المطبخ الفلسطيني

فكسمان وأم دخل تعدّان الخضار قبيل حشوها (تصوير دانيا فاينر)
فكسمان وأم دخل تعدّان الخضار قبيل حشوها (تصوير دانيا فاينر)

الطهي الفلسطيني: غذاء الروح والسياسة

من بين كل المطاعم العربية والشرقية المتنوعة، لم يحظَ المطبخ الفلسطيني بالاهتمام. إذا ما العلاقة بين السياسة، الطعام، والطهي الفلسطيني المتجدد في العالم

في نهاية السبعينيات، عندما افتتح الشيف حسام عباس مطعم عباس في يافا، قدم المأكولات ذاتها التي يقدمها اليوم في فروع مطعم البابور الثلاث التي يملكها. تزاحم الصحفيون الإسرائيليون، في تلك الفترة، على المأكولات الفلسطينية الأصيلة. وأعربت الصحافة الإسرائيلية والعالمية أيضًا موضحة أن “عصر المطاعم الشرقية انتهى، وفي المقابل، بدأ عصر المطاعم العربية (الفلسطينية)”، كما جاء في أحد العناوين.

أطباق مليئة بالسلطات على الطاولة (تصوير دانيا فاينر)
أطباق مليئة بالسلطات على الطاولة (تصوير دانيا فاينر)

لكن يبدو أنه منذ ذلك الحين وحتى اليوم لم يتغيّر التعريف كثيرا – حتى اليوم من الصعب جدا إيجاد مطعم في تل أبيب أو في إسرائيل يقدم “مأكولات فلسطينية”. إن “المأكولات الفلسطينية” عبارة يخشى منها عدد غير قليل من الناس لأنّها تربط بين الطهي والسياسة.

سواء كانت لغما سياسيا أم لا، فلا شك أن المأكولات الفلسطينية أصبحت في السنوات الأخيرة محببة على قلوب الجمهور الإسرائيلي. يتحقق الاتصال شبه التلقائي بينها وبينه بسبب توفرها وإنتاجها المحلي والموسمي. موسميًّا، فالشتاء على سبيل المثال هو موسم الفحفحينة، الخبيزة، اللسينة، والعكوب، والصيف هو موسم البامية، اللوبية، والباذنجان البلدي، ومحليا، يدور الحديث عن كل المواد الخام التي يزرعها الناس (القرويون غالبا) في الحقل أو في ساحة المنزل، والحيوانات التي يربونها كالماعز، الخراف، والدواجن.

الشيف دخل يعدّ المنقل (تصوير دانيا فاينر)
الشيف دخل يعدّ المنقل (تصوير دانيا فاينر)

تأثر المطبخ الإسرائيلي بالمطبخ الفلسطيني الجار. وأصبح يبدي المزيد من المطاعم التي تقدم وجبات طعام اهتماما بالمطبخ الفلسطيني. من يعرف المأكولات الفلسطينية، يعلم بالضرورة، أنّه مطبخ مركّب سواء من حيث المكونات أو صعوبة الطبخ. إن وصول الكثير من الإسرائيليين إلى هذا المطبخ، محدود.

وكان هذا حلم كاتبة الوصفات وخبيرة الأكل، ميخال فكسمان، التي تجرأت على اختراق حدود أخرى للوصول إلى أعماق المطبخ الفلسطيني، النظر إلى الأواني أثناء الطبخ، والتوثيق بحرص شديد كل مراحل إعداد الوصفات الفلسطينية البسيطة والمعقدة على حد سواء. الهدف الأساسي: دراسة “المطبخ الجار”، تعلم أسراره، وجعله قريبا ومتاحا أمام الجمهور الإسرائيلي. كانت حصيلة هذه المحاولة إصدار كتاب طهي، فيه أكثر من 100 وصفة من المأكولات الفلسطينية الجليلية الفاخرة، مكتوب باللغة العبرية، بينما تظهر أسماء الوجبات باللغة العربية في العناوين.

الشيف دخل يعدّ سيخا من الكباب (تصوير دانيا فاينر)
الشيف دخل يعدّ سيخا من الكباب (تصوير دانيا فاينر)

في محادثة مع ميخال فكسمان، حاولنا أن نفهم ما الذي جعلها، بصفتها إسرائيلية، تصر على نقل تقاليد الطبخ القديمة (التي تُنقل عادة من الأم إلى ابنتها شفهيًّا) عن طريق الكتابة، إلى الإسرائيليين.

“قضيت جزءًا كبيرا من العامين الأخيرين في الناصرة، في المطبخ المنزلي لعائلة صفدي. وما بدأ في لقاء اجتماعي لذيذ صدفة بيني وبين الشيف دخل صفدي، أصبح رويدا رويدا حلما يتحقق وانتهى بكتابة كتاب صدر قبل أكثر من شهر بقليل. من الصعب أن أصف بالكلمات قوة تجربتي الشخصية من إجراءات العمل على هذا الكتاب، وحجم تأثري مع صدوره”.

شهدت فكسمان التي بحثت في مجال الطهي على مدى سنوات وأصدرت كتبا تناولت تغذية الرضع والأطفال، ووصفات سريعة وصحية للأشخاص المشغولين في العمل، أنّ هذه الخطوة التي بدأت مع الشيف دخل وبنات أسرته، جعلتها تشعر بدهشة ولا سيما أنها جذبتها كليا.

صفيحة (تصوير دانيا فاينر)
صفيحة (تصوير دانيا فاينر)

“في نهاية الصيف، قبل لحظات من عيد الأضحى، بدأ لقاء اجتماعي في الناصرة، بنزهة خاصة بالطهي في المدينة، ومن ثم بتناول وجبة فاخرة حول مائدة مزدحمة بالأطعمة الرائعة في مطعم ديانا (الذي يملكه دخل)، وانتهى بإعلان النية عن إصدار كتاب يوثق عاما في المطبخ العربي العائلي، الذي يدور حول السوق، التقاليد، الأعياد، المواسم، ذكريات الطفولة والأشواق”، كما كتبت فكسمان في مقدمة كتاب الوصفات، الذي سمته “بلدي”.

التقت فكسمان بالشيف دخل (الجيل السادس في مدينة الناصرة والجيل الثاني في المطبخ الاحترافي وابن سلالة من الطباخين والطباخات)، في كل مرة زارت فيها مطعمه ديانا، ورأته وهو يقطع بسكين كبيرة ومشحوذة لحما للكباب، يشوي أضلاعا على الفحم، أو يخلط بيديه أوراقا خضراء طازجة مع الكثير من زيت الزيتون، عصير الليمون، والسلطة الهشّة والطازجة.

ما الذي يجذبك تحديداً في المطبخ الفلسطيني؟

“دائما وأبدا، حتى قبل اهتمامي بالأطعمة كان المطبخ العربي مركز حياتي المهنية، وأثار لدي فضولا كبيرا. على مدى السنين اقتنصت كل فرصة لتذوّق مذاقاته التقليدية، آملة أن أتعلم المزيد عنه، ومتمنية أن يصادف يوما وأحظى بإلقاء نظرة عميقة للتعرّف على أسراره، إذ يمكنني توثيقها، تعلمها وترجمتها إلى أوان وأطباق في مطبخي”.

نساء من عائلة صفدي يعددن الشُشبرك (تصوير دانيا فاينر)
نساء من عائلة صفدي يعددن الشُشبرك (تصوير دانيا فاينر)

لقد استقبلت عائلة صفدي فكسمان، على مدار السنة بدفء ومحبة. تشهد فكسمان أنّ ربة الأسرة، والدة دخل، استقبلتها بحب كبير وبالتعاون مع بقية نساء الأسرة أتاحت لها فرصة تعلم العجين، التقطيع، الرق، الحشو، الطيّ، وفي أثناء ذلك القيام بالثرثرة، الضحك، تناول الطعام، العمل وأيضا قضاء الوقت في حضن عائلتها الموسعة. وأن تكون جزءًا من الوجود الفلسطيني، الأصيل فيما يتعلق بالطعام.

ما هو تعليقك على من سيتّهمك بـ “الاستيلاء الطهوي”؟

“هذا سؤال هام جدا. أعتقد أنّ من يقرأ الكتاب، لن يستطيع اتهامي بالاستيلاء الطهوي أبدا. كان هدفي الأول والأخير هو التعلم ولن أفكر في جعله ملكا لي أو “للإسرائيليين”. إذا تمت تغييرات في الوصفات، فقد كان ذلك دائما من خلال استشارة دخل ووالدته. كان الهدف واضحا، وهو كتابة وصفات يمكن لكل امرأة تقرأ العبرية أن تعدّها في المنزل. لا شك أن “استعمارية الطعام” هو مصطلح إشكالي، ويزعجني جدا. حرصت على تسمية الوجبات بأسمائها العربية… من جهتي، كان يمكن أن يشكل هذا الكتاب كتابا توثيقيا للطعام الإيطالي، أو الياباني أو التايلندي”.

منسف أرز (تصوير دانيا فاينر)
منسف أرز (تصوير دانيا فاينر)

لماذا تعتقدين أن الإسرائيليين يدعون الطعام الفلسطيني طعاما شرقيا؟

“تحريف الكلمات في إسرائيل، كما هو معلوم، صعب جدا. من الصعب عليّ أن أشرح السبب تحديدا. إذا نظرنا إلى المطاعم الإسرائيلية في العالم، والتي أصبحت اتجاها ضخما في الطهي، في نيويورك، لندن وباريس، والتي يقف خلفها أيضًا طهاة إسرائيليون كبيرون، نلاحظ أنهم يقدّمون دائما “طعاما شرق أوسطي”، والذي يشمل الحمص، الفلافل، ورق العنب المحشو، وغيرها…. ولا تُسمّى الوجبات باسمها الحقيقي ولا يُشار إلى المطبخ الفلسطيني. هكذا الأمر وليست لدي إجابة لماذا يفضّلون أن يسمّوا هذا الطعام طعاما شرقيا. أعتقد أننا لم نتقدم بعد بما يكفي من أجل تسمية المطبخ الفلسطيني، باسمه “مطبخ ومأكولات فلسطينية…”.

“بلدي” ليس مجرد كتاب وصفات للمأكولات الفلسطينية بقدر ما يعبر عن الوجود الفلسطيني. يعرض أيضا التعقيد السياسي والصراع الإسرائيلي الفلسطيني. في بداية كلامها تقول فكسمان، إنّ مشروع كتاب الوصفات، قد بدأ العمل عليه في سنوات سياسية صعبة جدا “كنا أنا ودخل مقتنعَين أننا سنهتم بالأكل وبالمطبخ فقط. ولكن لا يمكن أن يكون الطعام مجرد طعام أبدا، بشكل أساسي في مدينة مثل الناصرة، التي تجد صعوبة في التصدي للعواصف التي تُثار فيها داخليا وخارجيا. على مدى عام تم غلي وطهي الأطعمة في مطبخ أسرة صفدي، ولكن بدا أحيانا بأنّ الواقع الإسرائيلي يقع في فقاعة كبيرة جدا، بحيث تهدد بالفوران في كل لحظة. سقطت حكومة إسرائيلية وقامت أخرى، هزت العمليات هذه البلاد الممزقة، دفع ضحايا بحياتهم ومستقبلهم، أقيمت مظاهرات، أصبحت مطاعم فارغة من روادها، وتجنّد الطهاة والخبازون للدعم وكافح جميعهم على حدٍّ سواء من أجل الحفاظ على البيت ومصدر الرزق”.

إعداد كعك العيد قبل لحظات من عيد الأضحى (تصوير دانيا فاينر)
إعداد كعك العيد قبل لحظات من عيد الأضحى (تصوير دانيا فاينر)

وسط كل هذه الأحداث السياسية – الاجتماعية، وجدت فكسمان نفسها تراقب، توثق متحمسة، وتعزز العلاقة المبنية على المحبة والاحترام بينها وبين دخل وأفراد أسرته، وبالمدينة والطعام، أكثر فأكثر.

ما هو الطعام الذي تحبين طبخه كثيرا لزوجك وأطفالك، من الطعام الفلسطيني؟

“طبخت كل وصفات الكتاب، أكثر من 100 وصفة، في مطبخي الشخصي، على الأقل مرة واحدة. في يوم الجمعة الأخير أعددت وجبة “المحمّر”، أطبخ المجدّرة بشكل دائم، السلطات، “العرايس”، الحساء على أنواعه. أعددت كعك العيد بالتمر في منزلي أيضًا”.

هل هناك طعام فلسطيني لا تحبينه؟

“كلا. هناك وجبات أحبها وأحب مذاقها. ولكن أكلت وأحببت كل وجبة موجودة في الكتاب غالبا”.

وفي النهاية نحن نتشرف بمشاركتكم بوصفتين من المأكولات الفلسطينية الأصيلة، اللذيذة وسهلة التحضير من كتاب “بلدي”.

جرجير مع فجل صغير ورمان

جرجير مع فجل صغير ورمان (تصوير دانيا فاينر)
جرجير مع فجل صغير ورمان (تصوير دانيا فاينر)

المقادير:

باقة جرجير كبيرة، من دون السيقان السميكة، مقطعة طوليا لشرائح غير سميكة

بصلة حمراء صغيرة مقطّعة طوليا لشرائح رقيقة

فجلتان مقطعتان لشرائح رقيقة، كل شريحة مقطعة لعصيّ صغيرة رقيقة أو منصّفة

حفنة من بذور الرمان

ملعقة صغيرة من السُماق المطحون والطازج

ملح وفقا للمذاق

عصير ليمون من ليمونة واحدة

زيت زيتون بسخاء

طريقة التحضير:

في وعاء كبير، نخلط كل مكوّنات السلطة باليدين، بحيث تمتزج المذاقات معا

نأكلها فورا، كي لا تذبل أوراق الجرجير.

شوربة عدس صحيح

حساء العدس الأسود (تصوير دانيا فاينر)
حساء العدس الأسود (تصوير دانيا فاينر)

المقادير:

1/2 كيلو عدس أسود مغسول جيدا ومنقّى

سنّان من الثوم المقطّع

بصلة كبيرة مقطّعة لمكعّبات

1/2 كأس زيت زيتون

6 كؤوس ماء

ملح وفلفل أسود، وفقا للمذاق

للتقديم:

شطة منزلية، فجل، وبصل أخضر

طريقة التحضير:

نضع في طنجرة كبيرة جميع مكوّنات الوصفة فيما عدا الملح.
نخلطها، نغطيها، ونتركها تغلي.

يجب غلي العدس بدرجة معتدلة لنصف ساعة أو حتى يصبح طريا ولكن ألا يذوب.

قبل انتهاء الطبخ، عندما يصبح العدس طريا، نزيد الملّح ونخلط جيدا.

نأكل الشوربة ساخنة مع إضافة الشطة المنزلية، وفق الرغبة، ومع البصل الأخضر والفجل أيضا.

اقرأوا المزيد: 1240 كلمة
عرض أقل
وصفات من كتاب كفاح دسوقي، "مطبخ السلام"
وصفات من كتاب كفاح دسوقي، "مطبخ السلام"

تكافح من أجل السلام

كفاح دسوقي تحلم في إصدار كتاب وصفات خُضرية، باللغتين العربية والعبرية، لتقرّب بين الناس. لقد نجحت حتى الآن في تجنيد نصف المبلغ لتحقيق حلمها

تبدو صفحة فيس بوك التابعة لكفاح دسوقي مثل جزيرة من السلام في بحر من الكراهية والعنصرية. تظهر منشورات عن الحب، التسامُح والتعايش، تعليقات مؤيدة بالعربية والعبرية، ومن حين لآخر تظهر أيضًا صور طعام عربي شهي.

“ربما بهذه الدولة لا يوجد سلام سياسي , ولكنني سوف ابني عالمي الخاص وأزرع به السلام المفقود”

تعيش كفاح، البالغة من العمر 28 عاما، ومن مواليد قرية الفريديس، اليوم في براغ، حيث تدرس هناك اللغة واللقب الثاني. لغتها الأم هي العربية، ولكنها تتقن العبرية جيدا، بل وتكتب أشعارا باللغة العبرية. في الشهر الماضي عملت على مشروع خاص، يدمج بين حبها للكتابة وحبها للمطبخ: كتاب طبخ باللغتين العربية والعبرية، تظهر فيه وصفات الأطعمة العربية التقليدية، ولكن جميعها وصفات خضرية تماما، من دون أية مكونات طعام حيوانية.

وتنجح في جمع الأموال لتمويل الكتاب بواسطة موقع التمويل الجماعي، “HeadStart“، وتتحدث فيه عن نفسها: “أحد أحلامي هو أن يبحث الناس سوى الحرب في البلاد والصراع القائم منذ سنوات طويلة، عن المشترك والجيد بدلا من الانشغال بالسيئات والسلبيات. أنا أيضًا أكتب الشعر الذي يتحدث تحديدا عن تمكين مكانة المرأة وعن مواضيع أخرى تتعلق بي، لذلك فالكتابة والطبخ ترقصان معا التانغو في رأيي وقد قررتا أن تُظهرا هذا الرقص لكل العالم عن طريق كتاب الطبخ”.

كفاح دسوقي (تصوير: shalev man)
كفاح دسوقي (تصوير: shalev man)

في مقابلة خاصة لموقع “المصدر”، تحدثنا معها حول الطبخ، الخضرية، والسلام.

حديثينا من فضلك قليلا عن المشروع

“اسمي كفاح ولدي حلم، وهو أن أصنع “السلام” المميز والخاص بي، وذلك عن طريق  إصدار كتاب وصفات خُضرية من المطبخ العربي مكتوب باللغة العربية والعبرية معا.

يدور الحديث عن مشروع ضخم، وهو إصدار كتاب وصفات طبخ من أشهى الأطباق والحلويات، معد للخضريين، النباتيين، محبي الإنسان والأكل على حد سواء.

وصفات هذا الكتاب لذيذة أيضا لأكلي اللحوم وليس فقط الخضريين. ستجدون العديد من الوصفات الرئيسية، وصفات خفيفة حلويات كلها من المطبخ العربي بالطريقة الخضرية، بالكتاب توجد 50 وصفة مبتكرة باللغتان العربية والعبرية مع صور مثيرة للشهية.

 لماذا فكرت في كتاب طبخ تحديدا؟

الأكل والموسيقى هما لغتان مشتركتان من خلالهما يمكننا ان نوحد ثقافات, عربي ويهودي يمكنهم ان يتحدثوا عن الوصفات اللذيذة من غير اي مشادات.

بهذا الكتاب ستجدون معنى السلام, سلام مع الحيوان, سلام  مع الانسان , ربما بهذه الدولة لا يوجد سلام سياسي , ولكنني سوف ابني عالمي الخاص وازرع به السلام المفقود , كتاب طبخ لانه ببساطة الأكل الصحي واللذيذ هو مشترك للجميع. 

ولماذا ترغبين أن يُكتب بكلتا اللغتين معا؟

لانه من الصعب ان نجد هاتين اللغتين معا بصورة إيجابية، اردت ان اصنع تغيير بسيط، شيء تراه العين وتبتسم له المعدة، من دون سلبيات او مشادات.

"منسف رز باللبن"، وصفة من كتاب كفاح دسوقي، "مطبخ السلام"
“منسف رز باللبن”، وصفة من كتاب كفاح دسوقي، “مطبخ السلام”

منذ متى وأنت خضرية؟

انا خضرية تسع اشهر.

هل ثمة علاقة بين الخضرية والسلام في نظرك؟

طبعا , كل هذه الحروب تأتي من العنف الذي نربى عليه , لو كلنا عشنا بعالم كله سلام مع جميع الكائنات , الحيوانات والبشر, لو تربينا ببيئة بعيدة عن المعاناة اليومية التي يشعر بها الحيوان بهذه المصانع , نشعر باننا اكثر إنسانية ورحمة , اكثر محبة للبيئة وللمحيط, ستكون طاقات إيجابية كثيرة من حولنا وربما عندها سوف نصنع السلام.

“من الصعب ان نجد اللغتين معا بصورة إيجابية، اردت ان اصنع تغيير بسيط، شيء تراه العين وتبتسم له المعدة، من دون سلبيات او مشادات”

هل تشعرين أن هناك المزيد من الطلب لهذه الوصفات في المجتمع العربي أو اليهودي

بطبيعة الحال عدد اليهود هو الغالبية بالدولة ولان نشاطي في وشائل الإعلام هو تغيير الصورة النمطية عن العرب بالمجتمع اليهودي فبطبيعة الحال عدد المتابعين اليهود عندي اكثر، لكنني واثقة بان هنالك الكثير من الخضريين الذين يبحثون عن وصفات صحية ولذيذة من المجتمع العربي.

أية ردود فعل واجهتها؟

حتى الان لاقى المشروع صدد كبير عند جميع الفئات وخلال 13 يوم وصلنا لنصف المبلغ, كان هناك بعض التحفظات من قبل الغير خضريين , لكن بصدد الخضرين هنالك اهتمام كبير.

هل تريدون شراء الكتاب ودعم مشروع كفاح؟ ادخلوا إلى الرابط: مطبخ السلام

اقرأوا المزيد: 576 كلمة
عرض أقل
مناقيش مع الناجين من الكارثة (لقطة شاشة)
مناقيش مع الناجين من الكارثة (لقطة شاشة)

مناقيش مع الناجين من الكارثة

قررت العاملات العربيات في نُزل للناجين من الكارثة تحضير مناقيش بالزعتر لإسعادهم: ومقطع الفيديو الذي نُشر على فيس بوك حصد تقريبًا نصف مليون مشاهدة

يتحدث مقطع الفيديو الذي تم نشره مؤخرًا على موقع فيس بوك وتحول إلى فيديو واسع الانتشار في إسرائيل، عن دار للعجزة اليهود من الناجين من الكارثة قررت فيه عاملتان مُخلصتان إسعاد النُزلاء بأبسط وسيلة مُتاحة وهي إعداد وجبة طعام، ولكن الحديث ليس عن أطباق من أوروبا الشرقية الذي اعتاد النُزلاء على تناوله من الطفولة، بل عن وجبة عربية أعدتها العاملتان. أخذتا استراحة من العمل الاعتيادي، أخرجتا طبقًا مُستديرًا وقامتا بتحضير مناقيش بالزعتر وزيت الزيتون لإسعاد النُزلاء.

تم نشر مقطع الفيديو تحت عنوان: “محبة تجمع عاملتان عربيتان إسرائيليتان وناجين من الكارثة في نزل يومي على مدار الأسبوع. انشروا هذا الفيديو تكريمًا للناجين من الكارثة ومن أجل التعايش السلمي إن شاء الله”. وقد حظي مقطع الفيديو اكثر من 400,000 مُشاهدة و-15,000 لايك. أدى هذا النجاح مُنقطع النظير إلى إعداد تقرير موسع عن هذه المُبادرة، كان قد بُث على التلفزيون الإسرائيلي.

https://www.facebook.com/mitnadvim.nitzoley.shoa/videos/1219183604758772/

 

تعمل رشا في ذلك النزل منذ 11 عامًا. وهي تطمئن يوميا على النُزلاء من الناجين من الكارثة، وترد على أسئلتهم بكلمة “الحمد لله”. تقول في حديثها أنها تشعر أثناء عملها مع الناجين من الكارثة أنها بين أفراد عائلتها، وبالفعل غالبية الناجين هم من كبار السن وأصبح بعضهم وحيدين، والعاملات العربيات في النزل هنّ العائلة الوحيدة التي تبقت لهم.

تُفضل العاملتان، أيضًا في الأوقات التي تسود فيها توترات أمنية، عدم تشغيل التلفاز والابتعاد عن مشاهدة المشاهد العنيفة وأن تُركزا فقط على الأشخاص المحبوبين والمعروفين لهما والذين هم أيضًا يبادلونهما الحب. تقول رشا والدموع تملأ عينيها إنها أثناء عملها مع الناجين من الكارثة، تشعر أنهم يُقدرونها جدا، ولديها أيضًا رسالة إلى المشاهدين: “نُريد أن نأكل من الصحن ذاته، لا للحرب. علينا العيش معًا”.

اقرأوا المزيد: 256 كلمة
عرض أقل
عليا دسوقي تستضيف في بيتها زوار من الولايات المتحدة (Noam Moskowitz)
عليا دسوقي تستضيف في بيتها زوار من الولايات المتحدة (Noam Moskowitz)

حياة مشتركة، مقلوبة وبسبوسة، جميعها في بيت عليا دسوقي من يافا

تفتح عليا دسوقي، أم سليمان، منزلها في يافا لاستقبال الضيوف اليهود، الإسرائيليين، والسيّاح وتعلّمهم أسرار الطبخ الفلسطيني. وذلك ضمن مشروع اقتصادي استثنائي يهدف إلى تقريب القلوب

تخيّلوا المشهد التالي: ربّة منزل من المدينة المختلطة (مدينة يسودها التعايش بين العرب واليهود) يافا، تستقبل، مرّتين في الأسبوع في ساعات المساء في غرفة الجلوس الدافئة في منزلها، ضيوفا من الولايات المتحدة والذين حضروا لتذوّق مأكولاتها.

أم سليمان من يافا (Noam Moskowitz)
أم سليمان من يافا (Noam Moskowitz)

تخيّلوا الآن أنّ تلك المرأة، هي في الواقع ربّة منزل لم تعمل أبدا وحرصت خلال السنين على تربية أطفالها، وتوفير كافة احتياجاتهم وكذلك على دعم زوجها. ولكن شيئا ما قد تغيّر في حياتها في السنوات الثلاث الأخيرة، لذلك قرّرت المبادرة إلى مشروع اقتصادي اجتماعي كبير، وبدءت العمل من منزلها الصغير.

هذه هي قصة عليا دسوقي، ربّة منزل من يافا، قرّرت كسب الرزق فبادرت إلى افتتاح مصلحة تجارية صغيرة، كانت قد حظيت مبادرتها هذه بدعم زوجها وأسرتها، وتهتم مصلحتها بشؤون المطبخ الفلسطيني المحلي واستضافة الضيوف الذين يرغبون في تناول الطعام من جميع أنحاء العالم في غرفة الجلوس في منزلها.

يدعى هذا المشروع “الطعام الاجتماعي” وقد اكتسب في السنوات الماضية زخما كبيرا جدّا في أرجاء إسرائيل. صحيح أنّ هناك أشخاص كثيرين يشعرون قلقين من فكرة استضافة الكثير من الأشخاص لتناول وجبة العشاء، بالمقابل، هناك أشخاص يشعرون عكس ذلك تماما. ويدور الحديث عن الخبيرون بالطهي والذين يتمتعون باستقبال الضيوف على مائدة الطعام، ويكون بيتهم مفتوحا دائما ومتاحا لكل من يطرق أبوابه ويرغب في تذوّق الأطعمة فيه. يشعر الأشخاص الذين يحبون استضافة عشرة، عشرين، أو حتى خمسة غرباء، بمتعة الطهي.

“عندما تزوجتُ من أبو سليمان لم أكن أعرف الطبخ”، هكذا تعترف أمامي السيّدة عليا دسوقي ونحن لا نزال نجلس ونحتسي الشاي الساخن، في حديقة منزلها المُعتنى بها على مشارف حيّ يافاوي. “لقد عشنا مع حماتي وبدأت أتعلّم منها أسرار الطبخ الفلسطيني التقليدي. رويدا رويدا، تعلّمت المزيد من الوصفات وأثريتُ عالمَي في مجال الطهي”، كما توضح.

لم تتعلم أم سليمان في المدرسة، وقضت معظم أوقاتها في الطبخ من أجل عائلتها. عندما كبُر أطفالها الأربعة وتركوا منزل العائلة، أصبح لديها الكثير من أوقات الفراغ. وبعد أن حظيت بتشجيع زوجها أبو سليمان، ناشطا اجتماعيا معروفا في يافا، بدأت تشارك في لقاءات جمعية “عروس البحر”، التي تعمل على تمكين المرأة العربية في يافا بدعم من صندوق إسرائيل الجديد.

ابو سليمان يساعد أم سليمان في استضافة الضيوف (Noam Moskowitz)
ابو سليمان يساعد أم سليمان في استضافة الضيوف (Noam Moskowitz)

“في الحقيقة، في البداية، بدأ طلاب من جامعة تل أبيب بتوجيهي حول كيف يمكنني أن أبني مصلحة تجارية، وأن أنجح فيها، وكيف تكون مصدر رزق لنا رغم أنني لست متعلمة. ففي البداية، صُدمت من فكرة استقبال ضيوف غرباء في منزلي. أذكر أنّ رد فعلي الأول على الفكرة كان رفضا تاما. رويدا رويدا بدأت أنظر إليها على أنها فرصة قد تعزز وضعي الاقتصادي. لذلك استشرت زوجي أبو سليمان، الذي بفضل مساعدته نجحت في إقامة هذه المصلحة التجارية الصغيرة. وكما تحمس أولادي جدّا أيضا للفكرة ورويدا رويدا بدأتُ باستضافة الضيوف وتقديم الطعام لهم في منزلي”.

لقد حظيت عليا بمرافقة تجارية ودعم أولي من الصندوق الجديد الذي ساعدها في معرفة الإمكانية الكامنة في وجباتها المنزلية، وأصبحت اليوم سيّدة أعمال بكل معنى الكلمة. ففي إطار Eatwith، وهو مشروع يعرض تناول الطعام في منازل الآخرين، تشارك فيه عليا وتستضيف أشخاصا لا تعرفهم لتناول وجبة مميزة للمطبخ العربي التقليدي، ولقد تغيّرت حياتها من النقيض إلى النقيض. “أشعر بثقة كبيرة”، كما تقول. أجلس مع ضيوفي، وأتحدث معهم عن الوجبات وعن الحياة في يافا مما يجعلني أشعر بفرح كبير”.

عليا دسوقي (Noam Moskowitz)
عليا دسوقي (Noam Moskowitz)

بينما يجلس ضيوف أم سليمان في غرفة الجلوس في منزل العائلة ويستضيّفهم أبو سليمان، تحدّثني عن الطعام الذي تطبخه “أحضر كل الطعام الفلسطيني التقليدي الذي ترعرعنا عليه منذ طفولتنا ويحب ضيوفنا التوابل وطريقة تقديمي للطعام. أحضر المقلوبة، المعجّنات، الكفتة بالطحينة، والكفتة بالبندورة. وكذلك أعدّ وجبات المحاشي والسلطات الخاصة”. توضح لي أم سليمان قائلة إن الإسرائيليين يعتقدون أنّ الطعام العربي روتين وموحّد، ويكثر فيه تناول الحمّص واللحوم المشوية. وأنا أعتقد أن كل “منطقة تتمتع بخصائصها وأنا أنجح في التنويع”.

“أسأل ضيوفي الذين يزوروننا من جميع أنحاء العالم إذا كان هناك طعام معين لا يأكلونه أو إذا كانت لديهم حساسية معيّنة للطعام، وذلك قبل وصولهم. وكما تعرف لقد أصبح في أيامنا وعي كبير للخضرية والنباتية. على سبيل المثال، هناك بين الضيوف الأمريكيين الذين يجلسون الآن ويتناولون الطعام في منزلي نباتيون وأيضًا امرأة لديها حساسية للسمسم. أهتم بهذه الأمور أيضا”. تقول أم سليمان إنّها اكتسبت كل هذه المهارات في إطار التدريب المهني الذي حصلت عليه في جمعية “عروس البحر”.

ولقد سألتها إذا شعرت أن هناك انخفاض في عدد الطلبيّات منذ اندلاع العنف في الأشهر الأخيرة في إسرائيل؟ فأجابت: “لا شكّ، فمنذ البداية تماما كان من المتوقع أن تصل مجموعة من الضيوف اليهود لتناول وجبة العشاء وعندما اندلعت موجة العنف في القدس أخبرني المسؤولين عن المجموعة عن إلغاء الزيارة. غالبا، نحن لا نتحدث عن السياسة حول المائدة. أفضّل الحديث عن الأسرة، الطبخ وأنا أيضًا أعقِدُ في منزلي يوم الجمعة ورشات طبخ وهذه هي المواضيع المفضّلة لديّ”.

عليا تستضيف في بيتها ورشات طهي (Noam Moskowitz)
عليا تستضيف في بيتها ورشات طهي (Noam Moskowitz)

لدى عودتنا إلى غرفة الجلوس في المنزل، كان الضيوف على وشك الانتهاء من تناول الوجبة. يعرف أبو سليمان، الذي عمل على مدى سنوات في مؤسّسات بلدية تل أبيب يافا، المجتمع اليافاوي جيّدا، نقاط قوّته وضعفه. وقد طرح عليه الضيوف الأمريكيون، الذين عرّفوا عن أنفسهم أنهم يهود ليبراليون، الكثير من الأسئلة حول الحياة المشتركة في المدينة، موجة العُنف، الهوية الفلسطينية الإسرائيلية المنقسمة وحول مستقبل العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين. فأجاب متأثرا: “ولدتُ في بيارة في يافا مثل الكثير من السكان فيها. أسرتي مقسّمة ومشتتة في أنحاء العالم العربي. من بين 110 ألف مواطن عاشوا هنا في يافا قبل قيام دولة إسرائيل بقي 3000 آلاف شخص فقط. أُهمِلَت المدينة وعانت لسنوات طويلة من الإهمال المؤسسي ولكنّي لم أتنازل أبدا عن الحياة المشتركة إلى جانب جيراني اليهود”.

وعندما سُئل عن مستقبل العلاقات وإذا ما كانت هناك فرصة لصنع السلام الدائم، قال أبو سليمان، في الوقت الذي كانت فيه أم سليمان تقدّم للضيوف الشاي الحلو الساخن وطبقا من البسبوسة الحلوة، “يمكن صنع السلام. لذلك يجب على الزعماء السياسيين أن يدركوا أنّه ليس هناك حلّ بديل آخر لعيش كلا الشعبين الواحد بجانب الآخر باحترام. ويشكل الطعام والاستضافة في منزلنا حول هذه الطاولة وعمل أم سليمان خطوة صغيرة نحو التعايش، الحياة المشتركة، والمستقرة”.

اقرأوا المزيد: 913 كلمة
عرض أقل
المرسى (فيس بوك)
المرسى (فيس بوك)

طهاة عرب ويهود يقيمون وجبة مشتركة في عكا

قرر أربعة أصحاب مطاعم يهود وعرب تقديم وجبة مميّزة هذه الليلة لزبائن يهود وعرب من أجل أن ينسوا قليلا الأحداث الأخيرة في دولة إسرائيل ولتقريب القلوب بين الشعبين

أدت أعمال الشغب والطعن في إسرائيل إلى افتقار المطاعم والمصالح التجارية إلى زبائنها في مدينة عكا. إذ يخاف الناس من التجوال خارج البيت ولذلك أصبحت الشوارع فارغة. لهذا السبب، تحديدا، قررت مجموعة من أصحاب المطاعم من اليهود والعرب إقامة حدث مشترك لكي يظهروا بأنه يمكن للأمور أن تسير بشكل آخر.

ستُقام اليوم مساءً، وجبة تعايش في مطعم “المرسى” في ميناء عكا في إسرائيل. وأحد المشرفين على هذا الحدث هو الطباخ علاء موسى. في لقاء مع صحيفة “يديعوت أحرونوت” والذي أُجري مع طباخين مشاركين، قال موسى إنه عمل خارج البلاد في مطاعم مختلفة حاصلة على نجوم ميشلين ولكنه قرر العودة إلى البيت لأن “هنا البيت”.

المرسى (فيس بوك)
المرسى (فيس بوك)

“منذ جيل 15 سنة وأنا أحلم أن أفتح مطعما خاصا بي، وكان من الواضح لي أن هذا المطعم سيكون في عكا، لأني أردت أن أشعر بالانتماء إلى هذا المكان، الناس، المواد الخام. فحققتُ حلمي قبل ثلاث سنوات ونصف، حين وجدتُ المبنى القديم على الشاطئ، وقمتُ بترميمه وحوّلته إلى مطعم أكل عربي، محلي، أصلي، مع لمسات من العالم مع لمستي الشخصية”، قال موسى في اللقاء.

وأضاف إنه بسبب الأوضاع خلت المدينة من الناس ويعاني الجميع من هذا الوضع. لهذا، عرض على أصدقائه أن يقيموا وجبة مشتركة معا، من أجل أن يفهم الناس أن الأجواء هادئة في مدينة عكا وأنه بالإمكان الحضور والتمتع: “كلنا بشر ونعاني. كفى”. انضم إلى هذه المبادرة أصحاب المطاعم عمري شاحار من مطعم “مركطو”، غيل روديتي من مطعم “كوكوشكا” وأوهاد هوروفيتس من مطعم “صبيدا”.

المرسى (فيس بوك)
المرسى (فيس بوك)

أضاف روديتي في اللقاء مع صحيفة يديعوت أحرونوت: “في كل مرة تحصل أزمة فإن مدينة عكا هي أول من يتضرر، ونتضرر معها أيضا. سنعمل ما نعرف القيام به جيدا – الأكل – وسنحاول أن نُري الناس أن هناك واقع آخر وقابل للتطبيق”. وأضاف أيضا: “لم نأتِ لنغيّر العالم، ولكن فقط لنفرْح الناس”.

سيحصل المشاركون بهذا الحدث على 9 وجبات بسعر 200 شيكل. قال الطباخ عمري شاحار في اللقاء: “إذا كان من المهم لنا أن نُظهر أن هناك بشر في الطرفين، وأن ليس الجميع مخربين وعنصريين، سنطبق هذا أولا وقبل كل شيء في المطبخ”.

اقرأوا المزيد: 318 كلمة
عرض أقل
مطعم "حب وحبوب" (فيس بوك)
مطعم "حب وحبوب" (فيس بوك)

السلام يبدأ بالحمص

إسرائيلي وفلسطيني، وهما صديقان جيدان، يفتحان مطعما في هولندا. "آمل بأن يتعرف الناس من خلال المطعم على صورة مختلفة بعض الشيء وإيجابية عن الشرق الأوسط"

مطعم “حب وحبوب” love & peas هو مطعم جديد افتُتح حديثا في هاغ عاصمة هولندا. إن صاحبي المطعم، هما إسرائيلي والآخر فلسطيني، يعيشان منذ سنوات في هولندا وأصبحا صديقان حميمان.

الأول هو يوفال جال، ابن 36، من مواليد تل أبيب في إسرائيل، والآخر هو معاوية شحادة، فلسطيني، ابن 42 عاما، كان قد تعرفا على بعضهما قبل ثلاث سنوات في حانة في هاغ. لقد قال شحادة لصحيفة “يديعوت أحرونوت”: بدأنا بالحديث عن السياسة وتوصلنا إلى نتيجة أننا متفقان. تساءلنا ماذا ينقص هذه المدينة واستنتجنا بأن هناك حاجة للحمص. خلال ساعة، تطورت الفكرة وعملنا لمدة ثلاث سنوات لكي نحصل على التمويل، المكان والرخص”. لقد تم افتتاح المطعم قبل ثلاثة أِشهر.

معاوية شحادة ويوفال جال (فيس بوق)
معاوية شحادة ويوفال جال (فيس بوق)

ويقدم الاثنان في مطعمهما حمص-فول، مشوشه، مجدرة، سلطة عربية، سلطة باذنجان، تبوله، فلافل ومأكولات أخرى، قد جعلت المطعم مشهورا على الفور. حيث يتصدر كل مواقع الأكل وبرامج التلفزيون في المدينة.

يجذب المطعم زوارا من كل الديانات، ويصل أيضا لزيارته لاجئون سوريون كانوا قد وصلوا إلى الدولة مؤخرا. تحدث جال في مقابلة له عن مستوطنين قد وصلوا لزيارة المطعم: “لقد انفعلوا من كون شريكي فلسطينيا. آمل أن يتعرف الناس على صورة إيجابية ومختلفة بعض الشيء عن الشرق الأوسط من خلال المطعم”.

اقرأوا المزيد: 185 كلمة
عرض أقل
طبق من مطعم الجميلة في يافا (Facebook)
طبق من مطعم الجميلة في يافا (Facebook)

المطبخ العربي الجديد يعود للحياة ويُغري الذوق الإسرائيلي

طباخون جدد، أطباق الجدة، عرض مُلفت لمأكولات شعبية وتحديدًا رغبة بعرض الطعام الأصلي الملائم للذوق الإسرائيلي

يعرض المطبخ العربي، للعام 2014، في لوائح طعام المطاعم الفاخرة في تل أبيب أطباق ما كنتم لتصدقوا أن أصلها من المطبخ العربي – الفلسطيني: قطع لبنة، باستا خبيزة مجففة، بودرة زيتون أسود وقشدة كبة.

الرابحة نوف عثامنة إسماعيل (Flash90/Yonatan Sindel)
الرابحة نوف عثامنة إسماعيل (Flash90/Yonatan Sindel)

عندما قدمت نوف عثامنة، المشاركة العربية في برنامج الطبخ الأكثر متابعة في إسرائيل “ماستر شيف”، طبق فتة الحمص مع كافيار الطماطم، لم يصدّق الحكام ما رأوه. أرادت نوف أن تضع “مطبخ الفقراء”، المطبخ “العربي الفلسطيني” في وقت ذروة المشاهدة في التلفزيون. منح نجاحها وفوزها للمشاهدين الإسرائيليين نظرة مميزة للقدرة الكبيرة لهذا المطبخ التقليدي الذي يمكنه تقديمها. بدأت رياح التغيير والبراعة للمطبخ العربي بالتغيّر، بشكل غير مسبوق، وبدأ يتوجه من الطابع التقليدي والمعروف إلى العصري والممتاز.

ادعى الشيف يوسف حنا، رئيس الطباخين في مطعم “مجدلينا” في شمال إسرائيل، في مقابلة له مع وسائل إعلام إسرائيلية، بخصوص التغيير الذي طال المطبخ العربي، “لا شك أنني أعتقد أننا في ذروة ثورة كبيرة”. مجدلينا هو مطعم عربي متطور، يُترجم المطعم الريفي القديم إلى أطباق عصرية وجميلة بشكل مميز جدًا.

طبق من مطعم مجدلينا (Facebook)
طبق من مطعم مجدلينا (Facebook)

“نحن متأثرون جدًا من المطبخ الإسرائيلي الجديد”، اعترف حنا، “أنا على علاقة بالكثير من الطباخين اليهود، وهم الذين دفعوني بشكل قوي بأن أمضي قُدمًا بمطبخي. وأن أفعل شيئًا مختلفًا. إن كنا سابقًا نقوم بحشي كتف خروف ووضعه على المائدة اليوم نرى أطباق صغيرة وأكثر نعومة. لا يعني هذا أننا ابتعدنا تمامًا عن الأصل وعن مذاقاتنا، لكننا أعطينا الطعام تنوعًا جديدًا. نحن الآن نستثمر أكثر بطريقة تقديم الطعام العصرية وبتقنيات عصرية. سابقًا، كان معروفًا أنه يتم حشو الكبة باللحم. اليوم أقوم بحشي الكبة بالفواكه البحرية. في مطبخنا (الفلسطيني) لم تكن هناك قشدة، ولكنني اليوم أرى بأن قشدة الباذنجان، قشدة القرنبيط وقشدة الجذور هي طريقة ممتازة للحفاظ على مذاقاتنا بتقنيات جديدة وملفتة”.

طباخون في مطعم مجدلينا (Facebook)
طباخون في مطعم مجدلينا (Facebook)

يدمج الكثيرون من الطباخين العرب، من الجيل الجديد، في مطابخهم تقنيات طبخ عصرية. على سبيل المثال، يُحضّر الشيف عُمر علوان في مطعم حج كحيل في يافا بودرة زيتون أسود وباستا من الخبيزة تم طحن أوراقها جيدًا.

يعترف طباخون إسرائيليون من الدرجة الأولى أنهم ينفتحون أكثر للتجديدات التي تحدث في العالم، وكذلك في العالم الغربي والعربي – سوريا، لبنان والأردن. هناك التقنية هي دمج المطبخ التقليدي مع المطبخ العصري الجديد. مثلاً، تحضير الكبة النيئة على طريقة القشدة والموسية.

طبق  الحلوى من مطعم مجدلينا (Facebook)
طبق الحلوى من مطعم مجدلينا (Facebook)

أحد النماذج البارزة هو التوجه لتحضير طعام صحي. تخلص الناس من كميات الدهون، واليوم يبحثون عن بديل للقلي بالزيت العميق والمطبخ العربي الفلسطيني يعجُ بالأطباق التي تلائم الخُضريين، النباتيين ومن يحبون تناول الطعام قليل الدسم.

ليس هناك المزيد من “الحمص – التشيبس – المشاوي”

يمر المطبخ العربي مؤخرًا بتطور نوعي متسارع. تجذر في الوعي الإسرائيلي، على مدى تاريخ مجال الطبخ، أن المطبخ العربي هو مطبخ بسيط يُقدم في أفضل الحالات “الحمص، التشيبس والمشاوي”، إلا أنه مؤخرًا تحول إلى الحديث الرئيسي لدى الذواقين.

طبق من مطعم الجميلة في يافا (Facebook)
طبق من مطعم الجميلة في يافا (Facebook)

تنوي د. نوف عثامنة هذه الأيام إقامة مدرسة يهودية – عربية للطبخ. “تقبل الوسط اليهودي في إسرائيل المطبخ العربي التقليدي بمحبة كبيرة أيضًا عندما كان يقدم “الحمص، التشيبس والمشاوي”، حسب قولها، “وهذه إشارة إلى أن الذائقة المحلية تحب النكهات العربية. حصل التجديد في المطاعم العربية الفاخرة التي تم افتتاحها مؤخرًا وفتح المجال لفرصة أوسع للتعرف على هذا المطبخ. لا يزال هناك الكثير من الأطباق التقليدية غير المعروفة هنا، ولم يتم بعد القيام بعمليات دمج كافية وأنماط تقديم جديدة لتعريف هذا المطبخ. انقرض جزء من الأطباق المحلية تقريبًا، وتُميز بعض الأطباق مناطق بعينها، مثل زعتر باقة الغربية الذي يحتوي على الشومر البري المطحون والذي يختلف عن الزعتر في أماكن أخرى. إن الكباب السوري طبق يستحق التعرف عليه والذي يحتوي على كرز حامض، ويتميز اللبنانيون بالجبنة المعفنة التي تميز منطقتنا”.

هناك حاجة لوجود نساء في المطابخ العربية المتميزة

طبق من مطعم الحج كحيل في يافا (Facebook)
طبق من مطعم الحج كحيل في يافا (Facebook)

رغم كل تلك التجديدات العصرية والتقنيات الحديثة التي يتباهى بها المطبخ العربي، معروف أن هذا المطبخ لا يزال يسيطر عليه الرجال. يمكن إحصاء عدد النساء اللواتي يعملن في المطابخ على أصابع اليد.

“أتوق أن تتجرأ النساء العربيات بدخول مطابخ المطاعم”، يقول الشيف الياس مطر، الذي كان حتى فترة قريب شيف مطعم دانتيه في الناصرة، “المرأة لها يد مختلفة في المطبخ، طاقة مختلفة، نعومة وروح لا يمكن أن نجدها في طبخ الرجال. أنا مُستعد لتبني أي شابة تريد أن تندمج بهذه المهنة، حتى وإن كانت لا تعرف شيئًا وتحتاج أن أُعلمها كل شيء من البداية. حتى أنه في مجتمعاتنا معروف أن للفتيات فقط مسموح مساعدة الأمهات بتحضير الطعام، ويطّلعن على ما يحدث في المطبخ من سن صغيرة. ولكن، لم يحدث ذلك كمهنة بعد. صحيح، العمل في مطبخ مطعم هو شيء صعب من نواحٍ كثيرة: جسديًا، عقليًا ونفسيًا. هذا ما يجعل النساء العربيات لا يدخلن هذا المجال، ولكنني أتمنى أن يتغير ذلك”.

المطبخ العربي يحتل العالم

طبق  الحلوى من مطعم مجدلينا (Facebook)
طبق الحلوى من مطعم مجدلينا (Facebook)

في أوروبا والولايات المتحدة تُحقق المطاعم العربية نجاحًا باهرًا في السنوات الأخيرة، لأنه لا يمكن منافسة المذاقات الرائعة لهذا المطبخ. بدأت تلك الثورة في إسرائيل بشكل متأخر نسبيًا ولكنها تتسارع بشكل كبير جدًا.

ينجح المطبخ العربي باحتلال العناوين في العالم بفضل جانب الصحة العالمي. المطبخ العربي الفلسطيني دقيق بنكهاته، يدمج النبات بشكل كبير في أطباقه ويعرف كيف يُخرج أفضل الأطباق من اللحوم والأسماك وهي الأطباق التي تُميز الشرق الأوسط.

لم يصل مرشد ميشلن للطبخ إلى الشرق الأوسط بعد، ونشك إن كان سيصل يومًا، لذا من الصعب أن نجد نجوم ميشلن تتطاير في مطاعم الناصرة، حيفا أو يافا. ولكن، إذا تصفحنا مواقع الطعام المختلفة الخاصة بهذه الأماكن نكتشف أماكن فاخرة جدًا، بوجود مطاعم مميزة وأطباق يتم تركيبها تركيبًا ملفتًا وعصريًا.

اقرأوا المزيد: 821 كلمة
عرض أقل
الوجبة التي طبخها الطاهي أحمد سلامة
الوجبة التي طبخها الطاهي أحمد سلامة

الطاهي الذي طبخ حمامة السلام

اختير أحمد سلامة من القدس الشرقية لتمثيل إسرائيل في مسابقة طهي مرموقة في البندقية. الوجبة التي اختارها للطهي تعرّف السلام جيّدا

28 يوليو 2014 | 21:19

يجتمع مرّة كلّ عام على اليخوت في البندقية طهاة مختارون من جميع أنحاء العالم، وعليهم أن يُعدّوا، في مسابقة طهي مرموقة، خلال الإبحار، وجبة مختارة. هذا العام، الطاهي الذي اختير لتمثيل إسرائيل هو الطاهي أحمد سلامة، فلسطيني من القدس الشرقية يبلغ من العمر 24 عامًا، ورغم صغر سنّه فهو رئيس الطبّاخين في مطعم الجورميه في فندق “الملك داود” الفاخر في القدس.

الوجبة التي اختارها للطبخ في المسابقة معبّرة كثيرًا. من بين جميع الأمور، اختار الطاهي سلامة أن يطهو حمامة، رمز السلام، جنبًا إلى جنب مع كريم الجزر بالكراميل وخضروات الربيع. ولكن رغم نواياه الحسنة، ففي نهاية المطاف يتمّ تقديم الحمامة وهي ميّتة، وهي استعارة دقيقة للسلام في هذه الأيام. “حيّة أو ميتة، فالحمامة هي الحمامة”، كما يقول مبرّرًا اختياره.

واجه الطاهي خلال المسابقة الكثير من الصّعاب، بدءًا من صعوبة إيجاد حمامة في سوق البندقية، فهي ليست أكل شعبية كما في القدس الشرقية (في نهاية المطاف أجبر على الاكتفاء بدجاجة صغيرة)، وصولا إلى المرض البحري الذي أصيب به وسط المسابقة، حيث شمل ذلك غثيانًا شديدًا، دوخة، والذي من الواضح جدّا أنّه أضعف قدرته على الطهي والتذوّق.

في نهاية المطاف، لم يفز سلامة للأسف الشديد بالمسابقة، ولكنّه فاز بالجائزة المرموقة لحكام المطاعم. وهو يأمل الآن بالحصول على موافقة لجواز سفر إسرائيلي وجنسية إسرائيلية. وحتى ذلك الحين فسيستمرّ في الطهي لزوّار الفندق الذي تمّ فيه توقيع جميع اتفاقيات السلام والذي يزوره الدبلوماسيّون الذين يصلون إلى إسرائيل من جميع أنحاء العالم.

اقرأوا المزيد: 224 كلمة
عرض أقل
"الجميلة" بين مطاعم يافا
"الجميلة" بين مطاعم يافا

“الجميلة” بين مطاعم يافا

بعد ثلاثين عامًا في المجال، الشيف صلاح كُردي يستجمع الجرأة وينشئ "الجميلة"، مطعم شيف فاخرًا. الأسماك النيئة، شرائح الخروف، والحمضيات التي تجتمع في وجبات مدهشة تقدِّم الكثير من الاحترام للمطبخ الفلسطيني في يافا. صحتين!

19 أبريل 2014 | 11:21

“إنه ليس مطعمًا فاخرًا”، يسارع صلاح كُردي، شيف مطعم “الجميلة” إلى التصريح، بعدَ أن أوضحتُ له أنني أرسلتُ لتغطية المطعم الفلسطيني الفاخِر الجديد الذي افتُتح في يافا. فرغم المظهر الأنيق للمطعم والمبنى المزخرَف الذي يقيم فيه في قلب سوق يافا، صلاح صادق. الجوّ في المكان جميل لكنه ليس مُصطنَعًا، وهو يعكس رغبة صادقة لجماهير واسعة في المجتمَع الإسرائيلي للتعرُّض لمذاقات جديدة. صحيح أنّ أسعار الوجبات مرتفِعة نسبيًّا، لكنها لا تزال بعيدة عن أسعار المطاعم في تل أبيب المجاوِرة، وتتيح للإنسان العاديّ اختبار تجربة مثيرة.

يؤكّد صلاح انطباعي. “هدفنا هو الطبقة الوسطى. إذا جاءني إنسان جائع يده على جيبه، أقول له إنّه غير مناسِب. إذا كان أحد يظنّ أنه سيُحضِر 10 أولاد ويأكل بـ 300 شاقل، فليس هذا هو المكان الصحيح”. حسب تعبيره، لا تهدف الأسعار المرتفِعة إلى إقصاء أحد من المطعم. فهي تأتي من الاهتمام الذي يوليه بجودة الطعام، الطاقم الذي يعمل معه في المطبخ وخارجه، الموقع في مركز السوق، وطزاجة الموادّ الخام. “أشتري كمّيات صغيرة، وتصلني الموادّ يوميًّا من المزوِّد. للجودة ثمنٌ في أيّامنا”، يوضح.

قبل أن يأتي صلاح إلى طاولتي، قررتُ تجربة بعض مأكولات المطعم. توجّهت النادلة اللطيفة إليّ مع لوائح الطعام، أصغت بانتباهٍ شديد إلى أسئلتي، ونصحتني في النهاية بـشيشبرك الجدّة، معجّنات محشيّة بلحم خروف رُشّت عليها صلصة لبن حارّة، وسلطة فتّوش، مع خيرة الخضار في المنطقة وجبنة ماعز مقليّة. وصلت الوجبتان بسرعة، ورغم وصفهما البسيط في اللائحة، يبدو الفرق واضحًا بين هذا المطعم والمطعم العاديّ.

الوجبات متعوب عليها واللمسة الشخصيّة محسوسة، ورغم أنني تناولتُ في الماضي مأكولات شبيهة في الأسلوب، فإنّ الشعور مختلِف كليًّا. أقطع المعجّنات، وأتمتّع بكلّ لقمة. رغم مذاقه السائد، فإنّ لحم الخروف لا يسيطر على الوجبة، بل يندمج بشكلٍ ممتاز مع العجينة السميكة، وكذلك مع الثوم والبصل المُذابَين داخل الصلصة الحرّة. إنها لذّة صافية حقًّا! تفسير مثير للاهتمام ومختلِف للعجين، الذي يُعتبَر أكلة بسيطة، ويمثّل عظمة الاندماج بين المطبخ الفلسطيني والمطبخ اليهوديّ. تجعل الحيويّة التي يمنحها الاحمرار للسلطة هذه الإضافة اللذيذة اختبارًا، يستمرّ في مرافقتي طوال المقابلة، بين سؤال وآخَر.

أطلب منديل العرايس كوجبة رئيسية، وهو كباب حَمَل مخبوز، مع بندورة محروقة من فوق وخلفية مسبحة عدس من تحت. خلافًا للوجبة السابقة، التي هي عبارة عن تطوير لوجبات شبيهة موجودة في المطبخ الإسرائيلي – اليهودي، فإنني قابلتُ هنا مذاقات وخلطات لم أكن أعرفها. لحم الخروف غنيّ ولذيذ، وكلّ لقمة تكشف عن عالَم جديد ورائع؛ يسيل سائل البندورة على قطَع اللحم ويضيف طعمًا يميل إلى الحموضة؛ فيما عجينة العدس الشبيهة بالحمّص رقيقة النسيج وتعكس أعماقًا في الطعم لم أعرفها موجودة في هذا النوع الجميل من الحبوب.

"الجميلة" بين مطاعم يافا
“الجميلة” بين مطاعم يافا

مباشرةً بعد أن استسلمتُ ووضعت الملعقة والسكّين على الطاولة، سارعتُ إلى إرسال رسالة نصيّة إلى أمّي، طالبًا أن تضيف وجبةً أخرى إلى مائدة العيد… بعد أن أثرتُ غدد الذوق على لساني، وملأتُ بطني بكلّ ما لذّ وطاب، شعرتُ بأنني مستعدٌّ أكثر لمواصلة المقابلة.

س: متى بدأتَ العمل في الطبخ؟

“يأتي الطبخ من البيت. أنا آخر العنقود، ونشأتُ في حيّ ذي ساحة مركزيّة، طبخت فيها جميع الأمهات. تجوّلتُ بينهنّ وقت الطبخ، وكان عملي أن أتذوق شوكولا الكعك بعد التحضير… (ضاحكًا) من هناك كانت البداية. تعلمتُ الكثير من ذلك. فكلّ ما أقدّمه هنا في المطعم هو من هناك، من البيت والساحة”. وفق أقوال صلاح، إنها المقاربة التي تشكّل أساس المطعم، الفكرة التي منحته دفعًا إلى الأمام. “كلّ الوقت، أتذكّر مذاقاتٍ من الماضي، وهذا تمامًا ما فعلتُه هنا – أخذتُ أمورًا من الطفولة، ودمجتُها بأمور آنيّة”.

بدأ مهنة الطبخ قبل ثلاثين سنة، حين بدأ العمل في مطاعم على ساحل يافا، كان اختصاصها الأسماك. “بعد ذلك تنقّلتُ بين أهم الطبّاخين في أيّامنا”، يروي صلاح ويتوقّف برهةً ليحيّي أحد ضيوف المطعم. يبدو أنه الشيف الأخير الذي عمل معه، يائير فاينبرج، الذي تعلّم منه كثيرًا. “تعلمتُ منه تقنيّة التجدُّد في الطبخ – الطبخ الجزيئي. أخذتُ الطرق الجديدة، واستخدمتُها في الأكل العربي، فهذه هي التقنيّة العالية في الطّعام.

س: متى وأين تبلورَ لديك قرار افتتاح مطعم خاصّ بك؟

“كلّ من يعمل في المطبخ ويرى نفسه شيفًا يحلم بإقامة مطعم خاصّ به مع المذاقات التي يحلُم بتقديمها، والطعام الذي يرغب في تحضيره من القلب. في المطاعم، يُملي عليك الشيف أو صاحب المطعم لوائحه الخاصّة. هنا، أنا الشيف والمالك، وأنا أضع نكهاتي ونفسي على المائدة. كلّ ما قرأتَه في لائحة الطعام هو أنا. هذه قصص طفولة، ذكريات، ويجري هذا رغبةً في تقديم الكرامة اللائقة لميراث الطبخ”.

سلطة الفتوش
سلطة الفتوش

س: هذا المطعم مختلِف عن المطاعم العربية التي نراها عادةً في منطقة يافا. فهل هذا مقصود؟

يحرّك صلاح رأسه، ويسارع إلى الإيضاح: “في بيتٍ عربيّ حقيقيّ، ليس معتادًا وضع 20 نوعًا من السلطة على المائدة قبل البدء بتناوُل الطعام. ثمة وجبة رئيسية مع إضافة، فرضًا الأرزّ مع اللبن، أو الأسماك مع السلطة وبعض الطحينة، دون مُبالَغة. قضية السلطات وكلّ ما ترَونه في المطاعم العربية هو شأن سياحيّ أكثر ممّا هو انعكاس للواقع”.

وتابع: “لذا فكّرت: (لحظة، أريد تقديم الحقيقيّ). إنه مطبخ عربيّ يافاويّ، دون تظاهُر سياسيّ”، يتابع صلاح ليوضح أنّ المطبخ الفلسطيني وفق النظرة الإسرائيلية هو مطبخ جليليّ، يركّز كثيرًا على اللحوم، وأنّ معظم الإسرائيليين لا يعرفون أبدًا المطبخ اليافاويّ الأصلي، المرتكز على الأسماك. “أتت الحضارات وذهبت، ومعها المأكولات المختلفة، لكنّها كانت دائمًا مبنيّة على البيّارات والبحر، على الفاكهة، الأسماك، وثمار البحر”.

س: أية وجبة لديها قصّة خاصّة؟

“ثمّة عدّة وجبات هي عبارة عن دمج لحالاتٍ شخصيّة بي، من الماضي والحاضِر. على سبيل المثال، سلطة الجميلة. كأطفالٍ، كنّا نذهب إلى بيّارة جيراننا، وكان لديهم شجرة حمضيّات رائعة، في أحد فروعها مندلينا، وفي فرع آخَر ليمون الجنّة (الغريب فروت). كانت الجدّة الجالسة في ظلّها تجمع الخبيزة، وتحضّر سلطة كنّا نأكلها. بعد ذلك بسنواتٍ، حين عملتُ في البحر، انطفأ المحرّك، ومرّ يوم أو يومان حتّى أتى أحدٌ لإنقاذ القارب، فأكلنا سمكًا نيئًا لنبقى أحياء. تتشابك ذكريات الطفولة مع الجدّة بتجربة التورُّط في البحر، وكذلك الأسماك النيئة في السلطة مع البرتقال، خلطة تجمع الطفولة والبلوغ – سلطة رائعة”.

 منديل العرايس
منديل العرايس

ولاسم السلطة – واسم المطعم كذلك – تفسيرٌ مثير للاهتمام. “دعوتُه على اسم شقيقتي، جميلة – كبادرة حسن نيّة تجاه الأخت التي ربّتني بعد وفاة أمّنا، وكانت العمود الفقريّ للبيت من جهة الطبخ”، يوضح صلاح ويضيف أنّ الاسم يُشير إلى الكتاب الذي كُتب عن يافا قبل سنوات تحت عنوان “يافا الجميلة”.

في هذه المرحلة، أشعر بحاجة متزايدة – السكّر يدعوني. أطلب من صلاح أن ينصحني بحلوى من لائحة مقلَّصة، تكون ذات جودة ومدهِشة. أمامي حلوى باسم مِستيكا، أتساءل ماذا تحوي. إنها المهلبيّة (“لكن ليس كما تعرفُها، بل مع زعفران”، يشدّد متباهيًا بالتابل الثمين)، مقدَّمة برفقة صلصة حمضيّات وكشط قشر برتقال مطهوّ بالسكّر مع كاجو محلّى ومُقطَّع. يملأ مذاق الحمضيّات والورود الخلفية في الفم، لكنه لا يغطّي على نسيج المهلبيّة التي يجري الحرص عليها، ويحصل على انعطاف مع مذاق الزعفران المُميَّز. أثني عليه وأعده بتذوُّق القرع المطهوّ بعصير الهال، والقطايف مع التوت المحلّى في الزيارة القادمة.

س: ماذا يخبّئ لك المستقبل؟ ما هي أمنيتك؟

“المرحلة القادمة؟ مطعم في نيويورك”، يضحك صلاح ويعترف بأنه وصل إلى ذروته: “أنا على قمّة العالم”. رغم ذلك، لا يريد ولا يستطيع النوم على الحرير. “لا يمكن الجلوس بهدوء والاسترخاء. دائمًا، أتأكد من أنّ كل شيء على ما يُرام، كلّ شيء دقيق. أنا مسؤول مسؤوليةً تامّة عن كلّ وجبة. أنا أُملي المكوِّنات، أتابع الطبخ، وأهتمّ بطريقة وضع الطعام في الصحن. كلّ شيء هو جزء من العملية، لا تقرير المذاقات فقط. يهمّني جدًّا أن تكون كلّ وجبة ما قصدتُه بالضبط”.

حلوى المِستيكا، المهلبيّة
حلوى المِستيكا، المهلبيّة

في النهاية، يُعرب صلاح عن أمله في أن يقدّر الجمهور المحليّ في يافا المطعم. “المطعم مفتوح منذ شهر ونصف، ولم يدخُل من يافا أكثر من 4 أو 5 أشخاص. أنا أعطي الاحترام لطعام المدينة، وسكّانها متردّدون”، يعبّر عن خيبة أمل طفيفة، ويوضح: “إنها مأكولات أكلها هؤلاء الناس في البيت”. المشكلة حسب رأيه من جهة عرب يافا هي أنّ ثمة فرقًا لديهم بين ما يأكلونه في البيت وما يأكلونه في المطعم. رغم ذلك، يحافظ على التفاؤل، ويوجز: “رُوَيدًا رُوَيدًا، سيتعلّم كلّ شخص أنه يمكن أن يأكل في المطعم ما يُؤكَل في المنزل”.

اقرأوا المزيد: 1217 كلمة
عرض أقل