برامج ريئلتي

الحكواتي، يوسي الفي (Noam Moskowitz)
الحكواتي، يوسي الفي (Noam Moskowitz)

الحكواتي البصراوي الذي يُحي القصص العربية في إسرائيل

وُلد في البصرة بالعراق، تلقى تعليمه في إطار الثقافة العربية اليهودية، تنكّر في شبابه للثقافة الشرق أوسطية واكتشفها من جديد في كبره. قصة الحكواتي اليهودي الأكثر شهرة في إسرائيل

كانت لديّ دائما علاقة مميّزة مع الأصدقاء، الذين كان والداهم يهودا من مهاجري البلدان العربيّة. علاقة ثقافية، وعاطفية، وحسّية، وطهوية أولية. لقد أثارت اهتمامي دائما القصص العائلية عن الحياة في بغداد، البصرة، دمشق، حلب والدار البيضاء. كذلك بساطة الحياة، الغطس في نهري دجلة والفرات في أيام الصيف الحارّة، احتفالات الميمونة في مدينة فاس لدى انتهاء عيد الفصح وحفلات الزفاف الفخمة في الأحياء الملوّنة بمراكش.

من أجل فهم أفضل للثقافة اليهودية العربية المنسية هذه، سافرتُ للقاء حكواتي يهودي، الأخير تقريبا، الذي ما زال باستطاعته أخذي لجولة خيالية في أحياء البصرة الصغيرة والعبقة.

اليهود والمسلمين المغاربة في احتفال الميمونة (صورة من موقع جيمنا)
اليهود والمسلمين المغاربة في احتفال الميمونة (صورة من موقع جيمنا)

يوسي ألفي (70 عاما)، هو رجل مسرح، كاتب، محاضر، وإعلامي إسرائيلي معروف جدا في إسرائيل. ألفي، الذي يعتبر أبا للمسرح الجماهيري، هو مؤسس مهرجان “رواة القصص” الذي يجري كل عام في فترة عيد المظالّ.

“عليك أن تفهم، أن الثقافة العربية والثقافة اليهودية قريبتان جدا. فهما شرق أوسطيّتين. في الثقافة اليهودية هناك قصص. ويستند الكتاب المقدّس كله إلى القصص. وقد قدّست اليهودية أيضًا القصة كي تتذكر الأجيال على مر السنوات التقاليد. لقد أخذ الإسلام تقاليد القصص ومزجها مع الرؤيا الدينية الخاصة به ولكنه لم يقدّسها. في المسيحية والعالم الغربي لا يوجد قصص، هناك أساطير، وهذا يختلف جدا”، هذا ما يقوله لي بحماسة ألفي وهو جالس خلف طاولة العمل المليئة بالأوراق، في خضمّ الاستعدادات المحمومة قبيل المهرجان بعد نحو أسبوعَين.

الحكواتي، يوسي الفي (Noam Moskowitz)
الحكواتي، يوسي الفي (Noam Moskowitz)

جاءت فكرة المهرجان عندما كان ألفي قد اعتاد على التجوّل في البلاد وقراءة الأشعار التي كتبها. كانت هناك قصة وراء كل قصيدة. اقترح رئيس بلدية جفعتايم (مدينة في وسط إسرائيل فيها تركيز كبير من العائلات اليهودية من مهاجري العراق) اقتراحا مغريا لألفي وطلب منه أن يحكي القصص للجمهور العريض من على منصة المسرح في المدينة. توسع الموضوع كل عام وتوافد المئات على المسارح لسماع القصص، ذكريات الطفولة، تذكّر عبق الطعام، ليلمسوا بخيالهم الجدران الملّونة للمنازل في الأزقة المزدحمة بالأطفال المشاغبين في المدن العربية المفعمة بالحياة في وقت ما في سنوات العشرينات والثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي.

لماذا لا يزال الناس ينجذبون لرواة القصص؟

“إنهم يريدون سماع أنفسهم. عندما يرغب أحد ما بشراء بطاقة لمهرجان فهو يرغب بسماع القصص عن الحياة الصعبة التي عاشها المهاجرون اليهود الذين قدموا إلى إسرائيل بين عاميّ 1948-1949. وهو يرغب بإسماع صوته عن طريق راوي القصص. فمن خلاله يعيش طفولته وشبابه. يريد الناس تذكّر الألم. يمنحهم الألم القوة للاستمرار إلى الأمام”.

وُلد ألفي في البصرة بالعراق عام 1945، أي قبل نحو ثلاثة سنوات قبل الإعلان عن قيام دولة اليهود في إسرائيل. “أتذكّر الكثير من طفولتي في البصرة. أذكر جلالة (غطاء). وأنا مستلقٍ عليها وتلوح فوق رأسي سعف النخيل. أذكر السطح الذي كنا نقضي الوقت عليه مع العائلة. كما وأذكر قدومي إلى إسرائيل بالضبط”.

وحين كان يخبرني عن قدومه إلى إسرائيل، أرى علامات شوق كبير، لفترة تم نسيانها. “خرجنا من البيت في جوف الليل”. وحينها سألته مباشرة، لماذا يقول جميع اليهودي إنهم قد فرّوا في جوف الليل؟ “هل ستهرب في النهار أمام أنظار الجميع؟ كان هناك خوف حقيقي. هل تعرف من يكون شفيق عدس؟ لقد كان جارنا. رجل أعمال ثري جدا ومقرّب للسلطات وشخصية عامة معروفة جدا. تولى شفيق بنفسه إقامة وإدارة وكالة شركة السيارات الأمريكية “فورد” في العراق. لقد تمّ اعدامه شنقا بتهمة بيع السلاح لدولة إسرائيل الجديدة حينذاك. لقد شاهَدَتهُ والدتي مشنوقًا على عمود الكهرباء قرب منزلنا. كان ذلك صادمًا، حتى أطفاله شاهدوه مشنوقًا. القصة الحزينة هي أنّ العائلة أرادت إنزاله كي يتم إحضار جثّته للدفن، ولكن السلطات لم تسمح لهم. جاءت شاحنة لجمع القمامة وأخذت جثّته للقمامة، في اليوم التالي”.

السيد شفيق عدس (Wikipedia)
السيد شفيق عدس (Wikipedia)

“سافرتُ أنا مع جدّتي التي لم توافق على التخلي عنّي رغم أنه كان ممنوعا الذهاب مع الأطفال الصغار. اجتزنا شط العرب من البصرة إلى عبدان في قارب. ثم قضينا عدة أيام في عبدان عند أقاربنا وبعد ذلك اجتزنا كل الطريق حتى طهران، حيث أقمنا هناك في مقبرة. ومن هناك أكملنا رحلتنا إلى إسرائيل، وعندما وصلنا إلى الأراضي المقدّسة، تم إسكاننا في مخيّم انتقالي. عشنا أنا وجدّتي في خيمة صغيرة خلال عامين في ظروف مادية صعبة جدّا. جئنا في ذروة الحرب بين الدول العربيّة وإسرائيل، لم يكن هناك طعام ولا مياه جارية”.

لقد صُدم ألفي من اللقاء مع الثقافة الجديدة في إسرائيل. لقد كان يتحدّث العبرية بصعوبة، وكان يتحدّث العربية وكان عليه التكيّف سريعا مع الثقافة الجديدة، التي أورثتها الدولة العبرية لمواطنيها الجدد.

ما هو الأمر الذي كان الأكثر صدما بالنسبة لك خلال انتقالك من البصرة إلى إسرائيل؟

“عندما قاموا بخنقي. كان ممنوعا أن نقول كلمة في الطريق من البصرة إلى إسرائيل. في شط العرب لم يكن بالإمكان الحديث بكلمة وقد بكيتُ وحاولت جدّتي إسكاتي. وضعوا عليّ الحِزَم والخرق وضغطوا عليّ جميع الأمتعة. لا زلت أذكر ذلك حتى اليوم، كان الناس يدوسون على وجهي من أجل إسكاتي خشية من الانكشاف”.

الجالية اليهودية العراقية في سنوات ال-30 من القرن الماضي (Wikipedia)
الجالية اليهودية العراقية في سنوات ال-30 من القرن الماضي (Wikipedia)

قدِم والدا ألفي إلى البلاد عندما كان في الخامسة أو الخامسة والنصف من عمره. لقد تعلّم ألفي العبرية سريعًا جدا. وهو يعترف أنه في شبابه لم يكن يرغب بأن يسمّى عراقيّا، لقد أراد التخلّص من التقاليد، وأراد التجديد بالهويات الجديدة، الغربية التي جاءت بها الدولة الجديدة. بعد دراسته بدأ يفهم معنى التقاليد العراقية القديمة. واليوم وهو كبير فهو يعرّف نفسه “يهودي عربي”.

أبناء ألفي، غوري وشيري هما أيضًا فنانان ناجحان في إسرائيل. شيري ممثّلة ومغنية إسرائيلية ناجحة وقد نجحت أيضا في إثارة عاطفة والدها، في عيد ميلاده الستين، عندما قامت بأداء أغنية التهليل بالعراقية والتي كان يحبّها جدّا، “فوق النخل”. قال ألفي حينذاك، إنه تأثر بهذه البادرة حتى ذرف دموعا. ويُعتبر غوري ألفي، ابنه البكر، أيضًا أحد الفنانين الكوميديين الأكثر نجاحا اليوم في صناعة الترفيه الإسرائيلية.

ألفي: "الجالية العراقية اليهودية التي تعيش اليوم في إسرائيل تبحث عن السلام. إنه جزء لا يتجزأ من دمنا"
ألفي: “الجالية العراقية اليهودية التي تعيش اليوم في إسرائيل تبحث عن السلام. إنه جزء لا يتجزأ من دمنا”

في التسعينات، أي سنوات الأمل بالسلام الشامل بين إسرائيل والفلسطينيين، بعد أن تم التوقيع على اتفاق السلام مع الأردن، كان ألفي يستضيف في المهرجان العديد من الفنانين العرب: مصريون، أردنيّون وفلسطينيون. سمحت أساليب العمل في المسرح الجماهيري الذي أسسه ألفي في أرجاء البلاد، بإنشاء حوار مثمر من خلال المسرح. “كان المستهلِك الأكثر إخلاصا للمسرح الجماهيري هم عرب إسرائيل. كان هناك نقص في التواصل بين اليهود والعرب، وسمح المسرح بسدّ الفجوات وعرض المشاكل، المزايا والعيوب لدى كل طرف”.

ما رأيك ببرامج الواقع؟ إذ إن الناس اليوم لا يذهبون تقريبًا إلى المسرح

“خطيئة وظلم في عصرنا. كم من الممكن أن ننظر المزيد في الحياة الخاصة لشخص ما وهو يجلس في برنامج “الأخ الأكبر”؟ هذا ليس فنّا، وهذا النوع الفني التلفزيوني آخذ بالانحطاط. برامج الواقع هي معاداة تامّة للثقافة. إنها تكاد تصل إلى النازية. يقتلون أرواح الناس في بثّ حيّ. إنه تماما مثل حروب المصارعين في فترة الرومان: جمهور كبير يتجمّع كي يرى من ينجح في البقاء على قيد الحياة من خلال القتل. يواجه الناس صدمات قاسية بعد مشاركتهم في مثل هذه البرامج”.

ماذا كنت ستقول عن الجالية العراقية اليهودية التي تعيش اليوم في إسرائيل؟

“خاصية واحدة وبسيطة. نحن نبحث عن السلام. إنه جزء لا يتجزأ من دمنا. كنت سأنقل هذه الرسالة للعراقيين الأصلاء في بغداد، البصرة والموصل اليوم. سأخبرك بأكثر من ذلك، إذا كان في يوم من الأيام رئيس حكومة في إسرائيل من أصول عراقية، فسيطمح أكثر من جميع رؤساء الحكومة الإسرائيليين السابقين لتحقيق السلام مع جيراننا. نحن نتحدث بنفس اللغة ونحن نموت شوقًا للذهاب إلى العراق وزيارتها. نحن الوحيدون في العالم الذين لا نستطيع العودة إلى أوطاننا. هناك مثلي آلاف العراقيين الذين يعيشون في البلاد وأنت ترى البريق في أعينهم وهم يلتقون في الخارج بعراقيين أصلاء”.

من مهرجان رواة القصص (Facebook)
من مهرجان رواة القصص (Facebook)

ما الذي يجعل الإنسان راوي قصص ناجح؟

“القدرة على الإنصات. أن يكون بإمكانه استيعاب الآخر”.

أي قصص تثيرك؟

“أتأثر من القصص الشخصية”.

لو طلبت منك أن تحكي لي قصة عراقية قصيرة، ماذا كنت ستحكي لي؟

“حمار وعصفور يجلسان في طائرة. يضغط العصفور على زرّ مكتوب عليه “المضيفة”. تأتي المضيفة وتسأل بأدب: “نعم، كيف يمكنني أن أخدمك؟”. يجيب العصفور: “والله ودي اتشاقى وياكي” (بلهجة عراقية: أريد أن أتشاقى معك). ابتسمت المضيفة للعصفور بأدب وذهبت. يكرر العصفور الضغط على الزرّ ويستدعي المضيفة. تأتي المضيفة اللطيفة مرة أخرى وتسأله كيف يمكن أن تساعده. ومرة أخرى يقول العصفور: “والله ودي اتشاقى وياكي”. ومجدّدا تبتسم المضيفة بأدب وتعود إلى مكانها. رأى الحمار أن الأمر جيد وأن العصفور سعيد، يبتهج ويغرّد. قال لنفسه أنا أيضًا أريد أن أتشاقى مع المضيفة. ضغط على الزرّ واستدعى المضيفة. جاءت المضيفة وسألت الحمار كيف يمكن أن أساعدك. ضحك الحمار وقال: “والله ودي اتشاقى وياكي”. ابتسمت المضيفة بأدب وعادت إلى قمرة القيادة غاضبة وأخبرت الطيّار عن المسافرَين اللذين يزعجانها. قال لها الطيّار في المرة القادمة التي يزعجانك فيها، افتحي النافذة وألقي بهما منها. استغلّ الحمار مرة أخرى هذا الوضع وضغط مرة أخرى على الزرّ. ولكن هذه المرة جاءت المضيفة، فتحت باب الطائرة وألقت بكليهما. وهما يسقطان سأل العصفور الحمار، وهو يطير بجانبه: “يا حمار تعرف اطير؟” أجاب الحمار: “لا”. فأجابه العصفور: “ما بتعرف اطير ليش تتشاقى؟”.

اقرأوا المزيد: 1325 كلمة
عرض أقل
ميشيل رايدمان (إنستجرام)
ميشيل رايدمان (إنستجرام)

ابنة سيدة أعمال إسرائيلية فتحت حساب انستجرام في جيل 5 سنوات

ابنة سيدة الأعمال والمنتجة الإسرائيلية التي تنظم الأحداث المرموقة، نيكول رايدمان، فتحت حساب انستجرام وهي ما زالت في جيل 5 سنوات فقط. انقسم المتصفحون فيما بينهم إن كان ذلك سابقا لأوانه أم لا؟

اشتهرت نيكول رايدمان في إسرائيل بفضل موسمين من برنامج الواقع الوثائقي الإسرائيلي “مستغنيات” والذي يعرض حياة عدد من النساء الغنيات في إسرائيل. ورايدمان معروفة كمن تحب أن تظهر بكامل أناقتها بملابس تضاهي عشرات آلاف الشواقل. والآن انضمت ابنتها ميشيل رايدمان، إلى الحفل العائلي المرموق وفتحت حساب انستجرام قبل وقت قليل من بلوغها سن الخامسة.

مع فتحها لهذا الحساب، كتبت أمها نيكول على الانستجرام: “سيداتي وسادتي، إليكم ميشيل رايدمان لأول مرة على الانستجرام!. تابعوها، أعدكم بأن ذلك سيكون مثيرا للاهتمام”.

وتحظى ميشيل حتى الآن بما لا يقل عن 132 ألف متابع. يدعم جزء من متابعي ميشيل على حساب الانتسجرام هذه الخطوة كثيرا ويُجاملها. وصُدمت متصفحات أخريات من منظر البنت الصغيرة التي تقوم بطلاء الأظافر والعناية بالأقدام وأظافرها وغضبن على نيكول التي فتحت لابنتها حساب انستجرام بجيل صغير كهذا.

نيكول رايدمان متزوجة من رجل الأعمال ميخائيل تشرنوي. في تشرين الأول 2014، ولدت أخ لميشيل اسمه ريتشارد يسرائيل رايدمان تشرنوي. من المثير معرفة متى سيُفتح حساب انستجرام لريتشارد الصغير.

https://instagram.com/p/6M1bzrsZZ5/

https://instagram.com/p/6NgnFKMZeS/

https://instagram.com/p/6MwYjdMZRB/

https://instagram.com/p/6M4PkxsZen/

اقرأوا المزيد: 153 كلمة
عرض أقل
فرح بيكر (تويتر)
فرح بيكر (تويتر)

فتاة غزية واحدة تعرض وقائع الحرب

فرح بيكر، فتاة فلسطينيّة بعمر السادسة عشر تحصل على 209000 متابع على تويتر، توثّق الوضع في غزة من وجهة نظرها، بما في ذلك دعمها لحماس

قادت الحرب الأخيرة في غزّة إلى ولادة ظاهرة مُدهشة عند الفلسطينيّين على شبكة الإنترنت: تُدعى فرح بيكر وحاصلة على 209000 تابع في موقع تويتر.

في تموز الماضي كان عدد متابعيها يساوي 4500 متابع، ولكن انضمّ لهم الكثيرون منذ بداية نشرها للتقارير المثيرة التي توثّق مشاهد الحرب القريبة منها بالكلمات والفيديو والصور.

فقد التقطت وسائل الإعلام قصة هذه الفتاة الشخصيّة وهذه الظاهرة التي انتشرت بسرعة كبيرة، ومذ ذلك قامت الصحف العالميّة بالتطرّق إليها وإلى قصتها في العديد من المقالات، بالإضافة إلى مقابلات في قناتَي BCC والجزيرة. إذ لم توقفها حقيقة انتهاء المعارك في غزة عن نقل صور الخراب والدمار التي خلّفتها الحرب، إنّما نَمَت لديها روح المناضلة أكثر فأكثر خصوصًا بعد الاهتمام الذي نالته من وسائل الإعلام – كما وازداد حقدها المُلتهب على الإسرائيليّين.

في الفترة الأخيرة دعت بيكر نفسها بلقب “آن فرانك الجديدة”، إذ شجّعها نداء متابعيها لها بهذا اللقب. وتبيّن من خلال تغريداتها ومنشوراتها على الشبكة أنّها تُؤيّد حماس وبشدّة أكثر بعد انتهاء الحملة، إذ تعرض بذلك مثال حيّ مُحزِن على تأسيس وغرس الكره عند الجيل الفلسطينيّ الشاب.

وفي الأيام الأخيرة أظهرت مقارنة مُعتبرة بين صور لناجي معسكرات الاعتقال وصور الأطفال القتلى في غزة. وكان ردّ فعل متابعيها هو الغضب على هذه المقارنة الصعبة. وما يمكن تأكيده، هو أنّ هذه الفتاة قد شهدت حتى الآن ثلاثَ حروب خلال حياتها، وتغريداتها على ما يبدو تُعبّر بأفضل صورة عن المأساة التي مرّت بها.

تُوفر بيكر، لمُبحري الشبكة العنكبوتيّة حول العالم، مدخلا وسيطا لتجربة مأساويّة لمواطنة شابّة تقطُن بإحدى المناطق التي يتمّ تسليط الضوء عليها إعلاميًّا بشكل كبير في العالم. حيثُ تصف بكل وضوح خوفها من الموت بإحدى القذائف التي تُطلق دون انقطاع يُذكر بالقرب من بيتها الواقع قُربَ مشفى الشفاء الذي خُبّئت فيه الكثير من الأسلحة، ووفقا لتقارير عربيّة وإسرائيليّة فقد اختبأ هُناك عدةٌ من زعماء حماس أثناء الحرب.

“من الممكن أن أموت الليلةَ”، هكذا كتبت وأظهرت للعالم الآمن كيف تحوّلت من فتاة عاديّة ذات أسلوب حياة واهتمامات نمطيّة ملائمة لجيلها – إلى شخصية سياسيّة مثيرة للإعجاب.

هناك مَن يوافق على أنّ ما تنشرُه مُبالغ به، وهناك من يقول إنّ هذا هو واقع حياة لفتاة تكبُر بمكان تختلف فيه المعيشة عن تلك التي يعيشها فتيات بسنّها في هذا العالم، بحيث اضطرت للتأقلم مع ظروف حياة صعبة جدّا على أثر الحروبات. وصرّحت بيكر عن رغبتها بتعلّم القانون والمحاماة، وذلك بهدف مساعدة المواطنين الفلسطينيّين بالدفاع عن حقوقهم الإنسانيّة – وكذلك من أجل النضال لتحرير الدول المُحتلّة.

اقرأوا المزيد: 376 كلمة
عرض أقل
الفائزة طال جلبواع، الإخ اللأحبر (Flash90/Yonatan Sindel)
الفائزة طال جلبواع، الإخ اللأحبر (Flash90/Yonatan Sindel)

برنامج الواقع الإسرائيلي يقرر: الخضرية تنتصر

بعد صيف كامل وأكثر من 100 يوم على برنامج الواقع العالمي "بيت الأخ الأكبر"، يقرر الإسرائيليون منح مليون شيكل للمرشحة التي رفعت راية الخضرية

بعد معركة شديدة بين أول مكانتين، وصل أمس برنامج الواقع الأكثر مشاهدة في إسرائيل “بيت الأخ الكبير” إلى نهايته واختار الإسرائيليون تخصيص مليون شيكل (حوالي 285 ألف دولار) للمرشحة التي رفعت خلال البرنامج راية الخضرية.

“طال جلبواع” هي الفائزة في الموسم الأكثر مشاهدة في التلفاز الإسرائيلي بعد أن وعدت أنها ستتبرع بكل الجائزة لإنقاذ الحيوانات من الذبح والتعذيب.

منذ أن دخلت البيت، لم تتنازل طال عن أجندتها الخضرية، بل ونجحت في إقناع بعض رفقائها في البيت أن يغيّروا عادات أكلهم وأن يصبحوا خضريين. مثلهم كذلك مواطنون كثيرون في إسرائيل الذين ادعوا أنها المقيمة الأكثر تأثيرًا في تاريخ البرنامج.

تلقى الاتجاه الخضري نسبة غير قليلة من الأصداء الإعلامية في السنوات الأخيرة، ويعود فضل ذلك إلى الكشف الإعلامي والحملات من قبل أناس معروفين. إلى أي مدى يؤثر كشف كهذا- مثال على ذلك، المتبارية الخضرية طال جلبواع في نهائيات “بيت الأخ الأكبر”، على تعامل الناس مع الموضوع وهل يؤدي ذلك إلى تغيير العادات والاستهلاك؟

الحركة النبتتية تتظاهر لوقف تعذيب وقتل الحيوانات (Flash90/Gili Yaari)
الحركة النبتتية تتظاهر لوقف تعذيب وقتل الحيوانات (Flash90/Gili Yaari)

في استطلاع شامل أجري مع نهاية الموسم السادس لبرنامج “بيت الأخ الأكبر” (الذي أجري أمس)، تم فحص عادات الأكل لدى الإسرائيليين بالنسبة لإحدى الصرعات المطبخية البارزة في الفترة الأخيرة- والنتائج تثير الاهتمام:

60% من المجيبين ذكروا أنهم أجروا تغييرًا في عادات أكلهم في الفترة الأخيرة أو أنهم سيجرون ذلك في فترة قريبة، ذكر 9% منهم أنهم توقفوا تمامًا عن استهلاك مجموعات أكل معيّنة وتبنوا أسلوب حياة خضري أو نباتي. ذكر 17% أنهم قللوا استهلاك اللحوم.

أجاب حوالي 50 % من مشاهدي برنامج “بيت الأخ الأكبر” أن مشاهدة الموسم الحالي قد رفعت مستوى وعيهم للمسار الذي تمر به الحيوانات خلال تحضير اللحوم- وأعرب ما يقارب نصفهم أن وعيهم للمسألة قد ازداد كثيرًا، إذ ذكرت بعض النساء بشكل أبرز أن مستوى وعيهن للموضوع قد ارتفع ارتفاعًا كبيرًا جدًا.

تحوّل تيار الخضرية في السنوات الأخيرة إلى تيار بارز جدًا في أرجاء العالم. هذه الأيديولوجية وطرق التعبير عنها هي التي تخلق الخلافات حول عالم الخضرية، الذي يعتبر عند الكثيرين تطرفًا.

يعتقد كثير من الناس أن الخضريين يختارون أساليب متطرفة لإيصال رسالتهم. وما زال الحديث على ما يبدو عن تيار غير عابر وإنما هو تغيير يمر به العالم إثر الأضرار الكبيرة التي تنسب إلى التنكيل بالحيوانات وتأثيرات الدفيئة التي نتجت عن تصنيع اللحوم.

اقرأوا المزيد: 341 كلمة
عرض أقل
لونا أيو نصار (Facebook)
لونا أيو نصار (Facebook)

المغنية التي ستصنع التاريخ

لونا أبو نصار تخترق الحدود المتعارف عليها وتمزج في الكتابة والغناء العبرية والعربية. الشابّة الموهوبة، التي وُلدت في الناصرة وتعمل في يافا، لا تتبع للأنماط المألوفة وهي تنشئ نطاق عمل مثير لموسيقيّين آخرين

بين الفينة والأخرى، يظهر في حياتنا مطربون يصنعون موسيقى مؤثّرة تشكل بداية طريقهم. موسيقى تثير أوتار القلب وتخترق أعماق الروح. من مرّة لأخرى، يطفو على السطح موسيقيّون شجعان، من أولئك الذين لا يخشون من حدود الإجماع ويقدّمون أغانٍ خارقة، مزج اللغات والإنتاج الذي يمنح آلات العزف المختلفة فرصة ليعرف بعضها البعض الآخر. ومن مرّة لأخرى – كم هو مفرح – تنفجر في حياتنا الموسيقية التي تمتلك كلّ شيء!

لونا أبو نصار، التي وُلدت قبل 24 عامًا في الناصرة وتعيش اليوم وتبدع في يافا، هي شخصية غير عادية في المشهد الموسيقي الإسرائيلي. تلقّت تعليمها في أحضان الثقافة والموسيقى العربية، ولكن حين كبرتْ لم تخشَ من الخروج إلى العالم الكبير وذهبت للدراسة في تل أبيب، في مدرسة للموسيقى (Muzik). تكتب في العبرية والعربية، تلحّن وتتقن مجموعة متنوّعة من آلات العزف وتغنّي في كلتا اللغتين بلكنة كاملة. اختارت لونا دمج الثقافات في حياتها وإبداعها، وهناك شكّ إنْ كنتم قادرين على ربطها بنمط معين.

استمعوا لأداء لونا لأغنية “يستمر في السفر”(ممشيخ لنسواع) لإيهود بناي، من كبار مطربي إسرائيل:

بدأت الشائعات حولها بالتراكم بخصوص صدور نسخة الغلاف هذه، لواحدة من الأغاني التي تميّز إيهود بناي. الكلمات هي نفس الكلمات، اللحن لم يتغيّر بشكل كبير، ولكن المعالجة والتفسير الشخصي للونا نجحا في سحب قوى جديدة منه. بشكل شخصيّ، فهذه إحدى أكثر الأغاني التي أحبّها على الإطلاق، بالأداء الأصلي. ولكن حين تخرج من حنجرتها العبارات “القلب الذي تجمّد ذاب، لن يترك المدينة، مستمرّ في السفر” وقوس قزح يرفرف في أوتار الكمان، أشعر بأفكار هرطقة وآمل ألا يقرأ إيهود بناي هذا النصّ ويسمع أنّني انتقلت إلى معسكر لونا.

أبو نصار تغنّي عن “مشوار” وتعود لرحلة في لفائف الزمن الماضي، من المشروع النهائي لها في Muzik:


وقبيل انتهاء دراستها، أصدرت في الصيف الأخير مشروعها النهائي “أحكيلك” . افتتح هذا “الألبوم” بشكل فعّال ويتضمّن خمس أغان بالعبرية (مع لمسات خفيفة من العربية) وثلاث أغان غنّتْها بلغتها الأصلية. إحدى تلك الأغاني هي “مشوار”، ويكشف الاستماع عن تجربة شخصية عميقة، والتي توحي بماضي المدينة الكبيرة، تل أبيب – يافا، والأمور التي تركتها خلفها إلى جانب تلك التي أخذتها معها في رحلتها. ومثل سائر أغاني المشروع، تؤمن لونا بأنّ تقديمها الناعم يُحدث الفرق. لم ينعم الله عليها بصوت مدوٍ وتناغم مثلما لدى المغنّيات الأخريات، ولكن الشعور الذي يصاحب أغانيها هو شعور ساحر. يُدعى المستمع للقيام بجولة في أعماق روحها، دون أن تحوّل نفسها لشخصية مأساوية ومعقّدة للغاية. إنسان، مثلنا جميعًا.

الأغنية الشهيرة الأولى – وبالتأكيد ليست الأخيرة – للونا: “أحكيلك”:

وهذه هي الأغنية الرئيسية للمشروع النهائي. من الناحية الزمنية، فهي واحدة من إبداعات لونا الأولى. أغنية تلمس القلب، تحكي فيها أمّ لابنتها عن مهاجمين منحرفين وضعوا لها السمّ في المشروب، وأنزلوها من قمّة العالم إلى عذاب جهنّم. وسوى حبّها وكلمات التحذير، فإنّ الأم لا تستطيع المساعدة، وهي تترك ابنتها في الواقع مع نفس المشاعر من فقدان الثقة والخوف، التي رافقتها. “يا قمري، أغمضي عينيكِ. لا تقلقي، سأعطيك كلّ شيء. ولكن ليس لديّ، ليس لديّ”. يبقى المستمع قلقًا ومرتبكًا. هل هذه قصة شخصية؟ هل هي قصة حقيقية؟ والمزج بين العربية والعبرية يجعل مهمّة التشخيص مستحيلة فحسب. وفي النهاية، بقي لديّ الحزن فقط.

تعاون ناجح بشكل خاصّ في إطار “‏System Ali‏” أنتج أغنية “‏Vayina‏” (“الحرب” بالروسيّة):

نعم، كان هناك مطربين دمجوا في موسيقاهم العبرية والعربية، ولكنّ ذلك تمّ دائمًا بالحدّ الأدنى، “على الطريق”، أو بالاستناد على مواد معيّنة وبمثابة تقدير لأغنية محبوبة أو لمطرب كبير (مثلا: أم كلثوم أو فريد الأطرش). مغنّية نشأت داخل ثقافة مختلطة، تعلّمت في الناصرة، عاشت في يافا وتدرس في تل أبيب؛ هذا ما لم يكن لدينا من قبل. بصوت لطيف ولكن عميق، ألحان ساحرة وإحساس بالإيقاع يمكّنها من تخطّي الصديقات في فرقة “هيب-هوب” مع أغان احتجاجية ناعمة، يبدو أنّ لونا تملك “الحزمة الكاملة”.

لونا أيو نصار (Facebook)
لونا أيو نصار (Facebook)

رغم ذلك، يبدو أنّ لونا ليست مسرعة إلى أيّ مكان. وعلى وجه التحديد في ضوء وفرة المتصدّرين في البرامج الواقعية (الريالتي) مثل “‏The Voice‏” و”‏X-Factor‏”، التي تتلألأ صورتها من مسافات بعيدة. إنّها تعمل بدقّة على المواد التي تصدرها، تنوّع نشاطها مع مشاريع أخرى وتعاونية، تسير ببطء إلى داخل آذان المستمعين الإسرائيليين، اليهود والعرب على حدٍّ سواء، وبالطبع: تشقّ طريقها لأولئك الذين سيأتون بعدها. بكلمات أخرى: خطوة صغيرة لمغنّية وخطوة ضخمة للموسيقى الإسرائيلية.

ونختم مع الأغنية “بمشي لقدّام”، والتي تكشف عن التوتّر المستمرّ بين الخوف والأمل؛ يبدو أنّ لونا قد أحسنت الاختيار…

اقرأوا المزيد: 662 كلمة
عرض أقل
الرابحة نوف عثامنة إسماعيل (Flash90/Yonatan Sindel)
الرابحة نوف عثامنة إسماعيل (Flash90/Yonatan Sindel)

الفائزة العربية التي تنجح في إبهار كبار الطهاة في إسرائيل

لقد انتظرت فصلا كاملا هذه اللحظة: في نهاية مساء مملوء بالتوتر والانفعال وبعد أن اجتازت كثيرًا من المهمات على الطريق، تحظى نوف بلقب الماستر شيف الإسرائيلي القادم

مع انتهاء مساء النهائي للفصل الرابع من “ماستر شيف”، لدينا رابح أخيرًا: بعد المنافسة وجهًا لوجه أمام المتباري القوي، عيدو، منح المحكّمون النصر لنوف بفارق 11 نقطة حاسمة.

قَدّمتْ للمحكّمين لمدة فصل كامل وجبات بعد وجبات تركتهم يطلبون المزيد، وتحدثت عن طموحها لإظهار الجانب العصري للمطبخ العربي وعن حلمها في فتح مدرسة يهودية- عربية للطهي.

أمس، قامت نوف عثامنة إسماعيل بعمل ذلك مرة أخرى ونجحت في أن تُريَ المحكمين، المتذوقين، وباقي المجموعة التي تتنافس معها أنها المتبارية الأجدر في أن تحظى بلقب ماستر شيف الإسرائيلي القادم.

يبدو أنها وصلت للنهائي متجهزة ونجحت في إبهار المحكمين حتى قبل أن تصل لمرحلة المعركة الثنائية: قدمت في الوجبة الأولى سلطة فتوش مع حمص ووافق المحكمون بصوت واحد أن الوجبة ممتازة. قدمت في الوجبة الأساسية سمك لقّز مع الفريكة والعلت، وكما في الوجبة السابقة، عرفوا أيضًا في هذه المرة كيف يميّزون فورًا صنع يديها.

الرابحة نوف عثامنة إسماعيل (Flash90/Yonatan Sindel)
الرابحة نوف عثامنة إسماعيل (Flash90/Yonatan Sindel)

كانت وجبتها للتحلية فطيرة تفاح مع بوظة طيبة إلى جانبها، وكانت وجبتها المنتصرة سمك سلطان أبراهيم (بربون) مقلي توّجها باللقب: “هذا أسعد يوم في حياتي”، قالت والدموع في عينيها.

نوف عثامنة إسماعيل، دكتورة في البيولوجيا (33عامًا)، تسكن في بلدة باقة الغربية مع زوجها وثلاثة أولادها. في لحظة الفوز قالت منفعلة: “رغم الصعوبات، كانت هذه التجربة من أكثر التجارب إثارة في حياتي. شكرًا للمحكمين والمنتجين، شكرًا لعائلتي”.

خلال الفصل الرائع، تحدثت عثامنة عن حلمها لفتح مدرسة يهودية عربية للطهي، يؤمّها تلاميذ من كل أرجاء البلاد، والآن ستحاول بالمال الذي ربحته أن تحقق حلمها. عدا عن درجة الدكتوراة في البيولوجيا، فهي تحوز ما لا يقل عن أربعة ألقاب إضافية ما بعد الدكتوراة وتربي ثلاثة أولاد مع زوجها. أم نوف، معلمة للغة العربية، منحت ابنتها اسمَ نوف بعد أن بُث في التلفزيون الأردني مسلسل فيه فتاة بهذا الاسم الشائع في الصحراء. معنى الاسم هو المكان الأعلى في سنام الجمل.

اقرأوا المزيد: 280 كلمة
عرض أقل
نوف عثامنة، في برنامج الطهي "ماستر شيف" (PR)
نوف عثامنة، في برنامج الطهي "ماستر شيف" (PR)

الطبخ أمام الكاميرا

بعد تراجع برامج الواقع الموسيقية، برامج الواقع الخاصة بالطباخين والطبخ، تهيّمن على ساعة المشاهدة القصوى الإسرائيلية: كل شخص يريد أن يكون شيفًا

من بين 7 أيام في الأسبوع، يتم تكريس 4 ليال من البث في القناة 2، القناة التجارية الأكبر والأوسع انتشارًا في إسرائيل، لبرامج الواقع الخاصة بالطبخ. نتحدث عن برنامجين رائدين صاحبي امتياز في القناة، وكل برنامج منهما يبث مرتين في الأسبوع. بالإضافة إلى هذين البرنامجين، هناك برنامج واقع خاص بالطبخ يبث عبر القمر الاصطناعي، وبرنامج بصيغة تختلف قليلا يُبث على القناة الحكومية.

قضاة البرنامج "ماستر شبف" (PR)
قضاة البرنامج “ماستر شبف” (PR)

لا يمكن تجاهل هذا. سيّطرت برامج الواقع الخاصة بالطبخ منذ زمن على ساعة المشاهدة القصوى. الأسماء – “ماستر شيف”، “مسحكي هشيف” و “رويال شيف” لا تشير إلى الكثير من الإبداع، وأيضًا الفكرة شبيهة: مسابقة فيها كل واحد من المشاركين يطبخ، في وقت محدد، طبقًا يجب أن يستوفي شروط المهام المتغيّرة، أن يكون طيب المذاق، وجميل بالطبع، لأنه على أي حال، المشاهدون يرون فقط الطبق، ولا يتذوّقونه. يتذوق أشهر الطهاة في إسرائيل الأطباق التي تُحضّر، يحددون العلامات، ويقررون من سيكمّل ومن سيغادر البرنامج.

نتحدث بشكل عام عن آلاف المتنافسين الذين يمرون بالعديد من التصنيفات وتجارب الأداء، يحظى قلائل منهم فقط بالظهور التلفزيوني، وبالطبع أي شيء جانبي ممكن و”قصص إنسانية مؤثرة” تحظى بوقت أطول على الشاشة. هذا مثلاً كان حال، متنافسة ضريرة في “ماستر شيف” والتي فقدت حاسة النظر في عملية إرهابية، ورغم كل شيء استمرت بالطبخ، حظيت بظهور كبير، رغم أن الطعام الذي حضّرته لم يكن أكثر من متوسط، وبالنهاية لم تنجح بالدخول إلى المنافسة.

قضاة البرنامج "مسحكي هشيف" (PR)
قضاة البرنامج “مسحكي هشيف” (PR)

كثرة البرامج، والاستخدام “الرخيص” للقصص المؤثرة، يثير الكثير من السخرية. اعتبارات الإنتاج التي كانت سابقًا “خلف الكواليس”، تحظى بالكشف والانتقاد (كيف يعقل أنه في كل برنامج هناك “بالصدفة” ممثل عن كل وسط؟ امرأة عربية، رجل متديّن، على الأقل امرأة شقراء واحدة، عجوز بهيّة الطلعة، وإن أمكن أيضًا امرأة أثيوبية وأخرى هندية – كما في الموسم الحالي، على أحسن حال).

لكن، رغم كل هذا النقد وردود الفعل الساخرة، تحقق هذه البرامج النجاح على المستوى التجاري. تشير المعطيات إلى نسبة مشاهدة مرتفعة، والإسرائيليون لا يهتمون أن يقيدوا وقتهم أمام إسرائيليين مثلهم يطبخون، ويثيرون شهيتهم، بدلا من تفكيرهم.

في برنامج آخر (مسحكي هشيف) تتنافس الفرق مع بعضها البعض، وكل فرقة يقودها واحد من أشهر الطهاة الإسرائيليين، وفقط بعد ذلك يبدأ أعضاء الفريق الذين لم يفوزوا بالمهمة الأولى، بالتنافس فيما بينهم، ومن يحضر الطبق الأسوأ، يغادر البرنامج.

برنامج واحد فقط من هذه البرامج، مهمل نسبيًا، والذي يتم بثه على القناة الحكومية غير المحبوبة، والذي يقدم نوعًا آخر من برامج الواقع. البرنامج عنوانه “تعالوا لتأكلوا معي” (من هناك فقط يمكن أن نرى فارقًا بينه وبين باقي البرامج)، ونتحدث عن برنامج واقع ذي ميزانيات فقيرة، دون مقدم برنامج، ولا حضور لطهاة معروفين ومشهورين. هناك فقط خمسة أشخاص، في كل ليلة يدعو شخص واحد البقية لتناول الطعام في بيته. بعد الوجبة، يضع كل متسابق العلامة المناسبة الخاصة بالوجبة، ويوم الخميس يتم الكشف عن الفائز، الذي يفوز برحلة تتعلق بعالم الطبخ إلى إيطاليا (جائزة متواضعة، مقارنة بالجوائز التي قيمتها آلاف الدولارات في البرامج الأخرى).

ولكن، وإن كان البرنامج مختلفًا، لا نزال نتحدث عن برنامج واقع خاص بالطبخ. يبدو أن الإسرائيليين يحبون مشاهدة الطعام، وكثيرًا. أو ربما هذه هي برامج الواقع التي يحبونها؟ فقبل بضعة أشهر كانت برامج المسابقات الغنائية، الثلاثة، حيث تبارى الجميع، وحظيت ثانية بنسبة مشاهدة عالية. يبدو أن الإسرائيليين يحبون أن يعودوا إلى البيت بعد يوم عمل طويل، وأن “يطفئوا” عقولهم، وألا يجتهدوا، وألا يفكروا، وترك الشاشة تطعمهم، بما في الكلمة من معنى، بكل ما أمكن. وبالطبع خلال ذلك هناك عشرات الإعلانات والمؤسسات التي تستغل الوضع ويبيعوننا السلع، وذلك مع إيهامنا بالمتعة.

اقرأوا المزيد: 535 كلمة
عرض أقل

هل يكون النجم الصاعد من إسرائيل؟

مجلة "هوليوود ريبورتر" بتقرير شامل حول مسابقة المواهب الجديدة التي تهزّ الدولة

في السنوات الأخيرة، أضحت إسرائيل مصنعًا لبيع صيغ وأفكار برامج تلفزيونية لعدد كبير من دول العالم. ولكن حتى على ضوء النجاحات السابقة، فإنّ التقرير الأخير في موقع “هوليوود ريبورتر” المهم كان استثنائيًّا.

“النجم الصاعد، مسابقة غناء جديدة تحطّم نسب المشاهدة في الداخل وتذهل المعنيين بصناعة البرامج باستخدامها لتقنية التواصل الاجتماعي”.

كُتب في الموقع في تقرير خُصّص للبرنامج الجديد للقناة الثانية. البرنامج الجديد يشبه في مضمونه برنامج المواهب “عرب أيدل”، إذ يرتكز على منافسة في الغناء بين مواهب جديدة. لكن “كيشت” التي تنتج البرنامج دمجت المشاهدين في عملية اتخاذ القرارات بدءًا من مرحلة تجارب الأداء التي تُصوَّر ببث مباشر عبر شبكة الإنترنت، الهواتف الذكية، والتلفاز.

“ثمة الكثير من الكلام حول تطبيقات الشاشة الثانية، ومعظم البرامج المماثلة لديها تطبيقات كهذه، إذ تُظهر الكلمات، التفاهات، أو أي شيء”، قال المدير العام “كيشت” آفي نير للمجلة، موضحًا خصوصية البرنامج.

“لكن فيما معظم تطبيقات الشاشة الثانية تجري بالتوازي مع العرض، فإنّ التطبيق هنا جزء لا يتجزأ من العرض نفسه. لا يمكنك إتمام عرض البرنامج دون التطبيق، والعكس صحيح. دون الشاشة الثانية، لا برنامج”.

وحتى قبل بدء عرضه، تصدّر البرنامج العناوين حين انضم إلى “حرب عارضات الأزياء” مع البرنامج المنافس X FACTOR. فبعد أن أعلن X FACTOR أنّ عارضة الأزياء الإسرائيلية بار رفائيل يستقدّم البرنامج، قرّر “النجم الصاعد” أن تُقدّم العارضة أستي جينزبورغ المرحلة التفاعلية من البرنامج، حين يقوم الجمهور بالتصويت.

في هوليوود ريبورتر، قُدّر أنّ البرنامج جذب انتباه عدد من اللاعبين في المجال، ويُحتمل جدًّا أن يكون البرنامج القادم الذي سيُباع من إسرائيل هو “النجم الصاعد”. ينطلق البرنامج الأسبوع القادم في المؤتمر التلفزيوني MIPCOM في لقاء خاص مع سلطات البث، حيث سيُبث البرنامج في دائرة مغلقة وببث مباشر من إسرائيل في إطار اللقاء، ليتيح للمدعوين تجربة التصويت في لحظة الحسم عبر التطبيق.

وإذا بيع البرنامج، فسينضمّ كما ذُكر إلى عدد كبير من الصيغ والسيناريوهات التي جرى بيعها، بينها مثلًا المنافسة الموسيقية “مدرسة الموسيقى” التي طورتها كيشت أيضًا. فقد بيع البرنامج الذي يعرض أولادًا ذوي مواهب في الغناء يحظون بمرافقة وإرشاد مغنين ذوي خبرة في مؤتمر MIP الأخير للبث في الصين، ومذّاك أُطلقت عدة نسخ من البرنامج في السويد، النروج، فرنسا، وهنغاريا، التي تحول فيها البرنامج إلى الأكثر مشاهدة على قناة TV2 عام 2013.

أما النجاح الآخر للقناة العاشرة المنافسة فكان بيع المسابقة “الطيران إلى المليون”، التي ابتكرت فكرة أنّ المتنافسين الذين لا ينجحون في الإجابة عن الأسئلة يسقطون فورًا عبر ثقب في الأرضية، كما تشاهدون في هذا الفيلم:

بيع البرنامج لشبكة NBC الأمريكية قبل بثه في إسرائيل، ثم جرى بيعه ليُعرض في ألمانيا وإسبانيا.

اقرأوا المزيد: 390 كلمة
عرض أقل
تهونيا روبل الفائزة ببرنامج الأخ الأكبر (Flash90/Yonatan SIndel)
تهونيا روبل الفائزة ببرنامج الأخ الأكبر (Flash90/Yonatan SIndel)

“الأخ الأكبر” وقصة “سندريلا” جديدة

فازت تهونيا روبل، إثيوبية وعارضة أزياء عمرها 25 عامًا من بيت شيمش، بمليون شاقل في برنامج الواقع الأكثر مشاهَدةً في إسرائيل "الأخ الأكبر".

تهونيا روبل هي الفائزة في الموسم الخامس من برنامج الواقع”الأخ الأكبر” (Big Brother) – هكذا تحدّد في نهائي البرنامج الذي عُرض مساء أمس الثلاثاء على القناة الثانية “كيشت”. وفازت روبل، وهي عارضة أزياء تبلغ من العمر 25 عامًا من بيت شيمش، في ضواحي القدس، بجائزة تبلغ مليون شاقل (نحو 278 ألف دولار).

وعُرض هذا الموسم من البرنامج، بخلاف المواسم السابقة، خلال الصيف، فصل تكون فيه نسبة المشاهدة قليلة نسبيًّا. ربما لهذا السبب كانت نسبة المشاهدة قليلة بالنسبة للمواسم السابقة، ولكن أعلى بكثير من برامج تلفزيونية أخرى بُثّت في الشهور الأخيرة في إسرائيل.

وكما هو معلوم، فإنّ برنامج “الأخ الأكبر” هو برنامج تلفزيوني عالمي ناجح. والفكرة وراء البرنامج هي وضع عدد من المشتركين الآتين من خلفيات اجتماعية متنوّعة في بيت لفترة طويلة، ومراقبة سلوكهم وأنماطهم الاجتماعية تحت الضغط والصراعات الداخلية سعيًا لنيل استحسان الجمهور. وظيفة المشاهدين أسبوعيًّا هي تصنيف المتنافسين، ليبقى المشترك الأقرب إلى قلوبهم أخيرًا في البيت، المراقَب بآلات التصوير، ويفوز بمبلغ ماليّ ضخم في نهاية فترة مكوث طويلة دون التعرض للعالم الخارجي.

وتعود فكرة برنامج الواقع “الأخ الأكبر” إلى مصطلح في رواية بعنوان “1984” للأديب البريطاني جورج أورويل.‎ ‎في الكتاب، “1984”, الأخ الأكبر هو وصف للزعيم الشمولي الذي تُقدّم له العبادة ويعلو على أيّ نقد. يصف أورويل في كتابه الأخ الأكبر بصفته زعيمًا لحزب “إنغسوك” (Ingsoc – كلمة منحوتة من الكلمتَين “الاشتراكية الإنجليزية”)، الذي يحكم أوقيانيا، دولة خيالية تجري فيها أحداث الرواية. بدأ صعود الأخ الأكبر في ستينات القرن العشرين، حين جرى إعدام قادة الثورة الأصليين في الحزب في إطار التصفيات الكبرى. وبعد عقد من ذلك، أصبح الأخ الأكبر القائد الأوحد للحزب. لكنّ أورويل يُلمح في الكتاب إلى أنّ الأخ الأكبر هو شخصية خيالية اختلقها الحزب، لتكون موضعًا للتماثل مع الحزب، إذ إنّ من الأسهل الشعور بالقرابة من إنسان أكثر من مجرّد هيئة أو فكرة أيديولوجية. وتأكيدًا على ذلك، يمكن الاستشهاد بتحوّل الأخ الأكبر إلى شخصية أسطوريّة، سيرته الذاتية غير واضحة، زمان ولادته غير معلوم، والاعتقاد الشائع أنه لن يموت. ليس في أوقيانيا أحدٌ يعرف اسمه الحقيقي، أو رآه وجهًا لوجه.

غرفة التحكم لبرنامج الأخ الأكبر (AFP)
غرفة التحكم لبرنامج الأخ الأكبر (AFP)

وكثيرًا ما يُستخدم التعبير “الأخ الأكبر” للحديث عن ممارسات تمسّ بالخصوصية، سواءٌ في ما يخصّ المؤسسات الحكومية أو الشركات التجارية.
وكما ذُكر آنفًا، بلغ برنامج الواقع الأكثر مشاهدةً في إسرائيل ذروته في الحلقة النهائية التي قيّم فيها المشاهدون المشتركين الخمسة الأواخر، ليُعلن في نهاية البرنامج عن حلول روبل، عارضة الأزياء الإثيوبية، في المركز الأول هذا الموسم.

ومن لحظة دخولها البيت، كانت روبل محط اهتمام المشاهدين وزملائها النزلاء على حدٍّ سواء. فكثيرًا ما عاملها المشتركون بعنصرية بسبب لون بشرتها، كما كانت شريكة في كثير من النزاعات الكبرى في البرنامج. وبرزت روبل كنزيلة لا تتردد في خوض النزاعات والتعبير عن رأيها، ما أثار غضب مشاهدين كثيرين من جهة، ولكنه أدى بكثيرين آخرين إلى تقديرها ودعمها طيلة الطريق حتى الفوز في النهائي، من جهة أخرى.

تهونيا روبل، قصة سندريلا (Flash90/Yonatan Sindel)
تهونيا روبل، قصة سندريلا (Flash90/Yonatan Sindel)

ولم يوفّر منتقدو البرنامج وتلفزيون الواقع عامّةً خلال الشهور الأربعة الأخيرة نقدًا حول الإدمان على برامج الواقع، التي تؤدي حسب رأيهم إلى تعرية الشخص وأسوأ عيوبه أمام جماهير كبيرة، الانشغال بالتفاهات والخلافات التي لا معنى له، وحسّ التلصّص المتّقد لدى الإسرائيلي العادي. كذلك كتبوا هذا الصباح أنّ فوز روبل يُنتج قصة سندريلا جديدة، للحديث عنها في الأشهر القادمة.

وفي نقد لمجلة التسلية التابعة لصحيفة هآرتس، كُتب: “إذا كانت طريق التقدّم على درجات السلّم الاجتماعي تمرّ اليوم في تلفزيون الواقع، فإنّها (روبل) تستحق كل الاحترام على نجاحها في العملية التي توقف شعر الرأس. في الماضي، كان يجري بلوغ ذلك عبر موهبة ما، لكنّ هذا أصبح ماضيًا بالفعل … استنزف بيت “الأخ الأكبر” كل أنواع “المضطهَدين” تقريبًا (عربية، شرقي، شخصية لا يهتمّ بها أحد، مثلي جنسي، وما شابه). بقي الإثيوبيون القطاع الوحيد الذي لم يجتز طقوس التدشين الإسرائيلية. والآن، اجتازوها مع فوز روبل. وإن كان هذا يدلّ على تقدّم المجتمع الإسرائيلي، فهذه قضية وجهة نظر. ربما يحاول برنامج “الأخ الأكبر” تمثيل المجتمع الإسرائيلي، وهو بالتأكيد يبذل جهودًا دؤوبة لفعل ذلك، لكنه لا يمثّل الآن شيئًا سوى نفسه”.

اقرأوا المزيد: 611 كلمة
عرض أقل