دعا عضو مجلس الشورى أحمد توكلي، والذي يُعتبر أحد المنتقدين البارزين للرئيس السابق، محمد أحمدي نجاد، من المعسكر المحافظ، في الأسبوع الماضي، إلى اتخاذ “قرار حازم” فيما يتعلق بتزايد حضور أفراد الجيش والأمن في الاقتصاد. وفي مقابلة أجراها مع المجلة الاقتصادية “تجارة فردا”، قال توكلي إن القوات العسكرية قد تحولت إلى منافسة غير عادلة للقطاع الخاص وحذر من أنه إذا لم يتم اتخاذ قرار فيما يتعلق بحضورها في الاقتصاد، فسوف يتحول العسكريون إلى أصحاب قوة اقتصادية وحتى أنهم سيطمحون إلى التوصل إلى قوة سياسية.
بعد أيام معدودة من الانتقاد الذي وجهه توكلي، نشر موقع ألف (Alef) الذي يؤيده، مقالا تحليليًا عرّف تغلغل أفراد الجيش في الاقتصاد الإيراني على أنه “أم كل الأمراض”. وقد تطرق الموقع إلى النقد الذي وجهه توكلي وكذلك للانتقادات التي تم توجيهها بهذا الشأن من قبل المرشح الإصلاحي، محمد رضا عارف خلال مواجهة تلفزيونية أجريت في إطار المعركة الانتخابية الأخيرة. وتشير هذه الانتقادات، حسب ادعاء “ألف” إلى القلق السائد بين أوساط الجمهور حيال تدخل رجال الجيش في الاقتصاد.
إن البنى التحتية الاستخباراتية والأمنية الموجودة بحوزة القوات المسلحة تساعدهم في نشاطاتهم الاقتصادية، وحتى إذا لم يتدخل أفراد الجيش بالسياسة بهدف تجنيد دعم سياسي لعملياتهم الاقتصادية، فإنهم يتحولون بفضل أنفسهم وبفضل تأثيرهم إلى منافسين اقتصاديين غير عادلين أمام القطاع الخاص. وقد أدرج الموقع مثالا على تأثير القوات المسلحة المتزايد على الاقتصاد، يتمثل بفوز اتحاد “تُسعة اعتماد مبين”، الذي توجد لبعض شركاته علاقات بحراس الثورة، في صفقة تم توقيعها في شهر أيلول من العام 2009، حيث تم في إطارها طرح 50 بالمائة من أسهم شركة الاتصالات الإيرانية بإضافة سهم واحد في سوق الأوراق المالية في طهران.
إن تحويل الشركات الحكومية إلى أفراد الجيش في إطار سياسة الخصخصة هي انتقال “من السيء إلى الأسوأ”، على حد تعبير المقال، وهو يؤدي إلى تطرف سياسي وإلى فساد اقتصادي. إن النتيجة الطبيعية لتحوّل جزء من الجهات العسكرية إلى أعمال اقتصادية كبيرة هي تدخل أفراد الجيش في الانتخابات، وهو تدخل هدفه انتخاب سياسيين يدعمون نشاطاتهم الاقتصادية أو منع انتخاب من يعارضون هذه النشاطات. وقد دعا موقع “ألف” مجلس الشوري إلى العمل لمنع تدخل أفراد الجيش في الاقتصاد بسبب تأثيراته الوخيمة. إن هذه النشاطات هي “أم الأمراض السياسية والاقتصادية” في إيران وبانعدام هذه المعالجة لن يكون بالإمكان علاج الآفات الاقتصادية التي تواجهها الدولة.
وقد دعا خبير الاقتصاد الدكتور علي قنبري هو أيضا، في الأيام القليلة الماضية، إلى إخراج أفراد الجيش من الاقتصاد وحذر من أن مشاركة جهات ذات علاقة بأفراد الجيش في الاقتصاد قد تؤدي إلى فوضى اقتصادية. في مقابلة صحفية قال قنبري إنه يجب إدارة الاقتصاد من قبل آليات السوق. وإن التدخل الحكومي في الاقتصاد هو أمر مثير للمشاكل بحد ذاته، ولكن الآليات التي تراقب عمل الحكومة، مثل مجلس الشورى، قادرة على مراقبة هذا التدخل. بالمقابل، فإن تدخل جهات ذات علاقة بأفراد الجيش، لا يمكن مراقبتها وهي أمر خطير أكثر من التدخل الحكومي.
وأضاف قنبري أن الوضع الاقتصادي الراهن ينبع من حضور القوات العسكرية في الاقتصاد ومن الحقيقة أن القطاع الخاص لا يلعب دورًا مركزيًا في السوق. يجب على الحكومة، على حد تعبيره، أن تتخذ قرارًا وأن تخرج أفراد الجيش من الاقتصاد. الاقتصاد هو شأن مهني وكما أن القوات المسلحة لا تتيح لجهات أخرى التدخل في شؤون الجيش، كذلك يجب على الحكومة أن تمنع تدخل القوات المسلحة في الاقتصاد. وأشار قنبري إلى أن تدخل أفراد الجيش في الاقتصاد قد زاد في فترة تولي أحمدي نجاد لأنه تصرف من دون وجود خطة اقتصادية وأتاح لأفراد الجيش التدخل في الاقتصاد، الأمر الذي أدى إلى التدهور الاقتصادي.
في أعقاب الانتقاد المتزايد ضد تدخل القوات المسلحة وحراس الثورة في الاقتصاد، تمت المطالبة مؤخرًا من أوساط رفيعة المستوى في المؤسسة الأمنية الإيرانية الرد على الادعاءات بهذا الشأن. وقال رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة، حسن سيد فيروزآبادی، هذا الأسبوع، في حديث له مع الصحفيين أنه لا يوجد أي عيب في أن تساعد القوات المسلحة الحكومة في المجال الاقتصادي.
وذكر أن قوات الجيش قد بدأت تقديم مساعدة للحكومة بهدف إعادة تأهيل إيران بعد الدمار في حرب إيران-العراق، وفي ظل العقوبات الغربية. وتُقديم هذه المساعدة بتوجيه من المرشد الأعلى بهدف استغلال القدرات التي تم اكتسبتها القوات المسلحة خلال الحرب من أجل مواطني الدولة. لم تبادر القوات المسلحة إلى أي خطة اقتصادية من دون طلب من الحكومة وهي تشارك في المشاريع والمناقصات التي لا يشارك فيها المتعهدون المحليون فقط. وأشار رئيس أركان إيران إلى أن المساعدة التي تمنحها القوات المسلحة في مجالات مختلفة متعلقة بإعادة تأهيل الدولة، هي التي أتاحت التقدم الكبير في بناء السدود، في إقامة مصانع وسائر المجالات الاقتصادية.
وقد تطرق مؤخرا الناطق بلسان حراس الثورة أيضا، رمضان شريف، إلى تدخل حراس الثورة في النشاطات الاقتصادية. في مقابلة أجراها مع الصحيفة اليومية الإصلاحية “شرق” دافع المتحدث عن تدخل المنظمة في مشاريع اقتصادية وطنية وادعى أن حراس الثورة قد تأسست للدفاع عن الثورة وعن إنجازاتها في كافة المجالات.
على الرغم من أن الانتقاد الموجّه إلى تدخل القوات المسلحة، وفي مقدمتها حراس الثورة، في الاقتصاد، ليس جديدًا، يبدو أن منتقدي هذا التدخل يرون في انتخاب حسن روحاني للرئاسة فرصة لتقييد هذا التدخل. لم يُبد روحاني ذاته موقفا واضحا بعد فيما يتعلق بتدخل القوات المسلحة في الاقتصاد، ولكن حيال معتقداته الليبيرالية – الجديدة التي تؤيد الحد من التدخل الحكومي في الاقتصاد، فإن من شأنه أن يدفع قدمًا إصلاحات يمكنها أن تمس بمصالح حراس الثورة الاقتصادية. إن من شأن استجابة روحاني للمطالبات المتزايدة للحدّ من تدخل حراس الثورة في الاقتصاد أن تؤدي إلى مواجهة بينه وبين حراس الثورة وأن تستوجب تدخلا من قبل المرشد الأعلى، علي خامينئي.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني