تعدد الزوجات في إسرائيل.. تقليد بدوي أم مصلحة اقتصادية؟

المجتمَع البدوي في جنوب إسرائيل (Hadas Parush / Flash90)
المجتمَع البدوي في جنوب إسرائيل (Hadas Parush / Flash90)

تتعرض وزارة العدل في إسرائيل، التي تنوي السماح للرجال البدو بأن يتزوجوا امرأة ثانية في حالات استثنائية، إلى انتقادات: "يمس هذا القرار مسا خطيرا بالنساء"

يتساءل الكثيرون كيف أن إسرائيل تحديدًا، التي تسود فيها، للوهلة الأولى، المساواة في الحقوق بين النساء والرجال، منتشرة فيها ظاهرة تعدد الزوجات في المجتمع البدوي أكثر منها في دول عربية مثل الأردن، الذي يعيش فيه عدد كبير من البدو.

تشير المعطيات التي كُشف عنها في هذه الأيام إلى أن 18% من العائلات البدويات في النقب ينتشر فيها تعدد الزوجات، أي أن الزوج لديه أكثر من زوجة. كما هو معروف، يسمح الإسلام للرجال بأن يتزوجوا أربع نساء، ولكن ينظر معظم المجتمعات الإسلامية إلى تعدد الزوجات كحق يمكن ممارسته في حالات استثنائية فقط. تصل نسبة تعدد الزوجات في المجتمَع العربي في إسرائيل، بما في ذلك في المجتمَع البدوي في شمال إسرائيل، إلى الصفر. يعود انتشار هذه الظاهرة في المجتمَع البدوي في الجنوب إلى العقلية القبلية أكثر من الأسباب الدينية. ثمة سبب آخر وهو ضعف المجتمع البدوي، بشكل تناقضي، لا سيما وضع الرجال البدو – إذ إن مصدر الاحترام الأخير لديهم، الذين يتمسكون به هو الحفاظ على سلطتهم الأبوية.

ولكن هناك سبب آخر يوضح الظاهرة وأصبح يثير الآن جدلا عارما في إسرائيل وهو: إضافة إلى حقيقة أن تعدد الزوجات يحدث في حالات كثيرة لأسباب اقتصادية، واستغلال النساء، فهناك استغلال لمصادر الدولة أيضا.

المجتمَع البدوي في جنوب إسرائيل (Hadas Parush / Flash90)

تلد النساء البدويات ما معدله 5.5 أطفال. عدد الأطفال في العائلات متعددة الزوجات أكبر بكثير – لدى 56% من العائلات 10 حتى 19 طفلا، أي نحو 10 أطفال بالمعدل لدى كل امرأة، وهناك عائلات مؤلفة من 20 حتى 25 طفلا. هذه العائلات هي الأكثر فقرا وضعفا، وجهلا. معطيات النساء البدويات أصعب بكثير، لأن الزواج من امرأة أخرى يعني التخلي عن المرأة الأولى وأطفالها، لدرجة أنهم يعانون أحيانا من الفقر المدقع. كما أن هؤلاء النساء يتعرضن للعنف الجسدي، ويعانين من مشاكل نفسية خطيرة. بما أن الحديث يجري عن نساء مستضعفات، غير مثقفات، ليس بحوزتهن رخصة قيادة للخروج من القرية، فيعتمدن على الرجال، ومخصصات التأمين الوطني.

كما أن وضع الزوجات الثانيات صعب أيضا. فالكثير منهن فلسطينيات، غير حاصلات على المواطنة الإسرائيلية، وليس لديهن حقوق أو القدرة على معارضة الزوج. وإضافة إلى ذلك، يتم التعامل مع جزء منهن كخادمات.

لماذا تحدث هذه الظاهرة؟ هناك أسباب ثقافية وأخرى طبعا، ولكن في الواقع يجري الحديث عن مصلحة اقتصادية بكل معنى الكلمة: يتزوج الرجال من امرأة ثانية، ثالثة، ورابعة أحيانا. وهم لا يطلقون النساء الأوائل، لهذا لا تُسجل النساء كمطلقات أو أمهات أحاديات المعيل. في هذه الحال، يتلقين مخصصات ومساعدات من الدولة.

وجد تقرير لوزارة العدل الإسرائيلية، الذي حاول مواجهة الظاهرة، أن هناك طرقا لمواجهتها، ومنها فرض عقوبات على الرجال الذين يتزوجون أكثر من امرأة ويخدمون في الدولة، ولكن تشير إحدى التوصيات غضبا عارما: جاء في إحدى التوصيات أنه في حالات استثنائية، أو “إنسانية” تكون المحكمة الشرعية قادرة على الموافقة على الزواج من امرأة أخرى. يوضح الكثيرون أن الحديث يجري عن ضرر مزدوج: ضرر يلحق بالنساء البدويات، وكذلك بقيم المساواة في الحقوق من أجل النساء.

اقرأوا المزيد: 448 كلمة
عرض أقل
صورة توضيحية (AFP)
صورة توضيحية (AFP)

إسرائيل تقرر إتاحة تعدد الزوجات في ظروف استثنائية

وفق نتائج التقرير بشأن التعامل مع ظاهرة تعدد الزوجات في إسرائيل، يجب تربية الأفراد وإرشادهم ضد الظاهرة، ولكن يمكن السماح بالزواج من امرأة أخرى في ظروف استثائية

أشار الموقع الإخباري “والاه” في إطار تقرير مطولّ عن مكافحة ظاهرة تعدد الزوجات في إسرائيل، إلى أن السلطات الإسرائيلية تسمح بالزواج من امرأة أخرى بمصادقة المحكمة الدينية الشرعية، وفي حالات استثنائية فقط.

ففي كانون الثاني 2017، قررت الحكومة الإسرائيلية إقامة طاقم حكومي من مختلف الوزارات لبلورة خطة للعمل ضد ظاهرة تعدد الزوجات في إسرائيل. يتضح الآن من توصيات الطاقم، أنه تعيش في إسرائيل نحو 6.200 عائلة مسلمة فيها أكثر من امرأة، وهذه المعطيات أعلى مقارنة بتعدد الزوجات في مصر، الأردن، والسلطة الفلسطينية، التي تم تنظيم ظاهرة تعدد الزوجات فيها في القانون.

وفق التقرير، حتى لحظة تشكيل الطاقم لفحص الظاهرة، كان من الصعب عليه معرفة حجمها الحقيقي في المجتمع البدوي في النقب، لذلك اضطر إلى الاعتماد على التقديرات. كما أن ظاهرة تعدد الزوجات الجنائية يرتكبها الرجال غالبا، والنساء هن المتضررات الأساسيات. يتضح من التقرير أن ظاهرة تعدد الزوجات في المجتمَع البدوي منتشرة لأن الإسلام يسمح بها، وهي تشير إلى المكانة، الرغبة في زيادة حجم العائلة والقبيلة، خضوع النساء للرجال، مكانة المرأة في المجتمَع البدوي، وإلى ظاهرة الزواج المتبادل خوفا من الطلاق وخسارة الأطفال، وغيرها.

يحظر القانون الإسرائيلي تعدد الزوجات، ولكنه لا يلغيها بعد إقامة مراسم الزواج. رغم أن المؤسسات تعترف بتأثيرات مخالفة تعدد الزوجات الضارة، وحقيقة أن الحديث يجري عن ظاهرة اجتماعيّة سائدة، فعلى مر السنوات تم التعامل من ناحية قانونية مع هذه الظاهرة بشكل جزئي فقط.

بدو النقب (Hadas Parush / Flash90)

يقترح الآن الطاقم الحكومي عددا من الطرق لمحاربة الظاهرة. أولا، إنه يوصي بالقيام بحملات إرشاد وتوعية، تطالب فيها المحاكم الشرعية قادة الجمهور الإسلامي في الجنوب بالقيام بحملة توعية وفق القيم الدينية حول الموضوع، أملا في تقليص العادة المتبعة في المجتمَع، التي تعارض التعاليم الدينية الإسلامية المتبعة.

ثانيا، يوصى في ظروف استثنائية بشكل خاص، بأن تسمح المحاكم الشعرية بالزواج من امرأة أخرى، وذلك بعد فحص وتحقيق عميق في الظروف. الحالات الاستثائية التي يتحدث عنها التقرير هي: العقم لدى المرأة الأولى، مرض خطير لدى المرأة الأولى، امرأة أرملة، انفصال طويل بين الزوجين، المرأة التي لديها أطفال وتفضل أن تعيش منفصلة عن زوجها وألا تكون مطلقة. كذلك، كل مَن لا يحصل على مصادقة المحكمة الشرعية في إطار هذه الظروف يتوقع أن يتعرض لمخالفة جنائية خطيرة عقوبتها السجن، تدعمها القيادة الدينية الإسلامية.

رغم أن الحديث يجري عن نشر نتائج التقرير للمرة الأولى، إلا أن الانتقادات تجاهه لم تتأخر. غرد المتصفِّحون في تويتر، مثلا: “البرنامج لعلاج تعدد الزوجات رهيب. تشكل ظاهرة تعدد الزوجات بنى تحتية للجريمة كلها، عدم السيادة، وسببا للإرهاب في النقب. يجب عدم التعامل مع حالات الجريمة الخطيرة تعاملا متساهلا، بل يجب التعامل معها بيد حديدية”.

اقرأوا المزيد: 393 كلمة
عرض أقل
مقطع الفيديو (لقطة شاشة)
مقطع الفيديو (لقطة شاشة)

بالفيديو.. عرس بدوي يخرج عن السيطرة

صدمة في إسرائيل إزاء مقطع فيديو يوثق ملثمين بدو يطلقون نارا من نافذة السيارة أثناء القيادة المتهورة في شارع رئيسي

توثق مقاطع فيديو انتشرت في شبكات التواصل الاجتماعي في إسرائيل أمس (الأحد) ملثمين وهم يطلقون النار أثناء القيادة في طريق رئيسي في النقب في ساعات النهار. نُقلت مقاطع الفيديو، التي التُقطت في نهاية الأسبوع الماضي إلى مصوّر جمعية الأمان على الطرق “أور يروك” وأثارت غضبا في إسرائيل، وانتقادا لاذعا بسبب تصرف المتهورين الذين يظهرون في الفيديو.

“يجري الحديث عن احتفال زفاف في البلدة، تضمن القيادة المتهورة، أسلحة نارية وإطلاق نيران طيلة عدة دقائق”، قال المواطِن الذي التقط مقطع الفيديو، وخشي من أن يرفع مقطع الفيديو بنفسه. في أعقاب نشر مقطع الفيديو، اعتقلت الشرطة العريس ومتهمين آخرين وهما والد وابنه، من سكان الشتات البدوي في النقب.

قال إيرز كيتا، مدير عامّ جمعية “أور يروك”، أمس (الإثنين) ردا على مقطع الفيديو: “أصبحت المنطقة الشمالية من البلاد أشبه بالغرب المتوحش في دولة إسرائيل. نشهد يوميا تقريبا تصرفات غير لائقة من سائقين لا يخشون أن تمسك بهم الشرطة، لأنها غير متواجدة في المنطقة تقريبا. الحل لإهمال الطرقات في الجنوب هو وجود سيارات الشرطة وترهيب هؤلاء المجرمين ومنعهم من تعريض حياة الجميع للخطر”.

https://www.facebook.com/divohim/videos/246772152537057/?q=%D7%91%D7%93%D7%95%D7%90%D7%99%D7%9D

سارع زعماء المجتمع البدوي في إسرائيل إلى نشر استنكاراتهم، ولكن النفوس ما زالت مستعرة. “نحن نعاني من ضائقة خطيرة، نشهد جرائم متنامية، ولكن هذه ليست المشكلة الوحيدة لدى البدو”، قال المحامي مهران الهزيل من بلدة رهط البدوية لموقع YNET. “تكمن المشكلة في أننا لا ننجح في تطبيق القانون والنظام بمساعدة زعماء الطائفة البدوية، وأصبح الشبان يفقدون صوابهم”، وفق أقواله.

وأشار مهران إلى أنه على ما يبدو يجري الحديث عن حالة لمرة واحدة، مضيفا: “هذا لا ينطبق على كل البدو في النقب. لا يسود الغرب المتوحش هنا، بل القانون والنظام لأننا نعيش في دولة لديها قوانين”. تطرقا إلى عادة إطلاق النيران في الأفراح قال مهران: “هذه هي عادة بدوية قديمة، ولكني أعتقد أنه يمكن منعها من خلال التوعية وإنفاذ القانون”.

اقرأوا المزيد: 287 كلمة
عرض أقل
فحص طبي - صورة توضيحية (Nati Shohat/Flash90)
فحص طبي - صورة توضيحية (Nati Shohat/Flash90)

طبيب إسرائيلي يرفض طلب عائلة بدوية فحص “عذرية” ابنتها

تفاجأ طبيب إسرائيلي عندما طلبت منه عائلة بدوية أن يفحص إذا كان غشاء البكارة لدى ابنتها القاصر سليما.. والحادثة تؤدي إلى إصدار توجيهات غير مسبوقة في المراكز الطبية

أدت حادثة بين عائلة بدوية وطبيب إسرائيلي إلى وضع نظم إدارية صحية جديدة. دُهِش طبيب عندما وصلت إليه عائلة بدوية مع ابنتها طالبة منه أن يفحص إذا كان غشاء البكارة لدى الفتاة موجودا. لا يتعلق هذا الطلب بصحة الفتاة أو معرفة إذا كانت لديها مشكلة طبية.

يحصل المواطنون الإسرائيليون على خدمات صحيّة في مراكز طبية محلية تقدم لهم علاجا طبيا وتجري فحوصا إضافة إلى الخدمات التي تقدمها المستشفيات.  تُدعى مراكز الصحة هذه في إسرائيل “صناديق المرضى”.

كان الطبيب محرجا بعد الحادثة التي أبلغ بها المسؤولين عنه. بعد ذلك، تم تحديث كل العيادات الأخرى بتوصيات جديدة تحظر على الأطباء إجراء فحص وجود غشاء البكارة لدى القاصرات. وفق أقوال صناديق المرضى، هذا الطلب نادر ولم يواجهه الأطبّاء سابقا، لهذا لم توضع حتى الآن نظم إدارية توضح للأطباء كيف عليهم التصرف في هذه الحالات.

كما أشارت صناديق المرضى إلى أنها لا تحظر على الأطباء إجراء فحص وجود غشاء البكارة فحسب، بل تمنعهم من توجيه متلقيات العلاج المعنيات بإجراء الفحص إلى عيادات أخرى لإجرائه. حددت صناديق المرضى بوضوح أنه يحظر على الأطباء الاستجابه لهذه الطلبات.

جاء في النظم الإدارية الجديدة التابعة لصندوق المرضى “لئوميت” أنه في “الفترة الأخيرة طُلب من أطباء النساء في “لئوميت” إجراء فحص للتأكد من وجود غشاء البكارة لدى القاصرات بينما تكون الوالدة حاضرة أثناء الفحص. تجدر الإشارة إلى أن هذا الفحص ليس مشمولا في خدمات الصحة التي ينص عليها قانون التأمين الصحي الرسمي ولا يجوز إنجازه في صناديق المرضى لئوميت و/ أو توجيه المؤمنات في لئوميت إلى عيادات خارجية في المستشفيات بهدف إجرائه”.

اقرأوا المزيد: 239 كلمة
عرض أقل
المرأة البدوية المقيدة في لقيا (الشرطة الإسرائيلية)
المرأة البدوية المقيدة في لقيا (الشرطة الإسرائيلية)

الشرطة وصلت للتفتيش عن أسلحة فوجدت شابة مقيّدة بالسلاسل

ذهل أفراد الشرطة الإسرائيلية لمرأى الشابة المقيدة في بلدة بدوية في جنوب، وذلك في إطار حملة تفتيش عن أسلحة.. وشقيق الفتاة يقول إن العائلة قيدتها لأنها تجلب العار

وصل بعض أفراد الشرطة الإسرائيلية اليوم إلى منزل في البلدة لبدوية، اللقية بعد تلقي معلومات استخباراتية عن وجود وسائل قتاليّة غير قانونية في المنزل، ولكنهم تفاجأوا عندما كشفوا حقيقة غير متوقعة. فقد وجدوا في إحدى غرف المنزل شابة كانت مربوطة بقدمها اليسرى. طالب أفراد الشرطة من العائلة إطلاق سراحها فورا، وبعد إنقاذها، اعتقلت الشرطة عددا من أفراد العائلة للتحقيق معهم بتهمة سجن الأخت الشابة في المنزل دون سبب.

قال أخ الشابة المسجونة في التحقيق معه: “نحن البدو، نعارض أن تتصرف بنات العائلة، أختي، بشكل مخز. لهذا من الأفضل اعتقالها في المنزل وألا تخرج وتلحق العار بالعائلة”. اعتقلت الشرطة أخا الشابة ابنة 31 لأنهما سجناها لعدة أيام.

اتضح أثناء التحقيق مع الشابين أنهما لم يكونا راضيين عن تصرفات أختهما واعتقدا أنها تجلب العار على العائلة، لهذا وفق الاشتباه، ربطاها مرارا وتكرارا، ولم يحدث ذلك لمرة واحدة فقط. فقد ربط الأخان أختهما في إحدى الغرف في كل مرة لم تعجبهما تصرفاتها.

اتضح من التحقيق مع أفراد العائلة أن الأخت سليمة تماما ولا تعاني من أية إصابة عقلية أو نفسية. وهي تعيش مع أفراد عائلتها، وغير متزوجة. حقيقة أنها اعتادت على التجول في البلدة دون مرافقة لم ترق لأفراد عائلتها. بالتباين، ادعت الشابة أنها لا تشكل ضررا على شرف العائلة.

بعد إنقاذ الشابة، أبلغ البوليس السري خدمات الرفاه في البلدة عن الحادثة، وعُين أحد أفراد العائلة وصي مؤقت للاهتمام بالشابة. عزز الأخان اللذان اعتقلا الشبهات ضدهما وادعيا أنهما يتوقعان من أختهما أن تتصرف وفق ما يتوقع من المرأة أن تتصرف في المجتمَع البدوي.

اقرأوا المزيد: 236 كلمة
عرض أقل
مسلمون متطوعون في الجيش الإسرائيلي (Noam Moskowitz)
مسلمون متطوعون في الجيش الإسرائيلي (Noam Moskowitz)

لماذا يخدم الشباب البدوي في الجيش الإسرائيلي؟

تؤهل دورة تدريبية خاصة بالجيش الإسرائيلي الشبان المسلمين والبدو في إسرائيل استعدادا للخدمة العسكرية. يتعلمون العبريّة، ويتدربون معا استعدادا للخدمة. ما هي الدوافع لدى هؤلاء الشبان للالتحاق بالدورة؟

منذ سنوات، يعاني المجتمع البدوي في إسرائيل من الإهمال الشديد: العنف، الجريمة، المخدرات، نقص البنية التحتية، الفقر المدقع، ظاهرة تعدد النساء وعائلات ذات عدد كبير من الأطفال، علاوة على ذلك، ازداد مؤخرا تنفيذ القانون في إسرائيل الذي يهدف إلى هدم المباني في المناطق البدوية في الشمال والجنوب على حدِّ سواء.

وفي ظل الواقع الذي تعيش فيه عائلات ذات عدد كبير من الأطفال والتي تعاني الفقر المدقع، ويتميز بفجوات اجتماعية كبيرة بين العرب واليهود في إسرائيل، ونقص التعليم الجيد، يعيش الشباب البدوي حياة تتميز بالارتباك والتخبط بين الاندماج في المجتمع الإسرائيلي، والحصول على أدوات تساعد على التغلب والخروج من دائرة العنف والفقر وبين الحفاظ على قيم المجتمع البدوي واتباع التقاليد القبلية.

مقاتلون من وحدة قصاصو الثر في الجيش الإسرائيلي (Noam Moskowitz)

ووفقا للقانون، فإن التجنيد في الجيش الإسرائيلي ليس إلزاميا للشباب البدوي البالغين 18 سنة فأكثر. فوفق معطيات وزارة الدفاع، يتطوع أقل من %10 منهم للخدمة العسكرية. بالمناسبة، يخدم معظمهم في وحدة حرس الحدود أو وحدة قصاصي الأثر البدوية، التي كتبنا عنها هنا في موقع “المصدر” في الماضي.

دورة تأهيل مسبق للجيش الإسرائيلي

في ضوء الدائرة الاجتماعية المغلقة، غياب الإمكانيات، وانخفاض الوضع الاجتماعي والاقتصادي، يلتحق حوالي 20 شابا بدويا من شمال إسرائيل، بالدورة التحضيرية للجيش الإسرائيلي. إن الشبان اليهود الملزمون بالخدمة العسكرية عندما يبلغون سن الثامنة عشرة، يواجهون صعوبات ويمرون بصدمة أحيانا. كذلك، يشعر الشبان العرب، غير الملزمين بالخدمة، بصعوبة أكبر.

الدورة التحضيرية التي يقوم بها الشباب البدوي استعدادا للخدمة العسكرية (تصوير: Masse.org)

وفي مقال استثنائي أعده مراسل القناة الثانية، داني كوشمارو، حاول أن يفهم ما هو الدافع لدى الشبان البدو إلى التخلي عن العائلة، والتقاليد الاجتماعية والقبيلة، واختيار الالتحاق بالخدمة العسكرية. على خلفية افتتاح الدورة الخاصة، يتحدث الشباب البدوي عن القرار المعقد للتجند والأحلام.

الشباب البدوي يتعلم العبرية، ويحصل على فرصة جديدة لحياة أفضل

الدورة التحضيرية التي يقوم بها الشباب البدوي استعدادا للخدمة العسكرية (تصوير: Masse.org)

يواجه العديد من الشبان الذين يلتحقون بالدورة التحضيرية للجيش، التي تمولها جمعية يرأسها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، جابي أشكنازي، صعوبات لغوية كثيرة. فلا يعرف معظمهم العبرية بشكل أساسي، لهذا عليهم العمل كثيرا لتحسين هذه اللغة وتعلمها رغم أن معظم الإسرائيليين يتقنونها جيدا. ويقول مدير الدورة بهذا الشأن: “يوضح الشبان أنهم يخجلون من الذهاب إلى الحانوت لشراء الكولا لأنهم لا يعرفون كيف يطلبونها بالعبرية كما يجب”.

تستغرق الدورة أربعة أشهر ونصف، ويعيش خلالها الشبان البدو مع الشبان الآخرين، من أبناء جيلهم، ويتدربون ويأكلون معا.

يشكل الجيش الإسرائيلي لهؤلاء الشبّان فرصة للتقدم. وقال أحد الشبان في مقال نُشر في نهاية الأسبوع الماضي: “لقد اخترت التجند، لكسب مهارات الحياة، والتعرف إلى الدولة”. “لم أزر تل أبيب أبدا – وخلال الدورة، زرت هذه المدينة الكبيرة مرتين”.

لا يتم قبول الشبان البدو إلى كل وحدات الجيش الإسرائيلي

اليهود والمسلمون المتطوعون اصبحوا اخوة للسلاح في الجيش الإسرائيلي (Noam Moskowitz)

وعلى الرغم من الدورة التحضيرية التي تمنح وسائل كثيرة، فإن هؤلاء الشبان، كسائر الشبان البدو الذين انضموا إلى الجيش الإسرائيلي في الماضي، يريدون كسر “السقف الزجاجي” والاندماج ليس فقط في وحدة حرس الحدود أو وحدة قصاصي الأثر البدوية ، بل يريدون أيضا أن يندمجوا في الوحدات القتالية البارزة.

وهذه ليست الصعوبة الفريدة التي يتعرضون لها. يوضح الكثير من الشبان البدو الذين خدموا سابقا في الجيش أن الدولة لا تهتم بهم. وقال أحد الشبّان المتزوجين لكوشمارو: “أريد أن تستمثر الدولة في التعليم أيضًا. ليس هناك مكان يمكن للجندي الذي خدم عشر سنوات في الجيش أن يعمل فيه. نريد الانخراط في المجتمَع الإسرائيلي ولكن لا يُسمح لنا”. وأضاف “عندما كنت أرتدي زيا عسكريا، حظيت بمعاملة أفضل وتعجب الناس كيف يخدم جندي مسلمي مثلي في الجيش الإسرائيلي وكانوا فخورين بي. ولكني أحظى بمعاملة أخرى كوني مواطنا بدويا لا يخدم في الجيش الآن”.

يبدو أن البدو في إسرائيل يبتعدون عن المجتمَع الإسرائيلي: يتماهى الكثير من الشبان البدو مع الحركة الإسلامية وطرأ انخفاض على عدد البدو الذين يلتحقون بالجيش، إذ ينضم نحو 1000 جندي بدوي في كل دورة تجنيد فقط. يرغب الكثير منهم أن يكونوا جزءا من المجتمَع الإسرائيلي، ولكنهم لا يحصلون على فرص متساوية.

اقرأوا المزيد: 572 كلمة
عرض أقل
رمضان ابو رجال (facebook)
رمضان ابو رجال (facebook)

تعرّفوا إلى ستيفن هوكينج الإسرائيلي

قصة مؤثرة ومثيرة للإلهام لطالب جامعي بدوي أنهى تعليم الدكتواره في إسرائيل، رغم أنه يعاني من ضمور العضلات

“ليس هناك تعبير لست قادرا”، قال رمضان أبو رجال في مقابله معه لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، حيث يعتقد أن كل شخص قادر. وأضاف أوصي وأشجع الجميع على التعلم. أن يتعلموا أي موضوع. صحيح أن الأمور لا تسير بسهولة دائمًا. فأنا مررت تجارب صعبة، ولكن عندما لا أنجح في المرة الأولى أحاول ثانية. لقد نجحت في تحقيق جزء كبير مما اخترته. هناك أمور أخرى، وأعمل على تحقيقها. هدفي هو أن أعمل في الأكاديمية، في مجال البحث”.

تعرض أبو رجال الذي يحصل اليوم على لقب الدكتوراه من جامعة “بن غوريون” في بئر السبع، لعواقب كثيرة. فهو يعاني من ضمور العضلات غير القابل للشفاء، وليس في وسعه المشي، وحتى أنه يتنفس عبر تنفس اصطناعي. فضلًا عن ذلك، رمضان هو بدوي من النقب، من بلدة فقيرة ينجح أقل من %50 من سكانها في إنهاء المدرسة الثانوية والحصول على شهادة البجروت.

في أحيان كثيرة يلقب أبو الرجال بالبروفيسور ستيفن هوكينج المشهور، الذي حقق إنجازات رائعة في مجال علم الفيزياء، رغم أنه يعاني هو أيضا من عدم القدرة على تحريك عضلات جسمه، وهو يتنقل بواسطة كرسي متحرك.

التقرير الإخباريّ الواسع الذي كرسته صحيفة "يديعوت أحرونوت" من أجل قصة رمضان أبو رجال
التقرير الإخباريّ الواسع الذي كرسته صحيفة “يديعوت أحرونوت” من أجل قصة رمضان أبو رجال

يتلقى أبو رجال مرافقة مكثفة من أخيه جهاد. فهو يرافقه منذ كان عمره 15 عاما. فقد أهتم بمرافقته إلى الجامعة وجلس إلى جانبه ساعات طويلة بدءا من السنة الأولى أثناء تعليمه للقب الأول. نجح رمضان في إنهاء اللقب الأول في مجال الفيزياء الذرية، وبعد ذلك حصل على اللقب الثاني، والآن بعد أن حصل على لقب الدكتوراه، ينوي متابعة تعليمه للقب باحث ما بعد الدكتوراه في التخنيون، وهو أحد المؤسسات الأكاديمية الرائدة في إسرائيل والعالم في مجال العلوم الدقيقة.

تعمل المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية على دفع الطلاب الجامعيين الذين يعانون من إعاقة قدما في مجالات مختلفة، ومن بينها، تمويل أجر التعليم، تمويل نفقات أخرى، وتسهيل الوصول إلى منشآت الجامعة لأصحاب الإعاقة، ويقدم  المسؤولون فيها مساعدات ودعم للطلاب الجامعيين. حتى أن حقوق الطلاب الجامعيين ذوي الإعاقة منصوص عليها في القانون الإسرائيلي.

بينما واظب رمضان ابن 34 عاما في وقتنا هذا على التعليم، تزوج أخيه جهاد وأنجب ستة أطفال. قال جهاد في مقابلة معه لصحيفة “يديعوت أحرونوت” إن أخيه رمضان الذي يعاني من إعاقة يشكل مصدر إلهام لأقرباء العائلة وكل من يعرفه. “عندما يقول لي أطفالي لي أن لديهم صعوبة، فأرسلهم إلى عمهم. أنا وأطفالي فخورون بأخي. أطمح إلى أن يكون أطفالي ناجحين مثل عمهم”، قال جهاد.

اقرأوا المزيد: 359 كلمة
عرض أقل
جمل إسرائيلي (Nati Shohat/FLASH90)
جمل إسرائيلي (Nati Shohat/FLASH90)

جديد في إسرائيل: رخصة لكل جمل

في أعقاب كثرة حوادث الطرق التي تحدث بسبب وصول الجمال إلى الطرقات، يلزم القانون الإسرائيلي أصحاب الجمال بتقديم مستندات مليكة وستُلقى عليهم المسؤولية في حال وقوع حادث طرق

سيُفرض على أصحاب الجمال في إسرائيل حيازة رخصة ملكية الجمل، كما هي الحال مع أصحاب السيارات، هذا وفق مشروع قانون جديد تدفعه وزارة الأمن الداخلي قدما لمواجهة كثرة الحوادث التي تلحق ضررا بالإسرائيليين أثناء اصطدام السيارات بالجمال الشاردة.

تم دفع القانون قدما إثر حالة مأسوية أصيب فيها مواطن إسرائيلي إصابة بالغة بعد أن اصطدمت سيارته بجمل وصل إلى الطريق، ووافته المنية بعد عدة أيام متأثرا بجراحه. نجح المحققون في الحادث في العثور على رقيقة معدنية في أذن الجمل ساهمت في العثور على صاحبه، ولكن صاحب الجمل ادعى أنه باع الجمل قبل وقت طويل لشخص لا يعرفه.

رغم الدلائل المثبتة أن الجمل تسبب بالحادث، لم تنجح الشرطة في دحض أقوال المتهم، وفي نهاية الأمر أغلِق ملف التحقيق لنقص الأدلة. يتضح أن القانون لا يوفر ردا لحالات كهذه، يدعي فيها صاحب الجمل أنه لم يعد صاحبه حاليا، من دون تقديم أي مستند بين البائع والمشتري يثبت عملية البيع.

في أعقاب ذلك، توجه وزير الأمن الداخلي، غلعاد أردان، إلى وزير الزراعة، أوري أريئيل، وطلب منه تعديل القانون وتحديد أنه في حال يمكن العثور على صاحب الجمل المُسجَّل وفق العلامة المتبعة أو الرقيقة المعدنية في جسم الجمل، فسيعتبر صاحب الجمل مسؤولا عنه. في المرحلة التالية، سيُقام مجمّع كبير لتسجيل الجمال في وزارة الزراعة، وسيُلزم أصحاب الجمال بالاحتفاظ بالمستندات ذات الصلة التي تثبت ملكيتهم. عند بيع الجمل، ستُحدّث معلومات المشتري في مجمّع المعلومات.

يموت في إسرائيل، كل سنة، عدد كبير من الأشخاص إثر حوادث الطرق بسبب الاصطدام بالجمال التي تصل إلى الطرقات، لا سيّما في منطقة النقب، إذ تعيش فيها نسبة عالية من السكان البدو الذين لديهم معظم الجمال في إسرائيل. يبدو الآن أن القانون الجديد سيُشجع أصحاب الجمال على أن يكون مسؤولين أكثر، إذ إنه في حال حدوث حادث طرق، قد يكون أصحاب الجمال متهمين بالقتل وقد يحاكمون.

اقرأوا المزيد: 280 كلمة
عرض أقل
فرية أم الحيران (Hadas Parush/Flash90)
فرية أم الحيران (Hadas Parush/Flash90)

ما الذي حدث من وراء الكواليس في إخلاء أم الحيران؟

في الليلة التي سبقت حادثة إخلاء القرية البدوية أم الحيران وصل ممثلو القرية والحكومة إلى اتفاق حول دفع تعويضات والإخلاء بمحض الإرادة تقريبًا، ولكن النقاش انفجر في اللحظة الأخيرة

جرت اليوم (الأربعاء) صباحا، عملية إخلاء القرية البدوية أم الحيران في النقب، وحدثت خلالها حادثة دموية حصدت حياة مواطِنَين. لقد دارت عشية يوم الثلاثاء، قبل ساعات من الإخلاء، مفاوضات بين ممثلي القرية وممثلي الحكومة أملا في التوصل إلى اتفاق حول دفع التعويضات للسكان الذين يتم إخلاؤهم. ولكن لسبب ليس معروفا حاليا لم ينجح كلا الطرفين في التوصل إلى اتفاق ومنع الإخلاء العنيف.

وفق أقوال الصحفي، أريئل سيغال، في محطة إذاعة الجيش، فقد اقتُرح أثناء المفاوضات أمس على سكان القرية أن يحصلوا على أراض بديلة من الدولة وتعويضات مالية. واقتُرح عليهم أيضا، من بين الاقتراحات، أن تحصل كل عائلة على أرض مساحتها دونم، وأن يحصل كل مواطن عمره أكثر من 18 عاما على أرض مساحتها دونم أيضا.

ولكن الشرط الذي أدى إلى فشل الصفقة، وفق أقوال سيغال هو طلب ممثلي القرية للحصول على دونم أرض لكل امرأة من السلطة الفلسطينية تتزوج من أبناء القرية وتنتقل للعيش مع زوجها. ادعى سيغال أن سكان القرية طلبوا “أراض للزوجة الثالثة والرابعة”، رغم أن القانون الإسرائيلي يحظر الزواج من أكثر من امرأة، لذلك رُفِض طلبهم.

غرد عضو الكنيست، دوف حنين، في تويتر كاتبا أن سكان قرية أم الحيران أعربوا عن استعدادهم سابقا للإخلاء بمحض أرادتهم والانتقال إلى مكان بديل. أشار دوف إلى أن أعضاء القرية استوطنوا في الأراضي التي يُطلب منهم إخلاؤها حاليا وفق أوامر من الدولة.

في تعليق لرئيس جمعية “شومري مشبات”، الحاخام أريك أشرمان، الذي رافق سكان أم الحيران أثناء نزاعهم لمنع إخلائهم، قال إن سكان القرية قد وافقوا على الإخلاء بمحض الإرادة والتوصل إلى اتفاق مع الدولة، ولكن في شهر كانون الأول الماضي فشلت المفاوضات السابقة، بسبب عدم التزام الدولة خطيا بدفع تعويضات، وفق الشروط التي تم التوصل إليها بين الجانبين شفويا.

ادعى وزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان، في الفيس بوك أن الصحفيين الذين ينتقدون عملية الإخلاء في أم الحيران “لا يعرفون تفاصيل كافية” ويظهرون جهلا “حول اقتراحات الدولة على البدو قبل عملية الإخلاء اليوم صباحا”.  وأضاف الوزير كاتبا “عليكم أن تتحدثوا مع سلطة أراضي إسرائيل ومع سلطة تنظيم الاستيطان البدوي وتعرفوا الاقتراحات السخية على السكان من أجل العمل وفق قرارات المحكمة”.

اقرأوا المزيد: 325 كلمة
عرض أقل
أطفال بدو في النقب (Flash90Yaniv Nadav)
أطفال بدو في النقب (Flash90Yaniv Nadav)

المرض النادر الذي يصيب الأطفال البدو

مرض نادر يعرّض حياة الأطفال البدو في إسرائيل إلى خطر ويؤدي إلى ألا يشعروا بالألم وأن يعانوا من تلوثات كثيرة قد تؤدي إلى الوفاة

يعاني عشرات الأطفال البدو في النقب (جنوب إسرائيل) من مرض نادر، يحدث بسب خلل وراثي نادر يمنع من الأطفال أن يشعروا بالضرر الجسماني الذي يتعرضون له، ويُؤدي إلى إصابات وإعاقات، وإلى الموت أيضا في حالات كثيرة.

يُدعى الخلل الذي يعاني منه الأطفال البدو ‏CIPA‏, ‏‎(Congenital Insensitivity to Pain with Anhidrosis ‎‏)، عدم الإحساس الخلقي بالألم. يعني نقص التعرّق أنه بالإضافة إلى أن الأطفال لا يشعرون بالألم فهم غير قادرين على التعرّق. إن احتمال نقل هذا الخلل الوراثي وراثيا يتحقق عندما يحمل الوالدان نسخة من الجين المُصاب وبهذه الطريقة فقط يُنقل الخلل وكذلك المرض النادر إلى الأطفال البدو. إذا نقل أحد الوالدين نسخة من الجين المُصاب، فيكون ابنهما سليما، ولكنه يحمل الجين المُصاب لـ‎ ‎CIPA‎.

وثق أطباء في أنحاء العالم بضع مئات الحالات من عدم الإحساس الخلقي بالألم حتى اليوم. في صحراء النقب في إسرائيل، المرض شائع جدا لذلك يخصص الأطبّاء في مستشفى سوروكا، في بئر السبع، أياما ثابتة في الأسبوع لعلاج الأولاد المرضى.

وقال الأطباء المسؤولون الذين يعالجون هؤلاء الأطفال في مستشفى سوروكا لصحيفة “هآرتس” إن المشاكِل الطبية التي حدثت نتيجة الخلل الوراثي متنوعة بدءا من الحروق، الكسور، وحتى التلوثات الصعبة. وجاء أيضا في صحيفة “هآرتس” التي استطلعت الحالات الحادة التي وصلت إلى المستشفى لتلقي العلاج، أن “الكثير من الأزواج البدو يتزوجون من أبناء القبيلة، ويكونون أقرباء من الدرجة الأولى في الكثير من الأحيان. بهدف التغلب على حالة CIPA، من الضروري أن يكون الوالدان حاملي عوامل وراثية متنوعة أكثر”.

مستشفى سوروكا في بئر السبع (Flash90\Miriam Alster)
مستشفى سوروكا في بئر السبع (Flash90\Miriam Alster)

وتكمن المشكلة في أن جهاز المناعة لدى مرضى CIPA أضعف من جهاز المناعة لدى الأشخاص المتعافين. حتى أن الجروح الصغيرة قد تؤدي إلى تلوثات لديهم، قد تنتهي بتسمم دموي جراثيمي مهدد للحياة. لذلك يصل معظم المرضى إلى المستشفى بشكل ثابت لتلقي العلاج.

النقب هو منطقة جافة. عند خروج المواطنين من المدينة الجنوبية الكبيرة في بئر السبع، يتنفسون غبارا، يمرون عبر مبان حديدية، وبنايات مبنية من البطون البسيط. تؤدي طرق ترابية إلى البلدات البدوية. يعيش أكثر من نصف السكان البدو في النقب (210,000 بدوي) في هذه البلدات، ويعيش معظم السكان تحت خطّ الفقر.

يحاول والدو الأطفال الذين يعانون من CIPA باستمرار معرفة كم من الحرية يمكن منحها لأطفالهم وإلى أي مدى يجب حمايتهم. لا يستطيع هؤلاء الأطفال إدارة طفولة عادية لأن كل إصابة قد تؤدي إلى تلوث ومن ثم الوصول إلى المستشفى.

يكافح زعماء القبائل وشيوخ كثيرون ضد زواج الأقارب وحتى أن الكثير منهم يتحدثون عن أهمية الزواج المختلط في أيام الجمعة في المساجد أيضا. قبل عشرات السنوات، عندما كانت المجموعة السكانية في النقب أصغر، كان من السهل تجاهل بعض حالات CIPA . ‎ولكن النساء يلدن اليوم ما معدله ثمانية أطفال. وقد ازداد حجم السكان بشكل ملحوظ منذ الخمسينيات، وازداد عدد الأطفال المرضى أيضًا.

يوصي الشيوخ في النقب للأزواج المخطوبين أن يجتازوا فحوصا وراثية قبل الزواج للتأكد من عدم وجود عوامل وراثية شبيهة كبيرة بينهم. ويتحدث الشيوخ أيضا مع نساء حوامل حول أفضليات التشخيص قبل الولادة ويبارك جزء منهم أيضا النساء اللواتي يقررن عدم متابعة الحمل عند وجود شك لحدوث المرض.

صحيح أن التغيير بطيء إلا أنه يحدث في المجتمَع البدوي. فقد نجح الأطبّاء في سوروكا، والشيوخ المحليون في خفض عدد المولودين الذين يعانون من CIPA‎، باستمرار.

اقرأوا المزيد: 486 كلمة
عرض أقل