بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي ترامب أن الأمريكيين اعترفوا بالقدس عاصمة لإسرائيل، اتصل ضابط استخبارات مصري سرا بمقدّمي برامج استضافة مشهورة في مصر. وقال الضابط المصري، الكابتن أشرف الخولي: “مثل كل إخواننا العرب، ندين هذا القرار علنا”. ولكن، حسب تعبيره، فإن المواجهة مع إسرائيل ليست من مصلحة مصر القومية.
رغم أن مصر رفضت التقرير في صحيفة “نيويورك تايمز”، وقالت إن الرئيس السيسي ووزير الخارجية شكري أعربا عن معارضتهما لبيان ترامب بشأن القدس، وأشار آخرون إلى العداء الطويل الذي تكنه الصحيفة للسيسي، ولكن إذا افترضنا أن التقرير صحيح، فهل هو دراماتيكي كما يبدو؟ إليكم بعض النقاط التي يجدر بكم التفكير فيها:
1. ليس هناك سبب للاستعلاء على الزملاء المصريين. يطلع كبار المسؤولين الحكوميين الصحفيين في كل بلد. في الوقت الذي اتصل فيه ضابط المخابرات المصرية بالمسؤولين ذوي النفوذ في مصر لعرض وجهة نظر النظام حول إعلان ترامب، والتعبير عن المصلحة الوطنية المصرية، أجرى مسؤولون حكوميون إسرائيليون اتصالات هاتفية مع صحفيين إسرائيليين وكذلك تحدث مسؤولون مقربون من ترامب مع مسؤولين في الإدارة الأمريكية هاتفيا أيضا.
2. ما هي المصلحة الوطنية المصرية؟ هذا هو السؤال الأكثر شرعية لدى المواطن المصري وبالطبع الصحفي المصري. علاوة على ذلك، فإن السؤال الأهم هو إذا كان النظام المصري يفضّل مصلحة دولة أخرى على مصلحة شعبه، وهل بهذا يخون الدور الذي يؤديه.
وقال ضابط الاستخبارات للصحفيين “المشكلة هي أن الانتفاضة تشكل خطرا علينا”، مضيفا: “لن تخدم الانتفاضة المصلحة الوطنية المصرية لأنها تساعد الإخوان المسلمين وحماس فقط. ستنشأ حماس مجددا”. هذا تفكير شرعي تماما، لا سيّما عند الأخذ بعين الاعتبار المساعدة التي قدمتها حماس للإخوان المسلمين وداعش في سيناء حتى وقت قصير. ولكن هناك سبب آخر متعلق بالمصلحة المصرية:
3. إن العلاقة مع الإدارة الأمريكية هي علاقة استراتيجية استثمر فيها السيسي كثيرا منذ أن كان ترامب مرشحا للرئاسة. كما هو معلوم، فقد التقى السيسي ترامب في نيويورك خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة وحصل منه على مكانة دولية كان يفتقر إليها. في المقابل، منحه ترامب احتراما وتقديرا عندما أصبح رئيسا. لم تكن العلاقات بين إدارة أوباما ومصر جيدة، وقد تحسنت بشكل كبير بعد أصبح ترامب رئيسا. بالإضافة إلى ذلك، أظهر ترامب رغبته في خفض المساعدات الأمريكية للدول التي تعارض علنا السياسة الأمريكية، وقد قدمت مصر مشروع قرار إلى مجلس الأمن ضد موقف ترامب بشأن القدس.
4. من المفترض أن السلطات المصرية كانت ستتصرف بشكل مختلف إذا شعرت أن الشعب المصري (والفلسطينيين) يعارضون هذا القرار بشدة، ولكن الحقيقة هي أن الردود كانت قليلة نسبيا، وذلك لأسباب مختلفة. لقد طلب ضابط المخابرات المصرية من مقدّمي وسائل الإعلام طلبا بسيطا وهو: لا تستخدموا قوتكم لخلق دراما غير قائمة.