اللاجئون الفلسطينيون

بعد الأمريكيين.. إسرائيل تغيّر سياستها تجاه اللاجئين الفلسطينيين

نائبة وزير الخارجية، تسيبي حوتوبيلي ( Miriam Alster/FLASH90)
نائبة وزير الخارجية، تسيبي حوتوبيلي ( Miriam Alster/FLASH90)

مستند جديد لوزارة الخارجية الإسرائيلية: "عشرات آلاف فقط من بين 5.3 مليون لاجئ مسجل في الأونروا هم لاجئون"

26 سبتمبر 2018 | 12:13

في أعقاب التغييرات الهامة التي يتخذها الأمريكيون تجاه الأونروا، وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى، غيّرت إسرائيل أيضا تعاملها معها تغييرا جذريا، وللمرة الأولى، تعارض “مكانة اللاجئين الفلسطينيين”، كما تعرفها المنظمة.‎ ‎

في مستند السياسة الذي بلورته وزارة الخارجية الإسرائيلية قبل بضعة أيام ونشرته في صحيفة “إسرائيل اليوم”، تعرض إسرائيل سلسلة ادعاءات لم تعرضها سابقا. للمرة الأولى، تعارض إسرائيل الادعاء أن هناك أكثر من 5 ملايين لاجئ فلسطيني، الأمر الذي كان يعتبر حتى يومنا هذا جوهر المفاوضات مع الفلسطينيين. للمرة الأولى، تدعي وزارة الخارجية الإسرائيلية، أن تعريف “اللاجئين الفلسطينيين” الموسع هو كاذب ويضر باللاجئين الفلسطينيين الحقيقيين في العالم. يرمز المستند إلى أن “اللاجئين” الذين يعيشون في الأردن عليهم التمركز في الأردن.‎ ‎

كما يرد في المستند أنه “بدلا من تقدم الأونروا مساعدات اجتماعية، تعزز الصراع من خلال “تضخيم” عدد اللاجئين الزائف، وفرض سيناريو من الكراهية وتقويض حق وجود دولة إسرائيل، وتعزيز علاقاتها مع حماس. كما يرد في المستند أن المنظمة هي منظمة سياسية، تخلد مكانة اللاجئين وتعزز الصراع واليأس. يحدد المستند أن “هناك القليل من الفلسطينيين الذين يلبون التعريفات القانونية للاجئين. هناك عشرات آلاف فقط من بين 5.3 مليون لاجئ مسجل في الأونروا هم لاجئون”.

“يحق للاجئين الفلسطينيين الحقيقيين الحصول على مساعدة دولية يتلقاها لاجئون آخرون في العالم، من الأونروا، للتغلب على الوضع الذي يعيشونه”.‎ ‎

اقرأوا المزيد: 207 كلمة
عرض أقل

إدارة ترامب: هناك نصف مليون لاجئ فلسطيني فقط وليس 5 ملايين

احتجاج أمام مقر الأونروا في غزة (AFP)
احتجاج أمام مقر الأونروا في غزة (AFP)

تشير التقديرات إلى أن الحديث يجري عن عقوبات ضد حماس، التي ما زالت تقاطع الإدارة الأمريكية

26 أغسطس 2018 | 11:17

الإدارة الأمريكية على وشك الإعلان عن إجراء تغييرات في السياسة بشأن الأونروا، واللاجئين الفلسطينيين – هذا وفق التقارير في الأخبار مساء أمس  (السبت). وفق التقارير، يحدد بيان نشرته الإدارة الأمريكية في بداية أيلول أن عدد اللاجئين الفلسطينيين هو نحو نصف مليون نسمة أي نحو عُشر العدد الذي تحدثت عنه منظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وفق التقارير من المتوقع أن تعلن الإدارة الأمريكية أنها تعارض تصريحات الأونروا التي تقضي أن مكانة اللاجئ تنتقل على مر الأجيال.

كما جاء أن الولايات المتحدة تنوي تجميد التمويل للأونروا في الضفة الغربية، والطلب من إسرائيل أن تفكر في تقييد نشاطاتها. الولايات المتحدة هي المتبرع الأكبر للأونروا، وفي العام الماضي، نقلت أكثر من 360 مليون دولار. تحدثت النشرة الإخبارية عن رد مجلس الأمن القومي الأمريكي، الذي يشير إلى أن الإدارة الأمريكية ستعلن عن سياستها فيما يتعلق بالأونروا في الموعد المناسب.

في نهاية الأسبوع، أعلنت الإدارة الأمريكية عن تقليص نحو 200 مليون دولار من ميزانية المساعدة للفلسطينيين. لم يكن من المفروض أن تصل الأموال إلى السلطة الفلسطينية ذاتها، بل إلى جهات إنسانية ومالية تعمل في الضفة الغربية وقطاع غزة.

يُكثر المسؤولون في الإدارة الأمريكية في الفترة الأخيرة من زيارة الأونروا. قال أحدهم، هذا الشهر لصحيفة “هآرتس”، إن “نشاطات الأونروا ازدادت وأضرت بأزمة اللاجئين، ويجب تغيير هذه الحال”. وأضاف المسؤول أن إحداث تغيير في وظيفة المنظمة فقط، يتيح للفلسطينيين “التمتع بكامل الإمكانيات المتاحة أمامهم”. جاءت هذه التصريحات في ظل التقرير الذي يشير إلى أن صهر ترامب ومستشاره، جاريد كوشنر، مارس ضغطا على الأردن لسلب مكانة اللاجئ من مليوني فلسطيني يعيشون في أراضيه.

تجدر الإشارة إلى أن مكانة لاجئ لا تنتقل عبر الأجيال في أي مكان في العالم تقريبا. تشير التقديرات أيضا إلى أن الأونروا بصفتها منظمة تعنى بشؤون اللاجئين الفلسطينيين، جعلت من المشكلة مكسبا اقتصاديا إذ إن “اللاجئين” (حتى إذا كانوا من الجيل الثالث أو الرابع من اللاجئين) يتمتعون بالمساعدة، كما أنها منحت الدول العربية ذريعة لعدم منح المواطَنة للفلسطينيين، والتعامل معهم كمجموعة منفصلة تتعرض للتمييز.

رغم هذا، تشير التقديرات إلى أن الإعلان عن الخطوة في التوقيت المناسب مرتبط أيضا برفض أبو مازن التعاون مع برنامج السلام الخاص بترامب.

اقرأوا المزيد: 326 كلمة
عرض أقل

ضغط أمريكي لإحداث تغيير تاريخي في مكانة اللاجئين الفلسطينيين

رجل فلسطيني يقف أمام وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) خارج مكاتب الوكالة في مدينة غزة (AFP)
رجل فلسطيني يقف أمام وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) خارج مكاتب الوكالة في مدينة غزة (AFP)

أصبح الفلسطينيون في يومنا هذا الوحيدين الذين تنتقل مكانة لاجئ لديهم من جيل إلى آخر، ما يجبر العالم على تقديم مساعدات مالية لخمسة ملايين لاجئ. لهذا بدأت الإدارة الأمريكية بالعمل على تغيير الوضع

05 أغسطس 2018 | 10:46

قد لا يكون نقل السفارة إلى القدس أو “صفقة القرن” الحدث التاريخي الأهم للإدارة الأمريكية فيما يتعلق بإسرائيل وفلسطين، بل معاجلة القضية الأهم في النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني وهي قضية اللاجئين الفلسطينيين.

وفق مجلة “فورين بوليسي”، بدأ صهر ترامب، جاريد كوشنير، المسؤول من قبله عن النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، وسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، إضافة إلى مشرعين جمهوريين آخرين بالعمل مع الأمم المتحدة لإجراء تغييرات في مكانة اللاجئين الفلسطينيين، لا سيما بدأوا يعملون على إغلاق الأونروا – وكالة الأمم المتحدة التي تعنى باللاجئين الفلسطينيين، على حدة من اللاجئين الآخرين في العالم (وهي تعنى أيضا بملايين اللاجئين السوريين).

تشير التقديرات إلى أنه في ظل الحرب بين اليهود والعرب في عام 1948، أصبح نحو 700 ألف فلسطيني لاجئين. وهرب عدد شبيه من اليهود من الدول العربية. خلافا لكل اللاجئين الآخرين في العالم، الذين تعنى بهم وكالات اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، فإن اللاجئين الفلسطينيين تعنى الأونروا بشؤونهم، وهي تتلقى تمويلا من الولايات المتحدة ودول أخرى. في هذه المرحلة، كان يفترض أن يكون عدد أقل من اللاجئين، ولكن لسبب معين، يحظى نسل اللاجئين الفلسطينيين وشركاؤهم بمكانة لاجئ، ما أدى إلى مشكلة كبيرة غير قابلة للحل: يعيش اليوم نحو خمسة ملايين لاجئ، ويحصلون على مساعدات من الأونروا، في حين أن نسبة ضئية منهم فرت من منازلها.

إن المبالغة بمشكلة اللاجئين تمنع منح حقوق مدنية كاملة للفلسطينيين الذين يعيشون منذ أجيال في دول مثل لبنان والأردن، وتعزز مستوى الفقر لديهم وعدم انخراطهم في المجتمَع. كما وتعرقل التوصل إلى اتفاق إسرائيلي – فلسطيني لأن الفلسطينيين اللاجئين يطالبون بحقوق العودة لنسلهم، الأمر الذي من المستحيل أن توافق إسرائيل عليه.

في البداية، يخطط الأمريكيون إلى تقليص المساعدات للأونروا أكثر، ونقل الأموال إلى الدول ذاتها (مثل الأردن)، لتمويل مشاريع من أجل الفلسطينييين في الدولة.

طبعا، الفلسطينيون غاضبون من هذه الخطوة ويهددون بمحاربتها. بالمقابل، لا تتطرق إسرائيل إلى الموضوع كثيرا، ولكنها توضح أن الحديث يجري عن خطوة أولى في هذه الأثناء ويجب معرفة إذا كانت أمريكا ستواصل ممارسة هذا الضغط.

اقرأوا المزيد: 307 كلمة
عرض أقل
مارك حلاوة في القدس (Abir Sultan/Flash90)
مارك حلاوة في القدس (Abir Sultan/Flash90)

الفلسطيني الذي يكتشف أنه يهودي فيحب إسرائيل

طرأت تغييرات في حياة مارك حلاوة بعد أن اكتشف تفاصيل مفاجئة عن أصوله العائلية وفهم أنه يهودي بعد أن ترعرع على كره اليهودية

فلسطيني من الكويت، أو يهودي إسرائيلي؟ مارك حلاوة حامل هوية إسرائيلية زرقاء بفخر واعتزاز. في الواقع، لم يحصل على مواطنة كاملة الآن، ولكنه يقيم في إسرائيل بصفته مواطنا مؤقتا. مارك متزوج من شابة يهودية من أصل أوروبي، ولديهما طفل سيتربى وفق اليهودية، ولكن قبل بضع سنوات، كانت تبدو لمارك هذه الحياة وكأنها حياة شخص آخر.

قال حلاوة (ابن 39 عاما) لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إنه وُلد كلاجئ فلسطيني مسلمي في الكويت. تربى حلاوة على النظر إلى الديانة اليهودية والمسيحية بصفتهما كافرتين تهددان الديانة الإسلامية، حتى اكتشف يوما أنه يهودي. كانت جدة حلاوة يهودية تعيش في القدس قبل قيام دولة إسرائيل، وأحبت جنديا أردنيّا من نابلس. ابنة هذان العشيقان هي والدة حلاوة. تعتبر اليهودية الأولاد يهودا إذا كانت والدتهم يهودية.

مارك حلاوة مع جدته اليهودية
مارك حلاوة مع جدته اليهودية

انتقلت عائلة الحلاوة للعيش في الأردن بعد الغزو العراقي للكويت، وحينها شاهد للمرة الأولى بث التلفزيون الإسرائيلي، الذي كان يمكن مشاهدته في الأردن أيضا. عرف حلاوة أن اليهود هم أشخاص عاديون مثله، وأن المخاوف التي تربى عليها في شبابه تجاههم كانت أكاذيب مبالغا بها فقط. بعد أن وصل إلى سوريا للالتحاق بمؤسساتها التعليمية، عرف المشاكل التي تسود في أنظمة الحكم العربية ومدى انتهاك هذه الأنظمة لحقوق مواطنيها وكونها “أنظمة دكتاتورية فظيعة”، وفق أقواله.

بعد أن أنهى تعليمه في سوريا، قرر حلاوة التغلب على مخاوفه وزيارة إسرائيل عبر رحلة جوية. سمع أخبار كثيرة عن الدولة اليهودية، ولكنه أراد معرفة الأمور عن كثب. عند زياراتها اكتشف واقعا مختلفا تماما عما نُشر في وسائل الإعلام حول  إسرائيل، فأحبها وأحب مواطنيها، لا سيما شابة واحدة، هي زوجته الآن.

بطاقة الهوية الإسرائيلية لمارك حلاوة (لقطة شاشة)
بطاقة الهوية الإسرائيلية لمارك حلاوة (لقطة شاشة)

لقد اعتنق حلاوة اليهودية بشكل منظم خلال بضع سنوات وفق التقاليد اليهودية بهدف الزواج من حبيبته اليهودية، ولكن نظرا لصعوبات بيروقراطية لم يكن في وسع السلطات الإسرائيلية الاعتراف بيهوديته ومنحه مواطنة إسرائيلية. ولكن لم تشكل هذه الصعوبات عائقا أمام العاشقَين في أن يتزوجا وينجبا طفلا. يعيش حلاوة اليوم في إسرائيل ويدير نمط حياة يهوديا.

قرر حلاوة مشاركة آرائه حول إسرائيل في شبكات التواصل الاجتماعي، وإظهار الجوانب الإسرائيلية الجميلة، التي تعرف إليها بشكل مباشر. في سلسلة أفلام فيديو في اليو تيوب “إِسْأَلْ حلاوة”، يتطرق حلاوة إلى الأفكار الشائعة في العالم العربي تجاه اليهود وإسرائيل، قضية اللاجئين الفلسطينيين، وقضية القدس، متحديا الرواية الفلسطينية. يدعو حلاوة الفلسطينيين والعالم العربي إلى الاعتراف بدولة إسرائيل والعيش معها بسلام.

اقرأوا المزيد: 351 كلمة
عرض أقل
مخيم عين الحلوة في لبنان (AFP)
مخيم عين الحلوة في لبنان (AFP)

فلسطينيون في لبنان يتجنّدون لداعش

مخيم اللاجئين عين الحلوة في لبنان يتحول إلى قاعدة للتطرف الإسلامي. السلطات اللبنانية تحذر أبو مازن: إما أن تتحمل المسؤولية، أو نبدأ بعملية عسكرية ضدّ مراكز الإرهاب

قيادة السلطة الفلسطينية قلقة جدا من داعش. يعرب مسؤولون في السلطة عن خشيتهم من أن تنجح مجموعات جهادية، بما في ذلك داعش، في اختراق مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. السلطات اللبنانية قلقة أيضا. قلقة جدا، إلى درجة أنها أصدرت أوامر واضحة للفلسطينيين: أوقفوا الإرهابيين، أو سنعمل على الأمن بأنفسنا.

كتب هذا الكلام مؤخرا الصحفي الفلسطيني خالد أبو طعمة في مقال موسع وشامل حول هذه الظاهرة الخطرة لموقع Gatestone.

وكشف أبو طعمة أنّ وفق مصادر أمنية في لبنان فإنّ الكثير من اللاجئين الفلسطينيين في البلاد قد انضم إلى داعش وإلى تنظيم جبهة النصرة (أو باسمه الجديد جبهة فتح الشام). وفقا لعدة تقارير، فإنّ عشرات الفلسطينيين في لبنان، ممن انضموا إلى داعش وفتح الشام، قد قُتلوا في سوريا خلال الأشهر الأخيرة، ودُفن معظمهم في سوريا.

وفقا لأبو طعمة فإنّ حقيقة أنّ داعش قد نجحت في تجنيد آلاف الفلسطينيين في صفوفها، تؤرق قادة السلطة الفلسطينية، وقد أرسلوا في الأسبوع الماضي عزام الأحمد، وهو من كبار مستشاري رئيس السلطة محمود عباس، لإجراء محادثات عاجلة في بيروت مع مسؤولين في الحكومة اللبنانية لمناقشة السؤال حول كيفية مواجهة هذا التصعيد. وتخشى السلطة الفلسطينية من أن يؤدي النشاط المتزايد لكلا التنظيمين في مخيّمات اللاجئين أن يشن الجيش اللبناني حملة عسكرية مكثّفة للتخلّص من الإرهابيين، الذين يشكّلون تهديدا فوريا على الأمن القومي اللبناني.

مسلحون فلسطينيون عند مدخل مخيم عين الحلوة في لبنان (AFP)
مسلحون فلسطينيون عند مدخل مخيم عين الحلوة في لبنان (AFP)

وذكر مسؤولون في وزارة الدفاع اللبنانية أنّ هناك علاقات مباشرة بين قادة داعش في سوريا وشخصيات إسلامية كبيرة في مخيّم اللاجئين عين الحلوة، وهو الأكبر في لبنان وعدد سكانه يزيد عن 120 ألف نسمة – نصفهم لاجئين قد هربوا من سوريا منذ العام 2011. وقال المسؤولون اللبنانيون إنّ أحد قادة داعش في سوريا، وهو أبو خالد العراقي، قد عزز في الأسابيع الماضية علاقاته مع فلسطينيين في مخيّم عين الحلوة، قبيل تنفيذ عمليات إرهابية ضدّ أهداف لبنانية.

وأعلمت الحكومة اللبنانية قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله أنّ هناك ما لا يقل عن 300 إرهابي جهادي يتحصّنون الآن في عين الحلوة. “أصبح الوضع غير محتمَل، ولا يمكننا أن نستمر في غض الطرف عن هذا التهديد”، كما حذّرت الحكومة اللبنانية قادة السلطة. في المقابل، حذّر الإرهابيون الإسلاميون الذين وجدوا لهم ملاذا في عين الحلوة، مرارا وتكرارا، السلطات اللبنانية من شن هجوم عسكري ضدّ مخيّم اللاجئين. في إحدى خطبه الأخيرة يوم الجمعة، أدان الشيخ أبو شريف عقل “التعامل اللبناني غير اللائق مع السكان الفلسطينيين”.

أصبحت قيادة السلطة الفلسطينية قلقة من أن يكون أنصارها السابقون الذين كانوا ينتمون إلى فتح قد انشقوا وانضمّوا إلى صفوف التنظيمات الإرهابية الجهادية المختلفة. تشكّل هذه المجموعات الآن تهديدا جديّا ليس فقط على استقرار وأمن لبنان، وإنما أيضًا على السلطة الفلسطينية نفسها وعلى رئيسها أبو مازن، الذي يشعر عاجزا على ضوء التسونامي الإسلامي الذي يغمر مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

اقرأوا المزيد: 419 كلمة
عرض أقل
مشجعو النادي الفيصلي (AFP)
مشجعو النادي الفيصلي (AFP)

مشجعون أردنيون: “بالروح بالدم نفديك يا إسرائيل”

الخصومة في الأردن بين الأردنيين والفلسطينيين الذين هاجروا إلى الدولة الهاشمية تزداد حدة في ملاعب كرة القدم والأردنيون يسعون إلى إغضاب الفلسطينيين في كل فرصة

تسود في الأردن في هذه الأيام صعوبات اقتصادية واجتماعية كثيرة، حيث يطرق حدودها مئات آلاف اللاجئين السوريين الفارين من جحيم الأسد ويطلبون اللجوء في المملكة الهاشمية.

بالإضافة إلى جميع هذه الأمور فإنّ الفجوة بين المجتمع المحلي القبلي الأردني وبين المهاجرين الفلسطينيين، الذين جاؤوا بعد حرب الأيام الستة للعثور على ملجأ من جحيم الحرب بين إسرائيل والدول العربية عام 1967، يزداد حجمها من جديد في كل مرة تظهر فيها خصومة اجتماعية، اقتصادية أو حتى رياضية بين كلا الشريحتين السكانيتين.

فريق نادي الوحدات (AFP)
فريق نادي الوحدات (AFP)

في يوم الأربعاء الماضي أقيمت في الأردن مباراة كرة قدم اعتيادية بين خصمين مريرين. من جهة فريق الفيصلي، المؤيد من قبل المشجعين الأردنيين ومن جهة أخرى نادي الوحدات، الذي تأسس عام 1956 وظل تابعا‎ ‎لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين‎ ‎الأونروا حتى عام 1966 حيث كان تابعا لوزارة الشباب والرياضة الأردنية.

بعد خسارة فريق الفيصلي، المنتمي للمشجعين الأردنيين، بدأ مشجعو الفريق بالغناء “بالروح بالدم نفديك يا إسرائيل” وذلك من أجل إثارة غضب كبير في أوساط مشجعي نادي الوحدات. في كل لقاء بين الفريقين الخصمين تقريبا تشتعل نار الكراهية بين مشجعي الفريقين، مما يؤدي إلى عدد غير قليل من المواجهات العنيفة في الملعب أو خارجه.

في العام 2009، اضطرت الشرطة الأردنية إلى إيقاف المباراة في ذروتها بعد أن بدأ مشجعو الفيصلي بشتم ليس فقط مشجعي الوحدات وإنما أيضًا الملكة رانيا (من أصول فلسطينية).

استمر الصراع بين مشجعي الفريق أيضًا بعد المباراة المذكورة في الأسبوع الماضي واشتبك المشجعون الفلسطينيون مع مشجعين أردنيين وادعوا أن “ملك الأردن باع فلسطين وسمح بإقامة دولة إسرائيل”، حيث يدعي المشجعون الأردنيون أنّ هذه الأغاني تم أداؤها من قبل حفنة من المشجعين المتحمسين وأنه ليس لها أي معنى في ساحة المباراة.

اقرأوا المزيد: 255 كلمة
عرض أقل
1.265 مليون لاجئ سوري يعيشون في الأردن (AFP)
1.265 مليون لاجئ سوري يعيشون في الأردن (AFP)

ثلث الذين يعيشون في المملكة الأردنية هم أجانب

من بين 9.5 مليون مواطن ممن يعيشون تحت السيادة الأردنية، 1.265 مليون لاجئ سوري

تفيد تقارير وكالات الأنباء حول العالم، في الأيام الأخيرة، أن الأردن يصرح وفقًا لاستطلاع السكان الأخير والذي أجري في المملكة، أن هناك 1.265 مليون سوري في أراضيه. نُشرت هذه الأرقام قبيل مؤتمر المساعدة السنوي في الأردن، والذي سيُعقد في الأسبوع القادم.

يشير مسؤولون كبار في الأردن والذين يطالبون بالحصول على مساعدة دولية أكبر، غالبا، إلى رقم السوريين في بلادهم – بما في ذلك هؤلاء الذين وصلوا إلى الأردن قبل موجة العنف عام 2011 في الحرب الأهلية السورية – والذين وصلوا للبحث عن عمل، ويزيدون العبء على الاقتصاد المحلي.

.

1.265 مليون لاجئ سوري يعيشون في الأردن (AFP)
1.265 مليون لاجئ سوري يعيشون في الأردن (AFP)

وفقا للإحصائيات في الأمم المتحدة، فإن نحو 635 ألف لاجئ سوري قد سُجلوا في الأردن منذ العام 2011. يتضح من الاستطلاع الذي أجري في السنة الماضية، أن هناك 9.5 مليون شخص يعيشون في الأردن بما في ذلك 6.6 مليون أردني و 2.9 مليون شخص آخرين، ليسوا مواطنين. يُشكّل السوريون من بينهم عدد الأجانب الأكبر. تشير التقديرات إلى أن هناك مئات الآلاف من الفلسطينيين.

نُشرت هذه الأرقام في الإعلام الأردني وصادقت عليها يوم الأحد مديرية قسم الإحصائيات في الدولة.

اقرأوا المزيد: 163 كلمة
عرض أقل
مخيم اليرموك (AFP)
مخيم اليرموك (AFP)

أبو مازن يُضحي بـ 18,000 لاجئ باسم حقّ العودة الفلسطينية

وافقت إسرائيل على استيعاب عشرات آلاف الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، المعرّضون للخطر المباشر في مخيّم اليرموك للاجئين في سوريا، ولكن أبا مازن قرّر أن حقّ العودة أكثر أهمية وحكم عليهم بالجوع والموت

قبل عدة سنوات، قال لي أحد الأشخاص، وهو مستشار لأبي مازن بأنّه يمكن أن نسميه “المثقف الفلسطيني”، لأنّه من حيث ترتيب الأولويات لدى الفلسطينيين فالدولة المستقلّة ليست في أعلى سلّم الأفضليات. ماذا إذن؟ حقّ العودة، بمفهومه العملي: العودة إلى أراضي فلسطين (أرض إسرائيل). ربما ليس تماما إلى المكان الذي كان فيه البيت القديم قائما، ولكن في مكان ما في المحيط. بعد العودة، ولأنّها غير ممكنة، جاء النضال ضدّ إسرائيل. ولذلك حظيت عمليات حماس بدعم واسع: “المقاومة” أكثر أهمية من إقامة دولة مستقلة.

لم يكن هناك أبدا تجسيد ملموس إلى هذه الدرجة لسلّم الأولويات هذا، منذ التطورات الأخيرة بخصوص إنقاذ نحو 18 ألف فلسطيني من مخيم اليرموك في ضواحي دمشق. يمكن أن ندعو ذلك: العودة أو الموت. اتّضح أنّه قبل نحو شهر ونصف وافقت إسرائيل على السماح لعدد كبير من الفلسطينيين، من ضحايا الجوع والدمار من الحرب الأهلية السورية، بإيجاد ملجأ في أراضي السلطة الفلسطينية، في الضفة الغربية أو في غزة؛ وكلّ ذلك بوساطة الأمم المتحدة. واجه هذا الاقتراح مقاومة مفاجئة، لأنّها كانت مقترنة بتنازل أولئك اللاجئين عن عودتهم إلى بلداتهم الأصلية قبل عام 1948. قرّر أبو مازن التنازل باسمهم عن التخلّي عن حقّ العودة، وحكم عليهم بذلك بالمعاناة الفظيعة في مخيم اليرموك في دمشق، والذي قامت فيه معارك بين تنظيمات الثوار، بما في ذلك داعش، وبين قوات نظام بشار الأسد.

قبل نحو شهر ونصف وافقت إسرائيل على السماح لعدد كبير من الفلسطينيين، من ضحايا الجوع والدمار من الحرب الأهلية السورية، بإيجاد ملجأ في أراضي السلطة الفلسطينية، في الضفة الغربية أو في غزة؛ وكلّ ذلك بوساطة الأمم المتحدة. واجه هذا الاقتراح مقاومة مفاجئة، لأنّها كانت مقترنة بتنازل أولئك اللاجئين عن عودتهم إلى بلداتهم الأصلية قبل عام 1948. قرّر أبو مازن التنازل باسمهم عن التخلّي عن حقّ العودة، وحكم عليهم بذلك بالمعاناة الفظيعة في مخيم اليرموك في دمشق

حظي كلّ ذلك بتغطية عشوائية، سطحية وغير مفصّلة في الإعلام الإسرائيلي، وتلاشى. والسبب في أنّ الموضوع لم يحظَ بأي عنوان هو أنّ الكارثة في اليرموك تتناقض مع الرواية الفلسطينية. ولكنها أكثر من ذلك تتناقض مع رواية هجمة الكراهية المعادية للصهيونية والتي تشترك فيها الحركات اليسارية في العالم وفي إسرائيل.

الفلسطينيون الذين يموتون ويتعرّضون للتعذيب غير محسوبين، طالما أنّ من يرتكب الأهوال لا يرتدي زيّ الجيش الإسرائيلي. هذا ما كُتب صراحة في صحيفة “الغارديان” البريطانية وفي “الجزيرة”. بل وصف ناشط فلسطيني في حقوق الإنسان الصمت بخصوص الأهوال في اليرموك في الإعلام بأنّه “صمت مخيف”. ويشارك أبو مازن الذي يهاجم إسرائيل على جميع الجبهات في هذا الصمت. فذلك سيسلبه تصدر العناوين من الفيفا؛ وسيسلبه ذلك خطابات أوباما، الذي أعلن في الواقع ليلة عيد إنزال التوراة بأنّ إقامة دولة فلسطينية هو من أسس الديانة اليهودية. ربما في الوصية 11 أو 12، من يعُدّ.

كان سيتناقض ملجأ لآلاف الفلسطينيين الذين يموتون في الضفة الغربية أيضًا مع أسطورة “الاحتلال العنصري العنيف”. فمن الذي يرغب بأنّ يتم استيعابه في هذه الأرض المهدّدة، الواقعة تحت سيطرة “الأبرتهايد الإسرائيلي النازي”؟ لجميع هذه الأسباب، رأينا نموذجا ملموسا كيف تعتبر القيادة الفلسطينية الوطنية، إن كان هناك وجود لشيء كهذا، عرب 48 الموجودون خارج حدود البلاد أعلافا دعائية للمدافع، حرفيّا. شيء من هذا القبيل: “ابقوا في اليرموك الذي يتعرض للقصف والمُجوّع واصمتوا”. يمكن بالفعل أن تُكتب مسبقا ردود الفعل على الحادثة إذا كان سيتم تنفيذ إنقاذ كهذا إلى أراضي السلطة الفلسطينية: إسرائيل تغسل جرائمها بواسطة 18 ألف لاجئ حرب. فقد رأينا كيف يتعاملون مع عملية المساعدة في نيبال.

كيف يتم غسل الإبادة الجماعية

الشاب، إيهم الأحمد، عازف البيانو من مخيم اليرموك (AFP)
الشاب، إيهم الأحمد، عازف البيانو من مخيم اليرموك (AFP)

كل المشكلة الفلسطينية الآن هي في جبيرة من التثبيتات العقلية، لقادة الدبلوماسية والأيديولوجيا في العالم وفي البلاد. الأسئلة الكبرى في الوضع الحالي هي: من هو اللاجئ؟ ما هي المجزرة، ما هي الإبادة الجماعية؟ ما هو الشعب؟ أو، ماذا تبقّى من القوميّة العربية؟

هذه هي الأسئلة الحرجة، ولكن ذلك لم يزعج فيديريكا موغيريني أن تطالب بشدّة من وراء المنصّة بقسم متكرّر لرئيس الحكومة في موضوع حلّ الدولتين. وذلك لا يزعج فرنسا لتعزز قرارا في مجلس الأمن والذي ينصّ على جدول زمني لانسحاب إسرائيل وإقامة دولة فلسطينية، حيث إنّ الرئيس الأمريكي يتمايل ولا يضمن مظلّة دبلوماسيّة.

إذن فلنبدأ من السؤال الأخير: لم يتبقّ شيء من القوميّة العربية. ما يسود في رام الله يمكن أن نسميه الحكم السني غربيّ الأردن. كما أنّه لم يعد هناك وجود للدولة العراقية ولا الدولة السورية ولا اللبنانية أو اليمنية، فلم يبقَ شيء من قومية تلك البلدان، وهكذا أيضًا القوميّة العربية تفكّكت تماما. القومية الفلسطينية فقط تستمرّ في الازدهار كمفهوم لا يُقهر؛ لكونها حجر زاوية لما وصفه البروفيسور الراحل روبرت ويستريخ الدين المدني في الغرب والذي يولّد معاداة السامية. مساهمة إسرائيل في الحرب ضدّ داعش هي قبل كل شيء السيطرة على المنطقة السنية الصغيرة غربيّ نهر الأردن، من أجل منع سيطرة عصابات داعش وحماس.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (الرئاسة الفلسطينية)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (الرئاسة الفلسطينية)

وبخصوص سؤال اللاجئين كما بخصوص قضية الإبادة الجماعية فالإجابات بسيطة: صحيح أنّنا نرى كلّ يوم عشرات ومئات آلاف المسلمين اليائسين يتحرّكون: يفرّون على الجسر من الرمادي، ويهربون من تدمر في سوريا. إنهم يفرّون من كل مكان. ولكن لا تخطئوا: إنهم ليسوا لاجئين، ليس حقّا. في الشرق الأوسط، أو في العالم كله، هناك فقط “اللاجئون الفلسطينيون”. فقط لاجئو الـ 48 محسوبون. ملايين المشرّدين الذين يملأون لبنان والأردن؛ هؤلاء ليسوا لاجئين في الحقيقة، لأنّ “صهيونية” أري شبيت وديفيد رمنيك ليست مشاركة في الموضوع.

وهكذا أيضًا بخصوص الإبادة الجماعية. في الشرق الأوسط، وخصوصا في مناطق الشام، قلب المنطقة، تجري إبادة جماعية. كانوا على حقّ أولئك القلّة الذين ذكروا في ذكرى يوم الهولوكوست بأنّ ما يحدث في سوريا يجب أن يشغل اهتمامنا بالتأكيد بسبب الهولوكوست. ولكن بالنسبة للرئيس أوباما هناك اهتمامات أخرى، رغم أنّ عليه مسؤولية غير مباشرة لنوبة الإبادة الجماعية هذه: التصريحات التي قالها رئيس الحكومة نتنياهو عن عرب إسرائيل في الدقيقة التسعين من الانتخابات الإسرائيلية أكثر أهمية من جميع ما يحدث حولنا. والإبادة الجماعية؟ لأجل ذلك هناك عملية “الجرف الصامد”. الهولوكوست؟ مذبحة اللد عام 1948 أكثر أهمية ليهود الولايات المتحدة من الهولوكوست.

والنتيجة هي بطبيعة الحال “تحليل الإبادة الجماعية”. للجميع. للفلسطينيين أيضًا. إذا لم تطأ قدم الرجل الأبيض في المنطقة، وإذا لم تكن هناك الأحذية العالية لوحدات الجيش الإسرائيلي: فكل شيء مسموح. وخصوصا إذا تحدّث أبو مازن وصمت بان كي مون.

نشر هذا المقال على موقع ميدا

اقرأوا المزيد: 946 كلمة
عرض أقل
عجوز فلسطيني من مخيم الفوار في الخليل يحمل لافتة لذكرى النكبة ال67 (AFP)
عجوز فلسطيني من مخيم الفوار في الخليل يحمل لافتة لذكرى النكبة ال67 (AFP)

إسرائيل والنكبة الفلسطينية

تكمن الصعوبة الأكبر لدى إسرائيل في الاعتراف بالنكبة الفلسطينية في اعتبارين رئيسيين: الأول يتعلق برواية النكبة كما يعرضها الفلسطينيون، أما الثاني فيتعلق بالعلاقة بين النكبة والصراع الإسرائيلي - الفلسطيني

15 مايو 2015 | 12:45

اليوم الأحد، 15 أيار، يُحيي الفلسطينيون ذكرى يوم النكبة ال67 ، والتي تُمثّل مأساة الفلسطينيين الذين فقدوا أراضيهم في فترة حرب العام 1948 بين إسرائيل والدول العربية، وأصبحوا لاجئين في الدول العربيّة. يُحيي الفلسطينيون داخل إسرائيل، في الضفة الغربية وغزة هذا اليوم بالمسيرات والمظاهرات. لا تزال إسرائيل، التي تأسست عام 1948، تجد صعوبة في الاعتراف بالنكبة والحديث عنها بانفتاح، لماذا؟ وأين يوجد في إسرائيل، فعلا، خطاب يعترف بالنكبة؟

من المتفق عليه إسرائيليا أن إسرائيل الرسمية تجد صعوبة في الاعتراف بالنكبة الفلسطينية لاعتبارين رئيسيين: الأول يتعلق بالرواية الفلسطينية حول النكبة والتي لا تُعتبر متوازنة في نظر إسرائيل. تتحدث هذه الرواية عن نزع ملكية الأراضي، الطرد والتدمير، وإسرائيل تجادل في ذلك. في الواقع، لا تقبل إسرائيل أن تقرّ بشكل واضح وجليّ بأنّ العرب قد طُردوا أو سُلبت منهم أراضيهم. إذ يظهر في صفحات تاريخها أنّ جزءًا من الأراضي تم شراؤه من قبل اليهود بموافقة مالكيها العرب، بالإضافة إلى أنّ جزءًا كبيرًا من العرب قد اختار الهرب في فترة حرب عام 1948، سواء من الخوف على مصيرهم أو بسبب دعوات الدول العربيّة التي طلبت منهم ذلك.

وبالنسبة لها فالصراع على الأراضي بين اليهود والعرب لم يبدأ عام 1948. فهو يعود إلى ما لا يقلّ عن 100 عام قبل ذلك، عندما بدأ اليهود من أوروبا بالهجرة إلى فلسطين وأسسوا مستعمراتهم في أجزاء البلاد وبشكل خاص بواسطة شراء الأراضي.

من الجدير بالذكر أن العديد من الباحثين الإسرائيليين، وتحديدا المؤرخين، قد كتبوا فعلا عن طرد العرب من قراهم في أماكن عديدة، والنقاش الأكاديمي حول السؤال “هل هربوا أم طُردوا؟” مستمرّ ليكون مادة للوظائف والكتب التي تُكتب في الأكاديميا الإسرائيلية. بل وصف مؤرخون إسرائيليون “ما بعد المعاصرين” مثل إيلان بابيه ما حلّ بالفلسطينيين بأنه “تطهير عرقي”، ولكن هؤلاء المؤرخين خارج الإجماع الإسرائيلي ويُعتبرون منبوذين في إسرائيل.

الموضوع الآخر المتعلّق بالرواية الفلسطينية والذي تُضعفه إسرائيل هو مسؤولية العرب التاريخية عن مصيرهم. ففي حين أن المؤرخ السوري قسطنطين زريق قد صاغ اسم “النكبة”، وألمح بذلك بأنّها كارثة سقطت على العرب المولودين في فلسطين مثل البرق في يوم صاف، تطرح إسرائيل، مرارا وتكرارا، سلسلة الأحداث التي تسبّبت بالنكبة ومسؤولية العرب عن مصيرهم. وتتعلق تلك المسؤولية بالاختيار التاريخي للقادة العرب في رفض خطة التقسيم التي طرحتها الأمم المتحدة، واختيار الحرب ضدّ اليهود في إسرائيل.

إحياء ذكرى النكبة ال67 في رام الله 2015 (AFP)
إحياء ذكرى النكبة ال67 في رام الله 2015 (AFP)

بالنسبة للعديد من المفكرين الإسرائيليين فإنّ المعاناة الفلسطينية التي ولّدتها الحرب التي كانت حربا اختيارية من قبل العرب، هي معاناة يجب الاعتراف بها واحترامها، كما عبّر عن ذلك المؤرخ المعروف في إسرائيل، شلومو أفنيري، ولكن الأمر لا يُلغي الحساب النفسي العربي حول مصير الفلسطينيين.

بالإضافة إلى ذلك، يطالب العديد من المفكرين في إسرائيل بالاعتراف بالمعاناة الفلسطينية، بشكل خاصّ، بين الأقلية العربية في إسرائيل، بل وإحيائها.

وهناك صعوبة أخرى تظهر من قبل إسرائيل في الاعتراف بالنكبة الفلسطينية، وهي استمرار الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني وعدم قدرة الطرفين على التوصل إلى تسوية تاريخية. إنّ استمرار الصراع يجعل إسرائيل تواصل التمسّك بخطّ دفاعي ومنغلق بخصوص النكبة الفلسطينية. أحد المواضيع البارزة التي تشرح هذه النقطة هو اللاجئون الفلسطينيون، وهم يشكلون نقطة رئيسية في قصة النكبة، وبالنسبة لإسرائيل فهي موضوع حساس بالنسبة ليهودية دولة إسرائيل.

تخشى إسرائيل بأنّها لو اعترفت بالنكبة فسيُعتبر الأمر تنازلا من جهتها في موضوع اللاجئين. حتى اليوم لم يكن هناك زعيم إسرائيلي قد وافق على الحديث عن عودة اللاجئين الفلسطينيين من الدول العربيّة إلى إسرائيل، وبالتأكيد ليس بالأرقام التي يتحدث عنها الفلسطينيون.

وطبعًا، الموقف الإسرائيلي من النكبة ليس “ثابتا”، ففي السنوات الأخيرة ازدادت قوة سياسة اليمين التي تُحاول حظر إحياء النكبة وخصوصا في يوم استقلال إسرائيل. وقد أوضح بعض الوزراء في إسرائيل قائلين “إنّ يوم استقلال إسرائيل لا يمكن أن يكون كارثة”. بالإضافة إلى ذلك، حاول برلمانيون إسرائيليون يمينيون تقييد إحياء ذكرى “يوم النكبة” في إسرائيل زاعمين بأنّه يقوّض وجود دولة إسرائيل.

ورغم هذه التوجهات من قبل اليمين، فالتطبيق الشهير، iNakba، الذي يهدف إلى تذكر القرى الفلسطينية المهدّمة، تم تطويره من قبل جمعية إسرائيلية تُدعى “ذاكرات”. تعرّف الجمعية نفسها على أنها جمعية تُعزّز مسؤولية الشعب اليهودي في إسرائيل عن النكبة الفلسطينية، وتدعم تنفيذ حقّ العودة للاجئين الفلسطينيين.

وهكذا يمكننا أن نخلّص بأنّه في حين أنّ إسرائيل الرسمية لا تأبه بالخطاب حول النكبة، ولا تعترف بجوانب معيّنة تتكوّن منها رواية النكبة الفلسطينية، فعلى المستوى المدني الأمر ممكن فعلا، إذ لا تتوقف المطالبات من قبل باحثين ومفكرين إسرائيليين للاعتراف بالنكبة. والسؤال المثير للاهتمام هو هل يستطيع العرب أيضًا تحمُّل مسؤوليّتهم عن المعاناة الفلسطينية فيما إذا تحمّلت إسرائيل مسؤوليّتها؟

اقرأوا المزيد: 675 كلمة
عرض أقل
الشاب، إيهم الأحمد، عازف البيانو من مخيم اليرموك (AFP)
الشاب، إيهم الأحمد، عازف البيانو من مخيم اليرموك (AFP)

البيانو الأخير في مخيم اليرموك أُحرِق مع آمال اللاجئين الفلسطينيين

حاول أيهم الأحمد، عازف البيانو الأخير في مخيّم اليرموك للاجئين، إنقاذ آلة العزف الخاصة به ونقلها من المنطقة المليئة بالمعارك. قام مقاتلو جبهة النصرة بحرق كلّ شيء

قبل أيّام معدودة فقط حاول أيهم الأحمد، عازف البيانو الأخير في مخيم اليرموك، أن يرفّه عن اللاجئين الفلسطينيين. رفع للشبكة أفلاما استمرّ فيها بإسماع صوت المخيم في ذروة المعارك مع داعش، قصف النظام والحالة الإنسانية الصعبة.

وفقا لشهود من اللاجئين الفلسطينيين في المخيم ممّن تحدّثوا مع صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، فقد حاول الموسيقيّ الفلسطيني أمس الأول أن ينقل مع أصدقائه جزءًا من آلات العزف الخاصة به إلى خارج مخيّم اللاجئين لمدينة يلدا المجاورة. وكان السبب هو قصف نظام الأسد للمخيم، والذي يشكّل خطورة على الآلات الموسيقية في متجر الآلات الموسيقية الذي يملكه.

الشاب، إيهم الأحمد، عازف البيانو من مخيم اليرموك (AFP)
الشاب، إيهم الأحمد، عازف البيانو من مخيم اليرموك (AFP)

وفي شهادتهم أمام مراسلي الصحيفة قال الشبان إنّهم وصلوا إلى حاجز يوجد فيه مقاتلون، كما يبدو من جبهة النصرة، ومعهم عربة كانت آلات العزف فيها. وعندما سألوهم في الحاجز عن محتوى العربة، سكب المقاتلون عليها البنزين وحرقوا جميع آلات العزف. بلغت قيمة تلك الآلات نحو مليوني ليرة سورية؛ أي أقل بقليل من 25 ألف يورو.

عندما عادوا إلى المخيم قاموا بإغلاق متجر الموسيقى خوفا من محاولة الإضرار به. “بدأ يصبح الأمر مخيفا. حتى العزف يريدون أخذه منّا”، كما قالت المصادر، والذين يخشون من قدوم المستقبل، ولكنهم أوضحوا قائلين: “هناك رغبة بالاستمرار في العزف حتى لا يمّحو صوت المخيّم. سنقاتل مع الموسيقى من أجل نقل معاناة المخيّم إلى الخارج”.

وقد تمّ التبليغ عن الحادثة في أوساط عناصر المعارضة، والتي لا يمكن التحقّق منها تماما. قيل في موقع سوري معارض إنّ من يقف وراء حرق الآلات هم عناصر انضمّوا لداعش من المخيّم. وقال أحد السكان المحلّيّين في الأيام الماضية لمراسلي الصحيفة إنّ عناصر النصرة حذّروا سابقا قبل شهرَين أعضاء الفرقة من الغناء مع الآلات الموسيقية في الشوارع، وقالوا إنّهم في المرة القادمة لن يشفقوا عليهم.

اقرأوا المزيد: 261 كلمة
عرض أقل