المطرب آساف أفيدان (Flash90/Abir Sultan)
المطرب آساف أفيدان (Flash90/Abir Sultan)

آساف أفيدان – المطرب المعبود

المطرب ذو الصوت "النسوي" يبدأ من الهامش، يواجه السرطان في سنّ 21، ويتقدَّم مع الريغي والإنجليزية إلى صدارة المسرح في إسرائيل. الكليبات التي أنتجها تحظى بالثناء في العالم كله، و"ريمكس" لأغنيته يحظى بـ 126 مليون مشاهدة على YouTube

في الأشهر الأخيرة، أخبرناكم عن موسيقيين إسرائيليّين يغنّون بالعبرانيّة، العربيّة، وحتّى الفرنسيّة. عرضنا لكم فنّانين مختصّين بالموسيقى المتوسطية، ويقدّرون جدًّا أساطير الغناء أمثال أم كلثوم وفريد الأطرش. أطلعناكم على مواهب شابّة ومثيرة تسعى إلى التوجّه إلى جمهور دُولي وتدمج الإنجليزية في أغانيها، مثل ايستر رضا، وبالكان بيت بوكس. ولكننا نريد الآن التحدّث عن آساف أفيدان – الظاهرة الفريدة والمغنّي المثير للفضول الذي لا مثيل له، الذي لم يحصد النجاح في إسرائيل فحسب، بل في أرجاء العالم كلّه أيضًا. صحيح، إنه يُغنّي بالإنجليزية حصرًا!

تمكّن أفيدان (33 عامًا)، الموهوب صوتًا قويًّا يصعب تجاهله، وعي الناس في السنوات الأخيرة فقط، رغم أنّ خلفه أكثر من عقد من العمل الموسيقيّ. لمزيد من الدقة، نذكر أنّ صوته كان معروفًا للجمهور قبل ذلك، لأنه يدبلج شخصيات كرتونية في برامج أطفال منذ ما يناهز 20 عامًا. عدا الدبلجة والغناء، الكتابة والتلحين، درس أيضًا إعداد الرسوم المتحرّكة في مدرسة هامّة للفنون في القُدس. لا شكّ أنكم أدركتُم أنه فنان متعدّد المجالات ومُثير.

استمعوا إلى أغنية Everybody من ألبومه المصغَّر الأول – تستمرّ الغيتارات المرتعشة حتّى الاسترخاء في مرافقتها:

كانت جذور الاهتمام بالموسيقى كامنة في أفيدان منذ طفولته، حين عاش 4 سنوات مع أسرته في جامايكا، وحظي بالتعرّف عن كثب إلى تشكّل الريغي، وهو نوع من الدمج بين موسيقى الجاز التي أنتجها الإفريقيون – الأمريكيون في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية وبين عناصر من الموسيقى الإفريقية التقليدية والأكثر بُطئًا. وكانت النتيجة ألحانًا نابضة لكن مهدّئة، ذات صلة بجوّ الشاطئ الذي نتخيّله حين نفكّر في الدولة الساحلية الكاريبيّة. “نشأتُ في دولة كلّها شواطئ، غابات، وأشخاص رائعون”، روى أفيدان بحنين في مقابلة أُجريت معه قبل 5 سنوات، لكنه أقرّ أنّ العزلة تحديدًا هي ما جعله الموسيقيّ الذي هو عليه، لأنها شقّت داخله آبارًا، لا يزال يواجهها في الكتابة حتّى كبالغ.

شاهِدوا كليب أغنية Weak (ضعيف) من ألبومه الأول The Reckoning. إبداع صادق عن رقّته كفنّان مُبدِع:


بعد عودته من جامايكا، بدأ يظهر اهتمامًا بدراسة السينما والرسوم المتحرّكة. ولكنه دخل المشهد الموسيقيّ بعد إصابته بسرطان الغدد اللمفاوية في سنّ الحادية والعشرين، وتعافيه منه في صراعٍ بُطوليّ. جعلته مواجهة الموت، الذي كان ينتظره على الأبواب، يترك الدراسة، ويركّز على العمل الموسيقيّ. فقد كتب، لحّن، ووزّع أغاني، وحين افترق عن رفيقته وعانى انكسارًا عميقًا في القلب، قرّر استغلال الفراق لبداية جديدة، وأصدر، بمساعدة أصدقائه، ألبومًا صغيرًا باسم “‏Now That You’re Leaving‏” (الآن، حين تفارِقين). بدأ يجوب إسرائيل بطولها وعرضها، يظهر في الحانات، ويرافق نفسه بالغيتارة والهارمونيكا.

رُويدًا رُويدًا، نجح أفيدان – الذي لُقّب لسنواتٍ “جيمي”، لذكرى السنوات التي قضاها في جامايكا – بتجميع مجموعة من العازفين المميّزين حوله، وأنشأ معهم فرقة – آساف أفيدان والموجوز. أصدروا معًا عام 2008 الألبوم الأول، “The Reckoning”‎‏، الذي حظي بنجاحٍ كبير وسط الجمهور الواسع. قورن المغنّي الساحر بالمطربة الأمريكية القديرة، جنيس جوبلين، بفضل صوته العذب، وبدأ بإشعال حفلات كبار المطربين الذين وصلوا إلى إسرائيل، أمثال بوب ديلان.

أصغوا إلى الأغنية التي تحمل اسم باكورة ألبوماته The Reckoning One Day: 


وإليكم “الريمكس” الذي أصدره “دي جي” ألماني قبل نحو عامَين للأغنية، وسجّل – حتّى أيار 2014 – 126 مليون (!!) مشاهدة في YouTube:


تابع أفيدان والموجوز الإنتاج وأطلقوا ألبومَين إضافيَّين، ‏Poor Boy‏ و‏Through The Gale‏، حتّى عام 2011. بقي الأسلوب الموسيقيّ هو هو، ورغم أنّ الألبومات نجحت وأثارت الاهتمام في عالم الموسيقى، شعر أعضاء الفرقة بأنهم استُنفِدوا. توجّه أفيدان إلى الغناء المنفرد، وأصدر في البداية ألبومًا مع إعادة توزيع أغانٍ قديمة له، باسم “Avidan In A Box” (أفيدان في صندوق)، فيما تحلّ غيتارة صوتيّة محلّ الآلات الموسيقية المتنوّعة التي كانت في الأصل.

بالمقابل، بدأ بكتابة موادّ مبتكَرة ومستقلّة، وصدر عام 2012 ألبومه الأول،Different Pulses (نبضات مختلفة). في خطوةٍ هدفت إلى إشهاره لدى الجمهور العالميّ، قرّر آساف الاستثمار في إنتاج كليب خاصّ. فقام بالاتّصال بفانيا هايمان، مخرِج كليبات إسرائيلي لديه عدد كبير من الأفلام الناجحة حول العالم. كانت النتيجة مذهلة، ومنحت الأغنية مسحة خاصّة، إذ تختلط مشاعر المشاهد وتصبح ضبابيّة خلال المشاهدة – فالصّور تتبدّل بإيقاع العزف، المشاهد تصبح أكثر وضوحًا وتُضحي داكنة مع تغيير النغمات في الأغنية، فيما تظهر الآلات الموسيقيّة المسموعة بين الحين والآخَر بين يدَي الأطفال المُصوَّرين في الكليب.

شاهِدوا العمل النموذجي Different Pulses الذي سجّل أكثر من 4 ملايين مُشاهَدة:


لاقى الألبوم نجاحًا كبيرًا في إسرائيل وأوروبا. ففي فرنسا، فاز أفيدان بالألبوم البلاتيني، وفي أرجاء القارّة العجوز، بيع أكثر من 200 ألف نسخة من عمله الفني الأول كفنّان مستقلّ. واستغلّ آساف النجاح وبثّ الإذاعات المختلفة للأغاني، منطلقًا في جولة حفلات في أوروبا، شاهد خلالها نحو مليون شخص أداءَه. أمّا ذروة مجده (حتّى الآن، كما يبدو) فقد وصل إليها حين غنّى في حفل عيد الميلاد الأخير في الفاتيكان، الذي جرى بثّه في جميع محطّات التلفزة في إيطاليا. يصعب توقّع ما يخبّئه المستقبل لفنّان مبارَك بالمواهب مثل هذا. فإذا نجح في الحفاظ على رأسه في المكان الصحيح – كما فعل حتّى الآن رغم المصاعب غير الاعتياديّة التي عاشها – لا سبب لأن يتوقف هنا. فالعالَم مفروش أمامه.

نختتم مع إعادة توزيع متوسطية لأغنية Back To Black لآمي واينهاوس:

اقرأوا المزيد: 767 كلمة
عرض أقل
المطربة ايستر رضا (Ester Rada Facebook)
المطربة ايستر رضا (Ester Rada Facebook)

ملكة سبأ العصرية

ايستر رضا تؤدي أدوارًا رئيسية في التلفزيون، صوتها نسمعه من كل حدب وصوب ومؤخرًا تطلق ألبوماً جديدًا، يدمج بين الموسيقى الأثيوبية مع موسيقى ايقاعية أمريكية وتحظى بتقدير أيضًا على قناة MTV

ربما تمتهن ايستر رضا الموسيقى والتمثيل، ولكن يبدو أن هدفها الرئيسي هو التمرد على واقعها. كابنة لوالدين مهاجرين من أثيوبيا، كانت الأولى من بين أبناء الطائفة التي تمثل في برامج تلفزيونية أساسية في ساعة المشاهدة القصوى، تظهر في برنامج أطفال وتطلق ألبومًا خاصًا يحظى بإعجاب جمهور واسع في إسرائيل – وخارجها. نظرة عميقة إلى حياتها يكشف عن شخصية غامضة وملفتة، متعددة المجالات وتمتاز بثقة بالنفس.

المطربة ايستر رضا (Ester Rada Facebook)
المطربة ايستر رضا (Ester Rada Facebook)

بدأت رضا ذات الـ 29 عامًا مشوار الغناء والتمثيل في أول عقد من حياتها. التحقت بمدرسة للتمثيل في نتانيا، شاركت بمسرح الشبيبة وكانت واحدة من “فرقة سبأ”، مجموعة من الأطفال، من أصول أثيوبية، جمع بينهم عازف البيانو شلومو غرونيخ. تلك كانت فرصة رائعة بالنسبة لايستر الصغيرة بأن تتعلم فن المسرح والعروض، دون أن تكون كل الأنظار محدقة بها بشكل شخصي، ومن خلال تلقي الدعم والتوجيه من موسيقي شائع الصيت. تقدمت وتطورت وأدت خدمتها العسكرية كمغنية منفردة في فرقة عسكرية.

غنت رضا “أغنية إسرائيلية كجزء من – “فرقة سبأ” المشهورة التي نالت شهرة واسعة في التسعينات:

مع تسريحها من الجيش بحثت عن التقدم في مجال التمثيل تحديدًا، وهكذا وصلت إلى المسرحية الموسيقية “الفرقة” وحازت على جائزة اكتشاف العام في المسرح الوطني “هبيما”، لعام 2007. بدأت العروض بالتدفق عليها واكتسبت رضا خبرة كبيرة: دور رئيسي في مسلسل للأطفال، أدوار ثانوية في عدد من الأفلام السينمائية وأخيرًا دور رئيسي في المسلسل البوليسي “الاستثنائية” حيث لعبت دور محققة جادة.

رضا تعطي الكثير من الاحترام للأغنية الكلاسيكية بلمسة خاصة – “كهرباء تسري في كفي يديك”.

طوال كل تلك الفترة لم تتخلَ أبدًا عن أملها بحياة مهنية موسيقية، ودأبت على تدريب صوتها وتحسين تقنية الغناء لديها، بما في ذلك “اللمسات” الخفيفة والمقصودة، التي وظيفتها إعطاء عمق للغناء. في كانون أول 2012، أطلقت أول أغنية لها (“Life Happens”) التي تحوّلت لاحقًا إلى ألبوم يحمل الاسم ذاته. كان النجاح مفاجئًا وفي فترة قصيرة جدًا تصدرت الأغنية سباقات الأغاني في إسرائيل، وحظي الكليب المفعم بالألوان الذي رافقها بانتشار كبير في القنوات الأوروبية MTV و VH1، واختير ليكون الكليب الأول في إسرائيل. يمكننا أن ندرك السبب: تأخذ رضا المستمع إلى داخل عالمها وتعتني به بلطف، تطبع ابتسامة على الوجه ولكنها تنجح بأن تترك حالة من الغموض والفضول.

شاهدوا الكليب المشوق الحائز على جوائز كثيرة الخاص بأول أغنية أطلقتها رضا، “Life Happens”:

في عام 2013، استمرت بإطلاق أغانٍ والتي تحوّلت إلى ألبوم مصغّر، ولكنها كانت حلقات من سلسلة كبيرة، انتهت بإطلاق أول ألبوم لها كامل وملفت، الذي يحمل اسمها (Ester Rada). رغم أن أصلها يظهر من شكلها – وهناك من قالوا بصوتها أيضًا – تعتبر رضا نفسها بأنها فنانة عالمية. لهذا، تريد أن تستخدم الموسيقى للتعالي على كل أنواع الفصل والتمييز المعتادة التي نمارسها في حياتنا اليومية. وهذا هو ما يجعلها تبتعد عن الأحاديث الإعلامية العادية التي تتحدث عن دمج الأثيوبيين في المجتمع الإسرائيلي وتفضل التركيز على العمل. بالنسبة لها، الدمج الحقيقي يحصل من خلال الإحساس، وليس الكلام، لهذا للموسيقى دور كبير للتأثير والتغيير.

استمعوا لأداء أغنية ““Could It Be” بعرض مباشر – رضا تعرف كيف تأسر قلوب وأعين الجمهور:

رغم أن المسار الذي قطعته حتى الآن يمكن كتابة الكثير عنه، إلا أن مستقبلها أيضًا شيء لا يمكن تخيّله. رضا لديها القدرة على أن تصبح نجمة مشهورة، حتى على المستوى العالمي، وهي لا شك لديها تاريخ حياة – وشكل مميز – سيجعلانها تحقق انتشارًا في أسواق أكثر من السوق الإسرائيلية. لكي يحدث ذلك عليها أن تكمل بالمسار ذاته وأن تتذكر من أين جاءت. هنالك مقولة في التراث اليهودي القديم “اعرف من أين أتيت والى أين أنت ذاهب”: في حالة “الملكة ايستر” واضح بأنها ما كانت لتصل إلى حيث وصلت لولا العبء الذي تحمله معها، ويندمج بشكل طبيعي جدًا مع أنواع مختلفة في غنائها. إلى جانب غنائها الصافي بالإنكليزية، يبدو أن كل الأبواب مفتوحة أمامها وعليها فقط أن تختار المسار الصحيح، الذي يقود مباشرة إلى الملكية.

وهنا تعود ايستر إلى الأصول وتغني قصيدة أثيوبية قديمة بنمط الجاز، “بيهتيتو” (أنت وحدك):

اقرأوا المزيد: 603 كلمة
عرض أقل