جرحى سوريون

الجرحى السوريون في مستشفس إسرائيلي (صورة توضيحية: Noam Moskowitz)
الجرحى السوريون في مستشفس إسرائيلي (صورة توضيحية: Noam Moskowitz)

بفضل علاج السوريين.. إسرائيل رائدة عالميا في علاج إصابات الحرب

يصل إلى مستشفى الجليل الغربي الصغير في نهاريا شمال إسرائيل شهريا عشرات الجرحى السوريين. تنشأ علاقة بين الطاقم الطبي وبين المرضى، يتعلم أفراد الطاقم العربية، يمنحون علاجا مُنقذا للحياة للجرحى، ويكسبون خبرة في علاج الإصابات الصعبة والنادرة

مستشفى “الجليل”الغربي في نهاريا هو من بين المستشفيات الصغيرة في إسرائيل. ولكن رغم أنه يتضمن نحو ‏700‏ سرير للمكوث في المستشفى فقط، فقد عُولج في السنوات الأربع الماضية في المستشفى نحو ‏1,600‏ جريح سوري – ‏70%‏ من الجرحى السوريين الذين دخلوا إلى إسرائيل، هذا وفق النشر في صحيفة “ذا ماركر” في مقال خاص حول علاج الجرحى السوريين في المستشفى.

وفق التقرير الإخباريّ، يصل الجرحى غالبا بعد ساعات قليلة من الإصابة أو حتى بعد يوم، ويجتازون علاجات وعمليات جراحية مُعقّدة، ومن ثم يعودون إلى سوريا. يمكث الجريح السوري ما معدله 23 يوما في إسرائيل، ولكن يظل جزء منهم أشهر أو حتى سنة ونصف وأكثر.

“كان الجرحى السوريون يشعرون بالخوف عندما كانوا يعرفون أنهم في إسرائيل”، قال مدير المستشفى، دكتور مسعد برهوم، “فهم يحتاجون إلى يوم أو يومين حتى يطمأنوا ويفهموا أنه لن يلحق بهم ضررا. أما اليوم فهم يطلبون نقلهم إلى إسرائيل”.

يقول أحد الذين أجريت معهم مقابلة “سألوني إلى أين أفضّل أن يتم نقلي، هل إلى مستشفى في إسرائيل أم في الأردن….لقد سمعت كثيرا عن المعاملة الجيدة والعلاج في المستشفيات الإسرائيلية ورغم ذلك هناك قصص صعبة حول ما يحدث في الأردن. فيتم في المستشفيات الأردنية بتر الأعضاء لأي سبب كان. فيكفي وجود شظية واحدة في اليد فيتم بترها”. لذلك اختار ذلك الشاب إخلاءه إلى إسرائيل.

‎”‎عندما يصل الجرحى السوريون إلى المستشفى فلا يكونون أعداء” يقول مدير المستشفى، د. برهوم. “نشعر بالحزن من القصص. لم يقدم موظف واحد في المستشفى المساعدة للجرحى دون أن تذرف عيناه الدموع. عندما يصل الجرحى إلى المستشفى، تصبع مأساة الملايين قصة شخصية حقيقية لشخص فقد عائلته.

مستشفى "الجليل"الغربي في نهاريا (Dr. Avishai Teicher)
مستشفى “الجليل”الغربي في نهاريا (Dr. Avishai Teicher)

يشعر الطاقم بالحاجة إلى القيام بواجبه من خلال الكثير من التعاطف في ظل المأساة. فهو يحضّر للجرحى الأكل من المنزل. يحضّر العمّال العرب أكلات عربية للجرحى السوريين لأنه من الصعب عليهم أن يعتادوا على الأكل الإسرائيلي. يصل إلى المستشفى الكثير من التبرعات مثل الأكل، الألعاب والملابس، ويأخذ بعض الجرحى جزءا منها عندما يعودون إلى سوريا بعد مرحلة التعافي. بهدف أن يشعر الجرحى بارتياح أكثر، يُحضر لهم أفراد الطاقم تسجيلات لمسلسل “باب الحارة”. “تأتي كل خطوة بعد تفكير عميق وبسبب القلق، وتنشأ علاقات مثيرة للاهتمام بين الطاقم في المستشفى والجرحى”، تقول إحدى الطبيبات.

تعلم جزء كبير من الأطبّاء والطاقم الطبي العربية في السنوات الماضية من أجل التواصل مع الجرحى وعلاجهم والتعامل معهم. “اللغة هي أهم عامل في بناء الثقة”، تقول الطبيبة. يصل الكثير من الجرحى وهم فاقدون وعيهم، ويستيقيظون في مكان غريب، ويشعرون بآلام صعبة، ويشاهدون أشخاصا غرباء يتحدثون لغة لا يفهمونها. ولكن عندما يتحدث معهم أفراد الطاقم بالعربية، يندهشون ولكن عندها يشعرون بشعور أفضل.

قصص الأطفال هي القصص الصعبة. يصل الكثير منهم من دون والديهم، ويكون جزء منهم أيتاما، ويبكون كثيرا. يهتم المستشفى بهؤلاء الأطفال ويقدم لهم علاجا أخلاقيا، وتعالج متطوعات جمعية “حيبوك ريشون” (العناق الأول) الأطفال، وهناك الكثير من الأمهات السوريات اللواتي يمكث أطفالهن في المستشفى، فيتحملن مسؤولية الاهتمام بالأطفال الآخرين الذين في المستشفى دون والديهم.

إحدى أصعب الحالات التي يتذكرها الطاقم الطبيّ هي لشاب عمره 33 عاما وصل إلى المستشفى وكانت إصابته بالغة نتيجة دخول رصاصة في عنقه اخترقت العمود الفقري. أُجريَت له عملية جراحية دامت وقتا طويلا، وعمل خبراء كبار ساعات طويلة لإنقاذ حياته. عندما استيقظ المصاب دون أن يعاني من ضرر دماغي بشكل مفاجئ، لم يستطع التكلم، ولكن طلب من الممرضة قلما وورقة. في البداية سأل أين هو، فأجابته الممرضة أنه في إسرائيل. بعد ذلك سألها لماذا أنقذتم حياتي؟ فدُهِش الطاقم مجيبا أنه رأى من واجبه إنقاذ حياته. ولكنه قال: “كان من الأفضل ألا تنقذوا حياتي، فالشيء الأخير الذي رأيته قبل إصابتي هو إطلاق النار على طفلَي اللذين عمرهما 3 و 5 سنوات. دُهش أفراد الطاقم وانفجر الكثيرون منهم باكين. كيف يمكن أن تستمر الحياة بعد سماع خبر كهذا؟ حتى أن هناك من تردد وتساءل هل كان إنقاذ حياته عملا صحيحا. ولكن في نهاية المطاف تعافى كليا وعاد إلى سوريا.

ولكن رغم المأساة والصعوبة، يستفيد المستشفى من علاج الجرحى. “ليس هناك مستشفى مدني آخر في العالم يقدم علاجا لعدد كبير كهذا من جرحى الحرب. تصل إلينا أسبوعيا منذ أربع سنوات حالات وإصابات حرجة، كان على الطواقم المختلفة تقديم علاج طارئ لها. لا تثمن التجربة التي كسبناها بالمال”. قال مدير المستشفى لصيحفة “ذا مارك”. “سيجني مصابون آخرون فائدة من الخبرة التي حققناها.. سيستفيد مصابون الحرب القادمة مع لبنان التي أعتقد أنها ستحدث”، أضاف.

حتى أن المستشفى استدعى خبيرا بمجال الأسلحة ليتعلم الطاقم عن إصابات الجرحى. مثلا، إصابات من رصاصات من مسدسات رشاشة يستخدمها القناصون، هي إصابة لا يعرفها العالم الغربي تقريبًا، وتُحدث ضررا هائلا لأنسجة الجسم. “اليوم بسبب موجهة الإرهاب التي تجتاح أوروبا التي تضمن إطلاق رصاص من مسدس رشاش مثل حالات إطلاق النيران في لندن وفرنسا يصل خبراء أوروبيون ليتعلموا من تجربة مستشفى الجليل الغربي الصغير في نهاريا”، قال دكتور برهوم.

اقرأوا المزيد: 735 كلمة
عرض أقل
سيارة الإسعاف المهجوم عليها (Basel Awidat/Flash90)
سيارة الإسعاف المهجوم عليها (Basel Awidat/Flash90)

صفقة ادعاء قضائية ضد مهاجمي الجرحى السوريين في الجولان

قبل نحو سنة، شُوهد مواطنَين من سكان مجدل شمس، قرية درزية، وهما يشاركان في الهجوم على سيارة الإسعاف التي نقلت جرحى سوريين من الحدود إلى إسرائيل. صدر اليوم قرار حكم ضدهما يقضي بارتكابهما جريمة القتل

اتُهم مواطنان من قرية مجدل شمس في السنة الماضية بارتكاب جريمة القتل بحق مواطن سوري عندما تم إخلاؤه لتلقي العلاج الطبي في إسرائيل خلال ارتكاب جريمة القتل المتعمد الموثقة في الكاميرات. لقد توفي المواطن السوري، منذر خليل، أثناء الهجوم الفظيع، ومواطن آخر كانت إصابته بالغة.

واليوم (الأحد)، بعد مرور نحو عام على لائحة الاتهام، تم التوصل إلى اتفاق مع المنفذَين، يقضي أنهما لن يُتهما بارتكاب جريمة القتل بل بتهم أخرى. في إطار الصفقة، سيُتهم أمل أبو صالح ابن 22 عاما بارتكاب جريمة القتل، وستتهم بشيرة محمود ابنة 49 عاما بالهجوم هجوما عنيفا.

وافق أبناء كلا المواطنين المتهمين بارتكاب جريمة القتل المتعمد على صفقة الادعاء التي تم التوصل إليها. وقد استندت محاكمتهما على فيلم الفيديو الذي يظهرا فيه وهما يهاجمان سيارة الإسعاف فقط: ونظرا لعدم وجود أدلة أخرى في القضية، كانت هناك صعوبة في وجود دلائل تثبت تهمتهما من دون إبرام صفقة ادعاء.

يطالب الادّعاء بإصدار حكم ضد أبو صالح، الذي اعترف بما اقترفه، يقضي بعقوبة السجن حتى سبع سنوات. وبينما يطالب الادعاء بسجن بشيرة محمود لمدة 18 حتى 24 شهرا بسبب الحادثة التي وقعت في شهر حزيران 2015.

اقرأوا المزيد: 175 كلمة
عرض أقل
طاقم طبي إسرائيلي يقدم العلاج لمصاب سوري (IDF)
طاقم طبي إسرائيلي يقدم العلاج لمصاب سوري (IDF)

صحيفة بريطانية توثق عملية نقل جرحى سوريين إلى إسرائيل

أجرت صحيفة "ميل أونلاين" تقريرا خاصا يلقي الضوء على العمليات الإنسانية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي على الحدود السورية لإنقاذ جرحى سوريين، باحثة في الدوافع الإسرائيلية لهذه العمليات المعقدة والخطيرة

09 ديسمبر 2015 | 09:48

نشرت صحيفة “ميل أونلاين” البريطانية تقريرا موسعا عن المجهود العسكري الذي تبذله إسرائيل بهدف تقديم المساعدة الطبية لجرحى سوريين على الحدود مع سوريا، التي تعاني من حرب أهلية منذ عام 2011. وتمكنت الصحيفة من مرافقة العمليات الميدانية التي تقوم بها إسرائيل بهذا الصدد عبر مراسل لها، باحثة في الجوانب الأخلاقية والاستراتيجية المتعلقة بهذه العمليات، والدوافع الإسرائيلية، تحت عنوان “ينقذون عدوهم اللدود”.

وقال مراسل الصحيفة، جيك واليس سيمونس، والذي انضم إلى قوة خاصة نقلت جريحا من الجانب السوري إلى إسرائيل، إن تقديم العلاج للجرحى يتم بسرية تامة خشية من إثارة الغضب لدى المعارضين لهذه السياسة التي ينتهجها الجيش الإسرائيلي، وعلى رأسهم دروز هضبة الجولان وشمال إسرائيل، الذين هاجموا في وقت سابق سيارة اسعاف نقلت جرحى سوريين بادعاء أنها تنقل مقاتلين من جبهة النصرة التي تقاتل أبناء الطائفة الدرزية في سوريا.

وأشار المراسل إلى أن الجرحى الذين ينقلون إلى إسرائيل هم مسلحون إسلاميون، دون ذكر الجهة التي ينتمون إليها، وذلك حسب طلب الجيش، قائلا إن التنسيق بين الطرفين، أي كيف يعرف الجيش الإسرائيلي بوصول الجريح إلى الحدود ومن ثم يعيده وتكون هنالك سيارة في انتظاره، غير واضح.

طاقم طبي إسرائيلي يقدم العلاج لمصاب سوري (IDF)
طاقم طبي إسرائيلي يقدم العلاج لمصاب سوري (IDF)

ويورد المراسل في التقرير أن المجهود الإسرائيلي، حسب الرواية الإسرائيلية، ينطوي في خانة المساعدات الإنسانية التي تقدمها إسرائيل في العالم وليس فقط لسوريا. ووفق ما قال أحد الضباط الإسرائيليين، من الذين تحدثوا مع المراسل، فإن إسرائيل تهدف إلى بناء علاقة طيبة مع السوريين عبر تقدم العلاج الطبي لمن يصل إلى حدودها.

وقال ضابط آخر إن المساعدات الإنسانية تهدف أيضا إلى ضمان الهدوء في الجبهة الشمالية، لأن هذه الخدمات تؤثر في حسابات التنظيمات المسلحة التي تسيطر على المناطق المحاذية للحدود الإسرائيلية – السورية، والتي لا تريد أن تخسر هذه الخدمات الطبية جرّاء الاعتداء على إسرائيل.

لكن التقرير يورد آراء خبراء يقترحون أن إسرائيل لا تقدم مساعدات “مجانية”، خاصة أن المساعدات تذهب معظمها إلى جرحى ينتمون إلى المعارضة السورية. ويقترح بعضهم أن إسرائيل تستفيد استخباراتيا من هؤلاء، وكذلك هي تقوي الجهة التي تحارب منظمة حزب الله اللبنانية التي تقف إلى جانب الرئيس بشار الأسد، وتكن لإسرائيل عداء شديدا. ويقترح خبير آخر أن إسرائيل تقوم بهذا المجهود الإنساني من أجل تحسين صورتها عالميا، أنها دولة أخلاقية.

وجاء في التقرير أن إسرائيل أنقذت في السنوات الثلاث الأخيرة أكثر من 2000 سوري، معظمهم من رجال المقاتلين.

طاقم طبي إسرائيلي يقدم العلاج لمصاب سوري (IDF)
طاقم طبي إسرائيلي يقدم العلاج لمصاب سوري (IDF)
اقرأوا المزيد: 347 كلمة
عرض أقل
مسرح حادثة الاعتداء على سيارة إسعاف تابعة للجيش الإسرائيلي نقلت جرحى سوريين إلى إسرائيل (Basel Awidat/Flash90)
مسرح حادثة الاعتداء على سيارة إسعاف تابعة للجيش الإسرائيلي نقلت جرحى سوريين إلى إسرائيل (Basel Awidat/Flash90)

اتهام امرأة وشاب من مجدل شمس بقتل جريح سوري في هضبة الجولان

تواصل الشرطة الإسرائيلية تحقيقاتها في حادثة الاعتداء على سيارة إسعاف تابعة للجيش الإسرائيلي، نقلت جرحى سوريين لتقلي العلاج في إسرائيل قبل شهرين، في منطقة مجدل شمس

10 أغسطس 2015 | 13:26

قدّمت النيابة العامة في إسرائيل، اليوم الاثنين، للمحكمة المركزية في مدينة الناصرة، لائحة اتهام ضد بشيرة محمود، عمرها 48 عاما وعندها 4 أولاد، وضد أمل ابو صالح ابن 21 عاما، من مجدل شمس في هضبة الجولان، بتهمة قتل جريح سوري نقل إلى إسرائيل قبل شهرين. ووفق لائحة الاتهام شوهد المتهمان وهما يضربان الجريح دون رحمة مما أسفر عن موته في وقت لاحق.

وتواصل الشرطة الإسرائيلية التحقيقات مع أشخاص يشتبه بأنهم متورطون في الحادثة بعدما اعتقلت زهاء 30 مواطنا من القرى الدرزية في الجولان والجليل الأعلى، وأطلقت سراحهم.

وجاء في لائحة الاتهام أن الجريحين السوريين وصلا إلى إسرائيل وهما في حالة صحية جيدة، وجروحهما طفيفة، لكن بعد دخول سيارة الإسعاف إلى منطقة مجدل شمس، هاجم جمهور غاضب من المواطنين الدروز السيارة بواسطة عصي وسلاسل حديدة وحجارة. وأشارت النيابة العامة إلى أنها تملك أدلة ضد المتهمين ابو صالح ومحمود، وأن الأول قام بضرب المصاب بواسطة عصا، وبينما قامت الثانية برشقه بالحجارة.

وأضافت النيابة أنها جمعت شهادات كثيرة من جنود حضروا في مكان الحادثة، حيث قاموا بتصويرها. وتجري الشرطة الإسرائيلية في الحاضر تحقيقات إضافية مع مواطنين شاركوا في الاعتداء على قوات الجيش بهدف التوصية بتقديم لائحة اتهام بالاعتداء على الجنود الإسرائيليين وإلحاق الضرر بممتلكات الجيش الإسرائيلي.

وعلّقت المحامية باسم النيابة العامة قائلة إن لائحة الاتهام تشتمل على مواد خطيرة، مؤكدة أن مثل هذه الجريمة يجب ألا تحدث في دولة ديموقراطية.

اقرأوا المزيد: 213 كلمة
عرض أقل
حرجى سوريون يتلقون العلاج في مستشفى زيف في مدينة صفد في إسرائيل (AFP)
حرجى سوريون يتلقون العلاج في مستشفى زيف في مدينة صفد في إسرائيل (AFP)

المرضى الإسرائيليون: علاج الجرحى السوريين يتم على حسابنا

يتواصل تدفق الجرحى السوريين إلى إسرائيل حيث تستوعب المستشفيات في الشمال مزيدا من الجرحى، مما يؤدي إلى زيادة الضغط زيادة ملحوظة وتحديدًا في الحالات التي يعاني فيها الجرحى من إصابات حادة

05 ديسمبر 2014 | 11:42

لا تبدو نهاية الحرب في سوريا في الأفق، وكذلك موجة اللاجئين والجرحى الذين يغادرون مناطق الدولة المتصدعة. ويشعرون في إسرائيل أن علاج أكثر من 1400 جريح، أصبح غير محمول. على سبيل المثال، في مستشفى زيف في صفد، يذكر المرضى وأبناء عائلاتهم وكذلك أعضاء الكادر الطبي حالات تأجيل عمليات جراحية، ونقص في الأسِرّة للمكوث وحالات إنسانية صعبة.

بدأت تُمنح المساعَدة للجرحى السوريين بصفتها عملا إنسانيًّا جاء بموجب قرار الحكومة الإسرائيلية، وفي شهر شباط 2013، وللمرة الأولى، وصل إلى مستشفى “ريفكا زيف” في صفد سبعة جرحى سوريين أصيبوا في المعارك في الحرب الأهلية عبر الحدود. ما بدأ حينها، قبل نحو سنة ونصف، كتقديم مساعدة أصبح اليوم مشهدا مألوفًا.

تمت معالجة أكثر من 1400 جريح سوريّ، مقاتلين، رجال، نساء وأولاد في مستشفيات في الشمال، ووصل إلى مستشفى “زيف” 425 جريحًا. يعتقد المرضى وأبناء عائلاتهم وأفراد الطاقم الطبي أن العلاج يتم أحيانًا على حساب متلقي العلاج الإسرائيليين.

يتحدثون في قسم العظام في المستشفى عن الوضع في القسم: “جروح الجرحى السوريين صعبة جدّا، وهناك صعوبة كبيرة في معالجة الجرحى لأنه ليس هناك أي شخص بجانبهم ليقدم لهم المساعدة مثل المرضى الإسرائيليين، ولذلك يقع العبء علينا. هناك حاجة لإطعامهم ومساعدتهم في كل شيء والذي من المفترض أن “يقوم” به أحد أفراد العائلة، تقول واحدة من أفراد الطاقم.

يذكرون في المستشفيات أنه عندما يحتاج جريح بحالة صعبة إلى سلسلة من العمليات الجراحية لإنقاذ الحياة بشكل فوري، فيؤدي ذلك إلى إلغاء أجراء عمليات للمرضى الإسرائيليين، وثم الانتظار حتى موعد جديد.

يرافق كل هذه الأمور عدم قدرة الطاقم الطبي على مواجهة معاناة الألم الصعبة والحزن لمتلقي علاج سواء كان شاب مقاتل في صفوف المتمردين أو ولد صغير أو امرأة ثكلت عائلتها.

اقرأوا المزيد: 257 كلمة
عرض أقل
نتنياهو يزور الجرحى السوريين (GPO)
نتنياهو يزور الجرحى السوريين (GPO)

ماذا تهدف إسرائيل من وراء علاج الجرحى السوريين؟

مصدر أمني اسرائيلي: كيف يمكن لنا أن نصطاد الجرحى لتحقيق المكاسب السياسية، ماذا يمكن لطفل بعمر الثالثة افادتنا؟

بين ضفتي الحدود السورية الاسرائيلية، يمتد سياج العداوة بين الدولتين على طول “هدنة ضمنية”، سادها الهدوء الحذر والمتقطع، منذ اندلاع الثورة السورية ودخول بلاد الشام آتون حرب ما لبثت أن تحولت إلى ” أقسى الأزمات الإنسانية”.

بين سندان المعارضة، التي ما لبثت ان تحولت الى “معارضات” يتأرجح سلوكها بين الاعتدال والتطرف، ومطرقة النظام، الذي استخدم أعلى درجات العنف والتزلف… يئن الشعب السوري تحت وطأة القتل والدمار والتشريد، نتيجة حرب عبثية أحرقت وطنه وأشبعت ترابه دماً، وحولته الى أبشع ينابيع المجازر في التاريخ الإنساني الحديث.

علاقة العداوة السياسية بين القدس ودمشق، لم تحل دون تقديم المساعدة الإنسانية من قبل جيش الدفاع، الذي انشأ مستشفى ميدانياً، شرّع أبوابه، ووضع كافة إمكانياته أمام ضحايا الحرب السورية، لتتحوّل المشافي في مدينتي صفد ونهاريا املاً في الحياة بالنسبة الى مئات المصابين السوريين الذين أبدوا امتنانهم العميق لتصرف الدولة الاسرائيلية.

الحفاظ على حياة هؤلاء، بعد شفائهم، وضمان امنهم وعودتهم إلى ديارهم السورية، أبعدهم عن الوسائل الإعلامية، وأحاط هويتهم بالسرية.

أطباء إسرائيل لبوا الواجب الإنساني لا سيما أن العدد الاكبر من الجرحى الذي تخطى عددهم السبعمائة، هم من الأطفال الذين أصيبوا بانفجارات استهدفت بلداتهم.

هؤلاء الجرحى وصلوا الدولة وهم في حالة غيبوبة ليتفاجؤوا بوجودهم في إسرائيل، أغلبيتهم اعترفوا أن ما سمعوه ويسمعوه عن هذه الدولة جاء معاكساً تماماً للواقع الذي عاشوه أثناء تلقيهم العلاج.

ولا شك في أن زيارة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ومصافحاته لهم، كانت من المشاهد التي شدت أنظار العالم ليس لما حملته من أهمية وحسب وإنما لما تضمنته من رسائل تخطت أبعاد السياسة، ما يحمل البعض على طرح السؤال التالي: ماذا تهدف إسرائيل من وراء علاج الجرحى السوريين؟

كثرت التكهنات والتحليلات السياسية التي اعتبرت أن الأمر يدخل ضمن إطار دعم المعارضة السورية، ليأتي البعض بتحليل آخر مفاده أن إسرائيل تهدف إلى تحسين صورتها أمام العالم، ليطالعنا البعض الآخر الى اعتبار هذه المحاولات تأتي في إطار تسجيل “مكاسب سياسية تبدأ من خلال الحصول على معلومات كبيرة من هؤلاء الجرحى، تلعب دوراً في تحقيق أهدافها السياسية، بحسب البعض، رغم أن الصورة التي تبقى في الواجهة هي انسانية”.

تبقى التحاليل فقاعات لا يمكن الاعتماد على فحواها، لا سيما إذا كان الهدف انقاذ الأطفال والنسوة الابرياء، ليؤكد لنا مصدر أمني اسرائيلي أن “بين المعارضة والنظام نقف محايدين، لكننا لا يمكننا أن نقف متفرجين على دماء إنسان تسيل امام اعيننا وبالقرب من حدودنا، واجبنا الإنساني يدفعنا غلى تضميد جرح من ينزف، دون التفكير بهويته وعرقه وانتمائه، لا سيما إذا كانوا من النسوة والأطفال. السياسيون يبقوا في السياسة والنداء الإنساني لا بد من تلبيته، كيف يمكن لنا أن نصطاد الجرحى لتحقيق المكاسب السياسية، ماذا يمكن لطفل بعمر الثالثة افادتنا”.

في المحصلة، فإن ما يقوم به الإسرائيليون من معالجة للجرحى السوريين، له بُعداً إنسانياً، مهما حملت سطوره، غير المرئية، من دوافع سياسية، لتغدو الرسالة مصاغة بحقيقة واحدة مفادها؛ أن حدود (الاشقاء) أقفلت في وجه السوريين لتشرع (العدوة) أبوابها وتعطي املاً في الحياة للضحايا المصابين.

اقرأوا المزيد: 444 كلمة
عرض أقل