في ظل قانون القومية والتركيز مجددا على مكانة اللغة العربية في إسرائيل، حذرت جمعية “سيكوي”، التي تعمل على دفع المساواة قدما في إسرائيل، من أن اللغة العربية لا تُستخدم في مطار بن غوريون الدولي. يتضح من الفحص، الذي أجرته الجمعية المؤلفة من نشطاء عرب ويهود، أن معظم اللافتات والإعلانات في المطار، بما في ذلك مركز الاستعلامات لا يستخدم اللغة العربية. لهذا، أطلقت الجمعية حملة دعائية جديدة، تهدف إلى استخدام اللغة العربية في المطار.
في مقطع فيديو باللغة العربية، الذي نشرته الجمعية، تزور طفلة مع جدها المطار وتقف أمام لافتة وتسأل: “سيدو، بس ليش مش مكتوب بالعربي؟”. فأجاب الجد: “يا حبيبتي، بأغلب اللافتات بالمطار الكتابة هي بس بالعبري والإنجليزي. وإذا كنتي تحكي بس عربي، في مشكلة”.
قالت المحامية حنان مرجيه من جمعية “سيكوي” إن “المطار هو موقع مثير للضغط والارتباك، لا سيما لأن العبريّة هي ليست لغتنا الأم. يشكل المواطِنون العرب خمس مواطني الدولة، ويجب على المطار أخذ هذه الحقيقة في الحسبان”. تعمل جمعية ‘سيكوي’ على استخدام اللغة العربية في المطار والمجال العام، وتطمح إلى أن تكون هذه اللغة جزءا لا يتجزأ من الحيز العام”.
تشير جهات في سلطة المطارات إلى أن الحديث لا يجري عن محاولة لإبعاد اللغة العربية من الحيز العام في المطار، بل لأن المطار يتعرض لضغط كبير لهذا معظم اللافتات باللغتين العبريّة والإنجليزية. جاء على لسان سلطة المطار أن “السلطة حسنت ولا تزال تعمل على دمج اللغة العربية في المطار. ترد معلومات في موقع الإنترنت الخاص بالمطار باللغة العربية. عدد العمال الذين يتحدثون العربية هو الأعلى من بين عددهم في المجتمع العام. ستوضع لافتات باللغة العربية في إطار التطويرات والتجديدات في المطار”.
يعيش نحو 1.8 مليون عربي الآن في إسرائيل، وهم يشكلون 21% من إجمالي سكان دولة إسرائيل، ولكن لا تنص القوانين على أن تعليم اللغة العربية في جهاز التربية والتعليم الإسرائيلي إلزامي. في ظل ضجة قانون القومية، الذي يدعي معارضوه أنه يمس بمكانة اللغة العربية، تكشف بيانات جديدة عن وضع تعليم العربية السيء في المدارس الإسرائيلية.
وفق البيانات الجديدة، نحو 111 ألف طالب درسوا خلال السنة الماضية في الصف الثاني عشر العربية، وتقدم 2.936 طالبا فقط لامتحانات البجروت للغة العربية، أي نحو 2.5% من إجمالي الطلاب. هناك في المدارس فوق الابتدائية في إسرائيل برنامج اختياري لتعليم العربية، لساعتين أسبوعين، أما في المدارس الإعداديّة فإن تدريس لغة أجنبية ثانية إلزامي – العربية أو الفرنسيّة – يختار طلاب كثيرون تعلم الفرنسيّة.
يتعلم الطلاب في المدارس الإسرائيلية العربية الفصحى، التي تختلف إلى حد كبير عن العربية المحكية، لهذا لا يستطيعون التحدث مع جيرانهم العرب. بناء على هذا، يعتقد طلاب كثيرون أن تعلم العربية الفصحى لا يساهم في تقدمهم، إلا إذا كانوا يخططون للالتحاق بالخدمة العسكرية في سلاح المخابرات. إضافة إلى ذلك، في السنوات الماضية، أصبح تعلم العربية المحكية صرعة في إسرائيل. ينضم الإسرائيليون من أعمار مختلفة إلى دورات لتعلم العربية، رغبة في القدرة على التحدث مع جيرانهم العرب.
تدريس اللغة العربية المحكية في موقع “مدرسة” (Facebook)
وفق استطلاع أجرته جمعية “سيكوي” فإن %8.6 من إجمالي اليهود الذين أعمارهم 20 عاما وأكثر، يعرّفون أنفسهم بأنهم يعرفون العربية إلى حد ما، وقال %1.6 من بينهم إنهم تعلموا العربية في المدرسة. قالت غيلي رعي، من قسم المجتمَع المشترك في جمعية “سيكوي”، لصحيفة “معاريف”: إن الاحتمال أن يستطيع الطلاب اليهود التواصل باللغة العربية هو ليس واقعي لأنهم لا يتعلمون اللغة لفترة كافية. نحن نتعلم العربية لأهداف سلاح المخابرات، ولكن عندما يخرج الشبان اليهود إلى الشارع لا يستطيعون إدارة محادثة مع جيرانهم العرب”.
جاء على لسان وزارة الصحة، أنه قبل نحو عامين صادقت الوزارة على برنامج للصف الخامس حتى السادس، يستند إلى تعليم العربية المحكية ومهارات القراءة والكتابة الأساسية. يجري الحديث عن برنامج يركز على الحوار بالعربية المحكية حول الشؤون اليومية والتعرف إلى الثقافة العربية.
اجتمع مئات الإسرائيليين، أمس (الإثنين)، في ميدان هبيما في تل أبيب لتعلم العربية، احتجاجا على “قانون القومية”، الذي صادق عليه الكنيست مؤخرا. نظمت الاحتفال المعروف بـ “درس العربية الأكبر في العالم”، جمعيات إسرائيلية تعمل على دفع المساواة والسلام قدما، وشارك فيه نحو 700 مشارك. خلال المساء، دُرّس عدد من الدروس القصيرة لتعلم مصطلحات وكلمات بالعربية، وسمع المشاركون أغان بالعربية، لمطربين إسرائيليين مشهورين.
“درس العربية الأكبر في العالم” (Facebook)
وفق أقوال المنظمين، يهدف الاحتفال إلى استخدام اللغة العربية في المجال العام. “تجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن إلغاء مكانة اللغة العربية”، قالت نادية مصالحة، المشرفة على الاحتفال، لموقع ynet. “يعيش في إسرائيل مواطنون يتحدثون العربية، وعلينا تعزيزها، ومتابعة الجهود للحفاظ عليها في هذه الدولة”. وفي وقت لاحق، أضافت من على المنصة: “اللغة العربية هي جزء من ماضينا ومستقبلنا مثل اللغة العبرية، ونحن لن نتخلى عنها. نقف هنا ونواصل نزاعنا لتعزيزها”.
قال رون غرليتس، مدير عام جمعية “سيكوي”، المشاركة في تنظيم الاحتفال: “أعتقد أن قانون القومية، هو القانون الأكثر معادة لإسرائيل الذي سنته إسرائيل حتى الآن. يقف هنا عرب ويهود كثيرون احتجاجا على هذا القانون، ونحن نعرب عن احتجاجنا من خلال تدريس العربية، وعن إلغاء اللغة العربية كلغة رسمية”.
“درس العربية الأكبر في العالم” (Facebook)
قالت ماي عرو، التي نقلت درسا بالعربية في الاحتفال: “حان الوقت، أن نعرب عن احتجاجنا ضد قانون القومية من هذا المكان، وعرض كيف يمكن استخدام اللغتين في المجال العام، دون أن تهدد أية لغة الأخرى. إن الإضرار بمكانة اللغة العربية، هو إضرار بمكانة المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، الذين يشكلون خمس مواطني دولة إسرائيل”.
في السنوات الأخيرة، أصبح تدريس اللغة العربية المحكية صرعة منتشرة في إسرائيل. لهذا ينضم الإسرائيليون من أعمار مختلفة إلى دورات لتعلم اللغة العربية المحكية، سعيا للتحدث مع جيرانهم العرب في إسرائيل والمناطق المجاورة، يعتقد بعضهم أن اللغة تشكل جسرا للتفاهم المتبادل، ويرغب آخرون في التعرف إلى العرب والتقارب منهم.
يعيش نحو 1.8 مليون عربي الآن في إسرائيل، وهم يشكلون %21 من إجمالي سكان دولة إسرائيل. رغم أن اللغة العربية هي لغة رسمية في دولة إسرائيل، إلا أن تدريسها في الجهاز التربوي الإسرائيلي غير منصوص عليه في القانون. في كل عام، يجتاز نحو 10.000 شاب وشابة إسرائيليون، يختارون تعلم اللغة العربية، امتحانات “البجروت”. ولكن، تُدَرس اللغة العربية الفصحى في المدارس الإسرائيلية، التي تختلف عن اللغة المحكية، ما يصعب على الشبان الذين يتعلمون اللغة العربية عند إجراء محادثة بسيطة مع جيرانهم العرب.
دراسة اللغة العربية في جمعية المدرسة (Facebook)
تلبية لتغيير هذا الواقع، أقيم في السنوات الأخيرة عدد من الجمعيات والمبادرات لتسهيل الوصول إلى العربية المحكية، وتمكين كل الإسرائيليين من تعلمها بناء على رغبتهم. إحدى المبادرات الملفتة هي مشروع “مدرسة” وهو مشروع تقني اجتماعي لتدريس العربية المحكية عبر الإنترنت مجانا. يهدف هذا المشروع المميز إلى تشجيع التواصل الجيد بين الفئات السكانية المختلفة في المجتمَع الإسرائيلي.
أقيمت جمعية “مدرسة” عام 2015، وهي تشغل موقع إنترنت مجانا، صفحة فيس بوك، ومجموعات واتس آب لكل من يرغب في تعلم العربية المحيكة. يقدم موقع “مدرسة” أربعة مستويات تعليمية، بدءا من المبتدئين وصولا إلى المتقدمين، ويتيح لكل مستخدم التقدم وفق وتيرته ومستواه. ترافق الدروس مواد مساعدة، وهي تتضمن، من بين مواد أخرى، تلخيصا لقواعد المادة، ملفات ثروة لغويّة، وأوراق عمل.
درس اللغة العربية في جمعية المدرسة (Facebook)
غلعاد سويت هو المبادر إلى المشروع الذي حقق شعبية كبيرة سريعا، وهو من مواليد القدس، ابن 27 عاما، ومؤسس الجمعية. بمناسبة أسبوع اللغة العربية الذي يصادف في هذه الأيام في إسرائيل، تحدثنا مع مدير الجمعية، دانيئل دوتان، الذي يدير بالتعاون مع سويت نشاطات الموقع والجمعية منذ إقامتهما. قال دوتان إن سويت معروف بحبه للغة العربية جدا، ودرّسها في حلقات دراسية وأطر مختلفة. “يتقن سويت اللغة العربية المحكية جدا، ولكن لا يمكن عزو هذا النجاح إلى المدرسة”، قال دوتان موضحا: “نتعلم العربية الفصحى في المدارس، التي تحظى بأهمية كبيرة، ولكن نحتاج إلى العربية المحكية للتحدث والتواصل”.
فريق المدرسة (Facebook)
أدت قدرة سويت على التحدث بالعربية المحكية إلى أن يفكر في مشاركة معلوماته. لهذا بدأ بتدريس اللغة العربية، وبعد أن تلقى توجهات كثيرة، قرر تمرير الدروس عبر الإنترنت. لذا أقام بمساعدة دوتان موقعا، وبعد مرور عام، أقاما الجمعية. “هدفنا هو خلق مجتمَع إسرائيلي يتحدث أفراده بالعربية إضافة إلى العبرية”، قال دوتان. “يعرف 3% فقط من اليهود الإسرائيليين اللغة العربية، مقارنة بـ %80-90 من العرب الذين يتحدثون العبريّة – فنحن نسعى إلى إحداث ثورة في هذا المجال”.
يعتقد دوتان أن تدريس العربية يدفع التعايش المشترك بين اليهود والعرب في إسرائيل دون شك. “مَن يتقدم في تعلم اللغة، يتعرف إلى الثقافة العربية وإلى العرب”، أوضح. “نحن لا نتحدث عن السياسية والسلام، بل عن قضايا أهم، عن مجتمع جيد وسليم، يسود التواصل بين أفراده. هذا هو هدفنا الأسمى”، قال دوتان.
من موقع المدرسة (Facebook)
وأوضح دوتان أن موقع “مدرسة” حقق نجاحا كبيرا منذ البداية. “لقد اشتهر المشروع سريعا. عرفنا أن الأشخاص ذوو الأعمار المختلفة والفئات السكانية في المجتمَع الإسرائيلي، يريدون تعلم اللغة جدا، وهناك معرفة لأهمية ذلك”. وفق أقواله: “حتى الآن، زار أكثر من 170 ألف الموقع، وقد انضم أكثر من نصفهم لتعلم المزيد عن اللغة العربية”. كما أنهى عشرات آلاف المتصفحين دورة الإنترنت التي يمررها موقع “مدرسة”، وذلك إضافة إلى 24 ألف متابع في صفحة الفيس بوك لمشروع “مدرسة”. “هناك أشخاص أيضا يلتقون بعيدا عن الموقع، في أماكن مختلفة في البلاد، ويرسلون صورا”، قال دوتان.
يوروفيجن 2018 (Facebook)
هذا الأسبوع، أعرب رئيس دولة إسرائيل، رؤوفين ريفلين، عن دعمه للمشروع الناجح، مشاركا أحد أفلام الفيديو الخاصة به لتدريس اللغة العربية. في منشور رفعه ريفلين بمناسبة أسبوع اللغة العربية، عرض موقع “مدرسة”، متحدثا عن تجربته الشخصية فيما يتعلق باللغة العربية. “عندما كنت صغيرا، سمعت اللغة العربية في البيت ومن حولي، كما تحدث العرب باللغة العبرية تماما”، كتب ريفلين. “اهتم والدي، الذي ترجم القرآن وقصة ‘ألف ليلة وليلة’، بأن نعرف أهمية الإلمام باللغة العربية. لمزيد الأسف، رغم أن اللغة العربية هي لغة رسمية في إسرائيل، إلا أن معظم الإسرائيلين لا يتقنوها”.
إشارة إلى برنامج الجمعية المستقبلي، قال دوتان إنه يتوقع أن يُطلق قريبا موقع جديد، يتضمن مستويات تدريس إضافية، وكذلك فيديو يتيح للمتصفحين التحدث معا بشكل مباشر. “عرفنا أن هناك حاجة علينا تبليتها، لتكون أكثر من مجرد صرعة، لهذا قررنا تمرير دورة جديدة تلبية للتحديات الأساسية وحفاظا على الاستمرارية والتدرب الكافي”، قال دوتان. وفق أقواله: “يعرض الموقع الجديد دورات تفاعلية تتضمن تدريبات، متابعات مكثّفة، محادثات بين المستخدِمين، وأطرا أكثر مهنية”. بالإضافة إلى ذلك، يخطط أعضاء الجمعية لإقامة لقاءات أسبوعية في إسرائيل، يجرى فيها حوار مفتوح بالعربية بين المشاركين.
في إطار أسبوع اللغة العربية الذي يصادف في هذه الأيام، قررت شركة “سيتي باس”، التي تشغل القطار الخفيف في القدس، أن توزع جهاز تحدث بالعربية، يتضمن جملا لاستخدامها أثناء السفر في القطار. تهدف المبادرة المميزة إلى التعرّف إلى اللغة العربية، التسامُح، والحوار المفتوح في المجال العام.
يمكن أن يتعلم المقدسيون من خلال أجهزة التحدث هذه مثلا كيف يقال في العربية “لم أنجح في الالتحاق بالقطار”، “أين يمكن شراء بطاقة سفر”، و”ما أجمل الشعور عند الجلوس في مكان مكيّف”. بالإضافة إلى ذلك، ستُعرض في محطات القطار الخفيف منشورات تتضمن تعابير باللغة العربية إضافة إلى ترجمة حرفية وشرح حول مصدر هذه التعابير.
من جهاز التحدث بالعربية
إضافة إلى ذلك، ستتم دعوة المقدسيين إلى المشاركة في دروس باللغة العربية المحكية مجانا، يقدمها معلمون عرب، في مركز خدمة شركة “سيتي باس” في القدس. “يسرنا تقديم مبادرة هي الأولى من نوعها في إسرائيل تهدف إلى “إحضار أسبوع اللغة العربية إلى الشارع، وتمكين الجمهور من استخدامها”، قال مدير عامّ شركة “سيتي باس”، يارون ربيد. “نولي أهمية كبيرة لفهم عالم الفئات السكانية المختلفة في القدس، ودعم بيئة تتيح التسامُح والحوار المفتوح في المجال العام”.
في منتصف ليلة الخميس الماضي، أقيم في القدس احتفال مميز شارك فيه مئات الإسرائيليين من كل التيارات والأديان وغنوا معا أغنية مؤثرة بثلاث لغات. لقد بيعت البطاقات في غضون وقت قصير منذ بدء عرضها للبيع، وامتلأت شبكات التواصل الاجتماعي بطلبات وتوسلات للحصول على بطاقات للمشاركة في الاحتفال.
جرى الاحتفال الخاص في إطار مشروع “كلولام”، وهو مبادرة موسيقية اجتماعية تهدف إلى التقاء الأفراد معا من كل طبقات المجتمع الإسرائيلي وإنشاد مقاطع موسيقية مشتركة. تعلم مئات المشاركين، الذين التقوا في الليلة الأخيرة من شهر رمضان في متحف “برج داود” لتاريخ القدس، في غضون وقت قصير أغنية “One Love” بالعبرية، العربية، والإنجليزية، للمطرب المشهور بوب مارلي، وأنشدوها معا. كما هي الحال في الاحتفالات السابقة لهذا المشروع، من المتوقع أن تصبح الأغنية المصوّرة كليبا منتشرا في أنحاء العالم.
“كلولام” في برج داود (تصوير: ريكي رحمان / متحف برج داود)
شارك في الاحتفال رجال دين يهود، مسلمون، ومسيحيون كبار، وعلى رأسهم يحيى خليل ستاقوف، الأمين العام للمنظمة الإسلامية الكبيرة في العالم، “نهضة العلماء”، الذي وصل من إندونيسيا إلى إسرائيل بمناسبة هذا الاحتفال الهام. إضافة إلى نحو مئة رجل دين آخرين، ومئات الإسرائيليين المتحمسين، وقف ستاقوف أمام مشاهد القدس القديمة الخلابة، وغنى من أجل الحب والتعايش.
لقاء بين ممثلي الأديان (تصوير: ريكي رحمان / متحف برج داود)
جرى لقاء مميز بين الأديان قبل الاحتفال الكبير، التقى فيه رجال دين من الديانات التوحيدية الثلاث وأداروا حوارا مشتركا. جلس إلى جانب ستاقوف، أثناء اللقاء، كهنة مسيحيون، راهبات، حاخامات من كل التيارات اليهودية، وشخصيات عامة مختلفة. كما وشارك الوزير لحماية البيئة وشؤون القدس، زئيف ألكين، في اللقاء. تحدث المشاركون خلال اللقاء عن العوامل المشتركة بين الديانات الثلاث والحياة المشتركة في القدس، مؤكدين أهمية الحوار بين الأديان ومحاربة التطرف.
لقاء بين ممثلي الأديان
قالت ميخال شاحف، المبادرة إلى مشروع “كلولام” في ليلة الاحتفال: “كجزء من أجندة كلولام للتقريب بين الغرباء، كان من نصيبنا أن نطلق برنامج خاص إلى هذا الحد، يلتقي فيه المسيحيون، المسلمون، واليهود، الذين يغنون معا باللغات الثلاث، ويأملون بأن نتابع تأدية الأغاني معا. في هذا المساء، سنضع جميعا عند مدخل متحف برج داود كل الأجندة، الصعوبات، والخلافات، وسندخل المتحف ونغني معا ببساطة”.
“كلولام” في برج داود (تصوير: ريكي رحمان / متحف برج داود)
“لا يشعر ببهجة شهر رمضان من فقد والدته”، قالت أمنة كنعان عند بداية الجولة بمناسبة شهر رمضان، التي شاركت فيها مجموعة من الإسرائيليين في كفر قرع. “المرأة فريدة من نوعها، تجمع العائلة، وتقوم بكل خطوة بحب تام. وهي ملكة من حيث سخائها، وتعمل كل الواجبات والمهام المنزلية وحدها – وكل هذا وهي صائمة”، قالت أمنة.
أمنة مع المشاركين في الجولة
بمناسبة شهر رمضان، شاركنا في جولة خاصة في كفر قرع، لمعرفة كيف تستعد البلدات لنهاية صوم رمضان. شارك في الجولة إسرائيليون من مناطق مختلفة، معنيون بمعرفة المزيد عن التقاليد المتبعة في شهر رمضان المبارك، والتعرف إلى روتين حياة جيرانهم المسلمين خلال هذا الشهر الفضيل.
زيارة إلى حانوت الحلويات
نظم الجولة منتدى “دروب متداخلة” الذي يشارك فيه مواطنون ومبادرون عرب ويهود من أنحاء إسرائيل، ويعملون معا لدفع السياحة المشتركة في المنطقة قدما، وكذلك جمعية “النسيج الأخضر في وادي عارة”، وهي جمعية يهودية عربية تدفع السياحة في منطقة وادي عارة في شمال إسرائيل قدما. يعمل منتدى “دروب متداخلة”، الذي يبادر إلى إقامة عدد من النشاطات ويشجع السياحة المشتركة في إسرائيل، علما منه أنه يمكن للنشاطات السياحية تشجيع التعارف الحقيقي البعيد عن الآراء المسبقة، وتشجيع التعاون العربي – اليهودي.
قرية كفر قرع هي بلدة إسلامية وتقع في الجانب الجنوبي من وادي عارة، الذي يتضمن بلدات عربية – إسرائيلية كثيرة. يعيش في القرية نحو 17 ألف مواطن. مرشدة الجولة هي أمنة كنعان، من كفر قرع ومديرة عامة لجمعية “من أجلكِ للتوعية”، التي أقامتها مجموعة من النساء في كفر قرع، بهدف تحسين حياة النساء في المنطقة وخلق بيئة داعمة لتمكين النساء في المجتمَع العربي في إسرائيل.
كفر قرع (لقطة شاشة)
“قال لي والدي دائما – تعرفي على الآخَر وتعطافي معه”، قالت أمنة. وفق أقوالها، أقيمت جمعية “النسيج الأخضر في وادي عارة” قبل 16 عاما، بهدف تشجيع السياحة في المنطقة والتعارف بين القرى المختلفة والمواطنين. “لا يتحدث الأشخاص معا بشكل مباشر. تعلمت العبرية في المدرسة، ولكن حتى سن 17 عاما لم أتحدث مع اليهود”، قالت أمنة. وأضافت: “لم يجرأ اليهود على الالتفات من حولهم. لقد كان صوتي مختلفا عن صوت الآخرين، فتحت منزلي أمام الضيوف، دعوت أشخاصا، وهكذا بدأت بتحقيق حلمي وإقامة الجمعية، وكل ذلك بالتعاون مع طال راز من بلدة ‘كتسير’.”
منطقة وادي عارة (Yossi Zamir / Flash90)
منذ ذلك الحين وحتى اليوم يصل الكثير من السياح من إسرائيل وخارج البلاد إلى قرية كفر قرع والبلدات المجاورة، ويشارك الكثيرون منهم في جولات “ليالي رمضان”. وفق أقوالها، “هناك حروب طيلة الوقت في إسرائيل، لهذا يخاف الأشخاص من الوصول إلى منطقة كفر قرع، ما يؤدي إلى أضرار في المنطقة. كان هدفنا هو أن يزور الإسرائيليون المنطقة، لهذا بدأنا في التفكير كيف يمكن تشجيعهم على ذلك”. وهكذا بدأت جولات “ليالي رمضان” قبل نحو 15 عاما. “ننجح بواسطة هذه الجولات في البلدة والتنقل في أزقتها في تقريب القلوب. كما أني تعلمت في جامعة إسرائيلية وتعرفت إلى اليهود، هكذا أردت أيضا أن يتواصل اليهود معي باللغة العربية”.
بعد أن شرحت أمنة أمام أفراد المجموعة عن بعض التقاليد المتبعة في شهر رمضان، الصلوات المختلفة، الصوم ووجبة الإفطار، أجرينا جولة مميزة داخل كفر قرع، لنتعرف عن قرب كيف تشعر النساء في شهر رمضان. شاهدنا في وسط القرية المارة وهم يشترون المشتريات الأخيرة قبل وجبة الإفطار، زرنا المخابز وحوانيت الحلويات الخاصة بشهر رمضان، وتعلمنا كيف يمكن إعداد القطايف.
امنة تستعد القطايف
تحدثت أمنة كثيرا عن نشاطاتها الاجتماعية في القرية وتعاونها مع جهات ومنظمات أخرى لدفع التعايش بين العرب واليهود في إسرائيل قدما. “أقمنا مدرسة ثنائية اللغة، يتعلم فيها طلاب عرب ويهود معا. تدرّس في المدرسة أوجه الشبه بين الديانات، وبين اللغتين العربية والعبرية، ويُحتفل فيها بكل الأعياد”، قالت أمنة.
مسجد “نداء الحق”
كما وزرنا في وقت لاحق مسجد “نداء الحق” في القرية وشرح لنا فيه رجل دين عن عادات شهر رمضان وأجاب عن أسئلة كثيرة طرحها أفراد المجموعة الفضوليون فيما يتعلق بالوصايا الإسلامية. في نهاية الجولة، تناولت المجموعة وجبة إفطار احتفالية في منزل أمنة كانت قد أعدتها مسبقا. بعد أن سمعنا صوت آذان المغرب وموعد الإفطار في ذلك اليوم، شعرنا فورا بأجواء الاحتفال التي بدأت تسود في القرية وتناولنا وجبة الإفطار.
زيارة الى مسجد “نداء الحق”
خلال الجولة وتناول الوجبة، تحدثت أمنة عن قصص كثيرة مميزة بمناسبة شهر رمضان، من وجهة نظر النساء، وعن نشاطاتها الاجتماعية الكبيرة وتجاربها كامرأة عربية ومسلمة في إسرائيل. “تغيرت مكانة المرأة كليا في يومنا هذا”، قالت أمنة بشكل حازم. “لا يشكل جسم المرأة مصنعا. ففي يومنا هذا، تتعلم النساء وتعمل، وأصبحت تكلفة تربية الأطفال باهظة جدا”. كما وتحدثت أمنة عن كيف فتحت في منزلها جامعة اجتماعيّة، دعت نساء القرية للمشاركة فيها وتعلم مواضيع مختلفة، مثل تخطيط الأسرة، وصحة المرأة. “يتحدث القرآن عن المساواة، ولكن تكمن المشكلة في التحليل. ليس هناك مَن يتحدث أن على المرأة تربية الأطفال والعمل كخادمة”، ادعت أمنة.
إفطار إحتفالي في منزل أمنة
وتحدثت أمنة عن مشروع “نساء يطبخن السلام”، إذ تستضيف في إطاره نساء مسلمات ويهوديات، يطرحن كل المخاوف ويتحدثن عنها، ويدرن حوارا منفتحا. ولكن، وفق أقوالها، يؤثر الوضع الأمني والسياسي في كل مرة من جديدة في نشاطات الحوار والجولات في شهر رمضان التي تعدها. “منذ المعركة الأخيرة في غزة، لم أطبخ. أريد أن أحضر الوجبات ولكن لا أعرف ماذا أحضر. لقد ألغى الزوار طلبات المشاركة في جولات رمضان، لهذا نشعر بالحزن”.
“متى سيمتلأ القدر في منزلي بالحب، الغنى، والمعرفة؟”، تساءلت أمنة وأضافت: “أسعى إلى الحفاظ على النسيج البشري، ولكن هذا لا يتعلق بي. السياسيون هم المسؤولون الكبار عن ذلك”. وأوضحت أنه في حرب غزة في عام 2014، ألغيت جولات رمضان كان قد طلب إسرائيلون المشاركة فيها مسبقا. لقد أكدت أمنة على رغبتها في تغيير الآراء المسبقة التي يحتفظ بها اليهود في إسرائيل عن العرب. “لماذا هناك آراء مسبقة عن التعرض لمخاطر في منطقة وادي عارة؟ لا تصدقوا السياسيين ووسائل الإعلام، ولا تسمحوا للمتطرفين من كلا الجانبي في إدارة حياتنا. عليكم زيارة كفر قرع والحكم على الأمور بأنفسكم، والنظر بتمعن إلى النسيج البشري الجميل في منطقة وادي عارة”، قالت أمنة.
في اليوم الأخير من شهر رمضان، ستُجرى احتفالات غير مسبوقة في برج داود في القدس القديمة، للتقريب بين الديانات. في ساعات منتصف الليل سيصل الآلاف من الديانات المختلفة إلى متحف القدس التاريخي، للاحتفال والغناء معا باللغات الثلاث.
يدعى الاحتفال “كلولام” وهو مبادرة موسيقية اجتماعية تهدف إلى أن يلتقي أبناء المجتمع الإسرائيلي معا في احتفال موسيقي مشترك. سيتعلم المشاركون الذين سيصلون إلى القدس خلال وقت قصير أغنية “One Love” للمطرب المشهور بوب مارلي، وسينجزونها معا بصوت عال. كما هي الحال في الاحتفالات السابقة لهذه المبادرة، سيتم تصوير كليب للأغنية ويُنشر في أنحاء العالم.
برج داود في القدس القديمة (Yonatan Sindel / Flash90)
سيُجرى الاحتفال بمشاركة السيد يحيى خليل ستاقوف، الأمين العام للمنظمة الإسلامية الإندونيسية، “نهضة العلماء”، ومنظمات أخرى، مثل جمعية اللقاء الديني “تيول – رحلة”. حركة “نهضة العلماء” هي أكبر حركة إسلامية في العالم، مركزها في إندونيسا وفيها نحو 90 مليون عضو. كما وسيشارك زعماء متدينون آخرون، وسيلتقون معا.
في إطار مبادرة “كلولام”، التي احتفلت مؤخرا بمرور عام على قيامها، يلتقي أشخاص من كل أطياف المجتمع الإسرائيلي وينشدون أغاني معا. منذ بداية طريقها، حققت المبادرة شعبية كبيرة ومع مرور الوقت أصبحت الاحتفالات بها الأكثر مشاركة، وقد حققت كليبات “كلولام” شعبية في الإنترنت وأصبحت مشهورة.
من جبل طارق إلى تل أبيب.. الإسرائيلي الذي يسبر أغوار الموسيقى الشرقية
في غضون سنوات، نجح أوفير توبول في دفع الموسيقى العربية والشرقية في إسرائيل قدما: "هناك أهمية لمعرفة اللغة والثقافة العربية".. برنامجه الأسبوعي على الراديو يبعث الحياة في الموسيقى القديمة وينشر الإيقاعات الشرقية الحديثة في إسرائيل
قبل شهر، بدأ يُبث في محطة الإذاعة الإسرائيلية برنامج “شاحور زهاف” (الذهب الأسود) وهو برنامج جديد استثنائي يهتم بشكل أساسي بموسيقى الشرق الأوسط وتأثيرها على الموسيقى الإسرائيلية. في إطار البرنامج الجديد، يخرج مقدم البرنامج، أوفير توبول، إلى رحلة مؤثرة في أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويعرض على المستمعين الموسيقى العربية المثيرة للفضول والمعروفة أقل.
إن اهتمام توبول بالموسيقى العربية والشرقية ليس جديدا، وهو يعتبر أحد خبراء الموسيقى العربية في إسرائيل، وحتى أنه كرس كل السنوات الماضية للبحث عن الأنغام التي تعرف إليها في صغره. أقام توبول، ابن 33 عاما لوالدين من أصل مغربي، قبل نحو ثماني سنوات “مقهى جبرلتر” وهو منتدى-مجلة يهدف إلى تسليط الضوء على الأجزاء غير المعروفة من الثقافة الإسرائيلية، التي تحظى بأهمية قليلة بشكل تقليدي. أصبح الموقع سريعا منصة هامة للنقاش النقدي حول العلاقة بين الثقافة والهوية، مشددا على الهوية اليهودية الشرقية. في السنة الماضية، أصبح موقع توبول المميز، الذي يتابعه الكثيرون، برنامجا تلفزيونيا يبث في سلطة البث الإسرائيلية، ويتناول الإبداع الشرق أوسطي متعدد الثقافات، يمزج بين القديم والجديد، الشرق والغرب والتقليدي والعصري.
أوفير توبول في استوديو الراديو (Facebook)
لم يكن حب الموسيقى الشرقية والتضامن مع بلد المنشأ والتاريخ العائلي أمرا مفهوما ضمنا بالنسبة لتوبول، فقد بدأ كل هذا في العشرينات من عمره. “ترعرعت على سماع الموسيقى”، قال توبول. “بيت مغربي، أغان يهودية دينية، أنغام شرقية في الكنيس، ولكني سخرت منها في صغري. حاولت الابتعاد عنها ولكن لم أجرأ على سماع الموسيقى الشرقية في شبابي”، قال توبول. عندما أصبح توبول بالغا، إلى جانب محبته للموسيقى والتغييرات التي طرأت على نظرة المجتمَع الإسرائيلي إلى الموسيقى الشرقية، ساهم جميعها في حب الفضول لديه فيما يتعلق بماضي عائلته والموسيقى التي سمعها في صغره.
“في مرحلة معينة، عندما أصبحت بالغا، أدركت أني لا أعرف شيئا عن ماضي عائلتي”، قال توبول. “بدأت أقرأ كتبا، وعندها تساءلت لماذا تحفظت من الموسيقى الشرقية طيلة حياتي؟ هل يمكن أن تكون هذه الموسيقى سيئة جدا؟” هكذا وفق أقواله، كسر الحاجز وبدأ يهتم بإجراء بحث ودراسة شخصية وسياسية على حد سواء. “قررت الخروج والبحث. جلست مع جدتي وطلبت منها أن تحدثني عن حياتها”، قال توبول.
توبول وضيوفه في البرنامج “مقهى جبرلتر” (لقطة شاشة)
في تلك الفترة، تعرف توبول إلى عازف بيانو يهودي جزائري، يدعى موريس ألمديوني، وأصبح يحب تلك الموسيقى التي عزفها جدا وسريعا. “لم أصدق أن هناك هذا النوع من الموسيقى”، قال توبول. “تدمرت كل مفاهيمي الموسيقية. شعرت وكأن العازف الجزائري يعزف الموسيقى التي ترعرعت عليها، وقد عزفها وهو يتفاخر وكأنها موسيقى عالمية”. قرر توبول، الذي كان منبهرا من عزف ألمديوني، أن يبحث عن أصوله ويصبح عضوا منتسبا لعروض الفرقة الموسيقية الأندلوسية الإسرائيلية. شعر توبول بدهشة كبيرة عندما زار ألمديوني إسرائيل وعرض عرضا موسيقيا مع الفرقة الأندلوسية.
“في نهاية الحفل الموسيقي ذهبت مع والدتي للتحدث مع ألمديوني”، قال توبول. “اتضح أنه يعرف كل أبناء عائلتي من جهة والدي ووالدتي من فرنسا”. بعد مرور نصف سنة، بعد أن زار ألمديوني إسرائيل لتقديم عرض موسيقي آخر، أجرى توبول لقاء بين ألمديوني وبين جدته، التي وصلت إلى إسرائيل من مدينة وهران التي وصل منها ألمديوني أيضا. “كان ذلك اللقاء محفزا لإقامة ‘مقهى جبرلتر’. كان هذا اللقاء محفزا”، قال توبول. بالمناسبة، قرر ألمديوني بعد مرور نحو سنة الهجرة إلى إسرائيل وذلك في سن 83 عاما، ومنذ ذلك الحين ينظم له توبول حفلات موسيقية في أرجاء إسرائيل.
يعرب توبول عن ندمه لأن جزءا كبيرا من الإسرائيليين، حتى هؤلاء الذين يفهمون الموسيقي ويهتمون بها، لا يعرفون أغاني المطربة المشهورة فيروز وليسوا قادرين على التفرقة بين أغان تركية ومصرية. “بدأت أعرف ثقافات عربية عريقة، تتضمن تقاليد وتراثا عريقا، لا نعرفها. لاحظت فجأة أن هناك إسرائيليين كثيرين يهتمون بهذه الثقافة، وهكذا نشأت في الواقع حركة ثقافية”، وفق أقواله.
بعد خمس سنوات من إقامة “مقهى جبرلتر” قرر توبول العمل وإقامة حركة اجتماعيّة – سياسية تعرض هذه الأفكار وتتضمن المجتمع، السياسة والهوية اليهودية. هكذا أقيم “العصر الذهبي” – اتحاد يتضمن أشخاص من الضواحي أصحاب رؤيا ثقافية واسعة للمجتمع الإسرائيلي. “مجتمَع يتعامل بشكل سليم وصحيح مع تراث حضارته الشرقية، لا يفرق بين مناطق الضواحي ومناطق المركز”، أوضح توبول.
“لا داعي لأن يكون الإنسان يساريا ليحترم الثقافة العربية”، وفق أقوال توبول. “أعتقد انطلاقا من حبي للوطن، علينا تعزيز علاقاتنا مع الدول العربية، مثل المغرب والسعودية. يجب أن تتصدر هذه الخطوة سلم أفضليات الدولة”. يؤكد توبول على أهمية تعلم اللغة العربية في إسرائيل، والتعرف إلى الثقافة العربية، ويعرب عن ندمه لأنه لم يتعلمها. “طيلة سنوات، سادت في إسرائيل فكرة ‘فيلا في الأدغال’، الجميع حولنا اعدائنا. تغمرني السعادة في ظل التغييرات التي تحدث الآن”، قال توبول. “بدأت علاقات تحالف بين إسرائيل والسعودية في ظل محور الشر، ويمكن التوحد والعمل معا حول موضوع واحد”.
توبول مع نشطاء حركة “العصر الذهبي” (Facebook)
يؤكد توبول أن ليست هناك علاقة بين التوجه السياسي والحاجة إلى التعرف إلى الثقافة القريبة. “يمكن أن يكون الفرد مغرما بوطنه، وأن يفهم في الوقت ذاته أنه يعيش في الشرق الأوسط ويجدر به التعرف إلى ثقافته ولغته”، وفق أقوال توبول. “لا أعتقد أن صنع السلام أصبح قريبا، ولكن لم َلا نستغل الفرصة ونربي هنا جيلا من الأطفال اليهود الناطقين بالعربية؟ عندما ينشأ هنا جيل يتحدث العربية ويكون قادرا على التواصل مع غزة بشكل مباشر، على سبيل المثال، يتغير الوضع. ربما يطرأ تغيير على المفهوم العربي أيضا وعندها ينظر العرب إلينا نظرة مختلفة”.
يؤكد توبول على أن معرفة اللغة العربية لا يشكل بالضرورة تقاربا، ولكنه يعتقد أن على الإسرائيليين أن يكونوا مطلعين على الثقافات المجاورة، وهذا ما يسعى إلى تحقيقه من خلال برنامجه الإذاعي الجديد “شاحور زهاف” (الذهب الأسود). يوضح توبول أنه طرأ تغيير هام في السنوات الأخيرة وهناك حركة نهضة نشطة في مجال الموسيقى العربية والشرقية في إسرائيل. وفق أقواله، “هناك عدد كبير من الفرق الموسيقية التي تعزف الموسيقى العربيّة والأندلوسية، وافتُتحت في القدس معاهد موسيقى شرقية، ويقدم المطربون الإسرائيليون أغاني مقلدة بالعربية وليس بالعبرية. تغيّر الوضع مقارنة بالسنوات العشر الماضية”.
يعتقد توبول أن الوضع المثالي هو عندما يكون المجتمع الإسرائيلي مطلعا على ما يحدث في الشرق الأوسط، يعمل وفق التراث اليهودي، ويستخدمه كعامل ربط وتقارب. “آمل أن نعيش في مجتمع يربط بين التراث اليهودي والشرقي الخاص به بشكل متواصل”، قال توبول.
أطلق المطرب الإسرائيلي المشهور، موشيه بيرتس، والمطربة العربية المتألقة، نسرين قدري، اليوم الأحد، أغنية جديدة بالعبرية والعربية ذات لحن لاتيني. كتب الموسيقار موشيه بيرتس كلمات الأغنية بعد أن توجه إلى المطربة نسرين طالبا منها كتابة كلمات بالعربية للأغنية. استجابت نسرين لطلبه وانضمت لتأدية الأغنية معه.
تصف الأغنية المعروفة بـ “عشنا معا”، قصة حب لعاشقين نجحت أزمات الحياة في إبعادهما عن بعض، تاركة كل منهما يعيش ألما وذاكرة من الفترة التي قضياها معا.
قبيل إطلاق الأغنية المشتركة، قال بيرتس: “كان التعاون مع نسرين طبيعيا وصحيحا، وأنا سعيد لأني سأغني للمرة الأولى بالعربية مع مطربة موهوبة وكبيرة مثل نسرين”. وقالت نسرين: “إن التقارب بيننا حقيقي ومهني، وقد منحني إلهاما لكتابة كلمات أغنية للمرة الأولى. في الواقع، أضفت رونقا على النص وأنا فرحة بالنتيجة”.
فيما يلي كلمات من الأغنية: “عشنا معا”:
أتذكر أننا استخدمنا لغة العيون فحسب
كانت لدينا أسرار صغيرة
لمَّ، لمَّ
أنت حياتي أو أنت نور عيني
بعيوني أنت الضوء أو بقلبي أو فيا
عم بتسمعيني يا أغلى الناس أنا
أحبكِ وأنتِ تعرفين هذا فقط
أشعر أنكِ تشتاقين أيضا
أخبريني إذا كنت تفكرين فيّ الآن أيضًا