(Flash90 / Hadas Parush; Al-Masdar / Guy Arama)
(Flash90 / Hadas Parush; Al-Masdar / Guy Arama)

أزمة العزوبة عند اليهود المتدينين في إسرائيل

يشعر المزيد من الشبان المتدينون الإسرائيليون بصعوبة في العثور على شركاء حياة ملائمين ويظلون عزابا حتى سن متأخرة؛ لماذا تحدث هذه الظاهرة وكيف يمكن التغلب عليها؟

في السنوات الأخيرة، بات كبار الجالية اليهودية في إسرائيل قلقين من ظاهرة العزوبية المتأخرة الآخذة بالازدياد ما يسبب زيادة في عدد العزاب الذين لا يتزوجون حتى وقت متأخر نسبيًّا. يتلقى الشبان المتدينون توجيها منذ سن صغيرة للعثور على شركاء حياة ملائمين للزواج وإقامة عائلة يهودية وفق التقاليد الدينية المتعبة، وفي الماضي، كان من الممكن أن نلاحظ فجوة كبيرة في سن الزواج في المجتمَع المتديّن مقارنة بالمجتمَع العلماني. ما زال في يومنا هذا أيضا سن الزواج في المجتمَع المتديّن منخفضا مقارنة بالمجتمع العلماني، ولكن الفوارق تقلصت مع مرور الوقت.

منذ السنوات الماضية، أصبح المتدينون الإسرائيليون مشغولين بظاهرة العزوبية، لهذا بدأت تُجرى مؤتمرات، تُكتب مقالات، تُلقى محاضرات وتُدار نقاشات، وتُقام دورات مختلفة لمواجهة هذه الظاهرة وتقليصها. ففي السنة الماضية، دعا الحاخام رونين لوبيتش، رئيس حركة “نأماني توراه وعفوداه” (Ne’emanei Torah Va’Avodah) الجمهور لمتابعة العمل على ظاهرة العزوبية المتأخرة، موضحا: “يتعرض العزاب لتدهور نفسي وديني في أحيان كثيرة كلما كانت فترة العزوبية أطول”. وأضاف: “العزوبية لدى المتدينين هي الأصعب موضحا أن المتدينين الحريديم يتزوجون في سن صغيرة بعد عملية وساطة زواج واسعة النطاق، ويتزوج العلمانيون في سن متأخرة ولكنهم يعيشون حياة زوجية وجنسية، وبالمقابل لا يقيم الشبان المتدينون علاقة زوجية ولا جنسية”.

حفل زفاف يهودي (Hadas Parush / Flash90)

من بين الأسباب لهذه الظاهرة المنتشرة، يشير الكثير من الشبان المتدينين إلى أنهم لا يتلقون الوسائل العاطفية الضرورية للعثور على شريكات الحياة وإقامة علاقة زوجية في سن صغيرة. إضافة إلى هذا، يتعرض هؤلاء الشبان أو الشابات لضغط اجتماعي للعثور على شركاء حياة والزواج، ما قد يحقق نتيجة عكسية. وفق أقوال الخبيرة النفسية، د. أييلت فيدر كوهين فإن “ممارسة الضغط صعبة وتُحدث مشاكل كثيرة لأنها تؤدي إلى صراعات، غضب ولا تسمح بمعرفة الرغبات الشخصية والتعرف إلى أسباب عدم تحقيق الذات. من الصعب على العزاب معرفة أسباب عزوبيتهم لأنهم يشعرون مذنبين ولديهم مشكلة”. أشارت فيدر أيضا إلى أن جزءا من المشكلة يعود إلى الفارق الكبير بين الشبان والشابات النابع بشكل أساسي من أن المتدينين لا يتعلمون معا في المرحلة الثانوية، لهذا ليس هناك عامل مشترك بينهم.

“أنهيت دراستي للقب الأول بامتياز، وأعمل، وأعتبرُ مهنية، وأحقق تقدما في عملي، ولكن رغم هذا، بما أنني عزباء تتعامل معي صديقاتي بصفتي مسكينة، فاشلة وتعيسة”، قالت نعماه، ابنة 33 عاما، التي أوضحت أنه مهما كانت ناجحة في المجالات الأخرى فهذا “لن يساعدها”. نعماه هي واحدة من بين عشرات آلاف الشابات والشبان المتدينين العزاب الذين يشعرون أن هناك حاجة إلى أن يجتاز النقاش العام في المجتمع المتدين تغييرا، ليشعر العزاب بأنهم عاديون ولا يتم وصمهم بـ “عزاب” فقط. “بصفتنا أفراد في المجتمَع علينا أن نطوّر قدرات وننظر إلى العزاب نظرة شاملة. ويجب أن يتغير الحديث، والمكانة التي يموضع فيها المجتمع العزاب الذين يعيشون فيه”، وفق رأي التربوية أورطال شليسل، التي تزوجت في سن 32 فقط.

صورة توضيحية (iStock)

إضافة إلى نقص الوسائل العاطفية، تؤثر التغييرات العامة التي يمر فيها المجتمع المتدين في مجال التعارف. لقد أدى دخول الإنترنت إلى عالم المتدينين، المغلق نسبيا، إلى تغيير عالم التعارف تماما. فإذا كانت الوساطة الطريقة الأساسية للتعارف في المجتمَع المتديّن، فاليوم هناك الكثير من مواقع التعارف للمتدينين والحريديين في النت، التي أصبحت شعبية جدا في السنوات الماضية. من جهة، يحظى العرض الكبير الموجود في مواقع التعارف بإعجاب الكثير من الشبان، ولكن من جهة أخرى يثير ارتباكا لديهم. إضافة إلى هذا، تؤدي حرية العمل لدى الشبان والعرض الواسع في عالم التعارف عبر النت، إلى صعوبة في إرضاء الشبان.

يُدعى أحد مواقع التعارف الأكثر نجاحا في المجتمع المتديّن “شليش غان عيدن” (Shlish Gan Eden). أوضح أساف نافون، المسؤول عن الموقع، في مُقابلة معه مؤخرا، أن ظاهرة العزوبية المتأخرة في المجتمع المتديّن آخذة بالازدياد، ويعود سببها، من بين أسباب أخرى، إلى الوصم داخل المجموعات الفرعية في المجتمع المتدين، إذ إن الكثيرين يبحثون عن شركاء حياة من المجموعة ذاتها. ثمة مشكلة أخرى طرحها نافون وهي الأهمية الكبيرة التي يوليها الشبان والشابات المتدينون للجيل. فوفق أقواله، يتضح من تجربة أجريت في موقع التعارف الخاص به، أنه من الأسهل الحصول على شركاء حياة عندما لا يُذكر العمر.

موقع التعارف “شليش غان عيدن” (لقطة شاشة)

يتابع المسلسل الوثائقي “كفار مؤحار” (أصبح متأخرا)، الذي صدر قبل عدة أشهر، العزاب والعزباوات المتدينين في سن 30 عاما وأكثر، ويوثق عالمهم الداخلي وحياتهم العزوبية في المجتمع المتدين. “تحدد العزوبية هوية معينة، حتى إذا كانت مؤقتة، وقد رغبت أن أركّز عليها”، قال مُخرج المسلسل، مئير كلاينر، وهو شاب أعزب متديّن عمره 36 عاما. وفق أقواله، لاحظ أثناء التصوير أن “هناك لدى أكثرية العزاب حاجة أساسية لتحديد مكانتهم في المجتمَع. ففي نهاية المطاف، المجتمع المتدين هو مجتمع يتضمن فئات كثيرة، والسؤال الذي يطرح هو هل يمكن أن يجد العزاب لهم مكانا ضمن هذه الحالة الشخصية المؤقتة، كيف يحدث ذلك، ومتى”.

وأضاف كلاينر موضحا: “إذا سمح المجتمع للعزاب بألا يشعروا بعزلة فهذه خطوة رائعة. إن الحياة العادية، التي تتضمن عائلات وأطفال، هي بيئة سليمة أكثر للعزاب أيضا، وفي نهاية المطاف تدفع أفرادها قدما أسرع نحو إقامة عائلة”.

مُخرج المسلسل، مئير كلاينر (لقطة شاشة)

يمكن العثور في يومنا هذا، من بين عدد من الحلول المقترحة لمشكلة العزوبية المتأخرة، على مؤتمرات تهتم بهذا المجال، لقاءات تدريب للشبان، وحتى دورات وورشات عمل استعدادا للحياة الزوجية، تُقدّم فيها نصائح للعثور على شركاء حياة. “شاركت في ورشات عمل جنونية، بكيت وصرخت، وفهمت أمور كثيرة، ولكن لم يحدث أي شيء”، قال حنانيا وهو شاب أعزب متديّن عمره 37 عاما شارك في سلسلة النت “كفار مؤحار”. من جهته، رغم الصعوبات، فقد ساهمت العزوبية المتأخرة في صقل شخصيته وأثرت في قدراته على إقامة علاقات حميمة كثيرا. “أشعر أن هذه السلسة علمتني درسا من أهم الدورس التي تعلمتها. وأني أصبحت إنسانيا أكثر”، لخص حنانيا أقواله.

اقرأوا المزيد: 847 كلمة
عرض أقل

“أنت عشيقته ال100”

صدمة في مجتمع المتدينين الحريديم في إسرائيل في أعقاب الكشف عن رجل متدين استطاع التحايل على نحو عشر نساء وإقامة علاقات حميمة معهن وهو متزوج ولديه 10 أطفال

02 مايو 2018 | 10:58

كشف موقع ynet الإسرائيلي عن شاب متدين ومتزوج أقام علاقات مع عشرات النساء على ما يبدو. الشاب هو دافيد شتاينهرتر، معروف في المدينة المحافظة التي يسكن فيها، ابن عائلة محترمة، متزوج ولديه 10 أطفال وزوجة، ويتطوع بإخلاص مع قوات الإنقاذ في ساعات الليل. ولكن منشورا في فيس بوك كشف وجه الحقيقي.

واتضح في المنشور أن دافيد هو محتال، لديه علاقات خارج الحياة الزوجية مع نساء متدينات يقيم معهن علاقات جنسية، بعضهن حمل جرّاءها، دون أن يخبرهن أنه خداع. كانت كل واحدة من النساء متأكدة أنه تربطه علاقة بها فقط، ولم تعرف عن علاقاته مع النساء الأخريات. وقد استغل جزء من النساء ماديا، وحتى أنه حدد موعدا للزفاف من بعض الفتيات. وقد أقام علاقاته خارج الحياة الزوجية في الوقت الذي كان لا يزال فيه متزوجا وينجب أطفالا من زوجته ونساء أخريات.

“إنه رجل كاريزماتي، وماكر. من الصعب التغلب على المشاعر”، قالت إحدى النساء التي كان على علاقة معه، والتي انتظرت كثيرا حتى حدد موعد خطوبتهما. إنه رجل جذاب، لهذا ما زال جزء من النساء على علاقة معه حتى بعد أن فهمن أنهن ضحايا لأكاذيبه واستغلاله. “من الصعب علي أن أتغلب على مشاعري تجاهه حتى بعد أن عرفت أنه كذاب واستغلالي. أحبه ولا يمكن الابتعاد عنه”، قالت امرأة أخرى.

لقد عاش هذا الرجل طيلة أكثر من ثماني سنوات حياة كذب لم يكشفها أحد. ولكن قبل نحو شهر ظهرت معلومات كشفت حقيقته. لقد استأجر شقة مع امرأة متدينة لديها طفلان وكانا على علاقة، وقد غيّرت هذه المرأة حالتها في الفيس بوك و “أشارت” إليه بصفته شريك حياتها. شاهدت نساء كثيرات كن على علاقه معه المنشور في الفيس بوك وعندها أدركن أنه رجل مخادع. وفق أقوالهن، لقد فهمن القصة الغامضة خلال وقت قصير.

وعندها كُشفت علاقاته بعشيقاته وأطفاله. كان هناك اختلاف بين النساء وأماكن سكنهن، وحالتهن الشخصية ولكن هناك عامل مشترك لدى جميعهن: العشق لدافيد. وافقت ثماني نساء على التحدث عبر وسائل الإعلام لاعتقاله. قالت إحدى عشيقاته أنه أخبرها أنه يتيم، وقالت أخرى أنه يمر في مرحلة الطلاق، وقالت عشيقة أخرى إنه أخبرها بأنه أعزب. لقد قال للنساء إنه كان يعمل سائق سيارة إسعاف في ساعات الليل. “إنه يعرف كيف يقنع النساء بأنه يسود ضوء في الخارج حتى إذا سادت ظلمة”، قالت إحدى الضحايا حزينة.

قالت امرأة أخرى: “فكرت أنني نجحت في التعرف إلى شريك حياة ملائم. عندما أخبرت أفراد عائلتي أنني على علاقة معه، قال لي أخي: “أعرفه، وأعرف المرأة الـ 100 التي لديه علاقة بها. لم أصدق ولكن بدأ إخوتي بجمع المعلومات عنه وتواصلوا مع قريب من عائلته. عندها اتضح لي أنه متزوج ولديه عشرة أطفال. شعرت بأنه خدعني، وبعد أن تعافيت قدمت شكوى ضده في الشرطة بتهمة الغش والخداع”. في هذه الأيام، تقدم النساء الضحايا اللواتي كن على علاقة مع الشاب في السنوات الماضية شكوى قضائية ضده.

ووجه نساء من الحي الذي عاش فيه الشاب أصبع الاتهام إلى الحاخامات في البلد قائلين إنهم علموا بفضائح الشاب وفضلوا السكوت. “كان يجب عليهم أن يحذروا الجمهور من تصرفاته. لكنهم كانوا يتنادرون حول الأمر بدل التعامل معه بحزم”.

اقرأوا المزيد: 468 كلمة
عرض أقل
نتنياهو يتحدث إلى ممثلي حزب الحريديم (Miriam Alsterl/Flash90)
نتنياهو يتحدث إلى ممثلي حزب الحريديم (Miriam Alsterl/Flash90)

هل الانتخابات في إسرائيل باتت وشيكة؟

هل سيعرض شركاء نتنياهو المخلصون رئيس الحكومة لخطر تفكك الائتلاف في الوقت الأكثر حساسية لديه، أما أن الحديث يدور عن خطوات منسقة؟

منذ الأيام الماضية، تحتفل إسرائيل بعيد المساخر (بوريم وفق التسمية العبرية)، وهو العيد الذي يستهلك فيه اليهود الكحول حتى يصبحوا سكارى، وفق التقاليد اليهودية، ويرتدون ملابس تنكرية مختلفة. فوفق الديانة اليهودية، من المتبع في هذا العيد أن يتصرف اليهود خلافا لما يقومون به في الأيام العادية، بهدف زعزعة توازنهم، ودفعهم للنظر إلى حياتهم نظرة مختلفة. تهدف هذه المقدمة إلى تقديم شرح حول خطوة غير منطقيّة قد يتخذها رؤساء الأحزاب المتدينة في إسرائيل، الذين باتوا يهددون بتفكيك حكومة نتنياهو – وهي الحكومة الأفضل لهم، لأنها تمنحهم قوة سياسية وميزانيات أكبر من قوتهم النسبية في المجتمع.

بسبب وضع نتنياهو الحساس، في ظل التحقيقات في الشرطة في عدة ملفات –من المتوقع أن يجرى معه تحقيق غدا- بدأ شركاؤه في الحكومة يمارسون ضغطا كبيرا عليه للمصادقة على “قانون التجنيد”، الذي يعفي المتدينين من التجند بهدف تحويله إلى قانون أساس في إسرائيل. يعرف نتنياهو أن الخضوع لضغط كهذا سيثير انتقادات خطيرة من قبل الأغلبية في إسرائيل، بما في ذلك مؤيدوه، بسبب عدم المساواة التي يتضمنها القانون (الخدمة العسكرية في إسرائيل إلزامية للرجال والنساء اليهود، ولكنها غير إلزامية للعرب واليهود الذين يدرسون التوراة).

لا تظهر حاليا تسوية في الأفق بين نتنياهو ورؤساء الأحزاب الحاريدية، الذين يهددون بعدم المصادقة على ميزانية الدولة، مما سيؤدي إلى تفكك الحكومة وإجراء انتخابات.

للوهلة الأولى، ليست هناك مصلحة لدى أية جهة لإجراء انتخابات، ولكن هناك نظرية مؤامرة منتشرة حاليا في إسرائيل تشير إلى أن نتنياهو قد نسق هذا الموضوع مع الحاريديين، وفي الواقع هو الذي يحضر لخيار إجراء انتخابات، في حال انتهت التحقيقات ضده بتقديم لوائح اتهام. وفق وجهة النظر هذه، ستُوقف الانتخابات التحقيقات، وبعد اختيار نتنياهو (في حال اختياره) وكسبه تأييد الشعب مرة ثانية، سيكون من الصعب محاكمته.

على أية حال، من المتوقع أن يخضع نتنياهو وعقيلته غدا للتحقيقات في مقرهما الرسمي، بعدها سنعرف جميعا ماذا سيحدث في إسرائيل.

اقرأوا المزيد: 285 كلمة
عرض أقل
لجنة تعيين القضاة برئاسة وزيرة العدل أيليت شاكيد ( Hadas Parush/Flash 90)
لجنة تعيين القضاة برئاسة وزيرة العدل أيليت شاكيد ( Hadas Parush/Flash 90)

لأول مرة في إسرائيل.. تعيين قاضية متدينة من تيار “الحريديم”

صادقت لجنة تعيين القضاة في إسرائيل على تعيين المحامية المتدينة من تيار الحريديم، حافي توكر، قاضية في محكمة الصلح في القدس، لأول مرة في تاريخ إسرائيل

22 فبراير 2018 | 15:46

صادقت لجنة تعيين القضاة في إسرائيل، برئاسة وزيرة العدل أييلت شاكيد، اليوم الخميس، على تعيين المحامية المتدينة من تيار الحريديم، حافي توكر، قاضية في محكمة الصلح في القدس، لأول مرة في تاريخ إسرائيل.

ترعرعت توكر في مدينة بني براك المعروفة بأغلبية سكانها “الحريديم” ودرست في أطر تعليمية تنتمي إلى التيار الحريدي. وذاع خبر التعيين خاصة في المواقع التابعة للحريديم مثل النار بالهشيم، حيث كتبوا عن إنجازها العظيم ونقلوا شهادات زميلاتها في التعليم اللاتي كتبن أنها كانت متفوقة وسليطة اللسان.

وعدا عن هذا التعيين التاريخي، عيّنت اللجنة لأول مرة امرأة لتكون رئيس المحكمة القطرية للعمل. وكذلك عيّنت السيدة سماح عمار لتكون أول عربية تشغل منصب مساعدة قاضية في محكمة الصلح في القدس.

اقرأوا المزيد: 109 كلمة
عرض أقل
لشهر أيلول العبري أهمية دينية خاصة في اليهودية (AFP)
لشهر أيلول العبري أهمية دينية خاصة في اليهودية (AFP)

شهر الرحمات والكفارات عند اليهود

هو الشهر المُميّز الذي "ينزل الله فيه من القصر إلى الحقل" في كل عام، ولماذا ينهض اليهود فيه قبل شروق الشمس؟

الشهر المسمى “أيلول” العبري (الذي يختتم السنة العبرية)، هو ليس اسما إضافيا للشهر التاسع في التقويم الميلادي، وإنما هو شهر ذو أهمية دينية خاصة في اليهودية.

ينبع تميّز هذا الشهر من عاداته وصلواته. من المعتاد الاستيقاظ فيه باكرا من أجل أداء صلوات خاصة تدعى “الكفارة”، النفخ في “الشوفار” (البوق) في نهاية صلاة الصباح. وكذلك محاسبة النفس. كل ذلك، استعدادا للشهر الذي يأتي بعده، تِشْري، (الشهر الأول من التقويم العبري) الذي تُصادف فيه أعياد يهودية عديدة، ومن بينها رأس السنة اليهودية وعيد الغفران.

وفقا لتقاليد أخرى، بعد أن كسر موسى ألواح العهد التي تلقاها في جبل سيناء، صعد مجددا إلى الجبل في اليوم الأول من شهر أيلول العبري، من أجل الحصول على لوحي العهد، ونزل معهما من الجبل بعد مرور 40 يوما، وذلك في يوم الغفران. وأثناء تواجد موسى على جبل سيناء، كشف له الله آيات خاصة تصف مدى رحمته، فوفق العقيدة اليهودية، عندما يذكر اليهود هذه الآيات يثيرون شفقة الله. وهناك من يؤمن أن هذه الأربعين يوما تدعى أيام الرحمات والكفارات.

يؤمن اليهودي أنه خلال شهر أيلول، يكون الله أقرب إلى المؤمنين، ويستمع إلى طلباتهم (Flash90)
يؤمن اليهودي أنه خلال شهر أيلول، يكون الله أقرب إلى المؤمنين، ويستمع إلى طلباتهم (Flash90)

هناك تفسيرات عديدة في اليهودية للتقاليد والعادات الخاصة بشهر أيلول العبري. في التيار الديني الحاسيدي، المستند إلى مفهوم لاهوتي جوهري، من المعتاد تفسير قداسة هذا الشهر من خلال المثل أنه: “يخرج الملك (أي الإله) من قصره، إلى الحقل”. والقصد هو أنّه في هذا الشهر، يكون الله أقرب إلى المؤمنين، ويستمع إلى طلباتهم.

في السنوات الأخيرة تقوم في ليالي شهر أيلول العبري “جولات كفارات” في الأحياء القديمة والدينية من المدن مثل القدس، عكا، طبريا، وصفد. أصبحت هذه الجولات عامل جذب سياسي سواء بالنسبة للإسرائيليين أو السائحين من خارج البلاد. من المعتاد في الجولات في طبريا زيارة قبور الصدّيقين المتعددين الموزعين في أرض المدينة، وفي المدينة الحاريدية “بني براك” تُقام جولات توفر لمحة نادرة إلى داخل منازل اليهود المتدينين (“حاريديم”)، وفي القرية القديمة البقيعة، التي تم فيها تلقي كتاب “الزوهار” الذي يحتوي على أسرار التصوّف اليهودي، تقص فلاحة جليلية مسنّة على الزوار كل عام في شهر أيلول العبري التاريخ الديني الصوفي الخاص بقريتها.

ولكن كانت القدس “ملكة” جولات الكفارات وما زالت. ففي الأحياء اليهودية القديمة في القدس، والمعروفة بأجوائها الفريدة في شهر أيلول العبري، تجري مئات الجولات في الساعات الأولى من الليل طوال هذا الشهر، ويأتي المتجوّلون لسماع الصلوات الخاصة قبل شروق الشمس، للتعرّف على الصيغ والعادات المختلفة للكُنُس في المدينة ولاستيعاب الأجواء الفريدة في هذا الشهر.

اقرأوا المزيد: 361 كلمة
عرض أقل
وزير الصحة الإسرائيلي, يعكوف ليتزمان وعضو الكنيست أحمد الطيبي (Miriam Alster/FLASH90)
وزير الصحة الإسرائيلي, يعكوف ليتزمان وعضو الكنيست أحمد الطيبي (Miriam Alster/FLASH90)

تحالف مفاجئ: اليهود المتدينون “ينقذون” المسلمين في الكنيست

نقطة التحوّل المُفاجئة في قضية مشروع قانون الآذان في الكنيست الإسرائيلي، تحدث من قبل الأحزاب اليهودية الدينية

تخطت العاصفة التي أثارها مشروع قانون الآذان منذ زمن حدود إسرائيل. وقد واجه مشروع القانون، الذي يُطالب بمنع استخدام مُكبّرات الصوت في أماكن العبادة، اعتراضات شديدة، داخل إسرائيل وخارجها، وذلك قبل حتى أن يُطرح للتصويت في الكنيست. تطرقت وزارة الأوقاف الأردنية حتى إلى مشروع القانون بتوسع وشجبته بشدة.

إلا أن الخلاص جاء من جهة غير متوقعة – اليهود الحاريديم. قدم الوزير الحاريدي يعقوف ليتسمان من حزب “يهدوت هتوراه” اعتراضا ضد مشروع “قانون الآذان”، ومنع طرحه للتصويت في البرلمان. وأبلغ أعضاء حزب ديني آخر، حزب شاس، أنهم سيصوتون ضد مشروع القانون، ويعتقدون أنه قانون لا داعي له.

المؤذن يثير عاصفة في إسرائيل (صورة توضيحية: Zack Wajsgras/Flash90)
المؤذن يثير عاصفة في إسرائيل (صورة توضيحية: Zack Wajsgras/Flash90)

يبدو أن هذا هو السبب المفاجىء الذي دفع الوزير ليتسمان للاعتراض على القانون – فقد أعرب عن خشيته من أن القانون الجديد سيلغي أيضًا، مع إلغاء الآذان، إمكانية إطلاق الصافرة التي تُشير إلى دخول يوم السبت، لدى اليهود. كتب الوزير في اعتراضه قائلاً: “مع تطور التكنولوجيا فإن أجهزة مكبّرات الصوت التي تُستخدم للإعلان عن دخول يوم السبت تعمل وفق مستوى الصوت المسموح به من أجل ذلك”. ووفقًا لأقواله فإن الصافرة التي تُبلغ عن دخول يوم السبت هي “جزء من التقاليد اليهودية المتعبة منذ آلاف السنين”. لذا أوضح الوزير أن مشروع القانون هذا سيمس بالوضع القائم، بالطائفة المُسلمة واليهودية المتدينة على حد سواء.

ينص مشروع قانون الآذان على منع استخدام مكبّرات الصوت بهدف دعوة المُصلّين للصلاة أو نقل أية رسائل دينية أو قومية. وجاء في نص القانون أيضًا: “يُعاني العديد من المواطنين الإسرائيليين يوميًا من الضجة التي تُسببها أصوات الآذان الصادرة من المساجد”. علّق زعيم حزب شاس على القانون قائلاً إن هناك بالفعل قانون يُحدد شروط استخدام مكبّرات الصوت، من حيث مستوى الصوت، بما يتلاءم مع الوقت خلال اليوم، وأن ذلك القانون لم يخرج حيز التنفيذ وأضاف أنه “حتى وإن صودق على هذا القانون الجديد والذي لا داعي له، ولن يُطبّق، فإنه لن يُغيّر شيئًا سوى أنه سيمس بمشاعر العديد من المواطنين وحسب”.

اقرأوا المزيد: 293 كلمة
عرض أقل
The Month of Atonement and Absolution (Abir Sultan/Flash90)
The Month of Atonement and Absolution (Abir Sultan/Flash90)

شهر الرحمات والكفارات

هو الشهر المُميّز الذي "ينزل الله فيه من القصر إلى الحقل" في كل عام، ولماذا ينهض اليهود فيه قبل شروق الشمس؟

الشهر المسمى “أيلول” العبري (الذي يختتم السنة العبرية)، هو ليس اسما إضافيا للشهر التاسع في التقويم الميلادي، وإنما هو شهر ذو أهمية دينية خاصة في اليهودية.

ينبع تميّز هذا الشهر من عاداته وصلواته. من المعتاد الاستيقاظ فيه باكرا من أجل أداء صلوات خاصة تدعى “الكفارة”، النفخ في الشوفار في نهاية صلاة الصباح. وكذلك محاسبة النفس. كل ذلك، استعدادا للشهر الذي يأتي بعده، تِشْري، (الشهر الأول من التقويم العبري) الذي تُصادف فيه أعياد يهودية عديدة، ومن بينها رأس السنة اليهودية وعيد الغفران.

صلاة "الكفارة" في القدس (Yonatan Sindel/Flash90)
صلاة “الكفارة” في القدس (Yonatan Sindel/Flash90)

وفقا لتقاليد أخرى، بعد أن كسر موسى ألواح العهد التي تلقاها في جبل سيناء، صعد مجددا إلى الجبل في اليوم الأول من شهر أيلول العبري، من أجل الحصول على لوحي العهد، ونزل معهما من الجبل بعد مرور 40 يوما، وذلك في يوم الغفران. وأثناء تواجد موسى على جبل سيناء، كشف له الله آيات خاصة تصف مدى رحمته، فوفق العقيدة اليهودية، عندما يذكر اليهود هذه الآيات يثيرون شفقة الله. وهناك من يؤمن أن هذه الأربعين يوما تدعى أيام الرحمات والكفارات.

هناك تفسيرات عديدة في اليهودية للتقاليد والعادات الخاصة بشهر أيلول العبري. في التيار الديني الحاسيدي، المستند إلى مفهوم لاهوتي جوهري، من المعتاد تفسير قداسة هذا الشهر من خلال المثل أنه: “يخرج الملك (أي الإله) من قصره، إلى الحقل”. والقصد هو أنّه في هذا الشهر، يكون الله أقرب إلى المؤمنين، ويستمع إلى طلباتهم.

النفخ في الشوفار في نهاية صلاة الصباح (Yonatan Sindel/Flash90)
النفخ في الشوفار في نهاية صلاة الصباح (Yonatan Sindel/Flash90)

في السنوات الأخيرة تقوم في ليالي شهر أيلول العبري “جولات كفارات” في الأحياء القديمة والدينية من المدن مثل القدس، عكا، طبريا، وصفد. أصبحت هذه الجولات عامل جذب سياسي سواء بالنسبة للإسرائيليين أو السائحين من خارج البلاد. من المعتاد في الجولات في طبريا زيارة قبور الصدّيقين المتعددين الموزعين في أرض المدينة، وفي المدينة الحاريدية “بني براك” تُقام جولات توفر لمحة نادرة إلى داخل منازل اليهود المتدينين (“حاريديم”)، وفي القرية القديمة البقيعة، التي تم فيها تلقي كتاب “الزوهار” الذي يحتوي على أسرار التصوّف اليهودي، تقص فلاحة جليلية مسنّة على الزوار كل عام في شهر أيلول العبري التاريخ الديني الصوفي الخاص بقريتها.

ولكن كانت القدس “ملكة” جولات الكفارات وما زالت. ففي الأحياء اليهودية القديمة في القدس، والمعروفة بأجوائها الفريدة في شهر أيلول العبري، تجري مئات الجولات في الساعات الأولى من الليل طوال هذا الشهر، ويأتي المتجوّلون لسماع الصلوات الخاصة قبل شروق الشمس، للتعرّف على الصيغ والعادات المختلفة للكُنُس في المدينة ولاستيعاب الأجواء الفريدة في هذا الشهر.

اقرأوا المزيد: 360 كلمة
عرض أقل
يهود حريديون يتجهزون للصلاة (AFP)
يهود حريديون يتجهزون للصلاة (AFP)

10 حقائق عن الحريديين

جميع التفاصيل المثيرة للاهتمام حول المجتمع المحافِظ، المغلق والغامض الذي يؤثّر كثيرا في طابع دولة إسرائيل، رغم تحفّظه من مؤسسات الدولة

في القرن التاسع عشر مرّ اليهود في أوروبا بعملية مكثّفة من التحديث، العلمنة، والاندماج في المحيط المسيحي من حولهم. بدأت السلطات الأوروبية تفتح أمامهم فرص الاندماج في المجتمع العام، وفي أعقاب ذلك بدأ المجتمع اليهودي القديم بالانهيار. تشكّل التصوّر “الحريدي” في أوساط اليهود المتديّنين المحافظين كردّ فعل على عملية التحديث وانهيار المبنى الاجتماعي التقليدي للجاليات اليهودية في أوروبا.

مصدر التسمية “حريديون” هو في آية من الكتاب المقدس “اسمعوا كلام الرب أيها المرتعدون من كلامه” (سفر أشعياء، الأصحاح السادس والستون، 5) وإليكم بعض الخصائص والحقائق حول المجتمع الحريدي في إسرائيل اليوم:

تجهيزعروس حريدية ونقلها الى بيت زوجها (AFP)
تجهيزعروس حريدية ونقلها الى بيت زوجها (AFP)

1. إحدى القيم الرئيسية في المجتمع الحريدي هي الفصل بين الجنسين في جميع الأعمار، في النظام التعليمي بل وفي المناسبات العائلية. بالإضافة إلى ذلك من المعتاد تجنّب علاقات الصداقة بين الرجال والنساء غير المتزوجين أو أقربءا.

2. يرى المجتمع الحريدي، بالحاخامات المرجعية العليا، ليس فقط في الفتاوى والتوجيه الديني، وإنما في كل تفاصيل الحياة. أيضا فإنّ القادة العلمانيين الذين تم انتخابهم بشكل ديمقراطي وأيضا النظام القانوني الرسمي هم ذوو صلاحات أقل، في نظر الحريديين، مقارنة بالحاخامات.

رجل حريدي يدلي بصوته (Abir Sultan/Flash 90)
رجل حريدي يدلي بصوته (Abir Sultan/Flash 90)

3. معظم الرجال الحريديين لا يتجنّدون للجيش، رغم أنّ هناك قانون تجنيد إلزامي في إسرائيل لجميع المواطنين اليهود.

4. النظام التعليمي الحريدي منفصل عن النظام التعليمي الرسمي، ويتم الإشراف عليه من قبل وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية فقط بشكل جزئي، ويختلف منهاج التعليم فيه عن المنهاج الذي يتم تعليمه في المدارس الرسمية. بدلا من التعليم العالي (وبضمنه الرياضيات والإنجليزية)، يتم التركيز فيه على دراسة التوراة والدين.

حريديون يحتفلون بعيد البوريم، عيد المساخر (AFP)
حريديون يحتفلون بعيد البوريم، عيد المساخر (AFP)

5. يقاطع بعض الحريديين، ومن بينهم الكثير من الحريديين المقدسيين، الانتخابات الإسرائيلية لأسباب مبدئية. ورغم ذلك، هناك أحزاب حريدية تشارك في الانتخابات، وهي تركّز على التشريع الديني، انطلاقا من الطموح نحو التأثير في هوية دولة إسرائيل بحيث تُدار بموجب القوانين الدينية اليهودية فقط.

6. معظم الرجال الحريديين لا يعملون حتى بعد زواجهم. بدلا من ذلك يستمرون في تعلّم الدين. كنتيجة لذلك، يقع قلق كسب لقمة العيش على المرأة. وفقا للبيانات الرسمية لعام 2015، فإنّ أكثر من 70% من النساء الحريديات يعملنَ، بالمقارنة مع 45% فقط من الرجال الحاريديين.

7. معدل عدد الأطفال في الأسرة الحريدية هو 6.5. معدل المواليد في المجتمع الحريدي هو من الأعلى في العالم، ويبلغ 4%.

معدل عدد الأطفال في الأسرة الحريدية هو 6.5 (AFP)
معدل عدد الأطفال في الأسرة الحريدية هو 6.5 (AFP)

8. يتميّز اللباس الحريدي، وخصوصا للرجال، باللونين الأبيض والأسود المحافظين. بعض الحريديين يحافظون على اللباس اليهودي – الأشكنازي الذي كان شائعا في أوروبا قبل القرن الواحد والعشرين.

9. معدل الفقر في أوساط الحريديين في إسرائيل أعلى من المجتمع عموما. 57% من الأسر الحريدية تُعرَّف كفقيرة. وفي عموم المجتمع اليهودي في إسرائيل فإنّ 14% فقط يستوفون تعريف الفقر.

الحريديون (Flash90/Yonatan Sindel)
الحريديون (Flash90/Yonatan Sindel)

10.واليوم فإنّ 8% من مجموع السكان في إسرائيل يعرّفون أنفسهم كحريديين. حتى نهاية عام 2016، سيعيش في إسرائيل ما يقارب المليون حريدي. وفقا للتقديرات، إذا استمر معدّل المواليد العالي بين الحريديين في إسرائيل كما هو حاله الآن، فحتى عام 2020 سيشكّلون 17% من مجموع السكان في إسرائيل، وحتى عام 2050 سيشكّلون الغالبية في أوساط اليهود في جميع أنحاء العالم.

اقرأوا المزيد: 445 كلمة
عرض أقل
أعمال توسيع محطة القطار في مدينة تل أبيب
أعمال توسيع محطة القطار في مدينة تل أبيب

أزمة يوم السبت: هل تواجه حكومة نتنياهو خطرا مجددا؟

رؤساء الأحزاب الدينية في إسرائيل يطالبون بإقالة وزير المواصلات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بعد أن وافق على القيام بأعمال، يوم السبت الماضي، لتوسيع محطة القطار في مدينة تل أبيب

مع انتهاء الأعمال الهندسية في محطة القطار المركزية في تل أبيب، هناك تصعيد في “حرب السبت” بين الأحزاب الدينية (الحاريدية) وبين وزير المواصلات، يسرائيل كاتس. وأجرى رؤساء الأحزاب الدينية – وزير الداخلية أرييه درعي، وزير الصحة يعقوب ليتسمان، ورئيس اللجنة المالية عضو الكنيست موشيه جفني – أمس (السبت) مكالمة جماعية هاتفية، طالبوا فيها بعقد اجتماع عاجل مع رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على ضوء تصرفات وزير المواصلات وقد طرحوا في المكالمة إمكانية التفكير في إقالة كاتس.

وأعرب رؤساء الأحزاب الحاريدية في بيان مشترك لهم أنّهم “يحتجّون بحزن بسبب “تدنيس السبت” أثناء القيام بأعمال سكة القطار في تل أبيب، كان يمكن ممارستها في أيام أخرى دون يوم السبت”. وأكّدوا في كلامهم أنّ ذلك هو بمثابة “انتهاكٍ للاتفاقيات السابقة التي صرح بها وزير المواصلات، ومسٍّ بالوضع الراهن”.

وقالوا أيضًا إنّه “يجب الاعتذار عن المهرجان الإعلامي الواسع والزائد عن حدّه حول تلك الأعمال، والذي تضمّن مؤتمرا صحفيا وبيانات للإعلام، نجحت في زيادة تدنيس السبت من دون حاجة إلى ذلك”.

وزير المواصلات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس (Flash90/Miriam Alster)
وزير المواصلات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس (Flash90/Miriam Alster)

تطلّبت أعمال التوسيع في إحدى محطات القطار الأكثر ازدحاما في تل أبيب، والتي تم تخطيطها منذ أشهر سابقة، إغلاق مسار المواصلات الرئيسي المؤدي إلى جنوب إسرائيل، وبسبب ذلك تم اختيار العمل عليها يوم السبت. وأثار الإعلان عن موعد تنفيذها أثناء يوم السبت غضبا في أوساط أعضاء الكنيست المتديّنين، والذين توجّهوا يوم الخميس إلى نتنياهو، طالبين إيقافها.

وأرسلت الشرطة إلى مكتب نتنياهو رسالة جاء فيها أنّه وفقا لقرار لجنة مهنية، فإنّ مثل هذه الأعمال يجب أن تتم يوم السبت لأنّ إجراءها خلال أيام الأسبوع العادية سيؤدي إلى صعوبات في حركة سيارات الإسعاف والإطفاء بحرية، مما قد يتسبب بأضرار بشرية.

https://www.facebook.com/irail/videos/10153950884858721/

 

وفي محاولة لمنع حصول أزمة ائتلافية، وافق نتنياهو على إلغاء أعمال أخرى لقطار إسرائيل يوم السبت ولكنه أيد موقف المسؤولين عن أعمال القطار والمسؤولين في وزارة المواصلات وسمح بإجراء الأعمال في محطة قطار تل أبيب في نهاية الأسبوع الماضي، لأنّ “تأجيلها قد يُشكل خطرا على الحياة”.

وكما هو معلوم في إسرائيل يتمحور الاهتمام حول قدسية يوم السبت وطريقة الحفاظ عليها، وقد شغل ذلك المجتمَع الإسرائيلي المتشكّل منذ فترة الانتداب البريطانيّ. في تلك الفترة تطوّرت عدّة ترتيبات استُخدمت أساس مبدأ الوضع الراهن ليوم السبت. في إطار تلك الترتيبات تمت الموافقة على الحفاظ على يوم السبت في جميع المؤسسات الوطنية، إيقاف المواصلات العامة في جميع البلدات، وكذلك سنّ لوائح تضمنت تعطيل التجارة والحرف اليدوية يوم السبت، استنادا إلى الوصية الرابعة في التوراة “اذكر يوم السبت لتقدسه”.

احتجاجات حريدية في مدينة القدس بسبب "تدنيس يوم السبت" (Flash90/Hadas Parush)
احتجاجات حريدية في مدينة القدس بسبب “تدنيس يوم السبت” (Flash90/Hadas Parush)

عام 1951 تم سنّ “قانون ساعات العمل والراحة”، والذي يحظر تشغيل اليهود يوم السبت.

وتعبّر قضية السبت المثيرة للجدل عن التناقضات العميقة بين المتديّنين والعلمانيين في المجتمَع الإسرائيلي. يؤيد معظم العلمانيين، على الأقل، فتح الأماكن الترفيهية وتشغيل المواصلات العامة يوم السبت. وفي المقابل، يعتقد معظم المتديّنين أنّ تدنيس يوم السبت في المجال العام يمسّ بالطابع اليهودي للبلاد.

وتتعامل المنظومة السياسية مع قضية السبت بأنماط مختلفة ووفقا للحاجة. إنّ غياب الوضع القانوني الواضح ليوم السبت يعطي شرعية لمساحة كبيرة من وجهات النظر التي من شأنها أن تؤدي إلى تطوّرات في اتجاهات مختلفة تبعا للظروف والملابسات. كانت هناك محاولات لوضع التآكل التدريجي للوضع الراهن، وبشكل أساسي من قبل الأحزاب الدينية، لتشريع قانون السبت القطري، ولكن تكللت هذه المحاولات بالفشل غالبا.

وكانت الأعمال الهندسية التي أجريت يوم السبت الماضي في تل أبيب استثنائية في نطاقها. ستضطر الأحزاب الحاريدية في الأيام القادمة للوقوف أمام نموذج قياسي وضعته عام 2000، وذلك عندما انسحب الحزب الحاريدي “يهدوت هتوراه” من حكومة إيهود باراك في أعقاب نقل تربينة تابعة لشركة الكهرباء عبر شوارع إسرائيل خلال يوم السبت. أدى الانسحاب إلى زعزعة حكومة باراك، وسقوطها في نهاية المطاف بعد فترة غير طويلة.

ومع ذلك لا يبدو أنّ رؤساء الأحزاب الدينية يصرحون الآن بتصريحات عن الانسحاب من الحكومة بقدر ما يطالبون بإقالة وزير المواصلات، يسرائيل كاتس، المسؤول المباشر عن تلك الأعمال.

اقرأوا المزيد: 578 كلمة
عرض أقل
الحرم القدسي الشريف: الجدل الذي يمزّق اليهودية من الداخل (Flash90)
الحرم القدسي الشريف: الجدل الذي يمزّق اليهودية من الداخل (Flash90)

الحرم القدسي: الجدل الذي يمزّق اليهودية من الداخل

جهات مختلفة في الشريعة اليهودية المعاصرة تختلف حول السؤال المصيري: هل دخول اليهود إلى الحرم القدسي الشريف واجب مقدس، أم محظور عقوبته الإعدام؟

أنّ العقوبة الفورية لمن يدخل إلى الأجزاء الأكثر قداسة في الهيكل، وفقا للتقاليد اليهودية، هي الموت من قبل الله.

“المستوطنون يقتحمون الأقصى” – يُنشر هذا العنوان يوميا في وسائل الإعلام، ويثير ردود فعل غاضبة من المسلمين في أرجاء العالم. ولكن ما لم تعرفوه هو أنّ المعارضين الأكبر لدخول اليهود إلى الحرم القدسي الشريف، هم تحديدا يهود متديّنون. في الأسبوع الماضي فقط، هاجمت بشدّة صحيفة “يتد نئمان”، وهي الصحيفة الأكثر انتشارا في المجتمع اليهودي المتديّن (“حريدي”)، أولئك اليهود الذين “يقتحمون الحرم القدسي الشريف”، ودعت بوضوح إلى حظر دخول اليهود إلى الحرم: “كل من يستطيع عليه واجب العمل على هذا الموضوع، إغلاق الحرم بإحكام ومنع دخول مُنجّسيه”. لماذا، وفقا للشريعة اليهودية، يعتبر دخول اليهود إلى الحرم القدسي الشريف مُنجّسًا له؟

وفقا للتاريخ اليهودي، في جزء من مساحة الحرم القدسي الشريف، الذي يوجد فيه اليوم المسجد الأقصى، كان يقع في الماضي الهيكل. كان الهيكل هو المكان الأكثر قداسة لليهود، قبل تخريبه. ما زال يزور اليوم يهود الحرم القدسي الشريف بل ويشجّعون آخرين على القيام بذلك أيضا انطلاقا من مشاعر دينية أو قومية، ولكن في المقابل، هناك أيضًا يهود يعارضون بشدة دخول أبناء شعبهم إلى منطقة الحرم القدسي الشريف.

شرطي إسرائيلي يدفع بقوة زائرا يهوديا خارج الحرم القدسي (Flash90)
شرطي إسرائيلي يدفع بقوة زائرا يهوديا خارج الحرم القدسي (Flash90)

لا يدور الحديث عن يهود يعارضون دخول إخوانهم إلى الحرم القدسي الشريف انطلاقا من اعتبارات المساس بمشاعر المسلمين، أو لاعتبارات سياسية للحفاظ على الوضع الراهن منذ عام 67، وإنما تحديدا عن أولئك الذين يعارضون الدخول إلى الحرم القدسي الشريف بسبب موقف الشريعة اليهودي في هذا الموضوع – كما يفهمونه.

في سنة 67، الحاخامية الرئيسية في إسرائيل قد حذّرت مواطني الدولة اليهود: “يحظر علينا زيارة الحرم القدسي الشريف”

يُطرح السؤال في أعقاب خراب الهيكل الثاني عام 70 من الميلاد. حتى لحظة الخراب – لم يكن هناك جدل في اليهودية أنّ المكان الذي كان يقع فيه الهيكل، وفقا للتقاليد اليهودية، كان مكانا يجب على كل يهودي زيارته ثلاث مرات في السنة على الأقل من أجل أداء واجبه الديني. واليوم، من غير الواضح بشكل مؤكّد أين تقع الأجزاء المقدسة من الهيكل، والتي يحظر دخول بعضها على اليهود النجسين من دون التطهّر، ويحظر على بعضها الدخول في جميع الأحوال. فإنّ جميع اليهود مشتبهون بالنجاسة (عدم الطهارة)، ببساطة لأنّ الوسائل التي يتطلّبها الكتاب المقدّس من أجل تطهير أنواع معيّنة من النجاسة، غير موجودة اليوم.

إحدى مخاوف المعارضين من زيارة الحرم القدسي الشريف، هي أنّ الزائر قد يدوس عن طريق الخطأ المكان المحظور، ومن ثم يدنّسه. من الجدير بالذكر أيضًا، أنّ العقوبة الفورية لمن يدخل إلى الأجزاء الأكثر قداسة في الهيكل، وفقا للتقاليد، هي الموت من قبل الله.

هناك حقيقة مثيرة للاهتمام في تاريخ الجدل حول الحرم القدسي الشريف، وهي أنّه في سنة 67 مع انتقال السلطة على الحرم القدسي الشريف إلى أيدي إسرائيل، فإنّ الهيئة الرسمية في دولة إسرائيل لشؤون الدين تحديدا، الحاخامية الرئيسية، قد حذّرت مواطني الدولة اليهود بعدم زيارة الحرم القدسي الشريف، بسبب نجاستهم: “يرى مجلس الحاخامية الرئيسية أنّه من الضروري تذكير الشعب أنّه بسبب قداسة المكان التي لم تنته صلاحيتها أبدا، يحظر علينا زيارة الحرم القدسي الشريف، حتى يُبنى الهيكل سريعا في أيامنا مع مجيء المسيح منصفنا”.

ليس المسلمون وحدهم يعارضون زيارة اليهود للحرم القدسي الشريف (Flash90)
ليس المسلمون وحدهم يعارضون زيارة اليهود للحرم القدسي الشريف (Flash90)

في المقابل، كما هو معلوم، فإنّ الجدل حول مسألة الزيارة اليهودية للحرم القدسي الشريف لم يهدأ منذ أن نشرت الحاخامية الرئيسية هذا الحظر، بل اشتدّ فحسب. من المعلوم للجميع أنّه لا يزال هناك يهود يصرّون على زيارة الحرم القدسي الشريف، مثل أعضاء حركة “أمناء جبل الهيكل”، ويعربون عن مبررات دينية. إنهم يدّعون أنّهم نجحوا في اكتشاف، بشكل مؤكد، موقع الأقسام المقدّسة لليهود في الهيكل، وهكذا فهم يحرصون على عدم الاقتراب منها. وفقا لرأيهم، فلا يوجد حظر ديني بأن تكون هذه الأقسام في سائر مساحة الحرم القدسي الشريف، وبحسب زعمهم هناك أهمية شعورية خاصة، وفقا للتقاليد اليهودية، لزيارة المكان الذي كانت فيه روح الله. تعتبر صلاة اليهود في الحرم القدسي الشريف اليوم محظورة وفقا للوضع الراهن.

وفي هذا الصدد هناك معسكران وهما، من جهة، المقتنعون جدا أنّ دخول اليهود إلى الحرم هو تدنيس للمقدّس، ويجب إيقافه بكل ثمن، ومن جهة أخرى، هناك المستعدّون للتضحية بحياتهم من أجل زيارة الحرم القدسي الشريف، ويدفع كلاهما التزام عميق من أجل الحفاظ على التعاليم الدينية الأصلية لليهودية بخصوص المكان الأقدس بالنسبة لها، ولكن كل واحد يفهم هذه التعاليم بطريقة مختلفة تماما.

اقرأوا المزيد: 646 كلمة
عرض أقل