تُعتبر الصحافية إيلانا ديان من الإعلاميين المرموقين والمخضرمين في إسرائيل. فهي تُقدّم واحد من أقدم برامج التحقيقات الصحافية في التلفزيون الإسرائيلي، والذي يتم بثه منذ 20 عامًا، وقد نجحت في الكشف عبره عن حالات فساد، ظلم، وجرائم.
بُثت يوم البارحة (الإثنين) أول حلقة من الموسم الجديد من البرنامج، وتناولت سلوك رئيس الحكومة نتنياهو. أُجريت خلال الحلقة عدة مقابلات مع مقربين جدًا من نتنياهو، كان بعضهم من مساعديه الشخصيين، وشاركوا في النقاشات الهامة جدا دائمًا.
لم تكن غالبية المعلومات التي كُشف عنها النقاب في البرنامج جديدة، ولكن تم تركيزها بشكل يُعبّر عن صورة مقلقة تتعلق بالشكل الذي يتخذ فيه رئيس الحكومة القرارات، عن تدخل زوجته، سارة نتنياهو، في اتخاذ القرارات والتعيينات الهامة، وألمحت أيضا إلى أن نتنياهو يتصرف بارتياب، يشعر أنه ملاحق، ويعمل كل ما يلزم حفاظا على منصبه كرئيس للحكومة في الكثير من الحالات.
أرسلت هيئة التحرير إلى ديوان رئيس الحكومة قائمة مُفصّلة تضمن 22 سؤالا حول الأمور التي كُشف عنها في البرنامج، مطالبة الحصول على ردود لتلك الأسئلة. جاء الرد بعد بضعة أيام من ديوان رئيس الحكومة إنما لم ترد في ذلك الرد أية إجابة موضوعية بخصوص ما يتضمنه التحقيق الصحفي، بل كان الرد نصًا طويلاً يتضمن تهجمًا شخصيًا على الإعلامية ديان، وادعاء ضدها موضحا أنها تنتمي إلى اليسار وتعمل على تغيير نظام نتنياهو.
اختارت ديان، بشكل استثنائي، أن تقف أمام الكاميرا وأن تقرأ بنفسها النص الطويل، 680 كلمة تقريبًا، المليء بالتهكمات ضدها. قرأت النص دون اكتراث وأكدت على عدم منطقية ذلك الرد فقط، الذي أثبت أن لدى نتنياهو ما يخفيه، وأنه مشغول بالمؤامرات التي تقول إن الإعلاميين في إسرائيل يعملون على إسقاطه. بدأ الرد بالكلمات التالية: “سيكون من الملفت إذا كانت إيلانا ديان، التي تتباهى بأنها فارسة الكلمة الحرة، ستقرأ ردنا هذا بالكامل”. واجهت ديان نتنياهو مباشرة وهكذا باتت بطلة الإعلام.
بدأت التعليقات الداعمة لديان، والداعمة لاختيارها بأن تقرأ رد رئيس الحكومة كاملا، بالتدفق حالاً بعد انتهاء بث الحلقة. وقف صحفيون وسياسيون إلى جانب ديان وطالبوا بحمايتها وحماية حرية التعبير في إسرائيل.
جاء بث هذه الحلقة موازيًا في الفترة التي يعمل فيها رئيس الحكومة نتنياهو، الذي يشغل منصب وزير الإعلام فعليًا، على إغلاق اتحاد البث الجماهيري الإسرائيلي، وفي ظل اتهامه بتقييد حرية التعبير والصحافة في إسرائيل. حتى أنه قد اعترف أحد أعضاء حزب نتنياهو بأنهم تحققوا من حسابات فيس بوك خاصة ببعض الصحفيين وهكذا “أكدوا” أنهم يساريون. يأتي رد نتنياهو ذاك للمس بمصداقية الإعلامية إيلانا ديان، ولكن في نهاية الأمر، فإن اختيار ديان أن تقرأ الرد بكامله ألحق ضررا بنتنياهو أكثر من الفائدة. لعل وسائل الإعلام الإسرائيلية لا تتناول ذلك التحقيق الصحفي هذا الصباح، بل برد رئيس الحكومة نتنياهو، الذي يُثبت أن السلوك الذي ينتهجه هو سلوك إشكالي.