جمال عبد الناصر

هل حاول الموساد اغتيال السيدة أم كلثوم؟ (المصدرGuy Arama)
هل حاول الموساد اغتيال السيدة أم كلثوم؟ (المصدرGuy Arama)

مسؤول سابق في الموساد عن “محاولة اغتيال أم كلثوم”: هراء تام

مسؤول سابق في الموساد، عن الادعاءات التي تتهم جهاز الاستخبارات بأنه حاول اغتيال المطربة أم كلثوم: "يمكن تأليف كتاب ألف ليلى وليلى فقط من البدع والنكات التي تنشر في القصص والصحافة المصرية عن إسرائيل"

تطرق غاد شمرون، مسؤول سابق في الموساد، أمس (الأحد) في مقابلة مع صحيفة “يديعوت أحرونوت” إلى كتاب جديد صدر في مصر يدعى “أم كلثوم والموساد: أسرار عملية عيون البقر” وفقا لهذا الكتاب حاول الموساد اغتيال المطربة أم كلثوم، ولكن بعد أن فشل سعى إلى تجنيدها إلى صفوفه.

وورد في الكتاب أيضا، الذي كتبه الصحفي توحيد مجدي أن الموساد فهم أن أم كلثوم كانت غنية وحتى أنه أخذ منها مالا لبناء الجامعة العبرية في القدس. وفي مقابلة مع “يديعوت أحرونوت”، أوضح شمرون أن “الجامعة العبرية تأسست في العشرينيات من القرن الماضي”، من هنا، فإن هذه الادعاءات باطلة.

الجامعة العبرية في القدس (Wikipedia)

وقد صعّب مجري المقابلة الأسئلة على شومرون وسأله عما إذا كان من غير المعقول أن الموساد سعى إلى تجنيد شخصية مؤثرة في المجتمع المصري؟

“وهل كنا نقدر على إدخال أغاني تمجيد إسرائيل في أفضل الأغاني المصرية؟ غير معقول. كما هي الحال في كل جريمة وكل تجنيد، هناك حاجة إلى دافع. ما هو الدافع وراء تجنيد أم كلثوم؟ لم يكن لديها تأثير سياسي. صحيح أنها كانت مطربة محبوبة لدى جمال عبد الناصر، وتحدثت عن الأمة العربية في عهده كل الوقت، إلا أنه كان يحب أناشيدها فقط. هذه القصة لا أساس لها من الصحة”.

السيد أشرف مروان (Wikipedia)

يحب العرب “المؤامرات” جدا، أضاف شومرون في حديثه مع الصحفي. “سأذكر قصة مصرية أخرى عن حقيقة أن الجيش الإسرائيلي والموساد دربا حينذاك عميلات جميلات أغرين كبار الضباط المصريين وألحقن بهم عدوى بالإيدز. وهناك قصص تتحدث عن أن الموساد قتل جون كينيدي لأنه أراد الكشف عن المفاعل النووي في ديمونا. يمكن تأليف مجموعة من النكات، وقصة ألف ليلة وليلة المأخوذة من القصص في الصحافة المصرية عن إسرائيل”.

وقال شمرون إن بعض حالات التجنيد الناجحة للعملاء العرب قام بها موظفو جمع العملاء في الموساد، ولكن ليس كلهم. واستطرد قائلا: “عمل الكثير من أفضل عملاء إسرائيل تطوعا، أي أن العرب الذين ظنوا أن الموساد كان قادرا على كل شيء قالوا: يجدر بنا العمل مع هذا الجهاز”. عمل أشرف مروان، الذي أبلغ عن حرب يوم الغفران في عام 1973، تطوعا، ولم يجنده أحد”، اختتم شمرون أقواله.

اقرأوا المزيد: 315 كلمة
عرض أقل
كوكب الشرق، أم كلثوم
كوكب الشرق، أم كلثوم

5 أمور لم تعرفوها عن الست أم كلثوم

كيف تحوّلت أم كلثوم - امرأة، مُطربة، ابنة عائلة فقيرة - إلى رمز العالم العربي؟ أيقونة ثقافية لا مثيل لها. وكيف ما زالت تؤثر حتى اليوم على الثقافة العالمية؟

لا شك بأن أم كلثوم هي ملكة الثقافة المصرية. وليس فقط بالنسبة للمصريين. يعتبرها الملايين حول العالم كرمز ثقافي مصري وعربي عصري، “صوت أمة كاملة”، كما أطلق عليها باحثون أمريكيون.

أطلق عليها عشاقها العديد من الألقاب مثل “كوكب الشرق”، “الست”، و”الهرم الرابع”، العديد من الأهل أسموا بناتهم تيمنًا باسمها، منهم الكاتب نجيب محفوظ وزوجته؛ كان يتم استقبالها، خلال رحلاتها في العالم العربي، في المطارات من قبل رؤساء وملوك، وكان يتم التعامل معها باحترام وكأنها قائدة بكل معنى الكلمة، وشخصيتها، التي كانت بمثابة أيقونة ثقافة، طُبغت على الطوابع الرسمية في الدولة، وعلى البلوزات، الحقائب، الأقراط والكثير من الإكسسوارات.

الست أم كلثوم (Wikipedia)
الست أم كلثوم (Wikipedia)

سمحنا لأنفسنا أن نورد لكم 5 حقائق ملفتة عن تلك المرأة، التي تخطت كل تحديات المُجتمع المصري؛ في تلك الفترة وتحوّلت إلى شخصية محترمة ومُطربة لا مثيل لها:

1. وُلدت أم كلثوم، أو باسمها الحقيقي؛ فاطمة إبراهيم البلتاجي، في قرية طماي الزهايرة؛ في دلتا النيل، في وقت ما بين عاميّ 1898 -1904 (حينها لم يكن يتم تسجيل الولادات بشكل مُنظم). كانت عائلتها فقيرة وكان والدها إمام المسجد المحلي. تم إرسالها، وهي لا تزال طفلة؛ مع أخيها خالد، إلى “الكتّاب”، لتعلم القرآن. ربما لم يتوفر ما يكفي من المال، لدى رب العائلة، لتمويل استكمال تعليم الابنين، وبعد مرور بضع سنوات، أخرج ابنته من المدرسة وترك ابنه ليتابع تعليمه؛ ولكن تلك السنوات كانت كفيلة بأن تحصل أم كلثوم على مهارات لتستثمرها طوال 25 سنة من الحياة المهنية الموسيقية: في الثقافة الموسيقية العربية معروف بأن من يريد أن يُتقن استخدام اللغة ولفظ الكلمات والغناء بأفضل صورة، عليه تعلم القرآن، وتحديدًا “تجويد القرآن”. تقول أم كلثوم في إحدى المقابلات إنها كانت تُقلد والدها وأخيها “مثل الببغاء”، دون أن تفهم معنى الكلمات التي تُقال.

الست أم كلثوم (Wikipedia)
الست أم كلثوم (Wikipedia)

2. اعتاد الوالد، كنوع من زيادة المدخول، هو وابنه وأفراد العائلة أن يقدموا عرضًا في قرى دلتا مصر وتقديم أغانٍ دينية في مناسبات عائلية وفي الأعياد. في واحدة من تلك المناسبات، حين كان يُفترض أن يقدموا عرضًا في بيت عُمدة القرية، مرض شقيق أم كلثوم، وقرر الأب أن يصطحب ابنته للعرض وهي ترتدي زي فتى.

3. لم تكن بداية أم كلثوم في القاهرة بسيطة أبدًا. ربما كانت قد أصبحت معروفة ولكن طريقة تقديمها للعروض وأغانيها لم تكن ملائمة لصناعة الترفيه. كانت القاهرة في العشرينات مدينة عالمية. كان يعرض في ملاهيها الليلة مغنيون ومغنيات وراقصات شرقيات مع مرافقة موسيقية. كانت غالبية الجمهور من الرجال، الذين كانوا معتادين على شرب الكحول والاستمتاع بتدخين الحشيش، وكثيرًا ما كانوا يتغزلون بالفنانات اللواتي يقدّمن العروض وحتى أنهم كانوا يضايقونهن. كانت أم كلثوم في البداية تعرض في تلك الملاهي وهي تلبس زي الفتيان، بينما تعتمر كوفية وعقال، ويرافقها رجال العائلة. وفي وقت لاحق أيضًا، عندما تخلت عن ارتداء زي الفتيان، ظهرت بلباس تقليدي ومتواضع، مع غطاء رأس، وقدّمت الأغاني الدينية القديمة وأغانٍ في حب النبي. لم تتجاهل الانتقادات قدراتها الصوتية وموهبتها، ولكن منتقديها كانوا يقولون إنها لم تجلب شيئًا جديدًا ولا توجد فيها روح فنية.

4. بدأ يأتي التغيير على مهل. استجابت أم كلثوم، على الرغم من موقف أفراد عائلتها، للجمهور المصري الذي كان يبحث عن التجديد وعن المشاعر الرومانسية. بدأت شيئًا فشيئًا بتغيير أسلوب أغانيها، وانتقلت من القصائد الدينية وأغاني حب النبي لأداء أغانٍ أخف، أغاني حب مكتوبة باللغة العامية العربية وليست باللغة الفصحى. كذلك حسّن دخولها، شيئًا فشيئًا، إلى مجتمع النخبة من مسارها وكذلك أدى ذلك إلى تغيير في نمط زيها. نزعت عن رأسها غطاء الرأس التقليدي، بدلت ملابسها الريفية بفساتين سهرة، على الطراز الأوروبي، وبالنهاية أقالت والدها وأخيها وبقية الرجال المرافقين لها واستأجرت مجموعة من العازفين لمرافقتها. هكذا جعلت نفسها مُطربة تناضل من أجل ضمان مكان لها في عالم الترفيه التجاري المحلي وراحت تطمح للمزيد من الشهرة.

https://www.youtube.com/watch?v=YzbfP1T0wgQ

5. ليس من العجيب أيضًا خشية جمال عبد الناصر، عند اندلاع ثورة الضباط الأحرار؛ عام 1952، وقرار الضابط الذي كان مسؤولاً عن البث الإذاعي، وجيه أباظة، عدم إذاعة أغاني أم كلثوم، بأن يثور الشعب ضد قادة الثورة. عندما علم جمال بقرار أباظة أسرع بالاتصال به وسؤاله عن سبب اتخاذه لذلك القرار. “لأنها جزء من الماضي”، أي للحقبة الملكية التي كانت قبل الثورة، قال ذلك الضابط. غضب الناصر وقال له: “إذًا، أنا أقترح أن تهدم الأهرامات وتمنع النيل من التدفق، لأنه كان أيضًا يتدفق في العهد الملكي”. طلب ناصر وأصر أيضًا على أن تعمل أم كلثوم مع عبد الوهاب، الغريمان، بأعمال مُشتركة. فشل الناصر، وفقًا لكلام نجيب محفوظ، بتوحيد الأمة العربية ولهذا أراد أن يجمعها من خلال حب عملاقي الموسيقى هذين. كانت نتيجة ذلك الأغنية المعروفة “انت عمري” عام 1964 ومن ثم جاءت 9 أغانٍ أنتجها الخصمان معًا. كانت هناك انتقادات أيضًا ضد أم كلثوم وضد ظاهرة الإعجاب بها. هناك من انتقدوها بسبب علاقتها بالنخبة، وآخرون على طباعها الخشنة، وهناك من انتقدوا امتلاء الصحافة المصرية بالحديث عن عروضها وعنها، من أغانيها ومن خزانة ملابسها. سئم الكثيرون من أبناء الجيل الشاب، في نهاية حياتها المهنية، على الرغم من تقديرهم الكبير لصوتها وقدرتها الموسيقية، من أغانيها الطويلة واشتكوا من أنها تسيطر على ساعات البث في الراديو وتمنع فنانين آخرين من نيل الشهرة. ترك موت أم كلثوم في عام 1975 صدمة للمصريين والعالم العربي. يُقدّر عدد المُشاركين بجنازتها من مليوني حتى أربعة ملايين شخص. يعتقد الكثيرون، على أي حال، أن جنازتها كانت أكبر من جنازة عبد الناصر. من غير المؤكد أن الأمر كان كذلك إلا أنه تلك هي طريقة الجماهير لتقول أن أم كلثوم حظيت بشعبية أكبر من شعبية القائد الوطني، بحيث حققت آمالهم.

اقرأوا المزيد: 833 كلمة
عرض أقل
الرائيس المصري جمال عبد الناصر والملك حسين بن طلال في القاهرة (AFP)
الرائيس المصري جمال عبد الناصر والملك حسين بن طلال في القاهرة (AFP)

لواء سابق يكشف أسرارًا خاصة بالمخابرات الإسرائيلية

مقاطع من مقابلة خاصة مع رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية تكشف معلومات سرية تتعلق بأهم اللحظات التاريخية

شَغِل اللواء الإسرائيلي شلومو غازيت في الماضي منصب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، وكان مسؤولا عن إعادة تأهيل جهاز المخابرات الإسرائيلي بعد حرب الغفران. كشف، خلال لقاء خاصّ معه لصحيفة يديعوت أحرونوت، عن بعض المعلومات السرية في تاريخ دولة إسرائيل، التي كان شاهدًا عليها.

أوضح غازيت أنه عام 1985 أرسله شمعون بيريس لعقد مفاوضات سياسية مع ياسر عرفات، ولكن لم يعرف عن ذلك أحد، ولا حتى وزير الخارجية الإسرائيلي إسحاق شمير. أمر بيريس غازيت ألا يعرف شمير عن تلك المحادثات السياسية، وأن يوضح له أن هدف التفاوض مع عرفات هو تبادل الأسرى والمفقودين فقط.

كشف غازيت عن معلومة أُخرى أيضًا وقعت بعد حرب عام 1967. وهي أنه قد وقع مُقدم إسرائيلي في الأسر لدى المصريين. وقد كان أكبر شخصية إسرائيلية تقع في الأسر، وتفاجأ زملاؤه عندما عاد إلى إسرائيل وتملص من الخضوع لفحص كذب عادي ومن التحقيق معه في الشاباك. اعترت الشكوك جهاز المخابرات الإسرائيلية أن يكون تم تجنيده للعمل كجاسوس لصالح المصريين. تم انتخاب ذلك المُقدم لاحقا ليكون نائبًا في البرلمان الإسرائيلي، وعمل غازيت جاهدا لسد طريقه السياسي، ومنع تعيينه في لجنة الخارجية والأمن، المكشوفة على مواد سرية وحساسة.

كشف غازيت النقاب أيضًا عن حادثة وقعت خارج الحدود الإسرائيلية. فقد حدثت خلافات قوية في الرأي، خلال مؤتمر القمة العربي عام 1965 في المغرب، بين الرئيس المصري عبد الناصر والملك حسين. يقول غازيت إن هذه الخلافات أدت إلى تبادل المشادات الكلامية بينهما. السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف تمكن اللواء غازيت، الذي لم تتم دعوته بلا شك لحضور تلك القمة، من سماع ذلك؟

نجح جهاز الموساد الإسرائيلي بتسجيل أحداث تلك القمة دون معرفة المشاركين فيها، وفتحت تلك التسجيلات إطلالة على واقع القيادات العربية خلف الكواليس. “عززت تلك التسجيلات، من جهة، شكوك إسرائيل أن الدول العربية تنوي شن حرب ضده ويجب الاستعداد لذلك جيدًا، ومن جهة أخرى، فإن كل ذلك الكلام المتعلق بالوحدة العربية وتشكيل جبهة واحدة ضد إسرائيل هو أمر لم يحظ بإجماع حقيقي”.

اقرأوا المزيد: 300 كلمة
عرض أقل
عبد الناصر ينتظر رابين
عبد الناصر ينتظر رابين

الإسرائيليون وجمال عبد الناصر – قصة من السخرية والخوف

في حين أن مصر تذكرُ جمال عبد الناصر كبطل أشبه بإله، يتذكره الإسرائيليون كقائد حاول القضاء عليهم وفشل مرة تلو الأخرى

يثير إحياء المصريين لذكرى عيد “النصر” في 23 كانون الأول في مصر مشاعر شوق قوية لقيادة جمال عبد الناصر التي لا هوادة فيها. إنه شوق للأيام التي كانت فيها سلطة مصر في العالم العربي والإسلامي واضحة تماما، الأيام التي كان الشرق الأوسط يبدو مختلفا تماما. استغل الكثيرون في مواقع التواصل الاجتماعي هذه الفرصة كي يظهروا الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي باعتباره الخليفة الواضح لعبد الناصر إلا أن السيسي ليس عبد الناصر كما أن عام 2015 ليس عام 1956.

بالنسبة للإسرائيليين، فجمال عبد الناصر هو لحظة تاريخية بعيدة، صغيرة ولكنها مهمة. في تلك الأيام، أيام الحرب التي لا تتوقف بين مصر وإسرائيل، كانت الإشارة إلى الرئيس المصري هي مزيج من خوف حقيقي، وسخرية من الدكتاتور.

الرئيس المصري جمال عبد الناصر والملك الأردني حسين (AFP)
الرئيس المصري جمال عبد الناصر والملك الأردني حسين (AFP)

اعتبر الكثير من الإسرائيليين عبد الناصر خليفة هتلر في محاولة القضاء على الشعب اليهودي. واعتبره آخرون زعيما يُفشل أية احتمالات سلام بين إسرائيل والعالم العربي بأسره.

وقد خشي منه جميع الإسرائيليين، ولكنهم جميعا احتقروه أيضًا. لقد احتقروا الزعيم الذي حوّل هزيمته العسكرية عام 1956 إلى انتصار دعائي، واحتقروا الزعيم الذي تباهى عام 1967 وقاد العالم العربي كله إلى الهزيمة الكبرى في تاريخه.

الحرب في سيناء (AFP)
الحرب في سيناء (AFP)

وأكثر من كل شيء تشير إلى ذلك الأغنية الشعبية الإسرائيلية “ناصر ينتظر رابين”، حول الرئيس المصري ورئيس الأركان الإسرائيلي في عام 1967. تردّدت كلمات عبد الناصر: “وإذا أرادت إسرائيل أن تهدد بالحرب فنحن نقول لها‎: ‎أهلًا وسهلًا‎”، في كل بيت إسرائيلي قبل الحرب. ولكن انطلاقا من خشيتهم الكبيرة، سعى الإسرائيليون إلى إقناع أنفسهم بأنّهم يستطيعون الانتصار على مصر أيضا، وهكذا كُتبت كلمات الأغنية الإسرائيلية:

عبد الناصر ينتظر رابين،

عبد الناصر ينتظر رابين،

فلينتظر ولا يتحرّك!

عبد الناصر ينتظر رابين،

عبد الناصر ينتظر رابين،

لقد انتظر مرّتين فعلا،
وكبّدناه ضربة!

عبد الناصر ينتظر رابين،

سترون، ستأتي الأيام‎… ‎
وسيتضرع إلى السلام!

بعد أسابيع قليلة من كتابة هذه الأغنية، وصل رابين فعلا إلى مصر مع جيشه. ولكن الرئيس المصري لم يتضرع إلى السلام حتى يوم وفاته.

ومع ذلك، ففي السنوات التي سبقت موته أدرك عبد الناصر بأنّ طموحه منذ سنوات طويلة بالقضاء على دولة إسرائيل لم يتحقق. طبق بقية رؤيته خليفته أنور السادات، الذي اعترف بالفم الملآن أنّ مقابل إعادة الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 ستوافق مصر على اتفاق سلام، والاعتراف بدولة اليهود. في الشرق الأوسط يعتبر عبد الناصر اليوم رمزا للأيام التي لن تعود، رمزا لواقع مختلف تماما. ولا يمكن لأحد أن يقلل من أهمية الرموز.

اقرأوا المزيد: 346 كلمة
عرض أقل
عشرة أشياء لم تعرفوها عن ياسر عرفات (AFP)
عشرة أشياء لم تعرفوها عن ياسر عرفات (AFP)

عشرة أشياء لم تعرفوها عن ياسر عرفات

علاقته مع والده العنيف، زواجه غير السعيد من سهى والشتائم التي شتمه بها رئيس الولايات المتحدة - في حياته الطويلة كان على ياسر عرفات أن يواجه تحدّيات كثيرة وصعبة

ستحلّ في الأسبوع القادم الذكرى السنوية الحادية عشرة لوفاة زعيم الشعب الفلسطيني، الذي اعتُبر مؤسس الحركة الوطنية الفلسطينية، ياسر عرفات. في هذه الفرصة نقدم لكم قراءنا الأعزاء عشر حقائق مثيرة للاهتمام ربّما لم تعرفوها عن أبو عمار.

1. كانت علاقة الطفل محمد ياسر عبد الرحمن عبد الرؤوف عرفات معقّدة وإشكالية مع والديه. وُلد في القاهرة، وبعد وفاة والدته زهوة فقطن عندما كان في الرابعة من عمره أُرسِل مع أخيه الأصغر فتحي ليسكن عند عمّه في حارة المغاربة في القدس. وعندما كبر، عاد إلى القاهرة. قالت شقيقته الكبرى، إنعام، لكاتب سيرة عرفات إنّ والدها كان يضربه بشدّة. كانت علاقته مع والده سيّئة جدّا، إلى درجة أنّه لم يحضر جنازته عام 1952، بل ولم يزر قبره في غزة أبدا.

بخلاف ذلك، بقيت أمه زهوة لديه كذاكرة بعيدة ودافئة، وبالفعل فقد سمّى ابنته الوحيدة فيما بعد على اسمها.

2. عام 1948 كان يقيم عرفات في القاهرة، وكان حريصا على المشاركة في المعارك ضدّ إسرائيل. تجمّع هو وأصدقاؤه الفلسطينيون في نادي الشباب الفلسطيني، وقرروا أنّ كل من أراد القتال فلينضمّ لإحراق الكتب الدراسية. حرق عرفات كتبه، وانضمّ إلى الحرب. وقد شارك في المعارك على جنوب قطاع غزة.

ياسر عرفات
ياسر عرفات

3. شكلت الهزيمة عام 1967، في الواقع، نقطة انطلاق عرفات مكانة الزعيم. مرّت علاقة عرفات بجمال عبد الناصر بمدّ وجزر. في بداية حياة عرفات العامة وفي الأيام الأولى لحركة فتح، اعتبر عبد الناصر عرفات خائنا بل وعميلا لوكالة الاستخبارات الأمريكية CIA. فقط بعد الهزيمة في حرب حزيران عام 1967 غيّر عبد الناصر رأيه، وتبنّى عرفات وحركة فتح.

4. يعرف الجميع عن زواج عرفات من سهى الطويل عام 1990. ولكن قبل نحو ثلاث سنوات، في شباط عام 2013، قالت سهى في مقابلة مع الصحيفة التركية “صباح” إنّها حاولت الطلاق من عرفات مائة مرة. وأضافت: “عارضت أمي هذا الزواج ولاحقا فقط أدركت لماذا. لو كنت أعلم ما سأمر به، بالتأكيد لم أكن سأتزوج منه”. ومع ذلك، أضافت سهى: “كانت الحياة معه صعبة، ولكن الحياة دونه أصعب”.

الزوجان عرفات: القائد الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وزوجته السيدة سهى الطويل (HUSSEIN HUSSEIN / PPO / AFP)
الزوجان عرفات: القائد الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وزوجته السيدة سهى الطويل (HUSSEIN HUSSEIN / PPO / AFP)

5. كان التتويج النهائي لعرفات كبطل عربي قومي بعد معركة الكرامة في آذار عام 1968، عندما كان الجيش الإسرائيلي في ذروة مجده. ورغم أنّ المعركة انتهت بمقتل 100 فلسطيني، ومئات الجرحى، وعشرات القتلى من الجيش الأردني، و 33 قتيلا فقط من الإسرائيليين – اعتُبرت المعركة هزيمة إسرائيلية واعتبر عرفات كمن قاد شعبه نحو النصر، وقد وقف إصراره ضدّ خنوع زعماء الدول العربيّة.

6. كان يُعتبر عرفات دائما في إسرائيل كإرهابي خطير، يطمح إلى قتل الإسرائيليين بشكل جماعي. حتى الاتفاقات مع إسرائيل لم تحسّن كثيرا من صورة عرفات في أوساط عامة الناس في إسرائيل. الأمر الوحيد الذي حسّن من صورته في إسرائيل هو برنامج ساخر من الدمى، سُمّي “هاحارتسوفيم” وسخر من السياسيين في إسرائيل. تم تقديم عرفات في البرنامج كعجوز محبوب ومرتبك ولكنه ماكر، وقد تحسّنت صورته في أوساط الإسرائيليين في السنوات التي تم بثّ هذا البرنامج فيها.

https://www.youtube.com/watch?v=67My-IB9JfQ

7. في أعقاب حرب عام 1973، أدرك عرفات أنّ الحركة الوطنية الفلسطينية لن تنجح أبدا في التقدّم واكتساب الشرعية الدولية إذا استمرت في الكفاح المسلّح ولم تقم بصياغة برنامج سياسي. هذا الإدراك هو الذي قاده ليقف في تشرين الثاني عام 1974 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وليصرّح قائلا: “لقد جئتكم يا سيادة الرئيس بغصن الزيتون في يدي وببندقية الثائر في يدي، فلا تسقط الغصن الأخضر من يدي،لا تسقط الغصن الأخضر من يدي‎”‎‏.

https://www.youtube.com/watch?v=4VbiDLX1b6A

8. قيل كثيرا عن ميل عرفات للكذب أو لعرض أجزاء مشوّهة من الحقيقة. تحدث يسرائيل حسون مؤخرا، الذي كان نائب رئيس الشاباك وعضوًا في الوفد الإسرائيلي في كامب ديفيد، حول المحادثة التي جرت بين عرفات وبين الرئيس الأمريكي بيل كلينتون والتي كان حاضرا فيها.

فقال حسون: “تحدث عرفات عن طفولته في القدس، كيف كان يستيقظ صباحا، يذهب لإحضار الماء لوالدته من البئر، وبعد ذلك يذهب مشيا على الأقدام إلى المدرسة ويعود في الظهيرة. قال كلينتون إنّ ذلك رائع، وقلت أنا لكلينتون: سيدي، هناك مشكلة واحدة فقط. وهو أنّ المسافة التي قال لك إنّه اجتازها كل صباح هي 40 كيلومترًا من المشي. لو كان باستطاعة عرفات أن يمشي 40 كيلومترًا في ساعة وربع، فخذه للمارينز من اليوم”.

9. كان العقد بين عام 1982 و 1992 كما يبدو هو سنوات الانحسار الأعمق في قيادة عرفات، وذلك رغم اندلاع الانتفاضة في نهاية عام 1987. بدأ الانحسار منذ طرده من بيروت، واستمر في مجزرة صبرا وشاتيلا، والتقويض الذي لا ينتهي لقيادته لمنظمة التحرير الفلسطينية من قبل فصائل منافسة والصراع مع الرئيس السوري حافظ الأسد. في نهاية المطاف، وجد عرفات نفسه في حرب الخليج عام 1991 كمؤيد معزول لصدام حسين، وكانت مكانة منظمة التحرير الفلسطينية في الساحة الدولية منخفضة أكثر من أي وقت مضى. إن التوقيع على اتفاقيات أوسلو مع إسرائيل عام 1993 هو الذي أخرجه من الوحل فقط.

10. في السنوات التي سبقت وفاته، أصبح عرفات منفيّا من قبل المجتمع الدولي. خلافا للرئيس الأمريكي كلينتون، الذي أعطى الشرعية لعرفات واستضافه في البيت الأبيض، كره الرئيس جورج بوش عرفات واعتبره عاملا إشكاليا.

رئيس الحكومة السابق أريئيل شارون ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، عام 1998 (Flash90)
رئيس الحكومة السابق أريئيل شارون ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، عام 1998 (Flash90)

وقد تحدث دوف فايسغلاس، رئيس مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلي حينذاك أرئيل شارون، كيف تحدث بوش عن عرفات: “أدرك بوش أن عرفات هو عقبة. وقد استخدم مصطلحا مأخوذا من عالم الملاكمة الأمريكية. قال: ‘‏We are going to kick the shit out of him‏’، أي إنّه (عرفات) سيتلقّى الكثير جدّا من الضربات حتى تخرج إفرازات معينة – والتي تخرج في الوضع الطبيعي بإرادة الشخص – من جسده من تلقاء نفسها”.

اقرأوا المزيد: 818 كلمة
عرض أقل
دوار كفر مندا (Facebook)
دوار كفر مندا (Facebook)

الحركة الإسلاميّة في إسرائيل ترفض أن تُسمّي دوّارا على اسم جمال عبد الناصر

الإسلاميّون ضدّ الشيوعيّين: يشتعل في الأيام الأخيرة نقاشٌ حادّ حول رغبة عرب إسرائيل بتسمية دوّار مُعيّن على اسم زعيم الأمّة المصريّة الراحل؛ جمال عبد الناصر

وافق المجلس المحلّي في كفر مندا (قرية عربية شمالَ البلاد) على إطلاق اسم رئيس مصر سابقا، جمال عبد الناصر، على إحدى الدوّارات الجديدة في القرية. لقي القرار الذي اتُّخذ على يدّ أعضاء حزب الجبهة المحلّيّ (حزب شيوعيّ) مُعارضة قويّة من قِبل مواطني القرية وأعضاء الحركة والإسلاميّة.

يقع الدوّار، الذي يخضع لعمليّات البناء حاليّا، قربَ الشارع الرئيسيّ في القرية الواقعة في الجليل الأسفل. وفي أعقاب نشر الخبر حول إطلاق اسم الرئيس الذي يُعتبر أحدَ القادة البارزين في القرن العشرين، فقد احتدم جدال حادّ بين المُؤيّدين والمُعارضين في كفر مندا.

مظاهرة لنشطاء الحركة الإسلامية في إسرائيل ضد السيسي ودعماً لمرسي (Flash90/Dudu Greenspan)
مظاهرة لنشطاء الحركة الإسلامية في إسرائيل ضد السيسي ودعماً لمرسي (Flash90/Dudu Greenspan)

طلبَ قسم من المواطنين توقيعَ عريضةٍ لإلغاء القرار الذي صدر، إذ صرّحوا قائلين: “ظلمَ عبد الناصر الكثيرَ من مواطني مصر، وقد كان سببًا وراءَ موت رجل الدين المشهور سيّد قطب وجميعَ من نادى بنصرة الإسلام”.

وأردف المواطنون قائلين: “لا يُشرّفنا إدخال اسم عبد الناصر للبلد، وعلينا إعادة النظر في القضيّة من جديد، ويجب إيجاد اسم آخر يُمثّل التراث والخطاب الفلسطينيّين. نقترحُ تسميةَ الدوّار باسم “دوّار السلام”، لأنّ هذه التسمية تعكس توجّه البلدة وجميع مواطنيها على حدّ سواء”.

اقرأوا المزيد: 162 كلمة
عرض أقل
نصرالله، السادات وعرفات (من اليمين لى اليسار)
نصرالله، السادات وعرفات (من اليمين لى اليسار)

5 خطابات شكّلت العهد العربي الجديد

الخطابات التي غيّرت تاريخ الشعب العربي بدءًا من خطاب أنور السادات في الكنيست وصولا إلى خطاب نصر الله المتحدّي في فترة حرب لبنان الثانية

دائما ما استخدمت خطابات القادة والشخصيات السياسية لتجنيد الشعوب، لرفع معنويّاتهم بل ولتغيير التاريخ من خلال إعلان المواقف، التحرّكات وبطبيعة الحال: الحروب.

كم من القادة والسياسيين العرب كانوا معروفين في خطاباتهم التاريخية التي ألهبت الجمهور من خلال استخدام الدمج بين الخطابة الشعبية والعالية أو ببساطة أعلنوا عن أحداث مهمة. فيما يلي 5 من أشهر الخطابات في التاريخ العربي الحديث:‎ ‎

1. جمال عبد الناصر يستقيل (أو لا) بعد هزيمة مصر، سوريا والأردن في حرب الأيام الستة في حزيران عام 1967 وفقدان مناطق القدس الشرقية، الضفة الغربية، قطاع غزة، شبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان، أعلن الرئيس المصري حينذاك جمال عبد الناصر عن استقالته من منصبه في خطاب مثير للإعجاب يتذكّره تقريبا كل عربي عاش في تلك الفترة.

أكّد في ذلك الخطاب على أنّ الحركة القومية العربية التي رفع لواءها ستستمرّ بعده أيضًا. “أمل الوحدة العربية بدأ قبل جمال عبد الناصر وسوف يبقى بعد جمال عبد الناصر”، كما قال. وفي أعقاب مظاهرات مكتظّة تطالب بعودته إلى المنصب، تراجع عبد الناصر في نهاية المطاف عن استقالته.

2. خطاب السادات في الكنيست‎ ‎بعد محادثات أجراها مع إسرائيل في أعقاب حرب تشرين عام 1973 وبعد إعادة شبه جزيرة سيناء لمصر، زار الرئيس المصري أنور السادات عام 1977 إسرائيل وألقى خطابا داعمًا للسلام في الكنيست. توجّه السادات في خطابه بالكنيست إلى الإسرائيليين وقال إنه ينقل إليهم رسالة السلام من الشعب المصري. بعد مرور ثلاث سنوات، قُتل السادات، والمعروف باعتباره قد غيّر مسار العلاقات الرسمية بين إسرائيل ومصر.

3. خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في حرب لبنان الثانية.‎ ‎خلال حرب لبنان الثانية عام 2006، ألقى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله عدّة خطابات شهيرة. أعلن في إحداها بأنّ سفينة لسلاح البحرية الإسرائيلي كانت قد هاجمت بيروت تشتعل بالنيران وتغرق في نفس اللحظة. وقد دعا اللبنانيين في نفس الخطاب إلى التماسك ووعدهم بالنصر. ووعد الإسرائيليين بـ “الحرب المفتوحة” وهدّد بأنّ تنظيمه سيهاجم “ما بعد بعد حيفا”.

https://www.youtube.com/watch?v=G42xxt0cNWc

4. ياسر عرفات قبل اجتياح الجيش الإسرائيلي لبيروت عام 1982.‎ ‎خلال الحرب الأهلية اللبنانية وقبل اجتياح الجيش الإسرائيلي لبيروت عام 1982، ألقى ياسر عرفات خطابا أمام نشطاء منظمة التحرير الفلسطينية والحركة القومية اللبنانية حينذاك. وقد وعد الإسرائيليين في هذا الخطاب أنّ الدماء ستُواجه بالدماء وأنّ المقاتلين سيضحّون بأنفسهم من أجل تحقيق النصر.

https://www.youtube.com/watch?v=BUsO12njdOw

5. استقالة الرئيس المصري حسني مبارك‎ ‎في أعقاب مظاهرات 25 كانون الثاني عام 2011 والضغط الشعبي على الرئيس حينذاك حسني مبارك، أعلن (أقرب لكونه بيانا وأقل من أن يكون خطابا) الجنرال عمرو سليمان، نائب الرئيس الأسبق، عن استقالة مبارك في 11 شباط. رفض مبارك الاستقالة في أول أسبوعين من الثورة وأكّد على أنّه خدم الشعب المصري طوال فترة تولّيه منذ اغتيال أنور السادات عام 1981.

نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في موقع ميدل نيوز

اقرأوا المزيد: 420 كلمة
عرض أقل
السيسي يستقبل الشيخ تميم
السيسي يستقبل الشيخ تميم

السيسي وأمير قطر: “على هامش القمة” أم في مركزها؟

إذا حدث تغيير حقيقي في العلاقات بين مصر وقطر، فستكون تلك البشرى الأهم التي ستخرج بها القمة العربية في شرم الشيخ، وأفضل مؤشر هو بالطبع قناة الجزيرة

نشرت وسائل الإعلام العربية تقارير موسعة عن لقاء عبد الفتّاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والذي جرى على “هامش” القمة العربية التي انعقدت في شرم الشيخ على خلفية عملية “عاصفة الحزم” المستمرّة في اليمن منذ أربعة أيام.

في مصر، فالشعور هو أنّ التاريخ يعيد نفسه، وأنّ السيسي يخطو  خطى جمال عبد الناصر ويعيد مصر إلى مكانتها التاريخية كقائدة العالم العربي. يُنظر إلى الحرب في اليمن كخطوة أخرى يخطوها السيسي في طريق عبد الناصر.

ولكن هناك الكثير من الفروقات بين التدخّل المصري في اليمن في الستينيات، وبين تدخّلها الحالي. قبل كل شيء، في ذلك العهد وقفت كلّ من مصر والسعودية على جانبي الصراع في اليمن، بينما تقاتلان اليوم معًا على نفس الجانب، بقيادة السعودية. وعلاوة على ذلك، فلم يضطرّ جمال عبد الناصر إطلاقًا إلى مواجهة ما أصبح السلاح الأهم في العالم العربي اليوم، وهو قناة الجزيرة.

السيسي يستقبل الشيخ تميم
السيسي يستقبل الشيخ تميم

ولذلك، فإنّ اللقاء الودّي بين السيسي والشيخ تميم ليس مسألة هامشيّة، ويبدو أنّه الخبر الأهمّ ممّا صدر في شرم الشيخ. كانت النتيجة الأولى لتسوية العلاقات هذه بين الطرفين هي عودة السفير القطري إلى القاهرة، فيما بدا وكأنه نهاية للتوتر الذي حدث في أعقاب القصف المصري في ليبيا.

وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري للصحافيين الجمعة عندما سُئل عن العلاقات بين مصر وقطر “مصر ليست على خلاف مع أحد. ومصر دائماً تسعى للتضامن العربي وللعلاقات الجيدة” مع مختلف الدول‎.‎

ورغم هذا اللقاء الودّي، فإنّ الإعلام المصري لا يُظهر كثيرًا من التفاؤل. أوضح الإعلامي المصري يوسف الحسيني أمس في برنامجه “السادة المحترمون” على قناة “أون تي في” أنّ اللقاء بين الرجلين كان بروتوكوليا فحسب، وأكّد على خطورة موقف الأمير بدعمه للإرهاب.

https://youtu.be/snEy3aT1BMQ

 

إذا كان الأمر كذلك، فهل هي خطوة حقيقية للمصالحة بين مصر وقطر؟ إنّ أفضل مؤشّر لنتائج الاجتماع بين الزعيمين هو واحد، كما هو الحال دائما: بثّ قناة الجزيرة.

اقرأوا المزيد: 280 كلمة
عرض أقل
الست أم كلثوم (Haaretz)
الست أم كلثوم (Haaretz)

5 أمور لم تعرفوها من قَبل عن كوكب الشرق، الست أم كلثوم

كيف تحوّلت أم كلثوم - امرأة، مُطربة، ابنة عائلة فقيرة - إلى رمز العالم العربي، أيقونة ثقافية لا مثيل لها، وكيف ما زالت تؤثر حتى اليوم على الثقافة العالمية

لا شك بأن أم كلثوم هي ملكة الثقافة المصرية. وليس فقط بالنسبة للمصريين. يعتبرها الملايين حول العالم كرمز ثقافي مصري وعربي عصري، “صوت أمة كاملة”، كما أطلق عليها باحثون أمريكيون.

أطلق عليها عشاقها العديد من الألقاب مثل “كوكب الشرق”، “الست”، و”الهرم الرابع”، العديد من الأهل أسموا بناتهم تيمنًا باسمها، منهم الكاتب نجيب محفوظ وزوجته؛ كان يتم استقبالها، خلال رحلاتها في العالم العربي، في المطارات من قبل رؤساء وملوك، وكان يتم التعامل معها باحترام وكأنها قائدة بكل معنى الكلمة، وشخصيتها، التي كانت بمثابة أيقونة ثقافة، طُبغت على الطوابع الرسمية في الدولة، وعلى البلوزات، الحقائب، الأقراط والكثير من الإكسسوارات.

الست أم كلثوم (Wikipedia)
الست أم كلثوم (Wikipedia)

سمحنا لأنفسنا أن نورد لكم 5 حقائق ملفتة عن تلك المرأة، التي تخطت كل تحديات المُجتمع المصري؛ في تلك الفترة وتحوّلت إلى شخصية محترمة ومُطربة لا مثيل لها:

1. وُلدت أم كلثوم، أو باسمها الحقيقي؛ فاطمة إبراهيم البلتاجي، في قرية طماي الزهايرة؛ في دلتا النيل، في وقت ما بين عاميّ 1898 -1904 (حينها لم يكن يتم تسجيل الولادات بشكل مُنظم). كانت عائلتها فقيرة وكان والدها إمام المسجد المحلي. تم إرسالها، وهي لا تزال طفلة؛ مع أخيها خالد، إلى “الكتّاب”، لتعلم القرآن. ربما لم يتوفر ما يكفي من المال، لدى رب العائلة، لتمويل استكمال تعليم الابنين، وبعد مرور بضع سنوات، أخرج ابنته من المدرسة وترك ابنه ليتابع تعليمه؛ ولكن تلك السنوات كانت كفيلة بأن تحصل أم كلثوم على مهارات لتستثمرها طوال 25 سنة من الحياة المهنية الموسيقية: في الثقافة الموسيقية العربية معروف بأن من يريد أن يُتقن استخدام اللغة ولفظ الكلمات والغناء بأفضل صورة، عليه تعلم القرآن، وتحديدًا “تجويد القرآن”. تقول أم كلثوم في إحدى المقابلات إنها كانت تُقلد والدها وأخيها “مثل الببغاء”، دون أن تفهم معنى الكلمات التي تُقال.

الست أم كلثوم (Wikipedia)
الست أم كلثوم (Wikipedia)

2. اعتاد الوالد، كنوع من زيادة المدخول، هو وابنه وأفراد العائلة أن يقدموا عرضًا في قرى دلتا مصر وتقديم أغانٍ دينية في مناسبات عائلية وفي الأعياد. في واحدة من تلك المناسبات، حين كان يُفترض أن يقدموا عرضًا في بيت عُمدة القرية، مرض شقيق أم كلثوم، وقرر الأب أن يصطحب ابنته للعرض وهي ترتدي زي فتى.

3. لم تكن بداية أم كلثوم في القاهرة بسيطة أبدًا. ربما كانت قد أصبحت معروفة ولكن طريقة تقديمها للعروض وأغانيها لم تكن ملائمة لصناعة الترفيه. كانت القاهرة في العشرينات مدينة عالمية. كان يعرض في ملاهيها الليلة مغنيون ومغنيات وراقصات شرقيات مع مرافقة موسيقية. كانت غالبية الجمهور من الرجال، الذين كانوا معتادين على شرب الكحول والاستمتاع بتدخين الحشيش، وكثيرًا ما كانوا يتغزلون بالفنانات اللواتي يقدّمن العروض وحتى أنهم كانوا يضايقونهن. كانت أم كلثوم في البداية تعرض في تلك الملاهي وهي تلبس زي الفتيان، بينما تعتمر كوفية وعقال، ويرافقها رجال العائلة. وفي وقت لاحق أيضًا، عندما تخلت عن ارتداء زي الفتيان، ظهرت بلباس تقليدي ومتواضع، مع غطاء رأس، وقدّمت الأغاني الدينية القديمة وأغانٍ في حب النبي. لم تتجاهل الانتقادات قدراتها الصوتية وموهبتها، ولكن منتقديها كانوا يقولون إنها لم تجلب شيئًا جديدًا ولا توجد فيها روح فنية.

4. بدأ يأتي التغيير على مهل. استجابت أم كلثوم، على الرغم من موقف أفراد عائلتها، للجمهور المصري الذي كان يبحث عن التجديد وعن المشاعر الرومانسية. بدأت شيئًا فشيئًا بتغيير أسلوب أغانيها، وانتقلت من القصائد الدينية وأغاني حب النبي لأداء أغانٍ أخف، أغاني حب مكتوبة باللغة العامية العربية وليست باللغة الفصحى. كذلك حسّن دخولها، شيئًا فشيئًا، إلى مجتمع النخبة من مسارها وكذلك أدى ذلك إلى تغيير في نمط زيها. نزعت عن رأسها غطاء الرأس التقليدي، بدلت ملابسها الريفية بفساتين سهرة، على الطراز الأوروبي، وبالنهاية أقالت والدها وأخيها وبقية الرجال المرافقين لها واستأجرت مجموعة من العازفين لمرافقتها. هكذا جعلت نفسها مُطربة تناضل من أجل ضمان مكان لها في عالم الترفيه التجاري المحلي وراحت تطمح للمزيد من الشهرة.

https://www.youtube.com/watch?v=YzbfP1T0wgQ

5. ليس من العجيب أيضًا خشية جمال عبد الناصر، عند اندلاع ثورة الضباط الأحرار؛ عام 1952، وقرار الضابط الذي كان مسؤولاً عن البث الإذاعي، وجيه أباظة، عدم إذاعة أغاني أم كلثوم، بأن يثور الشعب ضد قادة الثورة. عندما علم جمال بقرار أباظة أسرع بالاتصال به وسؤاله عن سبب اتخاذه لذلك القرار. “لأنها جزء من الماضي”، أي للحقبة الملكية التي كانت قبل الثورة، قال ذلك الضابط. غضب الناصر وقال له: “إذًا، أنا أقترح أن تهدم الأهرامات وتمنع النيل من التدفق، لأنه كان أيضًا يتدفق في العهد الملكي”. طلب ناصر وأصر أيضًا على أن تعمل أم كلثوم مع عبد الوهاب، الغريمان، بأعمال مُشتركة. فشل الناصر، وفقًا لكلام نجيب محفوظ، بتوحيد الأمة العربية ولهذا أراد أن يجمعها من خلال حب عملاقي الموسيقى هذين. كانت نتيجة ذلك الأغنية المعروفة “انت عمري” عام 1964 ومن ثم جاءت 9 أغانٍ أنتجها الخصمان معًا. كانت هناك انتقادات أيضًا ضد أم كلثوم وضد ظاهرة الإعجاب بها. هناك من انتقدوها بسبب علاقتها بالنخبة، وآخرون على طباعها الخشنة، وهناك من انتقدوا امتلاء الصحافة المصرية بالحديث عن عروضها وعنها، من أغانيها ومن خزانة ملابسها. سئم الكثيرون من أبناء الجيل الشاب، في نهاية حياتها المهنية، على الرغم من تقديرهم الكبير لصوتها وقدرتها الموسيقية، من أغانيها الطويلة واشتكوا من أنها تسيطر على ساعات البث في الراديو وتمنع فنانين آخرين من نيل الشهرة. ترك موت أم كلثوم في عام 1975 صدمة للمصريين والعالم العربي. يُقدّر عدد المُشاركين بجنازتها من مليوني حتى أربعة ملايين شخص. يعتقد الكثيرون، على أي حال، أن جنازتها كانت أكبر من جنازة عبد الناصر. من غير المؤكد أن الأمر كان كذلك إلا أنه تلك هي طريقة الجماهير لتقول أن أم كلثوم حظيت بشعبية أكبر من شعبية القائد الوطني، بحيث حققت آمالهم.

اقرأوا المزيد: 833 كلمة
عرض أقل
جامعة الدول العربية (AFP)
جامعة الدول العربية (AFP)

الاتحاد المكسور: الجامعة العربية والأزمة الإقليمية

إنّ الوظيفة الرئيسية للمنظّمات الإقليمية أو الدولية هي العمل من أجل حلّ النزاعات وضمان الاستقرار والأمن، إلى جانب تطوير التعاون في المجالات الاقتصادية، الثقافية وغيرها. ولكن فاعلية تلك المنظّمات في أداء رسالتها غالبا ما تكون محدودة

المنظمة الإقليمية التي تربط الدول العربية، الجامعة العربية، هي المنظّمة الإقليمية الأقدم في الواقع اليوم، ورغم ذلك، فقد فشلت هذه المنظّمة في تهدئة العنف الذي هو تقريبا غير مسبوق والذي ينتشر في المنطقة في السنوات الأخيرة. وتطرح هذه الحقيقة السؤال التالي: كيف يمكن توصيف نشاط الجامعة على مرّ السنين، وكيف أثّر على استقرار المنطقة، التي تعيش اليوم حالة من الفوضى أكثر من أي وقت مضى؟

السيد نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية (AFP)
السيد نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية (AFP)

تأسّست الجامعة العربية، أو جامعة الدول العربية، في شهر آذار من عام 1945 حيث كان في عضويتها 6 دول فقط. كانت تلك الدول هي مصر، العراق، إمارة شرق الأردن، لبنان، المملكة العربية السعودية وسوريا. وانضمّت بعد ذلك اليمن إلى صفوفها فورا، واليوم هناك 22 دولة عضو لغتها الرسمية هي العربية (من بينها فلسطين، الممثّلة من قبل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية) و 3 دول مراقبة ليست عربية. والهدف الرئيسي الذي قامت الجامعة من أجله هو تقريب وتعزيز العلاقات بين الدول الأعضاء، لتنسيق التعاون وتطوير المصالح الاقتصادية للعالم العربي. كل ذلك من خلال ضمان استقلال وسيادة مختلف الدول الأعضاء. وبشكل شبيه للأمم المتحدة، فتحت هذه المنظمة أيضا تعمل لجان ولجان فرعية في مجالات التعليم، الثقافة، الاقتصاد ومجالات أخرى. المجال الرئيسي للمنظمة هو مؤتمر الجامعة الذي يُستخدم للتصويت، إطلاق التصريحات ومحاولات الوساطة في الصراعات، التي تندلع بشكل متكرّر منذ تأسيسها.

تأسّست جامعة الدول العربية، في شهر آذار من عام 1945 حيث كان في عضويتها 6 دول فقط. كانت تلك الدول هي مصر، العراق، إمارة شرق الأردن، لبنان، المملكة العربية السعودية وسوريا

لقد تأسست ونمت الجامعة العربية إلى جانب موجات القومية العربية القوية، مثل الحكم الناصري في مصر وأنظمة البعث، التي رأت في الأمة العربية جسدا واحدا تمّ تقسيمه من قبل قوى أجنبية. ومع ذلك، فقد واجهت هذه الرؤية معارضة من قبل عناصر قوة محافظة وجدت فيها خطرا على مصالحها بل تهديدا لوجودها. ويمكننا أن نكتشف بسهولة صراعات القوة التي أضرّت بالوحدة العربية. فقد وضع الصراع على الهيمنة وقيادة العالم العربي في سنوات الخمسينيات والستينيات كلا من مصر والعراق في مسار تصادمي. وجرى صراع آخر بين الملكيات المحافظة مثل الأردن والسعودية في مواجهة الأنظمة الثورية مثل “الضباط الأحرار” في مصر أو نظام القذافي في ليبيا. ونتيجة لذلك، عانت الجامعة العربية من خصومات داخلية وتضارب للمصالح والتي جعلتها منظّمة مصابة بالشلل إلى حدّ ما. أيضًا الخطوات العالمية، وعلى رأسها الحرب الباردة، أنشأت استقطابا في صفوف أعضاء الجامعة العربية، حيث انتمى معظمهم إلى الكتلة السوفياتية، وبدأ غيرهم يميل أكثر فأكثر إلى اتجاه حلف شمال الأطلسي والغرب. ثمّ بعد ذلك كانت حرب الولايات المتحدة ضدّ العراق، والتي فرّقت مرة أخرى أعضاء الجامعة. في الماضي غير البعيد فرّقت العالم العربي الخصوماتُ بين حلفاء إيران في المنطقة وبين الأنظمة السنية الحليفة للولايات المتحدة، حيث أضيف اليوم عامل آخر للانقسام متمثّلا بحركات الإسلام السياسي، التي تحظى بدعم قطر ولكن يُنظر إليها كتهديد وجودي من قبل الأنظمة الأخرى في المنطقة مثل السعودية، مصر والإمارات العربية المتحدة.

لجان جامعة الدول العربية المصغرة (AFP)
لجان جامعة الدول العربية المصغرة (AFP)

أوجدت كثرة النزاعات بين الدول الأعضاء صعوبة كبيرة في تحقيق توافق للآراء بشأن أية قضية على جدول الأعمال، ناهيك عن صياغة سياسة واضحة على المدى البعيد من شأنها أن تسهم في الاستقرار الإقليمي. أظهرت دراسة نُشرت في أواخر العقد الماضي أنّه من بين 36 حربا كبيرة بين الدول في المنطقة، شاركت الجامعة في 7 فقط، ومن بين 22 حالة من الحرب الأهلية، انضمّت المنظمة للعمل السياسي في 5 حالات فقط. وتفسير ذلك ليس كامنا فقط في المصالح المتضاربة وصراعات النفوذ لدى الدول الأعضاء، حيث أنّ هناك عيوبا هيكلية تلقي بظلالها على عمل الجامعة: في التصويت الذي يُعقد في مؤتمر الجامعة، فقط الدول التي تصوّت لصالح قرار ما هي الملزمة بتنفيذه. ليست لهذه القرارات أية دلالة للإلزام تجاه سائر أعضاء الجامعة، مما يضرّ جدا بقدرتها على صياغة سياسة موحّدة وفرض التسوية على الصراعات.

أظهرت دراسة نُشرت في أواخر العقد الماضي أنّه من بين 36 حربا كبيرة بين الدول في المنطقة، شاركت الجامعة في 7 فقط، ومن بين 22 حالة من الحرب الأهلية، انضمّت المنظمة للعمل السياسي في 5 حالات فقط

أنشأت هذه العوامل وغيرها ممّا يضيق المجال عن ذكره للمنظّمة في العقد الحالي سمعة الجسد الكسول والفاقد للأسنان. بل كان هناك من وصفها بـ “جامعة المستبدّين”. أخذت هذه الصورة منعطفا في عام 2011 مع اشتعال “الربيع العربي”. في مأزقها بين الولاء للدكتاتوريات القديمة وبين دعم الشباب في مطالب الحرّية، اختارت الجامعة الخيار الثاني، وعلى عكس الماضي، شاركت في العديد من التحرّكات الكبيرة. كانت إحدى تلك التحرّكات تعزيز العمل لتطبيق منطقة حظر طيران في ليبيا، من أجل تحييد التفوّق الجوّي للقذّافي الذي يقيم المذابح لمواطنيه. وكانت هناك خطوات أخرى مثل فرض العقوبات على سوريا، وإرسال لجنة تحقّق في أحداث الحرب الأهلية المحلية. وسواء في القضية الليبية أو السورية فقد أظهرت الجامعة موقفا قاطعا، بل وعلّقت عضوية تلك الدول من صفوفها في ذلك الوقت. في الواقع، لا يزال تعليق سوريا ساري المفعول.

ومع ذلك، فإنّ الرياح النشطة التي هبّت في أروقة الجامعة عام 2011 تلاشت، وذهب معها أمل تحقيق الاستقرار السريع في المنطقة. كان الوفد الذي أرسلته الجامعة إلى سوريا مثيرا للجدل واتّضح بأنّه غير فعال، وبدلا من العمل من أجل عملية توافقية تضع حدّا لحمّام الدم في البلاد، أصبحت الحرب الأهلية السورية “حرب المراسلين”، تُموّل فيها دول الجامعة العربية وغيرها وتفعّل جماعات مسلّحة داخل البلاد بشكل يخدم مصالحهم، ويصبّون بذلك الزيت على النار فحسب. وليست سوريا هي الحالة الوحيدة في العالم العربي التي لم تتوقف فيها الحرب منذ العام 2011، بل ازدادت. يمكننا أن نضيف إلى هذه القائمة كلا من ليبيا، اليمن وبالطبع العراق. لقد عادت الخطابات التقريرية الجوفاء، وتبادل الاتهامات لتملأ مكان الإجراءات الحاسمة على مسرح الجامعة.

من طرائف بعض الرؤساء العر في قممهم:

https://www.youtube.com/watch?v=dPfNrcYbxNI

هناك من يأمل بأنّه من خلال الأزمة الحالية ستأتي دعوة لتغيير هيكل الجامعة وطريقة عملها، بشكل مماثل للحالة الأفريقية. في أعقاب الاضطرابات التي تسبّبت بالمذبحة في رواندا عام 1994، مرّت “منظّمة الوحدة الأفريقية” (‏OAU‏) بمراجعة حقيقية، وفي عام 1999 خرجت في طريق جديد. تأسّس عام 2002 “الاتحاد الأفريقي”، والذي عزّز بخلاف سابقه الهدف النهائي للدولة، إدارة وحلّ الصراعات، وذلك على حساب مبدأ السيادة وعدم التدخّل المقدّس أيضا في خطاب تعيين الجامعة العربية. رغم أنّ أوضاع دول أفريقيا المختلفة بعيدة من أن تكون متكاملة، فإنّ المنظمة التي سمّيت في الماضي “نادي الطغاة” تقود الآن خطّا أكثر فاعلية بكثير، حيث تدخّلت في السنوات الأخيرة في العديد من مناطق الصراع من بينها ساحل العاج، بوروندي، دارفور، مالي وغيرها. وبخلاف الجامعة العربية، فإنّ قرارات “الاتحاد الأفريقي” ملزمة لجميع الأعضاء فيه، وهو أمر يمكّنه من صياغة سياسة موحّدة وحاسمة. بالإضافة إلى ذلك، تكثر المنظّمة من فرض عقوبات على أعضائها الذين لا يحذون حذوها، وهذا بخلاف الجامعة العربية التي فرضت بجهود كبيرة عقوبات (والتي هناك شكوك حول فاعليّتها) في بضع مرات فقط في السنوات الأخيرة.

القضية التي تحظى بتوافق الآراء هي نضال الشعب الفلسطيني نحو الاستقلال. الاقتراحات والقراءات المهتمّة بهذه القضية مثل فرض العقوبات على إسرائيل، أو بدلا من ذلك مبادرة السلام العربية؛ حظيت مرات عديدة بإجماع لدى الدول الأعضاء في الجامعة

ليس دقيقا أن نقول بأنّ دول الجامعة العربية لا تحمل آراءً توافقية إطلاقا. القضية التي تحظى في غالب الأحيان بتوافق الآراء هي نضال الشعب الفلسطيني نحو الاستقلال. إنّ الاقتراحات والقراءات المهتمّة بهذه القضية مثل فرض العقوبات على إسرائيل، أو بدلا من ذلك مبادرة السلام العربية؛ حظيت مرات عديدة بإجماع لدى الدول الأعضاء في الجامعة. ولكن في الوضع الراهن بالإضافة إلى مرات عديدة في الماضي، فإنّ القضية الفلسطينية قد “ابتُلعت” من قبل قضايا أكثر إلحاحا، مثل الكفاح من أجل القضاء على “الدولة الإسلامية” في أراضي الشام.

تتجسّد جميع الظواهر المذكورة هنا بشكل جيّد في قمّة الجامعة العربية الأخيرة التي عُقدت في شهر آذار في الكويت. لقد رفضت الدول المشاركة فكرة الاعتراف بدولة إسرائيل، ولكنها فشلت في الاتفاق على القضايا الأخرى. لقد استُخدم مسرح الجامعة بشكل أساسي لتبادل الاتهامات. جدل شديد في موضوعات متنوعة مثل القتال في سوريا، “الإخوان المسلمون”، إيران وقطاع غزة، كل ذلك أنشأ جمودًا أدّى بقادة دول مهمّة في المنطقة مثل السعودية والإمارات إلى عدم حضور القمة الأخيرة. الحدث الذي مضى عليه يومين، لمن يتساءل، تم تتويجه كما هو معتاد بنجاح من قبل الدبلوماسيين. يبدو أنّ الأمين العام للجامعة العربية اليوم نبيل العربي والأعضاء الرئيسيين فيها يحتاجون إلى الكثير من العمل والقرارات الصعبة من أجل تغيير وجه المنظّمة وتحويلها في عامها السبعين إلى جسم حيوي ذي تأثير إيجابي في هذه المنطقة النازفة.

نشر هذا المقال لأول مرة على موقع مجلة الشرق الأدنى

اقرأوا المزيد: 1289 كلمة
عرض أقل