حرية العبادة

مسجد في حي ام طوبا شرقي القدس والحارة اليهودية الجارة خلفه (AHMAD GHARABLI / AFP)
مسجد في حي ام طوبا شرقي القدس والحارة اليهودية الجارة خلفه (AHMAD GHARABLI / AFP)

مشروع قانون: منع مكبّرات الصوت في المساجد

أحزاب اليمين في إسرائيل تحاول أن تضع حدًا للضجة التي تسببها مكبرات الصوت في المساجد من خلال سن قانون، وفي القدس استيقظ رئيس البلدية اليهودي فجرًا بسبب صوت الآذان

بدأ هذا الحدث، مثل كل الحوادث الأخرى التي تتعلق بالحياة المُشتركة بين اليهود والمُسلمين، في البداية في مدينة القدس ومن ثم أصبح وصل إلى كل البلاد. تم في السنوات الأخيرة تركيب مكبّرات صوت في الكثير من المساجد، تتيح رفع صوت الآذان ليُسمع بشكل قوي على نطاق واسع. يُسمع صوت الآذان القوي أيضًا في بيوت أحياء القدس اليهودية القريبة من الأحياء العربية خمس مرات يوميًا وأيضًا في الساعات المُخصصة للنوم.

سئم بعض السكان اليهود في المدينة هذه الظاهرة. فقرروا أن يوضحوا لرئيس البلدية أن عليه حل هذه المُشكلة في أقرب وقت. لذلك تجمعوا قبل أسبوع أمام بيت رئيس البلدية، نير بركات، في وقت آذان الفجر، وقاموا بتشغيل تسجيل للآذان عبر مكبّر صوت.  لم يتوقع رئيس البلدية بالطبع أن يستيقظ على هذا الصوت وبهذه الطريقة، ولكن محاولة المواطنين قد نجحت. فقد أصدر رئيس البلدية أمرًا لبلورة خطة عمل، بالتعاون مع الشرطة، بهدف التوصل إلى اتفاق مع المسؤولين في المساجد من أجل خفض الصوت إلى درجة معقولة.

“لا يدور الحديث عن تلاوات المؤذن التي عتاد عليها السكان فحسب. فقد أصبحت  تستخدم في المساجد مكبرات الصوت للاحتفال بالمناسبات والأعراس، وتشغّل فيها موسيقى تُسمع عبر مكبرات الصوت، لذلك  أصبح  الصوت أعلى وهذا الأمر لم يعد يُحتمل”. هذا ما قاله أحد سكان الأحياء اليهودية القريبة من قرية الرام الفلسطينية في شمالي القدس، متذمرًا.

مسجد في يافا في وقت آذان الفجر - صورة توضيحية (Esther Rubyan/FLASH90)
مسجد في يافا في وقت آذان الفجر – صورة توضيحية (Esther Rubyan/FLASH90)

ممنوع، حسب  تعريف “قانون الإزعاج” الإسرائيلي، إصدار أي ضجيج بواسطة مكبّرات الصوت ما بين الساعة 14:00 – 16:00 بعد الظهر، وبدءًا من الساعة 23:00 ليلاً وحتى الساعة السابعة صباحًا. لم يتم تطبيق هذا القانون في المساجد حتى اليوم، لسوء حظ المواطنين الذين يعانون من أصوات الآذان في ساعات الفجر الباكرة. تظهر هذه المشكلة بشكل واضح في الأحياء التي يسكن فيها يهود ومُسلمون قريبا من بعضهم، مثل المدن المُختلطة (القدس، يافا، عكا، حيفا، الرملة، واللد)، والبلدات القريبة من بعضها. (كما في الجليل).

ولكن الجديد هو أن أحزاب اليمين الآن تحاول دفع معالجة صوت الآذان المُبالغ به خطوة إلى الأمام، وهناك من يقولون إنها خطوة مُبالغ بها. ينص اقتراح القانون الذي يُصاغ حاليًا على أن يتم منع استخدام مكبّرات الصوت في أماكن الصلاة، ومن بينها أيضا أماكن الصلاة عند المُسلمين.

تعارض مؤسسات مجتمع مدني هذا القانون. “تتطلب العلاقات بين اليهود والعرب في المناطق المُختلطة وفي المُدن المُختلطة الحوار. “لا يمكن حل المشاكل النابعة من الاحتكاكات من خلال سن قانون، من شأنه الإضرار بالعلاقات بين الفئات السكانية”، هذا ما جاء في أقوال القائمين على مؤسسة “صندوق إبراهيم” للتعايش في إسرائيل. “هناك أمثلة على اتفاقات محلية تم تحقيقها فيما يتعلق بموضوع رفع الآذان من قبل المؤذنين، كما في يافا مثلا، والتي يُستخدم فيها منذ أكثر من عشر سنوات نظام مكبّر صوت مضبوط ويتم التحكم من خلاله بمستوى الصوت – وجاء ذلك بدعم من سكان المدينة العرب في المدينة”.

اقرأوا المزيد: 426 كلمة
عرض أقل
اعتقال شاب يهودي. صورة تعبيرية (Flash90)
اعتقال شاب يهودي. صورة تعبيرية (Flash90)

الشرطة: صلاة اليهود في الحي الإسلامي في القدس محظورة

مسؤول في الشرطة يكشف عن قرار جديد: صلاة اليهود في المراكز السكانية المُسلمة تستوجب الاعتقال والإبعاد، لأنه "يؤدي هذا السلوك إلى الإخلال بالنظام"

صلاةاعترف مسؤول في الشرطة الإسرائيلية خلال جلسة اليوم (الأربعاء) أن الشرطة قررت منع اليهود من الصلاة في المناطق الخاصة بالمُسلمين خوفًا من حدوث إخلال بالنظام. “لا يُمكن تأدية الصلاة في الحي الإسلامي… هذا الأمر يؤدي إلى الإخلال بالنظام”، قال المسؤول.

كان حظر تأدية صلاة اليهود حتى الآن مفروضًا فقط داخل الحرم القدسي الشريف ولكن من خلال جلسة اليوم اتضح أن الشرطة الآن تنظر إلى أية صلاة يهودية خارج محيط الحرم القدسي، أي في المناطق القريبة من وجود تجمّع كبير للمُسلمين، على أنها مُخالفة للقانون وتُشكّل سببا للاعتقال. ادعت نائب الكنيست عن حزب البيت اليهودي، شولي معلّم، أن هذا يُشكّل مسا بحرية العبادة اليهودية، “لن تمنع الشرطة بالتأكيد تأدية المُسلمين الصلاة بالقرب من التجمّعات اليهودية… فهذا يُشكل مسا بحرية العبادة”.

تناولت جلسة المحكمة طلب الشرطة لإصدار أمر لإبعاد شابتين يهوديتين أديتا الصلاة في الحي الإسلامي، قريبًا من الحرم القدسي الشريف عن الحي. قال ممثّل الشرطة خلال الجلسة إن اختيار الشابتين الصلاة قرب الحرم القدسي، “حيث إن هناك حركة نشطة للسكان المحليين والمُسلمين الذين يتوافدون للصلاة في الحرم القدسي”، هو عمل استفزازي وتحدي. ” لقد عرّضتا حياة الآخرين للخطر بتصرفهما وعرضتا حياتهما، وحياة قوات الأمن في المكان أيضا”، وفقًا لكلام المسؤول. اقتنعت المحكمة بادعاءات الشرطة لذلك أصدرت أمرًا ضد الناشطتَين لإبعادهما عن الحي الإسلامي في القدس لمدة 15 يومًا.

وتم خلال الشهر الأخير اعتقال نحو 35 يهوديًا داخل الحرم القدسي وداخل المدينة القديمة وتوقيفهم أيضا. تم توقيف 27 مواطنا من بينهم بسبب تأدية الصلاة خارج الحرم القدسي. وصل إلى المحكمة 16 شخصًا من بين الموقوفين وذلك لأن الشرطة طالبت بإبعادهم عن منطقتي الحرم القدسي والحي الإسلامي في بلدة القدس القديمة.

اقرأوا المزيد: 255 كلمة
عرض أقل
من الدار البيضاء إلى الأقصى (AFP)
من الدار البيضاء إلى الأقصى (AFP)

من الدار البيضاء إلى الأقصى

قيادة دينية مشتركة يمكنها أن تقترح خطوطا عريضة تحترم حرية العبادة لأبناء جميع الأديان وقداسة جبل الهيكل/الأقصى، بشكل مشابه لما يحدث في مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء

الدار البيضاء، يوم الجمعة، قبل وقت الصلاة بقليل. تسطع مئذنة مسجد الحسن الثاني، ثالث أكبر مسجد في العالم، والذي يصل إليه في رمضان نحو مائة ألف مصلّ، كمنارة من بعيد. تم استثمار ستّ سنوات وثلاثة مليارات دولار في بنائه، كما تقول المرشدة إلهام، التي تقودنا إلى الداخل. طُلب من كل مواطن مغربي (بما في ذلك اليهود منهم) من قبل الملك أن يتبرع من جيبه لبناء هذا المبنى الفخم، الذي يُفتح سقفه الضخم في أيام الصيف بهدف التخفيف قليلا من وطأة الحرّ.

تأسس هذا المسجد المثير للإعجاب عام 1993، في مراسم احتفالية حضرها الملك وخطبت فيه أيضًا أمينة مريلي، الحائزة على جائزة الدولة للأدب في المغرب. إنّ سهولة زيارة المكان مثيرة للإعجاب أيضا. لقد قادتنا إلهام إلى الداخل نحو ثلاثة طوابق: طابق الوضوء، طابق الصلاة وطابق النساء. إنها مرشدة مخضرمة تمكّنت من تجميع قاموس مفردات مفيد في عدة لغات، من بينها أيضًا العبرية، التي هي إحدى اللغات الأربع الأكثر شيوعا بين زوّار المكان، كما يتضح. هنا، وفي أماكن أخرى في المغرب، يمكن أن نشعر أننا ضيوف مرغوب بهم رغم جواز سفرنا الإسرائيلي. لا تزال اللافتات العبرية حول متجر حلال موضوعة بشكل علني ولا تخجل الجالية المغربية الصغيرة من الاحتفال بيهوديتها بفخر.

الملك حسن السادس في زيارة الى المسجد (AFP)
الملك حسن السادس في زيارة الى المسجد (AFP)

عندما انضممنا إلى الوفد في أعقاب الجاليات اليهودية في المغرب لم يخطر ببالنا أنه سيتم إرشادنا في المسجد من قبل امرأة مسلمة مكشوفة الرأس وتتحدث بالعبرية. أين يمكن أيضًا أن نشاهد مشاهد من هذا النوع؟ حلّقت الأفكار للحظة إلى مسجد آخر، لا يقل أهمية، حيث وقفت هناك في نفس الوقت نساء أخريات، المرابطات، في نضالهن الروتيني. يمكن الشعور بأصداء الاضطرابات في الحرم القدسي وخارجه في المغرب أيضًا والتي تؤجج التوتر المتزايد بين اليهود والمسلمين. بعد عودتنا إلى البلاد بقليل، خرج 20 ألف مغربي، من أنصار الحركة الإسلامية، في مظاهرة “أعدموا” فيها دمى ليهود قرب مجسّم للحرم القدسي. لم تزر إلهام نفسها المسجد الأقصى بعد، وهزت كتفيها عندما تحدثنا عنه. بالنسبة لها، وبالنسبة لبعض موظفي الوقف في المسجد والذين التقينا بهم في الداخل، من الواضح أن قداسة المكان يجب أن تكون مفتوحة، متاحة وتستقبل الزوار.

مؤخرا، بادرت فرنسا إلى اقتراح وضع مراقبين دوليين في جبل الهيكل/الأقصى بهدف التوصل إلى تهدئة النفوس في الباحة والتقليل من التوتر الديني بين اليهود والمسلمين. حتى لو افترضنا أن حكومة إسرائيل والمملكة الأردنية، من خلال الوقف، قد اتفقتا على تغيير ترتيبات السيطرة على الحرم، فهناك شك إذا كانت ستُحل المشكلة الجذرية. إن أعمال الشغب في الحرم القدسي ليست متعلقة بأعداد رجال الشرطة والمنظمين، حتى لو وُضعت في المكان قوة دولية كبيرة ونوعيّة فلن يتنازل اليهود عن رغبتهم بالصلاة في جبل الهيكل، ولن يوافق المسلمون على السماح بذلك.

المرابطات لحماية مسجد الأقصى (Flash90/Yonatan Sindel)
المرابطات لحماية مسجد الأقصى (Flash90/Yonatan Sindel)

قد يأتي الحلّ من مكان آخر، حاوٍ وتبادلي. قيادة دينية مشتركة يمكنها أن تقترح خطوطا عريضة تحترم حرية العبادة لأبناء جميع الأديان وقداسة المكان. إذا وافق اللاعبون الرئيسيون في الحرم القدسي على لجنة كهذه، فبإمكانها أن تقترح ترتيبا مشابها للمعمول به في مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء، المفتوح مجانا للمصلين ولكن فقط في ساعات الصلاة، وأن تتيح الزيارة مقابل الدفع للسياح من جميع أنحاء العالم في الأوقات الأخرى. في الواقع، فإنّ إغلاق جبل الهيكل أمام الزائرين في ساعات الصلاة الإسلامية، كما هو معمول به اليوم، يقع ضمن هذا النموذج.

هذا الترتيب قابل للحياة سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية، حيث إنّ رسوم الدخول إلى الموقع المقدس قد تموّل شبكة تنظيم وإرشاد يهودي – إسلامي مشترك بمجموعة متنوعة من اللغات. إذا تم اعتماده فسوف تنشأ في المكان روح جديدة، بدلا من الكراهية التي تغلي فيه، وستجد العناصر المتطرفة صعوبة في إثارة المكان. إذا تم تغليف القداسة ببعض العلمانية، كما فعل الملك محمد السادس في المسجد الضخم في الدار البيضاء، سيتم الحفاظ على جمال المكان وسيعم التسامح. إذا كنا نفكر في وضع راهن جديد فربّما من المستحسن استشارة ملك المغرب، الذي يتولى أيضًا منصب رئيس لجنة القدس في منظمة الدول الإسلامية. شيء ما من الروح المغربية يلائم أكثر بقليل رؤيا أشعياء: “بَيْتِي بَيْت الصَّلاَةِ يُدْعَى لِكُلِّ الشُّعُوبِ”.

نشر هذا المقال لأول مرة في موقع منتدى التفكير الإقليمي

اقرأوا المزيد: 621 كلمة
عرض أقل
صورة من معرض الصور عن الحرب الأهلية في سوريا (Holocaust Memorial Museum Washington)
صورة من معرض الصور عن الحرب الأهلية في سوريا (Holocaust Memorial Museum Washington)

صور من الإبادة الجماعية في سوريا تُعرض في متحف الهولوكوست

قام بتهريب الصور أحد المنشقّين عن جيش الأسد وكانت وظيفته توثيق جثث قتلتها الأجهزة الأمنية

يعرض متحف الهولوكوست في واشنطن، الذي يعتبر أحد المتاحف الرائدة حول العالم في هذا المجال، ابتداء من أمس (الأربعاء) معرض صور تكشف عن فظائع الحرب الأهلية في سوريا. تم نقل الصور من قبل جندي سوري كان مسؤولا عن توثيق القتل الجماعي، وقد انشقّ عن نظام الأسد وقام بتهريب هذه الصور معه آملا بتسليط الضوء على أعمال نظام بشار الأسد.

صورة من معرض الصور عن الحرب الأهلية في سوريا (Holocaust Memorial Museum Washington)
صورة من معرض الصور عن الحرب الأهلية في سوريا (Holocaust Memorial Museum Washington)

وقد شرح القيّمون على المتحف أنّهم قرّروا عرض الصور تحديدًا في مؤسسة مخصصة لذكرى الهولوكوست انطلاقًا من الإحساس بالمسؤولية: “يشارك المتحف هذه الصور مع الجمهور من أجل توثيق بشاعة الجرائم التي قام بها النظام السوري ضدّ شعبه. خاطر المصوّر بحياته من أجل أن يحضر لنا هذه الصور، ومن أجل أن يحكي للعالم ماذا يحدث في وطنه. وتقع علينا مسؤولية إخراجها إلى النور”.

صورة من معرض الصور عن الحرب الأهلية في سوريا (Holocaust Memorial Museum Washington)
صورة من معرض الصور عن الحرب الأهلية في سوريا (Holocaust Memorial Museum Washington)

وقام المصوّر، الذي عرّف عن نفسه فقط باسم “سيزار”، بتهريب أكثر من 55,000 صورة في تمّوز 2013 على جهاز ذاكرة محمول. وحسب كلامه، فقد قام بالتقاط تلك الصور في إطار وظيفته الرسمية التي كانت توثيق جثث من تم قتله من قبل النظام. وتُظهر الصور، بحسب روايته، جثث السجناء والمعتقلين السوريين الذين تم قتلهم من قبل أجهزة الاستخبارات وأجهزة الأسد الأمنية، وتظهر على كثير منهم علامات الجوع والتعذيب.

صورة من معرض الصور عن الحرب الأهلية في سوريا (Holocaust Memorial Museum Washington)
صورة من معرض الصور عن الحرب الأهلية في سوريا (Holocaust Memorial Museum Washington)

وقد صرّح النظام السوري ردّا على ذلك أنّ تلك الصور مزيّفة، ولكن تحقيقًا مشتركًا من قبل المتحف وخبراء في القانون الدولي أكّد رواية المنشقّ. يحقّق مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI) الآن في تلك الصور، ووفقًا للمتحف، يبدو أنّها ستُستَخدم كشواهد إذا ما تمّ تقديم دعوى ضدّ مسؤولي النظام السوري في المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية.

اقرأوا المزيد: 242 كلمة
عرض أقل
مظاهرة للأقباط في مصر (AFP)
مظاهرة للأقباط في مصر (AFP)

كاهن مسيحي: “إسرائيل هي المكان الآمن للمسيحيين في الشرق الأوسط”

الكاهن العربي - الإسرائيلي جبرائيل نداف ألقى كلمة أمام لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وطالب العالم بمساندة إسرائيل في حربها ضد الإرهاب

ألقى الكاهن العربي – الإسرائيلي، جبرائيل نداف، الذي يشغل منصب كاهن الكنيسة اليونانية الأرثوذوكسية في بلدة يافا الناصرة والذي يعتبر رجل دين يشجع على تطوع العرب – الإسرائيليين المسيحيين في صفوف الجيش الإسرائيلي، البارحة (الثلاثاء) خطابًا نادرًا أمام لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وهاجم بشدة تعامل الدول العربية مع أبناء الديانة المسيحية. بالمقابل، أثنى الكاهن نداف على تعامل إسرائيل مع المسيحيين. كما ودعا في خطابه المجتمع الدولي بالوقوف إلى جانب إسرائيل في حربها ضد الإرهاب: “من يريد تدمير الدولة اليهودية يكون بذلك قد حكم بالموت على آخر المسيحيين الأحرار في الأراضي المقدسة”.

رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو مع الأب جبرائيل نداف كاهن الطائفة الأرثوذكسية-اليونانية في الناصرة  (FLASH 90)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو مع الأب جبرائيل نداف كاهن الطائفة الأرثوذكسية-اليونانية في الناصرة (FLASH 90)

“في العقد الأخير قُتل مئة ألف مسيحي في الشرق الأوسط. معنى ذلك أنه كل خمس دقائق هناك مسيحي يُقتل بسبب إيمانه… من تمكنوا من الهرب من المتطرفين الإسلاميين هربوا ومن لم يتمكنوا لا يزالوا يعيشون كمواطنين من الدرجة الثانية إن لم يكن الثالثة، تحت حكم حكام مسلمين”، كما جاء على لسان الكاهن نداف.

“في هذه الأيام في الشرق الأوسط هناك دولة وحيدة لا يلاحق فيها المسيحيون. والأكثر من ذلك، هنالك حرية تعبير، وحرية عبادة تُمنح بمحبة كبيرة… في إسرائيل، مدينة اليهود. إسرائيل هي المكان الوحيد في الشرق الأوسط الذي يعيش فيه المسيحيون بأمان. أيها القادة، يا دعاة السلام، أوقفوا ملاحقتكم العابثة للدولة الحرة الوحيدة في المنطقة”.

احتفالات عيد الفصح المجيد في الكنائس المقدسية (AFP)
احتفالات عيد الفصح المجيد في الكنائس المقدسية (AFP)

تم إرسال نداف إلى جنيف برعاية منظمة “وجه إسرائيل” وهي منظمة إسرائيلية تمثل إسرائيل في المحافل الدولية من خلال التأثير على متخذي القرار والمؤثرين في الرأي العالمي من المجتمع المدني، وكذلك على الجماعات الثقافية والدينية المتنوعة حول العالم. تشكلت منظمة “وجه إسرائيل” كمنبر متسق للتعاون بين المنظمات الداعمة لإسرائيل وتوفر أبحاثًا وتحليلات حول الأخطار التي تهدد شرعية إسرائيل الدولية.

اقرأوا المزيد: 255 كلمة
عرض أقل
الحرم القدسي الشريف: السيطرة الأردنية والسكوت الإسرائيلي (Flash90/Sliman Khader)
الحرم القدسي الشريف: السيطرة الأردنية والسكوت الإسرائيلي (Flash90/Sliman Khader)

الحرم القدسي الشريف: السيطرة الأردنية والسكوت الإسرائيلي

تنفق المملكة الهاشمية ميزانيات ضخمة لتمويل مؤسسات الوقف، للفوز على التمييز المنهجي ضدّ اليهود في الحرم القدسي الشريف. هكذا، تُداس الكرامة الوطنية وحرية العبادة من قبل الفلسطينيين، وكلّ ذلك برعاية دولة إسرائيل، والتي تحافظ على سياسات ثابتة من الغموض وتفادي معالجة القضية

في بداية هذا الشهر، شباط، ذهب وزير الإسكان، أوري أريئيل، إلى الحرم القدسي الشريف. وخلافًا للتهديدات المتكرّرة الصادرة من قبل مختلف الأطراف المعنيّة، لم تندلع انتفاضة ثالثة. ولكن الردود العربية على الحادثة لم تتأخر.

كان أحدها لوزير الأوقاف الأردني، المسؤول عن الأماكن المقدسة في القدس من قبل المملكة الأردنية، الدكتور هايل عبد الحافظ داود. هاجم الدكتور وقال إنّ ذهاب وزير في الحكومة الإسرائيلية إلى الأقصى أمر خطير وغير مسؤول، وذلك لأنّ إسرائيل تعلم جيّدًا أن الأردن هو صاحب المسؤولية عن “المدينة المقدّسة” وعن الأماكن المقدّسة فيها.

عضو الكنيست بن آري (اليمين) ووزير الإسكان اوري ارييل في زيارة للمسجد الأقصى (Flash90/Oren Nahshon)
عضو الكنيست بن آري (اليمين) ووزير الإسكان اوري ارييل في زيارة للمسجد الأقصى (Flash90/Oren Nahshon)

حقيقة تطرّق مسؤول أردني علنيًّا لموضوع السيادة على الحرم القدسي الشريف ليست مألوفة. على سبيل المثال، في شهر كانون الثاني 2014، بعد عدد من أعمال الشغب في الحرم القدسي الشريف، دعا حزب جبهة العمل الإسلامية، الذي يعتبر الذراع السياسي للإخوان المسلمين في الأردن، الحكومة الأردنية أن تقوم باستخدام حقّها القانوني واتّخاذ إجراءات ضدّ “الهجمات” (كناية عن دخول اليهود الى باحات المسجد الأقصى) في المسجد، والتي تتمّ بمرافقة القوات الأمنية الإسرائيلية.

هكذا بإيجاز، وهناك أمثلة كثيرة ولكن من غير المجدي أن نعرضها كلّها، النقطة الواضحة هي ادّعاء الأردنيّين أنّهم أصحاب السيادة على المسجد. هل هناك حقيقة لهذه الادّعاءات؟ هل هناك قوانين سارية المفعول للمملكة الأردنية على الحرم القدسي الشريف؟ لمن السيطرة فعليًّا على المكان الأكثر قداسة لليهود في القدس، ذلك الذي يتواجد في مركز دولة إسرائيل؟

الوقف: الذراع التنفيذية للمملكة الهاشمية

بعد حرب حزيران 1967، وبعد مرور مدّة قصيرة من سيّطرة إسرائيل على الحرم القدسي الشريف، تم نقل السيّطرة إلى أيدي العرب بقرار متسرّع من الحكومة، بمبادرة وزير الدفاع حينذاك، موشيه ديان. اليوم، هناك الكثير من الحظر على اليهود في محيط الحرم القدسي الشريف، مقابل المسموح به. لا يجوز لليهود الصلاة، السجود، إدخال أدوات الشعائر الدينية بل ورفع الأعلام الإسرائيلية في الحرم القدسي الشريف. من يجرؤ على فعل ذلك يتم إبعاده من المكان، وأحيانًا لعدّة أشهر ومن الممكن أيضًا أن يتمّ سجنه. الموقع مفتوح بشكل حرّ تمامًا لدخول المسلمين، بينما هو مقيّد للدخول أمام اليهود والمسيحيين لمدة ثلاث ساعات في اليوم، كما أنّ ذلك خاضع لتقديرات الشرطة الأولية.

أحد العوامل الأساسية لقيام هذا الوضع هو الذراع التنفيذية للمملكة الهاشمية في الحرم القدسي الشريف، الوقف: وهو هيئة تنفذ سياساتها وتقرّر الوضع في المكان بخصوص كلّ ما يتعلّق بالإجراءات وقواعد السلوك في منطقة الحرم القدسي الشريف. يقرّر الوقف بشكل حصري إجراءات الملابس والتغطية في المكان، بل ويدير بشكل مستقلّ أعمال البناء والحفريات في الحرم، من خلال انتهاك صارخ للقانون الإسرائيلي وإضرار متعمّد بأي أثر لوجود التاريخ اليهودي في المكان.

تفريق مظاهرة فلسطينية في المسجد الأقصى (Flash90/Sliman Khader)
تفريق مظاهرة فلسطينية في المسجد الأقصى (Flash90/Sliman Khader)

في أوائل شباط عام 2014، نشرت وكالة الأنباء “قدس برس” بيانات من قبل وزير الأوقاف الأردني عبد الحفيظ داود، تبيّن مدى تورّط الأردن في الحرم القدسي الشريف. أعلن الوزير بأنّه وافق على استثمار بنحو 532 ألف دينار (أكثر من 2 ونصف مليون شاقل) لترميمات المسجد الأقصى وقبّة الصخرة، كلّ ذلك كجزء من خطة على مدى خمس سنوات.

إضافةً إلى ذلك، أعلنت وزارة الأوقاف عن تعيين 29 شخصًا من رجال الوقف الإضافيين، الذين سينضمّون إلى 560 آخرين متواجدين من قبل في الحرم القدسي الشريف، بعضهم لأهداف “حماية مداخل حرم الأقصى من اليهود”، وبعضهم لمهام إدارية. يتلقّى جميع عمال الوقف أجورهم مباشرة من الحكومة الهاشمية.

وفي هذه المناسبة، أشار الوزير داود أن وزارته تستثمر كلّ عام نحو سبعة مليون دينار أردني (نحو 35 مليون شاقل!) لإدارة هيئات الوقف ورجالها في الحرم القدسي الشريف وترميمات المكان، وأشار أيضًا إلى استثمار ثلاثة ملايين ونصف دولار من الملك عبد الله الثاني بشكل خاص. وليس هذا فحسب، تبيّن أيضًا أنّ وزارة الأوقاف الأردنية تسيّطر كذلك بشكل مباشر على 40 مدرسة عربية في القدس، بواسطة ذراعها المباشر: الوقف.

الأردن يحدّد الطابع

 العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني (AFP)
العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني (AFP)

تقوم المملكة الأردنية في الآونة الأخيرة بإثارة التهديدات تجاه إسرائيل بخصوص الحرم القدسي الشريف. على سبيل المثال، في تشرين الأول 2013، وعلى خلفية نقاشات حول إمكانية إقامة الصلوات اليهودية في الحرم، هدّد وزير الأوقاف الأردني بأنّ خطوة كهذه مرفوضة تمامًا من قبل المملكة، وأنها فكرة خطرة و”لعب بالنار”. وأضاف أنّ كل فكرة حول نقل مسؤولية الحرم القدسي الشريف من الوقف الأردني إلى وزارة الأديان الإسرائيلية “الاحتلال” هي فكرة إجرامية، وظلمٌ لا مكان له.

بعد شهر من ذلك تم النشر في الإعلام الأردني المحلّي بأنّ السلطات تلقّت توجّهًا من الحكومة الإسرائيلية وفيه طلب بإقامة الصلوات اليهودية في الحرم القدسي الشريف. في مقابلة مع صحيفة “الغد” الأردنية، قال المستشار الأردني للأماكن المقدّسة للإسلام والمسيحية في القدس، عبد الناصر نصّار، إنّ الأردن قد رفض الطلب الإسرائيلي، وأنّ حظر إقامة صلاة اليهود في المكان سيستمرّ.

وقد وقع حدث آخر في أواخر عام 2013، حين وضعت السلطات الإسرائيلية كاميرات أمنية في منطقة الحرم القدسي الشريف على أحد مباني المسجد الأقصى، بهدف مراقبة رجال الوقف وأعمال البناء غير القانونية التي تقوم في المكان برعاية الأردنيين. مرّة أخرى ردّ الأردنيّون بشكل فوريّ وبعد مرور عدّة أيّام طلب المتحدّث الرسمي للمملكة الأردنيّة بإزالة هذه الكاميرات. وقد ادّعى الأخير بأنّ هذا مسّ بحرية العبادة في المكان وبسلطة الوقف، وهو المسؤول الوحيد عن أمن المصلّين والسيّاح في المكان.

وقد فصّل المتحدّث وأوضح بأنّ الحكومة الأردنية سترفض كلّ محاولة إسرائيلية لتغيير الأوضاع التي قامت في إطار اتفاق السلام بين كلا الدولتين. علاوة على ذلك، فحين وضعت الكاميرات، دعا وزير الخارجية الأردني، حسين المجالي، السفير الإسرائيلي في الأردن إلى محادثة مستعجلة، وطلب منه نقل رسالة عاجلة إلى الحكومة الإسرائيلية تطلب إزالة الكاميرات فورًا، في إطار حقّ الأردن في الحرم القدسي الشريف. وكلّ ما نعلمه، أنه لا يوجد اليوم كاميرات داخل الحرم القدسي الشريف.

صمت إسرائيلي متأجج

مجموعة يهودية تقوم بزيارة الحرم القدس الشريف (Flash90/Sliman Khader)
مجموعة يهودية تقوم بزيارة الحرم القدس الشريف (Flash90/Sliman Khader)

حتى النقاش الذي كان مخطّطا أن يقام في الكنيست الإسرائيلية منتصف الأسبوع (الثلاثاء 25.2) بخصوص السيادة في الحرم القدسي الشريف، لم يتم في موعده الأصلي بسبب ضغوط أردنية. وقبل بضعة أيام من النقاش الذي تم تعيينه في شهر شباط، تمّ إخبار المملكة الهاشمية بإقامته. حينها أعلن رئيس الحكومة الأردنية نفسه، عبد الله النسور، بأنّه منذ الفترة التي كانت فيها إسرائيل ملزمة ببنود اتفاقية السلام مع الأردن عام 1994، فإنّها “لا تستطيع الانتقاء من الاتفاقية البنود التي تريدها، بما في ذلك بنود واضحة ومتفق عليها بشأن القدس”. وعلى خلفية الكلام، دعا نواب البرلمان الأردني حكومتهم إلى العودة للخيار العسكري من أجل مواجهة دولة إسرائيل، وأيضًا إلى طرد السفير الإسرائيلي في الأردن، وإعادة السفير الأردني من تل أبيب.

وطوال تلك الفترة بقيت السياسات الحكومية حول موضوع الحرم القدسي الشريف غامضة تمامًا. علاوة على ذلك، رغم أنّ هناك وزارات حكومية تنشر في مواقع الإنترنت الخاصّة بها بأنّها المسؤولة عن الحرم القدسي الشريف، يتّضح بأنّها لا تملك أيّ بيان حول ما يحدث وأنّ الوقف هو الجهة الرئيسية في السيطرة الأردنية. إنّ سياسة الصمت والتستّر تحدث في جميع أروقة الجهات الرسمية في الدولة، بداية من أصغر شرطي وصولا إلى وزير الأمن الداخلي ورئيس الحكومة. ويبدو أنّ الوضع الحاليّ قائم بمقتضى الجمود، حيث إنّ كلّ انتهاك لحقوق المواطن اليهودي في الحرم القدسي الشريف وتستّر عن الأعمال غير القانونية للعرب تُفّسر بأنّها “حرص على سلامة المواطنين”.

“الحرم القدسي الشريف بأيدينا”، هكذا أعلن موتيه غور، قائد اللواء 55، مباشرة بعد اقتحام المسجد في حزيران عام 1967. والآن، بعد 47 عامًا، حان الوقت لتتحمل دولة إسرائيل المسؤولية وتدلي بمضمون حقيقي في هذه القضية.

نُشر لأول مرة في موقع “ميدا”، موقع إنترنت إخباري وفكري يهدف إلى توفير المعلومات والمواقف غير الشائعة في الخطاب الإعلامي في إسرائيل للجمهور.

اقرأوا المزيد: 1108 كلمة
عرض أقل