عالم يهودي يدرس في كتاب التلمود البابلي (Flash90/Hadas Parush)
عالم يهودي يدرس في كتاب التلمود البابلي (Flash90/Hadas Parush)

تعامل التلمود والشريعة اليهودية مع الأغيار

ما هو التلمود، وكيف يتطرق إلى الأغيار؟ هل يعتقد الفقهاء اليهود أن اليهود أسمى من الشعوب الأخرى أم أن كل البشر متساوون؟

التلمود البابلي، هو بروتوكولات نقاشات الحاخامات الذين عملوا في المراكز التعليمية اليهودية في أرض إسرائيل وبابل بين القرنين الثالث والخامس للميلاد. النقاشات حول أسئلة فقهية، عملية، فلسفية، وأخلاقية، مطبوعة اليوم في نحو 20 مجلدا (2.711 صفحة). يشكل التلمود المكتوب بالآرامية والعبرية أساس الشريعة اليهودية، وأهم النصوص التي تدرّس في المؤسسات التعليمية اليهودية (حلقات دينية).

كما هو الحال في كل نص ديني تاريخي، يتضمن التلمود أقوالا متناقضة حول “الآخر”. هناك مصادر يمكن العثور فيها على تعامل إيجابي مع الشعوب الأخرى، وأخرى فيها تعامل سلبي أكثر. بالطبع، فإن السياق التاريخي والتجربة الشخصية للحاخام تؤثر في نظرته إلى الآخر، إلى غير اليهود.

كما هو الحال في كل نص ديني تاريخي، يتضمن التلمود أقوالا متناقضة حول “الآخر”. هناك مصادر يمكن العثور فيها على تعامل إيجابي مع الشعوب الأخرى، وأخرى فيها تعامل سلبي أكثر

تجادل حكيما البلاد في إسرائيل، الحاخام عكيفا وبن عزاي حول تفسير الآية في التوراة “تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ” (سفر اللاويين، الإصحاح 19، الآية 18). وفق بن عزاي، فإن الكلمة “صديق” تعني كل شخص، ولكن يعتقد الحاخام عكيفا أن وصية محبة الآخر، تنطبق على اليهود فقط.

يمكن فهم موقف الحاخام عكيفا السلبي على خلفية العلاقات الصعبة بين اليهود والإمبراطورية الرومانية في عصره. قتل الرومان الحاخام عكيفا في نهاية حياته بسبب إيمانه اليهودي.

تحدث تلميذ الحاخام عكيفا الحاخام شمعون بار يوحاي بشكل متطرف أكثر تجاه الأغيار. فوفق أقواله، لا تنقل قبور الأغيار النجاسة لأنهم لا يعتبرون من بني البشر بالمعنى الكامل، ويمكن قتلهم أثناء الحرب. ادعى حكماء في التلمود أن الأغيار ينجذبون أكثر للغريزة الجنسية، وحشيون أكثر من اليهود، ومتواضعون أقل. حتى أنه ذُكر في التلمود أنه يحظر إنقاذ غير اليهود إذا كانوا يحتضرون يوم السبت.

بالمُقابل، هناك موقف آخر مختلف تماما في التلمود للأغيار، موقف أكثر إيجابية. في قسم سنهدرين (جزء في المشناه يتحدث عن المحكمة اليهودية)، كُتب أن الإنسان الأول خُلِق وحيدا لئلا يدعي كل شعب أن سلَفه أفضل. هذه أقوال معادية للعنصرية بشكل واضح. أقوال الحاخام مئير الإسرائيلي، مقتبسة في التلمود للتوضيح أن غير اليهود الذين تعلموا التوراة هم مساوون للكاهن الكبير في الهيكل، وهكذا يلغي تماما فكرة أن اليهود أسمى من غيرهم من الأمم عرقيا.

طالب يهودي يدرس التلمود في حلقة دينية في نيو يورك (AFP)
طالب يهودي يدرس التلمود في حلقة دينية في نيو يورك (AFP)

في قسم سنهدرين تُحكى أسطورة تتحدث عن أن المصريين غرقوا في البحر بعد خروج بني إسرائيل من مصر، فطلب الملائكة الغناء. فصرخ بهم الله سائلا: “يغرق البشر من صنع يدي وأنتم تغنون؟”. تحدد المشناه في ذلك القِسم أن “كل من يخسر إنسانا، كأنه خسر العالم بأكمله، وكل من ينقذ شخصا وكأنه أنقذ العالم بأكمله”.

يحظر على اليهود قتل كل البشر حظرا تاما. جاء حظر القتل قبل أن حصل بنو إسرائيل على التوراة، ولذلك ليس في وسع التوراة أن تسمح بإلغاء حظر كان قائما. وفق رأي الحاخام إليعزر في التلمود البابلي في قسم الفصح (Pesachim) فإن سبب تهجير الله لكل اليهود في أنحاء العالم هو إقناع الوثنيين بعبادة إله واحد.

تحدث الحاخام موسى بن ميمون (‏1135-1204‏) من كبار الفقهاء في القرون الوسطى، في كتابه الفقهي عن ثلاث مجموعات من الأغيار: أغيار وثنيين، “مواطن ساكن” (أغيار يعيشون في المجتمع اليهودي)، وأغيار عاديين.

اليهودية ليست ديانة تبشيرية ولا تشجع مؤمنين من ديانات أخرى على اعتناق اليهودية، ولكنها تبارك كل المؤمنين الذين يؤمنون باليهودية ويتعلمون أهم مبادئها طيلة فترة طويلة، ويلتزمون أن يبقوا يهودا كل حياتهم

ليس هناك واجب في الشريعة لإنقاذ الوثنيين، ولكن يحظر أيضا قتلهم طالما أنهم لا يقاتلون شعب إسرائيل. “مواطن ساكن” هو شخص تحمل مسؤولية تأدية 7 وصايا أخلاقية أساسية، تسمّى في الشريعة اليهودية “شرائع نوح السبع” وتمنع: السرقة، التجديف على الله، الانحلال الجنسي، الوثنية، أكل لحم حيوان حي، وتفرض إقامة نظام عدل.

وفق الحاخامين الكبيرين في أرض إسرائيل في القرن العشرين، الحاخام أبراهام يتسحاق هكوهين كوك (‏1865-1935‏)، والحاخام ﻳﺘﺴﺤﺎق أﻳﺰﻳﻚ ﻫﻠﻴﻔﻲ ﻫﺮﺗﺴوغ (‏1888-1959‏)، يُعتبر العرب الذين يعيشون في البلاد “مواطنين سكانا” لأنهم يطبقون الوصايا الأساسية إيمانا بإله واحد. خلافا للوثنية، يسمح لـ “مواطن ساكن” العيش في أرض إسرائيل وعلى اليهود أن يكونوا عادلين معه مثلما يتعاملون مع اليهود الآخرين.

وفق الرمبام (موسى بن ميمون)، على اليهود التعامل باحترام مع الأغيار الذين لا يعتبرون “مواطنين سكّانا”: زيارة مرضاهم، إعالة الفقراء من غير اليهود، ودفن موتاهم مع الأموات اليهود. السبب لذلك هو أهمية خلق علاقات سلمية بين كل الشعوب.

اليهودية ليست ديانة تبشيرية ولا تشجع مؤمنين من ديانات أخرى على اعتناق اليهودية، ولكنها تبارك كل المؤمنين الذين يؤمنون باليهودية ويتعلمون أهم مبادئها طيلة فترة طويلة، ويلتزمون أن يبقوا يهودا كل حياتهم.

للإجمال، كما يمكن العثور في القرآن، والإسلام عامة، على تعامل إيجابي وسلبي لليهود والمسيحيين، كذلك الحال في اليهودية إذ يمكن أن تُسمع آراء مختلفة تجاه الأغيار. بشكل عامّ، يمكن القول إن اليهودية لا تتعامل تعاملا متساويا بين اليهود والأغيار، كما هو الحال بين الإسلام وغيرهم. رغم ذلك، توصي الديانة اليهودية المؤمنين اليهود باحترام كل البشر، استنادا إلى الآية في سفر الأمثال في التوراة: “طرقها طرق نعم، وكل مسالكها سلام”. السلام هو قيمة عليا تملي العلاقة المرجوّة بين البشر.

اقرأوا المزيد: 748 كلمة
عرض أقل
وفد رؤساء الأديان في إسرائيل في معسكر أوشفيتس (تصوير وزارة الخارجية الإسرائيلية)
وفد رؤساء الأديان في إسرائيل في معسكر أوشفيتس (تصوير وزارة الخارجية الإسرائيلية)

تكبيرات في معسكر الإبادة أوشفيتس

للمرة الأولى، وفد إسرائيلي مؤلف من جميع رؤساء الأديان في إسرائيل يزور معسكر أوشفيتس: "سنبذل قصارى جهدنا لنمنع حدوث فظائع الهولوكوست ثانية"

أقام وفد من أعضاء مجلس رؤساء الأديان في إسرائيل، في معسكر الإبادة أوشفيتس (أمس، الأربعاء)، صلاة مشتركة احتراما لأرواح الضحايا الذين قُتلوا على أيدي النازيين.

ووضع ممثلون من جميع الأديان أكاليلًا في المكان. قام حاخام إسرائيلي، بمشاركة ممثلي القيادات الكاثوليكية البولندية، بذكر كلمات الصلاة “إله مليء بالرحمة” على روح الأموات وقام إمامٌ “بالتكبير” أيضا.

وفد رؤساء الأديان في إسرائيل في معسكر أوشفيتس (تصوير وزارة الخارجية الإسرائيلية)
وفد رؤساء الأديان في إسرائيل في معسكر أوشفيتس (تصوير وزارة الخارجية الإسرائيلية)

وقال الشيخ موفّق طريف رئيس الطائفة الدرزية متسائلا: “أين كان العالم عندما حدثت فظائع الهولوكوست؟ هل من الممكن حدوث هذه الفظاعة من دون أن يعرف بها أحد ويلاحظها؟ علينا كقادة أديان، أن نرفع أصواتنا ضد جميع أنواع القتل خلافا للصمت الذي جرى أثناء الهولوكوست”.

وقد خرج هذا الوفد بمبادرة مشتركة بين وزارتَي الداخلية والخارجية الإسرائيليتَين تشجيعا للتسامح بين أبناء الديانات المختلفة. شارك في الوفد كبار حاخامات اليهود وأعضاء القيادة الإسلامية في إسرائيل، مشايخ عقل طائفة الدرزية، رؤساء الكنائس المسيحية في الأراضي المقدسة، رؤساء الطائفة البهائية، ورئيس الطائفة الأحمدية.

وفد رؤساء الأديان في إسرائيل في معسكر أوشفيتس (تصوير وزارة الخارجية الإسرائيلية)
وفد رؤساء الأديان في إسرائيل في معسكر أوشفيتس (تصوير وزارة الخارجية الإسرائيلية)

وفي رسالة مشتركة للأعضاء المشاركين في الوفد، طالبوا السعي من أجل السلام والأخوّة بين البشر جميعًا: “كقادة طوائف الأديان الرسمية في إسرائيل، قررنا معًا أن نقوم بزيارة تاريخية إلى بولندا، ولا سيما إلى معسكر أوشفيتس- بيركناو من أجل التوحّد أمام إحياء ذكرى ملايين ضحايا يهود الهولوكوست والتعبير عن إرادتنا وإرادة الطوائف التي نرأسها في إسرائيل لبذل كل ما في وسعنا منعا لحدوث فظائع الهولوكوست ثانية. ندعو جميع قادة العالم للعمل في بلادهم ومن خلال الأمم المتحدة للقضاء بشكل صريح ومباشر على ظاهرة معاداة السامية وكراهية الغرباء والتي لمزيد الأسف ترفع رأسها القبيح والوحشي”.

تأسس مجلس رؤساء الأديان في إسرائيل عام 2007 بمبادرة مشتركة بين وزارتَي الخارجية والداخلية وأعضاؤه هم رؤساء جميع الطوائف الدينية في إسرائيل، ومن ضمنهم كبار الحاخامات، رؤساء الطوائف المسيحية، المسلمة، الأحمدية، الدرزية، البهائية، والسامرية، والقرائية.

اقرأوا المزيد: 265 كلمة
عرض أقل
الشيخ محمد شريف (Noam Moskowitz)
الشيخ محمد شريف (Noam Moskowitz)

“لا إكراه في الدين”

إسلام السلام والأخوة. الإسلام لا يؤمن بالسيف ويعارض الإكراه الديني. أنتم مدعوّون لتتعرّفوا على وجه آخر للإسلام والذي يُمثّل، من بين أمور أخرى، من قبل الطائفة الأحمدية. مقابلة مع رئيس الطائفة الأحمدية في إسرائيل، الشيخ محمد شريف

في أحد لقاءاتي الكثيرة مع أشخاص ونشطاء اجتماعيين في إسرائيل، التقيت مؤخرا بشيخ استثنائي يعمل في إسرائيل بلا كلل لتعزيز رسالة المحبة والسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وبين مواطني إسرائيل اليهود والعرب.

في كل مقابلة يقدّمها لوسائل الإعلام تقريبا يكرّر الآية القرآنية، كشعار: “لا إكراه في الدين” (سورة البقرة، الآية 256). في زيارة التعزية الأخيرة التي أجراها في القدس، بعد المذبحة الفظيعة في الكنيس في هار نوف (والتي قُتل خلالها 4 مصلّين يهود) بدا متفائلا أكثر من أيّ وقت مضى، بأنّ السلام سيسود وبأنّ يد المحبّة أقوى من يد أولئك الذين يسعون إلى تقويضها.

الطائفة الأحمدية ليست حركة باطنية في الإسلام، وإنما يبلغ تعداد أفرادها عشرات الملايين من المؤمنين والذين يعيشون في ‏170‏ دولة

كان الحوار بين الشعوب في السنوات العشر الأخيرة عنيفا. فقد الكثير من الناس الأمل في الأخوة بين الطوائف وبين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبطريقة أو بأخرى يبدو هذا الشيخ كما لو كان يقاتل وحيدا، مع ابتسامة عريضة امتدّت على وجهه، يقاتل من أجل محاربة التفسير المتطرف للقرآن وأحاديث النبي، يقاتل من أجل بناء الحوار بين الأديان ولا يتوقف للحظة.

خرجت للقائه في حيفا، في أعلى الجبل في حيّ الكبابير. كان هدف اللقاء مع الشيخ محمد شريف، رئيس الطائفة الأحمدية في إسرائيل، هو محاولة فهم ما يحرّكه، هل حقّا مفاهيم المحبّة والسلام موجودة في الإسلام، وما هو الخطأ الذي حدث، وكيف تعيش الطائفة الأحمدية في إسرائيل.

ما الخطأ الذي حدث في الإسلام؟

سماحة الخليفة الخامس، ميرزا مسرور أحمد (AFP)
سماحة الخليفة الخامس، ميرزا مسرور أحمد (AFP)

“أزعم أنّ الإسلام بدأ يُفسّر كدين عنيف مع تحوّله إلى عبادة أصنام. ألقي اللوم على العديد من المفسّرين المسلمين في العالم الإسلامي، والذين حوّلوا الحجر للعبادة، وقدّسوا النصوص والطقوس والأماكن الدينية أكثر من حياة الإنسان”، هكذا بدأ الشيخ شريف المحادثة بيننا. لم أفهم ماذا قصد وطلبت منه شرح كلامه. “هل تعلم على سبيل المثال أنّ كلمة سيف لا تظهر ولو مرة واحدة في القرآن؟ هل تعرف الآية “ولا تعتدوا إنّ الله لا يحبّ المعتدين”. أعارض تماما الكثير من المفسّرين الإسلاميين الذين يدفعون الشباب إلى التطرّف وتشويه المفاهيم الدينية، مفاهيم وأساسيات الإسلام، التي تحوّلت إلى مفاهيم الخوف، الإرهاب والرعب. لم يأتِ مؤسس المعتقد الأحمدي (ميرزا غلام أحمد) بدين جديد إلى العالم، فقد كان مسلما. لقد سعى إلى التأكيد على خصائص الأخوة والسلام الموجودة في القرآن والإسلام. لا يمكن تجاهل آيات قرآنية مثل “لا إكراه في الدين”. لا ينبغي أن يكون هناك إكراه ديني كما تقول الآية: “وقل الحق من ربّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”.

نحن الأحمديون والمسلمون عموما نؤمن بطريق السلام والمحبّة بين الشعوب. هناك اتّجاه مقزّز بين الفقهاء المسلمين الذين فقدوا الطريق واستخدموا الإسلام لأغراض سياسية إجرامية من أجل تعزيز أجندة معيّنة والتي لا تتّفق مع ما أعرفه وأحبّه في الإسلام”.

من هم الأحمديون؟

مسجد الطائفة الأحمدية  في قرية الكبابير في مدينة حيفا إسرائيل (Noam Moskowitz)
مسجد الطائفة الأحمدية في قرية الكبابير في مدينة حيفا إسرائيل (Noam Moskowitz)

الطائفة الأحمدية ليست حركة باطنية في الإسلام، وإنما يبلغ تعداد أفرادها عشرات الملايين من المؤمنين والذين يعيشون في ‏170‏ دولة، معظمهم في جنوب شرق آسيا وغرب أفريقيا. يقع المركز العالمي للطائفة في لندن.

“لم يدخل النبي محمد (صلعم) أبواب مكة بواسطة سيفه ولم يقطع رأس معارضيه الذين أهدروا دمه وقتلوا أبناء عائلته والعديد من صحابته خلال سنوات طويلة”

الطائفة الأحمدية هي حركة إصلاحية عالمية جديدة. تأسست عام ‏1889‏ في مدينة قاديان في الهند. ادعى مؤسّسها، ميرزا غلام أحمد، أنّه النبي المصحّح والموعود والذي انتظر دعاة الأديان المختلفة ظهوره تحت أسماء وألقاب عديدة‏‎.‎‏ يعتقد الأحمديون بأنّهم يمثّلون الوجه الحقيقي للإسلام، الإسلام كطريقة حياة عالمية، المتسامح، والذي يدعو إلى محبّة الناس واحترام الآخر ويرى دعاة هذا الدين أنفسهم مسلمين بكل معنى الكلمة وبأنّ الإسلام هو دين عالمي ويهدف إلى خدمة الإنسانية‎.‎

في هذا الشأن يجب أن نقول إنّ المسلمين من التيار التقليدي يتعاملون مع الأحمديين باعتبارهم “غير مسلمين”، وذلك بشكل أساسيّ بسبب إيمانهم بأنّ النبي محمد ليس آخر الأنبياء في سلسلة الأنبياء الطويلة. يؤمن المسلمون الأحمديون بأن ميرزا غلام أحمد هو الإمام المهدي والمسيح الموعود، بينما يرفض ذلك عامة المسلمين مصرحين بأن ميرزا غلام أحمد لم يكن مصداقا لنبوءات الإمام المهدي وأن لقب المسيح أعطي لعيسى وليس لأحد غيره، لذلك يعتبرونه مدعيا كاذبا للنبوة‏‎‏‏‎.‎‏ فضلا عن ذلك، فقد اجتمع عام ‏1970‏ نحو ‏140‏ من كبار علماء الدين المسلمين وقرّروا بأنّ “القاديانية أو الأحمدية: حركة تخريبية ضد الإسلام والعالم الإسلامي، والتي تدعي زورا وخداعا أنها طائفة إسلامية، والتي تختفي بستار الإسلام ومن أجل مصالح دنيوية تسعى وتخطط لتدمير أسس الإسلام‏‎ ‎‏”.

داعش، السلفية والجهاد

شيخ الطائفة الأحمدية في إسرائيل، السيد محمد شريف (Noam Moskowitz)
شيخ الطائفة الأحمدية في إسرائيل، السيد محمد شريف (Noam Moskowitz)

أنت تعلم أن العالم ينظر اليوم إلى الإسلام ويخاف ويكره ما يمثّله. ما رأيك بذلك؟

لم تردع كلماتي الشيخ وابتسم مجدّدا بابتسامته وبدأ يشرح لي تعاليمه وما جاء في القرآن. “خذ داعش كمثال، أولئك الذين يدمّرون الكنُس والكنائس باسم الإسلام. أولئك الذين يقتلون المسيحيين واليزيديين الذين لا يدخلون الإسلام. هل برأيك هم يعملون وفقا لهذه الآية التي قرأتها لك؟ “لا إكراه في الدين”. سأعطيك مثالا آخر. يكتب العديد من المفسّرين اليوم بأنّه في الدول الإسلامية “لا يجوز بناء الكنُس أو الكنائس أو الحفاظ عليها”. هل تعتقد أنّ هؤلاء الفقهاء يعملون وفقا للقرآن؟ هذا ما يقوله القرآن في هذا الموضوع: “الذين أُخرجوا من ديارهم إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهُدّمت صوامع وبيع ومساجد يُذكر فيها اسم الله كثيرًا”. أنت تدرك أنه يوجد هنا استخدام للأقوال المقدّسة لصالح الصراعات السياسية الظلامية”.

تفسير فريضة الصلاة في كتب أطفال الصف السادس في المدارس الإسرائيلية (Noam Moskowitz)
تفسير فريضة الصلاة في كتب أطفال الصف السادس في المدارس الإسرائيلية (Noam Moskowitz)

تذكّر الشيخ خلال حديثنا بمثال حيّ عن تفسير قاصر للآيات القرآنية والذي يزيّن كتب تعليم الدين، تحديدا في نظام التعليم العربي في إسرائيل. توجّه إلى المكتبة وسحب كتابا لتعليم الإسلام للصف السادس وأظهر لي كيف يتم تفسير أوامر الصلاة وأي تعامل قد يتلقّاه أولئك الذين لا يعتادون على إقامتها. “انظر مكتوب هنا بشكل واضح “فتارك الصلاة جحودًا وإنكارًا لفريضتها كافر يُقتل شرعًا”. تدرك فجأة أن الطفل في الصف السادس الذي يحرص على إقامة تعاليم الدين، قد ينهض في يوم من الأيام ليقوم بعمل فظيع لصديقه أو لشقيقه أو لابن عمه الذي لا يصلّي. ألقي اللوم على المفسّرين والعديد من علماء الدين المسلمين الذين يعطون تفسيرات متطرّفة لكل آية محتملة”.

وما رأيك بداعش؟

المجتمع الأحمدي في قرية الكبابير، حيفا (Noam Moskowitz)
المجتمع الأحمدي في قرية الكبابير، حيفا (Noam Moskowitz)

“إنّهم أشخاص مساكين. في نهاية المطاف هم يتعلّمون في الجامعات والكليات الدينية وهناك مفسّرون سلفيّون ووهابيّون متطرّفون يُدخلون إلى رؤوسهم رؤى متطرّفة من الكراهية والتمرّد، مثل “دار الحرب ودار الإسلام”، والجهاد بواسطة السيف. لا يوجد في الإسلام إكراه ديني أبدأ، وكل من يفسّره بشكل آخر مخطئ ومُضلِّل. لم يدخل محمد أبواب مكة بواسطة سيفه ولم يقطع رأس معارضيه الذين أهدروا دمه وقتلوا أبناء عائلته والعديد من صحابته خلال سنوات طويلة”.

“لن يستطيع الإسرائيليون أن يسكنوا في سلام طالما لم يسكن جيرانهم الفلسطينيون بسلام”

يقف العالم اليوم على قدميه عندما يسمع كلمة جهاد. الدلالة المباشرة هي الإضرار بالأبرياء وقتلهم، حافلات تتفجّر، إطلاق الرصاص على هيئات تحرير الصحف وقطع الرؤوس في الميادين أمام أنظار الجميع. “المفاهيم المُقررة في القرآن وحديث النبي بخصوص الجهاد محدّدة جدّا، وهي جهد أعلى. ليس هناك في القرآن استخدام واحد لكلمة جهاد تأتي في حالة حرب أو قتال. جاء في القرآن “وجاهدهم به جهادًا كبيرًا”. وكيف يتم هذا الجهاد؟ بالشكل التالي: “ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ”. هذه الآيات واضحة جدا. يطلب منّا الله أن نجادل أولئك الذين يقفون ضدّنا وأن نبيّن لهم خطأهم بنيّة صادقة”.

حرصت الجماعة الأحمدية على ترجمة القرآن الكريم الى 70 لغة (Noam Moskowitz)
حرصت الجماعة الأحمدية على ترجمة القرآن الكريم الى 70 لغة (Noam Moskowitz)

لم تتوقف كلمات الشيخ اللائمة عن الخروج من فمه “الصيغة التي يجب أن تقود الحوار المتجدّد حول الإسلام برأيي هي وفقًا للآية “ولا تستوي الحسنة ولا السيّئة”. يوجد هنا كلمات عتاب بأنّ الأعمال الجيدة لا تساوي أبدا الأعمال السيئة وأن الإنسان بينه وبين نفسه وبينه وبين الآخر الذي يقف أمامه، سواء كان مسيحيا، يهوديا أو بوذيا، يعرف ما هو العمل الإجرامي وما هو العمل الجيّد”.

حياة المجتمع الأحمدي في الكبابير

استهلكت المحادثة بيني وبين الشيخ عدّة ساعات، وطوال الوقت كان ظاهرا عليّ الرغبة في التعرف أكثر فأكثر على وجهة نظر الأحمديين. بعد صلاة الظهر خرجنا أنا والشيخ بجولة قصيرة في حيّ الكبابير، وهو مقرّ 2000 من أبناء الطائفة الأحمدية في أعلى الجبل بحيفا.

المجتمع الأحمدي في قرية الكبابير، حيفا (Noam Moskowitz)
المجتمع الأحمدي في قرية الكبابير، حيفا (Noam Moskowitz)

يظهر في الأسفل المنظر الرائع للبحر المتوسّط وفي الأعلى منازل أبناء الطائفة. شرح لي الشيخ قليلا عن حياة المجتمع، وأراني المقبرة المحلّية التي دُفن فيها جدّه وأسلافه. صعدنا والتقينا بشبان خلال يوم عملهم في منجرة. فرح الجميع في رؤية الأمير محمد شريف، رئيس طائفتهم، ولوّح الجميع له بأيديهم من بعيد ورحّبوا بنا بتحيّة السلام عليكم.

“أبناء الطائفة هنا في الكبابير يعتنون بأنفسهم. قمنا بأنفسنا بتمويل بناء المسجد الجديد. بنينا قربه مركز ضيافة وبيت دعوة، وحرصنا على تجنيد وزارة التربية الإسرائيلية لإقامة مدرسة لأطفال الطائفة. يتبرّع أبناء الطائفة بين 6.25% إلى 10% من دخلهم الشهري”.

المجتمع الأحمدي في قرية الكبابير، حيفا (Noam Moskowitz)
المجتمع الأحمدي في قرية الكبابير، حيفا (Noam Moskowitz)

ذهبنا في زيارة قصيرة إلى المدرسة. لم أزر أبدا مدرسة هادئة جدا ونظيفة مثل المدرسة التي يتعلم فيها أبناء الطائفة. صعدنا إلى أحد الصفوف لأخذ انطباع. “السلام عليكم”، رحّب بنا الأطفال. كانوا متفاجئين من الزيارة غير المتوقعة ومن المصوّر الذي رافقنا، والذي بدأ بتصوير مجرى الدرس. “نحن حريصون على منح أطفالنا قيم التسامُح والإنسانية ليس بينهم وبين أنفسهم فقط أو بينهم وبين الآخرين. نحن حريصون أيضًا على إكسابهم قيم الحفاظ على البيئة الخضراء. الله هو ربّ العالمين ليس فقط ربّ البشر، ولذلك فنحن حريصون على رعاية البيئة الخضراء حول منازلنا وحول المدرسة”.

في نهاية الجولة، وصلنا إلى منزل الشيخ المتواضع. تظهر من غرفة الجلوس في منزله إطلالة خلّابة لخليج حيفا. أشار إلى الأراضي في أسفل الجبل وقال “كانت تلك جميعا في يوم من الأيام أراضي الطائفة الأحمدية في حيفا. تمّت مصادرة أجزاء واسعة منها من قبل البريطانيين ومن قبل إسرائيل لإقامة ثكنات والمقبرة التي تراها في الأسفل”. سألته فورًا “أنت تفهم أن نهجك في السلام والأخوة يمكنه أن يُخادِع. ألا يوجد في نفسك قطرة غضب أو حقد على مصادرة تلك الأراضي؟”. لم تتأخر إجابته وقال “وإذا غضبت، ماذا يفيد ذلك؟ هل يجب أن يكون البديل قتاليّا؟ على ماذا حصّل أولئك الذين أهدروا الدماء غير التطرّف وترسيخ جذور الكراهية. لا أقول إنّه لا ينبغي الحرص على أبناء الطائفة وإنه يجب التنازل عن النضال من أجل المساواة في الحقوق مع المجتمع اليهودي في إسرائيل. ولكنّني فقط أؤمن أنّ هناك طرقًا أخرى للقيام بذلك. هذا تماما ما أعتقده بالمناسبة حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أيضًا. لن يستطيع الإسرائيليون أن يسكنوا في سلام طالما لم يسكن جيرانهم الفلسطينيون بسلام”.

سيكون ذلك مبتَذَلا إذا قلت إنّه في هذا اليوم شعرت في قرية الكبابير وبمرافقة الشيخ محمد شريف، بأنّني وجدتُ علاجا وإجابات على أسئلة عديدة تخبّطتُ فيها على مدى فترة طويلة حول الإسلام، الجهاد، داعش والتعايش بين الشعوب. ولكن يمكن أن أقول إنّه خلال بضعة ساعات قليلة، في مكان ما في أعلى الجبل بحيفا، انكشفت لي وجهات نظر تصالحية ومُرضية، والتي منحتني القليل من راحة البال والتفاؤل بأنّ هناك طريقة مختلفة في الحياة وزاوية مختلفة للنظر إلى ما يحدث هنا في الشرق الأوسط.

اقرأوا المزيد: 1625 كلمة
عرض أقل
طالبات في مدارس دينية في قطاع غزة (AFP)
طالبات في مدارس دينية في قطاع غزة (AFP)

داعش في المساجد وكتب المدارس

إنّ بربرية داعش تجاه العرب تثير عملية من الاستياء والنقد الذاتي حتى في أوساط المؤمنين المسلمين، وهذه العملية هي شرط مسبق لكل تغيير مستقبلي

“داعش في المساجد وكتب المدارس”. كان هذا هو عنوان مقال دلال سلامة، وهي صحفية وإعلامية أردنية مسيحية، ومعلّمة سابقة في وزارة التربية الأردنية، وذلك في الموقع الأردني الليبرالي “حبر” وهذا ما كتبته:

” يوم ‏26‏ كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بعد يوم من عيد الميلاد، خصص الشيخ في أحد المساجد القريبة من منزلي خطبة الجمعة لمهاجمة المسلمين الذين «تشبّهوا بالكفار»، واحتفلوا في اليوم السابق مع المسيحيين بعيدهم. وكان مما قاله بالحرف الواحد، مشيرًا إلى المسيحيين:«إن علينا أن نكره هؤلاء القوم، وأن نكره دينهم وكتابهم المحرّفين».

تساءلت وقتها، عندما كان صوته، بفضل الميكروفون، في قلب المنازل المغلقة النوافذ، إن كان هناك شيخ آخر، في أحد المساجد المجاورة لحارة تسكنها أغلبية مسيحية، ولا تبعد عنّا أكثر من ‏500‏ متر، قد عنّ له أن يخوض في المسألة نفسها.

تشنّ وزارة الأوقاف منذ أشهر حملة على خطباء المساجد المناصرين لداعش، ولا أعرف إن كان هناك إجراء مشابه للمحرضين ضد المسيحيين، لكن إذا كان هناك شيء كهذا، فإنه وحده لن يُحدث أي فرق حقيقي، لأن جوهر المشكلة ليس في التعبير عن الأفكار المتطرفة، بل في الإيمان بها، وما دامت جهود محاربة التطرف لا تتواجه بوضوح مع هذا الإيمان، فإن الحرب على التطرف ستظل حربًا على رأس جبل الجليد”.

إن الحوار الإعلامي الذي يركز على الفرق بين الإرهاب وبين “الإسلام الحقيقي”، كما تعتقد سلامة، ليس سفسطة لغوية عاطفية. ذلك أنّ معظم هذا الحوار ينبع من الإعلام الرسمي، ولم يبق إلا الاستنتاج بأنّ “الإسلام الحقيقي” هو ذلك الذي يُنشر في الكتب التعليمية في الجهاز التربوي الرسمي. قبل نحو نصف عام، كما تذكّر الكاتبة، ثار الرأي العام العربي في أعقاب افتتاح سوق للعبيد في محافظة نينوى في العراق، وتمّ فيه بيع نساء مسيحيات ويزيديّات تم اختطافهنّ من قبل داعش.

تربية وتعليم
تربية وتعليم

” في كل حادثة إرهابية، فإن الفكرة الأساسية التي يرتكز إليها الخطاب الإعلامي المستنكر لها، هي أن ما حدث لا يمثل «الإسلام الحقيقي»، لكن أحدًا لا يخبرنا ما هو «الإسلام الحقيقي». لا أحد يحدد لنا هذا الإسلام الواحد المُتوافَق عليه، الذي يخرج الإرهابيون عنه. وهذا الضخ الإعلامي الهائل، الذي يخرج مستنكرًا كل حادثة إرهاب، مؤكدًا على أن هذا ليس الإسلام الحقيقي، ليس على الأغلب أكثر من إنشاء لغوي عاطفي.

قبل ستة أشهر تقريبًا، أُثيرت ضجة كبيرة على خبر افتتاح داعش سوقًا للرقيق في محافظة نينوى العراقية، عُرضت للبيع فيه، نساء مسيحيات ويزيديات، اختطفهن التنظيم خلال عملياته العسكرية، وتعامل معهن كـ«سبايا» حرب. وتداول الناس على نطاق واسع، عبر الإنترنت، مقطع فيديو يظهر مجموعة رجال، قيل إنهم من مقاتلي داعش، كانوا يتحدثون بمرح عن سوق الجواري المقرر انعقاده ذلك اليوم، وعن مواصفات الجواري المفضلة لهم.

وقتها قيل إن هذا ليس «الإسلام الحقيقي»، لكن كتاب التاريخ للصف التاسع1‏، يدرّس التلاميذ أن العبيد والجواري، كانوا من مكونات المجتمع الإسلامي في الماضي، ويعلق قائلًا إن «الدين الإسلامي لم يلغِ الرق، إلا أنه أوصى بحسن معاملة الرقيق، وحثّ على تحريرهم بطرق متعددة». أي أن التلاميذ يتعلمون أن الرّق ممارسة ما زالت إسلاميًا مشروعة، لكن سيكون من باب مكارم الأخلاق أن يتفضّل المسلم فيحرر ما لديه من عبيد من دون مقابل مالي، أو يمكن له استيفاء هذا المقابل من العبد نفسه، أو يمكن استخدام إطلاق سراح العبد للتكفير عن ذنب.

تُستنكر أخبار الإعدامات التي يقوم بها داعش في حق من يسميهم بالـ«مرتدين عن الإسلام»، ويُقال إن «الإسلام الحقيقي»، يتسامح مع حرية الاعتقاد، لكن في كتاب التربية الإسلامية للصف التاسع2‏، يتعلم التلاميذ وجوب «قتال المرتدين»، فبحسب الكتاب، فإن اتفاق أصحاب الرسول عليه السلام على قتال المرتدين عن الإسلام، هو أحد الأمثلة على «الإجماع»، الذي يُعدّ في الفقه الإسلامي أحد مصادر التشريع، بعد القرآن والسنة النبوية. ووفق الكتاب أيضًا، فإن كل ما هو محل إجماع «يجب العمل به (…) ولا تجوز مخالفته”.

كلّ ذلك، كما تؤكد سلامة، لم يظهر في الكتب التعليمية كتاريخ انتهى زمنه، وإنما كأسلوب يتصوّره الدين الإسلامي في الحاضر. كل مفهوم فكري أو اجتماعي يتم عرضه في تلك الكتب من وجهة النظر الدينية الإسلامية، مع التجاهل التامّ للتنوّع الديني والفكري القائم في الأردن وفي العالم. وهكذا، كما تقول الكاتبة، ففي كتاب “التربية الوطنية والمدنية للصف السابع” يتم مناقشة مفاهيم مثل الأسرة، العلاقات داخل الأسرة وحقوق المرأة من وجهة النظر الدينية الإسلامية فقط، ولكن الكتاب يضمّ عنوان “مدني”.

تربية وتعليم
تربية وتعليم

ولا تتجاهل الكتب التعليمية – كما تقول سلامة – الديانات والمجتمعات غير الإسلامية فحسب وإنما أيضا التنوع وتعدّد الأفكار داخل الدين الإسلامي نفسه، على سبيل المثال في موضوع تنظيم الأسرة. وهي تؤكّد قائلة:

” ينشأ التطرف عندما تعلن أي جماعة أنها تحتكر الحقيقة، لأنها ستبدأ بعدها بالنظر إلى الآخرين ممن يتبنون «حقائق» مغايرة، لا بوصفهم نظراء مكافئين، يمتلكون مثلها الحق في الوجود والتعبير، بل بوصفهم كائنات ضالة‎.‎‏

وبسبب ذلك، سيكون الآخرون المختلفون دينيًا، كما في كتاب الثقافة الإسلامية، للثاني الثانوي‏‎5‎‏،‏‎«‎أهل ذمة‎»‎‏،‏‎ ‎يحظون بـ‎«‎التسامح‎»‎‏، ولهم حق ممارسة شعائر دينهم‎ «‎دون تحدٍ لمشاعر المسلمين‎»‎‏، ولهم حق تولي المناصب العامة‎ «‎إلا رئاسة الدولة وقيادة الجيش”.

ولا يزال حال هؤلاء أفضل من أصحاب الأيديولوجيات الأخرى، كما تقول سلامة، والذين يظهرون في كتاب الثقافة الإسلامية للصف السادس كأحد أسباب تراجع “الأمة” لأنّهم تبنّوا أفكارا أخرى.

“أما المختلفون فكريًا، فإنهم سيكونون أحد أسباب «تراجع» الأمة، إذ يتعلم التلاميذ في كتاب الثقافة الإسلامية، للأول ثانوي‏6‏، أن من أسباب تراجع الأمة هو اتجاه «كثير من أبنائها إلى تبني كثير من الأفكار والعادات والقيم الدخيلة على الأمة المسلمة، والمستمدة من أفكار الأمم الأخرى وقيمها»، واعتماد هؤلاء على «ثقافة مستوردة لا تتناسب قيمنا وسلوكنا”.

وتتحدّث سلامة عن ابنها وأصدقائه المسيحيين، الذين اضطرّوا في عدة مرات إلى سماع معلّميهم ومعلّماتهم للدين وهم يشرحون بأنّ كل من ليس مسلما سيعاني من نار جهنّم بعد موته. والحادثة الأكثر بشاعة، كما تقول سلامة، هي في السنة الماضية، في الصف العاشر، عندما أجابت المعلّمة بالإيجاب على سؤال أحد التلاميذ إذا ما كان المسيحيون الطيّبون أيضًا سيذهبون إلى جهنّم، وشرحت بأنّ كل شخص عاقل ينظر إلى الكون من حوله سيعتنق الإسلام بالضرورة. “إنّه ذنبهم”، كما برهنت المعلّمة للطلاب، “لماذا لا يشغّلون عقولهم؟”

داعش يفجّر مسجد عمر بن الخطاب في الأنبار
داعش يفجّر مسجد عمر بن الخطاب في الأنبار

وهكذا تختتم سلامة مقالها:

” فلنبدأ من هنا، هل نريد مواصلة إنتاج أجيال يُقال لها إن كل من ليس مسلمًا سيذهب إلى النار؟ لأن كتب المدارس، وإن لم تتبنَّ المقولة السابقة صراحة، إلا أنها تفعل ذلك ضمناً، عندما تنغلق على رؤية وحيدة للعالم، وتحكم بالضلال على كل ما عداها، حتى من دون عرضه”.

حظي مقال سلامة الشجاع بمشاركات عديدة وبنقاشات موسّعة في الشبكات الاجتماعية. وهناك يمكن أن ننظر إليه من زاويتين: المبدئية والعملية.

من حيث المبدأ، يمكن القول إنّه في ديانات أخرى هناك احتمال للإقصاء والتطرّف، ومن بين أسباب ذلك أنّ هناك قناعة ذاتية كامنة في أساسها بأحقّيّتها وبطلان غيرها. “الدين الحقيقي” – سواء كان هو “الإسلام الحقيقي” أو “اليهودية الحقيقية” – ليس إلا خيالا، وذلك لأنّ هناك سبعين وجها للتوراة، وكذلك للقرآن.

مبادئ عن التسامح ومبادئ عن التطرّف ستجدها بوفرة في جميع النصوص المقدّسة، وكل من يرغب يمكنه أن يأتي ويأخذ. إنّ درجة التطرّف لدى المفسّرين ومعلّمي الفقه، كاريزميتهم وجاذبيّتهم، وعدد المؤمنين التابعين لهم وقوّتهم، كلّ ذلك متعلّق بالظروف السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية وربما أيضا الثقافية؛ في جميع الديانات.

من هذه الناحية يمكن تماما أن نقول إنّ تطوّر اليهودية الأرثوذكسية الحديثة في إسرائيل على خلفية قيام الصراع القومي والديني، وعدم وجود رغبة لدى الدولة في منح مكانة متساوية (أو على الأقل أكبر قليلا) في المجال العام والرسمي أيضًا للتيارات الأكثر ليبرالية في اليهودية، يعمّق توجّهات الإقصاء والتطرّف تجاه الآخر في الحوار، والممارسة والسياسة الدينية – القومية. من حيث المبدأ، إذا كان الأمر كذلك، يبدو أنّه ليس سوى ترسيم حدود الدين في المجال الشخصي في دول الشرق الأوسط، التي يعيش فيها جنبا إلى جنب السكان المختلفون من الناحية الدينية، العرقية والقومية، هو الذي سيقلّل التطرّف الديني أو على الأقل يفصله عن مصادر قوته المحتملة والخطرة.

من الناحية العملية، مع ذلك، يجب التشكيك في جدوى فصل الدين عن الدولة في منطقة أنشئت فيها سياستها وتأسست على الربط بين الدين والدولة، والتي يوجد لدى سكانها (بما في ذلك إسرائيل بطبيعة الحال) مكوّنات محافظة، تقليدية ودينية قوية والتي تسعى للقوة والتمثيل في المجال العام.

يبدو من هذه الناحية أنّ مبادئ إسرائيل الديمقراطية لا تزال صامدة أمام انتشار الدين في المجال العامّ، حتى لو كان الأمر ليس مفيدا جدّا للسكان العرب/ الفلسطينيين في إسرائيل، الذين هم متضرّرون من الطريقة التي تُطبّق فيها الصهيونية حتى في النسخة الرسمية. وبالمقارنة مع دول الجوار، من كل مكان، فإنّ إسرائيل هي شوكة ضاحكة بين الزنابق الباكية في هذا الصدد، فإنّ نضال الأقليات المسيحية والقومية في الشرق الأوسط لفصل الدين عن الدولة أو لتطبيق مبدأ المواطنة؛ أمر أكثر تعقيدا وخطورة. وفي حالة الدول العربيّة اليوم، وربما أيضًا دولة إسرائيل في المستقبل، فإنّ بصيص الأمل – إذا كان الأمر كذلك – هو في حركة إصلاح تنشأ من “الأسفل”، من الدين نفسه، وتجعل المؤمنين أكثر تسامحا مع الآخر.

كما يظهر في مقال سلامة، فإنّ بربرية داعش تجاه العرب تثير عملية من الاستياء والنقد الذاتي حتى في أوساط المؤمنين المسلمين، وهذه العملية هي شرط مسبق لكل تغيير مستقبلي.

نُشرت المقالة للمرة الأولى في موقع ‏Can Think

اقرأوا المزيد: 1365 كلمة
عرض أقل
حملة التسامح مع اقتراب عيد الأضحى ويوم الغفران
حملة التسامح مع اقتراب عيد الأضحى ويوم الغفران

حملة تدعو إلى التسامح مع اقتراب الأضحى والغفران

سيتزامن العيدان المُقدّسان لهذه السنة في نفس اليوم، نظرًا لوجود اشتباه لحدوث اشتباكات، هناك حملة جديدة تدعو إلى التسامح وتقبّل احتياجات الشعبيْن

“نحتفل معًا، باحترام وتسامح متبادلين”، هذا هو شعار الحملة الجديدة التي نشرتها مُؤسسة مبادرات صندوق إبراهيم في الصحف العربيّة والعبريّة، تدعو فيها الجمهور اليهودي والإسلاميّ الاعترافَ بالعُرُف واحترامَ الشعائر بشكل مُتبادل لكلا الحدثين الدينيّيْن المركزيّيْن اللذيْن سيتزامنان بنفس اليوم في هذا العام: يوم الغفران وعيد الأضحى (عيد القربان).

شورِك بنشر صورة الإعلان أيضا على صفحة الفيس بوك التابعة للمؤسسة وعلى مواقع التواصل الاجتماعيّ، إلى جانب النداء بـ”شاركوا بالإعلان وانشروا الرسالة!”. وهذا ما كُتبَ في التصريح الذي نُشِر:

 “نحتفل معًا، باحترام وتسامح متبادلين

 يوم السبت، ٤ تشرين الأول، يحتفل اليهود بيوم الغفران بينما يحتفل المسلمون والدروز بعيد الأضحى.

يوم الغفران هو اليوم الأقدس بالنسبة لليهود، وهو يوم التوبة والغفران وفيه، وفقا للتقاليد، يتحدد قدر الإنسان. خلال النهار والمساء الذي يسبقه، يؤدي المحتفلون شعائر الصوم والصلاة، ويتفرغون لمحاسبة الذات، ولا يعملون أو يستعملون وسائل السفر. تتوقف المواصلات أيضا في هذا اليوم.

عيد الأضحى، “العيد الكبير” للمسلمين والدروز، يبرز إسماعيل وفداءه بكبش سمين. في هذا العيد، يؤدي الكثير من المسلمين مناسق الحج إلى مكة المكرمة، وتشمل الاحتفالات في العيد صلوات جماعية، زيارات عائلية، تقديم الضحايا، وجبات العيد والقيام بجولات في المنتزهات.

بما أن عادات وتقاليد العيدين مختلفة من حيث الجوهر من واجبنا أن نمتنع عن الوصول إلى احتكاكات زائدة

نطالب المجتمع اليهودي بالاعتراف بحاجة جمهور المسلمين إلى القيام بشعائر دينهم وعيدهم.

نطالب جمهور المحتفلين المسلمين الاحتفال بحساسية وأخذ المجتمع اليهودي بعين الاعتبار هذا اليوم يمكن أن يكون مثالا رائعا للتعايش والتسامح والاحترام المتبادل”.

اقرأوا المزيد: 222 كلمة
عرض أقل
مقاتل من داعش في العراق (AFP)
مقاتل من داعش في العراق (AFP)

هل “الدولة الإسلامية” هي إسلامية فعلا؟

سلوك "الدولة الإسلامية" الإجرامي يتعارض مع روح القرآن والشريعة الإسلامية. ولذلك، فإنّ مجموعة واسعة من علماء الدين المسلمين كتبوا ضدّها وتطرّقوا إليها باعتبارها قد أخرجت نفسها خارج الإسلام. إذا كان الأمر كذلك، فإن مصير "الدولة الإسلامية" المتوقع هو الاختفاء

“[…] الجهاد في أيامنا هو التزام شخصي […] قال الله سبحانه للمسلمين أن يمضوا في طريقه”، هذا ما قاله أبو تراب، شاب أمريكي يبلغ من العمر 26 عامًا، يقاتل في حلب بسوريا مع قوات “الدولة الإسلامية” (داعش سابقًا)، في محادثة مع نداف نويمان، مراسل “غلوبوس” (صحيفة اقتصادية إسرائيلية) والذي تظاهر بأنه شاب عمره 26 عامًا من باريس واسمه عبد السلام عفيفي يرغب بالانضمام إلى خدمة “الدولة الإسلامية”. تمّ نشر هذه الكلمات قبل أيام معدودة في صحيفة “غلوبوس” تحت عنوان “مقاتل داعش في سوريا لـ “غلوبوس”: اليهود وحزب الله جاء وقتهم، قريبًا؛ أنا الأكثر اشتياقًا لماكدونالز”.

https://www.youtube.com/watch?v=z3a34mMRpuY

سألني المراسل قبل نشر المقال ما هي دوافع أولئك الشباب وإلى أي مدى تتفق أفعالهم مع التعاليم الإسلامية ذات الصلة. أنكرت في إجابتي العلاقة بين وحشية عناصر “الدولة الإسلامية” وبين تعاليم التيار الرئيسي للإسلام في كلّ العصور.

وكإجابة على كلامي وُجّه إلي أمس سؤال في البريد الإلكتروني: هل أفعال “الدولة الإسلامية” لا تعتمد على تعاليم وممارسة النبي محمد؟ هل وحشية عناصر داعش ليست امتدادًا طبيعيًّا لما حدث مع رجال القبيلة اليهودية بني قريظة في المدينة في عهد محمد؟ بالنسبة له: “بعد أن رفضت هذه القبيلة قبول الإسلام تم قطع رؤوس 700 من أبناء القبيلة بينما بيع النساء والأطفال في سوق العبيد، وبعد قتل رئيس القبيلة أُخذت زوجته صفية لتكون زوجة أخرى لمحمد، تمامًا مثل ما يقوم به تنظيم داعش الإجرامي اليوم”.

جماعات داعش في العراق (AFP)
جماعات داعش في العراق (AFP)

ليس لديّ أي نيّة هنا لمناقشة علاقة النبي محمد مع قبيلة بني قريظة، سواء بسبب عدم وجود مساحة كافية وأيضًا لأنّ الموضع حظيَ باهتمام واسع من قبل الباحثين لفترة صدر الإسلام. تجدر الإشارة، مع ذلك، إلى أنّ الموضوع مثير للجدل بين الباحثين أنفسهم. يناقض العديد من الأفكار المختلفة التي طُرحت كمحاولة لفهم قضية تاريخية حجة السائل والتي طُرحت أعلاه. في جميع الأحوال، لا يمكن أن نقتطع من هذه الحادثة تعاليم الإسلام في الحرب، والتي تغيّرت كثيرًا خلال تاريخ الإسلام. إن اطلاعًا سريعًا على هذه التعاليم، وخصوصًا أحكام الحرب، تدلّ بشكل قاطع أنّه ليست هناك أية علاقة بين وحشية “الدولة الإسلامية” وبين أحكام الحرب في الإسلام. الفكرة الأساسية في هذه التعاليم هي قدسية حياة الإنسان، والتي تحوّلت مع السنين إلى هدف رئيسي لقواعد الحرب في الإسلام. إنّ قطع الرؤوس أو إيذاء الأقليات مثل اليزيديين أو المسيحيين، كما يفعل عناصر “الدولة الإسلامية”؛ يناقض ليس فقط تعاليم الحرب التي تنصّ على حرمة التعرّض بالأذى لحياة الإنسان كحكم شرعي، بل يناقض أيضًا الرسالة الأساسية للإسلام، استنادًا إلى الآية القرآنية “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ” (الأنبياء: 107). الرسالة الأساسية لمحمد هي بالتالي جلب الرحمة لكلّ البشرية (“للعالمين”، كما تقول الآية)، وهذه الرسالة لا تنتقل بواسطة قطع الرؤوس ولكن بطرق سلمية، كما تقول آية أخرى: “ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ” (النحل: 125).

https://www.youtube.com/watch?v=PLH5AmP4gRY

تمّ استيعاب هذه الرسالة من التسامح في الفقه الإسلامي الحديث بشكل أساسيّ، بفروعه المتعلقة بحياة الإنسان وحقوقه، وبذلك فإن أفعال الدولة الإسلامية تتناقض بشكل تامّ مع روح الإسلام وتعاليمه.

وينعكس هذا بوضوح في رد فعل فقهاء الشريعة والمؤسسات بفتاوى فقهية معاصرة. فقد أعلن هؤلاء أنّ داعش بأفعالها قد أخرجت نفسها من الإسلام، كما يظهر على سبيل المثال في كلام الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حول تنظيم داعش والقاعدة باعتبارهما فرق خارجة عن الإسلام. بالنسبة له، فإنّ الأيديولوجية المتطرّفة والأعمال الإرهابية التي ترتكبها هذه التنظيمات تحوّلها إلى “العدوّ الرئيسي للإسلام”، ومن هنا فهو يخلُص إلى أنّ كلا التنظيمين لا يعتبران من الإسلام بعد.

جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)
جيش الدولة الإسلامية في العراق والشام (AFP)

تعبّر هذه الحجة عن موقف المجموعة الأوسع من فقهاء الشريعة الذين يمثّلون جميع أطياف الفقه الإسلامي المعاصر. يشير العديد من الفتاوى التي نشرت في هذا الموضوع إلى وجود إجماع نادر بخصوص إنكار الصلة بين داعش ودولتها، وبين الإسلام. جميع محاولاتي في العثور على استجابة فقهية واحدة على الأقل متعاطفة مع “الدولة الإسلامية”، بما في ذلك بين رجال الدين المحسوبين على الإسلام المتطرف؛ باءت بالفشل.

ومن هناك فمن الواضح بالنسبة لي أنّ التنظيم الذي يسمي نفسه “الدولة الإسلامية” يعاني من فقدان كامل للشرعية وأنّ رجال الدين الإسلامي بتياراتهم المختلفة يستنكرون نظرة التنظيم وعنفه. إنّهم لا ينظرون إلى التنظيم والدولة التي أقامها كهيئات إسلامية، ومن المرجّح أنّ مصير التنظيم ودولته لن يكون مختلفًا عن الطوائف المختلفة التي ظهرت واختفت خلال التاريخ الإسلامي، مثل الأزارقة، الغرابية، الميمونية، المفوضة وغيرهم. بكلمات أخرى، إذا أردنا محاكمة “الدولة الإسلامية” وفقًا لظواهر تاريخية مشبهة، فيبدو أنّه يمكننا أن نقرّر بأنّها ليست سوى حلقة عابرة سيتمّ توثيقها وبحثها في المستقبل كطائفة أخرى خرجت عن الإسلام.

نشر هذا المقال اولاً على موقع Can Think

اقرأوا المزيد: 687 كلمة
عرض أقل
لماذا من المُفضّل التوقف عن مشاهدة الأفلام الإباحية؟ (Thinkstock)
لماذا من المُفضّل التوقف عن مشاهدة الأفلام الإباحية؟ (Thinkstock)

هل هنالك جوانب إيجابية للأفلام الإباحية؟

رغم الجوانب السلبية المرتبطة بالأفلام الإباحية، دينيا واجتماعيا، وجد بحث أمريكي جانبا إيجابيا لهذه الأفلام وهو أنها تزيد من مشاعر التسامح لدى المشاهد

25 أغسطس 2014 | 21:01

وجد بحث نشر في مجلة أمريكية شهرية، تختص بمجال الاتصالات في الولايات المتحدة، أن مشاهدة الأفلام الإباحية تزيد من مشاعر التسامح لدى المشاهدين إزاء شرائح مختلفة في المجتمع، لا سيما تلك التي تعدّ هامشية، إذ قال المشاركون في البحث إنهم يتقبلون أكثر فكرة الأزواج أحادية الجنس.

الأفلام الإباحية (Thinkstock)
الأفلام الإباحية (Thinkstock)

وأوضح الباحثون أن الأفلام الإباحية تعرض علاقات جنسية متنوعة، ومنها أفلام مثلية وأخرى مختلطة، مما يجعل المتلقي لهذه الأفلام يتقبل وجود هذه النماذج، التي تعد “شاذة” اجتماعيا، أكثر فأكثر.

ويجدر الذكر أن الأبحاث المرتبطة بالأفلام الإباحية التي تتحدث عن جوانبه السلبية تفوق تلك الإيجابية، خاصة أن هذه الأفلام تسبب في حالات كثير إلى الإدمان.

علاقة جنسية مثلية (Thinkstock)
علاقة جنسية مثلية (Thinkstock)

ومن مخاطر أفلام الإباحة أنها ترسم صورة مغلوطة لدى المتلقي عن الحياة الزوجية الحقيقة، إذ يعتقد المشاهد، خاصة الشباب، أن العلاقات المعروضة في الأفلام لها علاقة بالواقع، إلا أن واقع الأمر أنها تهدف إلى الإثارة والتسلية لا أكثر.

اقرأوا المزيد: 135 كلمة
عرض أقل
البروفسور ويليام شاباس (Facebook)
البروفسور ويليام شاباس (Facebook)

هجوم إسرائيلي ضدّ رئيس لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة

رئيس لجنة الأمم المتحدة التي ستحقق بظروف العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، البروفيسور وليام شاباس، يرد على الهجوم الذي تعرض له بالقول: "سأكون نزيهًا وسأتوصل لاستنتاجات"

أبلغت منظمة حقول الإنسان التابعة للأمم المتحدة في بيان لها في بداية الأسبوع (الإثنين) عن طاقم لجنة التحقيق الدولية التي قامت بتشكيلها بغرض التحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل خلال الحرب على غزة.

سيترأس الطاقم وليام شاباس، أستاذ القانون الدولي وحقوق الإنسان وهو من أصول كندية. أشار مسؤول في وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى أنه على الرغم من محاولات إسرائيل التأثير على مسار تشكيل اللجنة، فقد جاءت التشكيلة النهائية إشكالية جدًا وغير متوازنة.

بدأت إسرائيل، بعد أقل من ساعة على نشر بيان التعيينات، بمحاولة لنزع الشرعية عن أعضاء اللجنة. أبلغ رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، بالتزامن مع تبني فكرة إقامة لجنة التحقيق الدولية، بأن منظمة حقوق الإنسان تحوّلت منذ زمن لمنظمة لحماية حقوق الإرهابيين وإلى منظمة معروفة نتائج تحقيقاتها مسبقًا.

قال شاباس في تصريحات له لوسائل إعلام إسرائيلية إنه “مثل الجميع، لدي وجهات نظر بخصوص أمور عديدة تخص مستقبل إسرائيل وفلسطين، وطرق تحقيق السلام والعدل. لا يعني هذا أنني لا أستطيع تقدير الحقائق والتوصل لاستنتاجات قانونية دقيقة ونزيهة”.

ركز شاباس في عمله الأكاديمي على مجال الإبادات الجماعية. معروف عنه انتقاده الشديد لإسرائيل، هاجم بشدة عملية “الرصاص المصبوب” (2008) وأثنى على تقرير لجنة غولدستون التي تم تشكيلها من قبل منظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بعد انتهاء العملية العسكرية. قال شاباس بعد صدور التقرير إن رئيس اللجنة ريتشارد ستون يجب أن يحصل على جائزة نوبل للسلام.

سبق أن طالب شاباس في الماضي بضرورة محاكمة نتنياهو والرئيس السابق شمعون بيريس في المحكمة الدولية في لاهاي. قال شاباس خلال مؤتمر عُقد السنة الماضية في نيويورك إن “ما كنت أتوق لأن يحدث هو أن يجلس نتنياهو على مقعد المتهمين في المحكمة الجنائية الدولية”.

يشار إلى أن المهمة التي أُوكِلت للجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة تتركز أساسًا على التحقيق بالجرائم التي ارتكبتها إسرائيل ولا يأخذ بالحسبان الجرائم التي ارتكبتها حماس ضدّ مواطني إسرائيل والتعرض للأبرياء جراء إطلاق الصواريخ المكثّف على البلدات المأهولة بالسكان.

سفير اسرائيل لدى الأمم المتحدة رون بروسور (STAN HONDA / AFP)
سفير اسرائيل لدى الأمم المتحدة رون بروسور (STAN HONDA / AFP)

توقع السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة، رون بروسور، في مقابلة لوسائل إعلام إسرائيلية، بأن إسرائيل لن تتعاون مع لجنة “شاباس”. شكك بروسور بشرعية اللجنة وقال “إن تشكيل لجنة تحقيق برئاسة شاباس تمامًا مثل دعوة داعش لتنظيم أسبوع عن التسامح في الأمم المتحدة”.

رد البروفيسور شاباس على السؤال الذي طرحته عليه وسائل إعلام إسرائيلية وهو إن كان يعتبر حركة حماس منظمة إرهابية حيث قال “لا أعتقد أنه من المناسب أن أطلق مثل هذه التصريحات في هذا الوقت، علي أن ألتقي بأعضاء اللجنة الآخرين ونخرج بتقرير واضح. لا أنوي إطلاق تصريحات الآن، بل فقط عند صدور البيان”.

حاليًا، التأثير العالمي؛ بعد العملية العسكرية، لا يتوقف عند المظاهرات الحاشدة التي انطلقت بكل العالم ولا بتزايد الأعمال المعادية للسامية ضدّ اليهود – بل أيضًا تعدى ذلك إلى المجال الدبلوماسي. وأبلغت الحكومة البريطانية البارحة أنها ستعلق إصدار 12 تصريحًا لتصدير معدّات قتالية لإسرائيل – وعلى الأغلب قطع غيار للدبابات، الطائرات والرادارات – إن جددت إسرائيل العملية العسكرية في غزة.

اقرأوا المزيد: 445 كلمة
عرض أقل
مبنى بلدية تل أبيب مضاءً بألوان "قوس القزح" (فيس بوك)
مبنى بلدية تل أبيب مضاءً بألوان "قوس القزح" (فيس بوك)

تل أبيب تستعد لأسبوع “مثليّي الجنس”

يوم الجمعة القريب، ستُفتتح احتفالات "مثليي الجنس"، بعرض أفلام ، جولات، عروض، ومسيرة ضخمة للمثليّين؛ وستتحوّل المدينة البيضاء إلى أسبوع كامل لتصبح مدينة ذات كل ألوان قوس القزح

في يوم الجمعة القادم، ستُفتتح في تل أبيب- يافا  احتفالات  يوم “مثليي الجنس” لترقية مساواة حقوقهم، ويبدو أنهم أصبحوا في مدينة تل أبيب متلهفين لبدء الاحتفالات، حيث نشروا في صفحة الفيس بوك الرسمية للمدينة الصورة التي يظهر فيها مبنى البلدية مضاءً بألوان “قوس القزح”. وكًتب إلى جانب الصورة: “يوم الجمعة القريب، سيُفتتح أسبوع احتفالات “مثليي الجنس الفخورين” في تل أبيب- يافا، و نحن جاهزون”.

خلال الأسبوع، ستُفتتح مواقع خاصة في أنحاء المدينة، وستُقام فيها مناسبات كثيرة متنوعة، مثل جولة لمثليي الجنس الفخورين على دراجات هوائية في شوارع يافا، ومهرجان أفلام ليُبث في “سينماتك” تل أبيب طول الشهر، ومواقع ثقافية ضخمة، وعروض وتضييفات لكل العائلة. ستتمحوّر الاحتفالات، هذه السنة، حول العائلات “الخاصة”، لوالدين من جماعة السحاق، المثلية، ازدواجية الميول الجنسية والتحوَل الجنسي (LGBT) ، وكذلك حول الحفاظ على حقوق المثليين في كل ما يتعلق بالزواج وتربية الذرية.

كما في كل سنة، سيصل أسبوع احتفالات “مثليي الجنس” قمّته في مسيرة ، سيجري فيها في أرجاء المدينة الآلاف من مثليي الجنس والكثيرين الذي يطالبون بدعمهم وترقية حقوقهم. بالإضافة إلى السائرين، ستمشي في الشوارع عربات كبيرة ومزيّنة بألوان قوس القزح وعليها راقصون وراقصات. ستنتهي المسيرة بحدث احتفالي كبير من حفلات وعروض قريبًا من شاطئ البحر في تل أبيب، الذي سيتم في موقع أكبر في هذه السنة، وأقرب وأكثر ملائمًا للعائلات والأولاد وعربات الأطفال.

تعرف مسيرة مثليي الجنس في تل أبيب بأنها المسيرة الأكبر في إسرائيل، وتجذب كل سنة إليها حتى سائحين من المثليّين من أرجاء العالم . تُقام هذه المسيرة للمرة الـ 16، هذه السنة، وتطالب بالمساواة. ويجدر الذكر بأنها سنة متتابعة من الصراعات والإنجازات، من بينها اقتراح قانون للتسوية بين حقوق إعادة الضريبة للأزواج الأحاديين، نجاح الصراع لاستعادة أطفال “الحمل البديل” من تايلاند، ورفع نسبة الوعي حول العنف ضد متحوّلي الجنس، وأخيرًا، تعديل قانون الإرث ليشمل أزواجًا مثليّين.

قال رئيس البلدية تل أبيب – يافا، رون حولدائي: “مع قدوم الصيف، الذي يميّز مدينتا، تأتي أيضًا احتفالات مثليّي الجنس وتبشّر بالصوت، اللون، الموسيقى، والأحداث الثقافية وبالقول القاطع الواضح لكل سكاننا وضيوفنا، إن مدينتنا تتمسك بالمساواة، وتؤمن بها وتسعى لتحقيقها. هذه السنة كما في كل سنة، نتشرف بأن تكون مدينتنا مركزًا إسرائيليًّا للمساواة والتجمعات ونبراسًا للحرية لسائر المدن الإسرائيلية”.

تفتخر بلدية تل أبيب – يافا بأن المجموعة الكبرى من مثليّي الجنس في إسرائيل تعيش في المدينة وتصل إلى 15% من مجموع سكان المدينة. في السنوات الخمس الأخيرة، حدثت زيادة كبيرة في عدد الأولاد الذين يعيشون في المجتمع المحلي،  ويصل اليوم إلى عشرات كثيرين.

اقرأوا المزيد: 383 كلمة
عرض أقل
البعثة الإسرائيلية في مراسِم ذكرى المحرقة في أوشفيتس (GPO)
البعثة الإسرائيلية في مراسِم ذكرى المحرقة في أوشفيتس (GPO)

طلاب فلسطينيون يزورون أوشفيتز، ويهاجمون

محاضر فلسطيني وتلاميذه يزورون معسكر الإبادة في بولندا، فور عودتهم يتخلى زملاء البروفيسور عنه ويلقبونه "الخائن"

انتهت زيارة البروفيسور محمد دجاني و 27 من تلاميذه الفلسطينيين إلى معسكر الإبادة أوشفيتز- بيركينو في بولندا قبل عدة أسابيع، بمهاجمته.

نظم البروفيسور دجاني هذه الرحلة كجزء من برنامج أُعدّ لتحسين التسامح بين الشعبَين. عند عودته للبلاد أنكر عليه أساتذة جامعة القدس، ونعته زملاؤه “بالخائن”.

نشرت صحيفة “الواشنطن بوست” قصة دجاني، الذي ذكر أنه توقع النقد. “أعتقد أن رحلة كهذه، من مجموعة منظمة لشباب فلسطينيين لأوشفيتز ليس أمرًا نادرًا فحسب، بل ربما هذه هي المرة الأولى”، قال دجاني. واستطرد: “ظننت أنه ستكون بعض التذمرات وأن الأمر سيُنسى”.

البروفيسور محمد دجاني (معهد واشنطن)
البروفيسور محمد دجاني (معهد واشنطن)

ما أثار العاصفة والنقد كانت إشاعاتٍ أن منظمات يهودية هي التي موّلت رحلة الطلاب إلى بولندا، لكنّ دجاني يزعم أن الحكومة الألمانية هي التي منحتهم ميزانية خاصة.

“يظن فلسطينيون كثيرون أن الهولوكوست تُستغل من أجل الإعلام اليهودي- الإسرائيلي، ومن أجل تبرير احتلال أراضيَ فلسطينية وفي المقابل الحصول على تضامن”، قال دجاني لصحيفة الواشنطن بوست. “يظن البعض الآخر أن الهولوكوست مبالغ به، أو بالأحرى، يُشكل إحدى المجازر فقط”.

انهال النقد من كل أرجاء العالم العربي، من سياسيين وإعلاميين، لكن دجاني زعم أنه ليس نادمًا على قراره زيارة معسكر الإبادة الأكبر في أوروبا.

وصرح الدجاني في الأسبوع الماضي أنه سيعود إلى مدينة رام الله وإلى الجامعة التي يُدرّس فيها، وأنه سيضع صور الرحلة على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، موضحًا أنه لا يشعر بالندم.

اقرأوا المزيد: 203 كلمة
عرض أقل