الناجون من الهولوكوست

وفاة المقاتل الكبير ضد النازيين: “شجاع وحكيم”

سمحاه روتم (Wikipedia)
سمحاه روتم (Wikipedia)

توفي المقاتل الأخير في "انتفاضة غيتو وارسو" التي شنها اليهود ضد النازيين عن عمر يناهز 94 عاما: "سيتذكر شعبنا قصته وقصة انتفاضة اليهود إلى الأبد"

23 ديسمبر 2018 | 11:32

توفي الناجي من الهولوكوست، سمحاه روتم، والمقاتل الأخير في “انتفاضة وارسو”، أمس السبت عن عمر يناهز 94 عاما. حارب روتم الملقب بـ “كاجيك”، ضد النازيين في انتفاضة وارسو عام 1943، المعروفة بالانتفاضة اليهودية الكبرى أثناء الهولوكوست. في نهاية الانتفاضة أشرف على إنقاذ المقاتلين من الغيتو المشتعل عبر قنوات الصرف الصحي. هكذا نجح في إنقاذ أواخر المقاتلين في انتفاضة غيتو وارسو، حمياتهم، والسمح لهم بالاختباء في غابة، وشقق سرية حتى انتهاء الحرب.

رثى رئيس الحكومة نتنياهو روتم: “أعرب عن الحزن الإسرائيلي بسبب وفاة روتم، المقاتل الأخير في انتفاضة غيتو وارسو. فقد حارب ضد النازيين، أنقذ اليهود، وقدم إلى البلاد بعد الهولوكوست متحدثا عن قصة بطولته أمام الكثير من الإسرائيليين. سيتذكر شعبنا قصته وقصة انتفاضة اليهود إلى الأبد. ليتبارك ذكره”.

وقال رئيس الدولة، رؤوفين ريفلين، عن روتم: “انضم روتم إلى انتفاضة غيتو وارسو، ونجح في إنقاذ عشرات المقاتلين من الغيتو. بعد أن قدِم إلى إسرائيل بعد الحرب، أقام كاجيك عائلة فيها وشغل مناصب جماهيرية في الدولة التي لم يحلم بها عندما كان في الغيتو، يائسا وقلقا بين أنقاض الغيتو”.

سمحاه روتم (لقطة شاشة)

وُلِد روتم في عام 1924، في وارسو في بولندا. عند نشوب الحرب العالمية الثانية، في أيلول 1939، مات أخيه يسرائيل وخمسة آخرون من أفراد عائلته، عندما دُمّر منزله بسبب التفجيرات الألمانية. بعد طرد اليهود في وارسو إلى الغيتو، أرسله والداه إلى أقربائه في قرية كالفوف، حيث ظل فيها ثلاثة أشهر تقريبا. في عام 1942 عاد إلى غيتو وارسو وانضم إلى التنظيم “اليهودي المقاتل”. في انتفاضة وارسو، حارب وعمل وسيطا بين الملاجئ في الغيتو وبين الجانب الآري. في نهاية الانتفاضة أشرف على إنقاذ المقاتلين من الغيتو المشتعل عبر قنوات الصرف الصحي.

في عام 1946، قدم روتم إلى إسرائيل، فسجنه البريطانيون في معسكر اعتقال في عتليت. انضم روتم في إسرائيل إلى منظمة “الهاغاناه” وحارب في حرب 1948. بعد قيام الدولة شغل عددا من المناصب الرسمية الإسرائيلية. في عام 1984، كتب سيرة حياته في كتاب “ذكريات من الماضي”.

اقرأوا المزيد: 298 كلمة
عرض أقل

لماذا جمع هذا الجندي 24 ألف زجاجة؟

عومر إدر (تصوير: المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي)
عومر إدر (تصوير: المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي)

أطلق جندي إسرائيلي مبادرة مؤثرة جمع في إطارها آلاف الشواقل عبر جمع زجاجات معدّة لإعادة التدوير من أجل الناجين من الهولوكوست

21 نوفمبر 2018 | 15:12

قبل عامين تقريبا، قرر اللواء عومر إدر، سائق دبابة في وحدة سلاح المدرعات الإسرائيلية، القيام بعمل خيري من أجل الناجين من الهولوكوست في إسرائيل. “في يوم من الأيام، عاد عومر من الجيش يوم الجمعة، وكان يبدو منهمكا”، قال والد عومر، شاؤول إدر. “كنت قلقا، وعندما سألته عما حدث، أوضح لي أننا لا نفعل ما يكفي من أجل الناجين من الهولوكوست. منذ تلك اللحظة قرر البدء بالعمل من أجلهم”.

يحاول عومر تحقيق هدفه بطريقة خاصة وملفتة، عبر جمع زجاجات معدّة لإعادة التدوير والتبرع بالأموال التي يجمعها مقابل هذه الزجاجات الفارغة للناجين. طوال أشهر، نجح عومر في جمع 24 ألف زجاجة معدّة لإعادة التدوير. “بدأت بالمشروع عندما كنت في الصف الثاني عشر، جمعت حينها زجاجات لكسب المال وتمويل حفل عيد المساخر، ونجحت في جمع 5.000 شاقل خلال ثمانية أشهر”، قال عومر. “تابعت هذا المشروع عندما كنت في الجيش، وفي مرحلة متقدمة من التدريبات، وقد عُينت في الجيش مسؤولا عن جمع الزجاجات. كما أني أجمع الزجاجات في نهاية الأسبوع عندما أكون في عطلة في المنزل”.

أصبح عومر الآن يبحث عن ناجين من الهولوكوست لكي ينقل إليهم الأموال التي جمعها مقابل إعادة الزجاجات الفارغة. “أريد أن أصل إلى الناجين بشكل مباشر وليس عبر جمعيات”، قال عومر. “أود أن ألتقي بهم، أسمع قصصهم الشخصية، وأقدم لهم أدوات كهربائية أو أطعمة وفق احتياجاتهم”.

اقرأوا المزيد: 205 كلمة
عرض أقل
طفلة في غيتو في بولندا (ياد فاشيم)
طفلة في غيتو في بولندا (ياد فاشيم)

شهادة ناجية من الهولوكوست

شهادة تقدمها ناجية من الهولوكوست تدعى نوعمي كلسيك، من مدينة لفيف في بولندا، كان قد قتل النازيون كل أفراد عائلتها

12 أبريل 2018 | 08:36

اسمي الآن نوعمي كلسيك، وصونيا هبنشتريت سابقا. كنت ابنة عشر سنوات عندما اندلعت الحرب. وكانت عائلتي صغيرة. كنت الابنة الكبرى وكانت لدي أخت أصغر مني بعامين وكان أخي عمانوئيل صغيرا جدا، وقد وُلد أثناء الحكم الروسي. فرحنا جدا عند ولادته وكان الطفل المنتظر. أحببته كثيرا، واخترت اسمه وكنت أتنزه معه.

كان لدى والدي مخبز، وأثناء الحرب أغلقه الروس، ولكنا احتفظنا ببعض أكياس القمح لاستخدامها في الأيام الصعبة.

نوعمي كلسيك (لقطة شاشة)

وحينها تغير كل شيء.

كانت المراسيم مكتوبة على لوحة الإعلانات اليومية، وجاء في الإعلان: “على كل عائلة أن تسهم وتشارك في الحرب”. أي أن على أحد أفراد العائلة العمل. وقد ذهب والدي إلى العمل صباحا ولم يعد في الليل، بل عاد بعد مرور أسبوعين، وكان متعبا. لهذا قررت والدتي أن تبدأ بالعمل، لأنه يتعين على أحد أفراد العائلة أن يعمل لإعالتها.

كنت أتنزه مع أخي وأختي في ساعات المساء وكنا نشاهد العمال وهم في طريقهم عائدين إلى المنزل. شاهدنا منديل والدتي الملون، ولكن اتضح أنه لم تكن تلك المرأة والدتي. واصلنا مراقبة كل العمال، ولكن والدتي لم تكن بينهم. عندها بدأنا نبكي.

خيّم الظلام على المنطقة، ولكن انتظرنا بصبر، وقال لنا الأشخاص: “أيها الأطفال، لا تقفوا هنا، فهذا يشكل خطرا عليكم”.
فأجبنا: “نحن ننتظر والدتنا”.
فقالوا: “هذا ليس مهم، اذهبوا إلى المنزل! ستصل والدتكم إلى البيت”.

عدنا إلى المنزل، ولم يسألنا والدي ماذا حدث. عندها خلدنا للنوم للمرة الأولى دون أن تكون والدتنا في المنزل.

كان والدي مريضا ولم يتكلم معنا. وفي الليلة التي توفي فيها صرخ أيضا: “خبز”.

النساء اليهوديات في غيتو لفيف, 1942

قالت لنا جارتنا: “أصبحتم يتامى، ولكن اليتامى هم أشخاص أقوياء، وستعيشون وحدكم، لأن الحرب ستنتهي يوما ما”.

مرض عمانوئيل فنقلناه إلى المستشفى. في اليوم التالي ذهبنا لزيارته في المستشفى وأحضرنا له حساء، وكانت كل الأسرّة في المستشفى فارغة، ولم يكن هناك شخص يمكن أن نسأله ماذا حدث للأطفال المرضى.

ارتديت فستانا جميلا، وذهبت إلى العمل في منزل كبير كان لعائلة يهودية ذات يوم. في نهاية يوم العمل، كنت أحصل على صحن حساء، والقليل من الخبز لإطعام أختي.

في يوم من الأيام، عندما عدت إلى المنزل ومعي الخبز والحساء اللذان كانت تنتظرهما أختي، لم تتقدم أختي صوبي كالمعتاد. عندها دخلت إلى المنزل عبر النافذة لأنني فقدت المفتاح.
سألت جيرانينا إذا شاهدوا أختي روزا، التي كان اسمها ورد بالعبرية، فقالوا لي أن النازيين جمعوا اليهود وأرسلوهم إلى معسكرات الإبادة، وأخذوا كل الأطفال.

لم أستطع العمل بعد ذلك، لأنه تم إغلاق الحي بسياج عال مصنوع من الشجر أصبح يدعى “غيتو”.

كان يصل اليهود من المدن، والأحياء الغنية، ومعهم عربة فيها ممتلكاتهم. وصلت عائلة فاينبرغ إلى منزلنا، وعندها فرحت لأني لم أكن وحدي. مقابل وجودها في منزلنا أعطاني أفرادها وجبة واحدة في اليوم، وكانت أكثر مما حلمت به.

في يوم من الأيام ابتعدت عن المنزل، وعندما عدت لم تكن عائلة فاينبرغ فيه. عندها تذكرت، أنه في الليلة الماضية، عندما كنت مع أفراد هذه العائلة، أعطوني بطاقة هوية بولندية وقالوا لي: “سيجمع النازيون الأطفال في الغيتو، لهذا عليك الهرب من هنا”.
عندها أخذت بطاقة الهوية، وزحفت تحت جدار الغيتو هاربة بعيدا عنه. عندها أمسك بي رجلان وقالا لي: “أيتها اليهودية، أعطينا المال وإلا سنسلمك إلى الألمان!”
عرفت أنه سيتم القبض عليّ على أية حال، حتى إذا أعطيتهما مالا لأن كل يهودي يساوي كيلوغراما من السكر، لهذا عضضت كلا اليدين بشدة وعندها تركاني. فركضت عبر خط السكة الحديدية، وابتعدت عن الغيتو. سمعت صوت صفارة القطار قريبا مني لهذا عبرت خط السكة سريعا وركضت كالمجنونة إلى الجهة الأخرى باتجاه الرصيف. ركضت حتى نهاية الرصيف وكنت متأكدة أن الرجلان سيلحقان بي ولكنهما لم يفعلا ذلك.

الترحيل إلى معسكرات الإبادة, 1942

كنت أدخل طعاما سرا إلى الغيتو لأتناوله فيه. أمسك بي عناصر الغستابو (الشرطة السرية لألمانية النازية) “متلبسة” ولكن نجحت في التحقيق معي بإقناع المحققين أنني بولندية عارضة عليهم شهادة ولادة بولندية وهكذا نجحت في التهرب منهم مستخدمة الخدعة.

نجحت بالهرب في قطار ليلي من مدينة لفيف بمساعدة رجل من أوكرانيا إلى منطقة قروية بالقرب من لوبلين التي عملت فيها حتى بدأ الأشخاص من حولي يشككون بي ويضايقونني. تجولت من مكان إلى آخر، حتى نهاية الحرب. اجتزت مراسم “المناولة” في الكنيسة. وعندما قدم لي الكاهن “القربانة” قلت في قلبي: “أنا يهودية، أنا يهودية”.

بعد إطلاق سراحي أردت العودة إلى لفيف. فكرت ربما ظل فيها أحد معارفي، ولكن عرفت من أول ناج يهودي التقيت به صدفة، ومن قائمة الناجين الـ 600 التي كانت بحوزته، أن ليس هناك أي شخص أعرفه.

لهذا لم أعد إلى لفيف. وصلت إلى لوبلين، إلى دار أيتام، ناجين مثلي. كان الأطفال في دار الأيتام في عمر 3 حتى 15 عاما، وكانوا يشعرون بالألم والحزن. عانيت من ضائقة مستمرة، فقدت صوتي بشكل مزمن، وتعرضت لجروح ملوثة كثيرة.

عندما قدمت من بولندا إلى إسرائيل في أيار 1948، بعد إقامة دولة إسرائيل، شعرت أني بدأت حياة جديدة.

اقرأوا المزيد: 715 كلمة
عرض أقل
ناجية من الهولوكوست في إسرائيل (لقطة شاشة)
ناجية من الهولوكوست في إسرائيل (لقطة شاشة)

الإسرائيليون يساعدون الناجين من الهولوكوست

جمعيات إسرائيلية تستعين بحملات تسويقية لجمع الأموال لمساعدة الناجين من الهولوكوست: "يحق للناجين الحصول على حقوق كاملة للعيش بكرامة"

قُبَيل ذكرى الكارثة والبطولة، الذي يصادف هذا الأسبوع في إسرائيل، أطلق عدد من الجمعيات حملات تسويقية لجمع الأموال لمساعدة الناجين من الهولوكوست في إسرائيل. فمنذ السنوات الماضية، أصبحت الحملات التسويقية لجمع الأموال لأهداف مختلفة شائعة، وتستخدمها جمعيات لمساعدة الناجين من الهولوكوست، التي تدرك الإمكانيات الكامنة في هذه الحملات التسويقية.

افتتحت جمعية “أفيف للناجين من الهولوكوست” في الأيام الأخيرة حملة تسويقية جديدة لجمع الأموال، بهدف ممارسة نشاطاتها، ومساعدة الناجين من الهولوكوست على ممارسة حقوقهم مجانا. يساعد محامو الجمعية الناجين من الهولوكوست في إسرائيل على تلقي الأموال التي يستحقونها في البلاد وخارجها لتحسين مستوى حياتهم. المبلغ الذي تسعى الجمعية إلى جمعه هو 85 ألف شاقل (نحو 24 ألف دولار)، وفي وسع كل متبرع أن يتبرع بمبلغ 50 شاقلا وأكثر، وفق ما يراه مناسبا.

بالتباين مع مشروع جمع الأموال، بدأت الجمعية بالعمل للعثور على الناجين من الهولوكوست والوصول إلى أكبر عدد منهم، والتأكد أنهم يحصلون على حقوقهم وتعويضاتهم. في مقطع الفيديو تحت عنوان “الوصول إلى: الناجين”، تحاول الجمعية تشجيع الإسرائيليين على نقل تفاصيل عن ناجين من الهولوكوست يعرفونهم لمساعدتهم على العيش الكريم وكسب الأمان الاقتصادي.

“يعيش في إسرائيل في يومنا هذا نحو 200 ألف ناج من الهولوكوست. يزيد متوسط أعمارهم عن 80 عاما، وربعهم فقراء. يحق للناجين من الهولوكوست الحصول على كل حقوقهم للعيش الكريم، ولكن لا يمارس أكثر من نصفهم كل الحقوق والامتيازات التي يستحقونها قانونيا”، أوضحت الجمعية.

في العام الماضي، أطلقت جمعية أخرى – تدعى “الجمعية للمساعدة الفورية للناجين من الهولوكوست” – حملة لجمع التبرعات لشراء بطاقات معدة لشراء أطعمة للناجين. حظي المشروع بنجاح منقطع النظير، إذ نجحت الجمعية خلال فترة محددة بجمع 300 ألف شاقل للهدف المنشود، ويشكل هذا المبلغ ضعفي المبلغ الذي حددته الجمعية.

اقرأوا المزيد: 266 كلمة
عرض أقل
النساء أثناء الهولوكوست
النساء أثناء الهولوكوست

ناجية من الهولوكوست تترك ثروتها لجارها وليس لأولادها

تبرعت ناجية من الهولوكوست لجارها المخلص الذي ساعدها طيلة 17 عاما الماضية بثروتها بدلا من أن تتركها لأولادها

قررت سارة، الناجية من الهولوكوست من كندا، القدوم إلى إسرائيل بعد أن تركت زوجها وأولادها خلفها. بعد 30 عاما تقريبا وقبل وفاتها، نجحت في التبرع بنحو 17 دار ضيافة للجنود، بالإضافة إلى ذلك كتبت في وصيتها أنها تريد أن يرث كل أموالها – أكثر من مليون شيكل وشقة مع كل محتوياتها، إضافةً إلى كل الأموال التي تستحقها من الحكومة الألمانية والكندية، جارها المخلص الذي اعتنى بها طيلة سنوات. في الوقت الراهن، تعارض الأسرة الكندية وصيتها – ثلاثة أولاد وأحفاد – رغم أنها لم تكن على علاقة معها طوال سنوات.‏

توفيت العجوزة البالغة من العمر 80 عاما قبل شهر في حيفا، وورث جاران شابان لديهما أطفال صغار ثروتها.

في ورثتها أوضحت العجوزة الأسباب التي دفعتها إلى التبرع بكل ممتلكاتها لجارها بدلا من أولادها. وكتبت في قرارها: “منذ سنوات عديدة، في عام 2000 تقريبا، كان جاري أقرب شخص مني، وقد دعمني وساعدني وكأنه ابني وأحبه من كل قلبي، في المقابل تخلى عني كل أفراد عائلتي، بما في ذلك ابنتيَّ وكلا ابنيَّ وأحفادي، ولم تكن علاقة بيننا تقريبا ولم أرهم منذ أن قدمت إلى إسرائيل في عام 1971، لهذا قررت ألا يرثوا من ثروتي أبدا”.

وفقا لتصريحها، يبدو أن العجوزة قد توقعت مسبقا أن تعارض عائلتها، لهذا ورد في وصيتها، “أوكل محاميا ليدير إرثي وأطلب منه أن ينفذ الوصية وإذا دعت الحاجة أن يحميها من أية اعتراضات”.

لم يقدّم أولادها اعتراضهم بعد، ولكنهم أعلنوا أنهم يعتزمون القيام بذلك.

وقال محام مسؤول عن ورثتها لوسائل الإعلام الإسرائيلية إنه لا يحق لأولاد موكلته أن يعارضوا وصيتها من ناحية قانونية. “كان جارها قريبا منها وساعدها طيلة سنوات. لم ترَ أولادها وأحفادها طيلة 30 عاما. ولم يزوروها في إسرائيل وهي لم ترزهم أيضا، لكنهم كانوا يرسلون إليها بطاقة تهنئة في عيد ميلادها كل سنة فقط”.

اقرأوا المزيد: 273 كلمة
عرض أقل
الناجية إيفا موزيس-كور وأختها في طفولتهما (لقطة شاشة)
الناجية إيفا موزيس-كور وأختها في طفولتهما (لقطة شاشة)

أكثر من 100 مليون مشاهدة: ناجية تغفر للنازيين

في مقطع فيديو استثنائي، تغفر يهودية ناجية من الهولوكوست لدكتور منغيله "ملاك الموت من أوشفيتس" الذي ارتكب تجارب رهيبة ضدها وضد أختها التوأم. "ما اكتشفته عن نفس غيّر حياتي"

لم يترك مقطع فيديو استثنائي نُشر في صفحة الفيس بوك الأمريكية الشعبية “BuzzFeed” شخصا مباليا. ففي مقطع الفيديو، تحكي الناجية من الهولوكوست، ابنة 83 عاما، عن العذاب الذي مرت به هي وأختها التوأم في مختبر التجارب المعروف بسمعته السيئة للدكتور النازي “منغيله” وعن العملية المفاجئة التي مرت بها بعد عشرات السنوات لاحقا، وفي النهاية تغفر للمسيء بحقها.

تحكي الناجية إيفا موزيس كور في مقطع الفيديو كيف ابتعدت عن والديها وأخواتها الأكبر منها بعد مرور نصف ساعة فقط بعد أن وصلت العائلة إلى معسكر الإبادة أوشفيتس، وكيف لم تراهم لاحقا أبدا. ظلت إيفا وأختها على قيد الحياة لأن دكتور منغيله استخدمها هي وأخت كما استخدم الأشخاص التوأم الآخرين من أجل إجراء التجارب.

الناجية إيفا موزيس-كور وأختها في طفولتهما (لقطة شاشة)
الناجية إيفا موزيس-كور وأختها في طفولتهما (لقطة شاشة)

وفق أقوالها، استخدمها دكتور منغيله وطاقمه واستخدموا أختها أيضا كعنصر بشري للتجارب العلمية. كان تؤخذ إيفا ثلاث مرات أسبوعيا إلى مختبر الدم، وكانت تتلقى فيه حقن لم تعرف ما هي المواد التي كانت تتضمنها أبدا. كادت تؤدي إحدى هذه الحقن إلى وفاتها، ولكن خلافا لتوقعات دكتور منغيله الذي اعتقد أنها ستعيش أسبوعين فقط، فقد ظلت على قيد الحياة.

ولكن اتضح بعد سنوات أن أختها عانت بعد هذه الحقن من تلوثات في الكلى كانت مقاومة للأدوية المضادة للجراثيم واستمرت طيلة حياتها. بعد سنوات من إطلاق سراحها من بين أيدي الأطباء النازيين، اكتشف الأطبّاء الذين فحصوها عندما كانت حاملا أن حجم كليتيها ظل كحجم كلى طفلة عمرها عشر سنوات بسبب الحقن.

https://www.facebook.com/BuzzFeedVideo/videos/10156793536720329/

قالت إيفا إن بعد مرور سنوات على الحرب العالمية الثانية، إنها التقت بطبيب نازي عن طريق الصدفة كان قد خدم في معسكر أوشفيتس، ووافق على أن يشهد ويوقع على المجازر التي شارك فيها بحق كل اليهود وأقلية أخرى أثناء الحرب. لم تعرف إيفا كيف تشكره، وقررت أن تكتب رسالة تغفر له عن خطاياه.

دكتور يوزاف منغيله (Wikipedia)
دكتور يوزاف منغيله (Wikipedia)

“ما اكتشفته عن نفسي غيّر حياتي. اكتشفت أنني قادرة على مسامحة الآخرين. ليس في وسع أحد أن يمنحني هذه القوة أو يأخذها مني. طيلة خمسين عاما كنت ضحية، ولم أفكر أنني قوية. مرت أربعة أشهر حتى كتابة رسالة المغفرة. قرأت معلمتي للغة الإنجليزية الرسالة وقالت لي: ‘كل الاحترام لأنك تسامحين دكتور مونتش النازي، ولكنه ليس هو مشكلتك الأساسية، بل دكتور منغيله.'” وقالت إيفا: “عندما عدت إلى المنزل تخيّلت أن دكتور منغيله يقف أمامي في الغرفة فقلته له عشرين جملة بذيئة. وفي النهاية، قلت له “رغم هذا أغفر لك”. بعد أن كنت طيلة 50 عاما فئر تجارب، شعرت بالقوة أمام ملاك الموت من أوشفيتس”.

شاهد أكثر من 100 مليون مشاهد مقطع الفيديو الذي نُشر قبل أيام قليلة. علق على المنشور أطفال وأحفاد لناجين من الهولوكوست، ودعم بعضهم إيفا وقال البعض الآخر إنه ليس في وسعهم المغفرة للأعمال النازية الرهيبة.

اقرأوا المزيد: 405 كلمة
عرض أقل
يسرائيل كريستال (Wikipedia)
يسرائيل كريستال (Wikipedia)

وفاة الناجي اليهودي من الهولوكوست، الأكبر سنا في العالم

توفي في نهاية الأسبوع الماضي الناجي من الهولوكوست الذي أعلنت موسوعة غينيس للأرقام القياسية أنه الرجل الأكبر سنا في العالم

في وسع قصة حياة يسرائيل كريستال الإسرائيلي الذي ورد اسمه في موسوعة غينيس للأرقام القياسية بصفته الرجل الأكبر سنا أن تملأ كتبا كاملة. فهو خاض حربين عالميتين، فقد فيهما أبناء أسرته، ثم بدأ حياته الجديدة في إسرائيل.

يسرائيل كريستال في بولندا
يسرائيل كريستال في بولندا

وتوفي كريستال الناجي اليهودي من الهولوكوست، يوم الجمعة الماضي عن عمر يناهز 114 عاما. في شهر آذار 2017 في سن 112 عاما أعلنت موسوعة غينيس للأرقام القياسية أنه الرجل الأكبر سنا في العالم. تصدر اسمه المرتبة الـ 23 في قائمة المسنين في كل الأوقات. كان الياباني جيرمون كيمورا أكبر المعمرين في القائمة وتوفي عام 2013 في سن 116 عاما.

وُلِد كريستال في عام 1903 في بولندا. في عام 1920، عندما كان عمره 17 عاما فتح مصنعا للحلويات. وتزوجا وكان لديه طفلان. في عام 1940 طُرد مع زوجته وابناهما إلى الغيتو، وفي آب 1944 نُقِل إلى معسكر الإبادة أوشفيتز بيركينو. ماتت زوجته وابناهما في الهولوكوست.

يسرائيل كريستال (AFP / SHULA KOPERSHTOUK)
يسرائيل كريستال (AFP / SHULA KOPERSHTOUK)

وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وقيادة إدارة معسكرات الإبادة النازية، تزوج كريستال ثانية. وصل إلى إسرائيل عام 1950 مع عائلته وعاش في حيفا. عمل في صنع الحلويات طيلة حياته. وفق أقوال أبناء عائلته، كان من دواعي سروره أن يُدفن بعد وفاته في إسرائيل. “لم يحظَ معظم الأشخاص الذين عرفهم بقبر ومن المؤكد ليس في إسرائيل”، قال أبناء العائلة.

اقرأوا المزيد: 196 كلمة
عرض أقل
عائلة كوكولاه تلتقي في لندن (Facebook)
عائلة كوكولاه تلتقي في لندن (Facebook)

منشور في فيسبوك يُغيّر حياة ناجٍ من الهولوكوست

قصة رجل عجوز، اعتقد أن كل أقربائه ماتوا في الهولوكوست وأنه بقي هو وشقيقته على قيد الحياة فقط، حتى شاهد منشور في الفيس بوك وتغيّرت حياته تماما

02 أغسطس 2017 | 11:18

كان يحلم ألكس كفري ابن 71 عاما من حيفا أن يكون منتميا لعائلة كبيرة. عرف طيلة حياته أن كل أفراد عائلته فيما عدا أخته قد ماتوا أثناء الهولوكوست حتى شاهد في عشية يوم الهولوكوست الماضي منشورا في الفيس بوك غيّر حياته تماما. اكتشف الرجل بعد مشاهدة المنشور أنه جزءا من عائلة موسّعة تعدادها أكثر من 500 شخص.

“فكرت أنني آخر ما تبقى من عائلتي”، قال ألكس في مقابلات معه لوسائل الإعلام الإسرائيلية. مات كل أفراد عائلته من جهة والدته لهذا ركز اهتمامه في البحث عن أقربائه من جهة والده. تذكر ألكس أنه كان أخان لدى أبيه. “لم يتكلم والدي عن عائلته أبدا”، قال ألكس. “لم يكن لدى أفراد عائلة والدي أطفال لهذا فكرت أني بقيت أنا وأختي على قيد الحياة”.

وقبل عشر سنوات حاول ألكس العثور على طرف خيط لمعرفة مصير أقرباء عائلته من جهة والده. فبدأ بالبحث عن معلومات في مواقع مختلفة، ولكنه واجه صعوبات لأن والده، ديفيد كفري، غيّر اسم عائلته بعد وصوله من ليتوانيا إلى إسرائيل عام 1920.

ولكن تغيّرت عملية البحث بشكل جذري عندما عثر ألكس على منشور في الفيس بوك لرجل قال إنه بعد سنوات اعتقد فيها أن أفراد عائلته ماتوا في الهولوكوست، نجحت شركة ‏MyHeritage‏‏‎ ‎‏في العثور على عائلته، “عائلة كوكولاه”، اسم عائلة ألكس في شبابه.

ألكس كفري (Facebook)
ألكس كفري (Facebook)

وتحدث الرجل في المنشور كيف وصلت جدته إلى إسرائيل عام 1932 وأضاف: “قالت لنا إنه ليست لديها عائلة، ففهمنا أن لا أحدا من أفراد أسرتها ظل على قيد الحياة. ولكن اكتشفنا قبل بضعة أشهر أن ليس هذا غير صحيح فحسب، بل اكتشفنا أن لدينا عائلة كبيرة وموسّعة”.

ومن بين كل ردود الفعل المؤثرة، كتب ألكس تعليقا أيضا. “اسمي ألكسندر كفري من عائلة “كوكولاه” من كوبانا في ليتوانيا وأبحث عن أفراد عائلتي”. فعلق الكثير من أبناء العائلة ردا على المنشور. “فكرنا أننا نجحنا في العثور على الجميع” كتبت قريبة من أقربائه في أحد التعليقات، وفي غضون ساعات تلقى ألكس مكالمات هاتفية من سياتل ولندن وقيل لألكس إن تفاصيله ملائمة تماما لتفاصيل أبناء العائلة.

“ذرفت عيني الدموع عندما شاهدت التعلقيات السريعة”، قال ألكس منفعلا. “تحققت اللحظة التي انتظرتها طيلة حياتي أي لحظة أكون فيها جزءا من عائلة موسّعة. شاركني أقربائي من سياتل ولندن بصورة لعمي وأرسلا إلي صورة من عرس جدي وجدتي”.

MyHeritage‏ هي شركة ناشئة إسرائيلية توفر الكشف عن الماضي، الحفاظ عليه، ومشاركته عبر تكنولوجيا متطورة من خلال مقارنة المعلومات. في وسع MyHeritage بناء شجرة العائلة، التعرف إلى أقرباء عائلة جدد، البحث عن أقرباء عائلة في 7 مليارات سجل تاريخي، الحفاظ على المستندات ومشاركتها، الصور، وأفلام الفيديو.

اقرأوا المزيد: 391 كلمة
عرض أقل
متحف الهولوكوست "ياد فاشيم" (Mendy Hechtman/Flash90)
متحف الهولوكوست "ياد فاشيم" (Mendy Hechtman/Flash90)

ما هي الهدية التي قدمها متحف الهولوكوست لترامب؟

سيحصل ترامب على هدية أثناء زيارته إلى إسرائيل، وهي أحد أهم الأغراض الشخصية والنادرة المتبقية بعد قتل شابة على يد النازيين لكونها يهودية

في إطار زيارة الرئيس ترامب إلى إسرائيل، هناك موقع واحد على كل زعيم بارز أن يزوره أثناء زيارته الرسمية إلى إسرائيل وهو متحف أحداث الهولوكوست في إسرائيل “ياد فاشيم”. نشر المتحف أن ترامب سيحصل على هدية خاصة عندما يزوره وهي دفتر مذكرات لشابة يهودية قُتِلت أثناء الهولوكوست. ستُشارك أخت الفتاة التي قُتِلت، وهي الوحيدة التي نجت من الهولوكوست وتعيش في إسرائيل، في المراسم.

“عليكِ أن تحبي الحياة، ولا تخافي من الموت، وأن تؤمني بالله وبمستقبل أفضل”

تظهر في مذكرات الشابة “إستر غولدشطاين” التي قتلها النازيون في سن 16 عاما، ذكريات كتبها لها أفراد عائلتها، صديقاتها، ومعلموها. هناك جزء من صفحات دفتر المذكرات مُزين بصور ساذجة مليئة بالأمل، وتتضمن صفحات أخرى صورا لأقربائها، ورسائل تحمل أملا كبيرا ومحبة.

تمت كتابة الإهداء الأول في دفتر المذكرات النادر عام 1937، عندما كانت إستر ابنة 11 عاما، وكُتب الإهداء الأخير بتاريخ 16 أيلول 1942، قبل شهر من طردها إلى ريغا في لاتفيا وقتلها في سن 16 عاما. قُتِل كافة أفراد عائلة إستر فيما عدا أختها أثناء الهولوكوست.

قُتِل أيضا نحو مليون ونصف طفل يهودي أثناء الهولوكوست. لم تبقَ أية ذكريات لهم سوى القليل من الصور والأغراض الشخصية. يشكل دفتر المذكرات الثمين مصدر معرفة لقصة الشابة التي ماتت في سن صغيرة بسبب العنف.

“لا تنسيني”، هذا ما كتبته صونيا، صديقة إستر التي طُرِدت إلى أوشفيتس عام 1943 في إحدى صفحات دفتر  المذكرات الخاص بإستر. كتبت صديقة أخرى اسمها بيلا إلى إستر في صفحات دفتر المذكرات: “عليكِ أن تحبي الحياة، ولا تخافي من الموت، وأن تؤمني بالله وبمستقبل أفضل”. طُرِدت بيلا إلى أوشفيتس عام 1943 وقُتِلت فيه. قُتِلت بعد ذلك إستر أيضا، صاحبة دفتر المذكرات.

يشكل دفتر المذكرات الخاص بإستر جزءا من المعرض المحوسب (باللغة العبرية، الإنجليزية، الألمانية، والإسبانية) في موقع “ياد فاشيم” ويدعى “لا تنسوني”: دفاتر مذكرات لأطفال من فترة الهولوكوست.

اقرأوا المزيد: 280 كلمة
عرض أقل
الصحفي الإسرائيلي هنريك تسيمرمان
الصحفي الإسرائيلي هنريك تسيمرمان

رجل المهام الخاصة للإعلام الإسرائيلي

تعرّفوا إلى الصحفي الإسرائيلي الذي أجرى مقابلة مع نجل أسامة بن لادن، وكشف عن العلاقات اليهودية لزوجته، ونجح عبر ربع قرن في تغطية عشرات الصراعات الدامية حول العالم

لو عرفتُ أنّ السؤال الأول الذي وجهته للصحفي الإسرائيلي المحنّك، هنريك تسيمرمان، هو السؤال ذاته تماما الذي طرحه تركي الفيصل، الذي كان على مدى سنوات رئيسا لوكالة الاستخبارات السعودية وسفير السعودية في الولايات المتحدة، لن أصدّق أبدا.

كيف وصل شخص ذي إطلالة أوروبية مثلك إلى إسرائيل؟ وما الذي تبحث عنه هنا في الشرق الأوسط؟

وُلد تسيمرمان في البرتغال، وقدِم إلى إسرائيل في سنّ صغيرة جدا، وهو صحفي محنّك ونشط يعمل مع شبكات بثّ مختلفة وراء البحار. أجرى خلال السنين مقابلات مع الشيخ أحمد ياسين، ياسر عرفات، محمود عباس، عبد العزيز الرنتيسي، ومسؤولين آخرين في السياسة الإسرائيلية والدولية.

تسيمرمان مع صديقه البابا فرنسيس
تسيمرمان مع صديقه البابا فرنسيس

“أنا سليل عائلة يهودية. قدِم والدي إلى البرتغال من بولندا وكان جدي من الناجين من الهولوكوست، وقد رفض على مدى سنوات أن يحكي لي الأحداث التاريخية القاسية التي أدّت إلى إبادة أسرته. تنحدر أمي من أسرة أكثر سعادة وهي سليلة يهود مغاربة من مدينة تطوان. كما هو معلوم، فإنّ يهود تطوان هم من المهاجرين من إسبانيا والبرتغال، إضافة إلى المسلمين المطرودين أيضًا من شبه الجزيرة الأيبيرية. في الواقع فقد قضيتُ معظم العطل الصيفية في المغرب وتأثرت من كلا الثقافتين، الشرقية والغربية على حد سواء. وفي الحقيقة، أشعر أنني أنجذب أكثر إلى ثقافة والدتي الشرقية ومؤخرا فقط أضفت اسم عائلتها إلى اسمي، ولذلك أصبح اسمي هنريك بن هاروش تسيمرمان”.

من جهة فإنّ تسيمرمان هو صحفي حائز على العديد من الجوائز العالمية، يتنقل بين دول الخليج، أوروبا، وأمريكا اللاتينية، ومقرّب من البابا فرانسيس، يتحدث خمس لغات ودائم الحضور في عدة قنوات إخبارية رائدة في العالم. يمكن أن يُلاحظ فورا من ينظر إليه إطلالة أوروبية هادئة ولكن في اللحظة التي يبدأ فيها بوصف أحداث مرّ بها أو شخصيات التقاها، تظهر فورا شخصية متنوعة مليئة بالمزاج الشرقي الواضح، الذي يعرف كيف يقصّ القصة بأفضل شكل. لقد تحدثنا، تقريبًا، عن كل العالم: تحدّثنا عن البابا، مستقبل العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين، سحر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الفُضول حول محمد بن سلمان آل سعود، الجهاد العالمي، القاعدة وداعش، وحول المغرب وجمال الشرق أيضا.

في كل موضوع تحدّثنا فيه، ظهر تواضع إلى جانب حجم التفاصيل الكبير للأحداث التي نقلها على مدى نحو ربع قرن. رغم الحذر الشديد الذي يُظهره في تغطياته الإخبارية، اتضح أنه يتمتع أيضًا بإصرار متطوّر، ساعده على الوصول إلى المقابلة المشوّقة مع نجل أسامة بن لادن.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (AFP)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (AFP)

أي زعيم عربي كنت ستُوصي الإسرائيلي العادي بالتعرّف إليه؟

“أعتقد اليوم أنّ على الإسرائيليين التعرّف إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. يشكّل المصريون اليوم نحو ربع العالم العربي وهم صنّاع القرار النهائي. يُستحسن أن تُفكّر إسرائيل وقادتها في ما يدور في الدولة المجاورة. كانت أحداث الربيع العربي ذروة التقلّبات الاجتماعية. لقد أدركت الثورات بشكل أساسيّ أنّه لا يمكن الإعلان عن الديمقراطية، بل يجب بناؤها. أعتقد أنّه لا يمكن السماح للحركات غير الديمقراطية بإدارة الديمقراطية. فعندما تُسيّطر هذه الحركات على السلطة، فأول خطوة تخطوها هي إلغاء جميع المؤسَّسات الديمقراطية. أتمنى للعرب أن يستمتعوا بالديمقراطية. لقد نشأتُ في ظل الدكتاتورية. وأدرك شعور العيش في ظل تلك الأجواء، ولذلك أعلم أيضا ما واجهه الشعب المصري. أعتقد أن عبد الفتاح السيسي شخصية رائعة لأنّه شخص حكيم ويفهم جيدا الشرق الأوسط وبشكل شاملا”.

وفقا للصحفي تسيمرمان، فقد أدّت التحوّلات العميقة التي تجري اليوم في الشرق الأوسط إلى اختفاء 5 دول من المشكوك به جدا إذا ما كانت ستعود بشكلها المعروف “لقد اختفت 5 دول وهي: اليمن، ليبيا، سوريا، العراق، والصومال. إذا كيف سيُبنى الشرق الأوسط الجديد؟ في نظري، سيرتكز على 6 دول ستكون رائدة في الـ 20-30 سنة القادمة. دولتان غير عربيّتين، وهما إيران وتركيا سواء كان جيّدا أو سيئا، ودولتان عربيّتان سنيّتان، السعودية ومصر، ومن هنا تنبع أيضًا أهمية السيسي. يشكّل المغرب، رغم بعده الجغرافي، لاعبا مهما بسبب علاقته الخاصة مع أكثر من مليون يهودي هاجروا منه إلى إسرائيل. يشكّل اليهود المغاربة دورا رئيسيا في بناء الجسور المستقبلية بين إسرائيل والدول العربية، لأنّهم ما زالوا يحبّون الملك والمناظر الطبيعية في وطنهم. يترعرع الجيل الثاني والثالث من أولئك المهاجرين، وفق ذات الثقافة والعلاقة بالمغرب. وبطبيعة الحال الدولة الأخرى هي إسرائيل. إنها قائمة وأصبحت حقيقة واقعية. في محادثة أجريتها مع مسؤول سعودي قال لي هو أيضًا إن “السعودية ومصر أدركتا أنّه لا يمكن هزيمة إسرائيل في الميدان العسكري لذلك يجب الحرص على التعاون لتحقيق المصالح المشتركة. تخيّل ما يمكننا أن نقوم به معا: يمكن بناء إمبراطورية من خلال العرب الأغنياء، الكثير من الشباب، وبمساعدة إسرائيل ذات قدرات تكنولوجية وعصرية”.

“الجهاد الآن” – القاعدة وداعش

تسيمرمان يجري مقابلة مع رئيس أركان البيشمركة في أربيل، القائد سيرفان برزاني
تسيمرمان يجري مقابلة مع رئيس أركان البيشمركة في أربيل، القائد سيرفان برزاني

“من جهة يسود شر كبير في تنظيم داعش، ومن جهة أخرى، إذا أردنا مواجهة الظاهرة ومنع ولادة أحفاد هذا التنظيم وأبنائه، علينا التعرّف عليه”، كما يقول تسيمرمان، مؤلف سلسلة “الجهاد الآن”. “ولذلك يجب مواجهته. أعتقد أنّ خطاب الكراهية لا يساعد أبدا، بل العكس. إنه يُزيد حدة الظاهرة. الواقع أكثر تركيبا بكثير مما يعرضونه لنا ونحن نميل إلى ارتكاب الخطأ عبر الصور النمطية”.

ولذلك، فإنّ “الجهاد الآن” هو برنامج تم تصويره على مدى نحو ثلاث سنوات في أكثر من 15 دولة مع مجموعة متنوعة من الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات بدءًا من رئيس أركان البشمركة في أربيل، مسؤولين في السي آي إي الأمريكي، ممثّلين من الـ MI5 و الـ MI6 البريطانية، دبلوماسيين سعوديين وأمريكيين وصولا إلى خبراء في الإرهاب في الولايات المتحدة وإسرائيل.

وبخلاف التقارير التي ظهرت مؤخرا في التلفزيون الإسرائيلي والتي غطّت ظاهرة الإسلام المتنامي في أوروبا، استذكر تسيمرمان أكثر من 30 عاما، عائدا إلى اللحظة التي غزت فيها الجيوش السوفييتية أفغانستان. ردّا على ذلك الغزو وكجزء من الحرب الباردة سلّحت الولايات المتحدة القوات المحلية في أفغانستان بأسلحة قوية تم توجيهها بعد مرور سنوات قليلة ضدّها، أثناء سيطرة المجاهدين على المنطقة. يستمر ذلك التوجه من خلال تعزّز قوة أسامة بن لادن.

ذروة السيرة المهنية: مقابلة مع عُمر، نجل أسامة بن لادن

عُمر، نجل أسامة بن لادن في مقابلة مع مراسل AFP (AFP)
عُمر، نجل أسامة بن لادن في مقابلة مع مراسل AFP (AFP)

لقد ساعد إصرار تسيمرمان على نجاحه في إجراء المقابلة المشوّقة مع نجل بن لادن. قدِم تسيمرمان إلى قطر بعد لقائين تم إلغاؤهما في اللحظة الأخيرة، كان المتوقع أن يُجريا في باريس وكوبا . “في التاسعة مساء وصلتُ إلى الفندق الذي حدّدنا فيه الموعد، ولكن عُمر لم يصل. بدلا منه، كان هناك من نظر إليًّ نظرات فاحصة من رأسي إلى أخمص قدميّ. تنقلتُ عبر ثلاثة فنادق حتى وصلت إلى عُمر. وعندما وصلتُ رأيت عُمر وهو يرتدي جلبابا أبيض نقي ووقفتِ إلى جانبه زوجته ذات عينين زرقاوتين، تتحركان كثيرا، وكانت ترتدي ملابس سوداء تغطي جسمها. تحدثنا لمدة ساعتين. في البداية، لم يتم تصوير اللقاء، ولكن أقنعته لاحقا بإجراء مقابلة مدتها نصف ساعة. رأيت شخصا حزينا تماما. لقد ترك والده قبل فترة قليلة جدا من أحداث الحادي عشر من أيلول ولم يكن يعلم بها كما يقول. سافر إلى جدّته، والدة أسامة بن لادن في السعودية وكان في منزلها أثناء تلك الأحداث.‎ وصف لي عمر بن لادن كيف أيقظه أعمامه وهم يصرخون وقالوا له إنّ “أباك قد دمّرنا” بينما كان يرى البرجين التوأم وهما يشتعلان بالنيران عبر التلفزيون. حينها جلس ذلك الرجل أمامي وقال إنّه، من جهة، ليس شريكا لتلك الأيديولوجية المتطرفة، ومن جهة أخرى، يدور الحديث عن والده وقد أعرب عن محبته”. وأكثر ما فاجأ تسيمرمان هو الشبه بين عمر ووالده “كانا يشبها بعضهما كثيرا رغم أنّ عُمر يبدو ذا جسد أضخم، ربما كان يمارس تمارين رياضة بدنية”.

من خلال محادثة تسيمرمان مع بن لادن الشاب، أدرك أنّ أسرة بن لادن تسعى لتحسين سمعتها. تتنقل هذه الأسرة التي استمرت في بناء المشاريع المرموقة في الدوحة، طوال الوقت، على طول المحور بين جدة والدوحة في قطر.

كشْف مثير: الجذور اليهودية لزوجة نجل بن لادن

عُمر وزوجته زينة في منزلهما في القاهرة، عام 2008 (AFP)
عُمر وزوجته زينة في منزلهما في القاهرة، عام 2008 (AFP)

بعد اللقاء مع عُمر بن لادن، اكتشف تسيمرمان أن زينة بن لادن، زوجة عمر ابن أسامة بن لادن، قد أرسلت إليه رسالة نصية كشفت فيها أنّ والدتها من أصول يهودية.

على مدى شهور حاول تسيمرمان إقناع زينة بالحديث عن علاقة أسرتها باليهودية، ولكنها رفضت بشدّة. في شباط 2012 في مانشستر، بعيدا عن منزلها في قطر، وافقت على الكشف عن السر.

“ينحدر والد أمي من عائلة يهودية أصلها من روسيا البيضاء”، كما قالت لتسيمرمان. “لم تخفِ أمي تلك الحقيقة أبدا. فهي تعرّف نفسها باعتبارها تنحدر من أسرة يهودية. أتذكر عندما كنت أشعل الشموع يوم السبت”.

وُلدت زينة بن لادن، أو باسمها القديم، جين فيليكس براون، وعاشت في حيّ نصف سكانه يهود، قرب مانشستر. أخبرَت زينة تسيمرمان أنها اعتادت على الذهاب إلى حفلات زفاف يهودية، وعلى زيارة الكنيس في أحيان كثيرة. عام 2000 قررت جين فيليكس براون، أو زينة، مغادرة بريطانيا والاستقرار في الشرق الأوسط. التقت بأسرة بن لادن وبعمر، الابن المُفّضل لدى أسامة، قرب أهرامات الجيزة. أحبا بعضهما، وبعد أسبوعين من ذلك تزوّجا. واليوم، بعد 5 أعوام من اغتيال بن لادن – وهي بعيدة عن مناطق الحرب في أفغانستان، لم تعُد لديها مشكلة في الحديث عن جذورها اليهودية.

تسيمرمان يلتقط صورة مع رئيس كردستان العراق، مسعود برزاني
تسيمرمان يلتقط صورة مع رئيس كردستان العراق، مسعود برزاني

ما رأيكِ بجمود العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين؟

“أعتقدُ أن الإسرائيليين والفلسطينيين يعانون من صدمة وخيبة أمل عميقة. هناك انعدام ثقة شبه كامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين. في رأي أيضًا أنّه ليس هناك استعداد حقيقي للسلام لا في المجتمَع الفلسطيني ولا في المجتمع الإسرائيلي. هناك جهات تحاول طوال الوقت أن تُعكّر الأجواء. ورغم كل ذلك فلو نظرت إلى بعض الاستطلاعات وتحليلات الرأي العام، كنتَ ستكتشف أنّه سواء كان في أوساط الفلسطينيين أو الإسرائيليين فإنّ ثلثي الشعب (على الأقل) يؤمنون بالسلام ويدعمون حلّ الدولتين. المشكلة بطبيعة الحال الثقة المتبادلة وعلى هذا يجب على الزعماء العمل جيّدا”.

السؤال الأخير: أي زعيم عربي كنتَ ترغب في إجراء مقابلة معه؟ وماذا كان السؤال الأول الذي كنت ستطرحه عليه؟

“الشخصية الرائعة في نظري هي شخصية وزير الدفاع السعودي، محمد بن سلمان. تسود في السعودية في هذه الأيام ثورة نفسية تقريبا. إذا انتقلت خيوط السلطة إليه فعلا فستحدث قفزة على مدى جيلين من الزعامة. سينجح محمد بن سلمان في تعزيز مكانة بلاده أكثر مما عرفناه حتى الآن. وقد عرض هذا العام برنامجا اقتصاديا لعام 2030، وأهمه هو محاولة السعودية الانفصال عن التعلق التام بالذهب الأسود. السؤال الأول الذي كنتُ سأوجهه إليه هو كيف يرى الشرق الأوسط في الثلاثين عاما القادمة؟”.

اقرأوا المزيد: 1513 كلمة
عرض أقل