تهونيا روبل هي الفائزة في الموسم الخامس من برنامج الواقع”الأخ الأكبر” (Big Brother) – هكذا تحدّد في نهائي البرنامج الذي عُرض مساء أمس الثلاثاء على القناة الثانية “كيشت”. وفازت روبل، وهي عارضة أزياء تبلغ من العمر 25 عامًا من بيت شيمش، في ضواحي القدس، بجائزة تبلغ مليون شاقل (نحو 278 ألف دولار).

وعُرض هذا الموسم من البرنامج، بخلاف المواسم السابقة، خلال الصيف، فصل تكون فيه نسبة المشاهدة قليلة نسبيًّا. ربما لهذا السبب كانت نسبة المشاهدة قليلة بالنسبة للمواسم السابقة، ولكن أعلى بكثير من برامج تلفزيونية أخرى بُثّت في الشهور الأخيرة في إسرائيل.

وكما هو معلوم، فإنّ برنامج “الأخ الأكبر” هو برنامج تلفزيوني عالمي ناجح. والفكرة وراء البرنامج هي وضع عدد من المشتركين الآتين من خلفيات اجتماعية متنوّعة في بيت لفترة طويلة، ومراقبة سلوكهم وأنماطهم الاجتماعية تحت الضغط والصراعات الداخلية سعيًا لنيل استحسان الجمهور. وظيفة المشاهدين أسبوعيًّا هي تصنيف المتنافسين، ليبقى المشترك الأقرب إلى قلوبهم أخيرًا في البيت، المراقَب بآلات التصوير، ويفوز بمبلغ ماليّ ضخم في نهاية فترة مكوث طويلة دون التعرض للعالم الخارجي.

وتعود فكرة برنامج الواقع “الأخ الأكبر” إلى مصطلح في رواية بعنوان “1984” للأديب البريطاني جورج أورويل.‎ ‎في الكتاب، “1984”, الأخ الأكبر هو وصف للزعيم الشمولي الذي تُقدّم له العبادة ويعلو على أيّ نقد. يصف أورويل في كتابه الأخ الأكبر بصفته زعيمًا لحزب “إنغسوك” (Ingsoc – كلمة منحوتة من الكلمتَين “الاشتراكية الإنجليزية”)، الذي يحكم أوقيانيا، دولة خيالية تجري فيها أحداث الرواية. بدأ صعود الأخ الأكبر في ستينات القرن العشرين، حين جرى إعدام قادة الثورة الأصليين في الحزب في إطار التصفيات الكبرى. وبعد عقد من ذلك، أصبح الأخ الأكبر القائد الأوحد للحزب. لكنّ أورويل يُلمح في الكتاب إلى أنّ الأخ الأكبر هو شخصية خيالية اختلقها الحزب، لتكون موضعًا للتماثل مع الحزب، إذ إنّ من الأسهل الشعور بالقرابة من إنسان أكثر من مجرّد هيئة أو فكرة أيديولوجية. وتأكيدًا على ذلك، يمكن الاستشهاد بتحوّل الأخ الأكبر إلى شخصية أسطوريّة، سيرته الذاتية غير واضحة، زمان ولادته غير معلوم، والاعتقاد الشائع أنه لن يموت. ليس في أوقيانيا أحدٌ يعرف اسمه الحقيقي، أو رآه وجهًا لوجه.

غرفة التحكم لبرنامج الأخ الأكبر (AFP)
غرفة التحكم لبرنامج الأخ الأكبر (AFP)

وكثيرًا ما يُستخدم التعبير “الأخ الأكبر” للحديث عن ممارسات تمسّ بالخصوصية، سواءٌ في ما يخصّ المؤسسات الحكومية أو الشركات التجارية.
وكما ذُكر آنفًا، بلغ برنامج الواقع الأكثر مشاهدةً في إسرائيل ذروته في الحلقة النهائية التي قيّم فيها المشاهدون المشتركين الخمسة الأواخر، ليُعلن في نهاية البرنامج عن حلول روبل، عارضة الأزياء الإثيوبية، في المركز الأول هذا الموسم.

ومن لحظة دخولها البيت، كانت روبل محط اهتمام المشاهدين وزملائها النزلاء على حدٍّ سواء. فكثيرًا ما عاملها المشتركون بعنصرية بسبب لون بشرتها، كما كانت شريكة في كثير من النزاعات الكبرى في البرنامج. وبرزت روبل كنزيلة لا تتردد في خوض النزاعات والتعبير عن رأيها، ما أثار غضب مشاهدين كثيرين من جهة، ولكنه أدى بكثيرين آخرين إلى تقديرها ودعمها طيلة الطريق حتى الفوز في النهائي، من جهة أخرى.

تهونيا روبل، قصة سندريلا (Flash90/Yonatan Sindel)
تهونيا روبل، قصة سندريلا (Flash90/Yonatan Sindel)

ولم يوفّر منتقدو البرنامج وتلفزيون الواقع عامّةً خلال الشهور الأربعة الأخيرة نقدًا حول الإدمان على برامج الواقع، التي تؤدي حسب رأيهم إلى تعرية الشخص وأسوأ عيوبه أمام جماهير كبيرة، الانشغال بالتفاهات والخلافات التي لا معنى له، وحسّ التلصّص المتّقد لدى الإسرائيلي العادي. كذلك كتبوا هذا الصباح أنّ فوز روبل يُنتج قصة سندريلا جديدة، للحديث عنها في الأشهر القادمة.

وفي نقد لمجلة التسلية التابعة لصحيفة هآرتس، كُتب: “إذا كانت طريق التقدّم على درجات السلّم الاجتماعي تمرّ اليوم في تلفزيون الواقع، فإنّها (روبل) تستحق كل الاحترام على نجاحها في العملية التي توقف شعر الرأس. في الماضي، كان يجري بلوغ ذلك عبر موهبة ما، لكنّ هذا أصبح ماضيًا بالفعل … استنزف بيت “الأخ الأكبر” كل أنواع “المضطهَدين” تقريبًا (عربية، شرقي، شخصية لا يهتمّ بها أحد، مثلي جنسي، وما شابه). بقي الإثيوبيون القطاع الوحيد الذي لم يجتز طقوس التدشين الإسرائيلية. والآن، اجتازوها مع فوز روبل. وإن كان هذا يدلّ على تقدّم المجتمع الإسرائيلي، فهذه قضية وجهة نظر. ربما يحاول برنامج “الأخ الأكبر” تمثيل المجتمع الإسرائيلي، وهو بالتأكيد يبذل جهودًا دؤوبة لفعل ذلك، لكنه لا يمثّل الآن شيئًا سوى نفسه”.

اقرأوا المزيد: 611 كلمة
عرض أقل