في الأيام الأخيرة، أدرك مبعوثو الاستخبارات المصرية الذين يجرون مباحثات كثيرة من أجل التهدئة بين إسرائيل وحماس أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار الجهاد الإسلامي.
جاء هذا الاستنتاج بعد أن كاد ينتهي الأسبوع الماضي بحرب بسبب الصواريخ التي أطلقها الجناح العسكري التابع للجهاد الإسلامي على مدن إسرائيلية قريبة من قطاع غزة. علم المصريون أنه في الوقت الذي يستثمرون فيه قصارى جهودهم في حماس، ربما لن تنجح هذه الحركة وحدها في السيطرة على الحركات الأخرى، لهذا يجب مشاركة تلك الحركات. ولكن المشكلة أن هذه المشاركة قد لا تكون مجدية.
تعقتد جهات إسرائيلية أن اختيار زياد النخالة لشغل منصب الأمين العام للجهاد الإسلامي هو خطوة هامة جدا. ففي النقاشات التي دارت في الحركة قبل التوصل إلى قرار، كان النخالة مرشحا من قبل الحرس الثوري الإيراني، الذي وعد باختياره. يعيش النخالة منذ سنوات في المثلث الذي يرتكز على بيروت – دمشق – طهران، وهو يعتبر الأكثر قربا من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله. بدأت العلاقة بين إيران وحركة الجهاد الإسلامي التي تمولها منذ إقامتها قبل اختيار النخالة طبعا، وقبل أن يكون رمضان شلح الأمين العام للحركة، ولكن من الواضح أنه طرأت تغييرات في الأشهر الماضية. يجدر الانتباه إلى الاهتمام والتغطية الإعلامية اللذين يحظى بهما الجهاد الإسلامي وزعماؤه مؤخرا. يطمح النخالة إلى جعل الجهاد الإسلامي لاعبا مركزيا، ومستقلا في الحلبة الفلسطينية، وإبراز خصائصه مقارنة بحماس.
يعود أحد أسباب ذلك إلى المنافسة على الموارد. ففي ظل العقوبات الجديدة المفروضة على إيران، والوضع الاقتصادي المتدهور، أصبح على التنظيمات الفلسطينية التي تحظى بدعم “فيلق القدس” الإيراني أن تتنافس على الموارد. تدور منافسة كهذه بين الجناح العسكري التابع لحماس وبين الجناح العسكري التابع للجهاد الإسلامي، إذ إن الجهاد الإسلامي حازم على إبراز التزامه بالمقاومة وعدم التعاون مع إسرائيل بشأن أية تسوية.
تجدر الإشارة أيضا إلى أن النخالة لا يعيش في غزة لهذا يعرف أقل الصعوبات الخطيرة التي يواجهها الغزيون. مثلا، تشكل زيادة توفير الكهرباء من 4 إلى 8 ساعات، الذي تم بفضل نقل الوقود القطري، تحسنا هاما للمواطنين الغزيين، ولكن يشعر بهذا التحسن أقل من يعيش في دمشق.
أدركت حماس والاستخبارات المصرية أن عليها ضمان دعم الجهاد الإسلامي، في أية عملية تهدئة مع إسرائيل، لهذا في الأيام الماضية بزيادة الضغط على زعماء الحركة في القطاع. يعود جزء من أسباب تلك الضغوط إلى الشؤون المالية كما ذُكر سابقا. تشير التقديرات إلى أن ملايين الدولارات القطرية ستصل إلى خزينة حماس. ويرغب زعماء الجهاد الإسلامي بالتمتع بجزء من هذه الأمول، بصفتهم شركاء في بذل الجهود للحصول عليها.
رغم ما ورد أعلاه، ربما تكون الجهود المصرية غير مجدية، فالجهاد الإسلامي يعمل وفق المصلحة الإيرانية، وهو معني الآن باستمرار التصعيد بين إسرائيل وغزة، ما يُلزم إسرائيل بالتركيز على المنطقة الجنوبية، بدلا من الاهتمام بزيادة القوة العسكرية الإيرانية في سوريا.