقد اعترف مسؤولون في فريق إيهود باراك بالفم الملآن أنّ باراك كان ينفر من عرفات. اعترف شلومو بن عامي، وزير الأمن الداخلي في حكومة باراك، أكثر من مرة، أنّ باراك لم يكن قادرا على إجراء حوار مع عرفات. لم يتبادلا كلمة واحدة تقريبا في وجبة مشتركة لجميع الأطراف.
ويتذكر صائب عريقات، وهو عضو دائم في فريق المفاوضات الفلسطيني، حادثة مخجلة ظهر فيها إيهود باراك وهو خارج من مكان إقامته مع إسرائيليَّيْن ويمر أمامه رئيس السلطة الفلسطينية، ياسر عرفات، دون أن يسلّم عليه. “كان ذلك أمرا لا يُصدّق، ركضتُ خلف باراك وقلت له. أنت تعيش في الشرق الأوسط. عملك هذا ليس مقبولا. لا يمكنك تجاهل عرفات هكذا دون التسليم عليه ومصافحته”، كما قال عريقات. فقط بعد أن تدخّل عريقات، عاد باراك ليصافح الرئيس عرفات.
عرفات يعود الى رام الله خائب الأمل (AFP)
وأوضح صائب وشركاؤه الإسرائيليون في المفاوضات عدة مرات لباراك أنّ الرئيس عرفات هو شخص فخور وأنّ السلوكيات والإيماءات هي أمر مهم.
كانت هناك أهمية كبيرة، كما يبدو، لقضايا الاحترام والدفء بين طواقم المفاوضات عند الجانب الفلسطيني، وهو الأمر الذي لم يكن واضحا لدى الفريقين الآخرين.
تفرّق مؤتمر كامب ديفيد دون التوصل إلى اتفاق. بعد أشهر من ذلك اندلعت الانتفاضة الثانية، انتفاضة الدماء: قُتل فيها أكثر من ألف مواطن إسرائيلي بريء، وأكثر من 3,000 فلسطيني. انهار معسكر السلام الأكبر والأقوى في إسرائيل وتفكّك، ولم يتعافَ حتى الآن من الصدمة. وقد تحطمت الثقة الهشة بين الجانبين. وتوقفت عملية أوسلو. ولا تزال شظاياها متناثرة حتى اليوم على السطح.
أبو مازن يُضحي بـ 18,000 لاجئ باسم حقّ العودة الفلسطينية
وافقت إسرائيل على استيعاب عشرات آلاف الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، المعرّضون للخطر المباشر في مخيّم اليرموك للاجئين في سوريا، ولكن أبا مازن قرّر أن حقّ العودة أكثر أهمية وحكم عليهم بالجوع والموت
قبل عدة سنوات، قال لي أحد الأشخاص، وهو مستشار لأبي مازن بأنّه يمكن أن نسميه “المثقف الفلسطيني”، لأنّه من حيث ترتيب الأولويات لدى الفلسطينيين فالدولة المستقلّة ليست في أعلى سلّم الأفضليات. ماذا إذن؟ حقّ العودة، بمفهومه العملي: العودة إلى أراضي فلسطين (أرض إسرائيل). ربما ليس تماما إلى المكان الذي كان فيه البيت القديم قائما، ولكن في مكان ما في المحيط. بعد العودة، ولأنّها غير ممكنة، جاء النضال ضدّ إسرائيل. ولذلك حظيت عمليات حماس بدعم واسع: “المقاومة” أكثر أهمية من إقامة دولة مستقلة.
لم يكن هناك أبدا تجسيد ملموس إلى هذه الدرجة لسلّم الأولويات هذا، منذ التطورات الأخيرة بخصوص إنقاذ نحو 18 ألف فلسطيني من مخيم اليرموك في ضواحي دمشق. يمكن أن ندعو ذلك: العودة أو الموت. اتّضح أنّه قبل نحو شهر ونصف وافقت إسرائيل على السماح لعدد كبير من الفلسطينيين، من ضحايا الجوع والدمار من الحرب الأهلية السورية، بإيجاد ملجأ في أراضي السلطة الفلسطينية، في الضفة الغربية أو في غزة؛ وكلّ ذلك بوساطة الأمم المتحدة. واجه هذا الاقتراح مقاومة مفاجئة، لأنّها كانت مقترنة بتنازل أولئك اللاجئين عن عودتهم إلى بلداتهم الأصلية قبل عام 1948. قرّر أبو مازن التنازل باسمهم عن التخلّي عن حقّ العودة، وحكم عليهم بذلك بالمعاناة الفظيعة في مخيم اليرموك في دمشق، والذي قامت فيه معارك بين تنظيمات الثوار، بما في ذلك داعش، وبين قوات نظام بشار الأسد.
قبل نحو شهر ونصف وافقت إسرائيل على السماح لعدد كبير من الفلسطينيين، من ضحايا الجوع والدمار من الحرب الأهلية السورية، بإيجاد ملجأ في أراضي السلطة الفلسطينية، في الضفة الغربية أو في غزة؛ وكلّ ذلك بوساطة الأمم المتحدة. واجه هذا الاقتراح مقاومة مفاجئة، لأنّها كانت مقترنة بتنازل أولئك اللاجئين عن عودتهم إلى بلداتهم الأصلية قبل عام 1948. قرّر أبو مازن التنازل باسمهم عن التخلّي عن حقّ العودة، وحكم عليهم بذلك بالمعاناة الفظيعة في مخيم اليرموك في دمشق
حظي كلّ ذلك بتغطية عشوائية، سطحية وغير مفصّلة في الإعلام الإسرائيلي، وتلاشى. والسبب في أنّ الموضوع لم يحظَ بأي عنوان هو أنّ الكارثة في اليرموك تتناقض مع الرواية الفلسطينية. ولكنها أكثر من ذلك تتناقض مع رواية هجمة الكراهية المعادية للصهيونية والتي تشترك فيها الحركات اليسارية في العالم وفي إسرائيل.
الفلسطينيون الذين يموتون ويتعرّضون للتعذيب غير محسوبين، طالما أنّ من يرتكب الأهوال لا يرتدي زيّ الجيش الإسرائيلي. هذا ما كُتب صراحة في صحيفة “الغارديان” البريطانية وفي “الجزيرة”. بل وصف ناشط فلسطيني في حقوق الإنسان الصمت بخصوص الأهوال في اليرموك في الإعلام بأنّه “صمت مخيف”. ويشارك أبو مازن الذي يهاجم إسرائيل على جميع الجبهات في هذا الصمت. فذلك سيسلبه تصدر العناوين من الفيفا؛ وسيسلبه ذلك خطابات أوباما، الذي أعلن في الواقع ليلة عيد إنزال التوراة بأنّ إقامة دولة فلسطينية هو من أسس الديانة اليهودية. ربما في الوصية 11 أو 12، من يعُدّ.
كان سيتناقض ملجأ لآلاف الفلسطينيين الذين يموتون في الضفة الغربية أيضًا مع أسطورة “الاحتلال العنصري العنيف”. فمن الذي يرغب بأنّ يتم استيعابه في هذه الأرض المهدّدة، الواقعة تحت سيطرة “الأبرتهايد الإسرائيلي النازي”؟ لجميع هذه الأسباب، رأينا نموذجا ملموسا كيف تعتبر القيادة الفلسطينية الوطنية، إن كان هناك وجود لشيء كهذا، عرب 48 الموجودون خارج حدود البلاد أعلافا دعائية للمدافع، حرفيّا. شيء من هذا القبيل: “ابقوا في اليرموك الذي يتعرض للقصف والمُجوّع واصمتوا”. يمكن بالفعل أن تُكتب مسبقا ردود الفعل على الحادثة إذا كان سيتم تنفيذ إنقاذ كهذا إلى أراضي السلطة الفلسطينية: إسرائيل تغسل جرائمها بواسطة 18 ألف لاجئ حرب. فقد رأينا كيف يتعاملون مع عملية المساعدة في نيبال.
كيف يتم غسل الإبادة الجماعية
الشاب، إيهم الأحمد، عازف البيانو من مخيم اليرموك (AFP)
كل المشكلة الفلسطينية الآن هي في جبيرة من التثبيتات العقلية، لقادة الدبلوماسية والأيديولوجيا في العالم وفي البلاد. الأسئلة الكبرى في الوضع الحالي هي: من هو اللاجئ؟ ما هي المجزرة، ما هي الإبادة الجماعية؟ ما هو الشعب؟ أو، ماذا تبقّى من القوميّة العربية؟
هذه هي الأسئلة الحرجة، ولكن ذلك لم يزعج فيديريكا موغيريني أن تطالب بشدّة من وراء المنصّة بقسم متكرّر لرئيس الحكومة في موضوع حلّ الدولتين. وذلك لا يزعج فرنسا لتعزز قرارا في مجلس الأمن والذي ينصّ على جدول زمني لانسحاب إسرائيل وإقامة دولة فلسطينية، حيث إنّ الرئيس الأمريكي يتمايل ولا يضمن مظلّة دبلوماسيّة.
إذن فلنبدأ من السؤال الأخير: لم يتبقّ شيء من القوميّة العربية. ما يسود في رام الله يمكن أن نسميه الحكم السني غربيّ الأردن. كما أنّه لم يعد هناك وجود للدولة العراقية ولا الدولة السورية ولا اللبنانية أو اليمنية، فلم يبقَ شيء من قومية تلك البلدان، وهكذا أيضًا القوميّة العربية تفكّكت تماما. القومية الفلسطينية فقط تستمرّ في الازدهار كمفهوم لا يُقهر؛ لكونها حجر زاوية لما وصفه البروفيسور الراحل روبرت ويستريخ الدين المدني في الغرب والذي يولّد معاداة السامية. مساهمة إسرائيل في الحرب ضدّ داعش هي قبل كل شيء السيطرة على المنطقة السنية الصغيرة غربيّ نهر الأردن، من أجل منع سيطرة عصابات داعش وحماس.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (الرئاسة الفلسطينية)
وبخصوص سؤال اللاجئين كما بخصوص قضية الإبادة الجماعية فالإجابات بسيطة: صحيح أنّنا نرى كلّ يوم عشرات ومئات آلاف المسلمين اليائسين يتحرّكون: يفرّون على الجسر من الرمادي، ويهربون من تدمر في سوريا. إنهم يفرّون من كل مكان. ولكن لا تخطئوا: إنهم ليسوا لاجئين، ليس حقّا. في الشرق الأوسط، أو في العالم كله، هناك فقط “اللاجئون الفلسطينيون”. فقط لاجئو الـ 48 محسوبون. ملايين المشرّدين الذين يملأون لبنان والأردن؛ هؤلاء ليسوا لاجئين في الحقيقة، لأنّ “صهيونية” أري شبيت وديفيد رمنيك ليست مشاركة في الموضوع.
وهكذا أيضًا بخصوص الإبادة الجماعية. في الشرق الأوسط، وخصوصا في مناطق الشام، قلب المنطقة، تجري إبادة جماعية. كانوا على حقّ أولئك القلّة الذين ذكروا في ذكرى يوم الهولوكوست بأنّ ما يحدث في سوريا يجب أن يشغل اهتمامنا بالتأكيد بسبب الهولوكوست. ولكن بالنسبة للرئيس أوباما هناك اهتمامات أخرى، رغم أنّ عليه مسؤولية غير مباشرة لنوبة الإبادة الجماعية هذه: التصريحات التي قالها رئيس الحكومة نتنياهو عن عرب إسرائيل في الدقيقة التسعين من الانتخابات الإسرائيلية أكثر أهمية من جميع ما يحدث حولنا. والإبادة الجماعية؟ لأجل ذلك هناك عملية “الجرف الصامد”. الهولوكوست؟ مذبحة اللد عام 1948 أكثر أهمية ليهود الولايات المتحدة من الهولوكوست.
والنتيجة هي بطبيعة الحال “تحليل الإبادة الجماعية”. للجميع. للفلسطينيين أيضًا. إذا لم تطأ قدم الرجل الأبيض في المنطقة، وإذا لم تكن هناك الأحذية العالية لوحدات الجيش الإسرائيلي: فكل شيء مسموح. وخصوصا إذا تحدّث أبو مازن وصمت بان كي مون.
عجوز فلسطيني من مخيم الفوار في الخليل يحمل لافتة لذكرى النكبة ال67 (AFP)
إسرائيل والنكبة الفلسطينية
تكمن الصعوبة الأكبر لدى إسرائيل في الاعتراف بالنكبة الفلسطينية في اعتبارين رئيسيين: الأول يتعلق برواية النكبة كما يعرضها الفلسطينيون، أما الثاني فيتعلق بالعلاقة بين النكبة والصراع الإسرائيلي - الفلسطيني
اليوم الأحد، 15 أيار، يُحيي الفلسطينيون ذكرى يوم النكبة ال67 ، والتي تُمثّل مأساة الفلسطينيين الذين فقدوا أراضيهم في فترة حرب العام 1948 بين إسرائيل والدول العربية، وأصبحوا لاجئين في الدول العربيّة. يُحيي الفلسطينيون داخل إسرائيل، في الضفة الغربية وغزة هذا اليوم بالمسيرات والمظاهرات. لا تزال إسرائيل، التي تأسست عام 1948، تجد صعوبة في الاعتراف بالنكبة والحديث عنها بانفتاح، لماذا؟ وأين يوجد في إسرائيل، فعلا، خطاب يعترف بالنكبة؟
من المتفق عليه إسرائيليا أن إسرائيل الرسمية تجد صعوبة في الاعتراف بالنكبة الفلسطينية لاعتبارين رئيسيين: الأول يتعلق بالرواية الفلسطينية حول النكبة والتي لا تُعتبر متوازنة في نظر إسرائيل. تتحدث هذه الرواية عن نزع ملكية الأراضي، الطرد والتدمير، وإسرائيل تجادل في ذلك. في الواقع، لا تقبل إسرائيل أن تقرّ بشكل واضح وجليّ بأنّ العرب قد طُردوا أو سُلبت منهم أراضيهم. إذ يظهر في صفحات تاريخها أنّ جزءًا من الأراضي تم شراؤه من قبل اليهود بموافقة مالكيها العرب، بالإضافة إلى أنّ جزءًا كبيرًا من العرب قد اختار الهرب في فترة حرب عام 1948، سواء من الخوف على مصيرهم أو بسبب دعوات الدول العربيّة التي طلبت منهم ذلك.
وبالنسبة لها فالصراع على الأراضي بين اليهود والعرب لم يبدأ عام 1948. فهو يعود إلى ما لا يقلّ عن 100 عام قبل ذلك، عندما بدأ اليهود من أوروبا بالهجرة إلى فلسطين وأسسوا مستعمراتهم في أجزاء البلاد وبشكل خاص بواسطة شراء الأراضي.
من الجدير بالذكر أن العديد من الباحثين الإسرائيليين، وتحديدا المؤرخين، قد كتبوا فعلا عن طرد العرب من قراهم في أماكن عديدة، والنقاش الأكاديمي حول السؤال “هل هربوا أم طُردوا؟” مستمرّ ليكون مادة للوظائف والكتب التي تُكتب في الأكاديميا الإسرائيلية. بل وصف مؤرخون إسرائيليون “ما بعد المعاصرين” مثل إيلان بابيه ما حلّ بالفلسطينيين بأنه “تطهير عرقي”، ولكن هؤلاء المؤرخين خارج الإجماع الإسرائيلي ويُعتبرون منبوذين في إسرائيل.
الموضوع الآخر المتعلّق بالرواية الفلسطينية والذي تُضعفه إسرائيل هو مسؤولية العرب التاريخية عن مصيرهم. ففي حين أن المؤرخ السوري قسطنطين زريق قد صاغ اسم “النكبة”، وألمح بذلك بأنّها كارثة سقطت على العرب المولودين في فلسطين مثل البرق في يوم صاف، تطرح إسرائيل، مرارا وتكرارا، سلسلة الأحداث التي تسبّبت بالنكبة ومسؤولية العرب عن مصيرهم. وتتعلق تلك المسؤولية بالاختيار التاريخي للقادة العرب في رفض خطة التقسيم التي طرحتها الأمم المتحدة، واختيار الحرب ضدّ اليهود في إسرائيل.
إحياء ذكرى النكبة ال67 في رام الله 2015 (AFP)
بالنسبة للعديد من المفكرين الإسرائيليين فإنّ المعاناة الفلسطينية التي ولّدتها الحرب التي كانت حربا اختيارية من قبل العرب، هي معاناة يجب الاعتراف بها واحترامها، كما عبّر عن ذلك المؤرخ المعروف في إسرائيل، شلومو أفنيري، ولكن الأمر لا يُلغي الحساب النفسي العربي حول مصير الفلسطينيين.
بالإضافة إلى ذلك، يطالب العديد من المفكرين في إسرائيل بالاعتراف بالمعاناة الفلسطينية، بشكل خاصّ، بين الأقلية العربية في إسرائيل، بل وإحيائها.
وهناك صعوبة أخرى تظهر من قبل إسرائيل في الاعتراف بالنكبة الفلسطينية، وهي استمرار الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني وعدم قدرة الطرفين على التوصل إلى تسوية تاريخية. إنّ استمرار الصراع يجعل إسرائيل تواصل التمسّك بخطّ دفاعي ومنغلق بخصوص النكبة الفلسطينية. أحد المواضيع البارزة التي تشرح هذه النقطة هو اللاجئون الفلسطينيون، وهم يشكلون نقطة رئيسية في قصة النكبة، وبالنسبة لإسرائيل فهي موضوع حساس بالنسبة ليهودية دولة إسرائيل.
تخشى إسرائيل بأنّها لو اعترفت بالنكبة فسيُعتبر الأمر تنازلا من جهتها في موضوع اللاجئين. حتى اليوم لم يكن هناك زعيم إسرائيلي قد وافق على الحديث عن عودة اللاجئين الفلسطينيين من الدول العربيّة إلى إسرائيل، وبالتأكيد ليس بالأرقام التي يتحدث عنها الفلسطينيون.
وطبعًا، الموقف الإسرائيلي من النكبة ليس “ثابتا”، ففي السنوات الأخيرة ازدادت قوة سياسة اليمين التي تُحاول حظر إحياء النكبة وخصوصا في يوم استقلال إسرائيل. وقد أوضح بعض الوزراء في إسرائيل قائلين “إنّ يوم استقلال إسرائيل لا يمكن أن يكون كارثة”. بالإضافة إلى ذلك، حاول برلمانيون إسرائيليون يمينيون تقييد إحياء ذكرى “يوم النكبة” في إسرائيل زاعمين بأنّه يقوّض وجود دولة إسرائيل.
ورغم هذه التوجهات من قبل اليمين، فالتطبيق الشهير، iNakba، الذي يهدف إلى تذكر القرى الفلسطينية المهدّمة، تم تطويره من قبل جمعية إسرائيلية تُدعى “ذاكرات”. تعرّف الجمعية نفسها على أنها جمعية تُعزّز مسؤولية الشعب اليهودي في إسرائيل عن النكبة الفلسطينية، وتدعم تنفيذ حقّ العودة للاجئين الفلسطينيين.
وهكذا يمكننا أن نخلّص بأنّه في حين أنّ إسرائيل الرسمية لا تأبه بالخطاب حول النكبة، ولا تعترف بجوانب معيّنة تتكوّن منها رواية النكبة الفلسطينية، فعلى المستوى المدني الأمر ممكن فعلا، إذ لا تتوقف المطالبات من قبل باحثين ومفكرين إسرائيليين للاعتراف بالنكبة. والسؤال المثير للاهتمام هو هل يستطيع العرب أيضًا تحمُّل مسؤوليّتهم عن المعاناة الفلسطينية فيما إذا تحمّلت إسرائيل مسؤوليّتها؟
لو كنتُ فلسطينيا لحاولتُ أن أتعلم من اليهود، ومن أكبرهم أولا. ما هو المبدأ الذي وجّه دافيد بن غوريون منذ بدء مسيرته؟ خذ كل ما يعطونك إياه. لقد رد بالإيجاب على اقتراح تقسيم لجنة بيل (Peel Commission) وبعد ذلك على قرار الأمم المتحدة من 29 تشرين الثاني، من خلال الاعتراف بأن شيئا ما أفضل من لا شيء. لقد أراد أن يحصل بكل ثمن على مساحة رحبة وأرضية حدودية يمكن فيها بناء دولة مستقلة تحظى باعتراف دولي.
ثانية، كنت سأستجيب فورا بلا تردد لكلا الطلبين الأساسيين اللذين يضعهما اليهود كشرط لا تنازل عنه، واللذين من ناحيتي لا قيمة لهما سوى ما يحملان من رمزية. كنتُ سأوقّع فورا على مطالب نتنياهو وأعترف بإسرائيل دولة الشعب اليهودي القومية: كلما كان الموضوع متعلقا بالفلسطينيين فليس في هذا الطلب شيئا حقيقًّا. هذه مشكلة إسرائيلية داخلية، وإن كان اليهود يريدون تدمير المساواة والديمقراطية في بلادهم فلمَ ينبغي لذلك أن يزعجني؟ من الصحيح أن القصد هو الإضرار بحقوق العرب حاملي الهويات الزرقاء وفرض مفهوم المواطنة بالقومية اليهودية، لكن من ناحية الفلسطينيين فهناك في الأمر أفضلية إذ أن خلق هذا الوضع من عدم المساواة القانوني، الذي يوحي بالحكم العنصري، سيجعل العالم الغربي كله يثور ضد إسرائيل. في الوقت عينه، سيخوض اليسار والوسط في إسرائيل صراعا حول السلطة. وأضف إلى ذلك، بين الخط الأخضر والبحر المتوسط، العرب هم 20% من السكان، وسيعرفون كيف يهتمون بأنفسهم.
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (Issam RImawi/FLASH90)
بنفس السياق، كنت سأعلن بصوت عالٍ أني متنازل عن حق العودة، لأن فقط من يحلم أحلام اليقظة يؤمن بأنه سيعود يوما إلى حيفا، الرملة وطبريا. أي إنسان عقلاني سيتردد في منح اليهود هواء دافئا مقابل إزالة العقبة الأخيرة أمام المفاوضات الجدية بشأن إعلان الدولة الفلسطينية، المستوطنات والحدود؟ كنت سأؤكد أنه ليست لدي أية مطالب بمناطق فقدناها في النكبة، والتي هي نفسها حرب استقلال اليهود، لأنه على أية حال، ليس هناك احتمال بالعودة إليها ثانية. بهذا كنت سأُرسي في الرأي العام الإسرائيلي والعالمي معا الخطّ الأخضر بمثابة الحدود المتفق عليها على كل الفلسطينيين، على كل دول العالم، على أغلب يهود العالم وعلى أغلب الإسرائيليين. أقلية يهودية فقط، عنيفة وصارخة- التي لا تمسك بخناقنا نحن الفلسطينيين فقط، بل تخنق أيضا المجتمع الإسرائيلي بنفسه- تحاول أن تقنع العالم بأننا ما زلنا نقاتل في حروب سنوات الـ 40. لكن عندما يحلم الفلسطينيون بقراهم التي لم تعد بعد، فما ذلك إلا ليقنعوا أنفسهم أن حياتهم لم تنته بعد. أعطوهم ليبنوا لأنفسهم حياة حقيقية وسينسون الأساطير.
الموضوع الثالث الذي كنتُ سأتعلمه من بن غوريون هو تأمين دعم دائم من دولة عظمى. أمريكا، عدا عن الجامعات، ما زالت مفقودة من ناحيتنا نحن الفلسطينيين؛ فهناك لليهود اليمينيين أكثر مما يجب من المال والتأثير. لكن الاحتمال في أوروبا أكثر واقعية: ما يُلفت النظر أن التعاطف مع العرب والمسلمين لا يعمل لصالح اليمين الإسرائيلي، وذلك ما تثبته البرلمانات الأوروبية أسبوعا بعد أسبوع. لقد أصبح الحكم الاستعماري الإسرائيلي مكروها أكثر فأكثر في أوروبا: يتجاهل اليمين الإسرائيلي ذلك، وهذه فرصة ممتازة لتطوير سياسة عقلانية، معتدلة، لكنها نشطة فيما يتعلق بالموضوع الفلسطيني، كما عرف اليهود في وقتهم كيف يقومون بذلك، حين كان لديهم التعقل والقيادة التي ترى أبعد من أنفها.
طفل فلسطيني في احدى أحياء القدس الشرقيية (Flash90/Miriam Alster)
مواطنات من حي جبل المكبر في القدس الشرقية (Flash90/Sliman Khader)
مواطنات من حي جبل المكبر في القدس الشرقية (Flash90/Yonatan Sindel)
مظاهرة فلسطينية في باب العمود، القدس الشرقية (Flash90/Yonatan Sindel)
يصل إلى القدس الشرقية مئات الآلاف من السيّاح الذين يساهمون في سبل العيش المحلية القائمة على تقديم الخدمات لكثير من السياح (Flash90/Nati Shohat)
المدينة المقسّمة: 5 أمور لا تعرفونها عن القدس الشرقية
أحداث العنف التي لا تتوقف في القدس بالأشهر الأخيرة، والتي أوصلت مستوى التوتر بين اليهود والعرب إلى ذروة جديدة، تثير مجددًا الجدل الأبدي: إلى أين تتّجه المدينة المقدّسة؟
قبل 47 عاما، في ذروة نشوة إسرائيل وانتصارها في حرب 1967، هبط قرار هناك شكوك أن يتمّ قبوله اليوم بهدوء: ضمّ أراضي المدينة التي كانت تحت السيادة الأردنية، وعدد من القرى في المنطقة معها. وهكذا، بين عشية وضحاها، ولدت خريطة القدس الموحّدة. تحوّلت من 6 كيلومتر مربّع إلى مدينة مساحتها 70 كيلومترا مربّعا، تقريبًا 11 ضعفًا. أثارت أحداث العنف المستمرّة في العاصمة مجدّدا السؤال حول مستقبل القدس ووحدتها.
انتشرت في الوعي الإسرائيلي قداسة جبل الهيكل وحائط المبكى، ولكن في الواقع، فمنذ عام 1967 يعيش آلاف الفلسطينيين تحت السيادة الإسرائيلية في وضع خاصّ لسكان دون مواطنة كاملة.
الصدامات العنيفة في القدس (Sliman Khader/FLASH90)
في واقع معقّد من تعدّد القوميات ومشبع بالعلاقات الدينية، من الصعب جدا أن نرسم سيناريو مدينة موحّدة، يشعر فيها كلّ مواطن – عربيّا أو يهوديّا أو غير ذلك – بأنّه ينتمي لنفس المدينة. في الوعي الإسرائيلي والفلسطيني فإنّ القدس هي حقّا مدينة واحدة. في الواقع هناك في المدينة مدينتان فرعيتان: من جهة القدس الغربية (وفيها غالبية يهودية واضحة) ومن الجهة الأخرى القدس الشرقية (وفيها غالبية فلسطينية واضحة).
ومن أجل فهم التعقيدات في القدس الشرقية، جمعنا عددا من الأمور المثيرة للاهتمام حول الجزء الشرقي من المدينة المقدّسة.
مواطنات من حي جبل المكبر في القدس الشرقية (Flash90/Yonatan Sindel)
1. يبلغ تعداد سكان القدس الشرقية أكثر بقليل من ثلث سكان المدينة، وفقا لدائرة الإحصاء المركزية، من بين 815300 مواطن، فإنّ 301100 هم من الفلسطينيين (37%). 75.3% من سكان القدس الشرقية، وأكثر من 82% من الأطفال هناك يعيشون وفق التعريف تحت خطّ الفقر. 53% فقط من التلاميذ الفلسطينيين يدرسون في المدارس البلدية (بيانات رسمية لدائرة الإحصاء المركزية) الرسمية. هناك نقص كبير في الصفوف الدراسية ويزدحم الكثير من الأطفال في شقق صغيرة تمّ تحويلها إلى صفوف دراسية. 36% من التلاميذ لا ينهون 12 سنة تعليمية.
طفل فلسطيني في احدى أحياء القدس الشرقيية (Flash90/Miriam Alster)
2. وترسم بلدية القدس، المسؤولة عن رفاهية وأمن المواطنين الفلسطينيين في القدس الشرقية، صورة مختلفة. مؤخرا فقط ادعى رئيس بلدية القدس الحالي، نير بركات، أنّه تمّ اتخاذ قرار (في نهاية حزيران 2014) باستثمار 3 مليون شاقل (نحو 850 ألف دولار) في أحياء القدس الشرقية في إطار برنامج تنمية اقتصادية – اجتماعية، وذلك في أعقاب ارتفاع حوادث العنف الأخيرة في القدس الشرقية. خُصّص البرنامج الاقتصادي لتقليص الفجوات في مجالات البنية التحتية المتهالكة، العمل، التعليم والرعاية الاجتماعية.
يصل إلى القدس الشرقية مئات الآلاف من السيّاح الذين يساهمون في سبل العيش المحلية القائمة على تقديم الخدمات لكثير من السياح (Flash90/Nati Shohat)
3. والمشكلة الرئيسية التي تُثار مؤخرا وتؤجّج شرارة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هي موضوع شراء الشقق السكنية وقطع الأراضي من قبل الإسرائيليين أو الجمعيات اليهودية في الأحياء العربية الفلسطينية مثل حيّ سلوان، راس العمود أو جبل المكبر. وفقا للمعطيات التي تنشرها جهات يسارية إسرائيلية مثل: “حركة السلام الآن”، فإنّ نحو 2000 مستوطن يقيمون في منازل متفرّقة في أحياء فلسطينية. وكشف تحقيق قامت به الحركة بأنّ حكومة إسرائيل تقوم بدفع ثمن الحراسة الخاصة لجميع أسر المستوطنين في القدس الشرقية بتكلفة تبلغ أكثر من 70 مليون شاقل في العام لجميع الأسر. وتتفاقم المشكلة لأنّ جزءًا من العقارات التي سيطر عليها المستوطنون هي تطبيق لقانون العودة (وهو قانون يمنح كلّ يهودي يعبّر عن رغبته بالإقامة في إسرائيل الحقّ في الهجرة إلى إسرائيل والحصول على مواطنة، وقد صدر هذا القانون عام 1950) على منازل كانت مملوكة ليهود قبل عام 1948. وقد تلقّى أصحاب العقار الأصليون تعويضات من الدولة مع قيام الدولة فورا. وبحسب تصريحات منظّمات اليسار، فإنّ هؤلاء المستوطنين يعرّضون إسرائيل للخطر ويفتحون بابا قانونيّا لتطبيق حقّ العودة الفلسطيني، والذي لا ترغب إسرائيل رسميّا بالاعتراف به.
عضو الكنيست بن آري (اليمين) ووزير الإسكان اوري ارييل في زيارة للمسجد الأقصى (Flash90/Oren Nahshon)
4. ولأنّ معظم المواقع التاريخية ذات الطابع الديني مركّزة في القدس الشرقية مثل: جبل الهيكل والمسجد الأقصى، حائط المبكى وكنيسة القيامة؛ تحظى الأحياء الفلسطينية حول الأماكن المقدّسة بتطوير مشاريع اقتصادية سياحية كبيرة. خلال العام كلّه يصل إلى القدس الشرقية وإلى الأحياء المسيحية واليهودية والإسلامية مئات الآلاف من السيّاح الذين يساهمون في سبل العيش المحلية القائمة على تقديم الخدمات لكثير من السياح الذين يزدحمون في الأحياء الفلسطينية: المطاعم، محلات بيع التذكارات، الأقمشة، المقاهي، الفنادق وبيوت الضيافة والمرشدين السياحيين. تُلاحظ حركة ضئيلة من السياح في أزقة البلدة القديمة في القدس في كلّ مرة يتطوّر نزاع عنيف بين سكان المكان والأحياء الفلسطينية التي تحيط بالمدينة، وبين قوى الأمن الإسرائيلية. تؤدي هذه الأوضاع إلى انخفاض حادّ في عائدات السياحة وضربة قاسية لأماكن العمل والاقتصاد في القدس الشرقية.
مظاهرة فلسطينية في باب العمود، القدس الشرقية (Flash90/Yonatan Sindel)
5. التطرّف والتشدّد: العنف المتصاعد في القدس لم ينشأ في فراغ. تفهم المنظومة السياسية والاجتماعية في إسرائيل جيّدا أنّ الفلسطينيين من سكان القدس الشرقية يعانون عقود من الإهمال والدليل على ذلك هو البيانات الديموغرافية – الاجتماعية الصعبة. في الوقت نفسه، فإنّ تجاوز التحدّي من قبل دوائر إسلامية متطرّفة، تحرّكها جمعيات خيرية وشيوخ يقودون الرأي العام نحو الكراهية والازدراء الذي يجب الشعور به تجاه كلّ ما هو آخر، ليس إسلاميّا ويهودي بشكل رئيسي.. هذا يكثّف من نار العنف والكراهية بين شباب المدينة ويخرج بعضهم للتظاهر ولتعكير صفو السلام والأمن في تلك الأحياء. أيضا التحدّي المتزايد لدى أعضاء كنيست يهود ودوائر يهودية متطرّفة تجاه المسجد الأقصى وسيطرة المستوطنين على المنازل الفلسطينية في أحياء مثل سلوان، فهذا أيضا يشكّل أثرا ملموسًا على حياة الفلسطينيين في المدينة. وقد تحدّث مؤخرا العديد من قادة الرأي العام الفلسطينيين في الإعلام الفلسطيني حول العنف المتصاعد في القدس، وقالوا إنّ شعارات مثل “الأقصى في خطر”، والتي تُطلق في المساجد في كثير من الأحيان؛ ليست فارغة من مضمونها وخصوصا على ضوء الشعور أنّ العالم العربي منشغل بقضاياه ولا يعزو أهمية كبيرة للدفاع عن المساجد أو سائر الأماكن المقدّسة لدى الفلسطينيين في القدس.
يثير مشجّعو فريق كرة القدم أبناء سخنين في هذه الأيام جدلا حادّا حول هوية العرب في إسرائيل. كلّ ذلك بسبب طفل صغير واحد، معروف لدى كلّ فلسطيني، واسمه حنظلة. بدأ كلّ شيء يوم الإثنين هذا الأسبوع، في مباراة افتتاح الموسم للدوري الإسرائيلي لكرة القدم. توجّهت جميع الأعين إلى مباراة فريق مكابي حيفا ضدّ أبناء سخنين، وهي المباراة الأولى هذا الموسم، والتي جرت للمرة الأولى في ملعب حيفا الجديد والأنيق. فازت حيفا في المباراة نفسها على سخنين بنتيجة 4:2 أمام أعين 30,000 من المشجّعين لكلا الفريقين.
لوّح مشجّعو سخنين قبل المباراة بلافتة ضخمة، وعليها شخصية حنظلة وعبارة “سخنين العرب”. بعد يوم من المباراة فقط اتّضح لمشاهدي المباراة أنّ حنظلة هو رمز فلسطيني معروف، وهو من ابتكار رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي. وفقًا للعلي، يبلغ حنظلة من العمر 10 سنوات (السنّ الذي كان فيه العلي عام 1948) ولا يكبر، حتى يمارس حقّه في العودة إلى فلسطين.
وهكذا، كما يزعمون في إسرائيل، أنّ مشجّعي سخنين التي تلعب في الدوري الإسرائيلي أظهروا رسالة استفزازية ومعادية لإسرائيل، وفي الواقع زعموا أنّهم يرفضون حقّ وجود دولة إسرائيل. وهذا يتناقض مع النظام الأساسي للدوري الإسرائيلي الذي ينصّ على أنّ “تورّط فريق واتخاذ موقف لأحد الأصدقاء في نطاق الملعب، بأي شكل وأي وسيلة، في موضوعات سياسية وموضوعات عامة مثيرة للجدل” محظور في جميع الظروف.
يُذكَر أنّه لو سعى مشجّعو الفريق إلى إدخال الأعلام الفلسطينية أو أي مادة أخرى مرتبطة مع حزب أو حركة فلسطينية؛ كان الحراس سيصادرون ذلك منهم عند مدخل الملعب. ولكون شخصية حنظلة غير معروفة في إسرائيل، فقد ظنّوا بأنّها مجرّد كاريكاتير عارض.
والآن يدرس الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم محاكمة سخنين لانتهاكها للنظام الأساسي. يقول الناطق باسم الفريق، منذر خلايلة: “إنّ إدارة الفريق لم تكن تعلم باللافتة. ناشدنا الجماهير بأن يُصدروا خلال المباراة تشجيعات متعلّقة بكرة القدم فحسب”. واقترح خلايلة “الجلوس بهدوء ومعرفة معنى اللافتة”.
ليست هذه هي المرة الأولى التي يتورّط فيها فريق كرة القدم أبناء سخنين بلافتات فلسطينية تثير غضب مشجّعي كرة القدم الإسرائيليين. في حزيران من العام الماضي أثار الفريق غضبًا كبيرًا في أوساط الجمهور الإسرائيلي بعد أن لوّح مشجّعوه بالعلم الفلسطيني خلال مباراة ضدّ فريق بيتار القدس.
في مقالة نشرها توماس فريدمان في نيويورك تايمز، يقول إنّ مخطط كيري، الذي سيجري الكشف عنه خلال الأسابيع – إن لم يكُن الأيّام – القليلة القادمة، سيدعو إلى إنهاء تامّ للنزاع ولمطالِب الجانبَين، وذلك بعد الانسحاب الإسرائيلي من أراضي الضفة الغربية على أساس حدود 1967، مع ترتيبات أمنيّة غير مسبوقة في منطقة غور الأردن الاستراتيجية.
وفق التقرير، لن يشمل الانسحاب الإسرائيليّ عددًا من الكُتل الاستيطانية، لكنّ إسرائيل ستعوّض الفلسطينيّين عنها بأراضٍ إسرائيليّة. وتدعو الخطّة إلى أن تكون القدس العربيّة الشرقيّة عاصمةً لدولة فلسطين، على أن يعترف الفلسطينيّون بإسرائيل بصفتها الدولة القوميّة للشعب اليهودي. ولا تتضمّن الخطة أيّ حق بعودة اللاجئين الفلسطينيّين إلى داخل إسرائيل.
ويتوقّع كيري ويأمل أن يُعلِن كلّ من رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس أنّه رغم تحفّظاتهما على هذا القسم أو ذاك من المشروع الأمريكيّ، فإنهما سيستخدمانِه كأساس للمفاوضات القادمة.
ولكن، حتّى لو نجح كيري، خلافًا لجميع التوقُّعات، في صياغة تسوية تكون مقبولةً على الجانبَين، في السلطة الفلسطينية وفي إسرائيل على السواء، يُتوقّع أن تُراكم المعارضة للزعيمَين العقبات لعدم تنفيذ الاتّفاق. فإذا كان الحديث في الجانب الفلسطيني عن التنظيمات اليمينيّة الإسلاميّة، وعلى رأسها حماس والجهاد الإسلاميّ، التي يمكن أن تصعّب بشكل أساسيّ الاعتراف بحقّ اليهود في دولة قوميّة والتنازُل عن حقّ العودة، فإنّ الأحزاب اليمينيّة في إسرائيل، وعلى رأسها “البيت اليهودي” بزعامة نفتالي بينيت، تعارض أيّ انسحاب من أراضي الضفّة.
في الأيام الأخيرة، وعلى خلفيّة المفاوضات مع الفلسطينيين، انفجر جدال حادّ وعلنيّ بين بينيت ونتنياهو، إذ دعا زعيمُ اليمين والمستوطِنين اقتراحَ نتنياهو بالسماح لليهود للعيش في الدولة الفلسطينية “فقدان صواب أخلاقيًّا”، فيما ردّ نتنياهو مهاجمًا بينيت لإعاقته المساعي الدبلوماسيّة. أمس، ألقى كلُّ منهما خطابًا في المؤتمر السنوي لمعهد أبحاث الأمن القوميّ، فبدت للعيان مجدّدًا الخلافات التي بينهما. فقد أعاد بينيت التشديد على أنّ “التاريخ اليهودي لن يغفر لمن يقسّم الأرض”.
صباح اليوم (الأربعاء)، كشفت صحيفة معاريف، في ما يبدو تسريبًا مقصودًا من ديوان رئيس الحكومة، أنّ لا علاقات مبنيّة على الثقة بين الرجلَين، وأنّ نتنياهو لم يُنشئ “منتدى التساعيّة” للوزراء البارزين خشيةً من تسريبات بينيت. في الوقت الراهن، وصل النزاع بين الاثنَين إلى ذروته، إذ أرسل نتنياهو إلى بينيت إنذارًا صارمًا: اعتذر عن أقوالك، وإلّا أُقِلتَ. وجاء من ديوان رئيس الحكومة أنّ “بينيت وصلته الرسالة: عليه أن يعتذر بشكل واضحٍ لا لبسَ فيه، وإلّا دفع ثمن ذلك. لا يزايدنّ أحد على نتنياهو في محبّة إسرائيل والحفاظ على أمن إسرائيل”.
صرّح وزير الأمن الإسرائيلي، موشيه (بوغي) يعلون، أمس (الأحد) حول أحداث الإرهاب في الأشهر الأخيرة في الضفة الغربية: “ما يحدث حاليًا هو نتيجة للعملية السياسية”، قال يعلون في مناسبة لإحياء ذكرى موشيه ديان في جامعة تل أبيب. “عندما تجري عملية سياسية، يُطرح في الإعلام الفلسطيني نزع الشرعية عن إسرائيل، والكراهية تجاهنا في تزايُد. ثمّ تُطرَح مبادرات – ليست منظّمة أو جنائية – تُصبح قوميّة”. وتابع يعلون: “مصابونا هم ضحايا المسار السياسي”.
وقال وزير الأمن إنه سبق أن دعم اتفاقات أوسلو، لكنه أصبح أكثر اتّزانًا: “لم أسمع حتى اليوم أيّ زعيم فلسطيني، بمَن فيهم أبو مازن، مستعدّ للقول إنّ تسوية على الأرض، حتّى على الحُدود التي يحلُم بها، هي نهاية الصراع ونهاية الطلبات، معترفًا بدولة يهودية، ومتنازلًا عن حقّ العودة. عدم استعدادهم للاعتراف بحقّنا في الوجود كدولة قوميّة للشعب اليهودي هو عائق في طريق السلام. هذا هو جذر الصّراع”.
في هذه الأثناء، كشفت صباح اليوم صحيفةُ “يديعوت أحرونوت” الظروف المريحة التي توفرها السلطة الفلسطينية للأسرى المحرَّرين. فوفق النبأ، نال كلٌّ من الأسرى الذين جرى تحريرهُم في الدفعتَين الأخيرتَين هبة بقيمة 50 ألف دولار من السلطة الفلسطينية. بالإضافة إلى ذلك، سينال كل أسير قضى في السجن أكثر من 25 سنة مركزًا موازيًا لمركز نائب وزير أو رُتبة توازي رتبة لِواء. ويمنحه مركز كهذا راتبًا شهريَّا بقيمة 14 ألف شاقل (نحو 4 آلاف دولار). أمّا الأسرى الذين قضوا فترة بين 15 و25 سنة في السجن فسينالون مركزًا موازيًا لمركز مدير عامّ أو رتبة توازي رُتبة عميد، ما يوفّر للأسير المحرّر راتبًا شهريًّا بقيمة 10 آلاف شاقل (نحو 2800 دولار).
في خطابه أمس، تطرّق وزير الأمن يعلون أيضًا لعمليّة التوصُّل إلى اتّفاق لتفكيك السلاح الكيميائي في سوريا، ذاكرًا أنّ هذا نموذج لبرنامج جرى تحت تهديد عسكريّ، ما أدّى، وفقًا ليعلون، إلى تحقيق البرنامج نتائج عمليّة. وكشف يعلون أنه يمكن القول اليوم إنّ منظومة تصنيع السلاح الكيميائي في سوريا قد دُمِّرت كلّيًّا، وكذلك الخلّاطات المسؤولة عن مزج الموادّ الكيميائية في طريق تركيبها على صواريخ. كذلك، ذكر يعلون أنّ نصف وسائل التسليح، التي يمكن أن تحمل رؤوسًا عسكريّة كيميائيّة، أبيدت هي الأخرى.
أمّا السلاح الكيميائي نفسُه فمجمَّع استعدادًا لإخراجه من سوريا نهاية كانون الأول، ويُتوقَّع نقله من سوريا عبر البحر إلى دولة أخرى، حيث سيجري تفكيكُه. وحسب تعبيره، تقلّصت ترسانة الصواريخ الموجودة في حوزة الجيش السوري إلى النّصف. كما ذكَر وزير الأمن أنّه في ضوء القتال المتواصل في سوريا، ارتفع عدد القتلى هناك إلى نحو 120 ألفًا.
في الشأن الإيراني، انتقد يعلون الأمريكيين بشكل مبطَّن قائلًا إنّ إسرائيل تحمّلت مسؤولية التحذير والصراخ، لأنّ الغرب يلهث وراء صفقة رغم عدم الحاجة إلى ذلك. “لا يمكن التصرّف هكذا في الشرق الأوسط إذا كانت ثمّة رغبة في التوصّل إلى أمر حقيقيّ”، أوضح يعلون.