ترسل الولايات المتحدة هذا الأسبوع أبرز مسؤوليها العسكريين لفحص وتقييم حقيقة النوايا الإسرائيلية بخصوص البرنامج النووي الإيراني. فمن المتوقع أن يزور رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال مارتن دمبسي، إسرائيل هذا الأسبوع، ليحل ضيفًا على رئيس الأركان الإسرائيلي، الجنرال بيني غنتس، ويلتقي برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وبوزير الدفاع موشيه يعلون. وكان قائد سلاح الجو الأمريكي الجنرال مارك ويلش قد استقبله الأسبوع الماضي نظيره الإسرائيلي اللواء أمير إيشل. والتقى الجنرال ويلش كذلك بالجنرال غنتس.
ويأتي كل هذا النشاط المحموم وسط مخاوف وتقارير إعلامية أمريكية تفيد بأنّ إسرائيل ستنفذ قريبًا هجومًا على البرنامج النووي الإيراني. فإسرائيل قلقة من أنّ الإدارة الأمريكية ستتحاور مع إيران، وتنسى وعدها بعدم السماح لتلك الدولة بحيازة أسلحة نووية. وتأتي في الخلفية بداية عهد الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني، الذي يراهن بعض الخبراء الدوليين على كونه معتدلًا نسبيًّا، قد يحاول فتح نافذة إلى الغرب.
ويؤمن نتنياهو أن لا جديدَ في القيادة الإيرانية، وأنّ روحاني ذئبٌ في ثياب حمَل سيواصل السياسة النووية لسلفه المتشدد، محمود أحمدي نجاد. وعلى أية حال، فإنّ البرنامج يحدده المرشد الأعلى علي خامنئي.
وسار نتنياهو في السنوات الأربع الأخيرة في الدرب نفسه، ما أعطى الانطباع بأنه سيطلق عنان سلاح الجو الإسرائيلي لتدمير المواقع النووية الإيرانية. ففي أيلول 2012، قبل نحو عام، وقف على المنصة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك، راسمًا “خطوطه الحمراء” وجدوله الزمني. وحذّر نتنياهو العالم من أنّ إيران ستبلغ بحلول ربيع 2013، أو أوائل صيف 2013 كحد أقصى، العتبة التي تمكّن البلاد من إنتاج موادّ انشطارية كافية وتركيب قنبلتها النووية الأولى.
بعد العديد من “الخطوط الحمراء” و”نقاط اللاعودة” و”السنوات الحاسمة” التي أعلنها المسؤولون الإسرائيليون في العقد الماضي، مرت السنون وما زالت إيران لا تمتلك أسلحة نووية. لذلك فإنّ من يجرؤ أن يعلن أنّ 2014 هي “السنة الحاسمة” سيجعل نفسه أضحوكة.
مع ذلك، فوفقًا لمعظم المؤشرات والخبراء، فإنّ سنة 2014 أو أوائل سنة 2015 هي فعليًّا الإطار الزمني المطلوب لإيران لتحقيق طموحها. فبحلول ذلك الوقت، ستمتلك إيران ثلاث أدوات نووية هامّة. فهي ستشغّل مفاعلًا نوويًّا في أراك، سيكون قادرًا على إنتاج البلوتونيوم. كما ستمتلك المعرفة اللازمة لتجهيز رأس صاروخ نووي على صاروخ شهاب، وستمتلك عددًا كافيًا من نابذات الطرد عن المركز المعقدة لتخصيب يورانيوم بالدرجة المطلوبة لإنتاج سلاح.
لذلك، فإنّ قرار تركيب القنبلة النووية الأولى سيكون إيرانيًّا محضًا، إلا إذا جرى منعهم من ذلك. والوسيلة الوحيدة لثني إيران، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين بارزين، هي مواصلة الضغط. فإذا أرادت إدارة أوباما تجنّب هجوم إسرائيليّ على إيران، يتوجب عليها فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على طهران. فعليها تنفيذ قرار الكونغرس الأخير الهادف إلى إيقاف صادرات إيران النفطية.
على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مفاوضة إيران من موقع قوة، مرتديَين قفّازًا حديديًّا، لا بطريقة الترضية لأنّ الرئيس الجديد يبتسم ويتكلم كلامًا عذبًا.
تعاني إيران الآن بشدة من العقوبات. فقد انخفضت صادراتها من النفط إلى أدنى مستوياتها بـ 700 ألف برميل يوميًّا. ويؤدي الوقف الكامل لصادرات النفط إلى جعل الزعماء الإيرانيين يجثون على ركابهم. قد يؤدي هذا وحده إلى إقناع علي خامنئي بأنّ إبطاء، أو حتى هجر، حلم تصنيع أسلحة نووية، أفضل من مواجهة انهيار اقتصادي.