دوالي عبد الله
دوالي عبد الله

من الراب إلى صفوف داعش

موسيقى الراب، رغم كونها فنا غربيا تساعد التنظيمات الإرهابية مثل الدولة الإسلامية في تجنيد المؤيدين ومقاتلي الجهاد العالمي، مع إثارة نفوس آلاف الشبان المكتئبين في دول أوروبا والولايات المتّحدة

الموسيقى أداة ضرورية بالنسبة لأية حركة اجتماعية، سواء كانت متطرفة أو معتدلة. إنها تلعب دورا في التأثير على عناصر الحركة وتجنيد العناصر الجدد. عندما ننظر إلى مشهد الجهاد العالمي، فإنّ الأناشيد وأغاني الراب تحظى بأهمية كبيرة في فهم قدرة الحركة الجهادية في تجنيد العناصر واكتساب التضامن.

منذ الثمانينيات الأولى، أدركت جهات ذات خلفية جهادية قوة الموسيقى في تحقيق أهداف التنظيمات الجهادية. في مجموعة ضخمة، من مجلدين، لأناشيد من عام 1984، أوضح الكاتبان أحمد عبد اللطيف وحسني أدهم جرار أهمية هذه الأناشيد في نشر الإسلام ودعوة الشباب إلى أداء واجب الجهاد. قال كلاهما إنّ الإسلام بحاجة إلى هذه الأناشيد للتذكير بالأيام المجيدة في الماضي، ولتوثيق الجهاد المستمر وتمهيد الطريق نحو المستقبل. وقد أوضحا أيضًا أنّ الشباب بحاجة إلى سماع هذه الأناشيد ليفهموا أهمية التضحية بالنفس.

في السنوات الأخيرة، ولا سيما، بعد بداية الثورات في العالم العربي، وهي الفترة التي تُعرف باسم “الربيع العربيّ”، جنّد الكثير من الشبان المسلمين أغاني الراب وموسيقى الراب للثورة على الأنظمة الظلامية، سواء في الدول العربية أو دول أوروبا. والراب كما هو معلوم هو شكل من أشكال الاحتجاج الاجتماعي في متناول أيدي المراهقين والشباب في بداية طريقهم للتمرّد على المتفق عليه والتطرق إلى مشاكل اجتماعية شديدة مثل البطالة، الجريمة، المخدّرات وحروب العصابات.

استغلّت المجموعات الجهادية خلال السنين هذه الأداة البسيطة والحديثة لتجنيد المنضمّين الجدد ولإثارة رغبتهم في التضحية بالنفس في سبيل القيم العليا والمختلفة من حياتهم المريرة في العديد من الدول العربية وكذلك حياة الكثير من الشباب العاطلين عن العمل وذوي القدرات الاقتصادية الفقيرة في الدول الأوروبية، وهم أبناء (الجيل الثاني والثالث) لاجئين من الدول العربيّة.

إعدام الصحفي جيمس فولي (لقطة شاشة)
إعدام الصحفي جيمس فولي (لقطة شاشة)

كما ذُكر آنفًا، فموسيقى الراب هي موسيقى في متناول الأيدي بحيث أن زعماء التنظيمات الإرهابية سواء في العراق، سوريا، ليبيا، تونس أو الصومال يستطيعون تجنيدها لصالح تجنيد الشباب وتأجيج أفكار المراهقين المهمشين للانضمام إلى حروب الجهاد. إن الدمج الناجح بين الراب ومواقع التواصل الاجتماعي وسع كثيرا من دائرة المنضمين إلى صفوف الجهاد.

صحيح أن جزءًا كبيرا من زعماء الدولة الإسلامية يعتبرون الثقافة الغربية وموسيقى الراب بضاعة أجنبية لا ينبغي إدخالها إلى الإسلام ولا يجوز استخدامها في أراضي الدولة الإسلامية، ولكن في العديد من الدولة الأوروبية وفي الولايات المتحدة يعتبرونها أداة مستخدمة بالتأكيد لتجنيد الشباب لأن جزءًا كبيرا منهم لا يتحدثون العربية وهذه هي الطريقة الأسهل والأكثر أمانا لتجنيدهم.

عبد الماجد عبد الباري

عبد الماجد عبد الباري
عبد الماجد عبد الباري

إحدى الشخصيات الأكثر شهرة في الإعلام هو الشاب عبد الماجد عبد الباري أو كما يُدعى حتى انضمامه إلى صفوف الإرهاب، J Linny.

نشرت وسائل الإعلام في بريطانيا في شهر آب عام 2014 أنّ قوات الأمن والاستخبارات البريطانيّة قد نجحت في التعرّف على أحد عناصر داعش والذي صدم مقطع الفيديو الذي ظهر فيه وهو يقطع رأس الصحفي جيمس فولي العالم بأسره. صدقت الشكوك التي ثارت في أعقاب اللكنة البريطانية التي برزت في حديثه، عندما اتضح أن المشتبه به الرئيسي هو موسيقي شاب في الخامسة والعشرين من عمره، ومن سكان العاصمة لندن.

بحسب صحيفة “الإندبندنت” وبعض الصحف الأخرى في بريطانيا، فهو عبد الماجد باري، ابن لأسرة مهاجرين مصرية. ونُشر كذلك أن والده هو عنصر إرهابي ينتظر في هذه الأيام محاكمته بتهمة التورّط في عمليات إرهابية شديدة في سفاراتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998.

دوالي عبد الله

دوالي عبد الله
دوالي عبد الله

تصدّر اسم مغني الراب دوالي عبد الله أو بحسب الاسم الآخر دوالي خالد العناوين للمرة الأولى بعد أن عُثر على جثّته في سوريا في آب عام 2014. دوالي هو مواطن أمريكي بحثت عنه وكالات الاستخبارات الأمريكية على مدى سنوات بل وأصدرت أمرا بمنعه من الخروج من أراضي الولايات المتحدة، ولكن سرعان ما عثر دوالي على طريق إلى تركيا ومن هناك تسلل وانضم إلى صفوف مقاتلي الدولة الإسلامية على أرض سوريا.

اسم دوالي الحقيقي هو دوغلاس ماكين (تُوفي في الثالثة والثلاثين من عمره). كان ماكين في الأصل من سان دييغو في كاليفورنيا. وقد اعتنق الإسلام عام 2004. ووفقا لاستنتاجات وكالات الاستخبارات فماكين هو الأمريكي الأول الذي قُتل في صفوف داعش.

لم ينهِ ماكين دراسته الثانوية أبدا، وشهد أصدقاؤه أنّه أحب كرة السلّة بشكل خاص وكان مشجّعا لفريق NBA شيكاغو بولز. ارتكب ماكين خلال السنين جرائم جنائية مختلفة من بينها مخالفات مرورية، سلوك غير منضبط، وإعطاء الشرطة أسماء وهمية. وكما ذكرنا فقد دخل الإسلام عام 2005، وسافر إلى أوروبا ولكنه عاد بعد فترة قصيرة إلى سان دييغو عام 2013، حيث بدأ هناك العمل في مسجد.

كان ناشطا بشكل خاصّ في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتاد على الكتابة في تويتر تحت مسمى “دوالي خالد (Duale Khalid)” وفي الفيس بوك اعتاد على كتابة رسائل تحت مُسمّى “دوالي عبد الله (Duale ThaslaveofAllah)”.

قُتل ماكين في نهاية الأسبوع الـ 23/24 في آب عام 2014، لدى مشاركته في المعارك ضدّ قوات الجيش السوري الحر.‎ ‎عثر مقاتلو الجيش السوري الحر على جثّته حيث كان معه 800 دولار نقدا وجواز سفره الأمريكي.

Dirty kuffar

https://www.youtube.com/watch?v=SWP_95eSLBI

ومنعًا للخطأ حول ما ذكرنا فقد بدأ الربط بين الراب والتحريض والدعوة إلى الجهاد قبل الربيع العربيّ. في وقت ما عام 2004، بعد نحو ثلاث سنوات من أحداث الحادي عشر من أيلول وغزو الولايات المتحدة للعراق نشرت مواقع تواصل اجتماعي عديدة أغنية “‏Dirty Kuffar‏” (الكفار القذرون).

وهي الأغنية التي حظيت بمشاهدات وسماع وبيع تسجيلاتها في المساجد في الولايات المتحدة وبريطانيا، وكانت من إنتاج فنانَين شابَين أطلقا على نفسيهما في مقطع الفيديو اسمي “‏Sheikh Terra‏” و “‏Soul Salah Crew‏”.

كانت تلك هي البراعم الأولى لموسيقى الاحتجاج الإسلامي التي تمزج بين الراب وكراهية الغرب، مما أدى بعد ذلك إلى إبراز مقاتلي داعش واستخدام “أدوات غربية” لنقل رسائل هدّامة ضدّ الكفار في الداخل والكفار في الخارج.

يظهر في مقطع الفيديو في البداية جنود أمريكيون يقاتلون في العراق وفي النهاية صور من اصطدام الطائرات في برجَي مركز التجارة العالمي في 11 أيلول في مدينة نيويورك مع صوت مغني الراب الضاحك.

تم إعداد الأغنية نفسها من أجل إدانة “الكفار القذرين”، توني بلير رئيس حكومة بريطانيا الأسبق والرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن. بل إن الأغنية تدعو المؤمنين إلى إلقاء كليهما في نار جهنّم.

اقرأوا المزيد: 899 كلمة
عرض أقل
الصحفي جون كانتلي (Wikipedia)
الصحفي جون كانتلي (Wikipedia)

تعرفوا: البريطاني الذي يُسوّق ويمتدح داعش والخلافة الإسلامية

أطلق تنظيم داعش فيديو جديد بطله الصحفي البريطاني المختطف جون كانتلي. إلى جانب خرائب المدينة المُهدمة، بفعل القصف؛ مدينة حلب، يعرض الفيديو الحياة الروتينية للسكان في ظل حكم الشريعة

تم البارحة (الإثنين) نشر فيديو دعائي تسويقي جديد، من إنتاج وحدة الإنتاج في تنظيم داعش، على شبكة الإنترنت. يظهر في الفيديو جون كانتلي مرة أُخرى، الصحفي البريطاني الذي تم اختطافه من قبل أفراد التنظيم، وهو يتحدث للعالم عن مدينة حلب.

تظهر المدينة السورية في البداية كمكان هادئ، يمكن لكل سائح أن يتمتع بجمالها. يدّعون في الفيديو أن “المجاهدون لا يخافون من غارات قوات التحالف”. يتابع فريق التصوير، مع كانتلي، التغييرات التي حدثت في المدينة منذ سيطرة أفراد داعش على السلطة.

https://www.youtube.com/watch?v=oEO_lEUiV7c

يعرض كانتلي مركز المدينة الذي تعرض للتفجير وحسب ادعائه أنه تم تفجيرها من قبل طائرات جيش الأسد المدعومة بالقوات الغربية. قيل في الفيديو: “موت قادة المجاهدين لا يزيدنا إلا قوة ورغبة بمتابعة هذه الطريق”. ينتقل فريق التصوير من ضواحي المدينة المُهدمة، نتيجة سنوات الحرب الأربع، لتوثيق المساجد وأطفال حلب، وهم يتلقون دروسًا دينية. يظهر الأطفال في الفيديو وهم يتلقون تعاليم القرآن ومفاهيم إسلامية. يقول كانتلي في هذه المرحلة أمام الكاميرا إن هؤلاء الأطفال “سيكونون الجيل القادم من المجاهدين”.

حلب: حياة في ظل الدمار

يحاول كانتلي أن يعرض محاولات سكان حلب بممارسة حياة طبيعية في ظل الدمار ودخول أفراد داعش إلى حياتهم. تستمر الطائرات دون طيّار في التحليق فوق المدينة لكنها لا تُخيف المجاهدين”، حسب قوله.

https://www.youtube.com/watch?v=RN3ktXbLzlY

تقدم كانتلي من واحدة من محاكم داعش التي أُقيمت في المدينة بينما أعلام الدولة الإسلامية تُرفرف في الشوارع. شرح كانتلي قائلاً: “هذه المحكمة التي أمامنا تُصدر أحكامها وفق أحكام الشريعة. “بخلاف الأنظمة الديمقراطية التي يتغير فيها القانون، يوجد هنا قانون يُطبق منذ 1400 عام”. يظهر كانتلي في نهاية الفيديو وهو يُجري مقابلات مع مقاتلي التنظيم الذين يتابعون التحدث أمام الكاميرا عن الاختلاف وعدم قدرة الغرب على فهم ماهية الدين الإسلامي.

يمتدح داعش رغمًا عنه؟

جون كانتلي هو مصور بريطاني تم اختطافه من قبل أفراد الدولة الإسلامية في تشرين الثاني 2012، خلال الحرب الأهلية في سوريا، مع جيمس فولي الذي قُطع رأسه علانية وأمام الكاميرات، الأمر الذي صدم العالم. تم اختطاف كانتلي من قبل في تموز 2012 ومن ثم تم إطلاق سراحه بعد أسبوع من ذلك.

بدأ كانتلي خلال أسره باستطلاع قضايا مُختلفة مُتعلقة بالدولة الإسلامية وأعدائها في مركز الإنتاج الإعلامي التابع لتنظيم داعش، الحياة. نشر تنظيم الدولة الإسلامية، في 18 أيلول 2014، فيديو بعنوان “أعيروني سمعكم” (Lend Me Your Ears)، الذي يتحدث فيه كانتلي عن السياسة الخارجية البريطانية وعن موضوع اختطافه. قارن كانتلي موقف الولايات المتحدة وبريطانيا بموقف دول أوروبية أخرى التي كانت مُستعدة أن تدفع أي ثمن من أجل تحرير مواطنيها المختطفين.

https://www.youtube.com/watch?v=Vcew3qmidRI

ادعى في الفيديو أن مقطع الفيديو هذا سيكون الأول من سلسلة فيديوهات ستتناول سياسة وفكر الدولة الإسلامية.

تم في 29 من أيلول نشر فيديو آخر يتعلق بمناقشة مسألة الرد العلني لباراك أوباما على الدولة الإسلامية، التي تتوق لمحاربة الولايات المتحدة.

نُشر في تشرين الأول مقطع فيديو من داخل المدينة المُحاصرة كوباني والذي يقول فيه كانتلي إنه بخلاف ادعاءات وسائل الإعلام الغربية، الدولة الإسلامية لا تنسحب من المعارك الدائرة في المدينة، بل على العكس – التنظيم يعزز قواته ويحتل أجزاء جديدة من المدينة.

اقرأوا المزيد: 459 كلمة
عرض أقل
مقاتلو داعش يأسرون الطيار الأردني معاذ الكساسبة
مقاتلو داعش يأسرون الطيار الأردني معاذ الكساسبة

هل يمكن إنقاذ حياة آخر أسرى موجودين في قبضة داعش؟

ماذا على الدول، التي تم اختطاف مواطنيها على يد تنظيم داعش، العمل من أجل إعادتهم سالمين إلى بيوتهم، دون أن تعيش التجربة التي عاشها الأردن مع إعدام الطيار الأردني، الكساسبة

يتم التشاور في الأردن بخصوص شن حرب برية محدودة ضد داعش كردٍ على قتل الطيار مُعاذ الكساسبة، هذا ما قاله مصدر في الحكومة لصحيفة “عرب اليوم”. ستتم مناقشة الفكرة، وفقًا للتقرير، من قبل الملك ومسؤولين في الجيش. يُفكر الأردن، وفقًا للمصدر، بشن هجوم صاعق على التنظيم، ومن ثم بلورة استراتيجية جديدة مع شركائه في التحالف ضد التنظيم بقيادة الولايات المتحدة. حتى أن وسائل الإعلام الأردنية أوردت بأن الملك من المتوقع أن يُشارك شخصيًا بالغارات الجوية على معاقل داعش في المثلث الحدودي بين الأردن – العراق وسوريا.

حتى أن أوباما قد أعلن هذا الأسبوع أن التنظيم الإرهابي قام بأسر مواطنة أمريكية وبأن الولايات المتحدة تفعل كل ما بوسعها من أجل الحفاظ على حياة الشابة، البالغة 26 عامًا، التي لم يتم بعد الكشف عن هويتها. وفقًا للمعلومات التي تنقلها السلطات الأمريكية بين الحين والآخر لوسائل الإعلام، ما زالت الشابة على قيد الحياة، وهذا استنادًا لمعلومات استخباراتية وصلت إلى وكالة المخابرات الأمريكية قبل أسبوعين.

ساجدة الريشاوي ومعاذ الكساسبة (AFP)
ساجدة الريشاوي ومعاذ الكساسبة (AFP)

وقد أوردت، هذا الأسبوع، مجلة “Foreign Policy” (السياسة الخارجية) خبرًا مفاده أن إدارة أوباما منقسمة بخصوص طريقة إدارة التفاوض مع الدولة الإسلامية، التي تسيطر على مناطق واسعة من العراق وسوريا وتحتجز أسرى من الولايات المتحدة، بريطانيا، اليابان ودول أخرى. كان بمقدور الدول الأوروبية مثل فرنسا وألمانيا الحفاظ على حياة أسراهم بدفع مبالغ تُقدّر بملايين الدولارات للتنظيم. قامت الحكومة الأردنية، في هذه الأثناء، بسابقة إذ وافقت علنيةً على طلبات الدولة الإسلامية بأنها ستُطلق سراح إرهابية من أولئك الذين صدرت بحقهم أحكام بالإعدام في المملكة كجزء من التفاوض على تبادل الأسرى إلا أن هذه المفاوضات أيضًا باءت بالفشل الذريع بعد نشر الفيديو المروع لإعدام الكساسبة. كان رد الفعل الفوري للأردن هو إعدام الإرهابية العراقية في الليلة ذاتها.

https://www.youtube.com/watch?v=Aedf46CBBRI

لم يترك فشل المحاولات الأردنية للتفاوض مع الدولة الإسلامية أمام الولايات المُتحدة الكثير من الإمكانيات الحقيقية للتفاوض. لم يُظهر مسلحو داعش، إلى هذا الحين، أي استعداد لتفاوض جاد بمعنى طلب فدية مقابل إطلاق سراح الأسيرة الأمريكية. كانت أول فدية طلبها تنظيم داعش لتحرير الصحفي الأمريكي جيميس بولي (الذي قُتل أيضًا على يد التنظيم) كبيرة، بمبلغ 132,500,000 $. رفضت الولايات المتحدة، في حينه، المساومة مع التنظيم على أساس واضح تنتهجه الولايات المتحدة وهو عدم التفاوض مع مُنظمات إرهابية.

https://www.youtube.com/watch?v=S0OrQ2xEBYg

يمكن لأوباما، في هذه اللحظات، أن يُصلي فقط لأن يختار تنظيم الدولة الإسلامية أن يُطلق سراح الأسيرة الأمريكية كحسن نية، كجزء من محاولات التنظيم تخفيف الغضب الكبير ضده الذي جاء بعد إعدام الطيار. يمكن لقطر أن تساهم في الاتفاق بين الولايات المتحدة وداعش، إلا أن هذا الاحتمال أيضًا لا يبدو معقولاً في هذه المرحلة.

توقع مسؤولون أمنيون، في حديثهم مع مجلة “Foreign Policy” بأن الوضع الراهن يترك مصير المواطنة الأمريكية في أيدي الوحدات الخاصة التابعة للجيش الأمريكي. يجب أن تستند عملية إنقاذ من هذا النوع على معلومات استخباراتية دقيقة، أفراد ميدانيين يمكنهم تحديد مكان احتجازها وأجهزة مراقبة وتنصت استخباراتية. ولا تزال مسألة ترتيب عملية إنقاذ من هذا النوع عملية خطيرة واحتمال نجاحها ضعيف جدًا. توقع ضابط أمريكي سابق بأنه حتى بوجود معلومات استخباراتية دقيقة بخصوص مكان احتجاز المرأة، فإن احتمال نجاح مهمة الإنقاذ سيكون “أقل من 50%”.

بلراك أوباما وجون كيري (AFP)
بلراك أوباما وجون كيري (AFP)

لا يمكن التوقع بشكل تام، نتيجة لمحاولات الاختطاف وعمليات الإعدام البشعة لأسرى تنظيم داعش، كيف يمكن التفاوض مع تنظيم لا يترك طرف خيط لأي تفكير منطقي حول كيفية رده على محاولات التفاوض أو محاولات الإنقاذ أو الاستجابة لمطالبه. إن كان يُفكر الأردن بالقيام بعملية برية محدودة ضد داعش وعدم الاكتفاء بتوجيه غارات جوية ربما تكون تلك بادرة تفكير جديد بمسألة المواجهة القادمة ضد داعش وعمليات الاختطاف والإعدام العلنية التي يُعدها.

اقرأوا المزيد: 544 كلمة
عرض أقل
داعش تعدم ثمانية بالرصاص على ضفة النهر
داعش تعدم ثمانية بالرصاص على ضفة النهر

هذا هو طاقم تصوير أفلام قطع الرؤوس في داعش

تحقيق صحفي لصحيفة "ساندي تايمز" يكشف عن هوية خمسة شبان يقومون بإدارة مهمة أفلام قطع الرؤوس في داعش

لم تعرف المخابرات البريطانية بعد الاسم الحقيقي لقاطع الرؤوس في داعش، ولكن، يبدو أنه تم التعرّف على الأشخاص المسؤولين عن تصوير مقاطع الفيديو المروّعة: كشف تحقيق صحفي للصحيفة البريطانية ” ساندي تايمز ” عن هوية أفراد الطاقم، عددهم خمسة، يقومون بتصوير وإخراج الأفلام التي يقوم فيها جون الجهادي بقطع رؤوس الأسرى.

نيرو سرايفا
نيرو سرايفا

يترأس الفريق نيرو سرايفا (Nero Saraiva)، البرتغالي الأصل، الذي هاجر إلى لندن وعاش هناك بضع سنوات إلى أن سافر إلى سوريا عام 2012 ليحارب إلى جانب الجهاديين. سكن سرايفا وخمسة شبان آخرين في شرق لندن وكانوا، لفترة طويلة، تحت أنظار المخابرات البريطانية، التي تدعي أن لهؤلاء الخمسة دور أساسي بأفلام قطع الرؤوس.

سرايفا، أب لأربعة أطفال، وضع على حساب تويتر خاصته صورًا له وهو يحمل سلاحًا ومسدسًا يُشبه المسدس الذي يحمله جون الجهادي.

https://www.youtube.com/watch?v=S4HXzBDV4pk

اعتنق الخمسة الدين الإسلامي، مع انتقالهم إلى لندن، وهناك أيضًا تطرفوا. ورد العام الماضي اسم سرايفا في قضية التخطيط للقيام بعملية تخريبية في شرق أفريقيا بالتعاون مع تنظيم الشباب التابع للقاعدة.

علاقة سرايفا بتصوير الأفلام المروعة، حسب التحقيق الصحفي، تكاد تكون أكيدة بعد تغريدته على تويتر في شهر تموز الأخير، 39 يومًا قبل إعدام الأمريكي جيمس فولي. كتب سرايفا البالغ من العمر 28 عامًا: “رسالة للولايات المتحدة، ستصور الدولة الإسلامية فيلمًا جديدًا. شكرًا لكل الممثلين”.‎

فابيو بوكاس ينضم الى داعش
فابيو بوكاس ينضم الى داعش

من أكاديمية كرة القدم في لشبونة إلى القتال في سوريا

الشبان الخمسة، وفقًا للتحقيق الصحفي، هم من هواة كرة القدم. حتى أن أحدهم كان لديه مستقبل واعد في هذا المجال. فابيو بوكاس (Fabio Pocas)، عمره 22 عامًا فقط، انتقل من لشبونة إلى لندن عام 2012 رغبة منه بأن يُصبح لاعب كرة قدم مُحترف.

تقول الصحيفة البريطانية إنه ترعرع في أكاديمية النادي البرتغالي العريق، سبورتينغ لشبونة، وهي ذات الأكاديمية التي ترعرع فيها أفضل لاعب لهذا العام في العالم، كريستيانو رونالدو.‎ بدأ بوكاس اللعب مع فريق هواة ومن هناك بدأ بالتطور.‎

فابيو بوكاس
فابيو بوكاس

تطرف بوكاس كثيرًا، على الرغم من ذلك، واختفى بلمح البصر. كانت المرة التالية التي شوهد فيها من خلال صور من شبكات التواصل الاجتماعي من سوريا، هناك شوهد لاعب كرة القدم الواعد وبجانبه أسلحة وأعلام داعش. الآن هو معروف باسم عبد الرحمن الأندلس. كتب الشاب على حسابه في فيس بوك قائلاً: “الحرب المقدسة هي الحل الوحيد للإنسانية”.

كان شاب آخر ضمن هذه المجموعة لاعب كرة قدم واعدًا أيضًا. كتبوا في التحقيق الصحفي البريطاني عن سالسو رودريغز دا – كوستا أنه تقدم لاختبار، في مرحلة ما، ضمن الفريق الإنكليزي “أرسنال”. لكن النادي نفى ذلك الخبر.

سالسو رودريغز دا كوستا
سالسو رودريغز دا كوستا

ظهر الشاب في الشهر الماضي في أحد أفلام داعش الذي تم تصويره في سوريا بينما كان يحمل كلاشينكوف في يده. هاجم الغرب في مقطع الفيديو ووصف المعلمين في المدارس بأنهم تجار مُخدرات ومولعين جنسيًا بالأطفال.

اقرأوا المزيد: 406 كلمة
عرض أقل
Isis Prisoners
Isis Prisoners

حياة المختطفين المُحتجزين لدى داعش: من الأسر وحتى قطع الرأس

تحقيق صحفي استثنائي يكشف عن حياة الرهائن الأجانب بين الأمل واليأس

عانى الرهائن الأربع، الذين تم توثيق قطع رؤوسهم على يد تنظيم داعش، الكثير من التعذيب الجسدي القاسي قبل موتهم – هذا ما نشرته البارحة (الأحد) صحيفة “نيويورك تايمز”.

كل الرهائن الذين أسرتهم داعش، حسب الصحيفة، تم ضربهم بقوة، تجويعهم، وتعرضوا لخوض إعدامات مزيفة وتم حتى إغراقهم بالماء. إلا أن الرهائن الأربع الذين تم إعدامهم – جيمس فولي وستيفن سوتلوف الأمريكيين وديفيد هينس وآلن هانينغ البريطانيين – تم تعذيبهم بشكل أكبر. هذا بسبب رفض الإدارة الأمريكية والحكومة البريطانية دفع فدية مقابل استعادتهم، بخلاف الحكومات الغربية الأُخرى.

https://www.youtube.com/watch?v=Vcew3qmidRI

استند تقرير صحيفة “نيويورك تايمز” على خمس شهادات من رهائن سابقين، سكان محليين ساعدوا المواطنين الغربيين في المنطقة قبل أن يتم أسرهم، أقرباء عائلات الأسرى ومقاتل سابقًا في صفوف داعش.

أوردت “نيويورك تايمز” أن طريقة التعذيب القاسية المتمثلة بالإغراق بالماء كانت مخيفة جدًا وأن زملائهم بالأسر كانوا “يتنفسون الصعداء” عندما يعود السجناء من لقائهم مع السجانين وهم مضرجين بالدماء فقط. قال أحد زملاء الرهائن في الأسر إن: “المشكلة كانت عندما لا يكون هناك دماء فقط، حينها كنا نعرف أن شيئًا أقسى بكثير قد حدث”.

ذكرت الصحيفة أن الصحفي فولي، الذي هزت عملية قطع رأسه العالم عندما كشفت داعش عن ذلك في شهر آب، اعتنق الإسلام في الأسر وتبنى اسم أبو حمزة. قال رهائن آخرين للصحيفة إن الكثير من الأسرى الغربيين اعتنقوا الإسلام، بينما تظاهر كثيرون منهم بذلك.

https://www.youtube.com/watch?v=o8y9f3vNhVE

إلا أنه تمت الإشارة إلى أن اعتناق فولي الدين الإسلامي كان حقيقيًا تمامًا مثل إسلام بيتر كاسيغ، الذي اتخذ اسم عبدول الرحمن اسمًا له. ظهر اسم كاسيغ في فيديو قطع رأس هانينغ وهو الشخص التالي الذي يهدد تنظيم داعش بقطع رأسه. الرهينة الوحيدة التي لم تعتنق الإسلام كان سوتلوف، والذي تمسك حسب الـ “نيويورك تايمز” بيهوديته وكما نُشر سابقًا صام أيضًا في يوم الغفران في مكان سجنه.

نُشر، في هذه الأثناء، البارحة فيديو جديد لـ “كانتلي” والذي نشرته خدمة الدعاية الإعلامية التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية. يتحدث كانتلي في الفيديو عن تعذيبه في الأسر. وذكر أن الأسرى الذين حاولوا الهرب تم إغراقهم. قام الرهينة البريطاني، خلال الفيديو، بقراءة كلمات كتبتها عائلات الرهائن الذين يحتجزهم التنظيم المتطرف، وفيها يحتجون على رفض الولايات المتحدة التفاوض مع داعش. ادعى كانتلي أن في واحدة من تلك الرسائل مكتوب: “توسلنا كثيرًا. الجميع يخبئون رؤوسهم في الرمال. نحن عالقون في الوساطة ونعاقب على ذلك”.

اقرأوا المزيد: 353 كلمة
عرض أقل
عناصر داعش (AFP)
عناصر داعش (AFP)

شروط داعش للصحفيين في دير الزور

أحيانًا يقطعون رؤوس الصحفيين، ولكن، حين لا يفعلون ذلك يضعون لهم شروطًا صارمة للتقارير المرفقة بتهديدات. ها هي الـ 11 شرطًا التي وضعها تنظيم داعش للصحفيين

بعد أن احتل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) منطقة دير الزور والمدينة ذاتها في شمال شرق سوريا، هرب العديد من الصحفيين السوريين من تلك المنطقة. إلا أن عددًا من الصحفيين آثروا البقاء حتى أنهم حصلوا على تفويض من داعش بالاستمرار ببث تقاريرهم من المدينة.

وردت قبل أسابيع أنباء تحدثت عن استدعاء المكتب الإعلامي لتنظيم داعش لعدد من الصحفيين في دير الزور. وذكر أحد الصحفيين أنه تم عقد لقاء بين ممثلين عن المكتب الإعلامي وبين الصحفيين والذي أوضح فيه ممثلو داعش الشكل الذي يسمحون فيه للصحفيين بتغطية الأحداث التي تقع في المنطقة.

قدّم ممثلو داعش للصحفيين خلال ذلك اللقاء قائمة تتكون من 11 شرطًا يمكن بموجبها تغطية الأحداث في المنطقة وهي شروط غير قابلة للمساومة.

الشروط الصعبة هي:

1. على المراسلين أن يقسموا يمين الولاء للخليفة أبي بكر البغدادي. هم رعايا الدولة الإسلامية ولهذا عليهم أن يقسموا يمين الولاء لإمامهم.

2. عملهم يكون تحت الرقابة الحصرية للمكتب الإعلامي التابع لتنظيم داعش.

3. يمكن للصحفيين العمل بشكل مباشر مع وكالات الأنباء الدولية مثل (رويترز، AP‏، AFP)، ولكنهم لا يستطيعون العمل مع قنوات تلفزيونية محليّة وفضائية. يُمنع الصحفيون من تقديم مواد حصرية لتلك القنوات أو أن يكونوا بتواصل معها بأية وسيلة.

شعار الجزيرة. ممنوع العمل مع قناة فضائية (Wikipedia)
شعار الجزيرة. ممنوع العمل مع قناة فضائية (Wikipedia)

4. ممنوع على الصحفيين العمل مع أية قناة فضائية مدرجة على القائمة السوداء الخاصة بالقنوات التي تقاتل ضد الدولة الإسلامية (مثل، العربية، وأورينت). المخالف سوف يعاقب.

5. يمكن للصحفيين تغطية الأحداث في المنطقة (دير الزور) من خلال الصور أو النصوص دون ذكر المكتب الإعلامي التابع لتنظيم داعش. كل مادة تُنشر أو صورة يجب أن تحمل اسم الصحفي والمصور.

6. ممنوع على الصحفيين نشر أي مواد (بواسطة البث أو إرسال تقارير) دون عرضها أولاً على المكتب الإعلامي التابع لتنظيم داعش.

7. يُسمح للصحفيين فتح حسابات لهم في مواقع التواصل الاجتماعي ومدوّنات خاصة بهم بغرض نشر المعلومات والصور. إلا أنه يجب أن تكون عناوين وأسماء أصحاب تلك الصفحات بحوزة المكتب الإعلامي التابع لتنظيم داعش.

8. على الصحفيين أن ينصاعوا للقوانين حين يلتقطون الصور داخل (منطقة نفوذ داعش)، وعليهم عدم تصوير مواقع أمنية يُحظر التصوير فيها.

9. سيتابع المكتب الإعلامي التابع لتنظيم داعش عمل الصحفيين المحليين داخل (منطقة نفوذ داعش) وفي الإعلام الدولي. أي خرق لهذه القوانين يؤدي إلى فصل الصحفي من عمله وعليه تحمل العقوبة.

10. هذه القوانين ليست نهائية وهي قابلة للتغيير في كل وقت بما يتلاءم مع الظروف وبما يتلاءم مع التعاون بين الصحفيين والتزاماتهم تجاه إخوتهم في مكاتب الإعلام التابعة لداعش.

11. سيحصل الصحفيون على ترخيص ممارسة المهنة بعد أن يتقدموا بطلب الحصول على ترخيص من المكتب الإعلامي التابع لداعش.

صحافة (Thinkstockl)
صحافة (Thinkstockl)

تهديد بالصلب

وقّع معظم الصحفيين، بنهاية اللقاء معهم، على وثيقة تؤكد موافقتهم على هذه الشروط. تم إجبار الصحفيين الذين لم يوقعوا على الاتفاق على الخروج من منطقة نفوذ داعش، وقالوا إن تلك المهمة لم تكن سهلة ورافقتها تهديدات كثيرة ضدهم وضد عائلاتهم أرسلها إليهم أفراد داعش.

لم يتم استثناء الصحفيين الذين وقعوا على الاتفاق من التهديد بالقتل. ذكر بعض الصحفيين أن مسلحي داعش هددوا بصلب الصحفيين الذين يخرقون القانون، وقال صحفيون آخرون إن الصحفيين الذين سينشرون معلومات عن هذه القوانين الجديدة سيُعتبرون من الكفار وسيكون عقابهم الموت.

تم نشر هذه الشروط مع إخفاء المصدر، والآن يمكن فقط التخمين كيف ستكون ردة فعل داعش على هذا النشر. عبّر بعض الصحفيين عن خشيتهم لأنهم أصبحوا الآن تحت خطر الموت بعد نشر هذه المعلومات. أثبت تنظيم داعش سابقًا أنه لا يتساهل مع الصحفيين بقطعه رأسي الصحفيين الأمريكيين جيمس فولي وستيفن سوتلوف مؤخرًا.

إعدام الصحفي جيمس فولي (لقطة شاشة)
إعدام الصحفي جيمس فولي (لقطة شاشة)

هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها الصحفيون قيودًا، تتعلق بنشر مواد، من قبل السلطات المحلية. فقد استنكرت نقابة الصحفيين الأجانب، خلال الحرب على غزة في الصيف الأخير (عملية “الجرف الصامد”) المضايقات التي مارستها حماس ضد الصحفيين الأجانب في قطاع غزة، وتضمنت تلك المضايقات مطالبة الصحفيين بشطب تغريدات لهم على تويتر والتي تضمنت معلومات تفيد بأن غرفة عمليات حماس موجودة داخل مستشفى الشفاء.

يتضمن استنكار مضايقات حماس أيضًا أمثلة: “في بعض الحالات، تمت مضايقة صحفيين أجانب يعملون في غزة، تم تهديدهم أو استجوابهم بخصوص القصص أو المعلومات التي نقلوها من خلال وسائل الإعلام التي يعملون ضمنها. نعلم أيضًا أن حماس تفحص وبشكل حثيث المبادرة لبدء إجراء ما يتيح وضع “قائمة سوداء” تضم صحفيين معينين”.

إطلاق الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية من داخل مدينة غزة خلال حرب غزة (AFP)
إطلاق الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية من داخل مدينة غزة خلال حرب غزة (AFP)
اقرأوا المزيد: 631 كلمة
عرض أقل
"جون الجهادي" يعدم الصحافي الأمريكي ستيفن سوتلوف (لقطة شاشة YouTube)
"جون الجهادي" يعدم الصحافي الأمريكي ستيفن سوتلوف (لقطة شاشة YouTube)

لماذا يلتزم أسرى داعش الصّمت والهدوء قبل قطع رؤوسهم؟

ديدييه فرانسوا، الذي كان معتقلا لدى تنظيم الدولة الإسلامية لمدة عشرة أشهر، يكشف لماذا الأسرى لا يخافون قبل قطع رأسهم ووضع حد لحياتهم

أشرطة الفيديو الصّادرة عن عمليّات إعدام تنظيم الدولة الإسلامية، والتي يبدو فيها أسيرًا بلا حول ولا قوّة يتلو نصًّا يمليه عليه مسبقًا المُسلّحين التّابعين للمنظّمة، ثمّ يُقطع رأسه فورًا، حقًّا هذا مثير للتّفكير، ويحفّز أسئلة عديدة: كيف يمكن للأسرى أن يكونوا باردي الأعصاب إلى هذه الدّرجة، في حين أنّ المسلّحين يمسكون برؤوسهم ويقطعونها فورًا بالسّكين؟

وقد كشف الصحفي الفرنسي ديدييه فرانسوا، الذي أطلِق سراحه من أسر داعش قبل نحو نصف سنة، لنا تفاصيل مثيرة للاهتمام حول عمليات الإعدام ذاتها، وعن المعاملة التي واجهوها الأسرى من مسلحي داعش وكذلك لقائه مع جيمس فولي، الّذي أعدِم من قِبل داعش.

حتى الآن يعتقدون أنّ أعضاء داعش يقومون بتخدير الرّهائن قبل الإعدام، ولكن هذه ليست الحقيقة. فقد تبيّن لفترة معيّنة، أن نشطاء داعش ينظمون عمليّات إعدام وهمية لكل سجين، على ما يبدو بهدف السخرية من الأسرى، بحيث يعتادون على استخدامهم لهذا الغرض. وأضاف “ففي المرّة الحقيقيّة هم لا يفهمون الشيء الحقيقي فتنفّذ العمليّة بهدوء”، وقال فرانسوا، مشيرًا إلى تنفيذ الإعدام الحقيقيّ.

وأطلق سراح فرانسوا (53 عامًا) في نيسان مع ثلاثة صحافيين فرنسيين، علمًا أنه كان سجينًا لمدة عشرة أشهر. وأضاف أنه خلال هذه الفترة، قام نشطاء داعش بعمليات إعدام وهميّة كثيرة لجميع الأسرى، بحيث أنهم لا يعرفون حقًّا ما هو مصيرهم المتوقع.

إعدام الصحفي جيمس فولي (لقطة شاشة)
إعدام الصحفي جيمس فولي (لقطة شاشة)

“لم أتكلم عن ذلك علنا، لأن الخاطفين هددوا بأنه إذا كنا نتحدث عن الرهائن الباقين، فستتعرّض حياتهم إلى الخطر. تحدثنا مع أسر الرهائن وكذلك مع السلطات الأمريكية”.

وبالإضافة إلى ذلك، قدم فرانسوا لمحة مثيرة للاهتمام عن الحياة في معتقل داعش، حيث كان التّعذيب النفسي لهم. وكانت أحكام الأسر شديدة وغالبًا ما كانت عنيفة ” حسب فرانسوا.

وقال فرانسوا إنه في ظل وجوده مع الصّحفي جيمس فولي، الذي قُطع رأسه أوّلا. تلقّى فولي معاملة سيئة مقارنة مع باقي السّجناء الآخرين بسبب حاسوبه الشّخصي حيثُ وُجِدت به صور لشقيقه الّذي يعمل في السّلاح الجوّي الأمريكيّ.

وأضاف فرانسوا، أن فولي كان واحدًا من أركان الرهائن. “لقد كان بولي صامدًا أبدًا، حتّى في ظلّ أصعب الظّروف، وكان رجلا غير عادي، ولطيف جدًا التواجد معه في الحجز”.

اقرأوا المزيد: 313 كلمة
عرض أقل
لقطة من شريط فيديو بثه تنظيم الدولة الاسلامية لعامل الاغاثة البريطاني ديفيد هينز قبيل اعدامه ذبحا (مركز سايت لمراقبة المواقع الاسلامية/ا ف ب)
لقطة من شريط فيديو بثه تنظيم الدولة الاسلامية لعامل الاغاثة البريطاني ديفيد هينز قبيل اعدامه ذبحا (مركز سايت لمراقبة المواقع الاسلامية/ا ف ب)

تنظيم الدولة الاسلامية يعلن اعدام عامل اغاثة بريطاني

برر التنظيم اعدام الرهينة بانه رد على انضمام لندن الى "التحالف الشيطاني" الذي تقوده واشنطن ضده، وكاميرون يقول: "سنفعل كل ما بوسعنا لملاحقة هؤلاء القتلة وضمان مثولهم امام العدالة مهما تطلب الامر من وقت"

بث تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف السبت شريط فيديو يظهر فيه احد عناصره وهو يقطع رأس عامل الاغاثة البريطاني ديفيد هينز، وبرر اعدام الرهينة بانه رد على انضمام لندن الى “التحالف الشيطاني” الذي تقوده واشنطن ضده.

وشريط الفيديو الذي حمل عنوان “رسالة الى حلفاء امريكا” وبث على الانترنت كما بثه مركز سايت المتخصص في رصد المواقع الالكترونية الاسلامية المتشددة، يظهر هينز (44 عاما) جاثيا على ركبتيه ومرتديا بزة برتقالية وخلفه يقف مسلح ملثم يحمل بيسراه سكينا ينحر به في نهاية التسجيل الرهينة البريطاني، في تكرار لسيناريو الشريطين اللذين سبقاه وصور فيهما التنظيم اعدام صحافيين اميركيين اثنين.

وسارع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الى ادانة اعدام عامل الاغاثة الانسانية، واصفا ذبح مواطنه ب”الجريمة الدنيئة” ومتوعدا ب”ملاحقة” مرتكبيها.

وقال كاميرون في بيان “هذه جريمة قتل دنيئة ومروعة ارتكبت بحق عامل اغاثة بريء. هذا فعل شرير محض”، مضيفا “سنفعل كل ما بوسعنا لملاحقة هؤلاء القتلة وضمان مثولهم امام العدالة مهما تطلب الامر من وقت”. وفي تغريدة على حسابه على موقع تويتر قال رئيس الوزراء البريطاني ان “قلبي مع عائلة ديفيد هينز التي برهنت عن قوة وشجاعة استثنائيتين في هذه المحنة”.

وسيرأس كاميرون صباح الاحد اجتماعا لخلية الازمة الحكومية “كوبرا” للبحث في هذا التطور.

بدوره، عبر الرئيس الاميركي باراك اوباما عن تضامن الولايات المتحدة مع بريطانيا بعد اعدام هينز، متوعدا بالقضاء على التنظيم المتطرف.

وقال اوباما في بيان ان “الولايات المتحدة تدين بشدة القتل الهمجي للمواطن البريطاني ديفيد هينز على ايدي ارهابيي جماعة داعش”، في اشارة الى تنظيم الدولة الاسلامية، مضيفا “سوف نعمل مع المملكة المتحدة ومع ائتلاف واسع يضم دولا من المنطقة والعالم لسوق مرتكبي هذا العمل الشائن امام العدالة، وتحجيم هذا الخطر المحدق بشعوب دولنا والمنطقة والعالم، والقضاء عليه”.

وبشأن مدى صحة هذا الشريط قالت الخارجية البريطانية “نحن نعمل باسرع ما يمكننا لمحاولة التحقق” من صحته.

وفي حال ثبتت صحة هذا الشريط، يكون هذا ثالث اعدام من نوعه لرهينة غربي ينفذه تنظيم الدولة الاسلامية في غضون شهر، في مسلسل بدأه بذبح الصحافي الاميركي جيمس فولي واتبعه بذبح مواطنه الصحافي ستيفن سوتلوف.

ويبدأ الشريط ومدته دقيقتان و27 ثانية بمقتطف من تصريح لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وهو يعلن فيه عزم حكومته على مساعدة الحكومة العراقية وقوات البشمركة الكردية لقتال التنظيم المتطرف.

بعدها يظهر في الشريط الرهينة وخلفه المسلح الملثم الذي يوجه رسالة الى كاميرون بالانكليزية وبلكنة بريطانية ويبدو انه نفس الرجل الذي ذبح كلا من فولي وسوتلوف في السابق. وفي رسالته لكاميرون يقول الملثم ان “هذا المواطن البريطاني سيدفع ثمن وعدك يا كاميرون بتسليح البشمركة ضد الدولة الاسلامية”.

داعش يعدم الصحافي الأمريكي ستيفن سوتلوف (لقطة شاشة YouTube)
داعش يعدم الصحافي الأمريكي ستيفن سوتلوف (لقطة شاشة YouTube)

ويضيف ان “تحالفكم الشيطاني مع امريكا التي لا تزال تقصف المسلمين في العراق ومن آخر تلك الاعتداءات قصف سد حديثة الذي سيكون السبب في تعجيل تدميركم وقيامك يا كاميرون بدور العبد الذليل المطيع سيستدرجك وقومك الى حرب دموية وخاسرة اخرى”.

وفي الشريط نفسه يظهر رهينة بريطاني آخر هدد “الدولة الاسلامية” بذبحه اذا اصر كاميرون على قتال التننظيم المتطرف.

وهينز اسكتلندي خطف في سوريا في آذار/مارس 2013. وكان التنظيم هدد باعدامه بحسب شريط الفيديو الذي بثه في وقت سابق من هذا الشهر واظهر فيه قطع راس سوتلوف.

وكان هينز يعمل في الحقل الانساني منذ 1999 في مناطق تنوعت بين البلقان وافريقيا والشرق الاوسط. ولدى خطفه كان يؤدي اول مهمة له لحساب منظمة “اكتد” الخيرية الفرنسية كمسؤول لوجستي في مخيم للاجئين السوريين قرب الحدود التركية.

وبث شريط اعدام هينز في نفس اليوم الذي وجهت فيه عائلته نداء لخاطفيه ناشدتهم فيه الافراج عنه. وقالت اسرة هينز في بيان نشرته الخارجية البريطانية الجمعة ان الخاطفين لم يردوا على اي من المحاولات التي قامت بها للاتصال بهم. وكتبت العائلة “نحن اسرة ديفيد هينز. بعثنا اليكم برسائل لم نتلق اي رد عليها. نطلب ممن يحتجزون ديفيد التواصل معنا”.

واثر بث شريط الاعدام قال مايك هينز شقيق ديفيد هينز في بيان انه فقد “اخا عزيزا… قتل مؤخرا بدم بارد”. واضاف “كان محبوبا من كل افراد العائلة وسنشتاق اليه شوقا عظيما”.

ويأتي الاعلان عن اعدام هينز في الوقت الذي كثفت فيه لندن جهودها الرامية للقضاء على التنظيم المتطرف الذي بات يسيطر على مناطق مترامية على جانبي الحدود العراقية السورية ويمتلك امكانيات مالية وعسكرية عديدا وعتادا تفوق ما تمتلكه جيوش عدة في العالم.

مقاتل من داعش في العراق (AFP)
مقاتل من داعش في العراق (AFP)

والثلاثاء اعلنت لندن ارسال ما قيمته مليوني يورو من المدافع الرشاشة والذخيرة الى البشمركة لقتال جهاديي “الدولة الاسلامية”، في اول تسليح بريطاني من نوعه للمقاتلين الاكراد ضد “الدولة الاسلامية”، اذ ان القوات البريطانية كانت تكتفي حتى الان بارسال مساعدات انسانية الى العراق اضافة الى اسلحة مقدمة من اطراف ثالثة.

 والخميس قال المتحدث باسم كاميرون ان رئيس الوزراء “لا يستبعد شيئا” في ما يتعلق بتوجيه ضربات جوية ضد المتطرفين السنة الذين شنوا في التاسع من حزيران/يونيو الماضي هجوما ساحقا ومباغتا سيطروا في اعقابه على مساحات شاسعة في العراق اضافوها الى تلك التي يسيطرون عليها منذ 2013 في سوريا، ليعلن زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي نفسه “خليفة” على رأس “دولة الخلافة الاسلامية”.

وتنشط الولايات المتحدة لتشكيل تحالف دولي يهدف الى “اضعاف” التنظيم المتطرف ثم “القضاء” عليه، وفي اطار هذه الجهود اختتم وزير خارجيتها جون كيري السبت في القاهرة جولة قادته الى بغداد وعمان وجدة في السعودية وانقرة وهدفت الى حشد الدعم لهذا التحالف.

واعلنت واشنطن انها “في حالة حرب” مع تنظيم الدولة الاسلامية، وعينت الجنرال المتقاعد جون آلن منسقا للتحالف الدولي في الحرب على تنظيم الدولة الاسلامية.

وفي القاهرة قال كيري ان مصر تقف في الخطوط الامامية للقتال ضد “الارهاب”، قبل ان يغادر مساء الى باريس حيث سيشارك الاثنين في مؤتمر دولي حول العراق يتمحور حول مواجهة التنظيم المتطرف.

ووبعد ان حصل كيري في جدة الخميس على الدعم السياسي والعسكري من عشر دول عربية بينها السعودية، لم ينجح في اقناع تركيا بالمشاركة في التحالف الذي تسعى واشنطن لتشكيله. وترفض تركيا المشاركة بشكل فاعل في العمليات المسلحة اذ تخشى على حياة 46 من رعاياها يحتجزهم التنظيم المتطرف في شمال العراق.

واعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما الاربعاء استراتيجيته لاضعاف “الدولة الاسلامية” والقضاء عليها. وقال انه سيتم توسيع الضربات الجوية في العراق، مع امكان شن ضربات داخل سوريا.

وتحضيرا لمؤتمر باريس زار الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الجمعة العراق حيث تعهد زيادة المساعدات العسكرية الفرنسية للعراق، وسط تكثيف الجهود الدولية لمحاربة تنظيم “الدولة الاسلامية” المسؤول عن ارتكاب فظاعات في العراق وسوريا.

اقرأوا المزيد: 937 كلمة
عرض أقل
مظاهرات ضد داعش في بريطانيا (AFP)
مظاهرات ضد داعش في بريطانيا (AFP)

90% من الأمريكيين: داعش تهديد حقيقي

إعدامات الصحفيين والخشية من وصول إرهاب داعش إلى الولايات المتحدة أيضًا تؤدي إلى تغيير حاد في الرأي الأمريكي العام

يظهر استطلاع “للواشنطن بوست” وشبكة التلفزة ABC الذي نشر أمس (الثلاثاء)، أن الجمهور الأمريكي قد بدأ يتخلى عن المعارضة الشديدة للعمليات الأمريكية التي تشبثت في الولايات المتحدة بعد حرب فيتنام وتعززت بعد حرب أفغانستان والحرب العبثية التي شنّها الرئيس السابق، جورج بوش، في العراق.

تشير نتائج الاستطلاع إلى الدعم الكبير للقصف الجوي لأهداف داعش في العراق وسوريا. ليس بالصدفة، بدأ دعم القصف بالتعاظم بعد أن رفعت داعش للشبكة مقاطع مسجلة توثق قطع رأس الصحفيَيْن الأمريكيَيْن جيمس فولي وستيفن سوتلوف. يرى 90% من الأمريكيين بالتنظيم الإرهابي تهديدًا جديًّا على المصالح الحيوية للولايات المتحدة ويقول 60% منهم إنه تهديد “جدي للغاية”.

بالمقابل يُظهر الاستطلاع، أن دعم رئيس الولايات المتحدة، باراك أوباما، في أدنى درجات الحضيض الذي سُجل على طول فترة رئاسته، وأن أغلب الأمريكيين يعتقدون أنه حذر أكثر مما ينبغي.

رأى الاستطلاع النور يومًا قبل خطاب أوباما للأمة، الذي ينوي فيه وصف الخطوط الاستراتيجية لحكومته للقضاء على داعش، توازيًا مع غزارة التصريحات للمشرعّين، الديموقراطيين والجمهوريين، حول ضرورة الضرب بيد من حديد التنظيمات الإرهابية الإسلامية المتطرفة. لقد بدأ تأييد المشرعين للعملية العسكرية ضد داعش، مثل دعم الجمهور، بالتصاعد مؤخرًا فقط.

مظاهرات ضد داعش في بريطانيا (AFP)
مظاهرات ضد داعش في بريطانيا (AFP)

على ضوء ذلك، يبدو أن شعب الولايات المتحدة يطلق للحكومة والكونغرس يدًا حرة في توجيه ضربة قاضية لداعش. حسب نتائج الاستطلاع، 71% من الأمريكيين يدعمون القصف الجوي في المنطقة العراقية، مقارنة بـ 54% قبل أسابيع ثلاثة و 45% منذ حزيران. من بين المجيبين الذين يعتقدون أن أوباما حذر أكثر مما ينبغي، تبلغ نسبة المؤيدين للقصف حتى 82%. من بين أولئك الراضين عن الطريقة التي يدير بها أوباما سياسته الخارجية، يؤيد 66% منهم القصف الجوي.

كذلك تحظى الهجمات المحتملة في سوريا بدعم قوي. يؤيد 65% من المجيبين هذه الهجمات، وهي ضعف نسبة الداعمين لقصف أهداف نظام الأسد في رد على رفضه التنازل عن سلاحه الكيماويّ، قبل سنة.

سُجل أيضًا ارتفاع بنسبة التأييد لمنح الدعم العسكري للقوات الكردية التي تقاتل المتطرفين الإسلاميين – من 45% في آب، حتى 58% الآن.

كما يُتوقع، تأييد كبير لرفع مستوى العمليات العسكرية ضد داعش وخاصة في أوساط الجمهوريين، لكن أغلب الديموقراطيين يؤيد أيضًا القصف في العراق وسوريا.

اقرأوا المزيد: 321 كلمة
عرض أقل
"جون الجهادي" يعدم الصحافي الأمريكي ستيفن سوتلوف (لقطة شاشة YouTube)
"جون الجهادي" يعدم الصحافي الأمريكي ستيفن سوتلوف (لقطة شاشة YouTube)

هل يجب إنقاذ الرهائن مقابل عشرات ملايين الدولارات؟

تبرز الإعدامات الفظيعة الفروق في التعامل بين دول الغرب فيما يخص دفع الفدية المطلوبة مقابل الرهائن. ما هو نمط تعامل دول الغرب؟ وما هو منهج إسرائيل؟

تركت المقاطع الفظيعة، التي قُطعت فيها رؤوس الصحفيَين جيمس فولي وستيفن سوتلوف، العالمَ الغربي مصدومًا وأثارت الاشمئزاز لدى الغربيين الذين شاهدوها. تنبع الصدمة الكبيرة التي أصابت أصحاب الثقافة الغربية من واقع أن فولي وسوتلوف كانا صحفيَين، ولا يُعدّان عدوَين في ميدان المعركة وعامة يعتبران “محصنين” من الإيذاء، وكذلك من عملية قطع الرؤوس البدائية وصعوبة مشاهدتها واستيعابها.

وهذا هو السبب الرئيسي الذي من أجله سنستمر في مصادفة هذه المقاطع، وسيدرج في القائمة التي تحوي حاليًّا صحفيَّيْن، في المستقبل غير البعيد، أناس آخرون. تنظيم الدولة الإسلامية معنيّ باستمرار صدم الغرب، من أجل أن يرفع من احتمالات دفع الفدية المطلوبة لإطلاق كل واحد منهم.

في كلماتهما الأخيرة، ردد فولي وسوتلوف ما كتب لهما القتلة، الذين قالا إن موتهما جاء إثر عمليات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. لا يجدر الخطأ في هذا، لا يوهم تنظيم الدولة الإسلامية نفسه أن التدخل الأمريكي في المنطقة سيقل، لكنه معني بخلق الرعب ورفع احتمال أن تُدفع فدية مقابل كل واحد من المخطوفين.

لم يكن صدفة أن الصحفيَين اللذين قتلا أمام العدسات كانا أمريكيَين. هناك بين توجه الأمريكيين والأوروبيين فرقٌ فيما يخص دفع الفدية لمن خُطف منهم، وتنظيم الدولة الإسلامية معني بالضرب على هذا الوتر الحساس.

إعدام الصحفي جيمس فولي (لقطة شاشة)
إعدام الصحفي جيمس فولي (لقطة شاشة)

كيف، إذًا، تتصرف الدول الغربية عندما يطلب منها مواجهة طلب الفدية الأصعب؟

أجرت الصحيفة البريطانية “إندبندنت” استطلاعًا، قارنت فيه بين سياسات الدول الغربية فيما يخص طلب دفع الفدية والرضوخ له. يظهر حسب الاستطلاع، أن هناك فجوة كبيرة ما بين الولايات المتحدة وبريطانيا، التي ترفض رسميًّا دفع الفدية رفضًا باتًا، مقابل دول غربية أخرى، التي تدفع الفدية حقًا وتطلق سراح رعاياها.

طالب رئيس حكومة بريطانيا، ديفيد كاميرون، هذا الأسبوع الدول الأوروبية الأخرى بجعل خط موحد للجميع بحسبه لا تُدفع الفدية، كما سياسية بريطانيا الرسميّة. ربط كاميرون ربطا مباشرًا بين فداء الرهائن وبين تعاظم الدولة الإسلامية، وأوضح أن عشرات ملايين الدولارات التي حاز عليها التنظيم من دفع الفدية قد ساهمت في تمويل الإرهاب.

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. عشرات ملايين الدولارات التي حاز عليها تنظيم الدولة الإسلامية من دفع الفدية قد ساهمت في تمويل الإرهاب (AFP)
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. عشرات ملايين الدولارات التي حاز عليها تنظيم الدولة الإسلامية من دفع الفدية قد ساهمت في تمويل الإرهاب (AFP)

حسب تقارير مختلفة، دفعت كل من ألمانيا، فرنسا، إسبانيا، إيطاليا وسويسرا عشرات ملايين الدولارات في السنوات الأخيرة من أجل إطلاق سراح رعاياها الذين اختطفوا. من الناحية الأخرى، في بريطانيا يجري “غض الطرف” عن التمويل الشخصي للفدية، ومثال على ذلك هو عندما دفعت شركة خاصة 600,000 ألف جنيه إسترليني لقراصنة صوماليين اختطفوا يختًا لزوجين بريطانيَين.

على النقيض من البريطانيين، المنهج الأمريكي أشد تصلّبا، وفي حالات تمويل فداء للرهائن من قبل شركات أمريكية خاصة، تعتبر تحت بند “دعم الإرهاب”. ينفي الأمريكيون، طبعًا، أنهم يدفعون من أجل الرهائن، وفي أغلب الحالات لا يستجيبون لمطالب الفدية، لكن في حالات استثنائية (وأشهرها الجندي المخطوف بو برغدال) سيقومون بإطلاق سراح أسرى من أجلهم.

إحدى الدول المثيرة للاهتمام فيما يخص إطلاق سراح الأسرى هي إسرائيل، التي تعلن رسميًّا أنها لا تجري مفاوضات مع أي خاطفين، لكنها في الحقيقة تجري تواصلات كهذه حتى بخصوص جثث جنودها. تتعالى في إسرائيل أصوات تطالب بوضع “ثمن” للمخطوفين الذي لا يمكن تجاوزه، لكن عندما تُثار الضغوط الجماهيرية تتغير قوانين اللعبة. أبرز مثال على ذلك هو إطلاق سراح الجندي المخطوف جلعاد شاليط، الذي أطلقت إسرائيل مقابله ما لا يقل عن 1027 أسيرًا ومعتقلا أمنيًّا.

بنيامين نتنياهو يستقبل جلعاد شاليط بعد اطلاق صراحه (IDF)
بنيامين نتنياهو يستقبل جلعاد شاليط بعد اطلاق صراحه (IDF)

في عملية “الجرف الصامد”، خُطفت جثث جنديَين إسرائيليَين قتلا في ميدان المعركة، وحتى قبل انتهاء الحملة بدأت إسرائيل بإجراء اتصالات فيما يتعلق بإعادة جثتيهما. تجسد هذه العملية فقط القيمة الكبرى لدى إسرائيل لجثث جنودها، قيمة تدركها حماس، التي استفرغت جهودها في خطف الجنود الإسرائيليين، أمواتًا كانوا أم أحياءً. ومع ذلك، سياسة إسرائيل هي المطاردة بلا هوادة لأي جهة متورطة بأي درجة كانت في الاختطاف.

تطرق رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، أمس إلى إعدام سوتلوف، وقال إنه قُتل “بوحشية منحطة” لأنه مثّل للمخربين رمزًا غربيًّا، وهي الحضارة التي يحاول الإسلام المتطرف القضاء عليها. لقد وضّح نتنياهو أن الإسلام المتطرف يرى في إسرائيل، والعالم كله “شركاء في القيم التي يريد استئصالها من العالم- الديمقراطية والحرية”.

اقرأوا المزيد: 581 كلمة
عرض أقل