أدانت المحكمة المركزية في تل أبيب اليوم جوئيل راتسون، قائد “طائفة النساء” الذي احتجز 21 امرأة، بارتكابه عدة جرائم جنسية. تمت إدانته، من بين إدانات أُخرى، بالاغتصاب وارتكاب جريمة سفاح القربى بحق ستة من زوجاته. إلا أنه تمت تبرئة راتسون من تهمة احتجاز النساء في ظروف أشبه بالاستعباد.
وكانت واحدة من زوجات راتسون فد انفجرت صارخة، بعد تبرئة راتسون من تهمة استعباد زوجاته وهي التي عاشت معه طوال 12 عامًا، بالقضاة وقالت: “يبدو أنه في دولة إسرائيل من يتاجرون بأجسام الناس وأرواحهم يمكنهم أن يستمروا بفعل ذلك. لا يوجد قانون ولا يوجد قضاة. لقد كنت مستعبدة كليًا. لو لم تقم دولة إسرائيل بتحريري لبقيت محتجزة للأبد”، هذا ما قالته المرأة وهي تصرخ.
وأضافت قائلة: “عشت 12 عامًا في ظروف استعباد دون المقدرة على الخروج. لم يقم جوئيل بسجني بل قام بما هو أخطر. جوئيل راتسون قتل النساء والأطفال. لقد قام بحرمانهم”.
بينما عبّر أحد أبناء جوئيل، واسمه يغئال وهو الابن الذي وقف إلى جانب أبيه طوال المحاكمة، عن سعادته بقرار الحكم. قال يغئال: “الأمر الآن أخف وطأة علي إذ أعرف الآن أنه تم إلغاء تهمة استعباد النساء عنه. أتمنى أن تكتفي المحكمة بالأيام التي قضاها في السجن وألا تُصدر بحقه أية أحكام إضافية”.
هكذا تم الفصل في قضية جوئيل راتسون، قائد الفرقة من مركز البلاد، الذي امتلك إحدى وعشرين زوجة. في مصادر أخرى، اثنتين وثلاثين زوجة، وما يقارب المئة ولد، حيث كانوا يقطنون في عدة منازل. وقد استمر عمله في تل أبيب على مدار ثلاثين عامًا قام خلالها بجمع عدد من النساء التائهات صغيرات السن اللواتي فقدن مستقبلهن. فقام بإبعادهن عن عائلاتهن واستعبدهن لنفسه. حيث ولدن له ما لا يقل عن أربعين طفلا.
في البداية كان هذا الأمر مجرد إشاعة . يتداوله بعض الجيران وبعض السكان جنوبي تل أبيب، حيث علموا عن مجموعة من النساء اللاتي يسكنّ معًا، وينجبن كلّهن من رجل واحد يسيطر ويفرض سلطته عليهن. لكن قبل ما يقارب العشر سنة، كشف راتسون عن فرقة النساء الخاصة به، حتى علمت بها كل إسرائيل. وحسبَ قوله فإن نسوته يسكنّ في أربعة منازل مختلفة.
“أنا إنسان كامل“
كان كأنه ساحر، طبيب إلهي، إنسان روحاني، قائد وعشيق في نفس الوقت. كان هو الحل لجميع المشكلات بالنسبة للفتيات. هو المسيح المنتظر الذي يتكلم عنه الناس، قد جاء لكن لم يُذاع أمره بعد. في اليوم الذي يقرر فيه أن يكشف عن نفسه، ستُزلزل الأرض،هذا ما قالته إحدى زوجاته خلال المقابلة.
“عندما تكونين معه، تشعرين بعدم وجود رجل آخر في العالم غيره”
الاسم “جوئيل” يعني في العبرية: المخلّص، الإنسان الذي يُخلص ويحرر الناس. وقد أُطلق على كل واحد من أولاده اسمًا شبيهًا باسمه: جوآليا، سيدنا جوئيل، جوآلي، مجد جوئيل وغيرها من الأسماء. وقد وَسَم جوئيل نساءه بوسم فظيع، حيث أجبرهن على رسم وشم صورة لوجهه على أذرعهن.
“أنا إنسان كامل، لديّ كل المواصفات التي تريدها المرأة”، قال راتسون خلال مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي قبل عدة سنوات. وقد كان على النساء اللاتي اخترن العيش معه أن يُطعنه في غير واحد من القوانين التي سنّها: مثل عليهن أن يلبسن في البيت لباسًا متواضعًا، يمتنعن عن التدخين و شرب الكحول و أكل اللحوم.
حرّم راتسون على نسائه التحدث مع رجال غرباء، وحتى النظر إليهم
“أنا لا آكل اللحوم، لذلك هنّ أيضًا يتوجب عليهن عدم أكلها”، قال راتسون، وأضاف: “عليّ أن أكون لهنّ قدوة حسنة”. كذلك فقد حرّم راتسون على نسائه التحدث مع رجال غرباء، وحتى النظر إليهم. بل بلغ الحدّ إلى أن منع بعضهن من محادثة آبائهن وإخوانهن. “عندما تكونين معه، تشعرين بعدم وجود رجل آخر في العالم غيره”، كما قالت إحدى نسائه.
وقد وَسَم جوئيل نساءه بوسم فظيع، حيث أجبرهن على رسم وشم صورة لوجهه على أذرعهن
في المساء عندما يزور راتسون جميع نسائه وأولاده، كانت النساء ينتظرن بلهفة مَن ستكون سعيدة الحظ التي سيختار راتسون قضاء ليلته معها. ففي نظرهن كان قضاء ليلة معه كأنه قضاء ليلة مع ابن الإله.
الكتاب المقدس
كانت الأوامر كأنها نظام قوانين للمجتمع، وكان على النساء أن يردّدن القوانين عن ظهر قلب في كل يوم
الوثيقة الفظيعة التي اعتبرنها النساء كأنها كتابًا مقدّسًا كانت “كتاب العائلة” لراتسون، وهذه الوثيقة حوت عشرات الأوامر التي عليهن أن يمتثلنها. وحدّدت الطريقة التي يجب أن تتعامل النساء بها مع بعض من جهة، ومع راتسون من جهة أخرى. كانت الأوامر كأنها نظام قوانين للمجتمع، وكان على النساء أن يردّدن القوانين عن ظهر قلب في كل يوم.
من ضمن القوانين والأوامر، كان التالي:
- ممنوع منعًا باتًا أن تكون هناك محادثات فارغة لا أهمية لها بين النساء، التحدث للضرورة فقط ويكون الحديث ذا أهمية معتبرة. وحتى لو كان الموضوع مهمًا فعليهن ألا يُطلن الحديث لغير الحاجة. من تقترف هذه المخالفة تُقاضى بدفع مبلغ 400 شيكل.
- ممنوع أن تجلس المرأة في البيت دون عمل مع وجود الكثير من الأمور التي تنتظرها للعمل، كغسل الأطباق، التنظيف، مراقبة الأولاد، الترتيب المنزلي، وغيرها من الأعمال. والتي تتكاسل عن القيام بهذه الأعمال ستُغَرّم بمبلغ 200 شيكل.
- ممنوع تحت أي ظرف من الظروف أن تتضاحك النساء وتتلاعب فيما بينهن. والغرامة على هذه المخالفة 300 شيكل.
- يُمنع القيل والقال في البيت وعلى الهاتف وفي الرسائل.
- من تعاني من اكتئاب أو مشكلات نفسية أو جنون لن تُعفى من واجباتها البيتية، فليس من حقها إهمال البيت، ولا إهمال أولادها. ومن تتنصل من مسؤوليتها فتنتظرها غرامة بقيمة 500 شيكل.
قائد أم مجرم؟
أقرت المحكمة اليوم بأنه ربما كان جوئيل راتسون قد ارتكب جرائم جنسية بحق زوجاته ولكنه لم يحولهن إلى عبيدات لديه. من المتوقع أن يصدر الحكم بحق راتسون في وقت لاحق ووفق التقديرات، بعد الإدانة، من الممكن أن يُحكم عليه بالسجن لسنوات طويلة. يتعيّن على زوجات راتسون، اللواتي لم يحصلن على قرار المحكمة الذي كن يتوقعنه، الآن أن يتابعن بترميم حياتهن.
لكن بقى السؤال: ألم تعش النساء مع راتسون بكامل اختيارهن دون أن يجبرهن أحد؟ ألم يصدّقن بالفعل أنه مسيحهن المخلص؟ يدّعون في النيابة الإسرائيلية أنّ السيطرة على النساء تُعدّ مصادرة لحرياتهن، وإن لم تكن هذه السيطرة حسّية أو بواسطة حبس جسدي. فحتى لو وافق إنسان أن يكون عبدًا لإنسان آخر، لا يعطي ذلك شرعية لأي إنسان أن يستعبد الآخرين. القضاة هم بالنهاية من سيحدد إن كانت الأمور هي كما يظهر أم لا.
وصلت هذه القصة العجيبة إلى نهايتها قبل أربع سنوات. قامت شرطة إسرائيل بتوقيف راتسون بتهمة استعباد زوجاته وقيامه بعدد من المخالفات الجنسية مع نسائه وأولاده. بعد توقيفه تم إخلاء المنازل الأربعة التي سكنت بها النساء مع الأولاد وتم نقلهم إلى مؤسسات للنساء اللاتي يتعرضن للعنف، حيث يحاول خبراء النفس مساعدة النساء والأولاد لتحسين حياتهم بعد ما مرّوا بتفكيك منازلهم.
المصدر الأقرب إلى الحدث الإسرائيليّ
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني