جوئيل راتسون

غوئيل رتسون، زعيم طائفة عاش مع 20 امرأة (Guy Arama)
غوئيل رتسون، زعيم طائفة عاش مع 20 امرأة (Guy Arama)

صعود وسقوط الرجل الذي عاش مع 20 امرأة

تحكي قصة عن طائفة النساء الإسرائيلية الغامضة التي جمعت عشرات الفتيات لأكثر من عقد وأحدثت الكوابيس الصعبة لدى والديهن من أجل رجل واحد

غوئيل رتسون هو رجل قصير القامة، في الستينيات من العمر، يقضي حاليا عقوبة في السجون الإسرائيلية لمدة 30 عاما. وهو ليس بهي الطلعة، ولا يتمتع بقدرات استثنائية، ولكن كانت نساء كثيرات عشن معه وأقمن معه علاقات زوجية في الوقت ذاته قبل عدة سنوات مستعدات بأن يقسمن أنه المسيح المخلص.

كسائر الطوائف في العالم، صمدت هذه الطائفة طيلة سنوات دون معرفة السلطات بوجودها، ولكن وصلت شائعات حولها إلى وسائل الإعلام. وبعد أن شاع خبر وجودها وعُرف ما الذي فعله غوئيل مع عشرات النساء وأطفالهن طيلة سنوات في الشقق المغلقة، فهم الإسرائيليون أن الحديث يجري عن طائفة خطيرة.

صورة لمسلسل “هرمون”، مسلسل كُتب استنادا إلى ذاكرة إحدى نساء غوئيل رتسون

العيش داخل الطائفة

كان غوئيل معروفا بصفته معالجا بطرق غامضة. هناك من نعته ساحرا، وادعى آخرون أنه يتمتع بقدرات خارقة. اهتم بتعاليم القبالة وهي تيار يهودي فكري روحاني غامض، لا سيّما أنها تهدف عمليا إلى التأثير على حياة الأفراد وأمراضهم.

ولكن اهتم غوئيل بـ “عائلته” وفق ما وصف به مجموعة النساء والأطفال الذين عاشوا بين أحضانه. كان متزوجا أكثر من 20 زوجة، رغم أنه كان متزوج من امرأة واحدة فقط بشكلٍ رسميّ وفق القانون الإسرائيلي، إذ إن الديانة اليهودية المعاصرة تحظر الزواج من أكثر من امرأة. كان يطمح غوئيل إلى إنجاب أكبر عدد من الأطفال، وخلق “دولة داخل دولة” خاصة به، إذ يضع فيها القوانين، التي لا تتماشى مع قوانين دولة إسرائيل.

في عام 2009، كُشفت قصة الطائفة النسائية الخاصة بغوئيل أمام الجمهور الإسرائيلي. نجحت مراسلة القناة الإسرائيلية العاشرة في إجراء مقابلة مع غوئيل والتقاط صور حول نمط حياته مع عائلته الكبيرة. عندها فتحت الشرطة الإسرائيلية تحقيقًا.

وفق شهادات النساء من الطائفة التابعة لغوئيل واللواتي أطلِق سراحهن، فإن نمط تجنيد النساء الجديدات كان شبيها جدا. تعرفت نساء جديدات على الطائفة عبر زوجات غوئيل، اللواتي شجعن معارفهن، وقريبات عائلاتهن أحيانا على الانضمام للطائفة. نجح غوئيل في التقارب منهن بسبب الضائقة التي عانيين منها، سواء كانت مادية أو نفسية وساعدهن على حل المشكلة، من ثم بادر إلى حبك المؤمرات وحث هؤلاء العضوات الجديدات على أن يصدقن أنه إذا حاولن الابتعاد عنه سيتعرضن لخطورة كبيرة.

نساء غوئيل رتسون (Flash90)

“القضاء على شخصية العضوات في الطائفة”

من السهل أن نفترض أن النساء اللواتي أصبحن عضوات في الطائفة هن حمقاوات أو ضعيفات بشكل خاصّ، ولكن اتضح لاحقا أن الأمور ليست كذلك. فكان جزء من النساء مثقفا، وينتمي إلى عائلات عادية، مستقرة، وحتى أنها غنية. “قد تتعرض كل امرأة لهذه الحالة”، قالت إحدى النساء اللواتي أطلِق سراحها من الطائفة النسائية، ولمزيد الأسف يبدو أنها صادقة.

ولكن من الصعب أن نصدّق ما هي الظروف التي عاشتها النساء في عائلة غوئيل طيلة سنوات، إذ عاش جزء منها تحت أجنحته لمدة تزيد عن عقد. وضع غوئيل قوانين حظر كثير أمام زوجاته، التي عشن تحت سقف واحد. من بينها، فرض عليهن أن يرتدين ملابس تغطي كل الجسم فيما عدا الوجه، عدم النظر إلى الرجال الآخرين أو التحدث معهم، وتلبية أوامره فورا.

كانت النساء تكن احتراما كبيرا له. وشم جزء من النساء والأطفال على أجسادهم وجه غوئيل، وأحيانا وشموا أربع رسمات أو أكثر. “أحببت الأرض التي كان يدوسها. عشنا في بيئة شعرنا أنها العالم الحقيقي وأن العالم الخارجي خيالي”، قالت إحدى النساء بعد أن سُرّحت من الطائفة.

“تم القضاء على شخصية النساء ببساطة”، وصف أحد محققي الشرطة في يوم اعتقال غوئيل الحالة النفسية لعضوات الطائفة، وقد نُقلت زوجاته وأطفال لتلقي علاج في خدمات الرفاه الإسرائيلية.

غوئيل رتسون في المحكمة (Yonatan Sindel/Flash90)

حياة زوجية أو حياة عبودية؟

“لست قادرة على العيش بعيدا عنه، سأنتحر لو تعرض لسوء”، قالت شابة جميلة أمام الكاميرات في أحد اللقاءات التي أجريت حول الطائفة التي تم تفكيكها. صحيح أن غوئيل سيطر على حياة النساء، ونجح في أن يثير تعلقهن به نفسيا ليضمن أن يبقين قريبات منه، ولكن في الواقع، اقتصاديا كان متعلقا بهن أكثر.

كانت تخرج النساء للعمل يوميًّا في أعمال مثل تنظيف المنازل وكن يتقاضين راتبا يضعنه في خزينة مشتركة للطائفة، وكانت تُستخدم هذه الأموال، من بين أمور أخرى، لتمويل نمط حياة غوئيل. كانت تهتم النساء بأمور الطائفة المنزلية وعملن معا لتربية عشرات الأطفال الصغار، أبناء غوئيل، وحتى أنهن كن يطبعن الرسائل من أجله لأنه كان جاهلا. لم توفر النساء الأموال بشكل شخصي، بل كن ينقلنها إلى غوئيل.

ليضمن غوئيل السيطرة التامة على النساء، استغل تأثيره عليهن وأحدث خلافات بينهن وبين عائلاتهن. حتى أن جزءا كبيرا منهن قد ابتعد عن العائلة القلقة، ولم تتحدث النساء مع عائلاتهن لمدة تزيد عن عقد، وأحيانا لم يشاركن في جنازات العائلة. إضافة إلى قطع العلاقات، فُرِض على النساء القيام بأعمال رهيبة بحق والديهم مثلا، سرقة المال، وأحيانا فُتح تحقيق ضدهم في الشرطة دون سبب، ليتوقفوا عن محاولة إبعاد بناتهم عن الطائفة. لم تنجح تقريبا أية امرأة في التخلص من الطائفة دون الحصول على مساعدة قوات الأمن.

كان جزء من النساء حاملات بعد أن أقمن علاقات جنسية مع غوئيل. سُمي كل أبناء غوئيل بأسماء تذكّر بالزعيم الوالد. لم يتذكر غوئيل أسماء أطفاله، ولكنه كان يباركهم بإقامة مراسم مختلفة كان يصر على إقامتها وتمتع بوجودهم في المنزل. وفق أقوال النساء اللواتي عشن ضمن الطائفة، فقد خطط غوئيل لولادة عدد كاف من الأطفال بهدف السيطرة على نقاط القوة في الدولة وحتى أنه كان ينوي “إقامة جيش” من أطفاله داخل الدولة، ليخدموا مصالحة الشخصية. كان يعتقد أنه المسيح القادر على إحداث ثورة، وكان يهمه أن يستعد للمواجهة الضرورية مع سلطات الحكم.

غوئيل رتسون في المحكمة (Motti Kimchi/POOL)

النهاية

“ستكون نهايتي مثل نهاية المسيح”، قال ذات مرة غوئيل أمام زوجاته، وتساءل لماذا لا تُكشف قدراته الخارقة التي كان يؤمن بها أمام العالم. “هو المسيح الذي يتكلم عنه الناس. إنه يعيش هنا ولم يُكشف أمره بعد”، قالت امرأة أخرى لمراسلة أجرت مقابلة مع غوئيل ونسائه قبل أن قدمته الشرطة للمحكمة وفككت الطائفة.

لم يظهر غوئيل كمسيح أو صاحب قدرات إلهية، ولكن كما عرف أنه سيحدث، فقد أمسكت به السلطات القانونية. بعد سنوات طويلة قدمت فيها عائلات فتيات انضممن إلى الطائفة شكاوى ضد غوئيل، اعتقلته الشرطة الإسرائيلية في عام 2010. ولكن خشيت سلطات القانون من رد فعل نساء الطائفة.

“مرت زوجات غوئيل وأطفاله بغسل الدماغ”، قال مسؤولون في الشرطة. شارك خبراء عالميون بالطب النفسي وخبراء بمجال الصدمة في عملية الاعتقال الواسعة. الهدف هو منع إلحاق الضرر بالنساء وعشرات الأطفال. بهدف توخي الحذر، أخذ أفراد الشرطة بعين الاعتبار أنه قد يحدث انتحار جماعي بعد اعتقال زعيم الطائفة.

في عام 2014، كان غوئيل متهما بتهم كثيرة مثل الانتهاكات الجنسيّة داخل العائلة بحق القاصرات، الاغتصابات، وغيرها. كان الحكم بحق غوئيل خطيرا وغير مسبوق، لأن المنظومة القضائية الإسرائيلية لم تواجه طوائف نسائية خطيرة إلى هذا الحد، وقد حكمت بالسجن لمدة 30 عاما على غوئيل. وأوضح القضاة أنه لو فُرضت على غوئيل عقوبة لكل جريمة ارتكبها على حدة، كان سيُسجن لمدة تزيد عن 100 عام.

بعد التعافي النفسي طويل الأمد الذي مرت بها زوجات غوئيل، ما زالت النساء تكافحن من أجل عودتهن تدريجيا إلى حياتهن الطبيعية. بدأ بعض النساء بالحديث عن قصتهن عبر محاضرات، كتب، أفلام وثائقية وحتى عرض مسلسلات تلفزيونية حول الأحداث.

اقرأوا المزيد: 1039 كلمة
عرض أقل
جوئيل رتسون قبل سماع حكمه  (Motti Kimchi/Flash90)
جوئيل رتسون قبل سماع حكمه (Motti Kimchi/Flash90)

السجن 30 عاما لرئيس طائفة الـ “21 امرأة” في إسرائيل

دراما في المحكمة الإسرائيلية- السجن 30 عاما لزعيم "طائفة النساء" المدعو جوئيل رتسون والذي أدين بارتكابه جرائم جنسية بحق 21 امرأة جمعهن حوله

28 أكتوبر 2014 | 14:04

حكمت المحكمة الإسرائيلية في تل أبيب ظهر اليوم بالسجن 30 عاما على زعيم “طائفة النساء” المدعو جوئيل رتسون، بعد إدانته بجرائم جنسية خطيرة بحق 21 امرأة احتجزها. وأثارت قصة “جوئيل رتسون” اهتماما واسعا في إسرائيل لغرابتها والقضايا والشائكة التي أثارتها ومنها مسألة العبودية في إسرائيل وحرية الإرادة.

وكانت المحكمة المركزية الإسرائيلية قد أدانت جوئيل راتسون في شهر سبتمبر (أيلول) هذا العام بارتكابه عدة جرائم جنسية. تمت إدانته، من بين إدانات أُخرى، بالاغتصاب وارتكاب جريمة سفاح القربى بحق ستة من زوجاته. إلا أنه تمت تبرئة راتسون من تهمة احتجاز النساء في ظروف أشبه بالاستعباد.

وقد مارس رتوسن نشاطاته الشاذة في تل أبيب على مدار  ثلاثين عامًا قام خلالها بجمع عدد من النساء التائهات صغيرات السن اللواتي فقدن مستقبلهن. فقام بإبعادهن عن عائلاتهن واستعبدهن لنفسه. حيث ولدن له ما لا يقل عن أربعين طفلا.

في البداية كان هذا الأمر مجرد إشاعة . يتداوله بعض الجيران وبعض السكان جنوبي تل أبيب، حيث علموا عن مجموعة من النساء اللاتي يسكنّ معًا، وينجبن كلّهن من رجل واحد يسيطر ويفرض سلطته عليهن. لكن قبل ما يقارب العشر سنة، كشف راتسون عن فرقة النساء الخاصة به، حتى علمت بها كل إسرائيل. وحسبَ قوله فإن نسوته يسكنّ في أربعة منازل مختلفة.

أنا إنسان كامل

كان كأنه ساحر، طبيب إلهي، إنسان روحاني، قائد وعشيق في نفس الوقت. كان هو الحل لجميع المشكلات بالنسبة للفتيات. هو المسيح المنتظر الذي يتكلم عنه الناس، قد جاء لكن لم يُذاع أمره بعد. في اليوم الذي يقرر فيه أن يكشف عن نفسه، ستُزلزل الأرض،هذا ما قالته إحدى زوجاته خلال المقابلة.

“عندما تكونين معه، تشعرين بعدم وجود رجل آخر في العالم غيره”

الاسم “جوئيل” يعني في العبرية: المخلّص، الإنسان الذي يُخلص ويحرر الناس. وقد أُطلق على كل واحد من أولاده اسمًا شبيهًا باسمه: جوآليا، سيدنا جوئيل، جوآلي، مجد جوئيل وغيرها من الأسماء.  وقد وَسَم جوئيل نساءه بوسم فظيع، حيث أجبرهن على رسم وشم صورة لوجهه على أذرعهن.

“أنا إنسان كامل، لديّ كل المواصفات التي تريدها المرأة”، قال راتسون خلال مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي قبل عدة سنوات.  وقد كان على النساء اللاتي اخترن العيش معه أن يُطعنه في غير واحد من القوانين التي سنّها: مثل عليهن أن يلبسن في البيت لباسًا متواضعًا، يمتنعن عن التدخين و شرب الكحول و أكل اللحوم.

حرّم راتسون على نسائه التحدث مع رجال غرباء، وحتى النظر إليهم

“أنا لا آكل اللحوم، لذلك هنّ أيضًا يتوجب عليهن عدم أكلها”، قال راتسون، وأضاف: “عليّ أن أكون لهنّ قدوة  حسنة”.  كذلك فقد حرّم راتسون على نسائه التحدث مع رجال غرباء، وحتى النظر إليهم. بل بلغ الحدّ إلى أن منع بعضهن من محادثة آبائهن وإخوانهن.  “عندما تكونين معه، تشعرين بعدم وجود رجل آخر في العالم غيره”،  كما قالت إحدى نسائه.

في المساء عندما يزور راتسون جميع نسائه وأولاده، كانت النساء ينتظرن بلهفة مَن ستكون سعيدة الحظ التي سيختار راتسون قضاء ليلته معها. ففي نظرهن كان قضاء ليلة معه كأنه قضاء ليلة مع ابن الإله.

جوئيل راتسون (Yossi Zeliger/Flash90)
جوئيل راتسون (Yossi Zeliger/Flash90)

الكتاب المقدس

 

كانت الأوامر كأنها نظام قوانين للمجتمع، وكان على النساء أن يردّدن القوانين عن ظهر قلب في كل يوم

الوثيقة الفظيعة التي اعتبرنها النساء كأنها كتابًا مقدّسًا كانت “كتاب العائلة” لراتسون، وهذه الوثيقة حوت عشرات الأوامر التي عليهن أن يمتثلنها.  وحدّدت الطريقة التي يجب أن تتعامل النساء بها مع بعض من جهة، ومع راتسون من جهة أخرى.  كانت الأوامر كأنها نظام قوانين للمجتمع، وكان على النساء أن يردّدن القوانين عن ظهر قلب في كل يوم.

من ضمن القوانين والأوامر، كان التالي:

  • ممنوع منعًا باتًا أن تكون هناك محادثات فارغة لا أهمية لها بين النساء، التحدث للضرورة فقط ويكون الحديث ذا أهمية معتبرة.  وحتى لو كان الموضوع مهمًا فعليهن ألا يُطلن الحديث لغير الحاجة. من تقترف هذه المخالفة تُقاضى بدفع مبلغ 400 شيكل.
  • ممنوع أن تجلس المرأة في البيت دون عمل مع وجود الكثير من الأمور التي تنتظرها للعمل، كغسل الأطباق، التنظيف، مراقبة الأولاد، الترتيب المنزلي، وغيرها من الأعمال. ‎ ‎والتي تتكاسل عن القيام بهذه الأعمال ستُغَرّم بمبلغ 200 شيكل.
  • ممنوع تحت أي ظرف من الظروف أن تتضاحك النساء وتتلاعب فيما بينهن.  والغرامة على هذه المخالفة 300 شيكل.
  • يُمنع القيل والقال في البيت وعلى الهاتف وفي الرسائل.
  • من تعاني من اكتئاب أو مشكلات نفسية أو جنون لن تُعفى من واجباتها البيتية، فليس من حقها إهمال البيت، ولا إهمال أولادها. ومن تتنصل من مسؤوليتها فتنتظرها غرامة بقيمة 500 شيكل.

قائد أم مجرم؟

 

لكن بقى السؤال: ألم تعش النساء مع راتسون بكامل اختيارهن دون أن يجبرهن أحد؟  ألم يصدّقن بالفعل أنه مسيحهن المخلص؟ يدّعون في النيابة الإسرائيلية أنّ السيطرة على النساء تُعدّ مصادرة لحرياتهن، وإن لم تكن هذه السيطرة حسّية أو بواسطة حبس جسدي.  فحتى لو وافق إنسان أن يكون عبدًا لإنسان آخر، لا يعطي ذلك شرعية لأي إنسان أن يستعبد الآخرين.

وصلت هذه القصة العجيبة إلى نهايتها قبل أربع سنوات.  قامت شرطة إسرائيل بتوقيف راتسون بتهمة استعباد زوجاته وقيامه بعدد من المخالفات الجنسية مع نسائه وأولاده. بعد توقيفه تم إخلاء المنازل الأربعة التي سكنت بها النساء مع الأولاد وتم نقلهم إلى مؤسسات للنساء اللاتي يتعرضن للعنف، حيث يحاول خبراء النفس مساعدة النساء والأولاد لتحسين حياتهم بعد ما مرّوا بتفكيك منازلهم.

اقرأوا المزيد: 775 كلمة
عرض أقل
أغرب الطوائف على الإطلاق (Thinkstock)
أغرب الطوائف على الإطلاق (Thinkstock)

أغرب خمس طوائف على الإطلاق

حرق الأطفال بالنار، عبادة الأصنام، سفاح القربى والاغتصاب - تنشط في إسرائيل العديد من الطوائف الغامضة والغريبة والأعضاء المنتسبون إليها مقتنعون بأنهم سيخلصون العالم بطرقهم الغريبة

شهد الإسرائيليون من جديد تلك الظاهرة المقلقة والغريبة جدًا والتي ربما كانت هامشية ولكنها خطيرة بلا شك وهي ظاهرة الطوائف. أعضاء تلك الطوائف يتواجدون في هامش المجتمع ولا أحد يسمع عنهم. عادة ما يعيشون حياة غامضة وسرية ومنفصلة، يؤمنون بوجود أشباح وآلهة ويكفرون بكل المفاهيم المعروفة في المجتمع، الدين والحرية. غالبًا ما يكون هنالك شخص واحد يترأس تلك الطائفة وهو شخص تكون لديه شخصية قوية جدًا استطاع أن يُقنع مؤمنيه أنه هو رسول من عند الرب- أو حتى هو الرب ذاته.

كُشف يوم الأحد النقاب عن وجود طائفة سرية أغوت نساء يهوديات لممارسة الجنس مع رجال غرباء وفي الواقع استغلت تلك الطائفة أجسادهن بادعاء أن هذا الأمر سيقرّب من “خلاص العالم”. تمت ممارسة أعمال شائنة ومهينة بحجة تعزيز القوة الروحانية والتقرب من الرب. مارس زعيم الطائفة، وهو حاخام معروف، سحره على نساء كن يردن التديّن ودفعهن لممارسة الجنس مع رجال غرباء عنهن كجزء من عملية العودة إلى الدين بينما كان يتخمهن بالكحول والمخدرات.

هذه ليست أول مرة يتم فيها الكشف عن وجود طائفة سرية في إسرائيل. إليكم أغرب خمس طوائف كُشف النقاب عنها في البلاد في السنوات الأخيرة:

القائد وزوجاته الـ 21

أدانت المحكمة المركزية في تل أبيب هذا الأسبوع جوئيل راتسون، قائد طائفة من منطقة المركز، بارتكابه جرائم اغتصاب وسفاح قربى. كان يترأس راتسون طائفة تضم عشرات النساء، 21 امرأة على الأقل، وكان هو زوجهن، قائدهن ونبيهن.

منعهن راتسون من لقاء أي رجل آخر أو حتى مجرد النظر. أجبرهن على تربية أبنائه معًا وأن يقمن على إعالة الطائفة من خلال ممارسة أعمال مختلفة وأن يقمن بأعمال التدبير المنزلي. المروّع في الأمر أنه أجبر زوجاته على رسم صورة وجهه على أذرعهن.

وقد وَسَم جوئيل نساءه بوسم فظيع، حيث أجبرهن على رسم وشم صورة لوجهه على أذرعهن
وقد وَسَم جوئيل نساءه بوسم فظيع، حيث أجبرهن على رسم وشم صورة لوجهه على أذرعهن

في كل ليلة كان راتسون يختار من بين نسائه الزوجة التي ستقضي معه الليلة. قالت إحدى زوجاته سابقًا أنه هو المسيح الموعود الذي تنتظره الإنسانية بينما وصف هو نفسه قائلاً: “أنا إنسان كامل”. ولكن، فقط بعد أن تم اعتقاله ومحاكمته اتضح حجم التعذيب الذي مارسه على زوجاته. قالت واحدة من زوجاته، “احتجزنا وعذبنا”. صرخت بعض زوجات راتسون، عندما قررت المحكمة إدانة راتسون على جرائمه الجنسية فقط وتبرئته من جريمة الاستعباد، بوجه القاضية التي حكمت بقضية زعيم الطائفة.

الحاخام المعذب

كُشف النقاب في إسرائيل عام 2008 عن أن أحد الحاخامات المعروفين في القدس كان يمارس التعذيب الجسدي على الأطفال من خلال مريديه. كان الحاخام المدعو اليئور حِن، قبل أن تُجمع أدلة حوله، يعتبر نفسه يمتلك سلطة روحانية وكان يدعي أمام مريديه أن الأطفال هم أصحاب “قلوب فاسدة” وأنه يجب “تصليحهم” و”إخراج الأرواح الشريرة منهم”.

 

الحاخام اليئور حِن بعد إعتقاله (Flash90)
الحاخام اليئور حِن بعد إعتقاله (Flash90)

أقنع حِن أحد مريديه أن يحرق يدي طفل ومن ثم وضع الكحول والملح على الحروق

أقنع حِن واحدة من مريداته أن تضرب ابنها البالغ من العمر 3 سنوات ونصف على رأسه إلى أن فقد وعيه وأصبح مشلولاً تمامًا. كما وطلب، في حادثة أُخرى، من أحد مريديه أن يحرق يدي طفل آخر ومن ثم وضع الكحول والملح على الحروق وفي حادثة أُخرى أمر مريديه بإجبار طفل على أكل البراز.

حالات أُخرى أيضًا تضمنت منع أطفال من النوم. تم وضع الأطفال حول طاولة مستديرة وكلما كان ينام طفل منهم كان يتم ضربه بقسوة. اعتقدت والدة أولئك الأطفال أن الحاخام المحب للتعذيب “يريد تربية الأطفال فقط”. تم القبض على ذلك الحاخام قبل سنوات وحُكم عليه بالسجن لعشرات السنين.

مركز النور

يترأس “مركز النور” شخص يُدعى أفيف المخلص، وهو ذو شخصية قوية ومقنعة يدعي بأن لديه علاقة مباشرة مع الرب والذي يأمره بما عليه أن يفعل. وكان يومًا، حسب ادعائه، يجلس وحده عندما توجه إليه الرب بصوت قوي وقال له: “أنت ابني، أنت في رعايتي. اكتب كتابك: طريق المقاتل نحو النور”. أغلق أفيف باب غرفته عليه وكتب كتابه الذي يبدأ به بالعبارات: هذا الكتاب فيه كلام الرب. هذا الكتاب مقدس”.

"مركز النور"
“مركز النور”

 

جندت زوجته، التي كانت معلمة في مدرسة ثانوية، طالباتها لهذه الطائفة. قمن بتوزيع كتاب أفيف على الشباب المضطربين وجعلنهم يقتنعون أنه شخص له صفات إلهية. استبدل غالبية الطلاب حتى أسماءهم وادعوا أنهم يمتازون بقوى خارقة للطبيعة.

أُبعِد الشبان الذين انضموا لتلك الطائفة عن عائلاتهم ومنعوا من الاقتراب منهم. حزن الآباء الذين تم سلب أولادهم منهم وشعروا أن شخصًا غريبًا سلب منهم أولادهم. لا تزال طائفة “مركز النور” ناشطة حتى الآن بطريقة أو أُخرى وحتى أن أفرادها يعملون على إقامة مستوطنة خاصة بهم في الجنوب.

سلطة العنف

“طائفة اإثاكا” هو اسم جماعة عنيفة يترأسها زعيم يدعى شاي آفراهموف والتي تبنت طريقة علاج للمشاكل السلوكية. في هذه الحالة أيضًا كانت غالبية الضحايا من الأطفال والنساء. عذب زعيم هذه الطائفة النساء بنفسه بينما أولئك النساء قمن بتعذيب أولادهن.

كشفت واحدة من النساء المنتسبات لتلك الطائفة، والتي قُبض عليها بعد أن ضربت ابنها البالغ من العمر 10 سنوات حتى نزف دمًا، عن وجود تلك الطائفة. اعتاد زعيم الطائفة أن يقوم بفصل النساء عن العالم الخارجي وكان يجبرهن على اتباع نهجه: ممارسة العنف ضد الأطفال كنوع من التربية.

تم القبض على زعيم الطائفة عام 2010 وانتحر بعد يومين في زنزانته. أخذ آفراهموف معه إلى السجن غالبية أسرار تلك الطائفة العنيفة التي كان يقودها.

عبادة الشيطان

بخلاف بقية الطوائف، فإن “طائفة الشيطان” ليست جماعة منغلقة وسرية أو يقودها زعيم قوي الشخصية. هذا مصطلح عام يُطلق على عدة تنظيمات محلية تتكون أساسًا من شبان مضطربين والذين يستلهمون معلوماتهم من طوائف شبيهة تنشط خارج البلاد وتحديدًا في الولايات المتحدة.

تتضمن لقاءات أفراد هذه الطائفة عدة طقوس مروعة التي تتضمن قطع رؤوس الكلاب والقطط وشرب دمائها

ما يميز أعضاء “طائفة الشيطان” هو الاستماع إلى نوع من موسيقى الروك والذي يدعو للسجود للشيطان وللموت. تتضمن لقاءات أفراد هذه الطائفة عدة طقوس مروعة وخاصة، التي تتضمن قطع رؤوس الكلاب والقطط وشرب دمائها. تحدث المحققون الذين تابعوا قضية الشبان المنتسبين لهذه الطائفة عن شهادات أولئك الشبان حول طقوس شرب الدماء الذي يتضمن ممارسة الجنس كطقس من العبادة.

رمز الشيطانية (Thinkstock)
رمز الشيطانية (Thinkstock)

أدى العنف في بعض الحوادث، الذي كان يمارس في طقوس عبادة الشيطان إلى جرائم قتل مروعة لأطفال أبرياء. وُجد عدد من الأطفال الإسرائيليين، منذ سنوات الـ 90 – وغالبًا ما يكونون أطفالاً من أحياء أو مدارس أفراد تلك الطائفة – مقتولين بينما على جثثهم توجد آثار عنف وعبارات تمجد الشيطان كانت محفورة بالسكين على جلودهم.

اقرأوا المزيد: 924 كلمة
عرض أقل
جوئيل راتسون (Yossi Zeliger/Flash90)
جوئيل راتسون (Yossi Zeliger/Flash90)

رئيس طائفة الـ “21 امرأة” أُدين بجرائم جنسية

جوئيل راتسون، الذي كان يترأس طائفة مكوّنة من 21 امرأة واللواتي أنجبن له عشرات الأبناء أُدين بالاغتصاب وبسفاح القربى - ولكن تمت تبرئته من جريمة استعباد النساء

أدانت المحكمة المركزية في تل أبيب اليوم جوئيل راتسون، قائد “طائفة النساء” الذي احتجز 21 امرأة، بارتكابه عدة جرائم جنسية. تمت إدانته، من بين إدانات أُخرى، بالاغتصاب وارتكاب جريمة سفاح القربى بحق ستة من زوجاته. إلا أنه تمت تبرئة راتسون من تهمة احتجاز النساء في ظروف أشبه بالاستعباد.

وكانت واحدة من زوجات راتسون فد انفجرت صارخة، بعد تبرئة راتسون من تهمة استعباد زوجاته وهي التي عاشت معه طوال 12 عامًا، بالقضاة وقالت: “يبدو أنه في دولة إسرائيل من يتاجرون بأجسام الناس وأرواحهم يمكنهم أن يستمروا بفعل ذلك. لا يوجد قانون ولا يوجد قضاة.  لقد كنت مستعبدة كليًا. لو لم تقم دولة إسرائيل بتحريري لبقيت محتجزة للأبد”، هذا ما قالته المرأة وهي تصرخ.

وأضافت قائلة: “عشت 12 عامًا في ظروف استعباد دون المقدرة على الخروج. لم يقم جوئيل بسجني بل قام بما هو أخطر. جوئيل راتسون قتل النساء والأطفال. لقد قام بحرمانهم”.

بينما عبّر أحد أبناء جوئيل، واسمه يغئال وهو الابن الذي وقف إلى جانب أبيه طوال المحاكمة، عن سعادته بقرار الحكم. قال يغئال: “الأمر الآن أخف وطأة علي إذ أعرف الآن أنه تم إلغاء تهمة استعباد النساء عنه. أتمنى أن تكتفي المحكمة بالأيام التي قضاها في السجن وألا تُصدر بحقه أية أحكام إضافية”.

هكذا تم الفصل في قضية جوئيل راتسون، قائد الفرقة من مركز البلاد، الذي امتلك إحدى وعشرين زوجة. في مصادر أخرى، اثنتين وثلاثين زوجة، وما يقارب المئة ولد، حيث كانوا يقطنون في عدة منازل. وقد استمر عمله في تل أبيب على مدار  ثلاثين عامًا قام خلالها بجمع عدد من النساء التائهات صغيرات السن اللواتي فقدن مستقبلهن. فقام بإبعادهن عن عائلاتهن واستعبدهن لنفسه. حيث ولدن له ما لا يقل عن أربعين طفلا.

في البداية كان هذا الأمر مجرد إشاعة . يتداوله بعض الجيران وبعض السكان جنوبي تل أبيب، حيث علموا عن مجموعة من النساء اللاتي يسكنّ معًا، وينجبن كلّهن من رجل واحد يسيطر ويفرض سلطته عليهن. لكن قبل ما يقارب العشر سنة، كشف راتسون عن فرقة النساء الخاصة به، حتى علمت بها كل إسرائيل. وحسبَ قوله فإن نسوته يسكنّ في أربعة منازل مختلفة.

أنا إنسان كامل

كان كأنه ساحر، طبيب إلهي، إنسان روحاني، قائد وعشيق في نفس الوقت. كان هو الحل لجميع المشكلات بالنسبة للفتيات. هو المسيح المنتظر الذي يتكلم عنه الناس، قد جاء لكن لم يُذاع أمره بعد. في اليوم الذي يقرر فيه أن يكشف عن نفسه، ستُزلزل الأرض،هذا ما قالته إحدى زوجاته خلال المقابلة.

“عندما تكونين معه، تشعرين بعدم وجود رجل آخر في العالم غيره”

الاسم “جوئيل” يعني في العبرية: المخلّص، الإنسان الذي يُخلص ويحرر الناس. وقد أُطلق على كل واحد من أولاده اسمًا شبيهًا باسمه: جوآليا، سيدنا جوئيل، جوآلي، مجد جوئيل وغيرها من الأسماء.  وقد وَسَم جوئيل نساءه بوسم فظيع، حيث أجبرهن على رسم وشم صورة لوجهه على أذرعهن.

“أنا إنسان كامل، لديّ كل المواصفات التي تريدها المرأة”، قال راتسون خلال مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي قبل عدة سنوات.  وقد كان على النساء اللاتي اخترن العيش معه أن يُطعنه في غير واحد من القوانين التي سنّها: مثل عليهن أن يلبسن في البيت لباسًا متواضعًا، يمتنعن عن التدخين و شرب الكحول و أكل اللحوم.

حرّم راتسون على نسائه التحدث مع رجال غرباء، وحتى النظر إليهم

“أنا لا آكل اللحوم، لذلك هنّ أيضًا يتوجب عليهن عدم أكلها”، قال راتسون، وأضاف: “عليّ أن أكون لهنّ قدوة  حسنة”.  كذلك فقد حرّم راتسون على نسائه التحدث مع رجال غرباء، وحتى النظر إليهم. بل بلغ الحدّ إلى أن منع بعضهن من محادثة آبائهن وإخوانهن.  “عندما تكونين معه، تشعرين بعدم وجود رجل آخر في العالم غيره”،  كما قالت إحدى نسائه.

وقد وَسَم جوئيل نساءه بوسم فظيع، حيث أجبرهن على رسم وشم صورة لوجهه على أذرعهن
وقد وَسَم جوئيل نساءه بوسم فظيع، حيث أجبرهن على رسم وشم صورة لوجهه على أذرعهن

في المساء عندما يزور راتسون جميع نسائه وأولاده، كانت النساء ينتظرن بلهفة مَن ستكون سعيدة الحظ التي سيختار راتسون قضاء ليلته معها. ففي نظرهن كان قضاء ليلة معه كأنه قضاء ليلة مع ابن الإله.

الكتاب المقدس

 

كانت الأوامر كأنها نظام قوانين للمجتمع، وكان على النساء أن يردّدن القوانين عن ظهر قلب في كل يوم

الوثيقة الفظيعة التي اعتبرنها النساء كأنها كتابًا مقدّسًا كانت “كتاب العائلة” لراتسون، وهذه الوثيقة حوت عشرات الأوامر التي عليهن أن يمتثلنها.  وحدّدت الطريقة التي يجب أن تتعامل النساء بها مع بعض من جهة، ومع راتسون من جهة أخرى.  كانت الأوامر كأنها نظام قوانين للمجتمع، وكان على النساء أن يردّدن القوانين عن ظهر قلب في كل يوم.

من ضمن القوانين والأوامر، كان التالي:

  • ممنوع منعًا باتًا أن تكون هناك محادثات فارغة لا أهمية لها بين النساء، التحدث للضرورة فقط ويكون الحديث ذا أهمية معتبرة.  وحتى لو كان الموضوع مهمًا فعليهن ألا يُطلن الحديث لغير الحاجة. من تقترف هذه المخالفة تُقاضى بدفع مبلغ 400 شيكل.
  • ممنوع أن تجلس المرأة في البيت دون عمل مع وجود الكثير من الأمور التي تنتظرها للعمل، كغسل الأطباق، التنظيف، مراقبة الأولاد، الترتيب المنزلي، وغيرها من الأعمال. ‎ ‎والتي تتكاسل عن القيام بهذه الأعمال ستُغَرّم بمبلغ 200 شيكل.
  • ممنوع تحت أي ظرف من الظروف أن تتضاحك النساء وتتلاعب فيما بينهن.  والغرامة على هذه المخالفة 300 شيكل.
  • يُمنع القيل والقال في البيت وعلى الهاتف وفي الرسائل.
  • من تعاني من اكتئاب أو مشكلات نفسية أو جنون لن تُعفى من واجباتها البيتية، فليس من حقها إهمال البيت، ولا إهمال أولادها. ومن تتنصل من مسؤوليتها فتنتظرها غرامة بقيمة 500 شيكل.

قائد أم مجرم؟

أقرت المحكمة اليوم بأنه ربما كان جوئيل راتسون قد ارتكب جرائم جنسية بحق زوجاته ولكنه لم يحولهن إلى عبيدات لديه. ‎ من المتوقع أن يصدر الحكم بحق راتسون في وقت لاحق ووفق التقديرات، بعد الإدانة، من الممكن أن يُحكم عليه بالسجن لسنوات طويلة. يتعيّن على زوجات راتسون، اللواتي لم يحصلن على قرار المحكمة الذي كن يتوقعنه، الآن أن يتابعن بترميم حياتهن.

لكن بقى السؤال: ألم تعش النساء مع راتسون بكامل اختيارهن دون أن يجبرهن أحد؟  ألم يصدّقن بالفعل أنه مسيحهن المخلص؟ يدّعون في النيابة الإسرائيلية أنّ السيطرة على النساء تُعدّ مصادرة لحرياتهن، وإن لم تكن هذه السيطرة حسّية أو بواسطة حبس جسدي.  فحتى لو وافق إنسان أن يكون عبدًا لإنسان آخر، لا يعطي ذلك شرعية لأي إنسان أن يستعبد الآخرين. القضاة هم بالنهاية من سيحدد إن كانت الأمور هي كما يظهر أم لا.

وصلت هذه القصة العجيبة إلى نهايتها قبل أربع سنوات.  قامت شرطة إسرائيل بتوقيف راتسون بتهمة استعباد زوجاته وقيامه بعدد من المخالفات الجنسية مع نسائه وأولاده. بعد توقيفه تم إخلاء المنازل الأربعة التي سكنت بها النساء مع الأولاد وتم نقلهم إلى مؤسسات للنساء اللاتي يتعرضن للعنف، حيث يحاول خبراء النفس مساعدة النساء والأولاد لتحسين حياتهم بعد ما مرّوا بتفكيك منازلهم.

اقرأوا المزيد: 975 كلمة
عرض أقل
جوئيل راتسون (Yossi Zeliger/Flash90)
جوئيل راتسون (Yossi Zeliger/Flash90)

إحدى وعشرون زوجة، وأربعون ولدًا

المحكمة ستحدد مصير الرجل الذي جمع حوله زمرة من النساء الحائرات، وأمسكهن في جواره بشروط أقرب إلى العبودية منها إلى الإنسانية، وكان "قائدًا" لفرقة نساء مغلقة ومخيفة

الأسبوع المقبل سيتم الفصل في قضية جوئيل راتسون، قائد الفرقة الذي امتلك إحدى وعشرين زوجة. وفقا لمصادر أخرى، اثنتين وثلاثين زوجة، وما يقارب المئة ولد، حيث كانوا يقطنون في عدة منازل. وقد استمر عمله في تل أبيب على مدار ثلاثين عامًا قام خلالها بجمع عدد من النساء التائهات صغيرات السن اللواتي فقدن مستقبلهن. فقام بإبعادهن عن عائلاتهن واستعبدهن لنفسه. حيث ولدن له ما لا يقل عن أربعين طفلا.

في البداية كان هذا الأمر مجرد إشاعة . يتداوله بعض الجيران وبعض السكان جنوبي تل أبيب، حيث علموا عن مجموعة من النساء اللاتي يسكنّ معًا، وينجبن كلّهن من رجل واحد يسيطر ويفرض سلطته عليهن. لكن قبل ما يقارب العشر سنة، كشف راتسون عن فرقة النساء الخاصة به، حتى علمت بها كل إسرائيل. وحسبَ قوله فإن نسوته يسكنّ في أربعة منازل مختلفة.

أنا إنسان مثالي

 

“عندما تكونين معه، تشعرين بعدم وجود رجل آخر في العالم غيره”

كان كأنه ساحر، طبيب إلهي، إنسان روحاني، قائد وعشيق في نفس الوقت. كان هو الحل لجميع المشكلات بالنسبة للفتيات. “هو المسيح المنتظر الذي يتكلم عنه الناس، قد جاء لكن لم يُذاع أمره بعد. في اليوم الذي يقرر فيه أن يكشف عن نفسه، ستُزلزل الأرض”، هذا ما قالته إحدى زوجاته خلال المقابلة.

الاسم “جوئيل” يعني في العبرية: المخلّص، الإنسان الذي يُخلص ويحرر الناس. وقد أُطلق على كل واحد من أولاده اسمًا شبيهًا باسمه: جوآليا، سيدنا جوئيل، جوآلي، مجد جوئيل وغيرها من الأسماء. وقد وَسَم جوئيل نساءه بوسم فظيع، حيث أجبرهن على رسم وشم صورة لوجهه على أذرعهن.

وقد وَسَم جوئيل نساءه بوسم فظيع، حيث أجبرهن على رسم وشم صورة لوجهه على أذرعهن
وقد وَسَم جوئيل نساءه بوسم فظيع، حيث أجبرهن على رسم وشم صورة لوجهه على أذرعهن

“أنا إنسان مثالي، لديّ كل المواصفات التي تريدها المرأة”، قال راتسون خلال مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي قبل عدة سنوات.  وقد كان على النساء اللاتي اخترن العيش معه أن يُطعنه في غير واحد من القوانين التي سنّها: مثل عليهن أن يلبسن في البيت لباسًا متواضعًا، يمتنعن عن التدخين و شرب الكحول و أكل اللحوم.

حرّم راتسون على نسائه التحدث مع رجال غرباء، وحتى النظر إليهم

“أنا لا آكل اللحوم، لذلك هنّ أيضًا يتوجب عليهن عدم أكلها”، قال راتسون، وأضاف: “عليّ أن أكون لهنّ قدوة حسنة”.  كذلك فقد حرّم راتسون على نسائه التحدث مع رجال غرباء، وحتى النظر إليهم. بل بلغ الحدّ إلى أن منع بعضهن من محادثة آبائهن وإخوانهن.  “عندما تكونين معه، تشعرين بعدم وجود رجل آخر في العالم غيره”،  كما قالت إحدى نسائه.

في المساء عندما يزور راتسون جميع نسائه وأولاده، كانت النساء ينتظرن بلهفة مَن ستكون سعيدة الحظ التي سيختار راتسون قضاء ليلته معها. ففي نظرهن كان قضاء ليلة معه كأنه قضاء ليلة مع ابن الإله.

الكتاب المقدس

 

كانت الأوامر كأنها نظام قوانين للمجتمع، وكان على النساء أن يردّدن القوانين عن ظهر قلب في كل يوم

الوثيقة الفظيعة التي اعتبرنها النساء كأنها كتابًا مقدّسًا كانت “كتاب العائلة” لراتسون، وهذه الوثيقة حوت عشرات الأوامر التي عليهن أن يمتثلنها. وحدّدت الطريقة التي يجب أن تتعامل النساء بها مع بعض من جهة، ومع راتسون من جهة أخرى. كانت الأوامر كأنها نظام قوانين للمجتمع، وكان على النساء أن يردّدن القوانين عن ظهر قلب في كل يوم.

من ضمن القوانين والأوامر، كان التالي:

  • ممنوع منعًا باتًا أن تكون هناك محادثات فارغة لا أهمية لها بين النساء، التحدث للضرورة فقط ويكون الحديث ذا أهمية معتبرة.  وحتى لو كان الموضوع مهمًا فعليهن ألا يُطلن الحديث لغير الحاجة. من تقترف هذه المخالفة تُقاضى بدفع مبلغ 400 شيكل.
  • ممنوع أن تجلس المرأة في البيت دون عمل مع وجود الكثير من الأمور التي تنتظرها للعمل، كغسل الأطباق، التنظيف، مراقبة الأولاد، الترتيب المنزلي، وغيرها من الأعمال. ‎‎والتي تتكاسل عن القيام بهذه الأعمال ستُغَرّم بمبلغ 200 شيكل.
  • ممنوع تحت أي ظرف من الظروف أن تتضاحك النساء وتتلاعب فيما بينهن.  والغرامة على هذه المخالفة 300 شيكل.
  • يُمنع القيل والقال في البيت وعلى الهاتف وفي الرسائل.
  • من تعاني من اكتئاب أو مشكلات نفسية أو جنون لن تُعفى من واجباتها البيتية، فليس من حقها إهمال البيت، ولا إهمال أولادها. ومن تتنصل من مسؤوليتها فتنتظرها غرامة بقيمة 500 شيكل.

قائد أم مجرم؟

وصلت هذه القصة العجيبة إلى نهايتها قبل أربع سنوات.  قامت شرطة إسرائيل بتوقيف راتسون بتهمة استعباد زوجاته وقيامه بعدد من المخالفات الجنسية مع نسائه وأولاده.

ألم تعش النساء مع راتسون بكامل اختيارهن دون أن يجبرهن أحد؟  ألم يصدّقن بالفعل أنه مسيحهن المخلص؟

بعد توقيفه تم إخلاء المنازل الأربعة التي سكنت بها النساء مع الأولاد وتم نقلهم إلى مؤسسات للنساء اللاتي يتعرضن للعنف، حيث يحاول خبراء النفس مساعدة النساء والأولاد لتحسين حياتهم بعد ما مرّوا بتفكيك منازلهم.

في شباط 2010، اتُّهم راتسون بقيامه بمخالفات فظيعة كاستعباد النساء، اغتصابهن، القيام باللواط، مخالفات جنسية عائلية، وغيرها.

لكن يبقى السؤال: ألم تعش النساء مع راتسون بكامل اختيارهن دون أن يجبرهن أحد؟  ألم يصدّقن بالفعل أنه مسيحهن المخلص؟ يدّعون في النيابة الإسرائيلية أنّ السيطرة على النساء تُعدّ مصادرة لحرياتهن، وإن لم تكن هذه السيطرة حسّية أو بواسطة حبس جسدي. فحتى لو وافق إنسان أن يكون عبدًا لإنسان آخر، لا يعطي ذلك شرعية لأي إنسان أن يستعبد الآخرين. القضاة هم بالنهاية من سيحدد إن كانت الأمور هي كما يظهر أم لا.

اقرأوا المزيد: 756 كلمة
عرض أقل