المعارضة المصرية

لافتة انتخابات للمرشح الرئاسي، عبد الفتاح السيسي. أرشيف (MOHAMED EL-SHAHED / AFP)
لافتة انتخابات للمرشح الرئاسي، عبد الفتاح السيسي. أرشيف (MOHAMED EL-SHAHED / AFP)

مصر السيسي: الديموقراطية في عطلة

الانتخابات المصرية على الأبواب والفائز الأكبر تم الإعلان عنه من مدة. آمال كثيرة معلّقة على الجنرال السيسي ولكن الفوز بتاج الرئاسة هو البداية فقط

تمّ نشر المقال لأول مرة في موقع ميدا

الانتخابات المصرية على الأبواب والفائز الأكبر تم الإعلان عنه من مدة. آمال كثيرة معلّقة على الجنرال السيسي ولكن الفوز بتاج الرئاسة هو البداية فقط. التحدي الأكبر الذي سيقف أمامه هو مجموعات المعارضة، فمن جهة، يقاطع  الإخوان المسلمون، الذين لا يزالوا يحظون بدعم واسع، الانتخابات ويصعّدون من نشاطات الإرهاب ضدّ الحكومة، ومن جهة أخرى الشباب الليبرالي، الذي هو غير مستعد لقبول أوضاع ديكتاتورية أخرى.

في 26 و27 من هذا الشهر، ستُجرى انتخابات الرئاسة في مصر، ومن المتوقع أن يفوز الجنرال عبد الفتّاح السيسي بمنصب الرئيس بأغلبية ساحقة. يعتقد الكثيرون أنّه سيكون منقذ مصر، وسينشلها من المشاكل الخطرة التي تواجهها.

خلال السنوات الثلاث الأخيرة تقريبًا، منذ أن اندلعت المظاهرات ضدّ مبارك في ميدان التحرير، في 25 يناير 2011، تعثّر الاقتصاد المصري، وتجري في سيناء حرب ضدّ المجموعات الإرهابية المتطرّفة والسدّ الذي تبنيه إثيوبيا يهدّد شريان حياة مصر، وهو نهر النيل.

ولكن، تشكل المعارضة من الداخل، أو – من المفضّل أن نقول – المعارضات، المشكلة الأكبر التي سيضطر السيسي لمواجهتها تحديدًا.

مقاطعات وإرهاب: “الإخوان المسلمونيقودون المعارضة

تترأس جماعة “الإخوان المسلمين” المعارضين لقيام الانتخابات. يزعم نشطاؤها أنّ الرئيس الشرعي والقانوني لمصر هو محمد مرسي، الذي تمّ انتخابه في الانتخابات الديمقراطية في شهر حزيران عام 2012، وأنّ عزله في تموز 2013 كان انقلابًا عسكريًا بكل معنى الكلمة، دون أيّ مبرّر، وأيّة قانونية أو سبب مشروع. وفقًا للإخوان، فالحكومة ليس لديها سلطة، وقراراتها غير سارية وبالتالي فإنّ عملية الانتخابات التي ستُقام في الأسبوع القادم باطلة ولاغية، ونتائجها لا معنى لها. ولذلك، فمن المرجّح أنّ الكثير من داعمي “الإخوان” سيمتنعون من الاشتراك في الانتخابات ليعبّروا بذلك عن موقفهم بأنّ الانتخابات غير قانونية. وقد أصدر بعض المفتين منذ الآن فتاوى شرعية تعبّر عن هذا التوجّه، وتحظر بتحريم شرعي الذهاب إلى صناديق الاقتراع والتصويت.

عبد الفتاح السيسي خلال عرض عسكري (AFP)
عبد الفتاح السيسي خلال عرض عسكري (AFP)

لا تنحصر المشكلة التي يضعها “الإخوان” أمام السيسي في الاشتراك بالانتخابات، حيث أنّه من بين ملايين المواطنين الذين يؤيّدونهم هناك الكثير ممن هم مستعدّون لاتخاذ أي وسيلة، حتى لو كانت عنيفة، من أجل الانتقام من السيسي ومساعديه بسبب استيلائهم على الحكم بدلا من الرئيس المنتخَب مرسي ووضعه في قفص المتّهمين. خلال السنة الأخيرة، شهدنا زيادة كبيرة في أعمال التخريب، العمليات الإرهابية والتفجيرات في أماكن كثيرة بمصر. يفجّر معارضو السيسي السيارات، ويهاجمون مراكز السلطة، الجيش والاستخبارات، ويقتلون رجال الشرطة والجنود ويحرقون سياراتهم. الاتجاه آخذ بالازدياد، وتبدو العمليات الإرهابية أكثر فأكثر مثل الواقع الفظيع لبغداد في العراق، وكمثال لما يمكن توقّعه في القادم.

من أجل مكافحة معارضي السلطة بشكل فعال، أعلنت الدولة أن تنظيم “الإخوان المسلمين” هو تنظيم غير قانوني، إرهابي، عصابة مجرمة وأوصاف جنائية أخرى. وفي الوقت نفسه، تشدّد الأجهزة الأمنية المصرية من تكميم الأفواه، الاضطهاد، المحاكمات المنظّمة وأحكام الإعدام الجماعية، التي اتّخذت بإجراءات قضائية محيّرة جدّا، وتلقّت انتقادات سلبية شديدة في جميع أنحاء العالم الغربي.

يظهر، بالتالي، أن الصراع بين السيسي و”الإخوان المسلمين” سيشكّل جزءًا مهمّا من الحياة العامّة في مصر في السنوات القادمة، حيث يؤيد عشرات الملايين من المصريين، ومعظمهم من سكان الأحياء العشوائية، الذين يعيشون من دون مياه جارية، مجارٍ، كهرباء أو اتصالات، “الإخوان” ويتماهون مع مطالبهم.

لا للدكتاتورية

لا ينحصر الصراع الذي يلاحق السيسي على الإخوان المسلمين. فمن المتوقع أن تكون هناك معارضة أيضًا من الجانب العلماني، الليبرالي، في المجتمع المصري. في هذه الأيام تنتظم مجموعة من التنظيمات الشابّة، بين 20-30 عامًا، تحت مسمّى “ضدّك”، وتهدف إلى إفشال عودة مصر إلى أوضاع الدكتاتورية العسكرية، تلك الدكتاتورية التي نجح هؤلاء في إزالتها في 25 يناير عام 2011، مع دفع ثمن باهظ من الدماء.

متظاهر مصري (PEDRO UGARTE / AFP)
متظاهر مصري (PEDRO UGARTE / AFP)

من بين تلك التنظيمات، يمكننا أن نجد “جبهة طريق الثورة”، “حركة شباب 6 أبريل”، “جبهة أحمد ماهر”، “الجبهة الديموقراطية”، و”الاشتراكيين الثوريين”؛ جميعهم ينسّقون جهودهم للعمل ضدّ السيسي – بالطرق السلمية بطبيعة الحال – لأنّه ليس سوى “مبارك 2.0”. وهم يدعون أيضًا إلى تنظيف بقايا الدولة من “فلول” (“الأذناب” بتعبيرهم) “الحزب الوطني الديمقراطي”، الفاسدين والمُفسدين، الذين أفسدوا القطاع العام بالرشاوى، نجوا عند سقوط مبارك ويحاولون اليوم تجديد وجودهم في القطاع العام.

صعّدت “حركة شباب 6 أبريل” من نشاطها وقامت بتنظيم مظاهرة بالقرب من ميدان التحرير في مركز القاهرة لتحذير الشعب من الأخطار المحدّقة به من قبل النظام الذي لا يختلف عن نظام مبارك، وربّما أكثر سوءًا منه، “حامي اللصوص والفاسدين” كما يقول أحمد مصطفى، أحد زعماء التنظيم.

ويتّهم هيثم محمّدين، أحد رؤساء مجموعة الاشتراكيين الثوريين، السيسي صراحةً بـ “الكذب والنفاق”، وأنّه ليس لدى السيسي أي فكرة عن كيفية التعامل مع المشكلات الدولية التي تواجهها مصر. ستسوّق حركته فكرة مقاومة السيسي بواسطة المظاهرات تمامًا في نفس المواقع التي نجح فيها ومن خلالها ملايين المصريين، قبل ثلاث سنوات، في إسقاط مبارك، بعد أن كافحوا ضدّه معًا، متكاتفي الأيدي، وعلى استعداد لمواجهة دبابات النظام بأيديهم العارية.

يعلم أعضاء هذه التنظيمات من الناحية الموضوعية بأنّه ليس لديهم فرصة في إسقاط السيسي، والذي على ما يبدو سيتمّ انتخابه بنسبة تأييد عالية. كلّ ما يريدونه هو القدرة على التعبير عن احتجاجهم دون أن تنفصل يتم قتلهم.

الاستقرار على حساب الديمقراطية

ومن المهمّ أن نشير إلى أنّ المعلومات حول الحركات العلمانية ضدّ السيسي تصل إلى الجمهور العريض ليس عن طريق النظام، الادّعاء، النظام القضائي، وإنما بواسطة قناة الجزيرة، التي تخصّص وقتًا للبثّ ومساحة في الصحافة حول الخطر الكبير في أن يصبح السيسي نسخة أخرى عن مبارك. وينبع سبب ذلك بأنّ هذه القناة تعكس رؤية “الإخوان المسلمين” وتهاجم السيسي أيضًا من الجانب العلماني، وذلك لوضع إسفين بين السيسي والشريحة العلمانية في مصر.

مصريون يحتفلون في ميدان التحرير مع صورة عبد الفتاح السيسي (AFP)
مصريون يحتفلون في ميدان التحرير مع صورة عبد الفتاح السيسي (AFP)

يبدو أنّه في فترة السيسي سيستقرّ الوضع الاقتصادي في مصر، وأيضًا سيتميّز النظام السياسي باستقرار نسبي. وبالمقابل، فإنّ الصراع بين السلطة و”الإخوان المسلمين” سيكون دمويّا في كلا الجانبين، وسيتم إسكات تنظيمات المعارضة – المتديّنة وغير المتديّنة – وستوقف وتتم ملاحقتها. إذا كانت هناك إنجازات اقتصادية وأمنية فيبدو أنّها ستأتي على حساب حقوق الفرد، الحريّات السياسية، الحقّ في التنظيم، التظاهر والتعبير عن الرأي. حتى لو تحسّنت مصر تحت حكم السيسي من الناحية الاقتصادية، فستهبط إلى حدّ كبير في مؤشر الديموقراطية. سيضطّر جميع المحلّلين الذين شاهدوا الديمقراطية النامية من داخل ميدان التحرير، وخصوصًا أولئك الذين يكتبون في نيويورك تايمز، إلى أن يفسّروا لقرّائهم أين أخطأوا ولماذا.

البروفسور مردخاي كيدار هو مستشرق ومحاضر في قسم العربية في جامعة بار إيلان، وباحث زميل في مركز بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجية في جامعة بار إيلان، تخصّص من بين أمور أخرى بدراسة نظام حافظ الأسد في سوريا.

اقرأوا المزيد: 964 كلمة
عرض أقل
محاكمة الرئيس المخلوع محمد مرسي، المحكمة الدستورية العليا في القاهرة (AFP)
محاكمة الرئيس المخلوع محمد مرسي، المحكمة الدستورية العليا في القاهرة (AFP)

دُمية على خيوط: السلطة القضائية في مصر

محاكمة سريعة، تبعها قرار قاضٍ مصري إعدام 529 متَّهمًا من "الإخوان المسلمين"، يكشفان مجدّدًا الوجه الحقيقي لهذه المنظومة - دمية على خيوط يتلاعب فيها الجيش

يوم الاثنين، 24 آذار 2014، سُجّلت إحدى أكثر اللحظات المخزية في تاريخ القضاء في مصر. ففي حُكمٍ غريب، قرّر القاضي إعدام 529 متّهمًا ينتمون إلى “الإخوان المسلمين”، بينهم مُرشد الحركة محمد بديع. لم يشمل المسار القضائي الذي سبق إصدار الحُكم أكثر من جلستَين، لم يقدِّم الادّعاء أدلّة تدين كلّا من المتَّهمين إفراديًّا، ولم يُتَح للدفاع أن يدافِع عن المتَّهمين. في خطوة بالغة السرعة، كشف القضاة أنهم أسرى حكّام البلاد.

بطبيعة الحال، أثار قرار المحكمة سخط “الإخوان” وعائلاتهم. فقد قال نبيل عبد السلام، محامي عدد من أعضاء “الإخوان”، بينهم الرئيس السابق محمد مرسي، إنّ “هذه هي المحاكمة الأسرع وعدد المحكوم عليهم بالإعدام الأكبر في تاريخ الجهاز القضائيّ”. وأدانت منظمات حقوق الإنسان في مصر، سواء المستقلّة أو شبه الحكوميّة مثل المجلس القوميّ لحقوق الإنسان، هذه الخطوة أو ذكرت أنها ستُلغى حين يستأنف المتَّهمون. أمّا وزارة الخارجية الأمريكية فذكرت أنّها مصعوقة من الحُكم.

محاكمة بعض أنصار الإخوان المسلمين في الإسكندرية (AFP)
محاكمة بعض أنصار الإخوان المسلمين في الإسكندرية (AFP)

وحدث ذلك إلى جانب فضائح قضائيّة أخرى، مثل اعتقال وسجن صحفيين من قناة الجزيرة التلفزيونية قبل أشهر، بتهمة إلحاق تقاريرهم الأذى بالدولة. ويثير احتجاز أحدهم، الصحفي الأستراليّ بيتر غْرِست، توتّرًا دبلوماسيًّا بين مصر وأستراليا، حتّى إنه يهدِّد بالتحوّل إلى قضية سياسيّة في أستراليا نفسها، إذ إنّ غْرِست اعتُقل نهاية 2013، لكنّ رئيس حكومة أستراليا، طوني أبوت، لم يتكلّم في شأنه مع الرئيس المصري الانتقالي، عدلي منصور، سوى في الأسبوع الفائت. وأثار ردّ الفعل البطيء لأبوت انتقادًا حادًّا من جانب المعارضة الأستراليّة.

الجهاز القضائي في مصر، الذي يواجه الكثير من المنتقِدين من الداخل والخارج، هو موضوع الدراسة الأكاديمية للباحث القانونيّ ناثان براون. فمؤخرا، نشر براون مقالة في موقع “مركز كارنيغي”، نشرها قبل ذاك كافتتاحية في “واشنطن بوست”، تناقش ثقافة الجهاز القضائيّ في مصر وسلوكَه. وذكر براون عددًا من المميّزات التي توضح سلسلة الأحكام الغريبة للمحاكم، التي تضرب بأسس القضاء السليم عرض الحائط: تبعيّة الجهاز القضائي للقوى السياسيّة، الناجمة عن تحكُّم السلطة التنفيذية منذ فترة طويلة بحقّ تعيين ذوي المناصب المركزية في القضاء، مثل رئيس المحكمة الدستورية والمدّعي العام، وعن تمتُّع قضاة كثيرين بـ “امتيازات” لدى السلطة التنفيذيّة؛ التضامُن الجماعي والقرابة العائلية، التي تشمل انتقال مناصب قضائية من الأب إلى الابن أحيانًا؛ والحطّ من قدر الجهاز القضائي أمام القوى الأمنيّة.

محكمة الاسكندرية الابتدائية (AFP)
محكمة الاسكندرية الابتدائية (AFP)

ظهرت الصلات السياسية للقضاء المصري بشكلٍ واضح في حزيران 2012، قبل يومَين من الانتخابات الرئاسية، التي تنافس فيها محمد مرسي، مرشَّح “الإخوان المسلمين”، والفريق أحمد شفيق، العسكريّ المقرَّب من مبارك، على رئاسة الجمهورية. في ذلك الوقت تحديدًا، قرّرت المحكمة الدستورية العليا حلّ مجلس الشعب المصري، الذي كان يسيطر عليه “الإخوان المسلمون”. هدفت تلك الخطوة إلى إلحاق الضرر بالإخوان، إذ فكّكت مرتكز قوّتهم في البرلمان، وأذلتهم ضاربةً حظوظ فوزهم في الانتخابات. كما هو معلوم، لم يؤدٍّ ذلك في النهاية إلى منع انتصار مرسي، لكنه أظهر استعداد القضاة للتعاوُن مع الحكّام، ولرهن الجهاز القضائي لسلطة خُصوم “الإخوان”. في الواقع، كانت هذه مقاربة قُضاة مصر بين عامَي 2011 و2013، السنوات التي حقّق فيها “الإخوان” إنجازاتهم الديمقراطيّة. كان الجيش والجهاز القضائيّ العقبتَين الأساسيّتَين في طريقهم والقوّتَين المركزيّتَين اللاجمتَين لهم، إذ تكلّم القضاء باسم القانون، لكنه عمل فعليًّا لصالح الجيش.

يعتقد كثيرون أنّ قرار الأسبوع الماضي لن يخرُج إلى حيّز التنفيذ، ولن يتمّ إعدام المتَّهمين الـ 529. ربّما. لكنّ الرسالة العنيفة والعدوانيّة وصلت بنجاح. فالسيفُ مُصْلَتٌ على رقاب معارضي الجيش والنظام، والجهاز القضائيّ هو من نفّذ ذلك. هكذا برهنت السلطة القضائية في مصر أنها ليست أكثر من دُمية يتحكّم الجيش في خيوطها.

نُشر المقال للمرة الأولى في موقع ‏Can Think‏

اقرأوا المزيد: 527 كلمة
عرض أقل
محبة الشعب المصري للقائد عبد الفتاح السيسي (AFP)
محبة الشعب المصري للقائد عبد الفتاح السيسي (AFP)

دعني أضع النقطة على الحرف

ستدخل مصر كما يبدو لعصر جديد في أعقاب الانتخابات الرئاسية التي ستقام بعد أقل من شهر بقليل وذلك بعد إسقاط رئيسَين، مبارك ومرسي

وفقًا لقرار اللجنة العليا للانتخابات التي حدّدت موعد الانتخابات، يمكننا الافتراض بأنّه في شهر حزيران سيكون في مصر رئيس جديد. يمنح التقييم العام الآن أفضلية كبيرة لاختيار السيسي.

على افتراض أنّ هذا ما سيحدث، نطرح السؤال: كيف ستكون سياسته الخارجية؟ لا حاجة للخوض في السياسة الداخلية لأنّ المشاكل الاقتصادية والاجتماعية هي التي ستملي خطوات الرئيس الجديد.

نظرة سريعة على وضع مصر في المجال الخارجي تشير إلى توتر في علاقة مصر مع عدّة جهات. على سبيل المثال، العلاقة مع الولايات المتحدة التي أوقفت المعونة الاقتصادية لمصر وترفض أيضًا نقل عشرة طائرات أباتشي مهمّة في الحرب على الإرهاب في سيناء.هناك شبه قطع للعلاقات مع تركيا، عدم رضى عمّا يحدث في سوريا، صراع مع قطر لدعمها الإخوان المسلمين وقلق بالغ من الدور السلبي لإيران في الشرق الأوسط. لم أتحدث بعد عن سدّ النهضة وأيضًا عن الإرهاب العالمي الذي استقرّ في شبه جزيرة سيناء، وحماس التي تضعف دعائم الدولة المصرية.

من خلال هذه الصورة للأوضاع نرى عدم الاستقرار في العلاقات مع المناطق المحيطة بمصر. ولمفاجأة الجميع فإنّ العلاقات مع إسرائيل تتميّز بالهدوء والاستقرار الجدير بالذكر. قبل أيام احتفلنا بمرور 35 عامًا على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل والتي تمّ توقيعها في آذار عام 1979. حظي هذا الاتفاق لوصف الاتفاق البارد. وهذا صحيح. فهو بارد ليس لأنّ إسرائيل أرادت ذلك وإنّما بسبب السياسة المقصودة للرئيس الأسبق مبارك، لتجنّب أيّ نوع من التطبيع مع إسرائيل.

المشير عبد الفتاح السيسي (الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري)
المشير عبد الفتاح السيسي (الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري)

لم يعد مبارك اليوم في السلطة وبعد قليل سيتمّ انتخاب رئيس جديد. ولذلك من الطبيعي أن نفكّر في احتمال التغيّر في موقف مصر تجاه إسرائيل. هناك قلق لدى الكثيرين في الدولتين من وضع الأمور على الطاولة أو كما يقولون في إسرائيل من الحديث “دغري”، شيء مثل “وضع النقطة على الحرف”. هناك شذوذ في العلاقة التي استمرّت لأكثر من ثلاثة عقود وحان الوقت لتغيير ذلك.

تأسست في إطار معاهدة السلام لجنة تنسيق بين كلا الجيشين والتي تلتقي مرّتين كلّ عام. مرة في مصر ومرة في إسرائيل، في المقرّ الرسمي للسفراء. كان من دواعي سروري استضافة هذه اللجنة في منزلي بالقاهرة ويجب أن أقول إنّها كانت تجربة تبعث الأمل.

اتّسمت هذه الاجتماعات بالانفتاح، الصدق والثقة. من الجانب المصري، كان في رئاسة اللجنة رئيس المخابرات أي السيسي. وهكذا، فيما لو تمّ انتخابه الرئيس القادم لمصر فسيكون شخصًا يعرف نظراءه الإسرائيليين وأهمية الحفاظ على معاهدة السلام.

زيارة جون كيري الى القاهرة ومقابلته مع السيسي (U.S. State Department Flickr)
زيارة جون كيري الى القاهرة ومقابلته مع السيسي (U.S. State Department Flickr)

وعلاوة على ذلك، ففي الدستور الذي أعدّه الرئيس السابق، مرسي، بسرعة هناك بند يشير إلى أنّه ليس بإمكان رئيس الدولة إعلان الحرب دون مشاورة المجلس العسكري الأعلى والحصول على موافقته. كان السيسي وزير الدفاع المصري ورئيس المجلس العسكري الأعلى. وضع هذا البند للوقاية ضدّ الخطوات المتسرّعة التي قد تؤدّي إلى تدهور من الصعب إيقافه. بما أن جميعنا يذكر القرارات المتسرّعة وغير المدروسة التي اتّخذها جمال عبد الناصر ليلة حرب 1967. ونحن نعلم اليوم أنّه كان ممكنًّا تجنّب تلك الحرب.

أقول كلّ هذا لأنّني أؤمن أنّ السيسي بصفته الرئيس القادم لمصر، والذي كما ذكرنا يعلم الأشخاص المعنيّين، سيعمل على تجنّب الوصول إلى تدهور غير ضروري ولا يخدم أيّا من الجانبين.

إنّ اتفاق السلام هو مصلحة مشتركة لكلا الدولتين بنفس الدرجة، بحيث يمكننا أن نقدّر دون المخاطرة بخطأ كبير بأنّ الحفاظ على اتفاق السلام سيستمر حتّى بعد الانتخابات الرئاسية المصرية.

مقابلة السيسي وبوتين (AFP)
مقابلة السيسي وبوتين (AFP)

إنّ التغييرات الجيوسياسية في الشرق الأوسط في أعقاب الربيع العربيّ وظهور الجماعات المتطرّفة التي تهدّد استقرار المنطقة، تتطلّب منظورًا جديدًا للعلاقات الثنائية بين مصر وإسرائيل. أكتب هذا ليس لأنّني أطلب من إسرائيل أن تتسوّل من أجل التغيير في العلاقة، وإنّما لأنّ وجود رئيس جديد لمصر يلزمنا بدراسة السياسة الخارجية الأفضل لبلاده، في أعقاب هذه التغييرات، وبتحديد المصالح التي تهمّنا.

من وجهة النظر هذه فقط، إذا تم عمل فحص جديد موضوعي وخال من الآراء المسبقة، فسيكون الاستنتاج أنّ مصر وإسرائيل ملزمتان بتغيير العلاقات بينهما للأفضل. عليهما أن تبرزا المصالح المشتركة التي تشكّلت ضد إرادتهما بدلا من تكريس ما يفرّق بينهما.

الإرهاب الجهادي المتفشّي في سيناء موجّه ضدّ إسرائيل ومصر على السواء. الدولتان معنيّتان في سيادة الهدوء التامّ بشبه جزيرة سيناء وإعادة السياحة لهذه المنطقة. العمل ضد الاختراق الإيراني في المنطقة هو مصلحة أخرى. الهيّمنة التركية، إضعاف حماس للبلدين. الرغبة المصرية هي أن يتعافى اقتصادها، وأمل إسرائيل هو أن تكون مصر مستقرّة ومزدهرة.

حفل توقيع اتفاقية السلام الإسرائيلة المصرية (AFP)
حفل توقيع اتفاقية السلام الإسرائيلة المصرية (AFP)

ولذلك أعتقد أن الرئيس المصري الجديد سيضطرّ أن يقف كرجل عسكري، بجرأة أمام شعبه وأن يقول بصراحة إنّ واقع المنطقة يلزمنا على تغيير موقفنا من إسرائيل. ولقد كان هناك رئيس مصري واحد قام بذلك في الماضي غير البعيد وحظي بلقب “بطل الحرب وبطل السلام” وأحدث تغييرًا استراتيجيًّا كبيرًا.

أعود وأشير إلى أن إسرائيل لا تحتاج إلى الركض وراء مصر لأنّ هذا قرار مصري ذاتي. بعد إقرار الدستور الذي حظي بدعم شعبي كبير يمكن التقدير بأن السيسي سيُنتخب بتأييد شعبي جارف كذلك. ومن المرجح أيضًا أنه لو تجرّأ رئيس مصر القادم على أن يقول لشعبه بأن تحسين العلاقات مع إسرائيل هو مصلحة مصرية مهمة، فسيحظى بدعم جارف تمامًا كما كان مع سابقه، السادات.

اقرأوا المزيد: 748 كلمة
عرض أقل
مقابلة السيسي وبوتين (AFP)
مقابلة السيسي وبوتين (AFP)

بوتين يقول انه يدعم ترشح السيسي لرئاسة مصر

ألقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم بثقله وراء ترشح وزير الدفاع المصري المشير عبد الفتاح السيسي للرئاسة وأعرب عن أمله في تعزيز العلاقات بعد الانتخابات

وقال بوتين للسيسي خلال اجتماع في قصر الرئاسة الريفي في نوفو أوجاريوفا قرب موسكو “أعلم أنك قررت الترشح للرئاسة وهذا قرار مسؤول جدا أن تتولى مسؤولية مصير الشعب المصري.”

وأضاف “بالأصالة عن نفسي وباسم الشعب الروسي أتمنى لك التوفيق.”

وتتطلع روسيا إلى الاستفادة من الخلافات بين القاهرة وواشنطن التي جمدت بعض المساعدات لمصر بعدما عزل الجيش الرئيس الإسلامي محمد مرسي في الثالث من يوليو تموز استجابة لاحتجاجات شعبية حاشدة على حكمه.

وتتفاوض روسيا حاليا على صفقة أسلحة لمصر قالت مؤسسة (كاست) البحثية في موسكو إن قيمتها حوالي ملياري دولار. وتقول موسكو انها خسرت عقود دفاع بعشرات المليارات من الدولارات بعد انتفاضات “الربيع العربي” التي أطاحت بزعماء حلفاء لموسكو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وقال بوتين “آمل بشدة بعد أن تنتهي الاجراءات السياسية الداخلية وبعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية … وبعد تشكيل الحكومة أن نتمكن من بدء جميع أشكال تعاوننا.”

وتدعو جماهير رافضة للحكومة الإسلامية السابقة السيسي (59 عاما) إلى خوض الانتخابات الرئاسية فضلا عن أفراد القوات المسلحة الذين يريدون رئيسا يستطيع مواجهة العنف السياسي المتزايد.

اقرأوا المزيد: 160 كلمة
عرض أقل
مؤيدو الرئيس المخلوع محمد مرسي خلال إعتصام إخواني (AFP)
مؤيدو الرئيس المخلوع محمد مرسي خلال إعتصام إخواني (AFP)

في مصر.. مجرد اجراء مقابلة مع الاخوان خطر على الصحفيين الأجانب

عندما كان الرئيس المصري الاسبق حسني مبارك في السلطة كان يمكن للصحفيين الاجانب قضاء ما يشاءون من وقت مع أعضاء جماعة الاخوان المسلمين الذين كانوا بشكل عام يوجهون انتقادات لاذعة له

لكن مثل هذه المقابلات قد تؤدي بالصحفيين هذه الايام إلى المثول أمام المحكمة بتهمة معاونة جماعة ارهابية في مؤشر على الوجهة التي تسير نحوها مصر بعد ثلاث سنوات من انتفاضة شعبية رفعت سقف الآمال في مزيد من الحرية.

وقال النائب العام أول أمس الاربعاء إن مصر ستحاكم أربعة صحفيين أجانب هم أسترالي وبريطانيان وهولندية يعملون لدى قناة الجزيرة بتهمة مساعدة 16 مصريا ينتمون إلى “جماعة إرهابية” في إشارة إلى الاخوان.

مجرد تعاملهم مع الاخوان قد يؤدي إلى صدور أحكام بالسجن عليهم.

وقمعت مصر أصواتا معارضة منذ أن عزل الجيش الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين بعد احتجاجات حاشدة على حكمه.

وقتلت قوات الامن المئات من الاسلاميين في الشوارع واعتقلت الالاف وتحاكم قيادات في الجماعة وأعلنت الاخوان جماعة ارهابية.

وتقول جماعة الاخوان انها جماعة سلمية.

وأثارت الاجراءات ضد مراسلي الجزيرة قلق دبلوماسيين غربيين وجماعات لحقوق الانسان.

والجزيرة من المؤسسات الاخبارية العربية التي تنتقد الحكومة المصرية.

وقال متحدث باسم الجزيرة إن المزاعم ضد مراسلي الجزيرة “سخيفة ولا أساس لها وخاطئة” وتنتقص من حرية التعبير.

وردا على سؤال حول موضوع الصحفيين الاجانب في ضوء قضية مراسلي الجزيرة قال العقيد أحمد علي المتحدث باسم القوات المسلحة إن القضية لها علاقة بقناة انتهكت القانون وينظر فيها القضاء المصري لا القوات المسلحة.

وقالت جين ساكي المتحدثة باسم الخارجية الامريكية إن الولايات المتحدة “قلقة للغاية بشأن التراجع المستمر لحرية التعبير والصحافة في مصر.”

وأضافت “يجب ألا يصبح أي صحفي بغض النظر عن ميوله هدفا لأعمال عنف أو ترويع أو اجراءات قانونية مسيسة. يجب أن يحظوا بالحماية ويسمح لهم بممارسة عملهم بحرية في مصر.”

ويقول دبلوماسيون غربيون إن المثير للقلق هو أن مسؤولين كبار في وزارة الداخلية وحتى في السلك القضائي يؤمنون بمقولة “إما معنا أو علينا”.

ويصعب هذا الظروف التي يعمل بها الصحفيون الاجانب.

وبعد الاجراء الذي اتخذ مع مراسلي الجزيرة تساءل صحفيون أجانب عما اذا كان اجراء مقابلة مع اعضاء الجماعة قد أصبح الان جريمة.

وقالت الهيئة العامة للاستعلامات في مصر إنها ستحمي حرية الصحافة وإن إجراء مقابلة مع أي جماعة ليس جريمة طالما لم يتضمن الأمر تحريضا.

وقال صحفي غربي تلقى تهديدات بالقتل على الهاتف من أشخاص اتهموه بالوقوف مع الاخوان ضد الشعب إن مستويات الحيطة سترتفع بعد قضية صحفيي الجزيرة.

وقال النائب العام في بيان إن الصحفيين الأربعة نشروا “أكاذيب” أضرت بالمصالح الوطنية وقدموا أموالا ومعدات ومعلومات لستة عشر مصريا. كما وجهت لهم تهمة استخدام جهاز بث غير مرخص.

ومكاتب الجزيرة في مصر مغلقة منذ الثالث من يوليو تموز عندما اقتحمتها قوات الامن بعد عزل الجيش لمرسي.

وتشير بعض وسائل الاعلام المصرية لمراسلي الجزيرة الاجانب بعبارات مثل “خلية الماريوت” في إشارة إلى الفندق الذي كانوا يعملون منه.

وقالت سارة لي ويتسون من منظمة هيومن رايتس ووتش “الامر واضح. قررت الحكومة المصرية أنه لا يمكنها ان تتحمل بعد الان أي صحافة مستقلة تعرض محورا لا تريد أن تراه.”

وفي التسعينيات من القرن الماضي كانت هجمات الاسلاميين المتشددين أكثر عنفا لكن صحفيا أجنبيا عمل في مصر في تلك الايام قال إنه لم يظن أبدا أنه قد يكون عرضة للمحاكمة لاجرائه مقابلة مع الاخوان أو اسلاميين اخرين.

وقال اتش.يه. هلير الخبير في شؤون مصر والزميل في مؤسسة بروكينجز البحثية “كان من الممكن أن يتجول الصحفيون الاجانب بدون حتى تصريح رسمي. كان أقصى ما يتعرضون له هو التوبيخ من الشرطة التي تخبرهم بضرورة اصدار التصاريح.

“ليس الان.. لا اوصي باجراء مقابلات مع أحد من الاخوان. فالصحفيون الاجانب مشتبه بهم إلى أن يثبت العكس.”

اقرأوا المزيد: 513 كلمة
عرض أقل
ماراثون القاهرة (AFP)
ماراثون القاهرة (AFP)

هنا يركضون بسعادة: روح حضرية جديدة في القاهرة

مبادرة "عدائي القاهرة" ترمز إلى الروح الحضرية الجديدة التي تهب في العاصمة المصرية وتحقق قيم الثورة المصرية بصورة فعلية.

تحتفل مجموعة تضم الآلاف من الشباب في القاهرة، في الشهر القادم، بالذكرى السنوية الأولى لإقامة منظمة اجتماعية غير مألوفة في المشهد الحضري المصري. وتحوّل الأمر الذي بدأ كمبادرة فردية غير جادة لبعض الهواة، بسرعة إلى جسم تطوعي بارز يضم العشرات من الأعضاء الذين يستطيعون تحفيز الآلاف للخروج من منازلهم إلى شوارع القاهرة.

وتلقى المبادرة دعمًا ومساندة واهتمامًا ملحوظًا في أوساط المجتمع المصري ووسائل الإعلام المصرية. أطلقت هذه المجموعة على نفسها اسم “عدائي القاهرة” (Cairo Runners). والتقى أعضاء هذه المبادرة الشبابية، في العام الماضي، كل يوم جمعة من أيام الأسبوع صباحًا من أجل الجري معًا في شوارع المدينة. ولا تهدف هذه المجموعة إلى المحافظة على أجسام رياضية فحسب، بل إن الإقبال على هذه المبادرة الشبابية هو أساسًا نتيجة لتوجه جديد يهدف إلى حياة حضرية مختلفة، يسعى إليها شباب القاهرة.

بادر إبراهيم صفوت إلى القيام بلقاءات الركض في شوارع القاهرة، واستوحى فكرته من فكرة مشابهة في باريس. وكان يهدف صفوت ومجموعة من الأصدقاء عملت معه إلى النجاح في جذب العشرات من الأشخاص من أجل المشاركة في الركض لمسافة 22 كيلومترًا، أي تنظيم نصف ماراثون في شوارع القاهرة. ولكن بعد تنظيم مبادرة الجري الأولى، والتي تم تنظيمها في حي الزمالك وهو أحد الأحياء الراقية في القاهرة، في شهر كانون أول من العام 2012، تغلغلت هذه المبادرة إلى جميع شوارع وأحياء القاهرة.

تعرف عشرات الآلاف من الأشخاص على مبادرة “عدائي القاهرة” من خلال صفحات التواصل الاجتماعي وأصبح عدد المشاركين يزداد تدريجيًا، من عشرات إلى مئات. والفكرة بسيطة للغاية: يبادر المنظمون، قبل أسبوع من كل لقاء، إلى نشر خارطة تبين المسار الذي سيسلكه المشاركون بالإضافة إلى التعليمات الخاصة ومعلومات عامة حول أسلوب الحياة الرياضي. تتم إقامة مواقع لشرب الماء، خلال اللقاءات، ويتم أيضًا تحديد المصادر بواسطة لافتات ومتطوعين يقومون بتوجيه المشاركين في المفارق والمحاور. وساهمت الأجواء الجيدة خلال اللقاءات، على مدار عدة أشهر، في ازدياد عدد المشاركين. فشارك في شهر أيار من العام الجاري وفي نصف الماراثون الذي تم تنظيمه، حوالي 2000 عداء في هذا السباق برعاية فرع “نايك” في مصر وشركة “كوكا كولا”.

لكن لا تنتهي ولا تتوقف هذه المبادرة عند هذا الحد، فقد استغل القائمون على هذه المبادرة التغطية والاهتمام اللذين حصلوا عليهما من أجل محاولة التأثير على الشباب ومحاربة ظواهر مرفوضة. وهنالك ظاهرتان مزعجتان تحديدًا، الأولى، التحرش الجنسي حيث تم نشر شعارات مناهضة لهذه الظاهرة.

يُشار إلى أن ظاهرة التحرش الجنسي المنتشرة في شوارع القاهرة منذ تراجع تواجد العناصر الشرطية منذ شهر كانون الثاني عام 2011، قد تحوّلت إلى إحدى الظواهر التي تساهم في تقييد حرية تحرك المرأة. وكانت هناك مشاركة واضحة وظاهرة للنساء في تدريبات الركض ضمن هذه المبادرة، بعضهن يلبسن الحجاب والبعض الآخر دونه.

ويحرص القائمون على هذه المبادرة على تأكيد رفض ظاهرة التحرش الجنسي وتعهدوا بالمساعدة في تقديم شكاوى للشرطة ضد كل من يشتبه بقيامه بالتحرش الجنسي خلال التدريبات. يحرص المبادرون، إضافة إلى ذلك، إلى هذه الفعالية التأكيد على أهمية المحافظة على نظافة المدينة. وأطلق هؤلاء العديد من الشعارات التي ترفض إلقاء النفايات، وشددوا على أهمية محافظة كل شخص على النظافة وعدم إلقاء القمامة على الأرض والتخلص من هذه العادة السيئة. وأنه يتوجب على كل شخص أن يبدأ بنفسه وأن يحرص على عدم إلقاء أي شيء على الأرض وهذا سيساهم في تغيير مهم في محيطه.

ويضطر القائمون والمشاركون في مبادرة “عدائي القاهرة” إلى التعامل مع تحديات كان يمكن أن تتسبب في إبقاء الكثيرين منا في منازلهم. فالظروف والشروط التي من الواجب توفرها لإقامة لقاءات جري وركض في مدينة مثل القاهرة، وبشكل خاص خلال العام الأخير، لم تكن متوفرة وقائمة. ويدرك كل شخص قام بزيارة القاهرة في الفترة الأخيرة تمامًا، أن شوارع القاهرة ليست مكانًا مناسبًا للمشاة وسائقي الدراجات الهوائية. وتعتبر مثل هذه النشاطات نادرة جدًا في شوارع القاهرة المزدحمة. كما ويسيطر الغبار والتلوث على الأجواء في القاهرة ويصعبّان مهمة القيام بأي نشاط رياضي في الشوارع. كما أن الأرصفة ضيقة في أغلب الأماكن، وهي غير موجودة في بعض الأماكن، كما أن ممرات المشاة غير موجودة بشكل كاف وحق الأولوية للمركبات دائمًا .

وتنطلق لقاءات الجري التي تتم دون الاستعانة بالشرطة لإغلاق الطرق، في ساعات الصباح الأولى، من أجل الامتناع قدر المستطاع عن الالتقاء بالحركة النشطة للسيارات والمركبات. ويحرص المشاركون في الجري غالبًا، على ارتداء سترة عاكسة وعلى الركض ضمن مجموعات حتى يكون بالإمكان ملاحظة تواجدهم على الشارع.

بادر المنظمون في النصف الأول من العام الجاري وبسبب التظاهرات التي كانت تتم في المدينة، إلى إقامة لقاءات الركض في مناطق بعيدة عن وسط المدينة حتى يكون بإمكانهم القيام بنشاطهم بشكل آمن. وقام المنظمون، في شهر رمضان، بوضع حلول خلاقة بالنسبة للصائمين، حيث كان يتم تنظيم النشاطات الرياضية قبل ساعة واحدة من موعد الإفطار.

اندلعت في المدينة أحداث عنيفة، بعد انتهاء شهر الصيام، ترافقت مع إقصاء الرئيس مرسي. حيث اضطرت مبادرة “عدائي القاهرة” إلى تجميد نشاطها لمدة شهرين. وتم الحرص خلال تلك الفترة على مواصلة نشر المعلومات حول أسلوب الحياة الصحي والتغذية وذلك باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي. واجه المنظمون بعد عودتهم إلى ممارسة نشاطاتهم، وذلك في شهر أيلول من العام الجاري، أجواءً مليئة بالتوتر في المدينة وبادروا إلى نشر شعارات تقول: “نحن عداؤو القاهرة نؤمن بالاحترام المتبادل تجاه التوجهات والمواقف السياسية المختلفة”، ولا نرغب في رؤية أي إشارات سياسية أو أي شعارات تتحدث عن دعم المجلس العسكري أو جماعة الإخوان المسلمين.

وطالب المنظمون كل من يرغب بالمشاركة في النشاطات التي ينظمها “عداؤو القاهرة” بعدم إحضار أي إشارات تدل على توجهات سياسية. وأن أي شخص لا يلتزم بذلك لن يكون مرحبًا به. ورغم حالة التوتر التي تجتاح المدينة في الأشهر الأخيرة، إلا أن رسالة المنظمين قد تم استيعابها. وتؤكد مشاركة المئات في إعادة انطلاق هذه الفعاليات والنشاطات، أن العديد من الأشخاص يرغبون في ترك السياسة وراءهم والاستمتاع بساعات من النشاطات الاجتماعية والمرح.

ماراثون القاهرة 2002 (AFP)
ماراثون القاهرة 2002 (AFP)

هذه المبادرة ليست الوحيدة، وعلينا أن نستوعب ظاهرة “عدائي القاهرة” في إطار التغيير الذي طرأ على سكان القاهرة، وعلى رأسهم الشباب، منذ ثورة شهر كانون الثاني من العام 2011. وأثار التواجد الحاشد في ميادين القاهرة وشوارعها خلال العامين الأخيرين تساؤلات حول من يمتلك الشوارع والميادين العامة وما هو النشاط الذي يجب أن يقام في تلك الأماكن.

ومنذ إقصاء مبارك وإلغاء قانون الطوارئ الذي حكم نظام مبارك بواسطته، وفي أعقاب تراجع التواجد الشرطي في الشوارع والفوضى السائدة في المدينة، أصبحت هناك حالة من الفراغ الذي امتلئ بأساليب وأشكال مختلفة. بالإضافة إلى الظواهر السلبية كالسيطرة على الساحات والأماكن العامة من جانب الباعة المتجولين والمباني غير القانونية، فقد كان هناك من يحاول أن يعزز الواقع الحضري في المدينة.

هذا المصطلح، الذي وضعه الفيلسوف وعالم الاجتماع هنري لا فبر في نهاية سنوات الـ 60، تمت ترجمته، وبات يُعرف في العالم العربي بـ “الحق في المدينة” إلى جانب “الفراغ العام أو المجال العام”. وبات هذا المصطلح في بؤرة النقاش في المنتديات وحلقات النقاش المختلفة: الأكاديمية وغير الأكاديمية للتخطيط، التصميم والهندسة في القاهرة. وكان حق سكان المدينة في الدستور المصري الجديد من بين الأمور التي تمت مناقشتها في تلك المنتديات. وهي التي ساهمت في خلق حالة من المعرفة والاهتمام بالمشروع الحكومي الذي يطلق عليه اسم “القاهرة 2050”. والذي سيتم العمل في إطاره على إزالة أحياء سكنية تاريخية في المدينة لصالح شق طرق واسعة في القسم الغربي من المدينة. كما تناقش تلك المنتديات وبشكل دائم موضوع توفير السكن للمواطنين الذين يقيمون في مناطق الفقر.

إلى جانب هذه النشاطات، يسلط العديد من مواقع الإنترنت الرائدة في مصر الضوء على نقاشات حول مستقبل المدينة ومكان السكان في الخطط التطويرية القادمة. وتقوم بعض المدوّنات مثل مدونة تضامن، Cairo Observer أو Cairo From Below، بنشر مواقف وأراء حول تطوير المدينة وتحاول الترويج لمبادرات وتصميمات شبابية لمشاريع مقترحة في المدينة، كإغلاق الشوارع أمام السيارات، وعمليات البناء الخضراء، وإقامة الحدائق في المدن وتشجيع استخدام الدراجات الهوائية. تشكّل جميع هذه الاقتراحات جزءًا من الأفكار التي يتم اقتراحها من أجل مستقبل القاهرة.

ولكن هل نحن على وشك أن نشهد حالة من التغيير الحضري؟ من الصعب علينا الإجابة على هذا السؤال. خاصة وأن مصر تواجه صعوبات كبيرة في هذه الأيام، والقاهرة تحتاج إلى وقت طويل قبل أن تتحول إلى أمستردام. لكن من المؤكد أن المصممين والمهندسين والمخططين الشباب سيكون لهم دور مهم في تخطيط شكل القاهرة في المستقبل. كما أن ثمة ظاهرة ملفتة وهي رغبة الشباب في القاهرة بالتعرف بصورة أكبر على تاريخ المدينة، ولهذا السبب يتم تنظيم العديد من الجولات داخل المدينة. هذه المجموعات لا تتجول وتتعرف على الأماكن التاريخية في المدينة الإسلامية القديمة فحسب، بل تتعرف أيضًا على المشاكل التي تواجهها مناطق مختلفة من القاهرة، كمنطقة منشية ناصر في شرق المدينة من جهة والأحياء الغنية وأسلوب الحياة المتطور في بعض مناطق المدينة.

تعمل مجموعة “عداؤو القاهرة” على أساس هذه الروح الجديدة المنبعثة في أوساط الشباب في القاهرة، من النساء والرجال، الذين يرغبون في استغلال الأجواء والمساحات في المدينة من أجل احتياجاتهم ورغباتهم، وحقهم في المدينة. ويحاول المنظمون لهذه المبادرة تعريف المشاركين على أحياء المدينة، وكذلك زرع روح التفاؤل في أوساط المشاركين. وفي ظل عدم وجود متنزهات رئيسية في وسط المدينة (باستثناء كورنيش النيل) فإن ممارسة رياضة الجري في شوارع المدينة تعتبر وسيلة للتأكيد على حقوق المشاة في استخدام الشوارع بشكل آمن. وتشكّل المشاركة الواسعة للنساء في تلك النشاطات حماية من التحرشات الجنسية تجاه النساء اللواتي يلبسن ألبسة رياضية، ومحاولة للتأكيد على ضرورة الاحترام المتبادل.

وترمز مبادرة “عدائي القاهرة” إلى الروح الحضرية الجديدة التي تهب في العاصمة المصرية وتحقق قيم الثورة المصرية بصورة فعلية. ففي الوقت الذي تصعّب فيه الصراعات السياسية مهمة توقع من سيقود مصر في السنوات القادمة، يحاول بعض النشطاء من سكان المدينة ومن وراء الكواليس انتزاع حقوقهم الاجتماعية ومحاولة التأسيس لبيئة حضرية يومية بصورة أفضل.

 

نشر المقال على موقع Can Think،  والمختص في شؤون الشرق الأوسط. ونضيف أن الموقع “Can Think” هو مشروع مستقل، لا يمت بصلة إلى أي جهة سياسية أو اقتصادية، ويعمل بموجب نموذج اشتراكي. الكُتاب والعاملون في الصحيفة هم أكاديميون، يقدمون تحليلات موضوعية من منظور بحثي. 

اقرأوا المزيد: 1506 كلمة
عرض أقل
مصريون يحتفلون في ميدان التحرير مع صورة عبد الفتاح السيسي (AFP)
مصريون يحتفلون في ميدان التحرير مع صورة عبد الفتاح السيسي (AFP)

مصر تلقي القبض على المتحدث باسم جماعة الإخوان

قالت ثلاثة مصادر أمنية إن السلطات المصرية ألقت القبض اليوم الثلاثاء على المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين جهاد الحداد وهو من بين أبرز الشحصيات التي القي القبض عليها في إطار حملة السلطات على الجماعة.

وقالت المصادر إن السلطات قبضت على اثنين آخرين من مسؤولي الجماعة في مسكن بالقاهرة.

وعمل الحداد مديرا لمكتب الرجل الثاني في الجماعة خيرت الشاطر وهو ابن عصام الحداد الذي عينه الرئيس السابق محمد مرسي مساعدا له للشؤون الخارجية والعلاقات الدولية.

والتهمة الموجهة لجهاد الحداد الذي كان همزة الوصل بين الجماعة ووسائل الإعلام الدولية هي التحريض على قتل متظاهرين مناوئين للرئيس المعزول الذي ينتمي للجماعة.

ووجهت التهمة نفسها للمرشد العام للجماعة محمد بديع وكثيرين من أعضائها القياديين بعد عزل مرسي في الثالث من يوليو تموز.

وفي وقت سابق اليوم أيدت محكمة جنايات القاهرة أوامر أصدرتها النيابة العامة في يوليو تموز بمنع بديع والشاطر وأعضاء قياديين آخرين في الجماعة وحلفاء إسلاميين لها من التصرف في أموالهم.

وقال مصدر قضائي إن عدد من أيدت المحكمة منعهم من التصرف في أموالهم 25 شخصا بينهم المرشد العام السابق للجماعة محمد مهدي عاكف وهو محبوس احتياطيا أيضا. وأضاف المصدر أن الأموال التي منعوا من التصرف فيها تشمل “الأموال السائلة والمنقولة والسندات والأسهم والعقارات”.

وألقي القبض مع الحداد على عصام أبو بكر الذي كان محافظا للقليوبية المجاورة للقاهرة ومحمود أبو زيد عضو مكتب الإرشاد.

اقرأوا المزيد: 205 كلمة
عرض أقل
مصريون يحتفلون في ميدان التحرير مع صورة عبد الفتاح السيسي (AFP)
مصريون يحتفلون في ميدان التحرير مع صورة عبد الفتاح السيسي (AFP)

مصر تفرض حظرا على 55 الفا من ائمة المساجد في اطار حملة على الاسلاميين

قال وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة اليوم الثلاثاء إن السلطات ستمنع 55 ألفا من الائمة الذين لا يحملون تراخيص من القاء خطب في المساجد وذلك في احدث اجراء ضد المتعاطفين مع الرئيس المعزول محمد مرسي.

وتشن السلطات المصرية حملة على جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي منذ أن تدخل الجيش لعزله في الثالث من يوليو تموز في أعقاب احتجاجات حاشدة ضد حكمه.

وقال الوزير المصري إن هؤلاء الائمة لا يحملون تراخيص لالقاء الخطب وينظر اليهم على انهم متطرفون ويمثلون تهديدا للأمن المصري.

ويستهدف الحظر بشكل أساسي الزوايا الصغيرة غير المرخصة. وتأتي هذه الخطوة بهدف نشر رسالة الإسلام الوسطية وابقاء المصريين بعيدا عن الأفكار الراديكالية.

وقال جمعة لرويترز إن القرار يهدف فحسب إلى تقنين عملية الخطابة خلال صلاة الجمعة وقصر القاء الخطب على المصرح لهم بذلك.

واتخذت السلطات اجراءات مشددة ضد الاخوان في أعقاب الاطاحة بمرسي. وألقي القبض على أكثر من 2000 من الناشطين الإسلاميين وسجن معظم قيادات الجماعة ومنهم مرسي في تهم تتعلق بالتحريض أو الضلوع في أعمال العنف. ووجه للبعض اتهامات بالإرهاب أو القتل.

وقتل خلال نفس الفترة أكثر من 1000 شخص في اعمال عنف سياسية. وسقط معظم القتلى برصاص قوات الامن خلال فض اعتصامين لانصار مرسي في القاهرة. وقتل ايضا نحو 100 من أفراد الأمن.

وتصاعدت بشكل كبير هجمات الإسلاميين التي تستهدف في الأساس قوات الامن منذ الإطاحة بمرسي.

وفجر انتحاري في سيارة ملغومة نفسه لدى مرور موكب وزير الداخلية محمد ابراهيم يوم الخميس الماضي في القاهرة مما تسبب في مقتل أحد المارة وشخص مجهول الهوية وإصابة 20 اخرين.

وحاولت الحكومات المصرية السابقة اتخاذ اجراءات ضد الائمة المتشددين ومساجدهم لكنها لم تنجح بسبب النفوذ الواسع للإسلاميين.

ويحظى الجيش وقوات الامن حاليا بدعم قطاع كبير من المواطنين الذين انتقدوا قرار مرسي منح نفسه سلطات واسعة وايضا طريقة ادارته لاقتصاد البلاد الهش.

وفي جنيف طالبت منظمة العفو الدولية اليوم الثلاثاء باجراء تحقيق مستقل في عمليات القتل التي نفذتها قوات الامن وايضا التعذيب وانتهاكات حرية التعبير والتجمع.

وقالت المنظمة ومقرها لندن لمجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة في جنيف إن عزل الجيش لمرسي أدى الى اطلاق “موجة من اعمال العنف السياسي المفرط”.

وقال بيتر سبلنتر ممثل المنظمة في جنيف ان “في الفترة بين 14 و18 اغسطس آب قتل 1089 شخصا وكثير منهم جراء استخدام قوات الأمن للقوة الفتاكة المفرطة وغير المتناسبة مع الموقف وغير المبررة.”

وأضاف أن الامر يحتاج بشكل عاجل إلى تحقيق محايد في انتهاكات حقوق الانسان.

وجددت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الانسان نافي بيلاي الدعوة امس لاجراء تحقيق مستقل في عمليات القتل وإرسال فريق إلى مصر لتقييم الموقف.

اقرأوا المزيد: 387 كلمة
عرض أقل

حل جمعية الإخوان خلال أيام

صرح الدكتور هاني مهنا المتحدث الرسمي باسم وزارة التضامن الاجتماعي بأنه بانتهاء مواعيد العمل الرسمية للوزارة أمس وعدم حضور أي من مسئولي جمعية الإخوان إلي الوزارة ستنتهي المهلة الثالثة والأخيرة التي منحها وزير التضامن لمسئولي الجمعية للرد علي الاتهامات الموجهة لهم

06 سبتمبر 2013 | 10:44

خبير عسكرى: الشرطة واجهت إرهاب التسعينيات منفردة ولكن الآن معها الجيش والشعب

قال اللواء حمدى بخيت الخبير العسكرى، تعليقا على محاولة اغتيال وزير الداخلية أمس، "كنا نتوقع حدوث تلك العمليات الإرهابية من نفس الجماعات التى نفذتها من قبل فى أيام التسعينيات، مشيراً إلى أن الشرطة كانت تواجه الإرهاب حينذاك وحدها، لكن الآن تواجه الإرهاب بالاتحاد مع الشعب والقوات المسلحة"